الفصل الثالث والاربعون

317 14 0
                                    

الفصل الثالث والاربعون ....

(لماذا لم تودعيني؟)

أحاط سامر خصر جمانة النحيف برفق وهو يراقصها وهي بدورها التصقت به جدا وغمرت وجهها بصدره مستنشقه عطره واغمضت عينيها تحت الأضواء الخافتة هامسة: "يا لها من محظوظة"
احنى رأسه وقال بنبرة خافتة: "من هي؟"
رفعت بصرها واجابت متأملة بوجهه القريب: "من حظيت بقلبك"
مرر يده السمراء على ظهرها العاري وهمس بأذنها: "مظلومة من حظيت بقلبي"
سرى بريق غيرة بعينيها قائلة بنبرة اتهام وهي تتأمل بعينيه: "هذا إقرار صريح ان هناك من تحظى بقلبك ولست منفصل كما اشرت سابقا .... كذبت علي عندما قلت لي انك لست مرتبط .... بالمناسبة خاتم زواجك جميل .... تذكرت الان ان تضعه؟ لم يكن بيدك وقتها!"
بقي يتأمل بوجهها المتلهف الى إجابته واكتفى بالصمت ثم رفع حاجبه وهو يتطلع بيدها التي شدت جزء من سترته قائلة بتوتر: "كنت على الأقل اخبرتني انك متزوج لكنت ابتعدت عنك وما سمحت لنفسي بالتفكير بك والاقتراب منك او حتى انتظارك؟"
قال بنبرة هادئة ونظرات مسيطرة: "ها انت عرفت الان"
خفقت اهدابها واشاحت ببصرها بارتباك هامسة: "عرفت الان؟ يا لك من مستفز"
ابتسم بتسلية واستمر بمراقصتها وهي بقيت كل الوقت صامتة وحزينة من بروده وتعمده احراجها كأنه يقول وبصريح العبارة انها رغم معرفتها بوضعه مستمرة بالاقتراب منه والاهتمام به.
همس لها بصوت جذاب جعلها تتمنى ان يطول الوقت أكثر: "الا يكفي؟ لنعود ونجلس مع غسان ونبحث مصالحنا"
انتزعت نفسها منه بتوتر وسبقته الى الطاولة البعيدة بخطى سريعة، ابتسم من انفعالها واندفاعها وتبعها بخطى واثقة
لحسن حظك إنك ظهرت بحياتي بتوقيت لا يخدم تطلعاتك .... لقد اكتفيت من المغامرات او بالأصح تبت عنها.
.................................................. ..............................

تألقت عينين عفاف وهي تستمتع بالهاتف الى صوت سنية التي تستنجد بها وتخبرها ان ندى نقلت الى المستشفى وعلى وشك الإجهاض وان حالتها الصحية متدهورة وبحاجة الى مساعدتها ووقوفها جنبها وضرورة اخبار سامر لأن المستشفى اشترطت توقيع الزوج بالموافقة على عملية الإجهاض وامضاء تعهد لان والدها رفض ذلك

اتسعت عينين ماجدة التي كانت متوارية عندما قالت عفاف بنبرة باردة: "بنتك هي من رحلت بقدميها ودون علمنا وعلم سامر وجابر من اخذها بيده وبذلك خليت مسؤوليتنا وأنتم وحدكم تتحملون العواقب وهذا رأيي سامر أيضا .... هي تعلم ووالدها يعلم جيدا انها بوضع صحي حرج رغم ذلك لم تأبه لمسافة الطريق والمطبات في الطرق الوعرة وكأنها قاصدة التخلص من الطفل .... اسفة يا سنية انتم وحدكم المسؤولون عن ذلك"
وأغلقت الخط ثم ابتسمت وتنفست بارتياح "الحمد لله .... كنت واثقة ان ذلك ما سيحدث لذلك تركتها ترحل بإرادتها .... وأخيرا ستنجلي الغمة ونتحرر منكم يا باب المشاكل والنحس.
.................................................. .........................
دعكت ماجدة بيديها وهي تسير بالرواق وتفكر
ستبقى صامتة امام ما يحدث امام عينيها؟ ندى رحلت مع والدها مرغمة ونتيجة لذلك تعرضت لخطورة الإجهاض وام عادل سعيدة بذلك
وسامر سافر ولا يعلم شيئا!
انه يحبها ويريد بقائها لقد سمعته بإذنها وهو يعترف لها بمشاعره لكن الشك باعد بينهما المسافات
الشك هي من تسبب به لأنها ساهمت بحدوث ذلك الحمل ولا أحد يعلم بذلك وبسبب مخاوفها وترددها لم تفكر ان تخبر سامر وجعلت ندى عرضة للاتهام والريبة من ثم قامت ايادي خفيه بتعزيز ذلك الشك وتغذيته لإنهاء ذلك الزواج الذي يتعارض ومصالحهم
بقيت تفكر وتفكر حتى اومأت برأسها وبسرعة اتجهت الى غرفتها وهناك طلبت رقما!
.................................................. ...........................
هتف الطبيب بانزعاج ردا على الحاح سنية بإعطائها مسكن الم: "كأن هذه الفتاة رخيصة عندكم لا أحد منكم يريد ان يمضي على تعهد لندخلها صالة العمليات! ممنوع أعطاها أي حقنة مسكن انها مراحل اجهاض جنين .... اين زوجها؟ لا يريد هو الاخر؟ العملية ليست بالسهولة التي تتوقعون البنت لديها سيولة بالدم تحتاج الى معدات وتجهيزات وقناني دم وأنتم لم توفرون لها أي شيء ووالدها يرفض اجراء العملية ماذا نفعل لكم؟ ان كنتم هكذا لماذا جلبتموها الى هنا؟ اخرجوها الى البيت لتموت عندكم"
ثم ذهب وهو يتمتم بكلمات التوبيخ
كانت ندى تتلوى من الألم ورغم انه شديد وفوق احتمالها الا انها كانت صامتة! فقط دموعها تنهمر وتضغط على بطنها وتنحني بين الحين والأخر والعرق الغزير يتصبب من وجهها
صامتة لأنها اعتادت على كتم اوجاعها داخلها وكأن التعبير عنها او النطق بها ليس من حقها!
هكذا علمتها المواقف والاحداث التي مرت بها
ان تكبت آلامها مهما كانت بليغة وتكمم فمها

خلف قضبان الاعراف لكاتبة هند صابرМесто, где живут истории. Откройте их для себя