_٣٨_(نَقَشَ فوق جسدها)

ابدأ من البداية
                                    

هدأت، و مع قربه ذلك و عدم إغلاقه لأزرار قميصه بعد، لمحت جرحه، جرح قديم و حديث و لفت انتباهها الحديث أكثر، فأشارت لموضع إصابته و هتفت متسائلةً:
بتوجع ؟
حرك رأسه نفيًا و قال بسلاسة كى يطمأنها :
فى الأول بس، لكن بعد كدا مبقتش أحس بيها، الخياطة هى اللى بتشد أوقات مش أكتر، بس وجع خفيف يعنى، مش حابه تُذكر، متقلقيش
أكملت اسألتها التى ظلت لأيام تفكر بها منذ أن رأت الدماء فوق قميصه:
من ايه ؟!
رد عليها و السخرية تعتلى ملامحه بشكل جلي:
كلب بلدى اتخانق معايا و حب يسبلى تذكار افتكره بيه للأبد

و رغم رده لم تنتبه له، و كأنها بعالم آخر تريد شىء محدد و تجاهد بشدة ألا تنساق خلفه و بين ترددها و رغبتها المُلحة، اندفعت يدها كى تهزم إرادتها هزيمة ساحقة و لامست جرحه، كأنها تتكد من جودة تضميد الجرح و آثر القُطبِ الطبية، و كأنها على دراية بتلك الأمور
فتعجب هو بشدة، و هتف متسائلًا بفضول :
بتعملى ايه ؟
أزاحت كف يدها سريعًا شاعرة بالتخبط، فكرر هو سؤاله بإلحاح أكبر و هو يعانق كفها الذى لامسه منذ لحظات:
عملتى كدا ليه "رنا"؟!
استسلمت فى النهاية و قالت :
مش عارفه، أنا حسيت انى عايزها ألمسها، الخياطة شكلها كويس، الدكتور اللى عملها شاطر الحمدالله

ثم رفعت عينها تطالعه، و لم يتحدث هو آثر الصمت، تاركًا لها المجال تفعل و تقول ما تريد، و انفلت منها سؤال متردد :
غريبة، صح ؟!
حرك رأسه بالنفي و رفع كفها يقبله قبل أن يقول بولهِ:
جميلة، و جمالك تاعبنى، بس عاجبنى
لم تتضايق و ابتسمت حين تفهم موقفها أو على الأقل لم ينظر لها نظرة خاطئة تشعرها بالغرابة و قالت فى النهاية:
كدا اتصالحنا، صح ؟!
مع أن المفروض أنك تعتذر على على كذا حاجة، بس المسامح كريم
رفض ما تريد و راح يتحدث بقوة، فهو يريد أن يضع اساسيات لتلك العلاقة :
لا، الصلح مش كدا
احنا محتاجين نفهم بعض الأول يا "رنا "، مفيش بينا أى communication، التواصل معدوم و دا اللى مسبب الفجوة الكبيرة اللى بنعانى بسببها
مش هقولك نحكى ماضى، بس نبنى حاضر سوا على الأقل، و الماضى أنا كفيل بيه، هتصرف معاه بس حسسينى أنك بتحاولى على الأقل عشانا
أحنا منستهلشى محاولة منك ؟!

و قبل أن تجيبه صدح صوت اندفاع المياة من المرحاض و صراخ أحدهم من الداخل و الذى خرج عارى الجذع العلوى هو الآخر مبلل بالكامل بينما كان يتحدث دون أن ينتبه للموجودين:
الحنفية بتاعت الحمام ضربت فى وشى و غرقت هدومى و.........
شهقت هى ما أن رأته بهذه الحالة و لفها "غيث"سريعًا كى يكون وجهها مقابلا له، بينما استمر "أحمد" فى مزاحه الثقيل و قال :
ايه دا دا دا دا ؟! ايه اللى أنا شايفه دا ؟!
اذيك يا مرات أخويا

زَمْجَرَ "غيث" غَضَبًا :
أطلع برا حالًا
و ابتسم "أحمد" على غضبه ذلك، و قال بعد أن سحب قميصه و هَم بالخروج:
حاضر، متزقش يا حُب
تابع "غيث"خروجه بعينيه الثاقبتين و كأنه يحذره من الدخول مجددًا، فقد أفسد هذا الأحمق إحدى اللحظات القليلة الصريحة بينهم و لكنها كانت فى عالم آخر، حيث قالت مستمتعةً بإستنشاق عطره:
بحب ال perfume بتاعك، دافى و مريح و هادى
تفاجئ من حديثها فلم يكن مناسبًا للموقف، و لكنه انساق خلفه و قال:
كنت فاكره مش عاجبك
أجابته سريعًا دون أى تخطيط :
لا خالص، دا عاجبنى من زمان أوى
و راحت تعدد المرات التى استنشقت فيها عبيره و نال استحسانها :
وقت ما كنت بتشرحلى الأخطاء فى التصميمات بتاعتى و وقت خناقتنا الكتير فى الجامعة، و حتى يوم كتب كتبانا، فى كل وقت الperfume بتاعك حلو

مريض نفسى بالفطرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن