١١

253 10 5
                                    

تجلس على احدى الارائك تخيط مفرشا صنعته بنفسها، فهكذا كانت تمضي اوقات فراغها الطويلة، جلس قبالتها وتنحنح، فنظرت اليه بضيق ثم عادت لتنظر الى المفرش الذي بين يديها، فلم يجد ما يقوله لها، فكر قليلا ثم قال خلف:
- انتي اللي عملاه؟
- ايوا.
- چميل اوي..... اممم ممكن تعمليلي منديل؟

نظرت اليه فاطمة شذرا وهى تتنقل بعينيها بينه وبين ما بيدها، ثم بعد صمت قالت:
- طيب، واديني بسلي نفسي.
- هى موهبة على فكرة، مش كل الناس تعرف ترسم وتطرز الرسمة كده، بتحولي قماشة عادية لحاچة فيها روح ومليانة الوان وشكلها يخطف النفس.... انا بحب الالوان على فكرة...

- هو فيه راچل بيفهم في الألوان، انا بيتهيألي چنس الرچالة دول مبيفهموش في حاچة واصل غير قسوة القلب والچحود.

اغتاظ من كلماتها فهي ابدا لا تريد ان تمضي الوقت بينهم في نقاش طبيعي فقال:
- مانتيش راچل وعلى كده فيكي قسوة وچحود مش على أچدعها چدع.

اعتدلت في جلستها وهى تقول:
- انا قاسية!، قول اللي تقوله ميهمنيش انا مبسوطة بحالي كده.
كاد ان يرد عليها لولا ان سمع طرقات على الباب، فنظر لها كى تقوم دون ان يطلب منها وفعلا لملمت اشياءها وقامت في صمت.
فتح خلف الباب فتفاجأ بطلبة والد فاطمة على الباب، وقبل ان يرحب به وجده ينظر خلفه ويقول:
- همي يا بت ادخلي.

فظهرت من خلفه فتاة لا تتخطى العشرون من عمرها، تغطي وجهها دلفت الى المنزل باستحياء ثم وقفت في ركن خلف باب المنزل تحت نظرات خلف الذي لا يعرف من تكون هذه!
عاجله صوت طلبة يجيبه عما يدور بداخله:
- دى شوق، الخدامة اللي طلبتها فاطمة، شوق مش من هنا زى مانت خابر، چبتها من بلد چنبينا وهتعيش حداكم في الدار، أهلها مش طالبين غير المعاملة بالمعروف وتكرموها في تمن خدمتها، وانا خلاص اتفقت معاه على أچرتها تبقى تبلغكم شوق.

هز خلف رأسه وقد تذكر ان فاطمة طلبت منه خادمة وقد قال لها حينها ان تخبر والدها فهو لا يعرف تلك الشئون بحكم انه غريبا عن البلد.

غادر والد فاطمة سريعا رغم محايلات خلف بأن يشرب معه الشاى ولكنه رفض وانصرف.
كانت فاطمة تستمع جيدا لما يدور ولكنها فضلت الا تخرج، فرؤيتها لأبيها دائما ما تذكرها بانكسارها وضعفها وقلة حيلتها وارغامها على ما لا تطيق، غير انها كانت ستموت رعبا ان انفرد ابيها بخلف وحدثه فيما ذكرت لأمها وقد أوصتها الا تخبر ابيها ولكن لا تدري فمن الممكن ان تكون امها لم تحتفظ بالسر، وغير هذا وذاك تحكمه في حياتهم كما لو انه استشعر ضعف شخصية زوجها تماما حتى انه قام بتحديد راتب الخادمة دون ان يترك لهم الامر او حتى يرجع لهم قبل وعد الناس بذلك، فهل يضمن انه لن يعارضه حتى لو ان المبلغ فوق قدرته!.
على اى حال قد شعرت بالراحة لانصرافه سريعا.
وابتسمت عندما عادت بتفكيرها لمجىء الخادمة اخيرا، هناك شخصا اخر سيشاركها الحديث والوقت، ستحاول ان تضع بينها وبين خادمتها حدود ولكن هذا لن يمنع بعض الترفيه عن النفس في وجود انسان اخر في هذا البيت الصامت الكئيب، وستعتبرها ايضا حصن منيع بينها وبين ذاك الخلف....

قلوب بني نافعOnde histórias criam vida. Descubra agora