الفصل التاسع عشر

Start from the beginning
                                    

في اليوم التالي
كانت زهرة منكفئة على عملها في المكتب ، حتى سقط منها القلم ، فدنت برأسها للأسفل تتناوله حتى شعرت بظل أحدهم ، رفعت رأسها فتفاجأت به أمامها وأظهرت تعابير وجهها الأندهاش كالعادة ، ولكنها هذه المرة لم تلحق أن تشهق، فضحكته المجلجة جعلتها تتماسك، حتى قال لها بصوته الأجش:
- هو انتِ كل ماتشوفيني هاتتخضي؟
تبسمت له قائلة بحرج وهي تنهض عن مقعدها :
- حمد الله عالسلامة.
صمت عن الضحك وقد أطربته الجملة التي كانت تقطر كالشهد من فمها ، وجهها الصبوح جعله يندم على مرور الأيام السابقة بسفره دون أن يراها فيهم، كانت تجول عيناه على ملامح وجهها المحببه اليه؛ وهو يطبق على كفيه داخل جيبي بنطاله ، يكبح الرغبة الملحة بداخله والتي تدعوه لاحتضانها كي يبث إليها أشواقه التي لم يسبق في حياته أن شعر بها نحو أيًا كان من البشر وأيًا كانت معزتهم في قلبه، بعد فترة من الصمت رد اَخيرًا :
- الله يسلمك ، عاملة انت إيه بقى؟
أومأت برأسها قائلة بصوت كالهمس :
- الحمد لله كويسة .
تنهد مطولًا وقلبه يضرب داخل صدره بقوة فرحًا برؤيتها، قبل أن يقول:
- طيب جهزي بقى الملفات وأي حاجة متأخرة وهاتيهم ورايا المكتب.
أومأت برأسها وتحرك هو يجر أقدامه مجبرًا نفسه لتركها والذهاب إلى مكتبه.
...................................

أثناء مرورها للذهاب الى كافتيريا الشركة تقابلت عيناها بعماد الذي كان اَتيًا منها ، فابتسم لها كالعادة وهو يلقي نحوها التحية ، اومأت له بابتسامة متكلفة حتى ومض عقلها الشيطاني بتذكرها لما يكنه عماد نحو زهرة ، على الفور توسعت أبتسامتها تدعي المودة نحوه حتى اقتربت منه توقفه :
- صباح الخير ياعماد، عامل إيه النهاردة؟
رد عماد بابتسامة مشرقة رغم دهشته من سؤالها وهو يلوح لها بفنجانه:
- صباح الفل ياست الكل ، عامل قهوة ياستِ تشربي؟
ردت غادة :
- لا ياخويا انا محباهاش قوي يعني، هي اللي بتحبها صحيح زهرة بنت خالي ، دي بتعشقها.
أكمل على قولها:
- فعلًا ، بس زهرة بقى مزاجها في القهوة المخلوطة باللبن، دي بتحبها قوي .
- اه صحيح عندك حق، دا انت حافظ مزاجها كمان ياعماد ؟
قالت بمكر ، فاستجاب هو بابتسامة مخفضًا عيناه عنها يرد:
- زي مابتقولي كدة يعني بتعجبني شخصيتها رقيقة كدة وواضحة قوي .
أخفت امتعاضها من تغزلها بزهرة ثم قالت بتأثر :
- هي على كدة بقى عجباك، دا انا كمان كنت ملاحظة ان الشعور متبادل مابينكم .
لاحظت اشراق وجهه بعد سماعه لكلماتها ثم استطردت بخبث:
- بس ياخسارة .
قطب يسألها باستغراب :
- خسارة ليه بقى ؟
مصمصت بشفتيها ترد بتنهيدة كبيرة:
- كان نفسي قصتكم دي تكمل ياعماد، بس بقى زهرة اتقدملها واحد غني أوي وهي وافقت بس عشان والدها اللي أصر عليه.
- انت بتقولي إيه؟
هتف عماد بوجه مظلم نحوها فقالت هي:
- والله زي مابقولك كدة، اصل زهرة شخصيتها ضعيفة وما بتعرفش كدة تتمسك بالحاجة اللي بتحبها أو عايزاها، بصراحة الصفة دي مضياقني أوي فيها ......
اشتعلت عيناه وتسابقت انفاسه قبل أن يعطيها فنجان القهوة باستئذان :
- معلش يا غادة ممكن تاخدي ده، وشوفي بقى ان كنتِ هاتشربيه ولا ترميه في الزبالة .
تناولته منه وذهب هو مغادرًا من أمامها بسرعة، تسبقه شياطينه، نظرت في أثره بابتسامة متوسعة ، ترتشف من الفنجان الذي أصبح بيدها بتلذذ
...................................

نعيمي وجحيمهاWhere stories live. Discover now