#حكايات_قبل_النوم
يوم جديد
الأثنين 30/3/2020
دخل الاب البيت مرهق من يوم عمل كبير ، سلم علي زوجه و علي أطفاله ، بدل ثوبة و أخذ حماما منعش ، و عاد ليتناول طعامه مع أمرائه الثلاثة (( خوله و هبة و يامن)) بعد أن انتهي الطعام قال الصغير " يامن "
- ابي نريد النوم
- الأم : ماذا بكم اليوم يا اولاد لستم علي طبيعتكم ؟؟
- الأب : ماذا حدث ؟؟
- الأم : لأول مرة ، يعودوا من مدارسهم ، ليكتبوا واجباتهم من انفسهم ، و يأتون الآن ليريدوا النوم!! حقا هذا غريب ؟؟!!
- الأب : ليس غريب في شيء ، فهذا طبيعي..
- الأم : ماذا ؟؟
- الأب : كما قلت ، عندما يجلس الأب مع الأبناء ، يحدثهم و يستمع لهم ، عندما يكون لهم قدوة ، و عندما يخصص لهم وقت يحكي لهم عن القدوات الحقيقية ، و التي تغنيهم عن التلفاز و عن الدرامي الفاسدة ، فتوقعي ، ان يكونون هم أحرص الناس على هذا الوقت و أن ينصلح حالهم ، و لن يغضبوك ابدا …
- الأم : هل تظن هذا ؟؟
- الأب : بل أنا متأكد 100%
- خوله : هيا يا ابي نريد وقت أكبر اليوم فنحن على شوق..
- حسنا يا أولادي ، أذهبوا إلي غرفتكم و أنا قادم خلفكم ، خمس دقائق فقط...
ذهب الاطفال مسرعا إلي غرفتهم ينتظرون قدوم أباهم ، بينما أنتظر الأب مرور الخمس دقائق ليقول لزوجه ، يا زوجتي ، كوني لأولادك صديقة ، و لا تكوني لهم سيدة ، اسمعي منهم و أعطي لكلامهم اهمية و ناقشيهم ، لابد أن نجعل لهم راي ، و لابد أن يكون لهم شجاعة ، و نحن فقط من نستطيع زرع تلك الصفة فيهم ، فأنا لا احب ان يكون ابنائي ضعاف أو متشككين في رأي ما ، عندما نختبر أراءهم و نقومها و يتابعوننا ، صدقيني سيكون ابنائنا في مكان آخر ، و الأن أسمحي لي قبل أن تنقضي الخمس دقائق ، على ان أذهب إليهم ، و لنكمل حكايتنا. لهذا اليوم...
- مرحبا يا أولادي ، ذكروني أين توقفت البارحة..
- خوله : الحوار الذي كان بين الله و بين الملائكة عندما أخبرهم الله انه سيجعل في الارض حاكما و جنس جديد .
- جميل لنكمل من هنا ، عندها امر الله ملك من ملائكة السماء يسمي جبريل ، قال..
: " يا جبريل ، اهبط إلي الارض ثم اجمع لي تراب منها من كل موضع منها... "
فنزل جبريل عليه السلام إلي الأرض ، فتحدثت الارض من الملاك جبريل فقالت..
: " ماذا تريد أيها الملاك الجميل ؟؟ "
: " امرني الله ان أجمع منك تراب ليخلق به جنس جديد "
: " استحلفك بالله أيها الملاك أن لا تأخذ مني شيء يلقيه الله في النار "
و بكت و ارتجت... فرقت قلب الملاك جبريل ، و عاد إلي السماء و لم يأخذ من الأرض شيء.. فقال الله
: " يا جبريل اين التراب ؟؟ "
: " لقد حلفتني الأرض بك يا الهي ألا أخذ منها شيء يكون طعاما لنار ، فاسترهبت أسمك و رق قلبي لبكائها فعدت و لم أحضر شيء و طأطأ رأسه للأسفل .
فأمر الله ملاك اخر يسمي "ميكائيل " فحدث له مثل ما حدث مع الملاك جبريل و لم يأتي بشيء ، فأمر الله ملاك ثالث يسمي " إسرافيل " فحدث له ما حدث مع صاحبيه و لم يحضر شيء ، فأمر الله بعدها ملاك آخر ، لا يعرف اسمه و البعض سماه كما سماه بنو إسرائيل ( عزرائيل) وهذا غير صحيح..
فذهب هذا الملاك إلي الأرض.. فقالت
: " لماذا اتيت ايها الملاك الطيب ؟؟ "
: " لقد امرني الله أن أجمع منك تراب ليكون هو أصل الخلق الجديد.. "
: " استحلفك بالله ألا تأخذ مني شيء يكون طعاما لنار "
: " و يلك ما اقبحك ، أتريدين ان اعصي أمر الله من اجلك " قالها بغضب ، ثم ركلها ركله عنيفة ، ثم جمع التراب و صعد إلي السماء ، فقال الله ...
: " ماذا فعلت ؟؟ "
: " لقد استعاذت الأرض بك ألا اخذ منها شيء يكون طعاما لنار.. "
: " و ماذا فعلت أنت ؟؟ "
: " ما كنت لأعصي امر لك يا رب ، فركلتها و جمعت ما امرتني به.. "
: " و لفعلك هذا ، فقد و كلتك بقبض ارواح الخلق الجديد فتلك هي مهمتك ، من اليوم سيطلق عليك لقب (( ملك الموت)) ...
فيا اولادي كان ملك الموت هو جمع اصل خلقنا التراب إلي الله ليخلقنا ، و هو الذي يجمع ارواحنا إلي الله ليحاسبنا ..
- خوله : و لكن لماذا أمر الله الملائكة ان تحضر التراب يا أبي ؟؟ اليس الله بقادر ان يأتي هو بالتراب ، أو ان يخلقنا من العدم كما فعل مع الكون ؟؟
- بلا يا أميرتي هو قادر علي كل شيء ، و لكن الله يعطي لخلقه دروس و عبر ، مفادها العمل الجماعي ، و الا يتكبر احد على العمل الموكل به ، لذلك رأينا أن جميع الملائكة أطاعت ربها و لم تتأخر و كلهم ذهبوا إلي الأرض لينفذوا امر ربهم ، و أيضا لم يخلق الله الإنسان من العدم ، و خلقه من نوع معروف للملائكة و الجن ، حتى يعلم الملائكة أن الله عليم خبير ، فالنور قطعا أفضل من النار ، جنس الملائكة افضل من الجن ، و مع ذلك كان معهم إبليس و هو من الجن ، و قد تفوق علي الكثير منهم في العبادة ، و بالقطع النور أفضل من الطين ، و لكن هناك الكثير منا افضل عند الله من الملائكة يا بنيتي ، فالله ينقل لنا رساله مفادها ، لا يوجل أحد او خلق افضل من خلق إلا الله فلا يقارن و لا يساوى به شيء فهو الخالق العظيم.. (( من عندي و الله أعلم ))
- هبه : يا أبي الملاك جبريل و ميكائيل و إسرافيل ألم يعصوا أمر الله عندما عادوا و لم يحضروا التراب ؟؟
- لا يا بنيتي ، لأنهم واقفون علي أسم الله ، فعدهم اسم الله عظيم ، فهم عادوا ليسألوا ربهم ، ماذا يفعلون ، فكانت النتيجة ان الله ارسل غيرهم ، ليعلمنا الله أمر جديد ، و هي ان اسم الله مقدم علي كل شيء مهما كان إلا في مواضع معينه و صغيره عندها ينفذ أمر الله علي اسم الله يا بنيتي ، فالملائكة الثلاث استجابوا لأسم الله علي امر الله حتى يعلموا ماذا سيقول الله و الله لم يعاقبهم ، بينما في الرابعة ، كان أمر الله مقدم على اسمه و لم يعاقب ملك الموت علي تجاوزه لأسم الله ، فتعلموا يا اولادي تلك الدروس ، العمل الجماعي خير فالله أختار العمل الجماعي على العمل الفردي و هو قادر ، و ايضا علينا أن تمسك باسم الله و كذا أمره فهما عظام... فلو حلفك أحدهم بالله توقف علي حلفك ، و إن طلب أحدهم منكم امر و كان الطلب باسم الله افعلوا ، و لكن لا تخالفوا أمر الله إن كان فيه عصيان و فعل بأمر قد نهي الله عنه.. و الآن هيا إلي النوم فقد أطلت عليكم كثيرا و قد تأخر الوقت..
- يامن : ابي سؤال أخير ؟؟
- ماذا يا أميري ؟؟
- يامن : لما خافت الأرض و حلفت الملائكة أن تعود ؟؟
- إنه الحب يا بني ، عندما تكبر ستفهم هذا جيدا ، فليس من السهل أن تعلم أن جزء منك سيتعذب و ستسكت عن ذلك ، فلو حاول احدهم أن يأخذ منك لعبتك هل ستتركه ؟؟
- يامن : لا يأبي ، و لكن كيف علمت الأرض بأن البشر ستتعذب ؟؟
- إنها الطبيعة يا بني ، فجنس جديد سيسكن في مكان آخر غير الجنة إلي أجل محدد ، له الحكم و السلطة علي الأرض ، و الارض نفسها التي عايشت فساد الجن فكيف تقبل أن يكون من جنسها من يفعل هذا...
- هبة : أنا اتخيل الآن حال الارض يا ابي...
- فلتتخيلي براحتك يا اميرتي و الآن وقت النوم قد حان.... فلتصبحوا علي رضي الله و خير و فضل منه ...
.
.
.
يتبع
بقلم الكاتب محمد سعيد النجار