الفصل السادس

ابدأ من البداية
                                    

واضعة رأسها على اقدام جدتها مستكينة هادئة؛ تتلقى حنان المرأة العجوز وهي تلمس بكفها على شعرها، تلقي على أسماعها الكلمات اللطيفة والمشجعة:
- عجبتيني أوي النهاردة لما وقفتي وفي وشه ترفضي الجوازة الزفت دي يازهرة، أيوة كدة ياعين ستك، خليكي قوية زي مابيقولك خالك دايمًا.
- بس ابويا مش هايسكت ياستي .
قالت زهرة بنبرة هادئة، سألتها رقية باستفهام:
- يعني هايعمل ايه يعني؟ خليه يوريني شطارته ويشوف بقى ساعتها رد فعلي هايبقى إيه؟
- انا عارفاه ياستي، مش هايعدي الرفض كدة بالساهل، اكيد فهمي اغراه بالكيف بتاعه، ماهو الحماس ده مايجيش من شوية.
صمتت زهرة قليلًا تننهد بثقل، ثم تابعت:
- يعني مش كفاية عليه أنه منع عني بسمعته المهببة كل الفرص الكويسة، مش كفاية عليه انه حرم عليا الحلم الطبيعي لأي بنت في الجواز والفرحة؛ وانا عارفة ومتاكدة اني مش هلاقي اللي هايجهزني ولا يرفع راسي قدام اي راجل يتقدملي.
- وخالك بقى راح فين يامقصوفة الرقبة؟
قالت رقية منفعلة وهي تلكزها بقبضتها على كتفها، تأوهت زهرة قليلًا ثم تابعت بجدية:
- اه، خالي خالد ربنا يخليهولي ياستي، ضهري وسندي دايمًا، لكن بقى اللي مايشوفش من الغربال يبقى اعمى، هو ضيع جزء كبير اوي من شبابه في تربيتي والصرف عليا، اَن الأوان بقى انه يشوف مصلحتوا ويحوش قرشين يتجوز بيهم الست اللي بيحبها، هو انا يعني هافضل كاتمة على نفسه كدة على طول، دا حتى يبقى حرام.
- قومي يابت من على حجري قوي .
قالت وهي تدفعها بكف يدها بعنف، مما جعل زهرة ترفع عنها رأسها وتعتدل بجذعها لتقابل الغضب العاصف على ملامح جدتها ، والتي وجهت اليها كلماتها بحدة:
- إياكي اسمعك تاني بتقولي الكلام ده فاهمة، اوعي تفتكري يابت ان خالك سافر عشان يحوش لجوازتوا هو وبس، لا ياحبيبتي؛ خالك حلفلي انه مش راجع من سفره، الا ومعاه تمن جهازك من الألف للياء.
- كمان ياستي، يعني يعول همي حتى في دي؛
مش كفاية عليه الهم اللي هو فيه.
هتفت رقية عليه بحدة:
- وانت مالك ياستي، هو على قلبه زي العسل.
صمتت قليلة تخفف حدة حديثها:
- ياحبيبتي دا خالك كان بيتقطع من جوا لما كان بيأجل في جوازك مع كل عريس بيتقدملك؛ لو كان بإيده لكان جوزك لأول واحد اتقدملك من وقت ماخلصتي المعهد، لكن بقى كل حاجة نصيب وان شاء الجاي احسن من اللي فات، ولا ايه؟ مش برضك بيقولوا كدة يابت في التليفزيون؟
اومأت لها بابتسامة :
- بيقولوا ياستي.
- طب اتخمدي بقى خليني اللعبلك في شعرك مدام فكرتيني بالواد خالد وحركاته معايا.
استسلمت زهرة لمزاح جدتها وهي تجذبها من شعرها لتعود برأسها مرة أخرى بحجر رقية التي هتفت بعد ذلك .
- يالا يابت محروس اللي اقرع انتِ.
...........................

- انت بتقولي انا الكلام دا ياانكل ؟
سألت بأعين متسعة اظهرت جمال عدساتتها اللاصقة ذات اللون الرمادي على أعيُنها.
صاح عليها عامر بقوة:
- ايوة انتِ يا مريهان، انا بنصحك انتِ عشان عليكي الدور الأكبر في الموضوع، يابنتي ماينفعش النظام اللي انتوا عايشين بيه ده، دا ماسموش جواز دا حاجة تانية خالص ملهاش اي تفسير.
- طيب وانا ذنبي ايه؟
هتفت بها تخاطب الاثنان وتابعت:
- ابنك هو بِعد عني ياخالتوا، ابنك هو اللي كان بينتقدني ليل ونهار في لبسي وطريقة حياتي من غير تفاهم ياأنكل، وانا كرد فعل عادي بردولوا، امال يعني افضل ساكتالوا لحد مايلغي شخصيته وابقى تابعة ليه.
تدخلت خالتها وتدعى لمياء
- يابنتي ماحدش قالك ابقى تابعة ليه، احنا بس بنقولك بطلي تتحديه وخففي نبرة التعالي عليه، جاسر الريان مش قليل عشان يتقبل معاملتك دي، ابني مابيجيش بالعند يامريهان.
مطت شفتيها قائلة باستعلاء:
- وانا كمان مش أي حد عشان اتقبل وارضى بأسلوبه ده معايا، وكفاية اوي اني جاية على نفسي وقابلة بعيشتي مع واحد مش معتبرني مراته اساسًا .
- ااه، جينا بقى في المفيد واللي عايز افهمه انا بالظبط.
اردف بها عامر وتابع :
- هو انتوا من امتى بالظبط عايشين مع بعض بالنظام ده؟ وانتِ ازاي متقبلة كدة ومابتحاوليش معاه.
فغرت فاهها بملامح ممتعضة تستنكر:
- نعم ، انت عايزني انا احاول؟ وهو بقى دوروا ايه عشان افهم؟ ابنك ياانكل بقالوا سنتين مقربليش، سنتين من تلت سنين جواز، عايشين في بيت واحد، مابنشوفش بعض غير بالصدفة، انا كان ممكن اوافقه في اول مرة طلب مني اننا نتطلق، بس انا بقى عملت بأصلي وموافقتش على طلبه، عشان مقدرة كويس حجم الكوارث اللي هاتترتب في انفاصلنا على المجموعة واندماج العيلتين، وفضلت ساكتة ومابتكلمش.
تنهد عامر بتعب قائلًا:
- طب وبعدين ياميري ؟ يابنتي احنا جاين مخصوص نقضي اليومين الفاضلين معاكم قبل ما نسافر، نقوم نكتشف الكوارث دي كلها.
اكملت على قوله لمياء:
- لا واحنا اللي كنا عاملين حسابنا قبل مانيجي عشان نعرف ايه السبب في تأخير الخلفة؟ هه.
اعتدلت في جلستها لتضع قدمًا فوق الأخرى، وتتكلم بعنجهية:
- على العموم ياأنكل ، ابنكوا عندكم، كلموه وشوفوا هايقولكم ايه، وانا عن نفسي كبادرة طيبة مني مستعدة اخف الخروجات واتساهل شوية في اللبس عشانه، المهم بقى انه يفهم اني مراته.
تبادل الرجل وزوجته النظراتٍ بينهم والتي تحمل في طياتها الأمل، غافلين عنها وقد التمعت عيناها بالشوق والرغبة لمجرد الفكرة
............................
في اليوم التالي

نعيمي وجحيمهاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن