٢٢ - خاتم

1.5K 31 5
                                    


                  (( خاتم ))

" كلما بدا لك الشخص مثالياً للغاية من الخارج ... كلما كنت على موعد قريباً مع الشياطين القاطنة بالداخل "

بدت ملامح الشاب الذي عبر بوابة إستقبال المسافرين في المطار شاحبة و مُنهكة للغاية ... تقدم زوجته بسرعة وهو يسحب حقيبتي سفرهم ليتجه نحو السائق الذي وقف بانتظارهما والذي ما إن رآه حتى  قال باحترام :

"دكتور طارق حمدلله على السلامة ".

" الله يسلمك "

قالها بسرعة ثم التفت للخلف متطمئناً على عروسه التي كانت تُحاول مجارات خطواته السريعة .... انتظرها إلى أن تقدمت منه ، ثم توجه نحو السيارة لتقله إلى المشفى حيث يرقد والده والذي ما إن عرِف بما أصابه قطع شهر عسله ... لقد كان مشؤوماً حيث تُوفيت هُدى خلاله أولاً ... ثم تلقى خبر والده فيه ثانياً ...
لم يتحدث إطلاقاً طوال الطريق .... بل ظل صامتاً بينما يأكل القلق بنهم دواخله ... توقفت السيارة أمام منزل أهل زوجته ... قبل رأسها وهو يحمل حقيبتها وتجاهل توسلاتها بأن تذهب معه إلى المشفى ولكنه رفض بحجة أن عليها أن ترتاح فقد كانت الرحلة طويلة عليهما ... إنتظر إلى قابل والدها وأخويها اللذين أخبروه بأنهم غداً سيحضرون للمشفى لرؤية والده وتمنوا له الشفاء العاجل ... ودعهم بعدها واتجه للخارج نحو السيارة .
أشارت الساعة إلى الرابعة فجراً عندما توقفت السيارة به أمام بوابة المشفى ليُسرع بخطواته نحو الداخل .

         ____       _____         ____     ____

" نعم ؟ طول الفترة دي وانا م عارف ؟ "

كان صوته متشنجاً وهو يتحدث بغضب حاول كبته وهو يتحدث مع والدته ...
زفر بعض الهواء بعدم استيعاب وهو يمرر يده على شعره ثم نظر إلى والدته :

" لي م وريتيني ؟ ... انا ابوي كان مختفي طول الفترة دي ؟ "

مسحت دموعها المتساقطة بغزارة :
" يا ولدي م كنت عايزة اعكنن عليك واخرب ليك شهر عسلك "

" يا امي شهر عسل شنو ؟ .... شهر عسل شنوووو ؟ انا ابوي كان مختفي طول الفترة دي وتقولي لي شهر عسل ؟ .... انا قلبي كان حاسي إنو ف حاجة ... انو ابوي من م اسافر ولا مرة يرسل لي او يضرب يسأل مني ولمن انا اسألك منو تقولي لي معليش مشغول .... لي ياخ كذبتي علي ؟ ... دا ابوي .... ابووووووي ... م كلب ف الشارع عشان تدسي مني حاجة زي دي "

قالها بانفعال وهو يتكئ بظهره على الحائط ..ليجلس ف النهاية أرضاً وهو يذرف الدموع :
" العمل كدا فيه انا حلقاه وحشيل حقي منو بنفسي .... ابوي بين الحياة والموت ، دمو مليان منشطات ... كان بتحقن بي منشطات ... محروق وجلدو متفسخ وفكو ويدينو مكسورات واسنانو مكسرة ولسانو ..."
إرتجف كامل جسده ولم يستطع متابعة حديثه ليدخل في نوبة بكاء قوية وهو يقول بإرهاق وعدم استيعاب :
" كيف ياخ .... لي اتعمل فيه كدا ؟ ... ابوي م بيأذي نملة ... كيف زول طبيعي يعمل فيه كدا ؟ "

كسارة البندقWhere stories live. Discover now