عُمارة آل نجم.

MariamMahmoud457

208K 13.2K 21.9K

عادةً ما تأتي العائِلة أولاً، بضجيجها، وحِسها، وحروبِها الدائِمة رغماً عن أمانِها المُستقر، جيشك المُتصدي، مح... Еще

الفصل الأول ( بر الوالدين )
الفصل الثاني ( تلقاه العين قبل الرحِم )
الفصل الثالث
الفصل الرابع ( من يملُك الحق )
الفصل الخامس ( إرضاء الأقرب للقلب؟ )
الفصل السادس ( طريق التهلكة )
الفصل السابع ( ماذا فعلوا بحقها؟ )
الفصل الثامن ( بداية جديدة خالية من الفساد )
الفصل التاسع ( تِكرار الخطأ عواقبه كبيرة )
الفصل العاشر ( خيبة الأهل )
الفصل الحادي عشر ( حق مؤجل )
الفصل الثاني عشر ( عُطلة عائلية )
الفصل الثالث عشر ( موافقة بالإجبار )
الفصل الرابع عشر ( بيعة مُشتراه )
الفصل الخامس عشر ( عودة العلاقات )
الفصل السادس عشر ( إصلاح ما قامت الحياة بإفساده )
الفصل السابع عشر ( صدمة غير متوقعة )
الفصل الثامن عشر ( داءه، ودواءه )
الفصل التاسع عشر ( جاء بنبأ بُعاده )
الفصل العشرين ( أمل يُضيء القليل من النور )
الفصل الواحد والعشرين ( قد تتغير الموازين )
الفصل الثاني والعشرين ( لا بأس من المحاولة مرة أخرى )
الفصل الثالث والعشرين ( بنهاية الدرب راحة )
الفصل الرابع والعشرين ( عودة حميدة )
الفصل الخامس والعشرين ( زواج بنكهة جنازة )
الفصل السادس والعشرين ( حُب غير مرغوب )
الفصل السابع والعشرين ( فرصة أخرى أخيرة )
الفصل الثامن والعشرين ( ضائِعة من نفسها تائِهة بين البشر )
الفصل التاسع والعشرين ( زواج لرد الشُكر )
الفصل الثلاثين ( ليلة يتكللها الفرح والسرور )
الفصل الواحد والثلاثين ( عاد مُهاجر الدار إلى داره )
الفصل الثاني والثلاثين ( جاء من يحمل الحُب في قلبه وقوله وفعله )
الفصل الثالث والثلاثين ( لم نعُد نلوم الغرباء، فالمقربون فعلوا الأسوء )
الفصل الرابع والثلاثين ( عواقب انتماءِها لهذا الحُب )
الفصل الخامس والثلاثين ( من لا ذنب له؟ )
الفصل السادس والثلاثين ( مُناضل في حرب السعادة )
الفصل السابع والثلاثين ( لا نُحاسب على سذاجة القلب )
الفصل الثامن والثلاثين ( نهاية قصة محسومة لن يُفيدها الأسف )
الفصل التاسع والثلاثين ( المرءُ لا تُشقيه إلا نفسُهُ )
الفصل الواحد والأربعين ( لن نعود مرة أخرى، انتهت الرسائِل )
فصل إضافي ثاني وأربعين ( بورِكتّ معك فاتِحة العُمر )
فصل إضافي ثالث وأربعين ( بورِك مسعى سِرناه سوياً )
فصل إضافي رابع وأربعين ( يزداد نصيب العُمر به حياة )
الأخير، مِسك الخِتام ( خير حصاد التربية الصالحة )

الفصل الأربعين ( خيبات تليها صدمات مُتتالية )

4.8K 284 708
MariamMahmoud457

تبدلت ملامح وجه عابد عندما عقد حاجبيه بتعجُب وعدم فهم من حديثه، ليتحدث قائلاً بنبرة أراد بها فهم مقصده:

-" يعني إيه يا حج، وهو بلال غريب!".

أعتدل سامح في تلك اللحظة، لينظر له أثناء قوله بجدية:

-" بقى غريب بعد إللي عمله فيها يا حج عابد، لو أنتوا قبلتوا دة على بنت صاحبك وحبيبك زي ما بتقول، يبقى هتقبل إن إبنك يرجعها ليه تاني".

نهض عابد بعد حديثه ذلك، ليتحدث قائلاً بجدية يشوبها الحِدة:

-" إيه إللي أنت بتقوله دة! وهو أنا لو كنت قبلت من الأول يرجعها كنت طلقتها منه ليه! وئام بنتي زي ما بلال ابني، وأنا عمري ما هرجعهاله".

نظر له هاشم في تلك اللحظة، لينهض كذلك رشاد، حتى أقترب من عابد ليتحدث قائلاً بنبرة هادئة:

-" أقعد يا حج علشان نعرف نتكلم بهدوء".

جلس عابد وهو مازال ينظر إلى سامح بغضب ظهر على معالم وجهه، ليتحدث سامح قائلاً بنفس جديته التي أثارت إستفزازهم وغضبهم:

-" طيب يا حج لما أنت عمرك ما هترجعهاله، ليه متمسك بيها بقى، ما تخليه يطلقها زي أول مرة وتشوف حياتها بعيد عنه، وأديها رجعت تاني لأهلها، ومتقلقش إحنا شايلينها في عيوننا".

تحدث هاشم في تلك اللحظة قائلاً بنبرة رزينة:

-" الحج مكنش قصده ميرجعوش خالص يا حج سامح، بلال أتعدل وفاق لنفسه وبيحاول علشان خاطر وئام، لكن إحنا بنشد عليه أكتر من الأول علشان نفهمه إن اللي عمله غلط، وغلط كبير ميتسكتش عليه، وإحنا مسكتناش عليه".

رفع سامح كفه ليتحدث قائلاً بنبرة هادئة أظهرت عدم اهتمامه لما يفعلوه:

-" والله بقى دة شيء يخصكم أنتوا، لكن ابن عمها شاريها وعايزها".

كان رشاد يستمع إلى حديثه وهو يجلس براحة، فقد كان بالفعل أقلهم إنفعالاً، وأكثرهم هدوءً، ليطلق سؤاله وهو يرمش بأعينه مُتسائلاً بترقُب:

-" معلش بس يا حج، ابن عمها مين بالظبط؟ أصلهم كتير".

نظر له عابد بدهشة من سؤاله الغريب بالنسبة له، ليُجيب سامح على سؤال رشاد قائلاً بنبرة هادئة:

-" مفيش غير عبد الرحمن وأحمد هما إللي على وش جواز، عبده قيمة ٣٧ وأحمد قيمة ٢١".

نظروا جميعهم إلى بعضهم البعض، ليصمت رشاد بعدما توصل إلى ما يريده تاركاً لهم فرصة الحديث، أو الإندفاع، ليتحدث هاشم قائلاً بجدية أمتزجت بسخريته من حديث ذلك الرجل:

-" أنت عايز تجوز اللي عنده ٣٧ للي عندها ٢٢ سنة يا حج؟".

لوح سامح برأسه بعدم فهم من مشكلته، ليتحدث قائلاً بنبرته الهادئة التي تُظهر دوماً بأن لا مشكلة بما يقوله:

-" وإيه فيها، شاب عنده ورشته وأرضه وشغله وهيقدر يعيشها عيشة أحسن من إللي كانت عايشاها مع جوزها إللي معرفش يحافظ عليها".

رفع عابد كفه ليتساءل قائلاً بنبرة مُندفعة بعدما شعر بالغضب:

-" يعني يا راجل عايز تجوزها لواحد لو كان أتجوز كان زمانه خلف قدها! بقى دة كلام، دة أنت كدة بتظلمها".

كان سامح يستمع إلى حديثهم وهو يشعر بالتعجُب من إنفعالهم بذلك الشكل، ليلوح برأسه وهو يتحدث قائلاً بنبرة هادئة للغاية أثارت إستفزازهم للمرة التي لا يعلمون عددها:

-" وإيه فيها، ما هو باللي يعيشلها يا حج، وبعد إللي عرفناه هو شاريها وعايز يعوضها، أنا مش بظلمها، ولو ظلمتها ف يبقى ظلمتها لما سيبتها هنا مع أمها وأختها بعد وفاة اخويا".

رفع عابد رأسه قليلاً للأعلى وهو يشعر بنفاد صبره الذي نفد بالفعل، ليستغفر ربه بعدما شعر بإرتفاع ضغطه من حديث ذلك الرجل، لينتبهوا جميعهم إلى هاشم الذي تحدث قائلاً بجدية:

-" شوف يا حج علشان الكلام يبقى معقول ونقدر نتفاهم مع بعض، وئام عندها مخ تختار بيه إللي هي عايزاه، مش علشان ظروفها خاصة يبقى تجبرها وتقول هجوزها لإبن عمها، وأنا مش بعاديك في كلامك، لو وئام عايزة تتطلق هنطلقها من بلال زي ما حصل أول مرة بالظبط".

نظر له سامح ليتحدث قائلاً بنبرة مُتعجبة:

-" ومين قال بقى إننا مأخدناش رأي وئام، أخدنا رأيها وموافقة".

نظروا ثلاثتهم إلى بعضهم البعض بصدمة، ليوجه عابد نظره مرة أخرى إلى سامح مُتسائلاً بعدم تصديق:

-" وئام قالتلك إنها موافقة تتجوز إبن عمها؟".

لوح سامح بيده ليُعدل حديثه قائلاً بنبرة هادئة:

-" مش كدة يعني، لكن هي عندها علم بالموضوع، ومش ممانعة".

نفى هاشم برأسه وكأنه لا يُصدق حديثه أثناء قوله بجدية:

-" ودة مش هيغير رأينا يا حج، بكرة إن شاء الله هنسافر لوئام وبلال معانا، وهنشوف رأيها في الموضوع دة، ولو صح.. يبقى ليك الحق تعمل إللي أنت عايزه".

نظر كلاً من عابد ورشاد إلى هاشم بدهشة قليلاً، ليومىء سامح برأسه موافقاً، حتى تنهد هاشم وهو مازال ينظر له يُفكر بحديثه.

بعدما ذهب سامح، جلس كلاً من عابد وهاشم ورشاد مرة أخرى، ليوجه رشاد نظره إلى هاشم قائلاً بنبرة هادئة:

-" كلمه وقوله علشان لو كدة تسافروا بكرة".

أومأ هاشم برأسه ليتحدث قائلاً بنبرة خافتة:

-" هكلمه".

كان ذلك وسط نظرات عابد له، ليُلاحظ رشاد نظراته، حتى تحدث عابد قائلاً بنبرة مُندفعة وهو ينظر إلى هاشم:

-" هو إيه إللي لو هي موافقة هنطلقها منه؟".

نظر له هاشم قليلاً، ليوجه نظره نحو رشاد، حتى عاد بنظره مرة أخرى إلى عابد ليتحدث قائلاً بنبرة هادئة:

-" مش دة حقها؟ ولا هنغصبها كمان عليه؟".

تحدث عابد قائلاً بجدية يشوبها الحِدة:

-" يعني إيه نغصبها ومنغصبهاش، هو مفيش غير الغصب، مهما حصل والله ما هوافق أجوزها لإبن عمها دة، إيه الشباب خلصوا علشان يجوزوها لواحد شوية شوية يبقى قد أبوها".

ضحك رشاد بسخرية ليتحدث قائلاً بنبرة لا تقل عن مظهره:

-" هي دي مشكلتك يعني يا حج؟ يعني لو ابن عمها الصغير كان من سن مالك ولا بلال كان زمانك موافق؟".

تحدث عابد في تلك اللحظة قائلاً بجدية:

-" اه كنت هوافق، أنا مش هغصبها على أخوك، حتى لو بقى إيه.. طول ما هي مش راضية بيه عمري ما هغصبها عليه وهجوزها لواحد أحسن منه مليون مرة".

لوح رشاد برأسه بعدم تصديق من تفكيره وهو يبتسم، ليتنهد هاشم حتى تحدث قائلاً بنبرة هادئة:

-" مفيش الكلام دة يا حج، أنت عارف وئام، وعارف إنهم بسهولة ممكن يكونوا حشوا عقلها بأي كلمتين علشان توافق، رغم إني معتقدش بردوا.. علشان كدة قولت بكرة نروح ونتكلم معاها ونعرف الموضوع دة نهايته إيه".

تنهد عابد بعمق وهو يستمع إلى حديثه، لينظر هاشم إلى رشاد وكلاً منهم يُفكر بتلك الزيارة، التي قد تعود على جميعهم بالسلب، أو بالإيجاب.

كان كلاً من مالك وجابر يجلسان معاً بأحد المقاهي، ليرتشف جابر من كوب الشاي الذي بيده، وسط نظرات مالك له بتركيز، لينظر له جابر بطرف عينه، حتى لوح برأسه وهو يستغفر ربه، ليتحدث قائلاً بنبرة أظهرت نفاد صبره:

-" ما تخلص يا متدلع، جاي لحد هنا علشان تتفرج على نضارة بشرتي، جاي ليه!".

زفر مالك بقوة وهو ينظر للأرض بإمتعاض، ليرفع جابر حاجبيه بإستنكار وهو يتحدث قائلاً بجدية:

-" حد ضاربك ولا إيه؟ قولي مين وأنا أجيب الرجالة وأروح أ...".

استوقفه مالك وهو يشير بيديه قائلاً بنبرة حانقة:

-" يا عم هو أنت علطول مُندفع كدة عايز تفتح دماغ ولا حاجب أي حد وخلاص".

لوح جابر برأسه وهو يتحدث قائلاً بنبرة أظهرت غرابته منه:

-" ما أنت شكلك ميطمنش، ما تنطق ياض في إيه".

رفع مالك كتفيه بتلقائية، ليتحدث قائلاً بنبرة هادئة:

-" مفيش حاجة، جاي أقعد معاك شوية، تحكيلي وأحكيلك، تشكيلي وأشكيلك".

عقد جابر حاجبيه، ليرمش بأعينه وهو يتحدث قائلاً بجدية:

-" نحكي ف إيه؟".

رفع مالك كتفيه مرة أخرى وهو يقول بجدية مُزيفة:

-" عادي يعني يا جابر، قولي أنت.. عامل إيه مع إبنك؟".

نظر له جابر قليلاً ببلاهة، ليتساءل بنفس جديته:

-" ابني مين؟".

عقد مالك حاجبيه، ليتساءل بنبرة مُتعجبة قائلاً:

-" مش مدامتك حامل".

أومأ جابر برأسه ليتحدث قائلاً ببلاهة:

-" مدامتي حامل ولسة هتولد كمان ست شهور أه".

أومأ له مالك برأسه بتفهم، ليتحدث قائلاً ببلاهة تماثله أيضاً:

-" على خير إن شاء الله".

ليعود بنظره إليه مرة أخرى قائلاً بنبرة مرحة:

-" أنت بقى عامل إيه".

كان جابر مازال يطالعه بنفس نظراته، ليتحدث قائلاً بنبرة هادئة مُحذرة:

-" أنا بقول نفُكنا من الحكاوي وندخل على الفعل علطول".

لاحظ مالك غضبه الخفي والذي على وشك أن يُكشف، ليُحمحم حتى تحدث قائلاً بنبرة حاول جعلها ثابتة:

-" مش أنت كنت واعدني بحاجة كدة".

رفع جابر حاجبيه ليتحدث قائلاً بنبرة ساخرة:

-" أنا لما بوعد بوفي أه.. بس بالسرعة دي يعني؟".

تنهد مالك بعمق ليتحدث قائلاً بجدية على غير العادة:

-" مش عارف يا جابر، أنا حاسس إني بتعرض لموقف غريب، وبصراحة مش عارف اتعامل، يعني هي مش زي اخواتي البنات مثلاً، دماغها مختلفة ونوع أول مرة أقابله كدة مش مفهوم".

لينظر له وهو يشير بكفه قائلاً بنبرة مُدافعة:

-" الشهادة لله هي شخصية مش مفهومة بس شخصية كويسة، يعني يمكن الحاجة الوحيدة إللي مستغربها إن دماغنا يعتبر مختلفة تماماً عن بعض، أنا بحب حاجات هي مش بتحبها والعكس".

ضيق جابر جفنيه وهو ينظر له، ليتحدث قائلاً بنبرة هادئة:

-" طيب وأنت بالنسبالك دي حاجة كويسة ولا مش على هواك".

رفع مالك كتفيه ليتحدث قائلاً بنبرة هادئة:

-" لأ على هوايا، بس أنا مش متعود، أو يعني علشان اول مرة، ف خايف مبقاش عارف أتعامل".

ليعتدل ينظر إليه وهو يتحدث قائلاً بنبرة مُتلهفة:

-" بصراحة أنا جاي عايز نصيحتك، يعني حسيت إن محدش هيقدر يفيدني غيرك، قانون عشق بقى مش عشق، المهم تفيدني".

نظر له جابر وهو يُضيق جفنيه، ليعتدل ينظر له وهو يتحدث قائلاً بنبرة خبيثة:

-" مصلحجي قد الدنيا".

لوح مالك بيده بعدم إهتمام بعدما عاد بظهره ليجلس على المقعد براحة، ليتنهد جابر وهو يعتدل أثناء قوله بنبرة هادئة:

-" على العموم ياسيدي هقولك نصيحتي، وإللي هي بالنسبالي قانون العشق الخاص بيا بردوا".

عقد مالك حاجبيه ليتساءل بنبرة مُتعجبة:

-" هي مدامتك كدة بردوا؟".

ضحك جابر بسخرية ليتحدث قائلاً بنبرة لا تقل عن مظهره:

-" كلهم كدة يا متدلع، أصلك مش هتلاقي حد متفصل على مقاسك مخصوص".

عقد مالك حاجبيه وهو يعتدل يستمع إليه بتركيز، ليتحدث جابر قائلاً بنبرة رزينة:

-" بُص يا مالك، أي ست في الدنيا فيها عيوب، والرجالة بردوا كذلك، ودة بيخلي في ما بينهم اختلاف، قادرين بقى نستحمل ونحب بعض بعيوبنا وبإختلافنا، يبقى كان بها، مش عارفين.. يبقى نساوي الأسفلت".

أمتعضت معالم وجه مالك بعدم فهم، ليسترسل جابر حديثه قائلاً بجدية يوصل له ما يريد قوله:

-" يعني من الآخر يا متدلع متحاولش تغير فيها حاجة، خليها كدة زي ما هي، حِبها بإختلافها، وبدماغك.. أقلب العيب دة لميزة".

ضحك مالك بسخرية ليتحدث قائلاً بنبرة ساخرة:

-" اقلب العيب لميزة إزاي؟ دة إحنا لو نقدر نعمل كدة مكنش هيبقى في حاجة إسمها طلاق بقى".

أشار جابر بيده نحو عقله وهو يقول بجدية:

-" ما تفكر كدة وتقولي أنت إيه إللي خلاك تتشدلها".

قلب مالك عينيه وهو يُفكر، ليلوح جابر بيده وهو يستوقف تفكيره قائلاً بجدية:

-" مهما كان إيه ردك هيكون هو سبب اختلافها، وإللي أنت دلوقتي مش عارف تتأقلم معاه".

رمش مالك بأعينه عدة مرات ليتحدث قائلاً بنبرة حانقة:

-" بقولك إيه ياعم، لو هو دة قانون العشق بتاعك يبقى مش عايزه خلاص، أنت جايبني تعجزني".

غمز جابر بعينه ليتحدث قائلاً بعجرفة:

-" أنت إللي جايلي برجلك يا متدلع، ودة معناه إيه غير إنك مهتم ومش هتشيل أيدك من الموضوع دة ولا هيرتاحلك بال غير لما تفهم الدنيا ماشية إزاي؟".

زفر مالك بقوة وهو ينظر للفراغ من أمامه، ليعتدل جابر في جلسته بعدما شعر بنفاد صبره وهو يتحدث قائلاً بجدية لا تقبل المزاح:

-" ركز وفتح مواتير عقلك علشان بدل ما نقلبها حكاوي هتبقى أفعال، وأفعال مش هتعجبك".

رمقه مالك بطرف عينه، ليتحدث جابر قائلاً بجدية يشوبها الهدوء:

-" لو فكرت زي البني آدم هتلاقي إن إللي شدك ليها هو سبب مختلف، زي أي اتنين بيتعرفوا على بعض أول مرة، تيجي تسأله يقولك أصلها مختلفة، مع إن سبحان الله بتكون عادية، بس القلب وما يريد والعقل واختياره، ممكن تكون بالنسبة لغيرك عادية، بس بالنسبالك أنت مختلفة".

ليتطلع إليه بثبات وهو يقول بجدية:

-" علشان كدة متحاولش تغير اختلاف إللي قدامك، سيبه بإختلافه بسلطاته كدة زي ما هو، وبدل ما تعتبرها سلطة خضرة اعتبرها سلطة فواكه".

ضيق مالك جفنيه وهو يُفكر في حديثه بجدية، ليستردف جابر حديثه أثناء قوله بنبرة هادئة:

-" أنت لو بصيت للاختلاف اللي مش عاجبك أو اللي مش واخد عليه، وركزت فيه كويس، هتلاقيه هو هو نفس الاختلاف إللي خلاك تحبها، وهي هتلاقي فيها اختلافات كتير، اتقبل الاختلافات دي واعتبرها ميزة علشان تتدلق وتحبها".

نظر له مالك في تلك اللحظة، ليتحدث قائلاً ببلاهة:

-" يعني أنت معتمد القانون دة؟".

ضحك جابر ضحكة أظهرت ثقته وإستهزاءه بنفس الوقت، ليتحدث قائلاً بنبرة هادئة:

-" أنتِ عارف أنا ورضروضة عرفنا بعض ازاي؟".

نفى مالك برأسه ليتحدث قائلاً بنبرة فضولية:

-" لا أنت محكتليش قصة حبك قبل كدة، بس حاسسها حكاية بصراحة".

لوح جابر برأسه وهو يبتسم، ليتنهد وهو يتذكر ما حدث ما قبل.

(عـودة إلى المـاضي).

بأحدى الأسواق الشعبية المصرية لبيع الخُردة، وقف ذلك الرجل، ليلتفت ينظر إلى تلك الفتاة التي كانت تسير بجانبه قائلاً بنبرة مُحذرة:

-" خليكي واقفة هنا يا رضوى، هروح أجيب حاجة من الحارة إللي هناك دي".

أومأت له رضوى بتعب لتتحدث قائلة بنبرة مُجهدة:

-" طيب متعوقش يابا الله يباركلك أنا بطني لزقت في ضهري من كتر الجوع".

أومأ والدها برأسه ليقوم بوضع تلك الحقائب أمام قدميها وهو يقول بنبرة هادئة:

-" خلي دول هنا علشان هرجع بغيرهم، متقلقيش مش هتأخر".

أومأت رضوى برأسها، ليذهب والدها من أمامها، حتى ظلت رضوى واقفة بموقعها وهي تشعر بالتعب، لتقوم بإيقاف أحد الشباب الذي كان يمر وهو يحمل على كتفه صينية كبيرة مُحملة بزجاجات المياه والعصائر، لتتحدث قائلة برجاء:

-" بقولك إيه ياخويا هات إزازة ماية".

نظر لها الشاب من أسفل إلى أعلى بإعجاب، ليتحدث قائلاً بنبرة خبيثة:

-" بعشرة جني يا أبلة".

شهقت رضوى وهي تضع يدها على صدرها، لتتحدث قائلة بنبرة مُندهشة:

-" عشرة جني إيه يا جدع أنت دي إزازة ماية صغيرة".

غمز لها الشاب بعينه ليتحدث قائلاً بمشاكسة:

-" لأ ما أصل إزازة الماية إللي هتاخديها غالية كدة زي مقامك وسط المكان دة بالظبط".

رفعت رضوى حاجبها، لتتنهد بعمق وهي تحاول الهدوء، حتى تحدثت قائلة بنبرة حاولت جعلها هادئة:

-" طيب روح في طريقك الله يسهلك".

رفع الشاب حاجبيه ليتحدث قائلاً بنبرة خبيثة:

-" ليه بس يا أبلة، خلاص مشيها سبعة ونص".

رفعت رضوى حاجبيها إليه بحِدة لتتحدث بنبرة لا تقل عن مظهرها:

-" بقولك روح شوف طريقك علشان مقِلش منك".

حمل ذلك الشاب الصينية على كلتا يداه بعدما هبط بها وهو يقول بصوتٍ مرتفع سوقِي:

-" تقِلي من مين ياللي مشوفتيش رباية".

شعرت رضوى بالغضب في تلك اللحظة، لتصك على أسنانها وهي تطالعه بمعالم وجه تشبه كثيراً نبرتها الغاضبة المتوعدة وهي تقول:

-" أنا بقى هوريك إللي مشافتش رباية دي هتعمل إيه".

لتقوم بإخراج إحدى قطع الخردة من أحد تلك الحقائب، حتى قامت بضربه بها على رأسه بقوة جعلت الدماء تتناثر في الحال، ليتألم الشاب بصوتٍ مُرتفع سُرعان ما التم الجميع من حولهم في الحال وسط غضب رضوى وهي تُحاول الوصول إليه لتكمل ما كانت تفعله بمعالم وجه غاضبة، ليتدخل بينهم جابر الذي تحدث قائلاً بصوتٍ مرتفع:

-" بـس ياض غور شوف أنت رايح فين".

كاد الشاب أن يتحدث ويُدافع عن نفسه، لتسبقه رضوى التي تحدثت قائلة بنبرة مُنفعلة غاضبة:

-" يغور يروح فين مش هيمشي من هنا غير لما أخد حقي".

نظر لها جابر قليلاً ببلاهة، ليعود بنظره إلى الشاب الذي كان يضع يده على رأسه التي كانت تنزف بالدماء، ليعود جابر بنظره إليها مرة أخرى قائلاً بجدية:

-" أومال قرنه إللي بيشُر دم دة أمي لامؤخذة اللي فتحته ولا إيه؟".

صكت رضوى على أسنانها بغضب، ليأتي والدها في تلك اللحظة ليتدخل وسط تلك الضوضاء وهو يقول بنبرة قلقة:

-" في إيه يا رضوى حصل إيه".

أمسكت رضوى بيده لتتحدث قائلة بنبرة حاولت جعلها هادئة:

-" مفيش حاجة يابا خلاص".

لوح الشاب بذراعه وهو يقول بنبرة مُندفعة:

-" مفيش حاجة إيه يا بت أنتِ أومال دماغي إللي اتفتحت دي إيه".

غضبت رضوى مرة أخرى حتى كادت أن تتحدث، ليستوقفها جابر الذي التف بكامل جسده لذلك الشاب وهو يقول بجدية أظهرت حذره:

-" لأ كدة أنا اللي هكمل عليك وأرقدك في المستشفى".

لتحتد نبرته وهو يقول بنبرة غاضبة:

-" غور يالا روح لعمك حسني الحلاق يطهرهالك، غور متتحنش".

أومأ الشاب برأسه بعدم رضا وسماح وهو يقول بنبرة مُنفعلة:

-" ماشي يا معلم جابر، لأجلك أنت بس".

لوح له جابر برأسه أن يذهب، ليعود جابر بنظره إلى والد رضوى الذي تحدث قائلاً بنبرة أظهرت عدم فهمه وقلقه:

-" في إيه يابني، في إيه يا رضوى عملتي إيه يا بنتي".

تنهدت رضوى بعمق وهي تشعر بالغضب، لينظر لها جابر، حتى عاد بنظره إلى والدها وهو يلوح بيده نحو محله قائلاً بنبرة هادئة:

-" تعالى يا حج أتفضل، أتفضل اشرب حاجة وأهدى متقلقش محصلش حاجة".

كادت رضوى أن تتحدث وترفض عرضه، ولكنها صمتت أمام قلق والدها، ليولج بهم جابر إلى محله، حتى جلس ثلاثتهم، ليتحدث جابر وهو ينظر إلى ذلك الصبي قائلاً بنبرة سريعة:

-" هات كوبايتين شاي وكوباية عصير وإزازة ماية".

لم تستطع رضوى أن تحتمل أكثر من ذلك، لتتحدث قائلة ببرود:

-" ملهوش لزوم ياخويا وفر جمايلك مش عايزين حاجة".

نظر لها جابر وهو يبتسم بسمة إثارة غيظها أكثر، ليتحدث والدها قائلاً بنفاد صبر:

-" يا بنتي في إيه ما تقوليلي إيه إللي حصل".

وجهت رضوى نظرها إلى والدها، لتتحدث قائلة بنبرة مُنفعلة:

-" في واحد أهله معرفوش يربوه كان عايز يتربى، أنا ربيته".

أشار والدها بإصبعه نحو الخارج أثناء قوله بعدم تصديق:

-" أنتِ قصدك على اللي كانت دماغه مفتوحة؟".

أومأت رضوى برأسها بتأكيد لتتحدث قائلة بجدية:

-" يعني يشتمني واسكتله؟".

توسعت أعين والدها بصدمة ليتساءل بنبرة لا تقل عن مظهره:

-" تقومي فاتحاله دماغه!".

تنهدت رضوى بعمق وهي تنظر للفراغ من أمامها، ليتحدث جابر قائلاً بنبرة هادئة وهو ينظر إلى والدها:

-" خلاص يا حج متقلقش محصلش حاجة جامدة يعني، الواد يستاهل، مادام ضايقها يبقى تاخد حقها".

نظرت له رضوى بطرف عينها، ليبتسم جابر وهو ينظر لها، حتى تنهدت وهي تلوح برأسها بغرابة منه.

(عـودة إلى الوقـت الحـالي).

توسعت أعين مالك بدهشة وهو يستمع إلى تلك القصة التي كان يسردها عليه جابر، ليتنهد جابر وهو يبتسم قائلاً بنبرة هادئة:

-" وبعدها بأسبوع كنا قارئين فاتحة".

توسعت أعين مالك أكثر، ليلوح برأسه وهو يقول بعدم تصديق:

-" اقنعني أنت بقى إزاي دة حصل".

لوح جابر برأسه وهو يُضيق جفنيه أثناء قوله بنبرة هادئة:

-" جيبت عنوان بيتهم ودخلتلهم دوغري وقولت إني عايز أطلب أيديها، هو أنا لسة هتمحلس".

ليعتدل في جلسته وهو يشرح الوضع من تلك النقطة قائلاً بنبرة هادئة للغاية:

-" تاني حاجة شديتني ليها بقى إنها رفضتني".

ضحك مالك بقوة بعدما لم يستطع كتم ضحكته، ليرفع جابر حاجبيه وهو يقول بنبرة ضاحكة:

-" أنت بتضحك يا متدلع؟ الحق عليا يعني بناولك خبرتي".

لوح مالك برأسه وهو يضحك، ليتحدث قائلاً بنبرة مازال آثار الضحك ظاهر بها:

-" لامؤخذة يا عم جابر بس ريأكشن وشك حوار، حسستني إن هي إللي طلبت منك الجواز".

أشار له جابر بيده أن ينتظر أثناء قوله بنبرة خبيثة:

-" ما هي بتيجي واحدة واحدة، شوف الفرق ما بين زمان، وما بين دلوقتي".

ليرفع حاجبيه قليلاً وهو يشرح مقصده قائلاً بنبرة رزينة:

-" أنا أول موقف عرفتها فيه كان زي ما حكيتلك، واتقدمت واترفضت، ودة إللي خلاني اتمسك، طبع مختلف، بس يثبتلك إن هي دي إللي هتشيلك، وبعد يا سيدي ما حاولت بدل المرة اتنين وتلاتة، مغيرناش حاجة، وكل حاجة كانت ماشية سلطة فواكه زي ما قولتلك، لا حاولت أغير، ولا حاولت أتغير".

ليرفع سبابته وهو يقول بنبرة مُحذرة:

-" بس لو فيك حاجة محتاجة تتغير غيرها، متستناش من حد يقولك غيرها، خليك أنت سابق الكل بخطوة، وخليك فاهم دماغ إللي قدامك، وخليك عارف أنهي طريقة بالظبط اللي هتنفع معاه، أوعى تجازف وأنت حاسس إنك هتسمع حاجة مش هتعجبك، لأن الحاجة دي ممكن تغير وجهة نظر اللي قدامك فيك".

كان مالك يستمع إلى حديثه بتركيز ودقة وهو يحاول فهم كلماته، ليتنهد جابر وهو يبتسم قائلاً بنبرة مرحة:

-" بس كدة يا متدلع، فهمت هتعمل إيه؟".

لوى مالك شفتيه بتفكير، ليومىء برأسه وهو يقول ببلاهة:

-" نساوي الأسفلت، ونغير السلطة الخضرة، لسلطة الفواكه".

__________________

باليوم التالي، وبعد مرور عدة ساعات على وصولهم  المنصورة تحديداً بأحدى القُرى، وبأحد تلك البيوت التي يُحيطها الأراضي الزراعية، كان يجلس كلاً من عابد، وهاشم، وبلال، وسط نظرات كلاً من عابد إلى هاشم بغرابة من هدوء بلال الغريب عليه؛ جاء إليهم ذلك الرجل مرة أخرى وهو يمسك بيديه صينية بها المشروبات أثناء وضعها أمامهم وقوله بنبرة مُرحبة:

-" منورينا والله، الجماعة جوة بيحضرولنا الغدا، هتاكلوا شوية بط إنما إيه متربي على الغالي".

نظر له عابد قليلاً بسخط لا يظهر بشكلٍ كبير، ولكن بالنسبة لهاشم وبلال، فقد كان ظاهراً بالفعل، ليتحدث هاشم قائلاً بنبرة مُمتنة:

-" ربنا يباركلك يا حج سامح تُشكر، إحنا أتغدينا قبل ما نيجي".

جلس أمامهم سامح ليتحدث قائلاً بجدية:

-" ودي تيجي إزاي، تبقوا في بيتنا ومتاكلوش، والله ما يحصل".

تنهد عابد بعمق ونفاد صبر وهو يتحدث قائلاً بنبرة حاول جعلها هادئة قدر الإمكان:

-" إحنا جايين يا حج علشان نشوف آخرة الموضوع دة إيه، مش جايين ناكل ونتضايف مش مستاهلة".

ابتسم سامح وهو ينظر له أثناء ايماءه برأسه قائلاً بنبرة هادئة:

-" هيخلص يا حج إن شاء الله".

لوح عابد برأسه قليلاً وهو يستغفر ربه ويلوح بيده أثر تلك الذُبابات القليلة، ليوجه سامح نظره نحو بلال الذي كان يطالعه بمعالم وجهه الهادئة، ليبتسم سامح أثناء قوله بنبرة هادئة:

-" ازيك يا بلال، عامل إيه".

أومأ بلال برأسه وهو مازال ينظر له، ليتحدث قائلاً بنبرة هادئة بعدما رسم إبتسامة صغيرة على ثغره:

-" بخير يا حج، وبعد شوفتك بقيت بخير أكتر".

لوح سامح بيده وهو يقول بنبرة هادئة:

-" طيب دايماً ياسيدي في أحسن حال، وإحنا نكرهلك بردوا".

ابتسم له بلال بمُجاملة، ليتنهد هاشم وهو يلوح برأسه قائلاً بنبرة هادئة:

-" طيب إيه يا حج، ندخل في الموضوع علطول".

نظر له سامح قليلاً، ليجد بعض الرجال يولجون إليهم تلك الجلسة، حتى نهضوا جميعهم ليبدأوا بمُبادلة بعضهم السلام، ثم جلسوا جميعهم مرة أخرى بعدما عجّ المكان ببعضهم، ليُحمحم سامح وهو يُشير بيده على الرجال قائلاً بنبرة هادئة وسط تعريفهم على عابد وأبناءه:

-" دة يا حج ابن عمي صفوان، ودة ابنه احمد، وإللي جنبه عبد الرحمن، ودة وائل عم وئام الصغير".

أومأ عابد برأسه بترحيب وهو يعلم قِلة منهم، كذلك كلاً من هاشم وبلال، ليتنهد وائل حتى تحدث قائلاً بنبرة مُبهمة وهو ينظر إلى سامح:

-" إيه يا حج، فاتحت حج عابد في الموضوع ولا لسة معندوش علم".

نظر له هاشم ليبتسم وهو يقول بنبرة هادئة أشبه بالسخرية:

-" ولو الحج معندوش علم كان زماننا بنعمل إيه هنا دلوقتي يا دكتور".

قلب وائل عينيه قليلاً وهو يُحيد بنظره عنهم، ليتنهد عابد وهو يحاول الهدوء، حتى أعتدل في جلسته ليتحدث قائلاً بنبرة هادئة رزينة:

-" شوف يا حج سامح، أنا جاي لحد هنا علشان أحل الموضوع دة، وعلشان أقولك إن طول ما وئام مش موافقة بحاجة يبقى مش هتصبح، أنت عارف إن وئام زيها زي بناتي و...".

كاد عابد أن يستكمل حديثه، ليتحدث صفوان قائلاً بنبرة مُندفعة:

-" وهو لامؤخذة يا حج، لو هي زي بناتك، كنت هتسيب بناتك يتمرمطوا كدة وسط رجالتهم، ولا كنت هتاخد حقهم ومش هتسيبهم وحدهم في الظروف دي".

نظر له سامح ليتحدث قائلاً بنبرة مُحذرة:

-" صفوان، الكلام مبيقاش كدة".

نظر له صفوان قليلاً، ليعود بنظره إلى عابد بنظراته الحادة، ليتحدث عابد بعدما أعتدل ينظر له أثناء قوله بجدية:

-" والله يا حج مع احترامي ليك ولوجودك هنا، كان المفروض الحج سامح يفهمك ويعرفك إني واقف في صف الحق من أول لحظة، ومن ساعة ما حصل إللي حصل وأنا واقف مع وئام ومش سايبها وحدها زي ما أنت بتقول، ولحد ما جاتلكم هنا أنا مكنتش سايبها، أنا أعرف عن وئام إللي محدش يعرفه، ولا حد منكم هنا يعرف حاجة عنها، وئام دي بنتي إللي ربيتها وسط عيالي وشوفتها بتكبر وسطهم، ويوم ما غلطت.. جيبتلها حقها، حتى لو حقها دة كان من مين".

ليتدخل بتلك الأثناء احمد الذي تحدث قائلاً بجدية:

-" بس يا حج مش أنت اللي غلطت، دة إبنك".

نظروا لهم جميعهم أثر تدخله بالحديث، ليتحدث هاشم في تلك اللحظة قائلاً بنبرة رزينة:

-" في مثل معرفش تسمعوا عنه ولا لا، بيقول إيه المثل دة 'الكُل حكيم مادام القصة مش قصته'، وانتوا دلوقتي بتتكلموا عن وجهات نظركم وانتوا بتتفرجوا من برة، لكن معشتوش إللي حصل ولا شوفتوا ربعه، وئام جاتلكم هنا البلد وهي الحمدلله حالتها أحسن وكويسة، جاية تقضي كام يوم مع عمامها وبنات عمامها، وترجع تاني لحياتها إللي انتوا شايلين أيديكم منها".

ليعقد حاجبيه وهو مازال يوزع نظراته بينهم أثناء قوله بجدية:

-" أنا بس عايز أعرف أنتوا كنتوا فين يوم فرحها، وكنتوا فين لما تعبت يوم وفاة عمي ياسر، وكنتوا فين لما وصلتلكم مشكلة أم ولاء وولاء، اللي كان حاضر وشاهد على كل دة الحج سامح، ف مظنش إن من حق حد يتدخل في الموضوع دة غيره، علشان منتعبش مع بعض".

نظر ثلاثتهم إلى بعضهم البعض بغضب من كلماته، ليتحدث سامح قائلاً بنبرة مُتأسفة:

-" أنت عندك حق يا هاشم ومتآخذنيش في اللي حصل، حقك أنت والحج على رأسي، إحنا مش بتوع مشاكل، وربنا يعلم إننا عايزين حق بنتنا مش أكتر".

رفع عابد حاجبيه بإستنكار، ليتحدث قائلاً بنبرة ساخرة:

-" وحق بنتكم تجيبوه لما تجوزوها واحد أكبر منها بـ ١٥ سنة يا حج سامح؟ هو دة الحق إللي بيتجاب؟ دة اسمه عندنا ظلم، لو عندكم غير كدة يبقى دي فيها كلام تاني بقى".

حمحم عبد الرحمن في ذلك الحين وهو يلفت الأنظار إليه، لينظر إليه الجميع، حتى وجه نظره نحو عابد لينظر له بثبات أثناء قوله بنبرة رزينة:

-" أنا عبد الرحمن يا حج، أنا فعلاً اكبر من وئام بـ ١٥ سنة، وعُمري ما شوفتها غير إنها اختي الصغيرة، لكن أنا حابب أتكلم معاك بهدوء وافهمك وجهة نظري.. أنا أكيد مش هوافق إني أتجوز وئام وهي مغصوبة عليا أو مش راضية عن الجوازة دي، لكن إللي أعرفه وإللي شوفته بعيني هو إن وئام اتظلمت في حياتها مش في جوازتها بس، أنا كنت هتفق معاك لو وئام مكانتش بتعاني من أي مرض يخليها تتجوز جوازة طبيعية من راجل هي تختاره بنفسها، لكن ظروف وئام تمنعنا نخليها تنقي هي الراجل إللي عايزة تتجوزه، وبردوا تمنعنا نجيبلها واحد من برة ونجوزهولها، إحنا منعرفش مين ممكن يبوظ الدنيا أكتر ولا يظلمها في حياتها أكتر، ولا بعد كام سنة يضحك عليها وياخد إللي وراها وإللي قدامها، علشان كدة الحج سامح اقترح الإقتراح دة، علشان في نفس الوقت يكونوا متطمنين على وئام، وعارفين إنها هتعيش عيشة تريحها بعد كدة مش تتعبها".

كان كلاً من عابد وهاشم وبلال يستمعون إلى حديثه، وسط الدهشة والهدوء، والشك والتصديق، ووسط عدم معرفتهم في تلك اللحظة لأي ردود تُجيب على كلماته تلك على وجه التحديد، ليتحدث سامح قائلاً بنبرة سريعة وكأنه يُكمل على حديث عبد الرحمن:

-" وأهو يكون القريب أحسن من الغريب، واللي نعرفه أحسن من إللي منعرفوش بردوا يا حج، ولا أنت إيه رأيك؟".

نظر عابد إلى كلاً منهم، ليتحدث قائلاً بنبرة صارمة:

-" أنا لسة عند كلامي يا حج، زي ما بسيب بناتي يختاروا، يبقى مش هغصب على وئام، ولا هغصب على ابني في شيء، أنا أقعد مع وئام واتكلم معاها وأعرف هي عايزة إيه وبتفكر ف إيه، وساعتها أقولكم رأيي".

نظر سامح إلى أقاربه في تلك اللحظة وهو يشعر بعدم الفائدة، ليعتدل ذاك في جلسته وهو يتنهد بعمق، حتى رفع رأسه ليرسم إبتسامة بسيطة على ثغره أثناء قوله بنبرة هادئة:

-" مبدأياً يا أستاذ عبد الرحمن أنت عندك حق في كل إللي قولته، ومحدش يقدر يغلطك، كلامك دة أنا متفق معاك فيه".

نظروا له جميعهم بدهشة، أكثرهم عابد وهاشم، ليعود بلال بنظره إلى سامح أثناء قوله بنبرة مُمتنة:

-" وكلام الحج وهاشم على رأسي من فوق، وكلامك أنت كمان يا حج سامح علشان متقولش إني مغلطك".

رفع سامح حاجبه بإستنكار قليلاً، ليلوح بلال برأسه وهو مازال يبتسم قائلاً بنبرة رزينة:

-" أي كلمة هتتكلموها لمصلحة وئام أنا متفق معاكم فيها، حتى لو النقطة دي هتيجوا عليا فيها أنا معنديش أي مشكلة، المهم عندي وئام تكون مرتاحة من القرار دة، مش شرط تكون مبسوطة، لأن أنا عارفها، هي بتكون خايفة من الأول قبل ما تاخد اي خطوة، بس لما بتاخدها وبتلاقيها مطمناها، بتكمل فيها وبتتبسط، وبتفهم إن هو دة الصح ليها".

ليلوح بيده أثناء شرحه لمقصده قائلاً بنبرة هادئة:

-" مش عارف بصراحة إيه إللي وصلكم عني، بس هو أكيد مش أوحش من إللي عملته، واللي اتحاسبت عليه قبل ما تبصولي البصة دي، أنا اتحاسبت من أهلي، ومن نظراتهم ومقاطعتهم ليا، ومن ربنا قبلهم، أنا كل حاجة حاسبتني على اللي عملته في وئام، حتى نفسي.. بس بردوا عايز أقول إني في الأيام إللي ربنا يشهد إني مكنتش بعامل وئام فيها غير بالحُسنة، أنا كنت قايلها ومفهمها إن الخير ليها دايماً مجهول، ومش باين، يمكن الخير دة يكون مخاطرة ف حاجة لازم تسعى فيها علشان تعرف إنها خير، حتى لو الحاجة دي في أول الطريق مش في صالحها، علمتها تكمل وربنا معاها في كل خطوة بتخطيها، وكنت بسيبها كتير تعتمد على عقلها ومتعتمدش اعتماد كُلي على أي حد علشان يعني لو اتعرضت لأي ظروف تقدر تتصرف".

ليتنهد بعمق وهو ينظر لهم، حتى إبتلع ريقه ليتحدث قائلاً بنبرة ظهرت ثابتة رغم قلبه المُزدحم بالبُكاء:

-" رغم إني علمتها كتير أوي، وربيتها على أيدي، إلا إني اكتشفت دلوقتي إنها هي اللي علمتني وربتني، وقدمتلي اللي عمري ما قدرت اقدمهولها، وئام جميلها يتشال فوق رأسي، دي أنقى بني آدمة شوفتها، وأكتر واحدة نضيفة من جواها".

ليوجه نظره نحو عبد الرحمن قائلاً بنبرة مرحة لا تظهر ما خلف ذلك القناع:

-" علشان كدة لو حصل، عايزك تخليها دايماً نضيفة كدة، مش عايز حاجة توسخ القلب دة، عايزه يفضل زي ما هو حتى لو مر من العُمر إيه".

حتى عاد بنظره مرة أخرى إلى سامح ليتحدث قائلاً بنفس نبرته:

-" بس بما إني لسة جوزها، ف أنا من حقي أشوفها، صح ولا إيه؟".

نظر له سامح قليلاً، لينهض عبد الرحمن وهو يتأهب للإتجاه نحو بلال قائلاً بنبرة سريعة:

-" أنا هطلعه ليها يا حج".

نهض بلال هو الآخر بعدما وجه نظره نحو عابد الذي كان يطالعه بصدمة من كلماته، وهاشم الذي كان يبتسم وهو ينظر له، ليقترب عبد الرحمن وهو يذهب من أمامه ليوجهه نحو الطريق، حتى عاد كلاً من عابد وهاشم بنظرهم إلى سامح والبقية وسط توتر تلك الأجواء من حولهم.

صعد كلاً من عبد الرحمن وبلال ذلك الدرج الذي يؤدي إلى الطابق الثاني من المنزل، ليتوقف كلاً منهم أمام تلك الغرفة، حتى وضع عبد الرحمن يده على كتف بلال وهو يتحدث قائلاً بنبرة هادئة:

-" على فكرة أنا مديها خبر إنك جاي".

عقد بلال حاجبيه قليلاً بغرابة، ليبتسم له عبد الرحمن وهو يربت على كتفه، حتى ذهب من أمامه إلى الأسفل، ليقترب بلال من باب الغرفة، حتى إبتلع ريقه بتوتر، ليقوم بدقه دقات هادئة، حتى أتاه الرد بعد ثواني من صوتِها الذي افتقده بشِدة جعلته يُغلق جفنيه عندما استمع إلى نبرتها الناعِمة:

-" مين؟".

ابتسم بلال وهو ينكس رأسه، ليتحدث قائلاً بنبرة هادئة:

-" أنا بلال".

صمتت وئام قليلاً، لثواني، ولدقيقة كاملة، وسط وقوف بلال وهو يشعر بالتعجُب، ليجد الباب يفتح بواسطتها فتحة صغيرة، حتى وضع بلال يده عليه يدفعه ببطء وبترقُب مما يحدث.

ولج بلال إلى الغرفة، ليجدها تقف من أمامه، ترتدي قميص أحمر يصِل إلى بعد رُكبتيها بكثير، لا يظهر سوا القليل من قدميها، وكذلك ذراعيها المكشوفان بالكامل، كما قامت بفرد شعرها الطويل، والذي بفعل أشعة الشمس أمتزجت ألوان القهوة، والخُصلات الذهبية به، بعدما نثرته على كتفيها، وقامت بوضع طوق صغير من اللون الأحمر، يتجنبه فيونكة صغيرة من نفس اللون، كما لم تنسى أهم ما قامت بوضعه، ذلك أحمر الشفاه الذي جعل من بشرتها البيضاء وتلك الألوان لوحة كاملة غرق بتفاصيلها ذاك الذي يقف كالمسكين.

كان بلال يُطالعها بصدمة كما المتوقع، ليلوح برأسه وهو يبتلع ريقه، حتى تحدث قائلاً بنبرة مُهتزة:

-" إيه.. إيه إللي أنتِ عاملاه دة يا وئام".

ابتسمت وئام بإتساع، لتقترب منه حتى قامت بمُباغتته بذلك العِناق، والذي لم يكُن كأي عِناق، فقد قامت بإدخال ذراعيها داخل ذلك الجاكيت المفتوح الذي كان يرتديه، لتُحاوط ظهره بذراعيها، وكأنها في تلك اللحظة تُعبر له عما تريد قوله أكثر أثناء قولها بنبرة سعيدة وهي تعانقه:

-" أنت وحشتني أوي، أنا مبسوطة إنك جيت، أنا كنت عارفة إنك هتيجي، أنت وحشتني يا بلال، وحشتني أوي أوي".

تصنم بلال بموضعه قليلاً وهو ينظر لها، ليشعر بالإرتباك والتوتر وهو يضم قبضتي يديه أثناء إغلاقه لجفنيه مُحاولاً الثبات على موقفه، وتذكر ما كان يتعلمه خلال تلك الأشهر، ليبتلع ريقه وهو يقوم بإخراجها من عِناقه برِفق، لتخرج بالفعل وهي تنظر له مُبتسمة بإشتياق، حتى قام بلال بخلع جاكيته، ثم قام بوضعه عليها وهو ينظر لها قائلاً بنبرة هادئة:

-" كدة هتبردي".

تلاشت إبتسامة وئام وهي تتحدث قائلة بنبرة أظهرت ضيقها:

-" بس أنت بتحبه عليا، وبتحب شعري يكون كدة، والروچ دة إيمان بنت عمي سامح قالتلي أحط منه علشان يعجبك، أنا عملت كدة علشان يعجبك، مش أنت جاي علشاني".

عقد بلال حاجبيه بعدم فهم منها، لتبتسم وئام مرة أخرى وهي تقول بنبرة مُحبة سعيدة:

-" أنت كنت زعلان مني علشان أنا سيبتك آخر مرة وقولت إني عايزة أقعد مع عمو سامح، بس خلاص أنا عايزة أرجع معاك".

تنهد بلال وهو ينظر لها مُحاولاً إيجاد حل لما يحدث، ليمسك بيدها يُسير بها نحو ذلك الفراش، حتى جعلها تجلس، ليجلس هو من أمامها، وسط نظرات وئام له، لتتحدث قائلة بنبرة خائفة:

-" أنت لسة زعلان مني؟".

نفى بلال برأسه عدة مرات ليتحدث قائلاً بنبرة هادئة:

-" أنا أزعل منك ليه يا وئام، أنا مش زعلان منك طبعاً ومقدرش".

تنهدت وئام براحة وهي تبتسم له، لتنكس رأسها بخجل، حتى رفعتها مرة أخرى تنظر له أثناء قولها بنبرة سعيدة:

-" أنا كنت عارفة إنك جاي على فكرة".

رفع بلال حاجبيه قليلاً ليتحدث قائلاً بنبرة هادئة:

-" حد قالك؟".

نفت وئام برأسها عدة مرات وهي تبتسم، لتتحدث قائلة بنبرة خافتة وكأنها تُخبره بسراً ما:

-" عمو سامح قال انهاردة وكمان أبيه عبد الرحمن كان بيكلمني وبيقولي إنك هتيجي تصالحني وتاخدني، بس أنا كنت عارفة من بدري إنك هتيجي من قبل ما هما يقولوا، أنت مكنتش هتسيبني هنا أنا كنت عارفة".

ابتسم بلال وهو ينظر لها، ليبتلع ريقه وهو ينكس رأسه مُحاولاً التحدث، ليرفع رأسه ينظر لها مُحاولاً تغيير مجرى الحديث بباديء الأمر قائلاً:

-" طيب اتبسطتي هنا؟".

أومأت وئام برأسها عدة مرات، لتبدأ بسرد ما يحدث معها أثناء قولها بنبرة سعيدة:

-" أوي أوي، إحنا كل يوم بنقعد في الأرض سوا، وبنلعب لعب كتير، وبليل بنسهر نلعب كمان".

ضحك بلال على كلماتها ليتحدث قائلاً بنبرة ضاحكة:

-" بس أنتِ مكنتيش بتسهري".

رفعت وئام كتفيها لتتحدث قائلة بنبرة أظهرت مرحها:

-" هنا بسهر شوية، علشان عمو سامح وكلهم بييجوا بليل من الشغل، ف بنقعد معاهم، وبعدين نقعد إحنا كلنا نتكلم ونلعب ونشرب شاي، وعارف كمان بعملهم نسكافية زي إللي كنت بعمله ليك".

كان بلال يستمع إلى حديثها وهو يبتسم بسمة هادئة، ليعتدل في جلسته وهو يتحدث قائلاً بنبرة مرحة حاول عدم مزجها بحشرجة صوته وكلماته الخارجة من خلف قلبه:

-" طيب إيه رأيك لو تفضلي هنا علطول".

عقدت وئام حاجبيها بعدم فهم، لتتحدث قائلة بنبرة أظهرت رغبتها للفهم:

-" يعني ازاي، أعيش هنا علطول؟".

أومأ بلال برأسه عدة مرات، ليتحدث قائلاً بنفس نبرته:

-" هتبقي مع بنات عمك، وعمامك، وكل الناس إللي بيحبوكي معاكي، وإللي بتحبيهم كمان".

إبتسمت وئام بعدما تفهمت مقصده بشكلٍ خاطيء، لتتحدث قائلة بنبرة مُترقبة من وسط ابتسامتها:

-" يعني هنعيش هنا سوا؟".

نظر لها بلال قليلاً، لينفي برأسه بإضطراب، حتى إبتلع ريقه ليتحدث قائلاً بنبرة حاول جعلها هادئة ثابتة قدر الإمكان:

-" هتعيشي هنا أنتِ، مع عمامك وبناتهم وقرايبك إللي أنتِ مبسوطة معاهم، وهتشوفي حياتك الجديدة، وكلهم هيبقوا حواليكي".

تفاجئت وئام من كلماته، لترمش بأعينها عدة مرات وهي تُحاول فهم مقصده، لتعود بنظرها إليه مرة أخرى وهي تضع كفها على قلبها أثناء قولها بنبرة خائفة من إجابته:

-" أنت لسة زعلان مني؟".

نفى بلال برأسه وهو يقترب منها بلهفة أثناء قوله بنبرة سريعة:

-" عُمري ما ازعل منك يا وئام، أنا بقول كدة علشانك أنتِ وعلشان تكوني مبسوطة".

نفت وئام برأسها لتبتعد عنه وهي تقول بنبرة محشرجة بدأت بالظهور عندما بدأت أيضاً دموعها بالهطول:

-" لأ أنت زعلان، ومش عايزني.. عايز تسيبني هنا لوحدي".

حاول بلال التحدث، لتنهض وئام عن الفراش وهي تقوم بخلع جاكيته تدفعه عنها وهي تبكي بقوة أثناء قولها بنبرة تظهر منها الكلمات بالكاد:

-" أنت لو مش عايزني جيت ليه، أنت هنا ليه، خلاص أمشي".

تفاجىء بلال من كلماته، ليقترب منها يمسك بيديها بكفه وهو يضع كفه الآخر على وجهها مُحاولاً رفع رأسها إليه أثناء قوله بنبرة مُتلهفة:

-" أنا مش زعلان منك وعايزك يا وئام، بس مش هينفع، أنا علشان عايزك وبحبك بقولك كدة، علشان متزعليش بسببي تاني".

نفت وئام برأسها وهي تقترب منه قائلة بنبرة باكية بعدما ملئت الدموع وجهها:

-" أنا مش زعلانة منك، أنت خايف علشان كدة؟ أنا مش زعلانة أنا والله خلاص صالحتك ومبقتش بخاف منك، وعارفة إنك مش هتعملي حاجة تاني أنت قولتلي لما كنت عند بابا عابد في البيت، وأنا كنت ساعتها خايفة شوية بس لما جيت هنا أنا مبقيتش خايفة خلاص، والله أنا مش زعلانة أنا عايزاك تاخدني معاك وهاجي معاك".

لتقترب منه تعانقه بقوة وكأنها تمنعه من الحديث أثناء قولها بنبرة مُترجية من وسط بُكاءِها:

-" متسبنيش والله أنا بحبك، ماما سابتني ومش بتكلمني وأنا عرفت، وأنت كمان هتسيبني وهتمشي زيها، متسيبنيش وأنا مش هزعلك يا بلال، بس خدني معاك أنا بحبك، أنت وحشتني ووحشني بيتنا، مش أنت كنت بتقولي إنه مش حلو علشان أنا مش فيه، خلاص أنا هاجي معاك أهو".

إبتلع بلال ريقه وهو يُحاول التحكم بدموعه بعدما شعر بألم قلبه وحلقه أثر كلماتها، يرفض عقله فكرة خروجها من عناقه الآن، عقله الذي كان يثور عليه ويمنعه من التفكير بها، عقله الذي أعلن عُصيانه عليه عندما فعل بها ما فعل، ها هو الآن يترجاه ليستمع إليها، وليترُكها بين ضلوع ذلك المسكين خلف القُضبان ينتظر منها ذلك العِناق الذي انتظره طويلاً، ولكنه قرر العُصيان على كلاً منهم في تلك اللحظة، قرر فعل ما قرره له ضميره بشأنها، وهو يُخرجها من عِناقه برفق، حتى تحدث قائلاً بنبرة مُرتعشة بعض الشيء وهو يراها مازالت تضع وجهها بموضع قلبه أثناء بُكاءِها:

-" أنا بحبك، والبيت وحش من غيرك، وأنتِ وحشتيني.. وحشتيني أوي، بس مينفعش، مينفعش المرة دي أعمل زي كل مرة واختار نفسي وأجي عليكي، أنا مش هقدر أعمل كدة يا وئام".

كانت وئام مازالت تبكي وهي على وضعها بداخل أحضانه التي تمسكت هي بها، ليلوح بلال برأسه وهو لا يعلم بماذا يجب عليه أن يفعل، ليبتلع ريقه وهو يتحدث قائلاً بنبرة محشرجة:

-" طيب مش أنتِ عايزة تبقي مبسوطة؟".

نفت وئام برأسها عدة مرات لتتحدث قائلة بنبرة محشرجة وهي مازالت على وضعيتها:

-" أنا عايزة أبقى معاك".

عنفه قلبه الذي تحتمي به في تلك اللحظة، وكأنه يخبره ألم تعطف عليها حتى بذلك الوضع، ليُغلق بلال جفنيه وهو يشعر بقواه التي بدأت ترتخي أثر عدم معرفته لما يجب عليه فعله معها، ليبتلع ريقه وهو يتحدث قائلاً بدون تفكير ونبرة هادئة للغاية:

-" أنا لازم أطلقك، مش هينفع نرجع تاني، أنا عارف إنك لسة خايفة مني يا وئام، عارف.. وعلشان كدة مش قادر اسايرك، مش هقدر اسيب قلبي يتحكم فيا، ولا حتى عقلي، كان بودي أقولك روحي، بس هي كدة كدة متعلقة بيكي، يعني حتى دي كمان جاية عليا معاهم".

خرجت وئام من عناقه وهي مازالت تبكي بعدما رفعت رأسها تنظر له بأعينها اللوزية الواسعة، ليبتسم بلال وهو يرى احمر الشفاه الذي خرج عن مستوى شفتيها أثر وضعها ليدها على فمها وهي تبكي، ليرفع كفه يقوم بمسح اجزاءه المُتناثرة بإصبعه، وسط نظرات وئام له وهي تبكي، لتبتلع ريقها وهي تشهق، حتى تحدثت قائلة بنبرة خائفة:

-" مش هتسيبني صح؟".

نظر لها بلال قليلاً، وكأنه بتلك اللحظة يُشبع أعينه منها، يُحاول حفظ تفاصيلها وملامحها بتلك اللحظة بذاكرته وبتركيز ودِقة، ليتنهد وهو مازال ينظر لها، ليبتعد عنها برفق يخرج من الغرفة، تاركاً إياها بأصعب المواقف التي مرت عليها يوماً، وكأنها في تلك اللحظة تقف بين السماء والأرض، بين النار، والبحر، بين الشيء الذي يجعلها ترتاح، واللاشيء الذي يجعلها ترتعب، ذهب تاركاً قلبها يُنادي بأحرف اسمه بقوة وصوتٍ مُرتفع لم يلتفت له هو، ذهب وكعادته بتلك اللحظات، قلبه قاصداً المبيت.

خرج بلال من الغرفة وهو يُغلق جفنيه، يشعر بقلبه الذي بدأ يؤلمه أثر تركه لها بموقف كهذا، ولكنه لم يجد أي إجابة على سؤالها ذلك، لا يعلم لما أراد مُقابلتها من الأساس وهو يعلم أشد العلم بعقوبة تلك المُقابلة على قلبها وقلبه، ولكن ألا يحق له رؤيتها لمرة أخيرة قبل تنفيذ ما يُريح قلبها، ويُتعب قلبه هو؟

_مؤسف أن الذين نحبهُم هم غالباً سبب ما نشعر به من أحزان، وآلام، وخذلان، مؤسف أن يكونوا هم سبب تعاستنا الحقيقية، مؤسف أننا حتى عندما ننوي الخلاص منهم نتألم لأجلهم، لو يدركون كم نتجاوز لنحافظ عليهم، وكم نُجاري شدة الوجع، ونصعد من فوق شعورنا خوفاً من خسارتهم، لحملوا قلوبنا على كفوف من طمأنينة.

_لقد راودتني رغبة جامحة في عناقك الآن.. أن أضع رأسي على صدرك دون أن يفصلهما قطعة قماش، أن أغمض عيناي واشتم عمق رائحة جلدك، وأذهب في سبات عميق، عيناي نعِسة، ليس لدي خيار آخر سوى النوم بنِية استِحضار طيفك في المنام الذي هو ملجأ كل خيالاتي، ورغباتي.
لنلتقي هناك..

|لقائلهم.

___________________

كان كلاً من رشاد وسجدة يجلسون بأحد الحدائق العامة، كلاً منهم يساعد الآخر بوضع الطعام ومستلزماته على الأرض بعدما قاموا بوضع قطعة كبيرة من القماش ليجلسون فوقها ويضعون أيضاً الطعام عليها، لتتحدث سجدة وهي تضحك قائلة بنبرة سعيدة:

-" أنا بجد مش عارفة أنت أقنعت بابا ازاي".

لوى رشاد شفتيه قليلاً وهو يُساعدها، ليتحدث قائلاً بنبرة هادئة يشوبها المرح:

-" قولتله إني مش هأخرك، ودي كانت أهم حاجة بالنسباله، وإننا هنقعد في مكان مفتوح أهو".

تنهدت سجدة بعدما انتهت وهي تبتسم، لتجلس تقوم بإخراج هاتفها وهي تقول بنبرة مُحمسة:

-" طيب يلا نتصور".

ابتسم لها رشاد، ليبدأ كلاً منهم بإلتقاط الصور معاً، كما قامت بتصوير الطعام والأجواء، ثم قامت بتوجيه الكاميرا نحو رشاد لتقوم بإلتقاط الصور له وهي تضع يدها أمام وجهه لكي لا يظهر أثناء قولها بنبرة أظهرت غيرتها عليه:

-" علشان وشك ميبانش".

رفع رشاد حاجبيه ليتحدث قائلاً بنبرة ساخرة:

-" ف تقومي أنتِ مبينة نص أيدك عادي".

رفعت سجدة كتفيها لتتحدث قائلة بنبرة مرحة:

-" أنا كدة كدة مش بنزلهم أنت عارف".

أومأ رشاد برأسه وهو ينظر للطعام، ليتحدث قائلاً بنبرة هادئة:

-" هي دي الـ Picnic إللي كان نفسك تعمليها".

أومأت سجدة برأسها عدة مرات لتتحدث قائلة بنبرة سعيدة:

-" هي بالظبط، وبجد شكراً أوي أوي يا رشاد، أنت عملتلي أكتر حاجة كان نفسي اعملها".

ابتسم رشاد وهو ينظر لها، لتقوم سجدة بتربيع قدميها وهي تضع يدها على وجنتها من بعد ذلك أثناء نظرها إليه قائلة بنبرة مُحمسة:

-" ممكن اسألك سؤال".

أومأ رشاد برأسه ليتحدث قائلاً بنبرة ساخرة:

-" وهو اليوم هيعدي إزاي من غير ما تسألي".

رفعت سجدة حاجبيها قليلاً وسط ضحكاته، لتتحدث قائلة بنبرة مُتلهفة:

-" ما أنا هسأل وأنت هتسأل ونلعب، قولي بس.. إيه أكتر حاجة بتحبها فيا؟".

نظر لها رشاد قليلاً وهو يُضيق جفنيه، ليلوح برأسه قائلاً بنبرة هادئة:

-" حالياً مفيش حاجة في دماغي".

دُهشت سجدة من حديثه، لتتحدث قائلة بجدية:

-" أنت بجد مفيش حاجة بتحبها فيا؟".

تفاجىء رشاد من كلماتها ليتحدث قائلاً بنبرة ضاحكة:

-" أنا قولت كدة؟ أنا بقولك مفيش حاجة في دماغي دلوقتي يعني اكيد فيه بس مش فاكر".

نظرت له سجدة قليلاً، لتنكس رأسها وهي تشعر بالحُزن، ليتحدث رشاد قائلاً بنبرة خبيثة:

-" طيب قولي أنتِ، يمكن ساعتها افتكر".

رفعت سجدة رأسها قليلاً تنظر له، لترفع كتفيها وهي تقول بنبرة هادئة حاولت عدم مزجها بضيقها:

-" بحب فيك إنك حنين معايا، وبتحاول تغير شوية حاجات في نفسك علشان تكون أحسن، ودة عامةً مش معايا بس، وبحب إن همك على غيرك، يعني بحسك مهتم باللي حواليك".

لتنظر له في تلك اللحظة أثناء قولها بنبرة أظهرت ضيقها:

-" حاجات كتير أوي لو فضلت أتكلم فيها من النهاردة لبكرة مش هتكفي".

كانت رشاد يستمع إليها وهو يبتسم، ليقوم بتقليد نظراتها وهو يتحدث قائلاً بضيق مُزيف:

-" دة إيه النظرات دي كلها، دة أنا بقول مش فاكر دلوقتي مش بقول مش بحب فيكي حاجة خالص".

لوحت سجدة برأسها وهي تقول بنبرة حزينة:

-" مش هتفرق، هي كدة كدة نفس المعنى".

تنهد رشاد وهو ينظر للفراغ من أمامه، ليعود بنظره إليها قائلاً بنبرة رزينة:

-" أنتِ فيكي حاجات كتير أوي تتحب يا سجدة، بس معتقدش إني هقدر اقولها دلوقتي، يعني أنا لو قولتلك اللي المفروض بس أقوله زي إني بحب إنك مجتهدة، وطموحة، وبتحبي الخير للي حواليكي، وقلبك ابيض، وعاملة زي العيال الصغيرة، يبقى كدة حلو أوي".

إبتسمت سجدة، لتتحدث قائلة بنبرة أظهرت خجلها:

-" طيب ما كدة كفاية أوي، هو لسة فيا حاجات تانية بتحبها؟".

تنهد رشاد وهو ينظر لها، ليتحدث قائلاً بنبرة هادئة للغاية:

-" حاجات كتير أوي يا سجدة، حاجات عيوني وقلبي بس إللي شايفينهم".

نكست سجدة رأسها وهي تشعر بالخجل من كلماته، لترفع رأسها تنظر له مرة أخرى وهي تقول ببلاهة:

-" طيب.. ينفع أعرفهم".

نفى رشاد بحركة سريعة من عينه، ليتحدث قائلاً بنبرة هادئة:

-" مش دلوقتي".

رفعت سجدة حاجبيها قليلاً، لتتساءل بنبرة مُندهشة:

-" أومال امتى!".

أعتدل رشاد في جلسته وهو يمسك بذلك الكوب يقوم بوضع القليل من المياه به أثناء قوله بنبرة هادئة:

-" كمان تلات شهور".

لوحت سجدة برأسها وهي تبتسم، لتقوم بوضع الطعام أمام كلاً منهم وهي تقول بنبرة هادئة:

-" تعرف.. أنا كنت مخططة إني لما اتخطب هفضل مخطوبة حوالي سنة ونص سنتين، مكنتش أتوقع أبداً إني اتخطب ست شهور بس".

إبتلع رشاد ما بفمه، ليعقد حاجبيه وهو يتحدث قائلاً بنبرة ساخرة:

-" سنة ونص سنتين ليه بتشطبي عمارة؟".

ضحكت سجدة لتتحدث قائلة بنبرة مرحة:

-" لأ بس ست شهور وقت صغير أوي".

أومأ رشاد برأسه ليتحدث قائلاً بجدية:

-" وقت صغير لو أنتِ متعرفيش حاجة عن الشخص إللي قدامك، ساعتها بقى تقعدي سنة ونص سنتين زي ما أنتِ عايزة علشان تتعرفوا على بعض كويس، لكن مادام إحنا عارفين بعض، إيه إللي يمنعنا؟".

إبتسمت سجدة وهي تستمع إلى حديثه، لتتساءل بنبرة مُترقبة من وسط ابتسامتها قائلة:

-" وأنت عارفني كويس؟".

نظر لها رشاد قليلاً، ليومىء برأسه ايماءة بسيطة وهو يقول بنبرته الهادئة:

-" هقولك كمان تلات شهور".

زفرت سجدة بضيق مُزيف وهي تنظر له، ليبتسم رشاد وهو ينظر لها، حتى بدأ كلاً منهم بتناول الطعام.

كان عادل يقود السيارة ومن جانبه أحلام التي كانت تجلس بوجهٍ مُتهكم قليلاً، لتتحدث قائلة بنبرة حانقة:

-" ما تقعدنا في أي مكان يا عادل الجو حر حاسة إني هفطس".

كان عادل ينظر للطريق من أمامه، ليتحدث قائلاً بنبرة هادئة:

-" مفيش ركنة يا أحلام، أستني أدور وبعدين ننزل نقعد في أي كافية".

تنهدت أحلام بعمق وهي تشعر بالضيق أثر حرارة الجو، ليتوقف عادل بسيارته بعد مرور عدة دقائق بأحد الشوارع الجانبية، ليهبط كلاً منهم حتى تحدث قائلاً بنبرة هادئة بعدما سار بجانب أحلام:

-" المكان مش بعيد من هنا مش هتمشي كتير متقلقيش".

أومأت أحلام برأسها بهدوء، ليسير كلاً منهم بصمت حتى وصلوا إلى مكانهم المنشود، ليجلس كلاً منهم بذلك المقهى، حتى تحدث عادل قائلاً بنبرة هادئة وهو ينظر لها:

-" هتطلبي إيه".

كانت أحلام تنظر بقائمة المشروبات من بين يديها، لترفع رأسها تنظر له وهي تتحدث قائلة بنبرة سريعة:

-" هطلب ليمون نعناع ".

أومأ عادل برأسه، ليأتي إليهم العامل، حتى تحدث عادل قائلاً بنبرة هادئة وهو ينظر لهم:

-" واحد ليمون نعناع، وقهوة فرنساوي مظبوط".

أومأ العامل برأسه، ليذهب من أمامهم من بعد ذلك، حتى ضحكت أحلام لتتحدث قائلة بنبرة ساخرة:

-" قهوة إيه في الجو دة يا عادل، مش كنت تجيب حاجة تطري على قلبك".

تنهد عادل وهو يستند بظهره براحة أثناء قوله بنبرة هادئة:

-" عايز حاجة تفوقني علشان أقدر أرجع للشغل تاني".

توددت إليه أحلام بأعينها وهي تقول بنبرة هادئة:

-" مكنش لازم تيجي معايا للدكتورة يا عادل، أنا كنت هروح لوحدي وأرجع هي متابعة عادية".

لوح عادل برأسه ليتحدث قائلاً بنبرة ساخرة:

-" ازاي بقى، عايزاني مجيش معاكي ولما الباشا ييجي تقوليله أبوك مكنش بيروح معانا في حتة وبيسيبني أروح لوحدي".

رفعت أحلام حاجبيها لتتحدث قائلة بنبرة مرحة:

-" يا سلام، يعني همك على الباشا ومش مهم أنا".

أعتدل عادل في جلسته ليستند بذراعيه على الطاولة وهو ينظر لها قائلاً بنبرة مُحبة:

-" دي أم الباشا أهم من أي حد في اللحظة دي، واللحظات الجاية كلها".

ضيقت أحلام جفنيها لتتحدث قائلة بنبرة خبيثة:

-" هنشوف الكلام دة هيفضل زي ما هو، ولا هيتغير لما الباشا يشرف".

ضحك عادل وهو ينظر لها، ليتنهد وهو ينكس رأسه، حتى رفع رأسه لينظر لها بعدما تلاشت إبتسامته وهو يتساءل قائلاً بنبرة هادئة:

-" ممكن اسألك سؤال".

عقدت أحلام حاجبيها لتومىء برأسها بتأكيد، لينظر لها عادل قليلاً وهو يُفكر بعواقب الإجابة التي يرهبها أثر تفكيره بها بكل ليلة، ولكنه لن يستطيع التحمل إذا لم يسأل، ليتحدث قائلاً بنبرة مضطربة:

-" هو الكلام إللي قولتيه يوم خطوبة مالك لما رجعنا البيت، كان بجد؟".

عقدت أحلام حاجبيها وهي تتذكر، ولكنها لم تستطع لتتساءل بجدية وعدم تذكر قائلة:

-" كلام إيه أنهي كلام؟".

شعر عادل في تلك اللحظة بأن ظنونه أوشكت أن تكون صحيحة، ويعود اليأس إلى فؤاده مرة أخرى، ولكنه أصر على سماع الإجابة، حتى تحدث قائلاً بنبرة حاول بها تذكيرها:

-" لما قولتي إن موضوع نبقى صحاب طلع عندي حق فيه، وإنك لوحدك مكنتيش هتعرفي تفتحيلي قلبك، ولما بقيت معاكي الوضع أختلف".

تفاجئت أحلام من حديثه، ومن تذكره له، لم تعلم بأن كلماتها العشوائية تلك والتي لم تتذكرها هي بالفعل، سيكون وقعها عليه مختلف تماماً، لتبتلع ريقها وهي تعتدل في جلستها قائلة بنبرة مضطربة:

-" هو أنت لسة فاكر ازاي".

لوح عادل برأسه وهو ينظر إليها بثبات أثناء قوله بنبرة هادئة للغاية:

-" علشان كلامك المرة دي كان مختلف عن كل مرة اتكلمتي معايا فيها، يمكن علشان كدة مقدرتش أنساه".

إبتسمت أحلام رغماً عنها وهي تنظر له، لتتنهد وهي تُغلق جفنيها، حتى عادت بنظرها إليه بعدما تنهدت قائلة بنبرة هادئة:

-" كلامي المرة دي كان مختلف فعلاً، وكلامي كل مرة معاك هيكون مختلف يا عادل، فعلاً موضوع صحوبيتنا دة غير حاجات كتير أوي، وخلانا بجد أصحاب".

لترفع حاجبيها وهي تقول بنبرة مرحة:

-" أنت بقيت بالنسبالي My best friend".

ينتظر منها عادل إستكمال حديثها، يحاول إدراك كلماتها التي تفوهت بها، والتي لم يكن لها أي علاقة بسؤاله هو، يحاول إدراك هل قامت بقول ذلك عمداً لكي تهرب من الإجابة الأساسية على سؤاله؟ أم أنها لم تفهمه بشكلٍ صحيح.

تنهد عادل وهو يُفضل الإجابة الأولى على ذلك السؤال الدائر بداخل رأسه، يعلم بذكاءها ويعترف بأنها إن ودت الإجابة، ستُجيب بشكل مُباشر، ولكنه قرر الصمت، وعدم التفكير بإجابة لذلك السؤال مرة أخرى، حتى تحدث قائلاً بنبرة حاول جعلها مرحة:

-" يعني خلاص بقيت الـ Best friend بتاعك، دي كبيرة اوي عليا خدي بالك".

ضحكت أحلام لتتحدث قائلة بنبرة مرحة:

-" وفيها إيه ما هي دي الحقيقة فعلاً، أنت جوزي والـ Best friend بتاعي، وبقيت من أهم الناس في حياتي كمان، يعني Package كله على بعضه".

ضحك عادل على طريقة حديثها، ليومىء برأسه وهو يتحدث قائلاً بنبرة ضاحكة:

-" ماشي ياستي شكراً لكرمك، دة جميل مش هنساهولك".

أومأت أحلام برأسها بتأكيد وهي تبتسم، ليأتي إليهم العامل بطلباتهم، حتى قام بوضعهم أمام كلاً منهم، لتقوم أحلام بدفع كوبها برفق أمام عادل وهي تقول بنبرة مُترجية:

-" خد حبة صغيرين علشان تطري على قلبك حرام الجو حر".

نظر لها عادل قليلاً، ليبتسم وهو يقوم بإرتشاف القليل من مشروبها، لتبتسم أحلام حتى قامت بسحبه نحوها مرة أخرى، ليتنهد عادل وهو ينظر لها مُبتسماً، وسط ارتشاف أحلام لمشروبها.


كان بسام يقود سيارته، ومن جانبه زيد، وبالخلف تجلس كلاً من رزان وأفنان التي كانت تشعر بالتعجُب مما يحدث وعدم معرفتها إلى مكان توجههم، ليتوقف بسام بسيارته بعد مرور بعض الوقت بأحد الشوارع العمومية، حتى نظر بجانبه، كذلك زيد الذي إبتسم وهو ينظر لها، ليلوح برأسه للخلف ينظر إلى أفنان أثناء قوله بنبرة هادئة من وسط ابتسامته:

-" أنزلي".

وجهت أفنان نظرها نحو رزان الذي لوت شفتيها بعدم معرفة، لتهبط أفنان من السيارة بتوتر، كذلك زيد، ليذهب كلاً منهم، حتى أقتربت رزان من تلك الفتحة بين المقعدين تنظر إلى بسام وهي تتساءل بنبرة فضولية:

-" هما رايحين فين؟".

نظر لها بسام قليلاً، ليتحدث قائلاً بنبرة مرحة:

-" وأنتِ مالك يا حشرية؟".

شهقت رزان بدهشة، لتعتدل تنظر له وهي تميل بجزعها العلوي نحو مقعده أثناء قولها بصوتٍ مرتفع:

-" أنا حشرية؟".

أومأ بسام برأسه بتأكيد ليتحدث قائلاً بنبرة ساخرة:

-" مالك اتفاجئتي ليه؟".

التفتت رزان برأسها تنظر نحو النافذة، لتعود بنظرها نحو بسام أثناء قولها بجدية:

-" لأ بس مينفعش يروحوا مكان من غيرنا لوحدهم، كدة عيب".

رفع بسام حاجبيه بإستنكار، ليتنهد وهو يلوح برأسه قائلاً بنبرة هادئة:

-" طيب اتعدلي بس وتعالي اقعدي هنا بدل شغل القرود دة".

صكت رزان على أسنانها بغضب، لتعتدل تخرج من السيارة، حتى أقتربت من المقعد الأمامي لتجلس به وهي تنظر له بنظرات مازالت ساخطة أثناء قولها بنبرة حانقة:

-" أنت انهاردة بتعاملني وحش، وبتقول عليا قردة وحشرية".

لوح لها بسام برأسه ليتحدث قائلاً بجدية:

-" دة ياريت القرود ييجوا جنبك حاجة".

رفعت رزان حاجبيها بدهشة حقيقية، لتتحدث قائلة بجدية:

-" والله يا استاذ بسام؟ قول كمان، هات اللي في بطنك، طلعلي إللي في قلبك، شكلك شايل ومعبي، وأنا مش هحرمك من ح...".

أوقفها بسام عندما قام بوضع باطن كفه على فمها أثناء نظره لها بحذر قائلاً بجدية:

-" تعرفي تسكتي؟ خمس ثواني بس؟ بدون كلام".

حرقته رزان بنظرات أعينها النارية التي أظهرت غيظها، ليتحدث بسام وهو مازال يضع يده على فمها قائلاً بحذر:

-" أوعي لما أشيل أيدي تتجنني، ريحي بوقك بس خمس ثواني".

كانت رزان تستمع إلى حديثه بدهشة من طريقته التي تعمدت إثارة غيظها وغضبها، لتبتسم ببرود وهي تومىء برأسها، حتى قام بسام بنزع يده عن فمها وهو مازال ينظر لها، ليضحك وهو يلوح برأسه عليها، حتى تحدث قائلاً بنبرة أظهرت دهشته منها:

-" أنتِ متخيلة إن بقالك ساعة وربع بتتكلمي يا رزان؟".

عقدت رزان حاجبيها بعدم فهم لتتحدث قائلة بجدية:

-" وفيها إيه لما أتكلم؟ هو الكلام بفلوس؟".

ضيق بسام حاجبيه قليلاً ليتحدث قائلاً بنبرة ذات مغزى:

-" لأ بس الجو حر، والدنيا زحمة، وأنتِ مُصرة تخليني أركز في حكاويكي وإنك ملقيتيش لون المناكير إللي بتدوري عليه في الوقت إللي بدور فيه على دوران في وسط الزحمة دي".

شعرت رزان بالحرج من حديثه، لتبتلع ريقها وهي تنكس رأسها، لتعود بنظرها إليه وهي تقول بنبرة هادئة:

-" خلاص آسفة مكنش قصدي مش هتكلم تاني وأنت مش طايق نفسك".

رفع بسام حاجبيه قليلاً، لتومىء رزان برأسها وهي تقول بجدية:

-" اه ما أنت مكنتش طايق نفسك وشوية شوية هتتخانق مع الناس في الشارع، وبعدين ما مشكلة المناكير دي مضايقاني يا بسام وأنت مش مهتم!".

لوح بسام برأسه بعدم تصديق، وعدم فائدة في آنٍ واحد، ليتنهد وهو يعود بنظره لشيئاً ما بالسيارة أثناء قوله بنبرة هادئة:

-" افتحيه كدة".

نظرت رزان إلى حيث ينظر، لتقوم بفتحه، حتى ظهر من أمامها عُلبة مستطيلة صغيرة الحجم قليلاً، لتعقد رزان حاجبيها بتعجُب، حتى قامت بإخراجها، ليتحدث بسام قائلاً بنبرة هادئة:

-" افتحيها بقى".

قامت رزان بوضعها على قدميها، لتقوم بفك تلك الشريطة الصغيرة، حتى قامت بنزع ذلك الغطاء، لتشهق عندما وجدت من أمامها زجاجات المناكير بألوانها المُختلفة، كذلك ربطات الشعر المُختلفة بأشكالها وأنواعها، ليتحدث بسام وهو يبتسم بعدما رأى سعادتها بهم قائلاً بنبرة لينة:

-" عارف إنها حاجة صغيرة، بس أنتِ كان نفسك فيهم، وكان نفسك في التوك دي، واللون دة عارف إنك بتحبيه".

كانت رزان تنظر إلى ما بداخل العلبة بحُبٍ بالغ، لتعود بنظرها إلى بسام وهي تقول بنبرة سعيدة:

-" دول تحفة يا بسام، تحفة بجد أنت مش فاهم دول حلوين ازاي".

ابتسم بسام وهو ينظر لها أثناء نظرها هي لهم وهي تنظر لهم من بين يديها، ليتحدث بسام قائلاً بنبرة لينة:

-" بعد كدة لما تعوزي حاجة قوليلي يا رزان وأنا هجبهالك علطول مش هتأخر عليكي، أو ننزل ونجيبهم سوا".

عادت رزان بنظرها إليه لتتحدث قائلة بنبرة سريعة مُتلهفة:

-" والله أنا كنت هجيبهم بس دورت عليهم عند عمو إللي بجيب من عنده وملقيتهمش، ساعتها قولت خلاص هنزل أدور عليهم تاني، وكنت عاملة حسابي ندور عليهم النهاردة بما إنك معايا".

أومأ بسام برأسه وهو يبتسم لها حتى تحدث قائلاً بنبرة مرحة:

-" خلاص يبقى زي ما قولتلك، تقوليلي علطول وأنا هجيبهم".

نظرت له رزان، لتقوم بوضع العلبة من أمامها حتى أقتربت منه لتقوم بمعانقته بقوة، ليبادلها بسام العِناق بحُب، حتى خرجت رزان من عناقه وهي مازالت تنظر له قائلة بنبرة سعيدة مُحبة:

-" شكراً يا أحلى بيسو في الدنيا، أنت أحلى شخص في حياتي".

ضحك بسام وهو يراها بتلك السعادة، ليتحدث قائلاً بنبرة مرحة:

-" كل دة علشان توك ومناكير يا رزان؟".

نفت رزان برأسها على الفور، لتتحدث قائلة بنبرة مُحبة أظهرت عدم تفكيرها بكلماتها تلك:

-" كل دة علشانك أنت، ليك أنت يا بسام.. أنت بجد أجمل رزق بعته ربنا ليا، ربنا عوضني بيك وبوجودك، وجودك لوحده كفاية معايا من غير ما تقدملي أي حاجة، أنا بحبك أوي، أنا بحمد ربنا إن الـ ١٦ واحدة اللي قعدت معاهم قبلي محصلش نصيب ليك معاهم وبقيت معايا أنا".

ضحك بسام على حديثها الذي فاجئه بشدة خصوصاً آخر كلماتها، ليتحدث قائلاً بجدية من وسط ضحكاته التي لم يستطع كتمها:

-" إيه إللي أنتِ بتقوليه دة يا رزان!".

رفعت رزان حاجبيها وهي تقترب منه قائلة بجدية مُزيفة:

-" إيه؟ جوزي وبغير عليه، ولا أنت كان عينك على واحدة منهم؟".

لوح بسام برأسه، ليتحدث قائلاً بنبرة مُحبة وهو ينظر لها:

-" أنا عيني مداقتش طعم الحُب غير لما شافتك يا روزة".

إبتسمت رزان وهي تنظر له، لتتحدث قائلة بنبرة مرحة مُحبة:

-" بحبك يا بيسو".

ضحك بسام ليتحدث قائلاً بنبرة تماثلها:

-" وأنا حياتي من غيرك ملهاش معنى يا ست البنات".

ضحكت له رزان، لتعتدل مرة أخرى في جلستها تقوم بأخذ العلبة مرة أخرى تتطلع إلى ما بداخلها بفرحة عارمة، وسط نظراته المُحبة لها.


لم يأخذ كلاً منهم وقتٍ أطول بالسير، ليتوقف زيد بعد مرور دقائق بذلك المكان، حتى تحدثت أفنان قائلة بجدية وهي تنظر له:

-" هو في إيه يا زيد، إيه المكان دة، وليه جايين هنا لوحدنا".

رفع زيد حاجبيه قليلا ليتحدث قائلاً بجدية:

-" إيه يا أفنان في إيه هو أنا جايبك فين ما إحنا واقفين في الشارع والناس رايحة جاية وسطنا أهي".

رمشت أفنان بأعينها لتتحدث معدلة مقصدها أثناء قولها:

-" مش قصدي، قصدي يعني ليه رزان وبسام مجوش معانا، وليه رزان متعرفش إحنا رايحين فين، يعني حسيت إنك أنت وبسام بتخططوا مع بعض كدة، هو في إيه".

تنهد زيد وهو ينظر لها مُبتسماً، ليلوح برأسه قليلاً للأعلى من خلفها وهو يقول بنبرة هادئة:

-" بصي وراكي كدة".

التفتت أفنان لتنظر خلفها عاقدة حاجبيها بعدم فهم، ليقترب زيد يقف بجانبها وهو يُشير بذراعه نحو ذلك المحل الكبير المُغلق من أمامهم أثناء قوله بنبرة مرحة:

-" حلمك أهو يا لوزة".

عقدت أفنان حاجبيها بعدم فهم، ليلوح زيد بذراعه نحو اليافطة الغير موجودة وهو يتحدث قائلاً بدرامية:

-" صيدلية الدكتورة أفنان عابد".

التفتت أفنان تنظر له بصدمة، لتنظر إلى ذلك المحل، حتى عادت بنظرها إليه بمعالم وجه مازالت مصدومة، لتتحدث قائلة بنبرة مُهتزة مُتقطعة:

-" زيد، هو إيه.. صيدلية إيه؟".

رفع زيد حاجبيه قليلاً ليتحدث قائلاً بنبرة مرحة:

-" صيدليتك يا لوزة مالك".

إبتلعت أفنان ريقها وهي تُحاول فهم ما يحدث، لتبتعد قليلاً وهي تشعر بالتوتر والارتباك أثر صدمتها بما يحدث، لتشير لزيد بيديها وهي تتحدث قائلة بنبرة سريعة:

-" زيد فهمني في إيه علشان أنا مش فاهمة، صيدلية مين؟ وفين؟".

ضحك زيد على كلماتها، ليقترب منها قليلاً وهو يجعلها تعود بنظرها مرة أخرى إلى ذلك المحل قائلاً بنبرة لينة مراعياً صدمتها:

-" صيدليتك المُستقبلية يا أفنان، المحل دة هيبقى صيدليتك، أنا خلاص اتفقت مع صاحبه وهأجره منه".

نظرت له أفنان بصدمة، لتتحدث قائلة بعدم تصديق:

-" أنت بتهزر صح؟".

نفى زيد برأسه وهو يبتسم، ليتحدث قائلاً بجدية:

-" أنا خلاص همضي العقد معاه".

ابتعدت عنه أفنان لتتحدث قائلة بجدية يشوبها الحِدة:

-" يعني إيه؟ أنت جيبت الفلوس دي منين يا زيد!".

لوح زيد برأسه بنفاد صبر، ليتحدث قائلاً بنبرة حاول جعلها هادئة:

-" متقلقيش يا أفنان صدقيني الموضوع مش صعب زي ما أنتِ متخيلة، صاحب المحل دة يبقى أبو واحد صاحبي، وأنا اتفقت معاه على كل حاجة وهو هيصبر معايا".

لوحت أفنان برأسها وهي تنفي برأسها، لتتحدث قائلة بجدية:

-" لأ.. مش هينفع".

عقد زيد حاجبيه بعدم فهم، لتتحدث أفنان قائلة بعدم تصديق منه ومما يفعله:

-" أنت عملت كدة ليه يا زيد ليه؟ أنا لسة فاضلي سنة وشوية وأخلص كلية، وإحنا لسة ورانا توضيب شقة وعفش، أنت لسة وراك حاجات كتير أوي حرام عليك هتجيب منين فلوس لكل دة".

تفاجىء زيد من حديثها، ليلوح برأسه وهو يتحدث قائلاً بجدية:

-" إن شاء الله ربنا هيسهلها عليا يا أفنان، الموضوع مش متعقد زي ما أنتِ متخيلة، الحمدلله ربنا مسهلها معايا لحد دلوقتي وإن شاء الله لحد ما نتجوز، ربنا معايا في كل خطوة باخدها، ولو مش واثق من أي خطوة مش باخدها يا أفنان، المكان دة جه قدامي فُرصة مكنش ينفع اضيعها".

نفت أفنان برأسها عدة مرات لتتحدث قائلة بنبرة سريعة بعدما إبتلعت ريقها:

-" لأ يا زيد.. بص، أنت تكلم الراجل دة وتلغي معاه الموضوع دة خالص، وإن شاء الله لو لينا نصيب هنا هيكون، نخلص بس الأول من موضوع تجهيزات الشقة، إحنا لسة قدامنا موال ومشوار طويل".

أقترب زيد منها ليتحدث قائلاً بجدية وصرامة:

-" أنا مش هسيب المكان دة يا أفنان وهمضي العقد، بمزاجك أو غصب عنك، قولتلك دي فرصة بالنسبالنا، فرصة علشان أحققلك حلمك إللي نفسك تحققيه، واللي أنا بنفسي هحققهولك مش هستنى من عمي ولا من أي حد مساعدة فيه، أنتِ كلها سنة بالكتير وتبقي مراتي، ساعتها هيبقى لازم أحققلك إللي أنتِ عايزاه، وانا بحاول من دلوقتي، وصدقيني مادام بنحاول يبقى ربنا هيكرمنا".

وضعت أفنان يدها على رأسها وهي تستمع إليه، لتعود بنظرها له وهي تتحدث قائلة بنبرة حاولت إقناعها به:

-" صدقني يا زيد مش هينفع، أنا عارفة إنك عايز تحققلي اللي أنا عايزاه، بس بالشكل دة مينفعش، أنا همي عليك أنت، مش عايزاك تشتكي بعد كدة أو تحس إنك محتاج، صدقني إحنا مشوارنا لسة طويل ولسة مبدأناش فيه، إحنا لسة معملناش أي حاجة، اسمع كلامي وألغي الموضوع دة، وإن شاء الله ربنا معانا وهيكرمنا بعدين".

تحدث زيد قائلاً بنبرة هادئة رزينة وهو يلوح لها بيده أن تهدأ:

-" أسمعيني أنتِ وبطلي تتكلمي في الموضوع دة، خلاص يا أفنان إللي حصل حصل وأخدت خطوة في الموضوع دة وقرب يكمل، وأنا واثق من إللي بعمله وواثق إن ربنا هيوفقني وهقدر أعملك اللي أنتِ عايزاه، بس مش عايزين نعرف حد عن الموضوع دة، عايزين نجيبها للكل مفاجئة لحد ما العقد يتمضي والدنيا تتم ونتأكد إن كل حاجة ماشية تمام".

ليبتسم لها وهو يسترسل حديثه قائلاً بنبرة لينة:

-" أنا عايزك تثقي فيا، عايزك تتأكدي إن إللي عايزاه هيتم وزيادة، بس خليكي معايا ومتقطمنيش الله يباركلك، افردي وشك كدة علشان يبقى المكان دة وش السعد علينا".

نظرت له أفنان بتردد، لتزفر وهي تنظر إلى المحل بأعين خائفة، ليُلاحظ زيد نظراتها، حتى تحدث قائلاً بنبرة مرحة لينة حاول بها طمأنتها:

-" تخيلي كدة المكان دة يبقى كمان سنة بالكتير متوضب وجاهز، واليافطة بتاعته قد كدة مكتوب عليها صيدلية الدكتورة أفنان عابد، وتبقي بيزبس وومن قد الدنيا".

نظرت له أفنان لتبتسم وهي تقول بنبرة هادئة:

-" بيزبس؟".

أومأ زيد برأسه ليتحدث قائلاً بجدية:

-" أه ما أنتِ مش لايق عليكي بيزنس، دي كلمة كبيرة أوي".

ضحكت أفنان وهي تلوح برأسها، لتتنهد وهي تنظر لذلك المكان، حتى عادت بنظرها إليه مرة أخرى وهي تقول بنبرة خائفة:

-" بس صدقني الموضوع مش سهل يا زيد، في تصريحات وحاجات كتير أوي علشان الموضوع دة يتم، حاجات كتير أهم من إننا نأجر المكان".

ابتسم زيد ليتحدث قائلاً بنبرة لينة:

-" متسهلة بإذن الله يا أفنان، مفيش حاجة صعبة متقلقيش، طول ما أنتِ عندك أمل يبقى خلاص، خليكي واثقة في ربنا".

تنهدت أفنان لتتحدث قائلة بنبرة هادئة:

-" ونعم بالله".

لوح لها زيد برأسه نحو المكان وهو يقول بنبرة مرحة:

-" يلا بقى ندخل نشوفه؟".

توسعت أعينها بدهشة لتتحدث قائلة بعدم تصديق:

-" هو ينفع؟".

رفع زيد كتفيه بتلقائية ليتحدث قائلاً بنبرة هادئة:

-" ومينفعش ليه؟ يلا خلينا ندخل نشوفه".

ليلوح بيده أن تتحرك من أمامه بحركة درامية وهو يقول:

-" اتفضلي يا دكتورة".

ضحكت أفنان وهي تنظر له، لتبتسم له بحُب، حتى تحركت من أمامه لتولج إلى ذلك المكان وهي تُسمي الله.


____________________________________

كم من أيامٍ مرت عليهم بنسماتها الهادئة، وكم من أخرى حُملت بأتربتها الأمشيرية، وكعادتنا دوماً نتأقلم مع تلك الظروف، ونحمد الله على مرور تلك الأيام، نحمد الله على مرور كل يوماً بحياتنا، بحلاوتها، وبمرارتها، لن يقف الإنسان بموقعه عاجزاً عن مرور تلك الأيام، حتماً سيتحرك، وسيتولى عقله الصبر الذي منحه الله لنا، سيمُر به، وسينتهي كل شيء، لتبدأ أحداثه الرطِبة كنسمات الهواء الهادئة، أو.. لتبدأ رحلة أمشيرية جديدة.


ذهب رشاد ليقوم بفتح باب شقته، حتى وجدها أمامه ترتدي عباءتها السمراء وهي تضع حجابها العشوائي على رأسها وسط ابتسامتها له بحُب، لتتحدث كريمة قائلة بدلال:

-" اتأخرت؟".

ابتسم رشاد وهو يطالعها من أسفل إلى أعلى، ليعود بنظره إليها قائلاً بنبرة لينة:

-" أنتِ تيجي في الوقت إللي تحبيه".

___________________

#يُتبع.
#الفصل_الاربعين.
#ميرونزا.

Продолжить чтение

Вам также понравится

213K 10.7K 90
Being flat broke is hard. To overcome these hardships sometimes take extreme measures, such as choosing to become a manager for the worst team in Blu...
143K 6K 8
"oh god John I can't do this!" Sherlock exclaimed. He slammed his hands hard against the leather seat and pulled himself up. He spread his arms out...
97.8K 7.4K 26
(نقية تماماً من الشذوذ) "بابا الطعام احترق " "لا بأس سأتعشى بك أنت صغيري " "كلا جيمين ليس طعام بابا " أمل صغير فقط هذا ما نحتاج... أنا لم أر صغيراً...