_٣٢_(أحدهم يبكى و الآخر يرفرف عاليًا )

Start from the beginning
                                    

أنهى جلسته مع صديقه و اتجه لمنزل والده ،و قبل أن يخلد للنوم أرسل رسالة قصيرة و غفى مباشرة بعدها
"اقترب موعد تزينك لمنزلنا و حياتى "
.....................................................................

ترك "غيث"صديقه و بدأ يتجول فى الشوارع دون أى وجهة محددة ،شعر بحمل ثقيل وقع فوق كتفه ،لا يعرف كيف يتصرف ؟ وقع فى المنتصف المؤلم بين صديقه المقرب و شقيقته ،هل يمكنه الإنحياز لأى طرف منهما هو فقط عالق و ضائع
لكنه بقرارة نفسه يعلم أن ذلك الحل الوحيد ،حتى و إن كان مؤلمًا للجميع

لفت انتباهه إحدى محلات المشغولات الذهبية و رغما عنه وجد نفسه يفكر فى تلك الصغيرة ،كانت كالفجر الخاص به فى ليلة مظلمة ،فدلف بهدوء و خرج بنفس الهدوء بعد دقائق معدودة

فى الثالثة صباحًا قبل الفجر بدقائق بسيطة

دخل لمنزله معتقدًا أن الجميع غارقين فى نوم عميق و أن لا أحد فى انتظاره ،لكن خاب حدسه حين رآها تقف أمامه بعد أن هبت من فوق الأريكة التى كانت تستلقى عليها بملل شديد منتظرة عودته
وقف يطالع تلك الهيئة التى تقف به أمامه ،خصلات شعرها القصيرة تطاير من حولها بشكل ساحر ،لم يكن يومًا من محبى الشعر القصير لكنه سلم أمامها بكل بساطة ،و وقع أسيرًا لتلك الخصلات و تلك المنامة الوردية التى ترتديها ،تشبه الأطفال رغم كونها فتاة ناضجة قاربت على الربع قرن

حمحمت بخجل شديد بعد أن لاحظت مطالعته لها ،فخلل هو شعره بأصابع يده ثم هتف متسائلًا كى يتهرب من جرمه المشهود:
بقيتى كويسه ؟
أومأت برأسها كإجابة مقتضبة على سؤاله ،لكن ما أن لمحت ساعة الحائط خلفه ،هتفت سريعًا مُتناسيةً خجلها :
حضرتك لسه جاى من برا؟
حرك رأسه هو الآخر و قبل أن يتفوه بحرف واحد اندفعت هى متسائلةً بضيق بعد أن تخصرت بيديها :
كنت فين بقى لغاية دلوقتى ؟
وضع يديه فى جيب بنطاله مبستمًا بإستفزاز بينما كان يلفظ سؤاله :
مش بدرى على السؤال دا شوية يا رنا ؟

شعرت بالتوتر حين أدركت الغاية خلف سؤاله ،فنبست بخفوت و هى تخفض رأسها متحاشيةً النظر له:
آسفه مش قصدى ،بس يعنى قلقت لما صحيت و ملقتش غير ليلى موجودة
اقترب منها و قال بعد أن رفع ذقنها بأنامله :
هاتى ايدك
ابتعدت سريعًا و هى تخفى يدها خلف ظهرها ،فلم يتقدم ظل بموقعه و قال بقوة :
مش هاكلها يا رنا ،هاتى ايدك
فى البداية كانت ستفر من أمامه ،لكنها لم تتراجع سوى خطوة واحدة ،و عادت أدراجها مجددًا تتقدم يإتجاهه و لا تعرف لمَ فعلت ذلك ؟ هى فقط اندفعت خلف فؤادها
فابتسم "غيث" بعد أن فقد الأمل ،و قال و هو يمسك كف يدها و يضع خاتم زواجهما حول اصبعها :
متتقلعشى مهما يحصل

ابتسمت له و استمتع هو بملامسة أصابعه لخاصتها ،و لم تنفر من ذلك بل كانت مرحبة بكل كيانها رغم أنه لو كان شخصًا آخر لصار الوضع كارثى و لكن ربما تخاف الكل عدا هو بالتحديد أو تقبل ببعض الأشياء فقط لأنها منه و شعر هو بذلك القبول فاستغل ذلك و قَبَّلَ باطن كفها بكل رقة و عذوبة
و بعد ثوانى ضئيلة وجد نفسه يهبط بجذعه و يندفع أكثر ،يريد القرب بشدة مُتناسيًا كل شىء ،فصل بينه و بين لثَمَ وجنتها انش واحد فقط و لم تدرك ما كان سيهم بفعله نظرًا لسرعة الموقف ،لكن كان لصوت مكبرات المساجد من حولهم رأى آخر
حيث صدح صوت المؤذن عبر المكبرات معلنًا عن موعد صلاة الفجر
ابتعد عنها بعد أن حك جبهته بسخرية ثم قال بكل هدوء :
يلا نصلى الفجر

مريض نفسى بالفطرةWhere stories live. Discover now