الفصل الثالث

4K 264 133
                                    

كان الجميع يعمل على قدم وساق بالمنزل، فالفتيات والنساء بالمطبخ يقومون بعمل الطعام، والشباب يجلسون معاً بالصالة كذلك الرجال، ليذهب هاشم إلى الشرفة لكي يتحدث بالهاتف، حتى نهض رشاد إلى غرفة مالك ليقف يستند على النافذة يقوم بإخراج سيجارة.

خرجت كريمة من وسط السيدات والبنات بعدما شعرت بالتعب أثر تلك الأعمال، لتنفض يديها بعباءتها التي كانت ترتديها وهي تحدث نفسها بنبرة أظهرت غيظها الشديد تقول:

-" إحنا هنا نعمل الأكل من صباحية ربنا والهانم تيجي تأكل على الجاهز، ولا كان حد عبرني لما أتجوزت حتى".

تأفأفت بسخط وغيظ ظهروا عليها، لتتوجه من بعد ذلك إلى الخارج وهي تبحث عنه بأعيُنها، سُرعان ما أدركت وقوفه بالشُرفة أو النافذة، لتقودها قدميها أولاً إلى الشُرفة، حتى وجدت هاشم يقف بها وهو يقوم بتدوين بعض الأشياء بدفتر صغير أثناء تحدثه بالهاتف، لتبتعد سريعاً عن أنظاره قبل أن يراها، ثم إستكملت رحلة بحثها عنه بالغُرف، لتُلاحظ باب غُرفة مالك المفتوح على مصراعيه، قامت سريعاً بهندمة مظهرها وملابسها، لتقوم من بعد ذلك بإعادة حِجابها للخلف قليلاً مُتعمدة إظهار خُصلات شعرها بكُثرة، ثم وضعت إصبعها على شفتيها لتقوم بتفريق أحمر الشفاه الموضوع عليهم، حتى تنهدت برضا عن مظهرها، ثم ولجت إليه الغرفة.

نفث رشاد دخان سيجارته وهو ينظر للشارع من أمامه أثناء إستناده على النافذة، ليشعر بأقدام أحد، حتى ألتف قليلاً بجزعه العلوي، ليعود مرة أخرى لوضعه وهو يقلب عيناه بملل، حتى تحدثت كريمة تقول بنبرة مُتأسفة مزيفة:

-" معلش يا رشاد مكنتش أعرف أنك واقف هنا، أصل تعبت من الشغل في المطبخ قولت أجي أريح شوية".

ألتف رشاد ليستند على النافذة بظهره وهو يعقد ذراعيه أثناء شربه لسيجارته وهو يطالعها مُطولاً بأعينه الضيقة وسط نظراتها الخجلة منه، ليقول رشاد بجدية وهو ينظر لها:

-" ومن أمتى لما بتهربي من شغلهم بتيجي أوضة مالك؟".

أرتبكت كريمة أثر رده الغير متوقع بالنسبة لها، لتبتلع ريقها حتى قالت بنبرة مضطربة:

-" أصل .. البنات في الأوضة مع بعض وقولت لو روحت قعدت معاهم .. هضايقهم ف جيت هنا".

رفع رشاد حاجبيه وهو يومىء رأسه بسخرية، ليلتفت ينظر إلى النافذة وهو يمسك بسيجارته، حتى نفث دخانها ليلقيها من بعد ذلك، ثم ألتف ليذهب من أمامها ولكنه توقف بجانبها، لتبتلع كريمة ريقها أثر قربه منها، حتى تحدث هو بنبرة هادئة للغاية يقول:

-" أبقي غطي شعرك يا مرات أخويا علشان في رجالة رايحة جاية في البيت، يعني .. علشان لو مش فارق معاكي إنك هتتعلقي من نص شعرك إللي باين دة يوم القيامة إن شاء الله".

عُمارة آل نجم.Where stories live. Discover now