العفوُ رحمة.

16 4 0
                                        

{فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: 40]

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

{فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: 40]

دعَا الإسلام إلى عدة فضائل، وأخلاق وخصال حميدةٍ، وأهمها العفو، صِفة النبالة! ففي العفو والسماحة لذة لطيّبي الخواطر، إنها معيار قوة خاص لكل مؤمن فمن ذا القادر على أن يصبر على إساءةِ عدوه له بأقسى الأساليب ثمّ يغفر له؟

الغفران كالإيمان على أي شخص أن ينعشه باستمرارٍ، أن لا يسمحَ للغضب بأن ينهش تلك الصفاتِ الخُلقيةِ وأن يمرّرَ أخطاءَ من حولهِ، أن يكون متوازنا في علاقاته مع غيرهِ.

وقد كانَ الرسول - صلى الله عليه وسلم- أكثر الناس تسامحا وصفحًا، كانَ يتلقى من قومه الأذى المؤلمَ بيد أنه قد بلغ القمة، والدرجة العالية في العفو والصفح، كما هو شأنه في كلِّ خلُقٍ من الأخلاق الكريمة، فكان عفوه يشمل الأعداء فضلًا عن الأصدقاء.

فلما استطاع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يفتح مكة بإذن من الله العظيم، دخل وصلى بين السارتين ووقف بين يديه مشركي القوم وأمامه رجال من الذين آذوه وعذبوه ووقفوا في وجه دعوته، ولما سألهم عن ظنّهم بفعله معهم، قالوا له:«أنت الأخ الكريم وابن الأخ الكريم»، فما كان من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا أن عفا عنهم.

وردت آيات كثيرة في ذكر العفو والصفح والترغيب فيهما، ومن هذه الآيات قوله تعالى :{وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 22]

فكما تغفر عن المذنب إليك نغفر لك، وكما تصفح نصفح عنك ففي العفو رحمة بالمسيء، وتقدير لجانب ضعفه البشري وطبعهِ، وامتثال لأمر الله، وطلب لعفوه وغفرانه وفي العفو توثيق للروابط الاجتماعية التي تتعرض إلى الوهن والانفصام بسبب إساءة بعضهم إلى بعض، وجناية بعضهم على بعضٍ [الأخلاق الإسلامية ،لعبد الرحمن الميدانى].

ويليهِ العفو والصفح عن الآخرين سبب لنيل مرضات الله سبحانه وتعالى فالعفو والصفح سبب للتقوى، قال تعالى :{وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُم} [البقرة: 237]

ويكونُ العفو والصفح من صفات المتّقينَ ذا الأخلاقِ الحميدةِ وكماليةِ النفس، قال تعالى :{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين} [آل عمران: 133، 134] .

كذلك من يعفو ويصفح عن الناس يشعر بالراحة النفسية، يطمئن ذاته بأنه رحم المذنب ولم يقسو على سائر أعدائه، فذاك العفو رمز لقوة وعزيمة فلا مظلوم قد يقبل باعتذار الظالم ويسامحه بتلك السهولة دون أن يتولد عنده صراع داخلي.

وهذا العفو يكون ضرورة ذا حدود، لا يجب أن يتسم بصفة الإطلاقية حتى لا يبالغ المذنب في نشر الأذية، ويصبح من الأساسي أن نستعين بالعقاب لطمس طبعه الشرير وتسجن رغبته في الحاق المضرة بغيره.

وكم من نبيل اتسم بهذه الصفة والتزم بها نحت عبرة وقاعدة حياتية، فلقلوبهم نعومة وبياض ناقي، أفاضل وكرماء وأدباء قاموا بترسيخ جانب أخلاق حسن طوال حياتهم.

إذن يظهر جليا للإنسان أن العفو هو السبيل الأوحد من أجل العيش بسلام بعيدا عن الحروب والنزاعات التي أتعبت النفوس وكرهها البشر.

قال الله تعالى في سورة آل عمران:{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}



هل أنتم من الأشخاص الذين يعفون بسهولة؟

تقبل الله صيامكم! ♡

نلقاكم في الفصل القادِم إن شاء اللّٰه!

في سير النبلاء. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن