الفصل الخامس عشر

Start from the beginning
                                    

ظلت على حالها لأيام حتى محاولات "دينا" لإخراجها من حالتها لم تنجح فقط تحتضن إبنها ولا تتركه إلا للذهاب للمدرسة أو أثناء نومه .
لم يعد أحد يكلمها فى موضوع "وليد" مرة أخرى حتى عادت لطبيعتها ولكن نظرة الحزن لم تفارقها وعادت لعملها مرة أخرى بعد أن إكتمل شفائها ، إستقبلها الجميع بالترحاب والتمنى لها بالسلامة والشفاء .
إتصل "وليد"ب "إيهاب" ولكنه لم يرد عليه ظل "إيهاب" يفكر هل يهاتفه أم لا ولكنه إشتاق إليه ف"وليد" أصبح صديق له ، فقرر أن يهاتفه .
- السلام عليكم .
اجابه وليد بتلهف :
- وعليكم السلام أخبارك إيه يا إيهاب .
- الحمد لله كويس وإنت .
تنهد "وليد" وقال :
- أنا الحمد لله عايش ، ممكن أسألك على سلمى .
اجابه بنبرة قاطعة :
- بقت كويسة بس أرجوك الموضوع إنتهى دى جالها إنهيار عصبى بس ربنا ستر .
فقال "وليد" بألم :
- إيه ! إنهيار عصبى ؟!
صمت وشعر بالألم فهو من سبب لها ذلك وأردف قائلا :
-سلامتها ألف سلامة ، عموما أنا كلمتك علشان أسلم عليك قبل ما أمشى .
ارتفع حاجبي ايهاب من الصدمة و هو يساله بتعجب :
- ليه هتروح فين .
- هسافر دبى أعيش هناك مش هقدر أفضل هنا وما أشوفهاش.
هز ايهاب راسه باسي و قال :
- ربنا يوفقك يا وليد ويرزقك ببنت الحلال اللى تعوضك .
ابتسم وليد ابتسامة ساخرة و هو يجيبه قائلا :
- ربنا رزقنى بيها بس ما فيش نصيب .ممكن أبقى أكلمك لما أسافر إنت بقيت زى أخويا .
فقال له "إيهاب" بحزن :
-أنا كنت هطلب منك كده . تروح وترجع بالسلامة .
- الله يسلمك يا إيهاب سلامى لوالدك ووالدتك ربنا يخليهم ليك .
-الله يسلمك مع السلامة .
وأنهوا المكالمة و"إيهاب" زاد حزنه على حال "وليد" فليست أخته وحدها من تعانى البعد ولكنه يعانى أكتر منها .
حزمت " سامية" الحقائب وهى تشعر بالحزن والعجز لعدم قدرتها على مساعدته وهو يموت أمامها يوما بعد يوم وعندما أخذ قرار السفر وافقته على الفور حتى يرتاح قلبه ويهدأ .
- جهزتى كل حاجة يا ماما.
اجابته بإماءة من رأسها :
- أيوة يا حبيبى ما تقلقش .
وقف امامها و سالها مستفهما :
- هى جورى ما قالتش حاجة على سفرنا المفاجئ ده .
اجابته مسرعة :
- لا بالعكس دى مبسوطة علشان هتشوف جدتها .
بحث بعينيه حوله و هو يقول :
-هى فين ؟
- فى أوضتها روحلها يا إبنى يمكن تنسى معاها حزنك ده .
دخل "وليد" غرفة إبنته فوجدها تلعب بألعابها .. فسالها بابتسامة خافتة :
- جوجى حبيبتى بتعملى إيه .
إبتسمت له وقالت :
- بلعب يا بابى تلعب معايا .
جلس بجوارها على الارضية و قال بتنهيدة ساخنة :
- يا بختك يا جورى ياريتنى أرجع صغير تانى وألعب معاكى .
جلست على ساقيه و هى تقول بمشاغبة :
- وأنا يا بابى نفسى أكبر وأحب واحد زيك .
ضحك لأول مرة منذ أيام وقال لها بمزاح :
- وده مين ده اللى أمه داعية عليه اللى هياخدك منى .
لفت ذراعيها حول رقبته و ضمته اليها قائلة بحب :
- أنا عمرى ما هسيبك يا بابى .
فاحتضنها وقبلها و شعر بإرتياح كبير فى حضنها لانه كان يحتاج لهذا الحضن كثيرا وتركها وذهب ليودع أصدقائه ....

-هتوحشنى يا وليد قوى .                  قالها "محمد" .
طالعه وليد مطولا قبل ان يجيبه قائلا :
- وإنت أكتر يا دكتور المستشفى أمانة فى رقبتك .
اجابه مسرعا :
- إطمن كله هيمشى زى ما كنت موجود وأكتر ، هتوحشنى بجد .
-وإنت أكتر يا محمد .
فقال"هشام" ببكاء مصطنع :
- بس بقا إنتوا الإثنين هعيط منكم والله .
ضحكا الإثنين فأردف "هشام" قائلا :
-أنا بقا مش هتوحشنى لأنى هنطلك كل شوية .
فقال له "محمد" بلوم :
- وليد إنت لازم تخرج من الحالة دى قريب لما أشوفك تانى عايز أشوف وليد القديم .
فقال له "وليد" بحزن :
- مش هتفرق ، إدعولى ربنا يصبر قلبى على البعد عنها حاسس إن روحى هتسبنى وتفضل هنا معاها .
ربت "هشام"  على كفه قائلا بهدوء :
- محدش عارف الأيام مخبية إيه .
وقف" وليد" ليودعهم و صفاحهم و تركهم وعاد لمنزله .
وفى الصباح عزم "وليد" على رؤيتها لأخر مرة إنتظرها طويلا حتى رآها فحزن على حالتها ... لقد تغيرت ملامحها نحفت قليلا وإختفت نيران عيونها التى سحرته ودعها بعينيه و ذهب لمنزله .
حزم الحقائب وركبوا السيارات منطلقين للمطار وبعد أن أنهوا إجراءات السفر وركبوا الطائرة وقلبه يتمنى أن يتراجع ويعود لها ، ولكنه إبتعد عنها حتى لا يؤذيها .

                             *          *          *          *          *          *

معذبتي Where stories live. Discover now