الفصل الخامس عشر

Start from the beginning
                                    

- ايه دا يازهرة ؟ طلب سلفة !
قال جاسر وهو يتمعن النظر في الورقة التي دستها بين الملفات أمامه، تعرقت زهرة وخرج صوتها بصعوبة من الحرج :
- ايوة حضرتك، انا كنت عايزاك تمضيلي عليها النهاردة لو تسمح ؟
- مش حكاية اسمح، بس دا مبلغ كبير بالنسبة لموظفة جديدة زيك .
عضت على شفتيها وهي تجاهد للتماسك أمامه في قولها :
- عارفة يافندم ، بس انا محتاجة المبلغ ضروري .
- ليه ؟
- نعم !
اعتدل بظهره يواجها بنظراته جيدًا وهو يعيد على أسماعها بسؤاله :
- بسألك عايزة المبلغ في إيه ؟
اذردقت ريقها وهي مطرقة رأسها أمامه وردت بصوت خفيض:
- يعني وهو انا لازم اقول واحكي يافندم ؟
- طبعًا لازم اعرف السبب قبل ما امضي، ان كنتِ طلباها بسبب أزمة مالية ، أو تجهيز لجواز مثلًا.
خرجت الاَخيرة من تحت أسنانه قبل أن يستطرد :
- ثم متنيسش كمان انك موظفة يدوب من شهور قليلة وعلى قوانين الشركة ماينفعش السلفة غير على الأقل لما تكملي سنة .
اومأت برأسها بخيبة أمل متمتمة تستأذن للذهاب:
- تمام يافندم، عايز حاجة مني قبل ما اخرج؟
تنهد قانطًا وهو يعود لعمله ويتناول أحد المستندات :
- خدي الملف دا راجعيه واعمليلوا ملخص.
همت تتناوله ولكنها تفاجأت بعدم سماحه لمرور الملف من يده اليها بتشديده على إمساكه ، رفعت عيناها اليه بتفسير، فأعطته الفرصة بدون قصد؛ للنظر جيدًا إلى وجهها الحزين وعيناها التي كان بها أثر احمرار من فرط بكاءها أمس مع بعض الهالات الصغيرة حولها نتيجة لسهرها طوال الليل بالتفكير في الكارثة التي حلت عليها، فسألها:
- إنتِ كنتِ معيطة؟
نفت برأسها وهي تحاول سحب الملف من جديد ولكنه فاجئها بترك الملف، ليقف فجأة مقابلها يحدق بها من مستوى طوله ويُعيد إليها السؤال بقلق:
- في إيه يازهرة بالظبط ؟ وايه اللي مزعلك قوي كده؟
أجابت بإنكار وقد أصابها التوتر من هذا القرب المفاجئ له ورائحة عطره غطت على الهواء حولها :
- لا حضرتك مافيش حاجة ، ماتشغلش بالك انت.
صمت قليلًا ليزيد بداخلها الشعور بعدم الراحة قبل يردف بصوته الأجش:
- انا مستعد اديكِ اللي انتِ عايزاه ، بس انتِ تقولي السبب .
- سبب إيه ؟
سألته وهي ترفع عيناها اليه، أجابها يومئ بذقنه نحوها :
- السبب اللي مخليكِ بالشكل ده؟
ارتدت قليلًا بتوتر ثم قالت تواجهه بشجاعة :
- حضرتك قولت من ثواني بس مافيش سلفة لموظفة جديدة زيي غير لما اكمل سنة ، يبقى الفلوس اللي هاتدهاني، دي هاتبقى ازاي بقى ؟
أجفلته بردها كالعادة فقال بهدوء مع ابتسامة جانبية:
- انا مستعد اعملك استثناء يازهرة ، بس انتِ قوليلي مشكلتك .
صمتت قليلًا وعيناها الجميلتان تقابل عيناه الصقرية دون الخجل الذي يعتريها كالعادة تفكر بكلماته بتأني قبل أن تجيبه بردٍ مناسب :
- متشكرة جدًا يافندم على اهتمامك ، بس انا ماافضلش ابدًا اني اعالج مشكلتي بإنك تستثنيني عن بقية الموظفين .
حينما لم يتحرك وظل على جموده أمامها تحركت بخطواتها تستأذنه للخروج وقد اصبح الملف في يدها :
- طب انا ماشية يافندم ، عايز مني حاجة تاني ؟
بهزة بسيطة من رأسه أجابها بالنفي لتخرج وتتركه على وضعه ، تبعها بعيناه حتى أغلقت الباب خلفها ، ليسقط على طرف مكتبه جالسًا يمسح بكفه على شعر رأسه ووجهه بتفكير
.............................

نعيمي وجحيمهاWhere stories live. Discover now