الفصل العاشر

377 18 0
                                    

الفصل العاشر..........
(مشاعر متضاربة)

امسكتها من يدها واخذتها الى غرفة مجاورة وقالت: "اهدأي حاولي التماسك لا يجب ان تظهري بهيئة منكسرة امام أحد"
ندى وبشهقات: "اريد الطلاق .... اقسم بالله اريد الطلاق"
دخلت عفاف مسرعة وهتفت: "ماذا تقول هذه؟"
هديل وباستياء: "كلميها"
عفاف وبحدة وهي تربت على كتفها بشيء من القوة: " اسمعيني جيدا يا بنت .... سامر زوجك ومن حقه ان يتصرف بالطريقة التي تعجبه في بيته لا شأن لأحد هنا بحياتكما الخاصة .... حاولي ان تجدين الحلول لمشاكلكما معا وارجو ان تكون داخل حدود الجناح الخاص بكما .... اذهبي اغسلي وجهك هيا .... هيا"
عندما خرجت ندى من الغرفة تطلعت عفاف بتجهم بهديل التي بقيت تراقب الباب الذي خرجت منه ندى بصمت وتأمل ثم بادلت عفاف النظرات.

وجدت نفسها تهرب الى الحديقة بدون هدف وكأنها ضالة الطريق وبالفعل هي ضالة وتائهة حتى عن نفسها معقول كل ذلك الذي يحصل معها؟ منذ دخلت الى هذا المكان المقرف والصدمات تتوالى عليها .... معقول كلام سامر هذا؟ بمنتهى القسوة أخبرها الحقيقة الغائبة عنها وصغرها أكثر وأكثر امام نفسها ليس امامه فقط لا هي ابنة عمه ولا سالم يكون عمها! ياللهول!
لا بالتأكيد سامر يكذب ويتفوه بالحماقات كي يطفأ ناره بها ويرى دموعها انه يستمتع بكل لحظة ذلة تعيشها امامه وكأنه يسترجع بكل مرة يهينها بها ويجرحها جزء من كبرياءه وكرامته التي غيبها والده ....
أي قلب يحتمل كل هذا؟ أي مشاعر تصمد امام ذلك الكم الهائل من الخدوش؟
كانت تهرول في أروقة الحديقة العملاقة المتفرعة الاروقة حتى وصلت الى الحديقة الخلفية واستندت على جذع شجرة وهي لاهثة الانفاس ومذهولة من الحقيقة المرة
كيف تتطلع بوجوههم الان وهي قروية غريبة لا تمت لهم بصلة قرابة؟
أصبحت مثل موقف جدتها بالضبط جدتها التي جلبها الحاج صباح من الشارع وتفضل عليها بالزواج وبقيت الى ذلك اليوم موضع احتقار وسخرية مهما مرت السنوات .... سامر يرى نفسه متفضل عليها وواجبها ان تخضع وتطأطأ له رأسها وتتحمل كلماته اللاذعة بأي وقت يشاء كأنها ليست بشر .... كيف لم يخبرها والدها؟ كيف سكتت أمها عن حقيقة مثل تلك؟ معقول كلهم يعرفون ويخدعونها؟

كانت طوال الوقت مستغربة كيف لسامر ان يحتقر ابنة عمه لحمه ودمه! كيف يسمح لنفسه بالتطاول والتمادي على عمه؟ الان عرفت السبب وراء نظرتهم الفوقية المتعالية عليها وعرفت سبب خضوع أمها لهم ....
اخفت وجهها ومرت سلسلة من الذكريات البغيضة في مخيلتها عندما صفعها عندما رشقها بحذائه ولسانه اللاذع الذي يطعن بكرامتها كل مرة يراها بها .... متخلفة جاهلة .... فلاحة .... كثير من الكلمات العديمة الذوق .... اكرهك يا سامر اكرهك .... اكرهك
انزلت يديها ببطء لأنها شعرت بحركة وصوت منخفض قربها ومسحت دموعها بسرعة عندما وجدت مريم واقفة قريبة وتتطلع بها ببراءة وبدت متأثرة حزينة واثار ذلك تعاطف ندى التي مدت يدها نحوها وأشارت لها هامسة: "تعالي .... تعالي الي"
اقتربت الطفلة ببطء شديد وكانت جميلة بوجه دائري كالقمر وجدائل بنية طويلة جدا تتراوح أسفل خصرها
انحنت ندى وهمست: "لا تخافي انا بخير .... فقط فقط مشتاقة الى امي واختي .... و"
مريم وبصوت طفولي ملائكي: "دائما تبكين .... كل يوم تبكين .... لا اريد ان اتزوج عندما أكبر .... لا اريد ان ابكي مثلك"
ابتسمت ندى عبر دموعها وهزت رأسها بحزن قائلة: "لا .... عندما تكبرين ستتزوجين رجل يحبك ولن يتركك تبكين ابدا"
مريم وبإحباط واضح: "لماذا لم تتزوجي رجل يحبك اذن؟ عمو سامر لا يحبك ويجعلك تبكين كل يوم انا منزعجة منه .... لا اريد منه هدايا بعد اليوم .... سأخاصمه"
احتضنت ندى وجهها الجميل وهزت رأسها وبنبرة منخفضة: "لا هذا لا يجوز انه عمك انه يحبك كثيرا .... انا لا ابكي بسببه .... ابكي لأنني اريد ان اعود الى اهلي"
مريم وبسرعة: "وتتركيننا؟ لا ارجوك ابقي هنا .... انا ومحمد نحبك وسنلعب معك ونجعلك تضحكين"
اومأت ندى بسرعة وتشجيع وعانقت الطفلة بقوة لأنها لمست براءتها وقلبها النقي وكأن كلماتها تلك فرجت عن قلبها الكرب قليلا
امسكتها من يدها وسارت معها في الحديقة ببطء ولمست سعادة الطفلة الكبيرة وكأنها منحتها شيء ثمين! وغرقت مجددا بأحزانها .... ماذا ستفعل بعد ما عرفته؟ تذهب الى عمها سالم وتخبره؟ تذكرت تحذير سامر من الشكوى ووعيده بأن ترى منه اسوء ما لديه ان فعلت وعضت على اصبعها .... ليتها ترى أمها وتخبرها بكل شيء وتطلب منها انقاذها مما رموها به.
.................................................. ...............................

خلف قضبان الاعراف لكاتبة هند صابرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن