_١٨_(حب من طرف واحد)

Start from the beginning
                                    

ذهب" العم طاهر "لإعداد الشاى بغرفته المتواضعة تاركًا إياه مع سحابة أفكاره وذكرياته ، يأتى هنا للهروب، حين يقف أمام قبر أخيه ونصفه الآخر يتألم بشدة ، لا يعرف أيكرهه أم يشتاق إليه أم ياتى لمعاتبته ؟
منذ رحيله وحياته تغيرت تسعين درجة ،يشتاق له بشدة وفى نفس الوقت يمقت حياته التى أقحمه بها ، لا يريد هذا العمل ولا تلك المشاريع ولا هذا الاسم الذى لصق به كالغيرة شديدة الإلتصاق
أين غيث من كل هذا ؟ كان ذلك السؤال يتردد عليه فى كل لحظة من حياته، لم لا يتمكن من العيش كأى شخص طبيعى ؟ لم كل هذا التعقيد والأسرار؟

"خود يا ابنى ،وروق كدا محدش واخد منها حاجة، دى فانية "قال "العم طاهر "ذلك بعد ما أعطاه كوب الشاى الساخن
ابستم له بود قائلًا: يا بختك يا عم طاهر ،عايش هنا بعيد تعرف الميتين أرحم مليون مره من اللى برا
قطب حاجبيه ،ثم قال بطريقة مضحكة يحاول التخفيف بها عنه : "ايه دا هتقر عليا بعينك العسلى دى تجبنى الأرض "
انفجر ضاحًكا ما أن سمع حديثه وطريقته تلك ليقول من بين ضحكاته :"متخفش دا أنا عينى باردة"

ليقطع صوت ضحكاتهم تلك سؤال غيث الذى لا يعرف لما خرج منه فى تلك اللحظة بالتحديد:
عم طاهر ، هو أنا وحش؟وحش لدرجة أن أمى رفضانى ورافضه اسمى

هتف الآخر بحزن شديد: لا يا ابنى ، لا وألف لا ، دا أنت أحسن واحد فى الدنيا ، دا كفاية طيبة قلبك وخوفك على كل اللى حواليك
ابستم بحزن قائلًا بصوت مضطرب مجاهدًا دموعه كى لا تسقط وتكشف ضعفه :
أومال ليه مش حبانى ؟ ليه رافضة وجودى فى حياتها؟ أنا بعمل كل حاجه بتطلبها منى، أنا لغيت وجودى عشانها يا عم طاهر ، أنا بس عايش بشبح ليث وبرده مش حبانى ، ليه ؟
ليه يا عم طاهر؟ أنا عارف انى عصبى وأوقات كتير بتصرف بشكل عنيف وبأذى اللى حواليا بس غصبن عنى مش بايدى لكن برجع أعتذر وأصلح كل اللى كسرته إلا هى مصرة تكسرنى ومتداونيش ،مصره تحطمنى وتقف تتفرج عليا وأنا بنزف
أنا حتى مش قادر أكرهها ، مش قادر أكره أكتر حد أذانى فى حياتى

قال ذلك ثم انصرف ، لم يرد البقاء أكثر من ذلك ، يعلم أن الشفقة ستكون على وجه كل من يعلم بمعاناته وهذا أكثر ما يكرهه ، لا يريد أن يكون شكاءًا بكاءًا ، ولا يعلم كيف ينفس عن غضبه سوى بالخروح عن طوره ؟ وهذا ما يكرهه.
فما العمل ؟أيسلك طريقًا يكرهه فى سبيل الراحة ؟ أم يظل تائه مبعثر الوجدان والفكر فى طريق ملىء بالأشواك السامة ؟
عبث

.............................................................

ذهب لمنزل صديقه، أدار المفتاح ودخل ،وقف فى منتصف الردهة يفكر لما جاء هنا بالتحديد؟ كان بإمكانه الذهاب لمنزله الخاص بعيدًا عن أى أحد أو يذهب لوالده فقد اشتاق لشقيقته لكن لما فضل المجىء له؟ أخائف من أن يقترف بحق نفسه شيئًا ما؟
لكنه فجأه سقط مغشيًا عليه آثر ضربة متوسطة القوى من قبل صديقه، معتقدًا بأنه لص وجاء فجرًا ليقتحم المنزل
لكن ما أن أدرك آدم هوية السارق وأنه ليس بسارق حتى صرخ بفزع محدثًا نفسه ببعض التعبيرات الاستنكارية على فعلته تلك :
"يالهوى، غيث ، مكنتش أعرف، يلهوى، أنا لازم أجيب دكتور ، لا ثوانى طب ما أنا دكتور "
لم يكن يدرك ما يتفوه به وقف أمام جسده الملقى على الأرضية بدون حراك، توقف عقلة للحظات ،كان يشبه الطفل الصغير الذى شهد حادثة ما و وقع تحت تاثير الصدمة، وليست أى صدمة فهو صديقه و وقع بسببه

مريض نفسى بالفطرةWhere stories live. Discover now