أَذهَانٌ جَدْبَاء

2.1K 261 66
                                    

«ضوابط دومينا»

كان هذا عنوان الكتاب الذي أُهدِي لي من قبل والدي، زادت عزلتي، وزاد معها حزني على نفسي، لم أستطع أن أعبر عن هذا حتى؛ فقد فقدت النطق ليوم كامل! لم أتلفظ بأي كلمة، فقط بعض أصوات الأنين المُلجم.

الحروف محشورة في جوفي، لكنني فاقدة للقدرة على الحديث. بعد بضعة أيام مما حدث، استطعت أن أغادر فراشي وأكف عن البكاء، لم تعد لي سوى هذه الكتب.

تأخرت في استلام عملي كثيرًا، حالتي النفسية لم تكن على ما يرام، كان من السهل أن أدخل في نوبات بكاء حادة لا إرادية، مرت أيامي هكذا بنفس الوضع، ثقيلة بطيئة، أسبوع كان كالدهر، أيام، ساعات، كنت أقاوم، هند كانت بجانبي، كل ليلة تحاول أن تخفف عني، لكن كلما تذكرت ما فُعل بي زاد الوضع سوءًا، أنا فقط أريد بعضًا من الرضا عن نفسي التي أهينت وذُلت.

صوت الصراخ ذاك لا يفارقني، يتأرجح في ذهني ويعلو صداه أكثر كلما استحضرت الموقف...

كيف أواجه العالم وأنا مخلوق أعز ما فيه غشاء لا قيمة له؟

لا شيء جديد في أيامي، سوى عندما تدق الساعة السادسة مساءً، أدخل في حالة غريبة بلا وعي، تبدأ أصوات الصراخ في اقتحام عقلي، تعلو وتعلو، أحيانًا تفقدني صوابي وتجعلني أصرخ مثلها، أضع يدي على رأسي؛ متفاعلةً مع هذا الصوت الذي يحوم في عقلي، صوت الدبيب الصاخب هذا على الأرض يتداخل مع الصراخ؛ ليحدث صوتًا لا أطيق تحمله، صرخة تتلوها دبة عالية على الأرض، يتكرر الصوت أكثر وأكثر، قد يستمر أحدهما دون الآخر، ويعاد هذا المشهد الأليم صوب عينيَّ، وأنا أتجرد من حُرمتي ومن بعدها أعود إلى رشدي، أظن أنني قد جننت.
يتكرر هذا كل يوم، أحيانًا يصاحبه الدبيب، وأحيانًا لا.

بفضل مساعدة هند ورعايتها لي، -رغم أنها كانت متعبة للغاية وتعاني من وعكة صحية تتقيأ ليل نهار-، استعدت بعضًا من صحتي، وعليَّ دراسة القواعد جيدًا؛ لأضمن ثباتي في سلطتي كمسؤولة عن جواري القصر، نفسيتي ليست مستقرة تمامًا، لكني لن أترك المنصب لقمة سائغة لغيداء، التي ستدفع عمرها كي تأخذه، وستصطاد في الماء العكر لتصل لمرتجاها، هي تكرهني منذ كنا صغارًا، تكرهني لأنني أحب أخاها، تكرهني لأنني كنت أُفضَّل عليها في كثير من الأشياء، تكرهني لأنها لم تأخذ المنصب، تكرهني لأنني دائمًا في الصدارة، تتربص لي في كل مكان، تنتظر أي هفوة كي تلغي وجودي.

بالرغم من مقتي لأصحاب المناصب الذين لا يقومون بشيءٍ سوى جمع الأموال وظلم الشعب، إلا أنني سأعتبر منصبي رسالة أقدمها لشعبنا البسيط، وإن كنت ذات تأثير شبه منعدم عليهم.

منذ نعومة أظفاري وأنا أتطلع إلى رؤية العالم، يا تُرى، أين نعيش نحن؟ من بجوارنا؟ هل يعيشون مثلنا؟ دائمًا ما تجذبني الروابط الاجتماعية، خاصةً جلسات النساء وهن يحكين عن أزواجهن وكيف تسير العلاقات الأسرية، أشعر أنني تغيرت ونضجت أكثر، خاصةً بعد ما تعرضت له، أسمى المراهقة المندفعة لم تعد هنا.

دومينا مملكة للنساء فقط +١٦Där berättelser lever. Upptäck nu