_٢٩_ (كلانا لدية تجربة سابقة)

Start from the beginning
                                    

بعد ما يقرب من النصف ساعة خرج الطبيب و قال بعد الكلمات المقتضبة و التى مضمونها أنها باتت بأمان الآن و تعدت مرحلة الخطر أخيرًا و يمكنها الخروج فى الصباح الباكر بعد الإطمئنان عليها و على مؤشراتها الحيوية .

....................................................................

(فى إحدى المطاعم الفاخرة التى تطل على النيل)

كان "سليم" يتناول الغداء برفقة صديقه بعد إلحاح شديد منه على تلك النزهة ،رغم أنه سئم من تلك الأماكن فعادة ما تكون التجمعات العائلية الكبيرة بها أو حتى المناسبات العامة التى يضطر لحضورها رغمًا عنه ،لكنه فى النهاية رضخ لطلبه و جاء محملًا بالهموم .

هتف "ياسين" بينما كان يتناول إحدى قطع اللحم المشوى:
حلو المكان دا أوى يا سليم ،بس أكيد غالى
أجابه "سليم" بإقتضاب دون أن يقصد أى شىء :
مش مهم الفلوس
تمتم "ياسين"بخفوت شديد و هو يرمقه بنظرة غضب صريحة:
أه طبعًا ،و أنت من امتى بتهتم بالفلوس ؟
لم ينتبه "سليم "لما قاله فهتف متسائلًا:
بتقول حاجه ؟
حرك الآخر رأسه نافيًا و قال بعد أن ارتشف بعض القطرات من مشروب البرتقال الطازج الموضوع أمامه :
لا مبقولشى

حرك "سليم" رأسه بتفهم و عاد يراقب مياه النيل بتشتت كبير ،لكن أخرجه صديقه من تلك الحالة مجددًا و هتف قائلًا :
شكلنا هنحضر فرح قريب أوى
انتبه "سليم "لحديثه هذه المرة و لذلك هتف متسائلًا بترقب :
فرح مين ؟ أنت ناويت تتجوز أخيرًا ؟
ابتسم الآخر بسخرية و قال بتهكم صريح :
لا ،فرح حبيبك ،مدير الشركة
تنهد "سليم" بعمق ثم قال و هو ينهض و يحمل علاقة مفاتيحه التى تركها على الطاولة :
أه ،ربنا يسعده
أنا همشى يا ياسين ،مليش مزاج معلشى

وضع النقود على الطاولة ثم رحل بهدوء ،بينما رمق "ياسين " تلك النقود و قال بحقد:
مفيش مره يخلينى أحاسب ،لازم يفكرنى دايمًا أنى أقل منه ،انى فقير و هو غنى

يشعر بالنقص ،كونه ولد فى مكان لا يلائم طموحه و أحلامه ،و غيره ولد و بفمه ملعقة من الذهب ،لكن أ ذلك مبرر لكل أفعاله الشيطانية ؟

....................................................................

استمرت قيادة السيارة ما يقرب من الساعة ،لم يتحدث معها بأى شىء فقد كان تركيزه منصب على الطريق أو يدعى ذلك ،أرادها أن تتنفس بأريحية دون أن يرهقها بأسئلته الكثيرة ،فلديه ألف سؤال يريد طرحه ،لا يصدق أنها وافقت اخيرًا لكن ما بال تلك الموافقه مغلفة برفض صريح ؟

توقف أمام منزل والده ،و نظرت هى بصدمة للمكان ،ثم هتفت متسائلةً بقلق :
أحنا فين ؟
هى لا تعرف منزله و خطر بعقلها أنه يريد استغلال وضعها ،لكنه نفى تلك الفكرة سريعًا و قال بتوضيح :
أنا مقدرشى أخدك البيت عندى ،لأنه مينفعشى ،فمفيش قدامى حل غير انى اسيبك مع ليلى أختى
تنفست الصعداء ما أن هتف بذلك ،و لكن كان هناك حلقة ناقصة لذلك صاحت متسائلةً:
هو مش مفروض نروح لعمو المأذون ؟
رغما عنه لاحت منه ابتسامة صغيرة و هو يرد كلمتها تلك بدهشة :
عمو المأذون !
ثم عاد و قال بجدية و حكمة :
لا مش مفروض يا رنا ،أنا مقبلشى على نفسى استغل الموقف اللى أنتِ فيه ،أيًا كان هو ايه ؟ بس واضح جدًا أن فى مشكلة حصلت معاكى ،و مش هضغط عليكى عشان أعرفها ، لو حابه تحكى فأنا هسمعك ،لو مش حابه فأنا موجود
موجود عشان أقف جمبك من غير ما أعرف أى حاجه

مريض نفسى بالفطرةWhere stories live. Discover now