♤ الفصل الأول / الفتاة الغريبة ♤

730 9 11
                                    

                      ♤ في سنة 3023 ♤
                      ~~~~~~~~~~~~~~~

كان الطقس ممطر و السماء مليئة بالغيوم و الرعد و البرق يضربان المباني و الثلوج تتساقط .. نحن في ليلة رأس السنة .. هذا من أصعب الأشتية التي مرت على القاهرة .. لم يكن الثلج يتساقط في القاهرة قط .. لكن يبدو أن هذا الشتاء مختلف .. و يبدو أن هذه السنة أيضاً مختلفة ..

جلس هشام على أريكة غرفته و هو ينظر إلى الخارج من النافذة .. كان قد تواعد مع أصدقائه أنهم سوف يتقابلوا الليلة ليسهروا و يحتفلوا سوياً .. لكن قاموا بإلغاء كل شيء بسبب الطقس السيء.. لطالما أحب هشام فصل الشتاء .. الهواء البارد يشعره بالإنتعاش .. و الأجواء المظلمة تشعره بالنشاط .. إنه إنسان ليلي و هادئ .. يحب الشتاء و الليل و الظلام و العُزلة .. لا يحب الصيف و النهار و نور الشمس الساطع و الأماكن المزدحمة .

كان يحتسي قهوته الفرنسية المثلجة و يستمع إلى موسيقى هادئة و هو يشاهد الأمطار و الثلوج في الخارج .

قاطع هذا الهدوء صوت هاتفه و هو يرن فتنهد بضيق و رفع هاتفه ليجيب قائلاً في هدوء :
- أيوة .. يا فندم أروح الشركة إزاي دلوقتي هو حضرتك مش شايف الجو عامل ازاي ! .. طيب حاضر حاضر .

أغلق الخط و نهض ليرتدي ثيابه و يحضر أوراق مهمة من مخزن الشركة و يعطيها إلى المدير .

إستقل سيارته و ذهب إلى الشركة و أحضر هذه الأوراق المهمة ثم خرج فوجد فتاة أمام الشركة تتلفت حولها فتعجب من ما تفعله في الشارع في هذا الوقت و الطقس .

ذهب نحوها و صاح عابساً :
- يا آنسة .

نظرت له الفتاة و يبدو على وجهها شيء من التعب و الحزن لاحظه هشام فقال لها :
-  إنتِ بتعملي إيه هنا دلوقتي ؟ إنتِ مش شايفة الجو عامل إزاي ؟!

قالت الفتاة بوجه خالي من التعبيرات :
- أنا جاية من بلد تانية بس الفلوس إللي كانت معايا عشان أقعد بيها في فندق لحد ما ألاقي بيت وقعت مني .

تسائل هشام :
- طب أهلك فين ؟

- بابا و ماما عايشين برة في دبي بس لو قولتلهم إني وقعت الفلوس هيعتبروني مُهملة و هما وافقوا بالعافية أصلاً إني أسافر لوحدي .. أنا عندي حساب في البنك و فيه فلوس بس مفيش بنك فاتح دلوقتي أسحب منه فممكن بس تسلفني فلوس و هردوهوملك أول ما أنزل الصبح .

وجد هشام ملابس هذه الفتاة جيدة و رأى على وجهها و ملامحها الصدق فأخذ يفكر في ما يمكن فعله لها .. ليس معه نقود الآن ليدفع لها لتُقيم في فندق .. فكر في أنها مثل أخته ولا يمكن أن يتركها في هذا الطقس و الوقت و يذهب .

قال هشام و هو واضع يده خلف عنقه و مخفض رأسه :
- بصي أنا معيش فلوس دلوقتي تقدر تقعدك في فندق .. فمعلش تعالي معايا هقعدك في شقتي بس أنا مش قاعد فيها والله أنا مشتريها و قافلها فممكن تقعدي فيها و بكرة يبقى معايا فلوس أديهالك عشان تقعدي في فندق و تكون الشمس طلعت و الجو اتحسن شوية .

توقع هشام منها الرفض لكن صدمته بردها عندما قالت و هي تتنهد :
- ماشي شكرا ليك جداً .

قال هشام بإبتسامة صغيرة :
- العفو .. تعالي .

أخذها إلى سيارته و ركبوها ثم قال هشام و هو ينظر لها :
- أنا هودي بس حاجة لحد و بعدها نروح .

الفتاة و هي ترجع نظارة النظر خاصتها إلى الوراء و تنظر للأوراق التي في يده بتمعن و دقة :
- تمام .

إبتسمت له ثم أدارت وجهها سريعاً قبل أن يلاحظ و نظرت إلى النافذة و هي تبتسم نصف إبتسامة خبيثة ..

يتبع ..

عشق من نوع آخر Where stories live. Discover now