الفصل الخامس عشر

Start from the beginning
                                    

بعد خروجها من مكتبه وجدت غادة جالسة أمام مكتبها
تتأمل بأظافرها التي طلتها منذ قليل في وقت انشغال زهرة بالداخل مديرها :
- صباح الخير انتِ جيتي ياغادة، ماشوفتكيش يعني من الصبح ؟
قالت زهرة وهي تجلس على مقعدها خلف المكتب ، اجابتها غادة :
- جيت من زمان ياحبيبتي، بس انتِ اتأخرتي قوي جوا ، قولت اسلي نفسي .
- غااادة خلي بالك من كلامك .
خاطبتها زهرة بتحذير، التفت اليه الأخرى برأسها تقول بمكر:
- الله بقى هو انا قولت أيه يعني؟ ولا انتِ كل كلمة مني لازم تاخديها بضمير وحش ؟
ردت زهرة بشبه ابتسامة ساخرة:
- يعني المشكلة بقت فيا انا دلوقت ان ضميري بقى وحش؟ ماشي ياستي ، المهم بقى انا كنت عايزاكي في حاجة ضروري .
رددت غادة وهي تعتدل بجلستها نحوها باهتمام :
- حاجة ايه دي اللي انتِ عايزاني فيها ضروري ؟
سألتها زهرة بتردد:
- انا عرفت ان والدك سوى معاشه بعد ما كمل مدته في شغل الحكومة
- ايوة ياختي سوى معاشه وقعد لنا في البيت زي الست المطلقة، دي امي هاتطق من جنابها منه.
قالت غادة وهي تلوح بيدها في الهواء بنزق ، اردفت اليها زهرة :
- دا انا سمعت كمان انه مكافأت الشغل في المصلحة بتاعتهم بتبقى مبالغ حلوة .
- ايوة هي المكافأة كانت كويسة يعني بس طبعًا قبض المعاش قل كتير قوي على مرتب الشغل اللي كان بيقبضه كل شهر........
توقفت فجأة عن استرسالها فسألت زهرة بدهشة :
- بس عجيبة يعني، دي اول مرة تسأليني !
ردت زهرة بسؤالها مباشرةً :
- غادة هو انتِ ابوكي يرضى يسلفني مبلغ كدة احل بيه مشكلتي؟ وانا والله هاعمل جمعية واردلوا المبلغ كامل في أقرب وقت.
اربكتها المفاجأة في البداية ثم تداركت تردد بتبرير :
- ياريت ياحبيبتي كنت اقدر اكلمه ولا اقولوا حتى، اصل ابويا دا بمية حال ومحدش يعرف ابدًا بيفكر في إيه؟
- بس عمتي تعرف، ابوكي مش بيمشي خطوة من غير شورتها ، كلميها ياغادة ولا اَجاي انا اكلمها بنفسي ، ابويا خد الفلوس اللي بعتها خالي لاقساط شقته وراح سد بيها دين فهمي، خليها توقف معايا والنبي، شقة خالي هاتروح مني .
قالت زهرة كلماتها برجاء وكان رد الأخرى مصمصمة بشفتيها تدعي الحزن قبل أن تجيبها باصطناع :
- ياعيني عليكِ يابنت خالي ، دا انت واقعة في مصيبة على كدة ، بس ياريت والنبي كنا نقدر نساعدك ، ما انا نسيت اقولك، ابويا بعد ما سحب الفلوس من شغله راح بيهم دوغري واداهم لواحد صاحبه هايعمل معاه مشروع ، اهو يشغل نفسه بدل مايناكف في أمي ويقرفها.
- يناكف في امك ويقرفها!
رددت زهرة بعدم تصديق وهي تتمتم بداخلها :
- دا يتعملوا تمثال اساسًا في التناحة والجلد التخين من كتر التهزيق اللي بياخده منها ، على العموم انا كنت عارفة من الأول ان مافيش رجا منك ولا من امك ، قال يا مستني السمنة من بطن النملة!.
.................................
وفي عملها كاميليا وبعد انتهائها من اجتماع مهم بانصراف الوفد الضيف والقادم من شركة على وشك التعاون معهم . زفرت بتعب وهي تلقي نظارتها على سطح الطاولة الجالسة عليها ، تفرك بأطراف أصابعها على جبهتها من الإرهاق .
- ايه مالك ؟ هو انت تعبتي ولا ايه؟.
سألها طارق بعد أن عاد للجلوس أمامها ، أجابته وهي تريح رأسها على كف يدها المستندة على الطاولة امامها :
- بصراحة هاموت ، انا كان هاين عليا اسيب الإجتماع واهرب واسيبكم .
- مدام تعبانة كنت عملتيها بجد ، تيجي على نفسك ليه يعني؟
ردت وهي تفتح عيناها اليه جيدًا :
- دا بجد بقى ولا هزار .
- لا والله ما هزار انا بتكلم جد ، هو البني ادم يملك ايه تاني غير صحته عشان يضحي بيها يعني؟
قال بصدق وصل اليها فاأجابته بابتسامة مشرقة :
- مرسي ياسيدي متشكرين على زوقك .
راقه ابتسامتها الصافية على وجهها الجميل ولون القهوة بعيناها وهو يتحقق من لونهم لأول مرة عن قرب ، فقال ليجلي رأسه من الأفكار التي طرأت فجأة بها:
- هو انا ممكن أسألك عن سبب تعبك والأرهاق الشديد اللي باين على وشك ؟ اصل دي مش عوايدك بصراحة؟
وعلى عكس المتوقع أجابته :
- بصراحة هي مش مشكلتي انا ، هي مشكلة واحدة صاحبتي، أو بالأصح هي مصيبة مش مشكلة.
- ياه لدرجادي ؟
- وأكتر من الدرجادي كمان، الخيانة لما تيجي من اقرب الناس إليك بتقسم الضهر ، خصوصًا لما يكون الشخص ده المفروض يكون هو السند او الركن الحنين اللي ممكن ترمي حملك عليه بقلب مليان، يطبطب عليك وقت جرحك ويقويك .
قالت كلماتها الاَخيرة بشرود لفت انتابهه، فسألها بفراسة :
- هو انتِ تقصدي راجل ولا ست؟ اصل انا حاسك بتتكلمي عن الاتنين .
اجفلت تتدارك نفسها وتعتدل بجلستها وهي تتناول نظارتها مرة اخرى جعلته يصيح بداخله معترصًا كارهًا إخفاءها للون القهوة، فقالت بجدية :
- كنت عايزة أسألك يعني لو تعرف ، عربيتي دي لو حبيت ابيعها تجيب كام ، اصل انا اشتريتها تقسيط ومعرفش التمن الأصلي .
قطب يسألها بدهشة:
- ولما انتِ اشترتيها تقسيط ، عايزة تبيعها ازاي بقى قبل ما تخلصي اقساطها ؟
أجابته بابتسامة مرتبكة:
- يعني انا بسألك عشان لو حبيت ابيعها عشان اجيب غيرها ، هاتعرف تقدرها؟
مط بشفتيه مرددًا بتفكير:
- مش عارف بصراحة، لأني مجربتش النوع بتاعها ، بس ممكن اسأل ناس اصحابي واشوف واقولك .
.............................

نعيمي وجحيمهاWhere stories live. Discover now