الفصل التاسع

Start from the beginning
                                    

في طريق عودة الفتيات نحو المقر الجديد لعمل زهرة ، بعد تفرق غادة عنهن وعودتها لمحلها في العمل ، توقفن على هتاف عماد الذي هلل أمامهن بمرح :
- ياهلا ياهلا بالناس اللي اترقت وهاتتكبر علينا ياهلا
تبسمت زهرة تكتم ضحكها أمامه ، وصدر الرد من كاميليا التي قالت بمزاح :
- اه نتكبر عليكم ونشوف نفسنا كمان ، حقنا ياأخي مش اترقينا .
رد هو الاَخر على مزاحها يلوح بسبابته لزهرة نحو الأخرى :
- شوفتي بقى يازهرة، انا كان قلبي حاسس من الأول ان البت دي مستنية بس فرصة، واخدة بالك؛ فرصة بس عشان تنزع بقى الوش الناعم ويظهر وشها الحقيقي .
قالتها كاميليا ردًا على مزاحه
- انا برضوا ياعماد ، ولا انت اللي السواد بقى مالي قلبك ياجدع .
- انا برضوا اللي السواد مالي قلبي ؟ ولا انتِ اللي طلعتي صفرا واحنا مكناش واخدين بالنا ولا إيه بس.
اصبح هو وهي يتبادلن المزاح ، وزهرة تضحك بينهم بخجل كالعادة، غير قادرة بحياءها الدائم على مجاراتهم في الحديث المرح، حتى انتفضت على دوي هاتفها برقمه مرة أخرى، فهتفت على كاميليا قبل ان تهرول اليه :
- دا بيتصل بيا يستعجلني من تاني ، انا ماشية بقى وانتِ ابقي حصليني .
نظر عماد في اثر زهرة يغمغم سائلًا لكاميليا:
- مين ده اللي بيتصل يتسعجلها من تاني؟
- قصدها على رئيسها الجديد جاسر بيه طبعًا، امال هايكون مين يعني ؟
قالت كاميليا قبل أن تستأذن هي الأخرى لتلحق بها قبل أن تغادر الشركة ، وتذهب لمحل عملها الجديد.
..............................

- اتأخرتي ليه؟
هتف بها بأعين حمراء من الغضب ، فور أن دلفت اليه، خرج هي صوتها بارتعاش من هيئته :
- انا كنت في الحمام ، يعني شئ عادي لو حصل واتأخرت يافندم .
ضرب بكفه على سطح المكتب هادرًا بقوة جعلها تنتفض مجفلة:
- متأكدة يا زهرة ان تأخيرك كان في الحمام وبس ؟ يعني ماوقفتيش تضحكي ولا تهزري مع حد مثلًا :
قطبت جبينها تسأله بدهشة:
- قصدك ايه يافندم؟ انا مش فاهمة.
ضغط يجز على اسنانه وهو يتناول في الملفات يرميها نحوها على سطح المكتب بغيظ.
- اقصد ولا مقصدتش، اتفضلي الملفات دي كلها تراجعيها وتعملي تقارير مفصلة عنها فاهمة.
اومأت برأسها بقهر وهي تتناولهم بفزع من حجمهم وعلمها الأكيد بالساعات المرهقة التي ستقضيها في العمل حتى الإنتهاء منهم .
فور ان استدارت سمعته يهتف من خلفها :
- ومافيش بريك النهاردة يازهرة .
اومأت برأسها مرة ثانية ، تحتجز الدموع بعيناها.
تابع خروجها الحزين دون أسف، فور تذكره رؤيته لها بالشاشة وضحكاتها مع كاميليا وهذا الفتى ثقيل الظل وهو يتباسط في حديثه معهم ، لدرجة جعلته يتمنى التخلي عن وقاره ، ليذهب اليهم فارضًا الخصومات والجزءات عليهم، حتى لا يلتقوا مرة أخرى، تمتم فور خروجها بغيظ:
- ماشي يازهرة، ماشي ياعماد ال......
..........................

في الخارج كانت كاميليا تلملم في متعلقاتها واشياءها الخاصة من فوق سطح المكتب والادراج، قبل مغادرتها الشركة نهائيًا ، لاستلام وظيفتها الجديدة، أجفلت على خروج زهرة بوجهها العابس وهذا الكم الهائل من الملفات التي اسقطتهم على سطح المكتب بعنف .
- إيه ده؟
سألتها كاميليا قاطبة وهي تشير بعيناها نحوهم ، أجابتها زهرة بابتسامة صفراء :
- دا الهم التقيل اللي أمرني الباشا اشتغل فيهم بعيد عنك، انا قولتلك الراجل ده مشغلني عنده عشان يطفشني ويطلع عليا عقده مصدقتنيش .
مطت شفتاها واهتزت كتفاها كاميليا بعدم معرفة تجيبها:
- مش حكاية مصدقتكيش، بس هو اساسًا نظام الشغل هنا بالشكل ده، دول عددهم كبير ، امتى بس هاتلحقي تخلصيهم ؟
سقطت زهرة على مكتبها تردد بغيظ:
- لما هو بيعمل معايا كدة من أول يوم ، امال بقية الايام هايعمل ايه بس؟ انا مش عارفة ايه طبيعة الراجل ده بصراحة؟ دا كل اللي عليه، بتضحكي وتهزري، بتضحكي وتهزري، فيه إيه هو هايكتم نفسي ولا إيه؟
تسمرت كاميليا وتوقفت عما تفعل وهي تنظر اليها مضيقة عيناها بتفكير مرددة :
- تضحكي ولا تهزري ! وهو ماله أساسًا ؟
رفعت زهرة اليها أنظارها تهتف حانقة:
- انا الدنيا اسودت في عنيا يا كاميليا وبقيت حاسة نفسي هاطرد قريب بسببه، تصدقي بالله دا منع عني حتى البريك العادي بتاع الموظفين هنا في الشركة.
هتفت كاميليا مرددة خلفها :
- كماااان !
...............................
وفي الناحية الأخرى ، على مكتبها كانت تتلاعب بقلمها ، مطبقة شفتاها ، وعيناها تنظر في الفراغ بشرود، من وقت أن تركت الفتايات، ونيران صدرها مازالت مشتعلة ولم تهدأ بعد، عقلها يدور بلا هوادة نحو خيانتهم لها، وخططهم التي يدبرونها من خلف ظهرها، وهي التي كانت تظن انها اذكي من الاثنتان في التدبير والتخطيط؛ تستفيق الاَن على هذه الحقيقة المرة، انها كانت مغيبة في اللعب مع نفسها دون مساعدة ، في مقابل اتفاق كاميليا مع زهرة من خلف ظهرها، ليصبحن اعلى منها في التدرج ، بالإضافة الى راتبهم و الذي سوف يزداد لضغف راتبها هي، بالإضافة لازياد فرصهم في العثور على العريس الذي تحلم أو" اللقطة" كما تتخيل ، جزت على اسنانها وهي تردف لنفسها بصوت مسموع :
- لا وبيشقوطني لبعض ويقلولي ان البرنسيسة كانت رافضة كمان! ماشي، بقى انا افضل موظفة كحاينة في مكاني هنا ، وهما يسبقوني بمراحل في كله، ماشي ياكاميليا ، ماشي يازهرة. .
- غادة
التفت رأسها بحدة نحو زميلتها في الغرفة التي هتفت باسمها تنظر لها بصمت فتابعت الفتاة :
- انتِ بتكلمي نفسك ياغادة؟
- أكلم نفسي ولا اتجنن حتى، انتِ مالك انتِ؟
بها في وجه الفتاة جعلتها تتركها بخوف قائلة:
- خلاص يااختي ، اعملي انتِ عايزاه وانا مالي .
عادت غادة لنفسها وخططها تتوعد داخلها بالتقدم عليهم وسبقهم ، مهما حدث ومهما كان الثمن.
...............................

نعيمي وجحيمهاWhere stories live. Discover now