الفصل الثاني والستون

ابدأ من البداية
                                    

❈-❈-❈

بداخل السيارة وبعد أن ابتعدت عن محيط الخطر نهائيًا، تنفست الصعداء اَخيرًا لتضع رأسها على إطار النافذة المغلقة وعينيها تنظر خارجًا للطريق المظلم الذي تقطعه السيارة، لاتصدق انها اخيرًا قد نجت، تنهدت ببعض الارتياح، وقد علمت الاَن بعودة أباها وأشقائها لمنزلهم، بعد ان انتهى الحفل كما توقعت لمعرفتها بطريقة تفكيره، وجبروته أيضًا في إيقاف أي خطر قبل أن يصل إليه، وفرض إرادته في تنفيذ ما يُصر عليه، عادت بذاكرتها تتذكر هذه اللحظة العصيبة وقت انسحابها من جوار الفتيات لتدخل مرحاض الغرفة، فوجدت الحقيبة التي بها الملابس بحسب اتفاقها مع زهرة في إحدى الزوايا الغير ظاهرة من الحمام الفاخر، خلعت فستانها سريعًا لتضعه على المغسلة الرخام، وارتدت يونيفرم عاملات النظافه لتمسح على جميع زينة وجهها بالمنظف ثم لفت شعرها للخلف كدائرة لتكمل بوضع الكمامة الطبية على نص وجهها، ثم انتظرت على الهاتف حتى ارسلت لها زهرة المراقبة لمدخل الجناح وحركة الفتيات به، بكلمة مقتضبة" اخرجي" لتسمع منها كاميليا وتخرج على الفور دون الالتفاف للدخل على الإطلاق ، حتى لا تثير نحوها الشكوك، ومن باب الغرفة لمدرج الخادمات ارتدت السترة الثقيلة التي خرجت بها، لتهبط متخذ طريقها إلى باب الخروج.
تثائبت بتعب فقد ارهقت اليوم جسديًا ونفسيًا، حتى نال منها الإجهاد بحق، القت نظرة على الساعة الملفوفة حول رسغها قبل ان تسأل السائق أو من بجواره في الأمام:
-باقي كتير على ما نوصل؟
اجابها أحدهم باقتضاب:
-لا بالعكس، دي كلها دقايق ونوصل.

❈-❈-❈

أمام الشاشة المصغرة كان جالسًا يتابع مع المسئول في المكان وبحضور ابن عمه الضابط أمين، تتبُع خط سيرها من وقت أن خرجت من الجناح، وارتدائها السترة الثقيلة على ملابسها ثم الخروج من الفندق نهائيًا، ثم صعودها لهذه السيارة الغريبة في قلب الظلمة:
-متقدرش تجيلي صور أوضح للعربية دي عشان اشوف لونها او ارقامها كويس.
هتف بها كارم نحو الرجل المتخصص امام الشاشة، وكان رد الرجل:
-للأسف يا فندم، العربية دي ركنت خلف الفندق في المنطقة الضلمة وحتى لما اتحركت، خدت طريق جانبي مداري عشان متظهرش كويس فلا يبان شكلها ولا أرقامها
صاح به كارم غاضبًا:
-نعم ! إنت هتستعبط عليا ؟ بقولك إيه، تتشال تتحط في اللي بتشتغل عليه عندك، وتطلعلي صور كويسة للعربية دي وارقامها، انت فاهم ولا لأ؟
لهجته القوية أثارت الخوف بقلب الرجل الذي بدا على وجهه الإرتياع، وتدخل اَمين بلهجة أقل حدة للمذكور وبنفس الوقت يضغط بيده على ساعد كارم كي يتماسك بعض الشئ:
- اسمع الكلام يا بني، وجرب تاني من صور الكاميرات اللي باقية، اتعب شوية .
أومأ له الرجل رغم ثقته في عدم الجدوى من محاولاته، أما كارم فقد ابتعد عنه قليلًا ليهدر هامسًا لابن عمه الذي لحق به لخارج الغرفة:
-شوفت بنت ال.... كان مرتبة نفسها كويس قوي، ومعاها كمان اللي يساعدها، ماشي يا كاميليا .
رد الاَخر يتسائل بتعجب:
- بس انا مش فاهم، هي تعمل معاك كدة ليه؟ وهي عارفة ومتأكدة انها في الاول والاَخر مراتك، يعني مربوطة بإسمك مش مجرد خطوبة...
توقف فجأة ليُضف بسؤاله:
-ولا تفتكر انها عاملة حسابها في دي كمان؟
وصل إلى كارم مغزى ما يقصده ابن عمه لتحتد عينيه وتزداد اشتعالًا في قوله:
-دا انا اموتها احسن لو فكرت فيها، أقتــ لها بإيدي ولا إنها تبقى لراجل غيري .

نعيمي وجحيمهاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن