ليلة سقُوطِ الشَرف

2.7K 257 211
                                    


تنويه: قد لا يناسب هذا الفصل بعض القراء؛ لاحتوائه على مشاهد عنيفة، وألفاظ جريئة.

«تعالي هنا يا فتاة!»

بعد أن أنهيت لقائي مع أيهم متجهةً إلى غرفتي، سمعت صوتًا حادًا ومألوفًا خلفي، بدا لي هذا الصوت واضحًا؛ على الرغم من علو صوت وقع أقدامي.

لم يكن هناك أحدٌ غيري تحديدًا في هذه البقعة من الساحة، فقط جاريات يعملن في نهايته، لذا استدرت، مع أني لست معتادة على هذه التسمية، لكن غِلظة الصوت كانت كفيلة أن تهز كياني.

استدرت في فزع، وإذا به هذا الوجه المألوف، هذا الوجه الذي ملأته التجاعيد من فرط العبوس لا تقدم السن وقرب حتفه، أخذت هذه العيون السوداء ترمقني بالنظر، وتدنو مني رويدًا رويدًا، ومع كل خطوة تخطوها صِوبي، أشعر أن قلبي يصارع أضلعي من عنف خفقانه.

حاولت إبعاد فكرة أن أمي قد علمت بعلاقتنا عن رأسي، فكرت أنها أوقفتني لأجل توبخي لأنني لم أنم بعد وكذبت عليها، لكنني فشلت في نهاية المطاف، هذا شيءٌ متوقع للغاية؛ فالإنسان لا يكشف أمره إلا بعد عدة من مرات من فعلته، وبعد أن ينال عدة فرص ليكف عن فعلته، لكن عندما يعند ويصر على ما يفعل، يزاح عنه سِتار الستر.

حاولت أن أتماسك بكل ما أوتيت من قوة أمامها،  مع أن رائحة الهلع تفوح مني كعود بخور آسيوي عتيق، لتفضحني إن لم تفعل ملامحي المُسْفِرة.

انتصبت واقفة في مكاني بثبوت مصطنع، ولم يكن هذا وضع قلبي الذي لم يكف عن الانتفاض ودفع الدماء إلى كل بقعة حية، حتى يكاد ينبثق من بناني.

أشارت إلي بإصبع سبباتها بالغ الطول المختوم بأظفار تأخذ شكل المثلث وهي تقول:

«منذ متى ونحن نخرج في مواعيد غرامية؟ أعاهرة أنتِ؟ بنات العوام لا يفعلونها! هذا شيءٌ غير معروف بالمرة في بيئتنا! حب! ما هو الحب؟»

دوى كلامها على قلبي كالرعد قبل أن ينتشر صداه ويصطدم بالجدران المزينة بلوحات لأساطير وحكام دومينا، عجزت عن الحديث، وكأنني قد قيدت بلجام أثقل نطقي، أقلب عيني بين نظرات الشك وخيبة الأمل من أمي التي تقف أمامي تارة، والوجوه الزيتة المرسومة التي هُيئ لي أنها تلاحقني بنظرات حادة.

لم أجرؤ لحظتها أن أرفع عينيَّ نحوها؛ فاكتفيت بمشاهدة هذه الوجوه المُتجهمة في اللوحات، وأنا أكاد أسقط من التوجس الذي انتباني.

«لمَ أنت صامتة؟ لإنك تعلمين أنك مخطئة! صحيح؟ أخبريني كيف لي أن أعاقبك؟»

أخذتُ نفسًا عميقًا في محاولة فاشلة أن أمنع سيل الدموع التي تكاد تفيض، شعرت بحرارة مرتفعة تتسلل إلى جسمي، أذابت دموعي المجتمدة في مقلتي، وكانت أبطش مني، بعد أن خارت قواي التي أدعيتها، قبل أن أصيح من بين أنفاسي المتلاحقة بعلو صوتي:

دومينا مملكة للنساء فقط +١٦Where stories live. Discover now