«أسرعوا، أسرعوا! إنه ضوءٌ في آخر الطريق، ترى لمن هو؟ من يضيء؟ ما هذه الرائحة؟ إننا لنجد ريحًا طيّبة، إنها منهم، أولئك الذين أُنير الطريق بهم! من هم؟ ما هذه الملكة والوقار في حركاتهم؟ ما وجدتم فيهم؟»
«وجدنا نبلًا، إنهم نبلاء، نبلاء أمتنا!»
Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.
النُبلاء.. كلمةٌ خفيفة تطوي وراءها معانٍ يفهمها سامعها على طريقته، فالنبيل في عين الفقير غنيٌّ لا يحسب حسابًا لمأكله ولا لمشربه، والنبيل في عين الذليل متغطرسٌ يرى الناس بعينٍ تحتقرهم، وكذا لكل نبيلٍ وزنٌ في عين الناظر إليه، أما عن النبلاء الذين نحدثكم عنهم، فهم نبلاء لا في ثروةٍ اغتنموها ولا في علوٍ اكتسبوه اكتسابا، بل في عفةٍ صعدت به نفوسهم إلى الثريا، في رحمةٍ ورأفةٍ تناقلوها بين الناس حتى طُبعت فيهم، في علمٍ جلسوا به على الكواكب، ونصحوا وعملوا به حتى صار العلم لقب الأمة، أي نبلٍ تجسد في هؤلاء؟ أي نبلٍ هذا الذي لا تُعرِّفه الأموال ولا الأملاك؟ إنهم نبلاء أمتنا، إنهم عباد الله الذين يمشون على الأرض هونًا، إنهم القانتون العابدون التائبون، وعن سيرتهم العطرة إنما يكون هذا الكتاب، حيث المواعظ والعبر، وحيث المقاصد والحكم.
ألا إن شهر رمضانٍ قد أقبل علينا، وهو شهرٌ كله خير، كله رحمة، فيه نزل القرآن العظيم على سيدنا ونبينا أطهر الخلق محمدٍ (صلى الله عليه وسلم)، وهو شهرٌ فيه الطاعات والعبادات تزيل الظلمة عن القلب، وتمحو الغشاوة عنه، وتُقرب العبد إلى الله تعالى حتى يحبه! عسى الله أن يوفقنا وإياكم في هذا الكتاب، وينفعنا به وقارئيه.
