٢

612 8 0
                                    

الفصل الثاني

دلف مهد الى غرفة اخته بهية بعدما دق الباب واستأذن بالدخول، ثم جلس بجوارها على الفراش وهى تجلس متأهبة لحديث هام سيطرحه عليها مهد، فهو لن يأتي الى غرفتها الا لأمر جلل.

لو تعامل مهد معها بطبيعته فهذا يعني انها لن تسمع حديثا لطيفا يكون رحيما بها، لكنه دائما مع اهل بيته، يضع ظروفهم أمام عينيه حتى يقدر سبب تصرف كل شخص على نحو لم يرضيه.

ولهذا فقد بدأ حديثه قائلا بابتسامة: كيفك يا بهية؟

فقالت بهية بوجه عابس: زى مانت خابر ياخوي، حالي حال وسيرتي على كل لسان.

غير موضع جلسته الى وجهتها وهو يقول بعصبية بالغة: ومين يستچرا يچيب سيرتك على لسانه، كنت قطعتهوله قطع.

قالت له بهية وهى تبتسم ابتسامة حزينة ظهرت على زاوية فمها: بيتكلموا ياخوي، بيتكلموا، محدش يقدر يوقف حديت الناس، انا يمكن لا بروح ولا بعاود برا الدار، بس خابرة حديت الناس زين، وخصوصي لما يشوفوا نادرة، لازمن يقارنوا بيناتنا، ويسألوا ياترى هيحصل معاها كيف ما حصل معاي ولا لا، ويچددوا ال حصل كله وطوته الايام، مش سايبين حد ينسى.

قال مهد بغضب من حديثها: اللي ينسى ينسى واللى منساش عنه ما نسي، عملتي عملة اياك وخايفة منيها، ده قدر ربنا مش بيدك ولا يد حد.

قالت بصوت مرتفع قليلا من شدة اختناق صدرها وهى تقف وتتلفت في الغرفة بألم: قدر ربنا يسيب البنات كلهم ويچيلي انا ليه؟!، قدر ربنا ٣ مرات ليه، اني مش زعلانة على الچواز يا مهد، انا زعلانة على نفسي، ليه يحصل معاي كده، ليه يا مهد؟؟

قال لها بأسف على حالها: يا بهية وحدي الله، ومحدش خابر الخير فين، وحكمة ربنا في كل أمر مايعلمهاش الا هو.

عادت لتجلس بجانبه وهى تلزم نفسها بالهدوء او على الاقل تمثيل الهدوء، فهي تعرف جيدا ان ليس بيده شئ ولن تسمع جديدا كرد على تساؤلاتها التى لا تتغير، أخذت شهيقا عميقا ثم أخرجته وهى تقول: كنت عايز تقولي حاچة يا مهد؟

تلعثم مهد في حديثه، فهو بعد تلك الحالة التى رآها عليها لم يستطيع أن يجرحها أكثر بما جاء أن يعنفها من أجله وكان يريد ايضا ان يمنعها من مقابلة حسنة مجددا، ولكن احزانها كافية، فلا يريد أن يتسبب لها في مزيدا من الالم، وخاصة أن الامر يخص نادرة وبهية دائما لا تتفهم الامور كما هي، فبمجرد أن يذكر إسم نادرة أمامها لن يسمع سوى أنه يحب نادرة أكثر، وأنه يراها شريرة ونادرة الملاك الطاهر، وأن أمرها اعظم شأنا لديهم جميعا اكثر منها، فهي المتعلمة الصغيرة سنا التى يدق بابها الخطاب وترفضهم بمنتهى الجراءة التى لم تحدث كثيرا في بيوت بنات الصعيد فنادرة الحسناء التى تضمن الزواج بمجرد أن تسمح بذلك، ولكن هي قد أضاعت الامل لديهم في الزواج إلى يوم أن تلقى ربها فأصبحت حملا ثقيلا على كاهلهم، ومن ذلك الحديث الذي لا تمل بهية في سرده على مسامع كل من يطلب منها أن تحسن تعاملها مع نادرة.
فاضطر آسفا الى ان يجيبها: لا مفيش، كنت بتطمن عليكي بس.

قلوب بني نافعOù les histoires vivent. Découvrez maintenant