ثائري

5.8K 77 2
                                    

ثائري ....

رباب عبد الصمد ....

البارت الاول

**********************

اخبروه ان الحياة كلها فى عينيه وانى ملك بين يديه

اخبروه ان الاحاسيس دونه سراب والايام بدونه ضرب من الجنون

اخبروه ان لا غد دونه ولا شروق واخبروه عن احتراق القلب والروح

وقفت شاردة وهى تشرب فنجان قهوتها السادة وبرغم انها تشعر بمرارتها ولكنها كانت تتلذذ وهى تشربها وكانها تشرب مشروب الشيكولاته المحبب لها

كانت تقف فى شرفة منزلها كعادتها كل يوم تترقب الطريق وكانها تنتظر ان ترى من يخلد بين اضلعها ويمتلك عرش قلبها واخذت تحادث نفسها ووتعاتبها / لما يا نفسى تضنينى قهرا عليه وانتى التى لم تتمسكى به . اصبحت اكرهك واكره جسدى الذى تسكنين فيه فقد كان الموت اشرف لكى من ذلك الضعف

ارتشفت من فنجانها بعد ان اختلطت قهوتها بدموعها وارتعدت يدها وهى تعيد فنجانها لطبقه وتقول اصبحت اتلذذ بطعم قهوتك السادة فهذا ما تبقى لى من ذكرياتك وما ان انتهت من قهوتها الا واغلقت نافذتها وبدات تتوجه لباب بيتها لتبدا رحلتها اليومية فى السير فى نفس الشارع الذى كان يجمعها به يوما

اخذت تسير وتسير وهى تحتضن نفسها فقد شعرت ببرودة الجو حولها على الرغم من اعتداله ةاخذت تهمس لنفسها قائلة / لقد فقدت اى دفء وقت ان فقدتك وما ان وصلت لنفس البناية التى تقف امامها كل يوم الا وبدات تذرف الدموع على حالها وتتذكر ايامها امام تلك المدرسة تذكرت ايام برائتها وسعادتها

*********************

تنظر من نافذة فصلها فتجده ينتظرها على حافة الطريق وبسرعة تنقل بصرها ليده لتجده ككل يوم اتى اليها ومعه كيس حلواها ومشروبها المفضل الشيكولاتة كانت ترقص فرحا بفتاها الذى لن ينساها ابدا على الرغم ما كان يحمله من اثقال همومه الا انه لم يهمها معه يوما ولكنه تفرغ فقط لاسعادها وكانه خلق من الاساس لهذا الغرض وكم كانت سعادته كلما راى لمعان عينيها وابتسامتها التى تسلب لبه

اخذت تهمس لاصدقاءها وهى فى قمة سعادتها وتشير على فتاها وتفتخر انه اختارها عن دون بنات حواء

تهمس لها احدى زميلاتها قائلة / فتاكى يسلب عقل اى فتاه فهو يحمل كل معانى الرجولة حتى اظنه لم يترك لاولاد ادم شىء

وكزت صديقتها بغيرة انها تتغزل فى حبيب عمرها وقالت / هو خاصتى وحدى ولا احب ان يتغزل فيه غيرى

صديقتها / لكنه يمتاز بعيبا خطيرا فهو دائما ثائر وكانما ولد والحجر فى يده وليس عنده اى تريث واراءه دائما صارمة ولا يقبل اى تراجع

هى / هزت كتفيها وقالت هو دائما ثائر لانه يحمى عرضك وعرضى من يد الصهيونى

صديقتها وهى تضحك / انظرى فهو يشير اليكى

نظرت له وبادلته الاشارة وقد انتهى يومها الدراسى واسرعت اليه راكضة وما ان لامست يديها يديه الا وشعرت بدفء العالم بين كفيهما

مد يده واعطاها كيس حلواها فابتسمت بجانب فمها وقالت الم يحن الوقت لترشفنى من قهوتك

شد على يدها وقال / طفلتى لا اذيقها المرار ابدا فانا اشربها سادة وانتى فرحة عمرى فلا يجتمع المر والحلو كما لا يجتمع الالم مع الفرح

ولكنى اريد ان اشعر اننى كبرت مثلك

انتى لن تكبرى ابدا وستظلين صغيرتى حتى وان صرت كهلة

وان صرت انا كهلة ستظل انتى امانى ايضا

ضمها لصدره وقبل جبينها وقال / ساظل امانك حتى وان لم املكك فستجدينى جوارك اينما كنتى فروحى معلقة بكى

عادت مرة اخرى لواقعها لتتحسر على حاضرها فكم كانت ايامها كلها سعادة

اخذت تزرف الدموع حسرة وتقول اين انت الان يا امانى لقد صرت وحيدة ولم اجدك واصبحت لا اشعر الا بالبرد دوما فقد ذهب عنى دفء حنانك

اين انت يا من خلقت من ضلعه

ومع وحدتها اخذت تستشعر عبير انفاسه وصدى صوته وكانه يقف جوارها يناديها ويطمانها واخذت تنظر الى نافذه فصلها ولكنها وجدت انه اصبح كالقبر يظهر كانه ساكن ولكنه يحوى فى جوفه الاف الصرخات

اكملت سيرها واخيرا عادت مرة اخرى لبيتها واخذت تصنع غذاء زوجها وما ان سمعته يدخل الا وحاولت جاهدة ان تخفى ذبلان عينيها واخذ تجاهد لتخرج الحروف من حلقها مرحبة بقدومه فكانت تشعر نحوه بالذنب فما ذنبه هو انه قد تزوج جسد بلا قلب فقد كان حقا رجل معها وتحمل صمتها الذى اصبح الصفة الاساسية لها ولم ينهرها ابدا عن شرودها عنه دائما وتحملها حتى انه كان يشعر بفتورها وهى بين احضانه ومع ذلك لم ينهرها

قبل جبينها ودخل يبدل ملابسه وهى لازال عقلها شارد فيمن اشتاقت لرؤيته ولو لدقيقة

خرج زوجها وبدا ياكل طعامه وهى تجلس جواره ولازالت صامته وشاردة

مد يده وضغط الريموت لفتح التلفاز و ما ان فتحه الا وسمعت الاخبار تذيع عن موت اعداد ليست بقليلة من الثائرين و هؤلاء الصهاينة الجبارين

شهقت وسقت الملعقة من بين يديها فور سماعها لكلمة ثائرين فربما يكون ثائرها بينهم وحدثت نفسها وقالت انا لم انساه فى دعائى قط

وشردت فى اخر لقاء جمعهم سويا وهو يقوللها / كل ما ارجوه منكى هو الدعاء لى فان اصبت يوما بمكروه ساتاكد يومها انك نسيتينى بدعائك وتذكرى دوما اننى اعيش بروحك فان نستنى روحك فسيتذكرنى الموت

افاقت من توترها على صوت المذيع ينطق باسم ثائرها ليعلن انه كان قائد الثائرين وقد نجا من الصهاينه


وجوه تضحك وقلوب تئن ... للكاتبة رباب عبد الصمدWhere stories live. Discover now