خصلة حميدة!

57 8 0
                                    

«وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ»

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

«وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ».
الأنبياء: ١٠٧

أما حدثتك نفسك قط يومًا عن أولئك الذين ما يطؤون موضعًا إلا وكان لعطفهم ورحتمهم أثرٌ بالغ الوضوح؟ أو لعلك وجدت أحدهم يجهز الطعام والشراب للورى والدواب ولا يطلب أجرًا ولا منة، نعم، هم من نعني، أولئك الذين تجسدت الرحمة فيهم إن صح هذا التعبير، الرحماء، ويا لذلك الوقار الذي تحمله أنفسهم! إنهم على الرغم من كثرة تبسمهم، وحديثهم اللين السهل، يجدون في نفوس الناس توقيرًا لهم..

هم نبلاء، والراحم نبيل، لأنه لم يرحم الضعيف ولم يخفض رأسه لا لعلمه بنبل روحه، ذلك النبل المفطور في كل إنسان، ليس النبل الذي يوصف بالبذخ والثراء، بل نبل الروح وسمو النفس، والراحمون أناس يقتدى بهم! يتقون الله، يخافون، يؤمنون، يستأمنون ويُطلبون! إذ أن الراحم يرحم نفسه، ويزيل عنها جاهدًا الجهل وقلة المعرفة، فمن الرحماء علماء، ويا لاحتياجنا في هذه الأيام رحماء علماء ثقاةٍ تقاة! يكاد التراحم بين الناس اليوم يصير أثرًا قديمًا، لا يعرفون عن الرحمة إلا القليل، ولا يسعون لإيقاظ هذه الجبلة أبدًا! 

سمعنا بحكايات المتأخرين، وقصص التابعين، ومواعظ الصحابة والآل، فتناقلناها، واتخذناها منهج حياةٍ رغيدة سعيدة تخلفنا عنها منذ الكثير، ولكن حديثنا اليوم عن الرحمة لن يكون في قصة من قصص هؤلاء، كلا، بل في سيرة من ما أرسله الله تعالى إلا رحمة للعالمين! رسولنا الأعظم، والمربي والمعلم، محمدٌ (صلى الله عليه وسلم)! وهل من بشرٍ مثل الرسول صلوات الله وسلامه عليه؟ ليست أفعاله وحدها رحمة، ولا أقواله، ولا حركاته، بل كله رحمة، أرسله الله تعالى رحمة للعالمين! وكيف لا يكون وهو من هو؟ ألا إنه لرحمة..

ففي أمر الضعفاء كان (صلى الله عليه وسلم) يهتم بشأنهم، ويأمر بحسن معاملتهم وأوصى الناس بالخدم الذين يعملون عندهم، إذ قال (صلى الله عليه وسلم): (إنَّ إخْوَانَكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أيْدِيكُمْ، فمَن كانَ أخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ، فَلْيُطْعِمْهُ ممَّا يَأْكُلُ، ولْيُلْبِسْهُ ممَّا يَلْبَسُ، ولَا تُكَلِّفُوهُمْ ما يَغْلِبُهُمْ، فإنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ ما يَغْلِبُهُمْ فأعِينُوهُمْ)، ومن رحمته باليتامى والأرامل أن عد كفالتهم كأجر الجهاد في سبيل الله تعالى! وفي يوم الفتح كذلك تتمثل رحمة الرسول حتى بالذين آذوه ومكروا له المكر، رُوي في الحديث عن النّبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال للمشركين يوم فتح مكة: (يا معشرَ قريشٍ ما ترَونَ أنِّي فاعلٌ بكم؟ قالوا: خيرًا، أخٌ كريمٌ، وابنُ أخٍ كريمٍ، فقال: اذهبوا فأنتم الطُّلَقاءُ). وهو حديث ضعيف بهذا اللفظ، وليس له إسناد ثابت، لكن تسمية الطُّلَقَاء ثابتةٌ في السُّنَّة، والطلقاءُ هم الذين عفا عنهم النبي (صلى الله عليه وسلم) من قريشٍ وسامَحَهم يوم الفتح.

فعن أيِّ رحمةٍ نتحدث؟ هذه رحمة لا مثيل لها، ولا يمكن أن تكفيها هذه السطور المتواضعة، إنها رحمة نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم)، والقصص من السيرة العطرة كثيرة، مثل قصة الجذع ذي الأنين، وقصة الجمل الباكي.. هذا قدوتنا، ومعلمنا، وهذا جانبٌ بسيط من جوانب حياته الشريفة، وحيث أمرنا الله تعالى في محكم آياته:

«إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا»
الأحزاب: ٥٦

فصلى الله تعالى وسلم على محمد وآله، ورزقنا الجنة ودرجاتها العليا.





هل تعرفون حكاية أو قصة تحمِل خصلة الرحمة؟

تقبل الله صيامكم! ♡

نلقاكم في الفصل القادِم إن شاء اللّٰه!

في سير النبلاء. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن