قال هذا و خرج تاركًا الشرفة له ،ارتمى بجسده على الأريكة و ظل لدقائق يطالع السقف بفراغ كبير ،و لكنه كالعادة أراد الهروب ،فأمسك بالملفات الملقاة على الطاولة أمامه بعشوائية وبدأ يتفحصها و التى لم تكن سوى آخر تحديثات المجال الخاص به .
لحق "غيث" به ،جلس بقربه و قال بعد أن أغلق الملف الذى كان "آدم" يتفحصه منذ لحظات:
اسأل يا آدم ،اسأل سؤالك المعتاد ،من أول ما دخلت من الباب و أنا مستنيه و أنت بتحاول تمنع نفسكتنهد "آدم" تنهيدة عميقة معلنًا هزيمته و ما هى إلا لحظات و كان يهتف متسائلًا بترقب و حزن شديد :
ليلى عامله ايه ؟
بقت كويسه و لا لا ؟ بتروح شغلها ؟ بتاكل كويس ؟ طمنى عليهاطال الصمت بينهما ،فلم يكن يعرف بما سيجيبه بالتحديد ؟هى تحاول لكن مع ذلك يظهر الألم جليًا على صفحة وجهها ،قناعها الساخر ذلك لم يؤثر بشقيقها مهما حاولت ،لذلك اضطر لقول جملة مقتضبة لعله يريح الجالس بقربه:
بتحاول تتأقلم يا آدم ،ليلى مش ضعيفة ،دى تربيتىأراح "آدم" ظهره للخلف ،وضع يده على وجهه ،مانعًا الضوء من الوصول لعينيه ،مكتفى فقط بالإنغماس فى ظلامه و ما وصل له ،متمتمًا ببعض الكلمات و مكررًا إياهم بلسانه و عقله كى يقنع قلبه :
بكره تتعود ،لازم تتعود ،أكيد هتتعود
كلمات صديقه لم تكن سوى ملح على جرحه ،يكره إحساس الضعف الذى ينتابه و هذا العجز ،عجزه عن مساعدته ،حتى عن مساندته ،يرى ألم كل منهما دون أن يتمكن من الحراك ،لقد قطع على نفسه هذا العهد رغمًا عنه و ها هو الأن لا يمكنه أن يتفوه بحرف واحد و يريح كليهما ،أقسم على ألا يقول الحقيقة لشقيقته و يا ليته لم يفعل .
لقد ندم بشدة على هذا العهد ،تمنى لو لم يقطعه و يهرول سريعًا لشقيقته يخبرها بالحقيقة كاملة ،لكن ما نفع ذلك الأن؟!"و أنت هتتعود امتى يا آدم ؟! هتقدر تتعود على بعد ليلى ؟"
صدح هذا السؤال منه بعدما عجز عن التحلى بالصمت
بسمة حزينة زينت ثغره و هو يقول بكل ألم :
عمرى ما اتعود على غياب قلبى يا غيث ،لو عدى سنين هتفضل أختك الحاجة الوحيدة اللى بحبها ،و هيفضل قرارى أكتر اختيار صح عملته فى حياتى
أنا مش ندمان ،لو اتكررت الظروف دى تانى و تالت و عاشر هيفضل نفس اختيارى ،ليلى تستحق حياة أفضل ،و أنا مش عايز غير كدا .لا أحد منهما يمكنه الحديث ،كأن الصمت أبلغ من ألف حرف ،فقط الجلوس و مراقبة الفراغ أمامهم إلى أن صدح صوت "زين" و هو يقول بينما كان يشير لمعدته التى تصدر بعض الأصوات :
أنا جعان
ابتسم "غيث" له و قال بعد أن نهض :
تعالى اعملك أكل حلو ،و نسيب عمو آدم يكمل مذاكرة
قال ذلك و سحب الصغير خلفه للمطبخ و عاد "آدم" يطالع ما أمامه ،متظاهرًا بالتركيز رغم استحالة ذلك ،فعقله بمكان آخر ،معها ،مع من سلبت فؤاده منذ اللحظة الأولى و ها هو يتخلى عنها لأجلها .
YOU ARE READING
مريض نفسى بالفطرة
Akcióمريض حُكِمَ عليه بعيش الازدواجية فى كل شىء ، إلى أن قابلها، منحته قلبها رغم معاناتها السابقة ولكنه رفض البوح بماضيه، عانت معه الى أن أعترف بحبه وهنا كانت المشكلة، حين بدأ الحب يتلاعب مع مرضه، ولكن هل الماضى له رأى آخر؟ من منا سليم؟ الكل يصارع فى يوم...
_٣٣_ (نتعايش أم نتداعش ؟!)
Start from the beginning