الجُزء الأوَّل: مرَض نفسِي

455 34 33
                                    

{قَلْبِي يَجْرِي مَعَ الوَقْتِ وَحِيدًا عَلَى الثُلُوجِ المُحَطَمَةِ، أَمُرُ عَبْرَ حَافَةِ الشِتَاءِ البَارِدِ إِلَى أَيَامِ الرَبِيعِ مَرَةً آُخْرَى إِلَى أَيَامٍ تَتَفَتَحُ فِيهَا الأَزْهَارُ}

























-


























فِي عام ألفَين وَ عشرِين علَى الساعَة العاشِرة صباحًا

داخِل بلَاد كُوريا الجنُوبية تحدِيدا مدِينة سيُول

فِي وسَط الأمطَار الغزِيرة التِي تسقُط دُون توقُف مرتَطمة علَى الأرضِ بقُوة مَا جعلَها تصدِر أصوَاتا رُبما مزعِجة وَ رُبما رنَانة علَى حسب حبِك لهَا

وَ وسَط ذلِك الجَو المعتَم وَ المظلِم معَ أنّه الصبَاح مَا جعَل النَاس قليلُ التواجُد خارِجا فِي هذَا الوقت مِن اليوم وَ السيَارات أكثر ندرَة منْها

فَالسمَاء الزرقَاء التِي نلجأ لهَا متآمِلين جمَالها النقي أصبَحت الآنَ ذُو لون مظلِم وَ فقَدت بريقَها الأزرَق ليصبحَ متلَبسا للون الأسوَد

أمّا الغيُوم البيضَاء الناعِمة التِي تبدُو وَ كأنّها حلوَة قطنِية أمسَت الآنَ فاقدَة للونِها المنعِش لتصبِح سحَابا رمَادية ذابِلة

يقِف شخص مّا أثْقلت كاحِله الكثِير مِن الأحزَان وَ عبَر نحو طرُقات الأسَى

كَان مرتدِيا ملَابس تخُص ملَابس المرْضى مَا يؤكِد أنّه خارِج مِن مشفَى مّا وَ قَد كَان كذلِك موجِها بصَره وَ كامِل وجهِه نحو السحَاب وَ السمَاء وَ هو مبتَل مِن أعلَى رأسه الَى أخمَذ قدميْه، فكِلا مِن ملَابسه وَ شعره اغرَورقا فِي بحر هذِه الأمطَار الآبِية لعدَم التحرُر

وَ كل مَا يمُر علَيه سوَاءا بسيَارته أَو هكَذا حامِيا نفسَه مِن قسَاوة الجَو يستَغرب حالَة هذَا الفتَى

الَى أنْ ركَن أحَدهم سيَارته بجَانب الصبي منزِلا زجَاج نافِذته قلِيلا ليتَسنى لَه التكَلم مخاطِبا ايَاه

" أيُها الفتَى مَا الذِي تفعَله فِي هذَا الجُو البارِد؟ "
سَأل الرجُل مستَنكرا مَا يرَى

وَ بعد هنَيهة ليست بطوِيلة أجَاب الفتَى بنبرَة متلَبدة مِن المشَاعر وَ يتخلَلها الجفَاء
" كَما ترَى أستَمتع بالمطَر "

كَان جوابُه مبهَما وَ غريبًا فِي وجهَة نظَر الرجُل مَا جعَله يردِف لَه وَ قَد بدَى قلِيلا علَى نبرَة صوتِه اللوم
" لكِنك إذَا ظللتَ هكذَا فإنّك سوف تمرَض "

وَ بعد مهلَة آخرَى قضَاها الفتَى فِي صمت أجَاب بنبرَة صوتِه السابقَة بكلِمتين فقَط
" لَا أهتَم "

هذِه الاجَابات لَم تكُن تزِيد سوَى الاستِغراب وَ التسَاؤل لذلِك الرجُل فأردَف كلِمات آخِيرة قبلَ أنْ يهُم بالرحِيل
" لكِن إذَا ظلَلت هكَذا فإنّه سوف تمرَض وَ قد يعرِضك هذَا للموتِ حتَى "

An accidentحيث تعيش القصص. اكتشف الآن