الجُزء الثالِث والثَلاثين|صِراعات وِجدانيّة

Start from the beginning
                                    

" سَأُفكِّر في الأمر.."

تَركَتَهُ وذَهبَت مُتجاوِزَة النَظر لِآريان الذي كان يَقِف في مَكانَهُ دون حَركَة، كان بِإمكانَها الشعور بِالكَثير في وجودَهُ، وهٰذا أسوء ما يُطارِدَها، كُل ما تَحتاجَهُ هو الإختِفاء عَن الأنظار، كَي لا يَكون قادِرًا أيًا مِنهُما عَلى تتبُّعَها، أخذَت كَأس آخر، وسارَت بِخُطوات مُرتَبِكَة لِلشُرفَة التي كانَت تَطل على النافورَة الكَبيرَة تُحيط بِها الكَثير مِن الأضواء، كان الجَو هُنا هادِئًا وهٰذا ما كانَت تَحتاج لَهُ، بَعيدًا عَن الأنظار، وعَن الأصوات المُزعِجَة، لا تَعلَم لِماذا أصبَحت تَكرَه التجمُّعات، فَفي السابِق كانَت إجتماعيّة شغوفَة، ولٰكِن الآن يُداهِمَها شعور بِالمَلل تِجاه تِكرار مَن حولَها، لا وجود لِشخص واحِد مُميّز يسرُق إهتِمامَها، ويُثير فضولَها الذي إنطَفَئ مُنذ زَمَن، كانَت تَعلَم بِأنّها بِحاجَة لِمَن يُجدِد شغفَها، لَيسَت كُل قِصص الحُب تَنتَهي بِذات الطَريقَة!، رُبما يومًا ما تَجِد مَن يستَحِق قلبَها في نِهايَة المَطاف، وحينذاك لا تَعلَم هل ستترَدد أم ستندَفِع كسابِق عَهدَها..

" لَم أكُن أظُن بِأن الأبيض لَون فاتِن حتى اليَوم.."

داهَمها صوتَهُ الهادِئ مِن خَلفَها حتى كادَت تُسقِط الكَأس فَزعًا، إستدارَت نَحوَهُ وهي تهتِف وقلبَها يَرتَجِف..

" ما الذي تُريدَهُ!؟.."

كانَت خائِفَة مِن مواجَهة أُخرى تستَنزِف قواها، إن كان سيستَمِر بِمُطارَدتَها بِهٰذا الشَكل فَهي ستَفقِد سيطَرتَها على أعصابَها يومًا ما، حتى الآن هي تَبدو ساكِنَة هادِئَة، لا تُريد الدخول مَعَهُ في صِراع مُرهِق لِلقَلب، والوقوف أمامَهُ بِحد ذاتَهُ كان مُرهِقًا بِشكلٍ كافٍ، أمّا هو فَكان يتأمّل إنعِكاس ضوء القَمر عَلى جَسدَها وكَيف كان اللون الأبيض يبدو لائِقًا على بَشرتَها البيضاء وشَعرَها شَديد السواد، كَعادَتها أُنثى شهيّة لِلعِشق، وبِإمكان الرَجُل أن يتخلّى عَن أي شَيء ليكون بِجانِبها ليوم واحِد، وَجد نَفسَهُ يَقتَرِب مِنها بِالرُغم مِن مَلامِح الذَعر التي رأها، وبِصوتٍ هادِئ عادي سألَها دون أي مُقدِّمات..

" ما الذي يُريدَهُ لويس أنطوان؟.."

إذًا فَهٰذا هو كُل ما يَهتَم بِه، لويس أنطوان!، إنّهُ يُشكِّل إزعاجًا كَبيرًا بِالنِسبَةِ لَهُ، حَتى بِالرُغم مِن أنّها لَم تَعُد تعنيهِ، ولِأن وقوفَهُ أمامَها كان آخِر ما تمنّتَهُ حينذاك، أجابَتَهُ بِصراحَة وقَد شَعرَت بِالسُئم مِنه..

" أن أكون حَبيبَتَهُ.."

لاحَظَت يولاند تَغيُّر مَلامِحَهُ الهادِئَة إلى أُخرى غَير مُريحَة، أشاح بِوجهَهُ عَنها وهو يَنظُر لِتِلك النافورَة الكَبيرَة، وكُل ما يَشعُر بِه هو الغَضب ورَغبَة قويّة في الدخول لِلداخِل وضَرب لويس أنطوان حتى الموت، لِماذا يَسعى خَلف يولاند مِن بين كُل النِساء!، أيُريد الإنتِقام مِنه بِهٰذِه الطريقة!، مِن خِلال الحصول عليها!، ثُم ماذا!، أسينتَهي بِها المَطاف مَقتولَة على يداهُ هو!، حينَما فكَّر بِهٰذا أخفى قبضتاهُ المَضمومتان أمام ظَهرَهُ، وهو يُزمجِر بِنَبرَة جَعلتَها تَتراجَع خُطوة عَنه..

أســود II |إكتِشاف المجهول ☔︎ ✓Where stories live. Discover now