"طب افرض رجعت و شافتنا، أنا خايف "
صدح صوت "غيث" بهذا السؤال المضطرب و عينه مصوبة بإتجاه الباب يخشى أن تدلف فى أى لحظةوقف "ليث" أمامه شاعرًا بالحزن و الألم فهو لا يريد سوى اللعب معه لكن والدته دائمًا ما تمنعه من ذلك متحججة بمرضه و أن لا قدرة له على التعامل بشكل طبيعى كالباقى، ليأتى صوته فى النهاية بما يكنه فى صدره :
يا "غيث" أنا عايز ألعب معاك، كل يوم مش بنعلب، مش بعمل حاجه غير انى أخد الدوا و أنام و أقوم و بس، أنا زهقت
حدجه "غيث" بنظرات حزينة هو الآخر و قال :
و أنا كمان عايز ألعب معاك بس ماما بتزعقلى كتير و أنا خايف تقطعلى لوحى تانى و أعيط عليهمبدأ "ليث" يفكر فى طريقة ما لإقناع شقيقه، يريد تقضية الوقت معه و لكنه يخاف من والدته، فهى دائمة التعنيف لشقيقه و هو أصغر من أن يدرك الفرق الشاسع بين معاملتها لهما سويًا، حقًا لا يحق لكل الأهل الإنجاب و حتى قبل الانجاب ليس كل ثنائي من حقه أن يتزوج و يسبب التعاسة لهولاء الصغار.
يجب أن يكون هناك اختبار نفسى لكل المقبلين على الزواج، فالعالم لا ينقصه المزيد من المرضى، يكفيه ما يضمه .و لكن فجأة صاح بسعادة فقد لاحت أمامه فكرة رائعة لحل مشكلتهم :
خلاص نخبى اللوح فى مكان مش هتعرف توصله ، ايه رأيك؟ و لو زعقت أعمل نفسك مش سامع و أنا هعمل نفسى وقعت أو دوخت و هى هتجرى تشوف مالى
ابتسم شقيقه حتى ظهرت نواجذه و قال:
طب حلو أوى دا، يلا بينا نخبيهم و بعدين نلعب سوا، أنا واحشنى اللعب معاك أوى .أنهى حديثه و سحب شقيقه خلفه، أسرعا للعلب بكل أرجاء المنزل و انضم لهما والدهما فيما بعد، كانت أصوات ضحكاتهم تملىء أرجاء المكان، دون الإهتمام بأى شىء، فقط طفولتهم التى مرت هباءًا .
أرادوا تحصيل كل لحظاتهم الضائعة فى هذه الأمسية السعيدة، و لكن أهناك يوم سعيد فى طفولته؟_____________________________________
على الجهة الأخرى ، فى نفس الوقت الذى تذكره "غيث" كانت والدته تلتقى بشقيقتها فى نادى هادئ لا يرتاده سوى أصحاب الطبقة الراقية و المظاهر المزيفة ،من يترك أطفاله ليستمتع بالطقس الدافئ غير عابىء بالمسؤلية الملقاة على عاتقه ،من يترك زوجته ليجلس برفقة عشيقته يضحك معها و يصرف ببزخ رغم أن عائلته هى من تحتاج لذلك الوقت و الاهتمام و المال و لكنه حقًا من أشباه الرجال ،أو ربما نجد عائلة سوية معًا تضاف لعجائب الدنيا السبع لتصبح الثامنة و لكن الأغلب هنا سيء لا يهتم سوى بنفسه و لا شىء آخر.
هتفت "منال" قائلةً بيأس و تذمى :
أنا زهقت ياسارة ، مش دى الحياة اللى عايزه أكمل فيها ،خلاص مبقتش بحبه و لا قادرة استحمله ،أنا عايزه أطلق
ردت عليها شقيقتها قائلةً بقلة حيلة:
آسفه يا منال بس أنتِ السبب الكل عارضك و رفض ارتباطك بيه ،لكنك صممتى و مش هتجوز غيره و إضراب عن الأكل و محاولة انتحار و قطعتينا كلنا لسنتين بعد جوازك و حورات كلها متعملهاش عيله فى أولى حضانة و دلوقتى بعد تمن سنين و عندك منه طفلين و حامل فى التالت جايه تقولى زهقت و مش عايزه أكمل ،بابا مش هيوافق أن بنته تطلق و أنتِ عارفة كدا كويس
زفرت "منال"أنفاسها بضيق شديد و قالت :
طب أعمل ايه ؟ أنا خلاص فاض بيا و سامح مش بيحس ،كل اللى فارق معاه شكلنا و وضعنا الإجتماعى و طول ما هو معاه فلوس خلاص لكن أنا حاسه بايه؟ مشاعرى ايه؟ تعبت و لا لا؟ مش فارق معاه خالص
لم تكن شقيقتها تعرف كيف تساعدها ،فهتف متسائلةً بقلقة حيلة :
أنتِ لسه بتساعديه بفلوسك يا منال؟
لوت "منال"ثغرها بتبرم و قالت بسخرية:
لا سامح معدشي محتاج مساعدتى يا ساره وضعه اتحسن جدًا و قادر إنه يخلينا نعيش فى نفس المستوى بتاع بابا تقريبًا
ابتسمت شقيقتها باتساع و قالت :
طب ما دا كويس ،أنتِ ايه مشكلتك الوقتى؟ مش كنتى علطلول متضايقه عشان وضعكم المادى صعب و كدا ،طب ما هو اتحسن ،ملكيش حجه
حركت "منال" رأسها رافضةً حديث شقيقتها و قالت :
لا يا سارة ،الفلوس مش كل حاجة و دا اللى اكتشفته متأخر للأسف ،سامح حياته كلها بقت شغل و بس أنا و ليث اخر اهتامه
عقدت "ساره"ما بين حاجبيها متسائلةً بتعجب:
طب و غيث ؟! متكلمتيش عليه يعنى و كأنك مش حطاه فى حسباتك
YOU ARE READING
مريض نفسى بالفطرة
Actionمريض حُكِمَ عليه بعيش الازدواجية فى كل شىء ، إلى أن قابلها، منحته قلبها رغم معاناتها السابقة ولكنه رفض البوح بماضيه، عانت معه الى أن أعترف بحبه وهنا كانت المشكلة، حين بدأ الحب يتلاعب مع مرضه، ولكن هل الماضى له رأى آخر؟ من منا سليم؟ الكل يصارع فى يوم...
_٥_ (الإنفصالُ فرصة ثانية )
Start from the beginning