الفصل الثامن

778 38 1
                                    

الفصل الثامن :
*******************

مًآ لَيَ أريَ آلَقُلَبً يَهّوٌيَ مًنِ يَعٌذِبًهّ
مًثًلَ آلَفُرآشُ لَهّيَبً الناااار  يغريَهّ...
کْلَ آلَقُلَوٌب رأيَتٌ آلَعٌشُقُ  يسِعٌدها
إلَا فؤآدٍي...... رأيَتٌ آلَعٌشُقُ
يَدٍمًيَهّ...!! !!!

قطع الغرفة ذهاباً و إياباً و هو يرجو محركات عقله عن التوقف قليلا .. وضع يده بجيب بنطاله و أخرج عقدها و طالعه بشوق .. لم يشعر بإنفراجة شفتيه و تلك الإبتسامة العذبة التى رسمت على ثغره فور تذكره لهيأتها الطفولية بعدما كشفها و عرف حقيقة تطلعها عليه من بعيد و تلك الويلات التى أذاقته إياها دون شفقة منها ...
هز رأسه بيأس و هو يعيد ذلك العقد مكانه فإنتبه على رنين هاتفه .. فحمله و ابتسم و أجابه قائلا بمداعبة :
-وحشتنى يا رخم .      
وصله ضحكات هشام الذى أجابه قائلا بتذمر :     
-أنا فعلا رخم إنى عبرتك و إفتكرتك .
جلس على مقعد مجاور له و هو يجيبه قائلا بهدوء :
- عامل إيه يا إتش و الدكتور عامل إيه وحشتونى .
- إحنا بخير ،المهم إنت يا حبّيب الحب عامل معاك إيه ؟؟
هز رأسه بيأس و هو يجيبه بعبث :
- بتهزر سيادتك ده عامل عمايله معايا .
فقال له " هشام" متذكرا :
- آه صحيح هتعمل إيه فى الأرض اللى معروضة عليك السمسار كلمنى كذا مرة .
فكر وليد قليلا و لمعت فكرة فى رأسه فقال "لهشام" مسرعاً  :
- قول له إنى موافق  وخلص معاه فيها كلها مش نصها تمام .
قال له هشام متعجبا :
-كلها ! هتعمل بيها إيه دى كبيرة جدا .
فقال له وليد بخبث :
-إعمل اللى قولتلك عليه وخلص فيها بالتوكيل اللى معاك .
-ما شى يا سيدى هتيجى إمتى .
تنهد "وليد"قائلا بوهن :
-لسه مش عارف هبقى أكلمك قبلها بس شكلى مش هستحمل أبعد عن مصر أكتر من كده .
ضحك "هشام " ضحكة عالية و مازحه قائلا :
-مش قادر تبعد عن مصر برده وﻻ عن الجو يا معلم .
-إتلم يا إبنى إنت إيه الجو دى.
هدأه قائلا بهدوء :
-خلاص يا مريسة  أنا آسف ..... لسه ما عرفتش هتعمل إيه .
بعد أن إهتدى لفكرته تلك أصبحت أكثر الخيوط بيده فأجابه بشرود :
- لما أجى مصر هقولك يالا سلام ما تنساش الأرض .
-حاضر يا سيدى إطمن ..... سلام .
أنهى" وليد" مكالمته مع "هشام" وتذكر ما قاله "محمد"له بأن يصلى صلاة الإستخارة فتوضأ وصلى قيام الليل ثم صلى الإستخارة لعلها ترشده إلى الطريق الصحيح .
فى اليوم التالى ذهب للشركة مبكرا لينهى بعض أعماله وإجتمع مع أهم مهندسى شركته وتكلم معهم عن أهم مشروع بحياته .
أنهى عمله وجاءه شعور غريب بالعودة لمصر لم يقاومه إتصل بالسكرتيرة وطلب منها حجز ٣ تذاكر على أول طائرة عائدة لمصر ، بعد نصف ساعة أعلمته السكرتيرة بسفره قبل الفجر فى الثانية صباحا .. أغلق الهاتف و هو يتخيل انه يراها تقف أمامه بتعبيراتها المتضاربة و الطفولية .. تطلع من شرفة غرفته متأملا السماء و ناجى ربه بأن يلهمه الصواب .....

                        *          *          *          *          *          *

هاتف "سامية" وأخبرها بميعاد الطائرة ...  فقالت له بغضب من تصرفاته الغير مسئولة :
-إزاى يعنى كل شوية تقولى حضرى الشنط مسافرين حضرى الشنط راجعين ده لعب عيال والبنت كده هتتعب دى ما لحقتش ترتاح .
حاول "وليد" تهدئتها وإقناعها قائلا :
_ معلش يا ماما غصب عنى مضطر ارجع و مش هينفع أسيبكم .
_ يا حبيبي بس مش كده يومين اللى قعدناهم .
ظلا هكذا  حتى إمتثلت لرغبته .... و حزمت الحقائب وإستعدوا للسفر ، حزنت "ليلى" لمغادرتهم بهذه السرعة .
فقالت "لسامية " بحزن :
- إيه السرعة دى جايين فى إيه وراجعين فى إيه .
قالت لها "سامية "ملطفة الجو :
- علشان مدرسة جورى، فى الأجازة نجيلك تانى وإبقى تعالى إنتى يا ستى لو وحشينك .
فقالت لها "ليلى" بحزن :
-آجى لمين وهو مش عايز يشوفنى أصلا .
ربتت على ذراعها قائلة بحنو :
-سبيها على الله وكل حاجة مع الأيام هتتصلح .
- يا رب يا سامية عموما توصلوا بالسلامة إن شاء الله .
ضمتها لصدرها قائلة :
- هتوحشينى يا ليلى قوى مالحقتش أشبع منك .
ودعوا بعضهما وحملت "ليلى" "جورى" وقبلتها وإحتضنتها و كأنها تحتضنه هو فهى قطعة منه ،ودعتها بالدموع لأنها ستشتاق لضحكتها ولعبها وللروح التى ملأت بها البيت ... بعدما تعودت على وجودها ...
ركبوا السيارة متجهين للمطار حيث ينتظرهم "وليد" ، لم يذهب إلى منزله حتى لا يراها ، ركبوا الطائرة وعادوا لمصر وصلوا لمنزلهم فى الظهيرة ، دلفت "سامية" و"جورى" للمنزل متعبتان فناما مباشرة ، أما "وليد" توجه إلى شركته مباشرة .
توجه لغرفة "هشام" ودخل عليه فجأة .
- إزيك يا إتش وحشتنى .
تفاجأ"هشام " به يقف أمامه وفتح فمه من المفاجأة ... و خرج صوته متعجبا و هو يقول :
- يا مجنون إنت وصلت إمتى .
فقال له "وليد" معاتبا  :
-هى دى حمدالله على السلامة .
قام" هشام" و إحتضنه ورحب به قائلا :
-الحب بهدلة صحيح !!
ضحك "وليد "ضحكة عالية وقال مؤكدا :
-إنت اللى فاهمنى يا سوسة .
-للدرجة دى وحشتك .
إبتسم بحنان و أجابه قائلا :
-قوى يا هشام هتجنن و أشوفها ... آه صحيح عملت إيه فى موضوع الأرض.
- خلصت يا معلم ،مع إنى هموت و أعرف هتعمل بيها إيه ؟!
تركه و التفت و سار ناحية باب الغرفة و هو يقول :
-كله فى وقته المهم دلوقتى أنا هنزل أشوفها وأرجع على البيت أنام جعان نوم يالا سلام يا إتش .
رفع هشام " يده للسماء و قال داعيا :
-إوعدنا يا رب إحنا كمان .
فضحك عليه " وليد "وتركه و هبط الدرج مسرعا و ركب سيارته وتوجه لعملها ووقف ينتظرها و نيران الشوق تلهبه وبعد دقائق خرجت مودعة زميلاتها فخفق قلبه بسرعة ليعلن له أنه إنسان يدق قلبه و يعيش و يشعر وأنه قبلها كان تمثال بلا قلب وبلا روح ، ود لو أنه جرى إليها وتطلع إلى عينيها  وضمها إليه يبث شوقه لها ، ظل متابعا لها بسيارته لكى يروى شوقه إليها حتى أوصلها لمنزلها دون أن تشعر وتعرف على منطقتها وبيتها الذى غار منه وهى تختفى بداخله ألا يكفى دقائق الحافلة التى عذبته حتى رأها تنزل منه ....
ولكنه عاد وحمد الله على هذه المدة التى إرتوت بها روحه ،دلف لمنزله ليجد الجميع نائمون ، دخل غرفته وإغتسل ونام وصورتها لا تفارق عينيه .

معذبتي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن