53

196 9 2
                                    


"دايزي " صوت والدتي ينادي لإيقاظي و أغنية عذبه تتسلل إلى مسامعي بخفوت، صوت لانا يُردد

"ولكنني اتمنى ان أكون ميته
مثلك
في كل مره اغمض عيني
تكون مثل الجنة المظلمة

لا أحد يقارن بك
أنا خائفة أنك
في الضفة الأخرى لن تكون بإنتظاري"

أظن انني بدأت أحب لانا

تركت الغُرفة

حمام دافئ، ثياب مريحة ثم إفطار خفيف
كان ثلاثتنا يتناول الطعام

لم احظى بحديث طويل مع جوليا و ماركوس مؤخراً

لذلك قررت انني سأفعل اليوم

"اذاً، مالذي تفعلونه يا رفاق؟"
قُلت و انا اقوم بترتيب ثيابي بعد أن اخرجتها جميعاً من الخزانه، كُنت قد قررت سابقاً إنني سأتبرع بالبعض منها كما انني سأرتب البعض الآخر، كانت شاشة الحاسوب مفتوحة و الكاميرا كذلك، و انقسمت الشاشة إلى نصفين حيث يجلس كُلاً من ماركوس و جوليا على بُعد الآف الأمتار، مُنصتين

"إنني اكتب مؤخراً" قال ماركوس و هو يحك عنقه بإحراج
"حقآ! " قُلت بإنبهار بينما أكدت جوليا "نعم إنه يفعل"

"هل هي قصة أم شعر أم مجرد خواطر؟ " تسائلت بفضول

"إنه شِعر، لكنه ليس بالكثير.. لا أعلم أشعر انه"قال وهو يحرك يديه في الهواء، كانت جودة الانترنت سيئة اليوم و استمر صوت ماركوس بالإنقطاع بين كل كلمة و أخرى

ثم انقطع الإتصال بماركوس تماماً، مضت دقيقة من الصمت غريبه، فانتقلت عيناي نحو جوليا في الشاشة

"لقد تشاجرت مع والدي في الأمس و اظن أن الأمر سار على نحوٍ سيء، لم أشأ أن اذكُر هذا أمام ماركوس " قالت جوليا أخيراً بتوتر

"ماذا؟ " لماذا؟ "  سألت بقلق

" لقد أصبح اكثر تسلطً و إزعاجاً إنه يُلقي بالأوامر بإستمرار، بينما نحاول أنا و والدتي جاهداً التأقلم مع الأوضاع، كان هو أكثر حده و تشتتاً.. لم يكن هكذا في السابق، لقد تشاجرنا على أمر تافهه، لقد طلب مني أن اقوم بتنظيف طاولة الطعام و لم أكن أرغب بذلك حقاً" قالت جوليا مُفسرة

" إنني اقوم بالتنظيف بإستمرار، إن ذلك يجعل عقلي أكثر صفائاً و يزيل التوتر" قلت انا

" إنني أعلم ذلك عزيزتي دايزي لكن لكل شخص شخصيه مُختلفه و أسلوب حياة مُختلف و إنني على العكس منك تماماً فإن الترتيب و التنظيف يشق علي فعلاً... ثم إنني لا أكاد اطيق نفسي أو اطيق أياً مما يحدث " قالت ثم اكملت" لذلك قلت انني لن أفعل ومن ثم فجأة كان هناك صراخ و فوضى وبدأ كلانا بتوجية التهم و الإستنتاجات الخاطئه، لقد حاولت والدتي تهدئة الوضع لكنه تحول إلى فوضى عارمة في غضوان دقائق

"لقد قال ستفعلين هذا شيئت أم أبيت وقام بصفعي.. هل تصدقين هذا! لقد قام بصفعي دايزي، والدي قام بصفعي

قالت جوليا ثم انهارت فجأة في البكاء

ياإلهي!، مالذي يجب علي فعلة؟، في الأيام الطبيعية كُنت سأحتضنها و اربت على كتفها و اخفف من ألمها ببعض العبارات، لكنها ليست بأيام طبيعية بأي شكل، إنني لا استطيع أن أكون بجوارها الآن

"لا بأس، عزيزتي جوليا لا بأس، أعلم أن الجميع أصابه أمر ما، ليس الوباء المنتشر  هو السبب، لكنه وباء من نوع آخر، سنتجاوز جميعاً هذهِ الازمة... إن والدك يعلم أنه أخطئ و أنت تعلمين أنه لم يكن ليفعل ذلك، إنني أعرف و الدك جيداً و إنني على يقين أنه لم يقصد ذلك " قلت و بدى الأمر مضحكاً لأنني كنت اواسي جوليا بكلمات كنت احتاجها انا نفسي، إن عيناي أصابتها الرجفه فامتلئت بالدموع

مسحت بيدي الدموع سريعاً و حاولت جوليا بعد ثلاث دقائق أن تتوقف عن البكاء أخيراً

تبادل كلانا الأحاديث في أمور  الحياة الأخرى، قالت كم هي سعيدة بعلاقتها مع ماركوس، على الأقل في خضم هذهِ الفوضى يمكنها الاستناد على كتف أحدهم، مضت الدقائق و الساعات و إسترجع كلانا الذكريات الغابرة الخاصة بالطفولة

وفي النهاية بعد ثلاث ساعات كانت خِزانتي مرتبة و نظيفه تماماً و كانت قِطع الملابس التي سأتبرع بها في صندوق بني في طرف الغرفة و كانت المحادثه قد انتهت و شاشة الحاسب قد اُغلقت و كذلك أضواء الغُرفة

استلقى جسدي الواهن فوق السرير و احتل الصمت و الهدوء المكان بينما راحت أفكاري تجوب العالم باحثة عن جواب بسيط لسؤال شديد التعقيد لطالما راودني

"مالمغزى من هذا كُله؟ "



Next to you Opowieści tętniące życiem. Odkryj je teraz