سُيوفٌ وعطور

1.9K 240 111
                                    


صوت الخشخشة العالي ذاك لفت انتباهي، استغرقت بعضًا من الوقت كي أجد مصدر الصوت، أخذت أتتبع الخشخشة حتى وصلت إلى عتبة بابي شبه المفتوح التي تجاور رسالة ورقية.

مددت يد الفضول والقلق إلى الرسالة التي يعلوها ختم صعب الفتح؛ حتى لا يفتح أحد الرسالة قبلي، حتى أني اضطررت أن أمزق أجزاءً من الورقة، كي أتمكن من فتحها.

«دارنده موقعیت الملكة فتون!»

سمعت صوت عدنان وهو يصيح في الخارج ينبه الجواري بأن الملكة فتون تمر من هنا، رميت الورقة بعيدًا تحت كومة القماش الذي سيُفصل منه فستان الأسبوع القادم، فكلمة «دارنده موقعيت» كلمة اعتدنا على قولها منذ الاحتلال الفارسي، وتعني صاحب المنصب، فعندما تسمعها تعرف أن أحد أصحاب المناصب يمر من هنا.

وقفت أمامها وهي تنظر إلي من فتحة الباب الصغيرة، وسرعان ما فُتح الباب وأخذت ترمقني بنظرات استعلاء تسطو على كرامة أي أدمي.

«أين كانت الملكة أسمى هذه الظهيرة؟»
تجلت نبرة متغطرسة فيها لهجتها الحادة، أبعدت أطراف شعرها المجدل عن كتفيها وسمحت له بالاختباء تحت الخرقة التي كانت ترتديها.

«كنت أُروِّح عن نفسي وأشتم بعض الهواء.»
لا أدري حقًا من أين لي بهذه الجرأة، لكن هذا ما قد قلته بعد لحظات صراع مع ذاتي.

«ألا تعلمين أن هذا ممنوع؟»
اقتربت ببدنها صِوبي دون أن تُزعزع قدميها عن الأرض، بينما يكاد قلبي يقفز ليسكن ما بين نهديها كلما تُقبل علي.

«أعي ذلك، لكن أعتذر منك، مثلما هو ممنوع علي أن أخرج من القصر، فكذلك ممنوع أن يجبرني أحد على شيء أنا لا أتقبله، أليس كذلك؟ أظن ما حدث لي منذ مدة هو مخالفة لقوانين القصر، ألست محقة؟»

هربت من جيوبها الأنفية ضيقة الفتحات أنفاس بطيئة متقطعة، قبل أن ترسم ابتسامة مستقيمة أشك بصحة إطلاق مسمى ابتسامة عليها.

«أما زلتِ غير قادرة على النسيان؟ دعك من هذا كله، يبدو أنك درستِ القواعد جيدًا، ماذا عن رئاسة الجواري؟ هل هو منصب شرفي كما تنص القواعد؟ اعتبري هذا تحذيرًا يا أميرة، إن لم تهتمي بشؤون عملك سيسحب منك المنصب عما قريب.»

نُحتت على ملامحي ابتسامة متيبسة مبادلةً إياها هذه الملامح الجامدة، كوَّرت وجتني وثبتت على هذا الوضع إلى أن استدارت وأكملت طريقها إلى حيث تذهب.
كنت على وشك أن أرد عليها، لكنها باغتتني بتوقفها المفاجئ وقالت:

«عندما تُنهي دروسك سأبعث لك بجارية ترشدك إلي في الغد؛ أحتاجك في خطب مهم.»

دومينا مملكة للنساء فقط +١٦Where stories live. Discover now