الفصل الثاني والستون

Start from the beginning
                                    

-إيه اللي بيحصل هنا؟
تمالك المذكور يستقيم بجسده ليجيب الاَخر، مسيطرًا بعض الشئ على انفعاله:
-تعالى وشوف بنفسك يا جاسر باشا، أنا كنت بسألها عن كاميليا وهي زي ما انت شايف كدة، مش متقبلة سؤالي، رغم علمها بالظرف الي انا فيه .
-مالها كاميليا؟
سأله جاسر باستفهام، فتغير وجه الاَخر على الفور، حتى بدا أنه لا يريد الإجابة، ولكنه تمكن في الاخير ليجيب باقتضاب:
-حصل مشكلة ما بينا، وانا دلوقتي بطلب من زهرة هانم تكتم ع الخبر ده قدام أي حد، أنا مش عايز إسم عيلتي يتجاب على لسان أي حد.
سأل جاسر مرة أخرى وقد زادته آجابة الاَخر حيرة:
- طب وهي فينها كاميليا، اتكلم انا معاها لو انت عايز .
سمع منه لليشيح بوجهه عنه، ثم رد وهو يقضم بأسنانه على شفته السفلى من الغيظ:
-زهرة هانم هي اللي هتفهمك يا جاسر باشا.
أجفل جاسر على هذه الهيئة الغريبة لكارم، وفعله الأغرب، قبل أن ينتبه على زهرة وهي تجذبه من ذراعه وتخاطبه:
-تعالي معايا يا جاسر دلوقتي وانا هفهمك.
تحرك معها رغم استغرابه، ولكنها توقفت فجأة ملتفة لكارم:
-بس انا كنت عايزة اخد البنات معايا غادة ورباب .
رد إليها بعضب يوشك أن يحرق الأخضر واليابس:
- ولما تاخذي الاتنين وتمشي، هيبقى سيبنا مين لأمين ابن عمي عشان يحقق معاه؟ مش كفاية انتي ماشية اهو؟
- تحقيق إيه؟
صاح بها جاسر بنفاذ صبر ، فتمسكت به زهرة لتسحبه للخارج، متمتمة له:
-أنا هقولك يا جاسر، بس تعالى .
استسلم جاسر لسحبها مضطرًا، حتى إذا ابتعدوا قليلًا عن الغرفة تفاجأ برؤية هذا المدعو اَمين ظابط الأمن، وخلفه والد كاميليا متجهين نحو الغرفة التي خرجوا منها، وقبل ان يخرج صوته لحقت هي لتهمس بإذنه حتى لا يسمع ميدو الصغير:
- كاميليا سابت الفرح وهربت.
-إيه؟
خرجت منه بارتياع اختلط بعدها بمشاعر غريبة تقارب الإرتياح، كبتها سريعًا ليسألها بتجهم:
-ازاي يعني؟ انتي بتتكلمي جد ولا بتهزري؟
اومأت بعينيها لينتبه إلى الصغير، ثم همست مرة أخرى:
-بعدين هفهمك على كل حاجة، المهم دلوقتي فين إمام؟
زادته بقولها تشتتًا، ليهدر هامسًا هو الاَخر:
-إمام كمان؟ وانتي مالك بإمام؟

❈-❈-❈

نزل جاسر في الأسفل ليصل إلى صديقه الذي كان في انتظاره على نار ليسأله على الفور:
-في إيه يا جاسر؟ انا ليه حاسس إن في حاجة مش مظبوطة
عاد المذكور لمقعده ليجلس دون أن يجيبه، وهو يطالعه بنظرة غير مفهومة أثارت ارتياب الاَخر، ليهتف به:
-يا بني ما ترد مالك؟
بابتسامة لم تصل لعينيه رد جاسر:
-بصراحة محتار ابلغك الخبر ازاي؟ لأن لحد الآن مش قادر استوعب.
عقب على قوله طارق بنفاذ صبر
-مش قادر تستوعب إيه بالظبط؟ ما تتكلم يا جاسر، انا بدأت اتوتر فعلا.
اقترب جاسر برأسه منه ليهمس بصوت خفيض:
-كاميليا هربت وسابت الفرح
سمع طارق والتف برأسه إليه يطالعه بأعين متوسعة وعدم تصديق، فتابع له جاسر بنفس الهمس:
-والله زي ما بقولك كدة، والدنيا مقلوبة فوق، بس كارم بيكتم ع الخبر.
ظل طارق على صمته يتطلع إلى جاسر بتشكك، رغم رغبته الشديدة في التصديق، فأتى نداء مقدم الحفل حاملًا له التأكيد بقوله:
-يا جماعة... يا جماعة معلش.... احنا جالنا خبر مؤسف دلوقتي، هو إن العروسة تعبت جدًا، والعريس اضطر يأجل الحفل، بنعتذر من كل المدعوين في الحفل.
زاد الهرج في قلب القاعة، والتساءلات الفضولية مع حركة البشر، ليستفيق اَخيرًا طارق لسؤال صاحبه:
- لكن دا بيقول تعبانة؟
اوما له جاسر يجيبه:
-ما انا قولتك بيكتم ع الخبر، عشان صورته قدام الناس.
برقت عيني طارق، وتسارع الخفقان بصدره لهذا الصغير، وكأنه وجده القشة التي يتعلق بها الغريق، ليسأله على الفور بلهفة:
-طب هي زهرة فين دلوقتي؟ انا مش شايفاها معاك!
رد جاسر يمط بشفتيه:
-والله الست زهرة نزلت معايا من شوية، بس سابتني بعد كدة عشان عايزة إمام في حاجة مهمة!
غمغم طارق بعدم فهم:
- حاجة إيه؟

نعيمي وجحيمهاWhere stories live. Discover now