١١ - زيوس

1.8K 39 5
                                    


                            (( زيوس ))
" بداخل كل شخص تظن أنك تعرفه ... شخصاً آخر لا تعرفه "
علا صوت صراخها والذي كان يعكس مدى الألم الذي تشعر به .
كان كُل ثقل جسدها  المعلق متركز على رسغيها فقط ... بكت كثيراً حتى بللت دموعها تلك العُصابة التي أغلق بها عينيها بينما زاد الوضع سوءاً تلك الطريقة التي وضع بها الحزام الجلدي على فمها ... كان ذلك الكرباج وبالرغم عن قصره مؤلم للغاية ... والغريب أنه كان فقط يضرب بخفة ولم يستعمل كل قوته أو حتى الوسط منها .
توقف لدقائق وهو ينظر إلى تلك الآثار التي خلفها على ظهرها والدماء التي بدأت تسيل منها ... مد كفيه بهدوء ليفك وثاقها المعدني فما كان منها إلا أن سقطت أرضاً ... أزال تلك العُصابة عن عينها ومن بعدها فك الحزام الجلدي عن فمها برك أمامها ببطئ ثم ربت على شعرها وكأنه لم يجلدها قبل قليل .
تلفتت حولها بفزع ورعب وقد تركت الدموع آثارها على وجهها ... بدأت بتدليك رسغيها عسى ولعل أن يخف الألم الذي انفجر بهما .
طالعها بنظرات هادئة للغاية او هذا ما ظنته هي ، فهو كان ينظر إليها بنظرات أشبه بنظرات الأسد وهو يراقب إحدى فرائسه ... وهذا ليس مجرد تشبيه او مبالغة ... هو حقاً كان ينظر وكأنه إحدى المفترسات .... الفرق الوحيد أنه مفترس بشري .
إنحنى قليلاً ثم ربت على شعرها الفحمي الأسود ... بينما كانت هي تنظر إليه بنظرات ترجي وقد سالت دموعها وإفرازات أنفها ... لم تكن تتوقع أن تقع بيد شخص كهذا ... لقد امتهنت بيع الهوى ولكنها لم تلتقي بشخص مثله من قبل ... عندما رأته و رأت لمحة الوسامة البادية عليه ظنت أنها ستقضي ليلة ماجنة سعيدة برفقة هذا الرجل وسينتهي بها الأمر وهي تحمل رُزم من الأموال ... ولكن جاءت الريح بعكس ما تشتهي سفينتها .
كل ما كانت تريده الآن هو الخروج من هنا وحسب .... الخروج حية ... وتباً للأموال وللرجال ... وتعهدت بينها وبين نفسها أنها لن تُمارس الفحشاء مجدداً ، و ( حتختى دربها ) ولكن كيف الخروج من هذه الغرفة ؟
والتي لا تعلم حتى كيف دخلت إليها ومن أي باب فقد أغمض عينيها قبل أن يُدخلها إليها .
ظنت ولحماقتها بأن نظراتها المستعطفة تلك ستلين قلبه وتجعله يُحررها ولكنها لم تكن تدري أنها مجرد تسخينة لما يُريده .
همست بصوت مرتجف متشبع بالخوف وهي تُحاول تناول يده لتُقبلها عسى ولعل أن يرحمها :
" ع.... عليك الله .... عليك الله خليني امشي .... م دايرة منك ولا قرش ... خليتهم ليك .... بس .... بس خليني أطلع الله يرضى عليك "

لم يظهر أي تعبير على وجهه وظل كما هو .... كل ما فعله أنه عاد إلى كرسي الملك الخاص به ذاك ليجلس عليه بينما وضع ساق على ساق .... وأحاط بذراعيه أطراف الكرسي ... حمل زجاجة الفودكا ثم صب منها في كأسه متجرعاً إياه بسرعة ومرة واحدة ... وبعدها حمل عُلبة معدنية صغيرة فخمة وسحب منها سيجارة رفيعة ... ضغط على ولاعته وقليلاً حتى بدأ ينفث سُحب الدخان تلك .... الغريب أنه قام بكل تلك الأفعال بينما لم يُبعد عينه عن الفتاة إطلاقاً بل لم يرمش حتى ، وبالمقابل ذاب قلبها رعباً وعلا صوت نحيبها .
أشار لها بسبابته لتتقدم نحوه ... نهضت بألم وخوف واضحين وهي ترتجف ... تتقدم خطوة ... وتتراجع إلى الخلف خطوتين ... حتى وصلته .
ظلت واقفة أمامه لقرابة الرُبع ساعة وكان الصمت هو سيد الموقف ... فهو لم يتحدث إطلاقاً فقط يُطالعها بطريقته تلك ويُدخن ... وكانت هي بالمقابل تنظر إليه حيناً وتنظر إلى الأرضية حيناً ... فهو مهيب .... لا تستطيع الإمعان بوجهه كثيراً ... هناك شيئ بملامحه يجبرك على إبعاد أنظارك عنه .

كسارة البندقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن