الفصل الثالث والثلاثون

334 14 0
                                    

الفصل الثالث والثلاثون ....

(آمال ضالة)

في منزل فلاح ....

صفق عصام باب البيت عندما دخل معقود الحاجبين والشرر يتطاير من عينيه وصرخ بصوت هز اركان المنزل: "سجى"

انزلت سجى قدميها من السرير متوجسة وخرجت والدته من المطبخ قائلة بذعر: "خير ان شاء الله ما بك؟ ما الامر؟ عصام؟"
وراقبته بقلق وهو يهرول على السلم مناديه خلفه: "عصام!"
اقتحم غرفة سجى التي نهضت قائلة بفزع: "ما بك؟ اخفتني!"

عصام وبعينين تلمع ببريق الشك: "الغضب الذي يدعى سامر الهلالي عاد من السفر اليس كذلك؟"
رفت اجفانها كأجنحة فراشة بوجهه المتحجر وبتلعثم: "أ .... رب .... ربما لا أدري وما ادراني؟"
عصام وبحروف حادة المخارج حتى انه كان يعض بأسنانه السفلى على أطراف شاربه الأشقر كأنه يتمالك نفسه: "قابلته؟"
هزت رأسها باستنكار ورفض: "لا طبعا .... طبعا لم اقابله ولماذا اقابله؟" بقي متسمر بها ثواني حتى هز رأسه ثم قال وبنبرة تحذير ووعيد: "اممم .... ظننتك جازفت بحياتك وقابلته .... كنت واثق انها كذبة ملفقة او سوء فهم لأنك لو فعلتها سأدفنك بغرفتك هنا"
اشاحت ببصرها بسرعة وابتلعت ريقها.

.................................................. ............................
في منزل جابر....

دخلت ساهرة الى غرفة النوم الخاصة بوالديها وابنها يبكي خلفها وهي تتمتم بكلمات الملل والسأم
دفعت مرتبة السرير بركبتيها بضجر وازاحت منه الشرشف ونفضت الوسائد ناقمة: "انقضى عمري وانا اخدم في هذا البيت .... خسرت شبابي وانوثتي بين الغبار وحرارة التنور .... تغير لون يدي ووجهي من وهج النيران ما ذنبي؟ .... ماذا لو كنت مثل ندى منعمة مترفة في قصر والخدم تحت قدميها؟ ليتني لم اتزوج ربما لوقع الاختيار علي بدل من تلك المخبولة التي تتغنى بالفقر والكرامة والمثاليات الساذجة .... لو كنت محلها لاحترت كيف استثمر كل لحظة ودقيقة بل كل ثانية وانا"
توقفت عن الكلام فجأة وبهتت ملامحها وابتلعت ريقها!
تقدمت خطوتين ببطء شديد حتى جثت الى الأرض وازاحت بعينين جائعتين جزء من مرتبة السرير الضخم الذي تدلى من اسفله طرف كيس اسود كالخرقة البالية!
سحبته بأنامل مرتبكة وقد ازدحمت الشكوك برأسها حتى فضته بسرعة لتتسع عينيها على اشدهما ولم تعد تسمع حتى نحيب ابنها المتشبث بفستانها وجف حلقها وانفرجت شفتيها بابتسامة اتسعت تدريجيا حتى شقت حلقها وقفزت واقفة وكيس شفاف يحوي القلادة بيديها وهي غير مصدقة عينيها!

.................................................. ..........................
في منزل سالم ....
اقترب منها جدا وشبك يديه خلف ظهره وهو يتفحص بوجهها الذي بدى خال من التعابير حتى ان جفنها لم يرمش ولمعت عينيه بوميض الشك من نظرتها التي لعبت بفكره لذلك عندما ارادت ان تنطق وضع يده على شفتيها قائلا بنبرة تحذير كي يمنحها الوقت: "فكري قبل ان تجيبي كي لا تندمين .... قولي الحقيقة وتذكري بعدها انني منحتك فرصة"
خفضت بصرها عندما انزل يده ببطء منتظرا الإجابة حتى ضاقت عينيه لأنها بقيت صامتة كأنها واقعة في مأزق وربما ذلك اصدق شيء بها عينيها لا تعرفان الكذب وتفضحها التعابير
ان ذلك أكثر ما عرفه بها او ربما هو وصل الى عندها وأصبح مغفل!
ابتعد وتنفست الصعداء عندما سار مبتعدا وتمنت ان يخرجها من رأسه ويتوقف عن محاصرتها الا ان قلقها تفاقم عندما جلس على كرسي المرآة ورمقها بنظرات ثاقبة خيطتها بالأرض
ثم قال بلهجة آمرة كأنه أطلق سراحها مؤقتا: "اذهبي واحضري لي الشاي ... خذي وقتك فكري مع كل خطوة حتى تصلين الى المطبخ وتعودين ويكون كلامك حينها محسوب عليك"
خرجت مسرعة او بالأحرى هربت من أجواء الاستجواب والتحقيق والحساب الذي عيشها به وبالكاد تمكنت من التقاط أنفاسها المكتومة.

خلف قضبان الاعراف لكاتبة هند صابرWhere stories live. Discover now