في وسط الحارة التي تقطنها زهرة علقت اعقاد الزينه والمكبرات الصوتية وانتصب الخشب في التحضير لحفل زفاف احدى فتيات الحارة ، كان محروس جالسًا مع احد اقارب العروس بتابع الاستعدادت حينما اتى فجأة فهمي ليلجلس بجواره يحيه :
- عم محروس ازيك ياحبيب قلبي وحشني .
- اهلًا يافهمي ماتشوفش وحش.
قال محروس على مضض امام الرجل الذي انسحب بزوق من جوارهم :
- طب عن اذنكم ياجماعة انا رايح اشوف البنات حضروا الغدا ولا لسة .
قالها الرجل وهو يذهب متهربًا من الجلسة معهم ، نظر في اثره فهمي يردد من خلفه بسماجة :
- اذنك معاك ياعم عادل ، ربنا يتمم جواز بنتكم بخير يارب.
نكزه محروس بكف يده ليسأله:
- عايز ايه يافهمي ؟ بعد ما قطعت قعدتي مع الراجل واحنا بنتفق على الفلوس اللي بقيالي عنده من جهاز بنته؟
اصدر صفيرًا بصوته فهمي يردد :
- أوعى أوعى بقى ، ورجعنا اهو لجهاز العرايس كمان، دا انت بشبشت معاك ياعم بقى وزهزهزت
- بشبشت وزهزهت ايه انت كمان ؟ دا انا عاملهم بالتقسيط ، يعني هايطلع عين امي على ما اخلص حسابي معاهم، انت جاي تقر بقى ولا ايه ،
رد فهمي ضاحكًا :
- اَقر دا بس ياعم ، دا انت الخير اللي بتحط في عبك كانه اتحط في عبي على طول ، انا وانت واحد ياابو نسب ولا انت نسيت ان انا السبب في دا كله ؟
شدد على كلماته الأخيرة فرد محروس بتوتر :
- ياعم منستش والله فلوسك ، بس اديك شايف بنفسك اللي خدتهم منك باليمين راحوا في تسديد الديون القديمة وشرا قطن وقماش اشتغل بيه ، هي الورشة اتحركت شوية ، بس بقى فايدتها عايزة صبر .
- ههههه
صدرت منه بسخرية فااكمل :
- انا مالي بالهليلة دي كلها يابرنس ، انا اديتك الفلوس على اساس انها مهر البت ، يبقى ليه التعب بقي في شرح مأساتك ؟
تعرق محروس وانعقد لسانه عن الرد بعد أن ذكره هذا الملعون باتفاقهم.
- سكت ليه يا قلبي ماترد ؟
سأله فهمي بخبث فرد محروس بتلجلج :
- يااافهمي ..مماانا قولتلك.. ان البت هي اللي رافصة
- وانا قولتلك ماليش فيه.
هتف بها بقوة اجفلت محروس وتابع رافعًا حاحبه المقطوع بنصفه:
- انا ساكت يامحروس وصابر عشان انت تميل دماغها ، مش عايز أذيك عشان عيلة عقلها طاقق ، ماتعرفش مصلحتها ولا مصلحة والدها فين ؟ دا انا قاطعت صنف النسوان ياجدع يجي من ٣ اشهر دلوقتي في انتظار البطل....
- عيب يافهمي كلامك البارد ده ، انت بتتكلم عن بنتي.
قالها محروس بمقاطعة حادة لم تؤثر في فهمي الذي اردف بسماجته :
- خلاص ياعم ماتبقاش حنبلي ، انا بس عايزك تحس بيا وتفهم؛ ان البت فارقة قوي معايا ، واخد بالك انت ، فارقة ومعششة في نفوخي .
اومأ له محروس برأسه وقد عصفت بعقله الأفكار ، بعد تورطه مع رجل كفهمي هذا.
...........................- ادخل .
اردف بها مقتضبة وهو منكفئ بتركيز على مجموعة من العقود أمامه ، دلفت اليه لتضع الملفات التي أمرها بها على سطح المكتب أمامه قائلة بعملية :
- الملفات يافندم اللي انت أمرت بيها .
تناولها وقبل ان ينظر بهم، رفع رأسه اليها فقطب يسألها :
- انت معيطة ؟
نفت تهز برأسها بقوة وكذب مفضوح:
- لا حضرتك انا مكنتش بعيط .
اعتلت وجهه ابتسامة وقد ترك من يده كل الاوراق وفرغ اليها قائلًا بتسلية :
- ولما انت مش معيطة، شكل وشك بقى كدة ليه ؟
- مالي وشي يافندم ؟
ردت بدفاعية جعلته ينهض ليقف مقابلها ، مقربًا المسافة بينهم ليشرح :
- عنيكِ دبلانة اوي عكس ما شوفتها من شوية، الحمار اللي انتشر في بعض مناطق وشك بزيادة ، دا غير كمان مناخيرك اللي بقى شكلها يضحك .
- انا شكلي يضحك ؟
سألته تومئ بسبابتها نحوها فردد هو :
- انا بقول مناخيرك .
اخفضت عيناها صامتة بتوتر من وقوفه بهذا القرب أمامها، وهو يدقق بوجهها وكأنه يحفظها، فقالت بجدية:
- طب انا أمشي دلوقتي يافندم ولا استنى حضرتك على ما تمضي على الأوراق ؟
تحمحم يعود لرشده بعد اندماجه في تفاصيلها ، وعاد لمقعده يتصنع الجمود :
- على العموم تمام يعني لو مش عايزة تعترفي ، بس المهم دلوقتِ بقى انا عايز انبه عليكِ ان في تأخير النهاردة عشان في اجتماع لرؤساء المجموعة ومديري الأقسام ، يعني تعملي حسابك .
- اعمل حسابي ازاي يافندم ؟ هو انتوا هاتتأخروا لإمتى بالظبط؟
سالته فمط شفتيه قائلًا بهدوء :
- مقدرش احدد بالظبط امتى، بس احنا اجتماعتنا بتبقى بالساعات يعني ممكن نجر لبعد تسعة كمان.
- نهار اسود ازاي بقى؟ دا كدة ستي ممكن تطين عيشتي .
دلفت بكلماتها بعفوية اثارت بداخله ابتسامة مستترة، جاهد لعدم إظهارها، فقال متصنعًا الحزم:
- الأمور العائلية دي مش في الشغل يازهرة، خلي بالك من كلامك، واتفضلي بقى عشان انا هاراجع في الملفات قبل ما امضي .
اتم جملته ودنى برأسه ليعود لعمله وينشغل عنها، تحركت هي بتردد ثم استدارت عائدة اليه تهتف بتصميم :
- يافندم معلش بقى حتى لو هاتقولي امور عائلية ، بس انا ماينفعش اتأخر النهاردة بالذات .
التفت اليها يسألها بحدة واهتمام :
- ليه بقى ياست زهرة ماينفعش النهاردة بالذات ؟
فركت أمامه بكفيها وأجابت بتوتر :
- بصراحة بقى النهاردة عندنا فرح في الحارة، ودا بيبقى فيه شرب وحاجات كدة ، وانا اخاف اعدي عالشباب هناك وهما بحالتهم دي، انا مضمنش الظروف.
- وانتِ عرفتي منين انهم بيشربوا؟
سألها مضيقًا عيناه ، اجابته على الفور دون تفكير:
- خالي خالد هو اللي كان بيقولي كدة ، وكان بيمنعني اروح اي فرح غير وانا معاه ، وهو دلوقتِ مش موجود يبقى انا اخلي بالي من نفسي بقى.
ظل صامتًا يحدق بها بغموض ، فسألته هي بنفاذ صبر :
- قولت ايه يافندم بقى ؟ اروح على ميعادي ؟
نفى برأسه قائلًا بإصرار :
- لا يازهرة مش هاتروحي على ميعادك .
اصابها الإحباط فهمت تجادل ولكنه أوقفهًا مردفًا:
- بس انا هاتصرف واخلي السواق والحارس بتاعي يوصلوكي لحد باب البيت، مبسوطة كدة؟
اومأت برأسها صامتة بجمود قبل أن تنصرف من أمامه ، بداخلها تود الصراخ بوجهه والرفض بشكل قاطع ، ولكنه لا يترك لها فرصة بجبروته، ومن الناحية الأخرى وصله اعتراضها مرتسمًا على ملامح وجهها المتجهمة ، التي تفضح مابداخلها حتى لو هي اظهرت العكس ، كم ود لو يطيل حديثه معها فتفصح أكثر عن عائلتها وعن حياتها، تنهد بثقل وهو يهز برأسه ليتسفيق الى عمله ، والذي ما ان اتجه اليه تذكرها ، فرفع رأسه يتمتم بداخله:
- عايزالك دارسة لوحدك يازهرة .
...............................
أنت تقرأ
نعيمي وجحيمها
ChickLitفتاة متواضعة الحال لا تملك في الحياة سوى برائتها وأحلام وردية قد تكون عادية لكل الفتيات ولكن بالنسبة لها وبالنظر لظروف معيشتها الصعبة بعيدة المنال؛ وجدت نفسها فجأة محاصرة من متجبر يملك السلطة والقدرة اخضاع الغير، مع المال الذي يشتري به كل شئ، اذا ما...
الفصل العاشر
ابدأ من البداية