الفصل السابع عشر

Start from the beginning
                                    

بعد قليل
كانت جالسة على مكتبها تخطو بالقلم خطوطٍ كالدوائر على الورقة البيضاء أمامها ، مستندة بمرفق يدها الأخرى على سطح المكتب والتي استراحت عليها وجنتها وقد لف برأسها الشرود، بعد أن تركت جلستهم هاربة من شئ لازالت لا تصدقه ، تسأل نفسها عما حدث ، وعقلها لا يستوعب السرعة أو الطريقة التي تم بها خطبتها ؛ ياإلهي هى فعلًا أصبحت الاَن خطيبته ؟
- سرحانة في إيه؟
انتفضت عائدة برأسها للخلف وقد فاجئها بظهوره ، مقربًا وجهه منها وقد دنى برأسه نحوها ، تلعثمت في ردها مع هذا الوضع الغريب:
- ااا عادي يعني .
ردد خلفها بابتسامة بعرض وجهه:
- عااادي ؟ طب قومي يالا وحصليني على المكتب .
قال وذهب من أمامها على الفور ، بربرشت بعيناها خلفه تنظر في اثره باستغراب مرددة :
- هو إيه اللي بيحصل؟
..................................

في طرقة الطابق الأول للشركة كانت خارجة من إحدى الغرف التي سملت بها إحدى المهام الموكلة بها ، تتغنج بخطواتها كالعادة لتجذب أنظار الجميع اليها ، انتبهت على أحد الرجال من العملاء الذي التفت رأسه اليها وتركزت أنظاره عليها يشملها بنظرة إعجاب نثرت السعادة بداخلها، قبل أن يعود ليكمل طريقه دون الإلتفاف مرة أخرى أو التوقف وكأنه استكفى بالنظرة، زفرت داخلها بإحباط لعدم تحقيقها هدف حتى الاَن بهذه الشركة ، قبل أن تنتبه فجأة على رؤية خالها محروس وهو خارج من المصعد مع كارم مدير مكتب جاسر ريان في كل مجموعته وفي طريق خروجهم من الباب الرئيسي ، هرولت بخطواتها كي تلحقه ولكن المسافة كانت شاسعة ، ودت لو تخلع حذائها ذو الكعب العالي ولكنها تذكرت شكلها أمام عمال وموظفين الشركة ، فتحرك فمها بالهتاف بإسمه مع الحذر في نبرة صوتها :
- ياخالي استنى ياخالي ، ياخالي .
وصلت الى مخرج الشركة لتصعق برؤية خالها وهو يعتلي لداخل السيارة بجوار كارم؛ الذي انطلق على الفور ، دبت بقدمها على الأرض وقد اصابها الإحباط لعدم إشباع فضولها في معرفة مايحدث ، قبل أن تلتقي أنظارها بهذا الغليظ الذي كان متابعها وهو ينظر لها بابتسامته السمجة المعهودة ، همت لتتجاهله أو ترمقه بنظرة حانقة كالعادة ولكن عقلها أبى هذه المرة إلا أن يعلم بالذي يحدث من خلف ظهرها ، فردت وجهها تتصنع الإبتسام وهي تخرج من المخرج الرئيسي لتهبط الدرجات الرخامية القليلة حتى تذهب إليه ، انتبه هو فخطا مقربًا المسافة إليها :
- صباحنا نادي النهاردة، إيه ياقمر؟
اردف فور أن اقترب منها ، ردت هي تتصنع اللطف :
- صباح الخير ياا ، مرسي أوي على زوقك .
أطلق ضحكة ساخرة مرددًا :
- مرسي !! أخرابي ياما ههخخخ.
عضت شفتها غيظًا من هذا الرجل، والذي دائمًا مايشعرها بأنه يكشف ما بداخل عقلها ، تماسكت لتسأله :
- معلش يعني لو هاقطع عليك وصلة الضحك بتاعتك ، بس انا كنت عايزة أسألك عن الراجل اللي ركب العربية مع كارم دلوقتِ .
رد إمام على الفور:
- قصدك على عم محروس ابو الاَنسة زهرة ؟
برقت عيناها باللهفة بعد سماع كلماته فتشجعت تسأله :
- أيوة هو ، كنت عايزة اعرف منك بقى، إيه اللي جابه هنا ؟ وراكب مع كارم في عربيته كدا ازاي ؟
صمت قليلًا يدعي التفكير ثم انفغر فاهه بابتسامة مرحة يجيبها:
- ااا بصراحة معرفش .
ردت وهي تجز على أسنانها :
- يعني عرفت ان اسمه محروس وابو زهرة ، ومعرفتش السبب اللي جابه هنا ؟
- اَه .
قالها مقتضبة مع تساع ابتسامته ، مما أثار ازدياد حنقها منه ، وبدون كلمة استدارت وهي تتفتت من الغيظ منه، تطرق بكعبها العالي على الأرض الرخامية عائدة بعد أن فقدت الأمل باستدراجه في الحديث .
...............................
فتحت باب مكتبه لتفاجأ بجلسته على طرف المكتب بابتسامة تنبؤها أنه كان في انتظارها ، استدرات لتغلق الباب خلفها وهي تتمتم داخلها :
- دا انا بايني هاشوف العجب في الأيام اللي الجابة.
عادت لتخطو نحوه بتردد ، وهي تموت خجلًا من نظراته المتفحصة لها ، حتى اقتربت منه تمُد يدها ببعض المستندات :
- اا دول عايزين إمضة.
تناولهم سريعًا ليُلقيهم بإهمال خلفه على سطح المكتب مرددًا :
- ودا وقت شغل دلوقتِ ، تعالي الأول اقعدي هنا قصادي عشان اكلمك .
برقت عيناها وهي تراه يمسك بكفها كأنه أمر عادي ليسحبها كي تجلس على الكرسي المقابل له أمام المكتب .
- إيه بقى وشك مخطوف كدة ليه؟
صمتت قليلًا قبل أن تُجاوب على سؤاله :
- لا يعني، بس انا مستغربة قوي اللي بيحصل ، لأنه بصراحة مكنتش اتوقعه .
اعتلى شفتيه ابتسامة رأئعة وهو يرد :
- لا صدقي وصدقي أوي كمان، انا طيارتي كمان ساعة أو اقل ، هاسافر أطمن على بابا واقوله بالمرة ، وبعد ما ارجع بقى كل حاجة هاتبقى رسمي.
إن كان يظن أن بكلماته طمأنها فهو واهم ، بربشت بعيناها وقد عاد دوار رأسها من جديد وهي تردد داخالها :
- رسمي!
انتبهت عليه ينهض فجأة يتناول حقيبته يلملم بها أشياءه ويهتف عليها :
- قومي يالا عشان أوصلك معايا في طريقي .
- توصلني فين ؟
سألت بعدم تركيز ، جعلته يضحك مرددًا لها :
- هاوصلك على بيتكم يازهرة ، أو بمعنى أصح السواق هو اللي هايوصلك بعد ما يوصلني انا على المطار ، قومي عشان تريحي في بيتكم ، انتِ شكلك تعبان .
لم تجادل معه ونهضت على الفور تنفذ أمره ، فاأقصى ما تتمناه الاَن ، هو الإستلقاء على سريرها او ان ترتمي  داخل حضن رقية ملجأ أمانها .
.......................................

نعيمي وجحيمهاWhere stories live. Discover now