_٣٢_(أحدهم يبكى و الآخر يرفرف عاليًا )

ابدأ من البداية
                                    

شعر"آدم" باضطراب معدل تنفسه و بأنه سيسقط مغشيًا عليه بأى لحظة ،لذلك أسرع يلقى بجسده على أول مقعد قابله و قال بألم:
و حتى لو زى ما بتقول هتكمل ،فهل هتكمل معايا شفقة ولا بدافع الحب ؟! و كل ما تشوف طفل قدامها هتلعن اليوم اللى اختارتنى فيه و ضحت بحلم الأمومة اللى كنت بنت بتحلم بيه من و هى لسه طفلة
أختك نفسها تكون أم أكتر من كونها حبيبة أو زوجه ليا يا غيث ،دا احساس بيتولدوا بيه ،فطره و مقدرش ألومها ،بالعكس أنا عشان بحبها اخترت الطريق دا ،اللى يحب يضحى
صدقنى أنا اخترت الطريق الأنسب و الأصح ،حتى لو هبان بشع و أنانى بس صدقنى أنت نفسك مقتنع من جواك أن هو دا الحل الوحيد
حرك "غيث" رأسه رافضًا تلك الحقيقة ،رافضًا الإقتناع و التصديق و الأسوء أن يصل به الأمر للقبول ،فتمتم بدون وعى :
دا مش عدل ،دا مش عدل
رد "آدم"عليه سريعًا بتهكم ساخر :
حياتى كلها مش عدل ،مجتش على دى
ثم تنهد تنهيدة حزينة و قال و هو يحاول التماسك و التظاهر بالقوة :
أمشى يا غيث ،أمشى و سبنى دلوقتى ،أنا تعبان
أسرع"غيث" له ،وضع كلتا يديه على كتفه راغبًا منه أن ينظر للأعلى لا للأسفل بخجل وضعف ،ثم قال :
عمرك ما سبتنى يا آدم، عشان أجى و أسيبك خاصة دلوقتى
أغلق عينيه و وضع كف يده على وجهه و قال بعد أراح ظهره للخلف على مقعده :
أنا تعبان ،مش قادر أكمل و لا عارف أصلًا ،سبنى لوحدى يا غيث
كان "غيث" سيهم بالإعتراض لكن ألجمته نبرة الرجاء الأخيرة من صديقه حين قال :
أنا محتاج ابقى لوحدى يا غيث لو سمحت
رغمًا عنه امتثل لما يريده ،فحتى هو ضائع و مشتت بسبب تلك الحقيقة ،لا يمكنه التفكير بأى شىء ،عجز هذه المرة عن إيجاد الحل ،لو كان عراكًا لكان الأن فى خضم معركة شرسة ينازع أى أحد لأجل سعادة صديقه و لكن للآسف إنه القدر

كل ذلك و كان "زين" يقف خلف باب غرفته ،لم يفهم كل مجرى الحديث لصغر سنه و لكنه شعر بالألم ،حتى أنه بدأ يبكى و يحاول كتم شهقاته التى تصدر رغمًا عنه ،فلا يريد أن يزيد من وقع الألم على من بالخارج .

.....................................................................

بعد أن وضع العمال آخر قطع الأثاث فى المنزل ،وقف "عمر" يطالع المكان بسعادة شديدة ،فبعد العديد من الانتظار و الإدخار و العمل الشاق بات منزله أخيرًا جاهزًا لاستقبال زوجته
و قف "مالك" بالقرب منه ينظر له بسعادة ،أخرج بعض النقود من جيبه و أعطاها للعمال ،شعر "عمر "بالضيق الشديد من تلك الحركة لكن "مالك" منعه من الحديث بنظرة واحدة،فصمت الآخر رغم غيظه الشديد

بعد أن أغلق باب شقته و هبط ،أوقفه"مالك" و قال:
خلاص هتتجوز و ترحمنى
حدجه"عمر" بنصف عين و هو يتمتم بتذمر :
هو أنا كنت مضايقك فى حاجه ،دا أنا حتى نسمه على رأى ريم خطيبتى
ضرب الآخر كفًا بكف و هو يقول بإستهزاء صريح :
ربنا يسامحها فرعنتك علينا
دفعه "عمر" بخفة و قال بعد أن سار للأمام مُتجهًا ناحية القهوة القريبة منهم :
أعيش و أتفرعن ياض
لحق به الآخر و قال بعد أن جلس كليهما على المقاعد و طلبا كوبين شاى:
مبروك يا عمر ،مبروك يا صاحبى الوحيد
ابتسم"عمر" له بسماجة و قال :
الله يبارك فيك ،عقبالك
كان الصبى قد وضع الشاى على الطاولة و هم "مالك" بارتشاف بعض القطرات لكن ما أن قال "عمر"ذلك ،شهق الآخر و صاح بسخرية :
عفاف لو سمعتك هتشرحك
حرك "عمر "كتفه بلا مبالاة و قال :
و ماله تمارس مهنتها كطبيبة

مريض نفسى بالفطرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن