بعد خروجها من مكتبه وجدت غادة جالسة أمام مكتبها
تتأمل بأظافرها التي طلتها منذ قليل في وقت انشغال زهرة بالداخل مديرها :
- صباح الخير انتِ جيتي ياغادة، ماشوفتكيش يعني من الصبح ؟
قالت زهرة وهي تجلس على مقعدها خلف المكتب ، اجابتها غادة :
- جيت من زمان ياحبيبتي، بس انتِ اتأخرتي قوي جوا ، قولت اسلي نفسي .
- غااادة خلي بالك من كلامك .
خاطبتها زهرة بتحذير، التفت اليه الأخرى برأسها تقول بمكر:
- الله بقى هو انا قولت أيه يعني؟ ولا انتِ كل كلمة مني لازم تاخديها بضمير وحش ؟
ردت زهرة بشبه ابتسامة ساخرة:
- يعني المشكلة بقت فيا انا دلوقت ان ضميري بقى وحش؟ ماشي ياستي ، المهم بقى انا كنت عايزاكي في حاجة ضروري .
رددت غادة وهي تعتدل بجلستها نحوها باهتمام :
- حاجة ايه دي اللي انتِ عايزاني فيها ضروري ؟
سألتها زهرة بتردد:
- انا عرفت ان والدك سوى معاشه بعد ما كمل مدته في شغل الحكومة
- ايوة ياختي سوى معاشه وقعد لنا في البيت زي الست المطلقة، دي امي هاتطق من جنابها منه.
قالت غادة وهي تلوح بيدها في الهواء بنزق ، اردفت اليها زهرة :
- دا انا سمعت كمان انه مكافأت الشغل في المصلحة بتاعتهم بتبقى مبالغ حلوة .
- ايوة هي المكافأة كانت كويسة يعني بس طبعًا قبض المعاش قل كتير قوي على مرتب الشغل اللي كان بيقبضه كل شهر........
توقفت فجأة عن استرسالها فسألت زهرة بدهشة :
- بس عجيبة يعني، دي اول مرة تسأليني !
ردت زهرة بسؤالها مباشرةً :
- غادة هو انتِ ابوكي يرضى يسلفني مبلغ كدة احل بيه مشكلتي؟ وانا والله هاعمل جمعية واردلوا المبلغ كامل في أقرب وقت.
اربكتها المفاجأة في البداية ثم تداركت تردد بتبرير :
- ياريت ياحبيبتي كنت اقدر اكلمه ولا اقولوا حتى، اصل ابويا دا بمية حال ومحدش يعرف ابدًا بيفكر في إيه؟
- بس عمتي تعرف، ابوكي مش بيمشي خطوة من غير شورتها ، كلميها ياغادة ولا اَجاي انا اكلمها بنفسي ، ابويا خد الفلوس اللي بعتها خالي لاقساط شقته وراح سد بيها دين فهمي، خليها توقف معايا والنبي، شقة خالي هاتروح مني .
قالت زهرة كلماتها برجاء وكان رد الأخرى مصمصمة بشفتيها تدعي الحزن قبل أن تجيبها باصطناع :
- ياعيني عليكِ يابنت خالي ، دا انت واقعة في مصيبة على كدة ، بس ياريت والنبي كنا نقدر نساعدك ، ما انا نسيت اقولك، ابويا بعد ما سحب الفلوس من شغله راح بيهم دوغري واداهم لواحد صاحبه هايعمل معاه مشروع ، اهو يشغل نفسه بدل مايناكف في أمي ويقرفها.
- يناكف في امك ويقرفها!
رددت زهرة بعدم تصديق وهي تتمتم بداخلها :
- دا يتعملوا تمثال اساسًا في التناحة والجلد التخين من كتر التهزيق اللي بياخده منها ، على العموم انا كنت عارفة من الأول ان مافيش رجا منك ولا من امك ، قال يا مستني السمنة من بطن النملة!.
.................................
وفي عملها كاميليا وبعد انتهائها من اجتماع مهم بانصراف الوفد الضيف والقادم من شركة على وشك التعاون معهم . زفرت بتعب وهي تلقي نظارتها على سطح الطاولة الجالسة عليها ، تفرك بأطراف أصابعها على جبهتها من الإرهاق .
- ايه مالك ؟ هو انت تعبتي ولا ايه؟.
سألها طارق بعد أن عاد للجلوس أمامها ، أجابته وهي تريح رأسها على كف يدها المستندة على الطاولة امامها :
- بصراحة هاموت ، انا كان هاين عليا اسيب الإجتماع واهرب واسيبكم .
- مدام تعبانة كنت عملتيها بجد ، تيجي على نفسك ليه يعني؟
ردت وهي تفتح عيناها اليه جيدًا :
- دا بجد بقى ولا هزار .
- لا والله ما هزار انا بتكلم جد ، هو البني ادم يملك ايه تاني غير صحته عشان يضحي بيها يعني؟
قال بصدق وصل اليها فاأجابته بابتسامة مشرقة :
- مرسي ياسيدي متشكرين على زوقك .
راقه ابتسامتها الصافية على وجهها الجميل ولون القهوة بعيناها وهو يتحقق من لونهم لأول مرة عن قرب ، فقال ليجلي رأسه من الأفكار التي طرأت فجأة بها:
- هو انا ممكن أسألك عن سبب تعبك والأرهاق الشديد اللي باين على وشك ؟ اصل دي مش عوايدك بصراحة؟
وعلى عكس المتوقع أجابته :
- بصراحة هي مش مشكلتي انا ، هي مشكلة واحدة صاحبتي، أو بالأصح هي مصيبة مش مشكلة.
- ياه لدرجادي ؟
- وأكتر من الدرجادي كمان، الخيانة لما تيجي من اقرب الناس إليك بتقسم الضهر ، خصوصًا لما يكون الشخص ده المفروض يكون هو السند او الركن الحنين اللي ممكن ترمي حملك عليه بقلب مليان، يطبطب عليك وقت جرحك ويقويك .
قالت كلماتها الاَخيرة بشرود لفت انتابهه، فسألها بفراسة :
- هو انتِ تقصدي راجل ولا ست؟ اصل انا حاسك بتتكلمي عن الاتنين .
اجفلت تتدارك نفسها وتعتدل بجلستها وهي تتناول نظارتها مرة اخرى جعلته يصيح بداخله معترصًا كارهًا إخفاءها للون القهوة، فقالت بجدية :
- كنت عايزة أسألك يعني لو تعرف ، عربيتي دي لو حبيت ابيعها تجيب كام ، اصل انا اشتريتها تقسيط ومعرفش التمن الأصلي .
قطب يسألها بدهشة:
- ولما انتِ اشترتيها تقسيط ، عايزة تبيعها ازاي بقى قبل ما تخلصي اقساطها ؟
أجابته بابتسامة مرتبكة:
- يعني انا بسألك عشان لو حبيت ابيعها عشان اجيب غيرها ، هاتعرف تقدرها؟
مط بشفتيه مرددًا بتفكير:
- مش عارف بصراحة، لأني مجربتش النوع بتاعها ، بس ممكن اسأل ناس اصحابي واشوف واقولك .
.............................
YOU ARE READING
نعيمي وجحيمها
ChickLitفتاة متواضعة الحال لا تملك في الحياة سوى برائتها وأحلام وردية قد تكون عادية لكل الفتيات ولكن بالنسبة لها وبالنظر لظروف معيشتها الصعبة بعيدة المنال؛ وجدت نفسها فجأة محاصرة من متجبر يملك السلطة والقدرة اخضاع الغير، مع المال الذي يشتري به كل شئ، اذا ما...
الفصل الخامس عشر
Start from the beginning