عُمارة آل نجم.

By MariamMahmoud457

218K 13.8K 21.9K

عادةً ما تأتي العائِلة أولاً، بضجيجها، وحِسها، وحروبِها الدائِمة رغماً عن أمانِها المُستقر، جيشك المُتصدي، مح... More

الفصل الأول ( بر الوالدين )
الفصل الثاني ( تلقاه العين قبل الرحِم )
الفصل الثالث
الفصل الرابع ( من يملُك الحق )
الفصل الخامس ( إرضاء الأقرب للقلب؟ )
الفصل السادس ( طريق التهلكة )
الفصل السابع ( ماذا فعلوا بحقها؟ )
الفصل الثامن ( بداية جديدة خالية من الفساد )
الفصل التاسع ( تِكرار الخطأ عواقبه كبيرة )
الفصل العاشر ( خيبة الأهل )
الفصل الحادي عشر ( حق مؤجل )
الفصل الثاني عشر ( عُطلة عائلية )
الفصل الثالث عشر ( موافقة بالإجبار )
الفصل الرابع عشر ( بيعة مُشتراه )
الفصل الخامس عشر ( عودة العلاقات )
الفصل السادس عشر ( إصلاح ما قامت الحياة بإفساده )
الفصل السابع عشر ( صدمة غير متوقعة )
الفصل الثامن عشر ( داءه، ودواءه )
الفصل التاسع عشر ( جاء بنبأ بُعاده )
الفصل العشرين ( أمل يُضيء القليل من النور )
الفصل الواحد والعشرين ( قد تتغير الموازين )
الفصل الثاني والعشرين ( لا بأس من المحاولة مرة أخرى )
الفصل الثالث والعشرين ( بنهاية الدرب راحة )
الفصل الرابع والعشرين ( عودة حميدة )
الفصل الخامس والعشرين ( زواج بنكهة جنازة )
الفصل السادس والعشرين ( حُب غير مرغوب )
الفصل السابع والعشرين ( فرصة أخرى أخيرة )
الفصل الثامن والعشرين ( ضائِعة من نفسها تائِهة بين البشر )
الفصل التاسع والعشرين ( زواج لرد الشُكر )
الفصل الثلاثين ( ليلة يتكللها الفرح والسرور )
الفصل الواحد والثلاثين ( عاد مُهاجر الدار إلى داره )
الفصل الثاني والثلاثين ( جاء من يحمل الحُب في قلبه وقوله وفعله )
الفصل الثالث والثلاثين ( لم نعُد نلوم الغرباء، فالمقربون فعلوا الأسوء )
الفصل الرابع والثلاثين ( عواقب انتماءِها لهذا الحُب )
الفصل السادس والثلاثين ( مُناضل في حرب السعادة )
الفصل السابع والثلاثين ( لا نُحاسب على سذاجة القلب )
الفصل الثامن والثلاثين ( نهاية قصة محسومة لن يُفيدها الأسف )
الفصل التاسع والثلاثين ( المرءُ لا تُشقيه إلا نفسُهُ )
الفصل الأربعين ( خيبات تليها صدمات مُتتالية )
الفصل الواحد والأربعين ( لن نعود مرة أخرى، انتهت الرسائِل )
فصل إضافي ثاني وأربعين ( بورِكتّ معك فاتِحة العُمر )
فصل إضافي ثالث وأربعين ( بورِك مسعى سِرناه سوياً )
فصل إضافي رابع وأربعين ( يزداد نصيب العُمر به حياة )
الأخير، مِسك الخِتام ( خير حصاد التربية الصالحة )

الفصل الخامس والثلاثين ( من لا ذنب له؟ )

4.8K 327 978
By MariamMahmoud457

نفت وئام برأسها وهي تبكي بقوة، لتلوح شادية برأسها وهي لا تعلم بماذا يجب عليها أن تفعل معها، ليأتي عابد على صوتهم، حتى توقف خارج الغرفة ليتحدث قائلاً بنبرة قلقة وهو ينظر إلى شادية:

-" في إيه يا شادية، وئام بتعيط كدة ليه".

لوحت شادية برأسها بملامح وجهها المُتعبة وهي تقول بنبرة هادئة:

-" عايزة تروح لأمها يا عابد، تعالى أنت أتصرف أنا مش عارفة أعمل معاها إيه".

تنهد عابد بهدوء، ليلوح بيده قائلاً بنبرة هادئة:

-" طيب أدخلي قوليلها إني عايز أتكلم معاها".

أومأت شادية برأسها، لتولج إلى الغرفة مرة أخرى، حتى خرجت بعد مرور دقيقة، ليُحمحم عابد وهو يولج إلى الغرفة، حتى وجد وئام تجلس على الفراش تُعانق دميتها وهي تبكي بصوتٍ خافت، ليقترب عابد يجلس على مقدمة الفراش وهو يتساءل بنبرة لينة:

-" إيه يا وئام، بتعيطي ليه".

نظرت له وئام، لتنفي برأسها وهي تقول بنبرة محشرجة باكية:

-" أنا عايزة أروح عند ماما وولاء".

مال عابد برأسه للأمام قليلاً وهو يتساءل بترقب:

-" طيب ليه يا بابا، هو إحنا زعلناكي في حاجة".

نظرت له وئام قليلاً، لتنفي برأسها عدة مرات، حتى تساءل عابد مرة أخرى قائلاً بنبرة حنونة:

-" خلاص عايزة تروحي ليه، ما أنتِ قاعدة معانا أهو منورانا، أنتِ قاعدة في بيتك بردوا".

نفت وئام برأسها بعدما تجددت دموعها وهي تقول بنبرة باكية:

-" دة مش بيتي، أنا عايزة أروح عند ماما وولاء، أو خليني أروح بيتي".

عقد عابد حاجبيه ليتحدث قائلاً بجدية:

-" مش اتكلمنا في الموضوع دة يا وئام".

إبتلعت وئام ريقها وهي تنظر له بدموع أعينها التي مازالت تسيل، لتقترب شادية تجلس بجانبها على الفراش وهي تقول بنبرة حاولت جعلها مرحة:

-" وبعدين ما إحنا كل يوم بعد ما عمك بينام بنسهر أنا وأنتِ وأفنان قدام التلفزيون نتفرج على مسرحية ولا فيلم ونعمل حاجات حلوة من وراه".

نظرت لها وئام وهي تستمع إلى حديثها، لتتحدث شادية قائلة بنبرة خافتة:

-" وبعدين دة إحنا شايلين أيس كريم، علشان نأكله بليل من ورا عابد".

إبتسمت وئام من وسط دموع أعينها، لتعود بنظرها إلى عابد، حتى إبتلعت ريقها لتمسح بكُم ملابسها دموعها، ثم تحدث قائلة بنبرة مُرتعشة:

-" بس أنا ماما وحشتني، أنا كنت بشوفها مرتين في الشهر".

إبتسم عابد ليتحدث قائلاً بنبرة مرحة:

-" وياستي هنا مفيش قوانين، هتشوفيها في الوقت إللي أنتِ عايزة تشوفيها فيه".

نظرت له شادية وهي تلوح له برأسها بإستفسار أثر كلماته، لتبتسم وئام وهي تقول بنبرة أهدأ:

-" ماشي.. خليني أشوفها النهاردة".

نفى عابد بيده ليتحدث قائلاً بجدية:

-" لأ.. ما هي سافرت هي وولاء، راحوا البلد علشان ياخدوا نصيبهم من المحصول، أنتِ نسيتي مش كنتوا بتغيبوا كل سنة شهر وبعدين ترجعوا".

نظرت له وئام لترمش بأعينها رغماً عنها وهي تقول بنبرة محشرجة:

-" بس هما مأخدونيش معاهم".

أومأت شادية برأسها لتتحدث قائلة بنبرة هادئة:

-" أيوة علشان أنتِ قاعدة معانا هنا، هما عارفين إنك مبسوطة معانا وإن البنات مش عايزينك تمشي".

نظرت لها وئام قليلاً، لتعود بنظرها إلى عابد الذي تحدث قائلاً بنبرة هادئة بعدما نهض:

-" مش عايز أشوفك بتعيطي تاني يا وئام علشان كدة بتزعليني منك، لو عايزة أي حاجة تعالي قوليلي أو قولي لشادية، والبنات جنبك علطول".

أومأت وئام برأسها بإضطراب، لتتحدث شادية قائلة بنبرة مُحمسة:

-" تعالى يا عابد نخرج النهاردة، علشان كمان وئام والبنات يغيروا جو شوية".

ضيق عابد جفنيه ليتحدث قائلاً بنبرة مرحة:

-" والله فكرة، خلاص يبقى نخرج بليل كلنا، إيه رأيك يا وئام؟".

نظرت وئام إلى كلاً منهم، لتبتسم قليلاً حتى أومأت برأسها بإضطراب، ليبتسم كلاً منهم، حتى خرج عابد من الغرفة تاركاً إياهم، نظرت شادية في أثره، لتنهض تقوم بإغلاق باب الغرفة، حتى عادت مرة أخرى لتجلس بجانب وئام وهي تنظر لها، حتى إبتلعت ريقها لتقول بنبرة ثابتة:

-" وئام، أنا زي مامتك صح؟".

أومأت لها وئام برأسها عدة مرات وهي تنظر لها بوسع أعينها التلقائي الذي يُظهر دائماً نقاء وبراءة قلبها، لتُبلل شادية طرف شفتيها، حتى تحدثت قائلة بنبرة هادئة للغاية:

-" خلاص يبقى هسألك على كام حاجة ومتتكسفيش مني، إتفقنا؟".


كانت سجدة تجلس بحديقة الجامعة تنظر للدفتر من بين يديها وهي تقوم بكتابة بعض الأشياء به بتركيز، لتنتبه إلى ذلك الذي جاء ليجلس على نفس الأريكة بعيداً عنها قليلاً، ثم قام بوضع ذلك الكوب من جانبها ليتحدث قائلاً بنبرة هادئة:

-" فانيليا صح".

نظرت له سجدة بدهشة، لتنظر للأرجاء من حولها، حتى عادت بنظرها إليه مرة أخرى، ليرفع رشاد حاجبيه وهو يتساءل بجدية:

-" غلط؟".

قامت سجدة بالنظر إلى الكوب، لتعود بنظرها إليه وهي ترمش بأعينها قائلة بنبرة سريعة:

-" لأ صح.. صح، بس حضرتك.. عرفت منين".

إرتشف رشاد من كوب القهوة الذي بيده، ليلوي شفتيه قليلاً وهو ينظر للفراغ من أمامه قائلاً بنبرة هادئة:

-" سألت عم إسماعيل بتشربي إيه من عنده وقالي".

إبتسمت سجدة وهي تنظر له بعدم تصديق، لتلوح برأسها وهي تقول بنبرة أظهرت خجلها وإضطرابها:

-" شكراً، مكنش لازم تتعب نفسك كدة".

تنهد رشاد وهو ينظر للكوب من بين يده، ليرفع رأسه ينظر لها وهو يتحدث قائلاً بجدية:

-" سجدة، مش واخدة بالك إن خطوبتنا الأسبوع الجاي ويعتبر منعرفش أي حاجة عن بعض؟".

نظرت له سجدة قليلاً بإضطراب، ليتحدث رشاد مرة أخرى قائلاً بجدية أظهرت تعجبه:

-" الحج نبيل سامحلنا عادي نتكلم الفترة دي لحد ميعاد الخطوبة، وإحنا متكلمناش غير مرتين بس، والمرتين يعتبر متكلمناش فيهم، حتى المرة إللي جيتلكم فيها فضلتي تكلميني عن الجامعة".

أمسكت سجدة الكوب بين يديها بتوتر وخجل، لتبتلع ريقها، حتى عادت بنظرها إليه، لتعود بنظرها للكوب مرة أخرى وهي تقول بنبرة مضطربة:

-" أنا عارفة بس.. أنا آسفة يعني أنا، مش عارفة".

عقد رشاد حاجبيه بعدم فهم ليتساءل بجدية:

-" مش عارفة إيه؟".

نظرت له سجدة بتوتر، لتتحدث قائلة ببلاهة:

-" لما بتكلم مع حضرتك بحس إني بتكلم مع الدكتور بتاعي، ببص لإيدي مش شايفة فيها حاجة تثبت إن حضرتك خطيبي، حتى لو بابا سامحلنا بدة، أنا مش قادرة أتعود".

لتنظر له بلهفة وهي تتحدث قائلة بجدية:

-" على فكرة أنا مستنية خطوبتنا بفارغ الصبر، ساعتها أنا إللي مش هبطل كلام على الفاضي والمليان، لكن دلوقتي.. صعب عليا".

كان رشاد يستمع إليها أثناء عقده لحاجبيه بغرابة منها وهو يبتسم، ليتحدث قائلاً بنبرة ساخرة:

-" إيه حضرتك خطيبي دي؟ أنتِ دلوقتي بتحسسيني إني الدكتور بتاعك مش خطيبك، دة أنا لو خاطفك مش هتقولي كدة".

إبتسمت سجدة وهي تنظر له بقلة حيلة، ليتنهد رشاد بهدوء، حتى ترك الكوب من يده، ليعود بنظره إليها قائلاً بنبرة هادئة يشوبها اللين:

-" على فكرة كلامك أقنعني، ودي حاجة نارداً ما بتحصل مع علاقتي بأي حد، وعلى العموم أنتِ عندك حق، لو مش عايزانا نتكلم تاني لحد ما نتخطب قوليلي، ولو عايزة كلامنا يفضل زي ما هو كدة أنا معنديش مشاكل، المهم إنك تكوني راضية".

كانت سجدة تستمع إليه وهي تبتسم بحُب ظهر على نظرات أعينها، لتتحدث قائلة بنبرة هادئة وهي مازالت تنظر له بتركيز:

-" يمكن الحاجة الوحيدة إللي بتثبتلي إن علاقتنا ببعض خاصة شوية، هي طريقة كلامك معايا لما بتتكلم كدة، لكن المرة دي أنت أتكلمت كدة، وقولت كمان كلام خلاني أحس إني فعلاً مميزة".

كان رشاد ينظر لها وهو يبتسم، ليومىء برأسه وهو يتحدث قائلاً بنفس نبرته:

-" وأنا مش عايزك تحسي، أنا عايزك تتأكدي إنك مميزة".

نكست سجدة رأسها تنظر للكوب من بين يديها وهي تبتسم بخجل، لترفع رأسها تنظر له مرة أخرى قائلة بنبرة مضطربة:

-" مش قولت في الأول مستناش منك كلام حلو".

عقد رشاد حاجبيه ليتساءل بنبرة هادئة:

-" وهو أنا قولت كلام حلو؟".

رفعت سجدة حاجبيها وهي تبتسم قائلة بنبرة هادئة:

-" اومال اللي قولته دلوقتي دة إيه؟".

لوى رشاد شفتيه بعدم معرفة، ليتحدث قائلاً بجدية:

-" أنا بقول الحقيقة، وقولتلك بردوا إن اللي في قلبي على لساني".

أومأت سجدة برأسها وهي تبتسم مُحاولة كتم ضحكتها، ليتحدث رشاد مرة أخرى قائلاً بنبرة حاول جعلها ثابتة:

-" لو بالنسبالك الحقيقة كلام حلو، ف مش مشكلة.. نمشيها كلام حلو".

لم تستطع سجدة التحمل أكثر من ذلك، لتنهض وهي تبتسم، حتى قامت بأخذ أشياءها لتتحدث قائلة بنبرة سريعة وهي تُحيد بنظرها عنه لكي لا يظهر خجلها من أمامه:

-" أنا اتأخرت على السكشن، شكراً على الكابتشينو".

سُرعان ما ذهبت من أمامه، لينظر رشاد في أثرها وهو يُضيق جفنيه مُبتسماً على تلك الفتاة الذي لازال لا يفهم أمره معها، يشعر بعقله الذي ترهقه بحديثها وأفكارها، وكأنه لا يستطع رفض كلمة تخرج من فمها، فبالنسبة له سيكون دوماً صحيح، وعلى حق، حتى قام بإخراج علبة سجائره، ليقوم بإخراج سيجارة من بعد ذلك يضعها بفمه وهو يقوم بإشعالها أثناء تفكيره بها.

كانت أحلام تقوم بوضع طعام الغداء على الطاولة، ليخرج عادل من الغرفة بعدما قام بتبديل ملابسه إلى ملابس عمله، حتى جلس على الطاولة، لتأتي أحلام تقوم بوضع الأطباق حتى جلست، ليتحدث عادل قائلاً بنبرة هادئة:

-" مفيش جديد في موضوع بلال ومراته".

نظرت له أحلام، لتتحدث قائلة بنبرة هادئة وهي تعود بنظرها للطعام:

-" الجديد عندك، مش دة صاحبك".

إبتلع عادل ما بفمه، ليتحدث قائلاً بنبرة مرحة:

-" هو صاحبي وواطي أه، بس هحاول النهاردة اروحله بعد ما أخلص شغل، متقلقيش لو اتأخرت".

عادت أحلام بنظرها للطعام مرة أخرى، لتترك الملعقة من يدها، حتى رفعت رأسها تنظر له قليلاً وهو يأكل، لتتحدث قائلة بنبرة حاولت جعلها ثابتة:

-" أنا حامل".

توقف عادل عن مضغ الطعام، حتى وجه نظره إليها يطالعها بمعالم وجه لم تتفهمها أحلام جيداً، فمن المتوقع صدمة، ليبتلع عادل ما بفمه، حتى إبتسم قليلاً، ولكنه أخفى إبتسامته وهو يتساءل بجدية وترقُب:

-" حامل بجد يا أحلام؟".

لوحت أحلام برأسها لتتحدث قائلة بنبرة هادئة:

-" ههزر ليه".

كان عادل يطالعها بمعالم وجه ظهرت في تلك اللحظة، ولم يكن سواها، السعادة، لينهض يقترب منها وهو يجثو على ركبتيه من أمامها أثناء إمساكه ليديها قائلاً بنبرة أظهرت الكثير من مشاعره وسعادته:

-" أنتِ مش عارفة الخبر دة فرحني إزاي يا أحلام، مش عارفة كلامك دة عمل فيا إيه، طيب أنتِ عرفتي إزاي؟ أنتِ يعني روحتي كشفتي؟ اتأكدتي ولا نروح نتأكد سوا؟".

إبتسمت أحلام رغماً عنها عندما شعرت بسعادته، لتُصدق حديث والدتها في تلك اللحظة، حتى كادت أن تتحدث، ليستوقفها عادل الذي عقد حاجبيه وكأنه تذكر شيئاً ما، حتى نهض ليتوقف أمامها وهو يتساءل بجدية:

-" هو مش إحنا كنا متفقين إننا مش هنخلف غير بعد سنة من جوازنا زي ما كنتي عايزة؟".

نظرت له أحلام قليلاً وهي تطالعه بدهشة وغرابة من تبدل ملامح وجهه بذلك الشكل، لتنهض أحلام تقف أمامه وهي تقول بنبرة مضطربة:

-" أيوة بس...".

كادت أن تستكمل حديثها ليتساءل عادل مرة أخرى قائلاً بجدية وهو يُضيق جفنيه بشك:

-" أنتِ كنتي عاملة حسابك ولا لا؟".

نظرت له أحلام بدهشة قليلاً، لتنفي برأسها عدة مرات وهي تقول بنبرة سريعة:

-" لأ معملتش يا عادل أنا...".

إبتعد عادل عنها ليدور حول نفسه وهو يشعر بنفاد صبره، ليتحدث قائلاً بصوت مرتفع:

-" يبقى أمك يا أحلام، أمك هي إللي قالتلك تعملي كدة".

عقدت أحلام حاجبيها بتعجُب وعدم فهم، لتتحدث قائلة بجدية:

-" وحتى لو ماما يا عادل، إيه المشكلة".

صرخ عادل بوجهها قائلاً بنبرة غاضبة جعلتها تنتفض وهي تبتعد عنه:

-" فيها.. أنتِ اتفقتي معايا على حاجة وقولت موافق، ومنطقتش ولا فتحت بوقي ورضيت بالأمر الواقع علشان خاطرك يا أحلام، رغم إنك عارفة وأنا عارف إنك مش عايزة أساساً تخلفي مني علشان مبتحبنيش، تقومي سامعة كلام أمك دلوقتي؟".

لمعت أعينها بالدموع، لتتحدث قائلة بنبرة محشرجة مُرتعشة:

-" ولو أنا مش بحبك، أنت مبتحبنيش؟ أنت مش عايز تخلف مني؟".

مسح عادل على وجهه بغضب ونفاد صبر، ليعود بنظره إليها قائلاً بنبرة حاول جعلها هادئة ولكنه لم يستطع:

-" عايز، مشكلتي إني عايز يا أحلام، أنا عايزك وعايز أخلف منك وعايز أكمل حياتي معاكي، بس أنتِ لأ.. ودة إللي أنا قولتهولك من الأول قولتلك يا أحلام هتاخدي وقت علشان تتقبليني وتحسي إنك عايزاني في حياتك حتى لو مش هتحبيني، بس نفترض معرفتيش.. هنعمل إيه؟".

كانت أحلام تستمع إليه بدموع أعينها التي أظهرت دهشتها من حديثه، فقد كانت تعتقد بأن ذلك الخبر سوف يجعله سعيداً لإرضاء نفسه فقط، ولكنها لم تكن تعتقد بأنه سوف ينقلب عليها لتلك الدرجة، تنهد عادل بعمق وهو يُحاول الهدوء وتماسك أعصابه، ليقترب منها وهو يقول بنبرة صارمة:

-" أخر مرة يا أحلام.. أخر مرة أمك تتدخل في حياتنا بالشكل دة، حتى لو لمصلحتي.. مش عايزه يكون بالشكل دة، مش عايز حاجة أنتِ مش راضية عنها".

لينظر لها قليلاً بملامح وجهه الحادة، حتى قام بأخذ أشياءه ليقوم بالذهاب من أمامها، تاركاً إياها بدوامة تدور بها بمفردها، وبدونه ليجعلها تتوقف قليلاً وينعم عقلها ببعض الراحة، تركها وهي تُحاول فهم حديثه وإدراك كلماته، وإلى ماذا ترمي تلك الكلمات التي تلفظ بها، تعلم بأن ما فعلته رغماً عنها، وبأنها لم تود فعل ذلك الشيء الآن، ولكن مع إصرار والدتها، شعرت بأن كلماتها تلك هي الصواب، وما جعلها تتأكد هي ردة فعله التي رأتها أمام أعينها، ولكن يبقى السؤال بالنسبة لها، ماذا سوف تفعل بتلك الروح التي لا ذنب لها بأي شيء؟

كان هاشم على وشك الخروج من البناية ليعود إلى المعرض، ولكنه لاحظ ذاك الذي كان يقف بإنتظاره، نظر له هاشم بدهشة، ليتساءل قائلاً بجدية:

-" أنت إيه إللي جابك".

أقترب منه بلال بهيئته المُبعثرة وهو يتحدث قائلاً بنبرة سريعة:

-" عايز أشوفها يا هاشم".

لوح هاشم برأسه بنفاد صبر، ليعود بنظره إليه قائلاً بجدية:

-" هو إحنا كل كام يوم على الموال دة؟ قولنا مبقاش ينفع خلاص".

لوح بلال برأسه بعدم معرفة وهو يتساءل بنبرة حادة:

-" مبقاش ينفع ليه، ليه مينفعش أنا من حقي أشوفها".

حتى كاد أن يذهب من أمامه إلى داخل عُمارة آل نجم، ليستوقفه هاشم الذي أمسك بذراعه قائلاً بجدية يشوبها الحِدة:

-" أنت رايح فين؟".

دفع بلال ذراعه، ليولج إلى البناية حتى صعد الدرج، حتى ولج هاشم هو الآخر يقف بالمدخل وهو يضع يديه بجيب بنطاله أثناء نظره للأجواء من الخارج، ليهبط بلال بعد دقيقتين وهو ينظر إلى هاشم قائلاً بنبرة سريعة:

-" بخبط محدش بيفتح ليه؟"

نظر له هاشم قليلاً، ليتنهد وهو يتحدث قائلاً بنبرة حاول جعلها هادئة قدر الإمكان:

-" روح يا بلال، روح علشان أنت كل مرة بتيجي تعمل الحبتين دول ومبتوصلش لحاجة في الآخر".

وضع بلال يده على رأسه، ليعود بشعره للخلف وهو يأخذ أنفاسه، حتى عاد بنظره إلى هاشم ليقترب منه وهو يقول بجدية أظهرت لهفته:

-" هو أنا مبصعبش عليك طيب؟ أنا غلطان وعارف إني غلطان، ونفسي أفهمها إني غلطت يا هاشم، بس محدش بيساعدني، والله العظيم أنا بحبها، حرام إللي بتعملوه فيا دة، أنا بقالي شهر مشوفتهاش، بقالي شهر ملمحتهاش صدفة يا هاشم، أنا مش قادر أستحمل كدة، والله حاسس إني هموت من غيرها".

عقد هاشم حاجبيه وهو يبتسم من حديثه، ليتحدث قائلاً بجدية يشوبها السخرية:

-" والكلام دة لسة واخد بالك منه لما طلقتها؟ ولا كان تأثيره عليك موجود من بدري؟".

لوح بلال برأسه وهو يشعر بقلة حيلته وعدم معرفته لما يجب عليه فعله، ليتحدث هاشم قائلاً بجدية:

-" أنت حسيت بقيمتها لما راحت من إيدك يا بلال، أنت بقى حالك دلوقتي عامل زي المدمنين بالظبط، وهي بالنسبالك كانت زي الكيف، تاخد منها إللي أنت عايزه، وتمشيها على مزاجك، وتهينها، بس لما يظهر الحق قدام الكل، تيجي تقول إنك مش قادر تعيش من غيرها، طب ما أنت طبيعي مش هتبقى عارف!".

نفى بلال برأسه ليبتلع ريقه وهو يتحدث قائلاً بنبرة مُتلهفة سريعة:

-" أنا أتغيرت، صدقني والله أنا فعلاً أتغيرت، أنا مش همد إيدي عليها تاني مش هزعقلها تاني ولا هعمل أي حاجة غلط في حقها، حتى مش هزعلها مني، بس ساعدني أخليها ترجعلي يا هاشم، ساعدني وأنت هتشوف بعينك إني أتغيرت".

نظر له هاشم قليلاً، ليعتدل في وقفته يتأهب للذهاب وهو يقول بنبرة هادئة:

-" لو أتغيرت فعلاً بص لنفسك يا بلال، وأحسب كلامك قبل ما تقوله علشان على الأقل يتصدق شوية".

حتى كاد أن يذهب من أمامه، ولكنه أغلق جفنيه بعدما تذكر، حتى عاد إليه مرة أخرى ليُضيق جفنيه وهو يقول بنبرة هادئة للغاية:

-" رغم إن دة مش من شأني، بس أنا كنت فاكرك هتطلع عاقل وتعيش مع مراتك عيشة طبيعية زي أي أتنين متجوزين بعد ما تعرف الحقيقة، وأنت عرفتها.. وبردوا فضلت بعيد عنها، وإستبدلت دة بإنك تستقوى وتمد إيدك عليها، ودة كله ليه؟ علشان مخك مصورلك إن ليها ذنب في إللي حصلها".

ليتنهد هاشم وهو مازال يُضيق جفنيه يطالعه بتفكير وتركيز أثر تلك الكلمات التي تدور بعقله في ذلك الحين، حتى لوح برأسه ليتحدث قائلاً بنبرة هادئة أظهرت ما يُفكر به:

-" أنت مريض يا بلال، مريض ولازم تتعالج.. لأن حتى لو هما وافقوا يرجعهوهالك تاني بعد ما تعمل عليهم الشويتين دول، أنا مش هسمحلها تروح معاك في حتة طول ما أنا متأكد إنك متعالجتش".

حتى ذهب من أمامه بعد ذلك، لينظر بلال للفراغ من أمامه وهو يُفكر بحديثه وكلماته، ليبتلع ريقه وهو يشعر بالإضطراب، حتى نظر لأعلى الدرج، ليعود بنظره للشارع من جانبه مرة أخرى، حتى خرج من عُمارة آل نجم وهو يُسير بخُطاه التائهة نحو سيارته أثناء تفكيره.

بتلك الحديقة المفتوحة، كان كلاً من يحيى وأفنان ووئام وجنة يجلسون على الأرض وهم يلعبون بتلك الكروت، وكلاً من عابد وشادية يجلسون على طاولة بعيدة عنهم قليلاً، حتى تحدث يحيى وهو يقوم بلملمة الكروت قائلاً بنبرة مرحة:

-" والله نفسي أعرف هتتعلموا تلعبوا امتى".

نظرت له أفنان لتتحدث قائلة بجدية مُزيفة:

-" عيب كدة أنا عمتك، وبعدين أنا بعرف ألعب، أنت إللي غشاش".

رفع يحيى حاجبيه، لينظر إلى جنة وهو يُحادثها بلغة الإشارة قائلاً ببراءة مُزيفة:

-" أنا بغش يا جنة؟".

نظرت له جنة وهي تأكل من المقرمشات التي بيدها، لتضحك وهي تنفي برأسها عدة مرات، حتى ضحك يحيى هو الآخر ليعود بنظره إلى أفنان التي تحدثت قائلة بنبرة أظهرت غيظها وهي تحادث جنة:

-" وأنتِ من امتى مش بتدافعي عنه، نفسي أعرف بيعملك إيه".

نظر يحيى إلى جنة، ليضع إصبعه على وجنته، حتى قامت جنة بالإقتراب منه لتُقبل وجنته، ليُعانقها يحيى وهو يبتسم وسط نظرات أفنان المُغيظة، حتى تحدثت وئام قائلة بنبرة مُتلهفة وهي تنظر إلى كلاً منهم:

-" أنا بحب أوي إنك حنين مع جنة يا يحيى، هي لما تكبر هتحبك أوي".

إبتسم يحيى ليتحدث قائلاً بنبرة مرحة:

-" وهي لسة هتحبني؟ هي بتحبني من دلوقتي".

أومأت وئام برأسها وهي تبتسم، لتتلاشى إبتسامتها رويداً وهي تقول بنبرة مضطربة:

-" أنا كان قصدي.. إنك تفضل كدة حنين معاها وبتحبها علشان هي تحبك".

نظرت لها أفنان بحُزن، لينظر يحيى إلى أفنان، حتى رفعت وئام رأسها تنظر إليهم مرة أخرى وهي تقول بنبرة مُتلهفة:

-" أنا بابا كنت بعمل معاه كدة علطول، علشان كدة كان هو بيحبني".

أقتربت أفنان لتقوم بمُعانقة كتفها وهي تميل برأسها على كتفها الآخر قائلة بنبرة حنونة:

-" أنتِ أصلاً تتحبي يا وئام".

إبتسمت وئام بعدما شعرت بالسعادة أثر كلماتها البسيطة والتي بشكلٍ ما أضافت السعادة إلى قلبها، ليتحدث يحيى وهو ينظر لهم أثناء تضييقه لجفنيه قائلاً بنبرة مُفكرة:

-" بقولكم إيه، بما إني لسة هبدأ دروس كمان أسبوع، تعالوا نروح كلنا سينما، ونقول لمالك وزيد ورزان وأحلام كمان تيجي معانا".

توسعت أعين أفنان بسعادة، لتتحدث قائلة بنبرة مُحمسة:

-" موافقة طبعاً، ولو السينمات إللي عندنا هتبقى تحفة كمان".

أومأ يحيى برأسه، ليتحدث قائلاً بنبرة هادئة:

-" خلاص نقول لجدو وتيتة وإحنا مروحين، وأنتِ أبقي أتصلي بأحلام ورزان".

تحدثت وئام في تلك اللحظة قائلة بنبرة مضطربة:

-" هي ليه رزان مجتش معانا؟ هي زعلانة مننا في حاجة".

نظرت لها أفنان لتتحدث قائلة بجدية:

-" ست رزان خلاص مبقتش فاضيالنا، مبقتش فاضية غير لجوزها بس".

إبتسمت لها وئام، ليتحدث يحيى قائلاً بنبرة مرحة:

-" براحتها، لو مجتش هي الخسرانة".

رفعت وئام كتفيها بتلقائية لتتحدث قائلة بنبرة هادئة:

-" هي لو مبسوطة كدة خلاص، خليها تكون مبسوطة أكتر مع الحد إللي بتحبه".

رفعت أفنان حاجبيها لتتساءل بجدية:

-" وهي مش بتحبنا؟ هي تستجرأ؟".

لوحت وئام برأسها بإضطراب، ليقوم يحيى بالتحدث قائلاً بنبرة سريعة:

-" يلا بس متتوهوش وخلينا نكمل، أنا إللي كسبت خدوا بالكم".

زفرت أفنان بقوة وهي تنظر له، ليبدأ يحيى بوضع الأوراق من أمامهم مرة أخرى، وسط عدم شعور وئام بالراحة وهي تريد العودة إلى المنزل مرة أخرى.

أرتشف عابد من كوب الشاي الذي أمامه، حتى وجه نظره إلى شادية الشاردة من أمامه تنظر للفراغ من أمامها بمعالم وجه مُتهكمة قليلاً، ليعقد عابد حاحبيه وهو يتساءل بنبرة مُتعجبة:

-" مالك يا شادية، من أول ما خرجنا من البيت وأنتِ عاملة كدة".

وجهت شادية نظرها إليه بصمت، لتعود بنظرها للفراغ من أمامها مرة أخرى، حتى أعتدل عابد في جلسته ينظر لها بتعجُب وقلق أثر صمتها، ليتساءل مرة أخرى قائلاً بجدية:

-" في إيه يا شادية، ما تردي عليا".

وجهت شادية نظرها في تلك اللحظة نحو وئام التي كانت تبتسم إبتسامتها الصغيرة وهي تلعب معهم، تلك الإبتسامة التي تغيرت بشكلٍ كبير وأصبحت هادئة، لا تُعبر عما بداخلها، لتبتلع شادية ريقها، وهي تعتدل في جلستها تنظر إلى عابد، حتى تحدثت قائلة بنبرة محشرجة:

-" أنا.. أتكلمت مع وئام".

عقد عابد حاجبيه بعدم فهم ليتساءل بجدية:

-" أتكلمتوا ف إيه؟".

إبتلعت شادية ريقها مرة أخرى وهي تشعر بألم قلبها وحُرقتها، لتُجيب قائلة بنفس نبرتها:

-" في اللي ولاء أختها قالته لما كنا في المستشفى".

توسعت أعين عابد، ليتحدث قائلاً بجدية تشوبها الحِدة:

-" وأنتِ إيه إللي يخليكي تتكلمي معاها في حاجة زي دي يا شادية؟ وإحنا مالنا بالمواضيع دي بتفتحي مع البت الكلام دة ليه".

بكت شادية رغماً عنها، لتتحدث قائلة بنبرة محشرجة مُرتعشة:

-" غصب عني.. كلام البت قلقني، إيه إللي هيخليه يعمل كدة يا عابد، إيه إللي كان مخليه بعيد عنها أول جوازهم".

صك عابد على أسنانه، ليتحدث قائلاً بنبرة حاول جعلها هادئة:

-" وقالتلك إيه بقى مخليكي عاملة كدة؟".

لوحت شادية برأسها وهي تبكي، لتتحدث قائلة بنبرة محشرجة:

-" مش مهم يا عابد، مش مهم".

لوح لها عابد بيده ليتحدث قائلاً بنبرة حادة مُنخفضة:

-" أومال إيه إللي مهم، بتعيطي ليه إبنك هبب إيه تاني".

نظرت له شادية بإرتباك، لتبتلع ريقها وهي تبكي، حتى تحدثت قائلة بنبرة حاولت جعلها ثابتة أثناء نظرها إلى عابد بخوف وقلق:

-" أنا فهمت من كلامها.. إنه كان بيقرب منها غصب عنها، و....".

توقفت شادية عن إكمال حديثها، ليُغلق عابد جفنيه بعدما تفهم، ليصك على أسنانه وهو يشعر بالغضب يتملك منه، لتلوح شادية برأسها وهي تتحدث قائلة بنبرة محشرجة باكية:

-" أنا معرفش الواد دة ماله، مش فاهمة هو إزاي كدة.. طيب هو كان بيعمل كدة ليه".

لتعتدل بلهفة تنظر إلى عابد وهي تقول بنبرة سريعة:

-" أنا حاسة الواد دة معموله عمل".

نظر لها عابد قليلاً، ليتحدث قائلاً بجدية:

-" عمل مرة واحدة، ومين هيفكر يعمل عمل لإبنك دة بالذات يا ست شادية".

إبتلعت شادية ريقها لتتحدث قائلة بنبرة مُندفعة:

-" ما أكترهم دلوقتي يا عابد، وأنت عارف العين على عيالي عاملة إزاي، ومبقاش في حد بيسيب حد في حاله".

أعتدل عابد في جلسته، ليقترب ينظر لها بتركيز وهو يقول بجدية:

-" إبنك عقله في رأسه يا شادية، وواعي وفايق للي بيعمله كويس، العمل إللي بتقولي عليه دة، ولا ييجي حاجة جنب إللي إبنك بيعمله من نفسه".

لوحت شادية برأسها لتتحدث قائلة بنبرة أظهرت خوفها وعدم تصديقها:

-" طيب وبعدين يا عابد، هنعمل إيه، أنا لحد دلوقتي بحاول أفهم إزاي إبنك قدر يعمل كل دة فيها، ونفسي أعرف إحنا كنا فين من دة كله".

لتنظر إلى وئام التي كانت تلعب معهم وهي تضحك، لتلمع أعينها بالدموع مرة أخرى وهي تتحدث قائلة بنبرة أظهرت حُزنها وقهرتها عليها:

-" وئام صعبانة عليا أوي يا عابد، ملهاش حد غيرنا، حتى أمها.. أنا كل ما تقولي إنها عايزة تروحلها لساني بيتلجم، مبعرفش أقولها إيه".

تنهد عابد وهو ينظر نحوهم، ليعود بنظره إلى شادية قائلاً بنبرة هادئة:

-" لازم هتعرف يا شادية، مينفعش كل ما تقولك عايزة تروح نخترع حجة جديدة".

ليرفع إصبع سبابته أمامها وهو يقول بنبرة مُحذرة:

-" وإياكي تتكلمي مع البت في الكلام دة تاني يا شادية، ملكيش دعوة بالمواضيع دي، اتطمنني علشان إبنك مش هيقدر يحصل ضُفرها".

نظرت له شادية وهي تبكي، ليتنهد عابد وهو يستند بظهره مرة أخرى على المقعد أثناء تفكيره بحديث شادية وبكُل ما يفعله بلال بحق وئام.

بشقة عُمران، كان يجلس كلاً منه هو وزيد وسامية ورزان، مع كلاً من بسام ووالدته، ليتنهد بسام وهو يتحدث قائلاً بنبرة هادئة:

-" أتفضل يا حج، خير موضوع إيه إللي كنت عايزني فيه".

كانت رزان تجلس بجانب زيد وهي تنظر له بإستفسار، ليلوح زيد برأسه بعدم معرفة، حتى تحدث عُمران بعدما ترك كوب القهوة قائلاً بنبرة هادئة:

-" كل خير يا بسام.. كل خير".

ليرفع عُمران رأسه مرة أخرى يتساءل بجدية قائلاً:

-" هي شقتك ناقصها إيه غير العفش".

نظر له بسام قليلاً وهو يشعر بالغرابة أثر سؤاله، لينفي برأسه قائلاً بنبرة هادئة:

-" هي واقفة على العفش بس، يعني إن شاء الله لما ننزل ننقيه نشوف لو هنغير حاجة بس مش أكتر".

أومأ عُمران برأسه بتفهُم، ليتحدث قائلاً بجديته:

-" خلاص لو كدة ننزل نشوف العفش بكرة، وبإذن الله نحدد ميعاد الفرح بعدها".

صُدمت رزان من حديثه، لتنهض وهي تنظر له بمعالم وجهها المصدومة تتساءل قائلة:

-" يعني إيه؟ هو مش إحنا قولنا لما أخلص سنة رابعة؟".

لم ينظر لها عُمران ولم يتحدث، ليسحب زيد يدها ليجعلها تجلس من جانبه مرة أخرى وهو ينظر إلى عُمران قائلاً بنبرة هادئة غلب عليها تعجبه:

-" ليه نحدد ميعاد الفرح؟ مش لسة فاضل حوالي ٨ شهور؟".

وجهت سامية نظرها نحو زيد لتتحدث قائلة بجدية:

-" وفيها إيه يعني لما يتجوزوا دلوقتي؟ مش خلاص كتبوا الكتاب".

نظرت لها والدة بسام لتتحدث قائلة بنبرة حاولت جعلها هادئة لتلطيف الأجواء:

-" إحنا عيوننا ليكم يا أم زيد، المهم بس تكون رزان راضية".

وضع بسام يده على يد والدته وهو ينظر لها قائلاً بنبرة هادئة:

-" معلش بس أستني يا أمي".

نظرت له والدته بتوتر بعدما شعرت بالقلق مما هي مُقبلة عليه، ليعود بسام بنظره إلى عُمران وهو يتحدث قائلاً بنبرة هادئة:

-" طيب يا حج إيه السبب إللي خلاك تغير رأيك مرة واحدة كدة، حصل حاجة؟".

لوح عمران برأسه ليتحدث قائلاً بنبرة ثابتة:

-" مادام أنت جاهز ومعندكش مانع إيه المشكلة".

ضيق بسام جفنيه قليلاً وهو ينظر له، ليتحدث بعدما أرخى معالم وجهه قائلاً بنبرة هادئة:

-" الحقيقة أنا عندي مشكلة، ومش موافق بكلام حضرتك مع إحترامي ليك".

نظرت له رزان وهي تبكي، ليعتدل عُمران في جلسته قائلاً بجدية:

-" وإيه إللي في كلامي مش عاجبك؟".

نظر له بسام بثبات وهو يتحدث قائلاً بجدية:

-" مبدأياً أنا متفق مع حضرتك على ميعاد معين ومسستم نفسي عليه، مش هينفع الميعاد دة بالنسبالي يتغير".

عقدت سامية حاجبيها بعدم فهم قائلة بنبرة مُتعجبة:

-" ومينفعش يتغير ليه؟".

وجه بسام نظره إليها، ليتحدث قائلاً بنفس نبرته وبثبات يُحسد عليه:

-" لأن حضرتك عارفة إن كل واحد مننا عنده إلتزامات، وأنا عندي إلتزامات ومسؤوليات وشغل مينفعش يتأجل، وبعدين حتى لو.. نفترض إني مش جاهز مادياً لوضع زي دة دلوقتي؟".

نظرت سامية إلى عُمران، ليعود عُمران بنظره إلى بسام قائلاً بنبرة هادئة:

-" بس الموضوع مش محتاج كل التعقيد دة".

نفى بسام برأسه ليعتدل في جلسته وهو يستند بظهره على الأريكة قائلاً بنبرة هادئة:

-" أنا آسف يا حج لكن أنا مش موافق، الفرح إن شاء الله في الميعاد إللي متفقين عليه، والوضع دة مش هيغير حاجة".

ليتحدث بنبرة ذات مغزى وهو يوزع نظراته بين كلاً من سامية وعُمران:

-" ورزان دلوقتي مراتي مش خطيبتي، والمهم عندي راحتها، وأنا عارف إن راحتها في إننا منتجوزش غير لما تخلص دراستها، وبصراحة أنا مش هضغط عليها في حاجة زي دي".

ليلوي شفتيه وهو مازال ينظر لهم حتى تحدث قائلاً بنبرة خبيثة:

-" إلا لو حضراتكم مصممين، ساعتها ممكن نتجوز دلوقتي وإحنا كدة كدة كاتبين الكتاب زي ما بتقولوا، وأخد رزان معايا وإن شاء الله لما تخلص دراستها نبقى نعمل الفرح بقى".

نظر كلاً من سامية وعُمران إلى بعضهم البعض، لتتهكم معالم وجههم من بعد ذلك، حتى وجه زيد نظره نحو رزان التي كانت تنظر إلى بسام وهي تبكي، لتوجه نظرها نحو زيد، ليبتسم لها بإطمئنان، حتى تنهدت بإرتجاف وهي تشعر بالراحة قليلاً.


بعد مرور بعض الوقت، نهض كلاً من بسام ورزان ليدخلان إلى الشرفة، حتى تنهد بسام ليتحدث قائلاً بنبرة مُطمئنة وهو ينظر لها:

-" خلاص يا رزان أهدي، محصلش حاجة لكل دة أنا حليت الموضوع".

إبتلعت رزان ريقها وهي تنظر للأرض بتوتر ظهر عليها، لترفع رأسها تنظر له وهي تقول بعشوائية أثر دموعها التي ظهرت بلحظة وهي تتحدث بإرتعاش:

-" أنا آسفة يا بسام، والله آسفة مكنش قصدي أقوم وأقول كدة، بس هو مقاليش هو فاجئني أنا مكنتش أعرف".

أقترب منها بسام ليمسك بكفيها التي كانت تلوح بهم وهي تتحدث بعشوائية أثر رجفتها، ليقربهم من صدره وهو ينظر لها بأعينه ذات النظرة اللينة المُطمئنة تزامناً مع قوله بنبرة هادئة للغاية بثت لها الطمأنينة:

-" أنا فاهم يا رزان، فاهمك وعارف أنتِ بتفكري ف إيه.. صدقيني مفيش حاجة هتحصل من غير رضاكي عليها، أنا عمري ما هوافق إني اخلي حد يجبرك على حاجة زي دي، مش عايزك تقلقي، مفيش حاجة أنتِ مش موافقة عليها هتحصل".

أغلقت رزان جفنيها وهي تبكي، ليقُربها منه حتى قام بمُعانقتها وهو يربت على ظهرها بلين أثناء مهاودته لها بلطف، لتتحدث رزان بنبرة مُرتعشة وهي تعانقه قائلة:

-" طيب هما زهقوا مني، لو هما زهقوا مني أنا خلاص عايزة أمشي، مش عايزة أقعد معاهم هنا، مش عايزة أشوف النظرة دي في عيونهم ليا يا بسام، أنا مبقتش بحب أتكلم معاهم ولا ابصلهم، بمجرد ما بلمح نظرتهم ليا ببقى عايزة أموت نفسي، أنا عايزة افهم بس، هما هيفضلوا علطول معايا كدة.. يعني لما اتجوز وابعد، بردوا هيكون في جفا ما بيننا، ولا ممكن قلبهم يحن عليا شوية".

لتعتدل تخرج من عناقه وهي تنظر له قائلة بنبرة محشرجة أثر بكاءها:

-" لو هيحنوا عليا وهيعاملوني أحسن أنا موافقة نتجوز".

وضع بسام وجهها بين كفيه وهو يبتسم لها بلين قائلاً بنبرة مُحبة:

-" أنتِ هتشوفي أهلك هيبقوا عاملين إزاي يوم فرحك يا رزان، هتشوفي دموع أمك عليكي وهي مبسوطة بيكي وشايفاكي عروسة قدامها، وهتشوفي أبوكي بنفس الشكل، صدقيني يوم فرحك هتفرق وهتلاقيهم مبسوطين بيكي، وهيعرفوا إنهم كانوا غلط في معاملتهم ليكي، وهيحسوا بقيمتك وهيبقوا عايزين ولو ساعة بس ترجعي تقعدي معاهم تاني علشان يعوضوكي، عايزك تثقي في كلامي دة وتحفظيه كويس علشان هو دة إللي هيحصل".

حتى عقد حاجبيه قليلاً ليتحدث قائلاً بنبرة حاول جعلها مرحة ليرى إبتسامتها:

-" بس أنا هتضايق.. أنتِ كدة ممكن تسيبيني وتروحي معاهم، وأبقى طلعت أنا من المولد بلا حمص".

ضحكت رزان من وسط بكاءها، لتتحدث قائلة بنبرة محشرجة بعدما أقتربت منه قليلاً تضربه بصدره:

-" لأ مش هسيبك".

لتنظر له قليلاً بأعينه، حتى تحدثت قائلة بنبرة صادقة ظهرت على عينيها ومعالم وجهها:

-" أنا عمري ما هسيبك يا بسام، لو قدمولي كنوز الدنيا دي كلها أنا عمري ما هسيبك، أنت بالنسبالي أهم من أي حد، وحياتي من غيرك متسواش، أنا اللي عايزاك تثق في كلامي وتعرف إن عمري ما هسيبك ابداً".

كان بسام يستمع إلى حديثها وهو يبتسم إبتسامة لم تضاهي سعادته بحديثها، ليُضيق جفنيه قليلاً وهو يقول بنبرة خافتة:

-" دة أنا ابدأ اتغر وأبقى أناني وأدخل أقول لأبوكي بينا يا حج عمران نحدد ميعاد الفرح".

تبدلت معالم رزان إلى أخرى مُنزعجة من حديثه، ليضحك بسام حتى تحدث قائلاً بنبرة مرحة:

-" خلاص بس بلاش النظرة دي بتحسسيني إني خاطفك وهتجوزك بالغصب".

إبتلعت رزان ريقها وهي تبتسم أثناء قولها بنبرة مُدللة:

-" لا أنت كيوت متعملش كدة".

غمز لها بسام بعينه ليتحدث قائلاً بمشاكسة:

-" علشانك أعمل أي حاجة يا ست البنات".

رفعت رزان حاجبيها بإستنكار وهي تقول بنبرة أظهرت غرابتها منه:

-" لأ أنت قلبت كدة ليه، أنا عايزة بسام الكيوت".

لوح بسام برأسه ليتحدث قائلاً بنبرة حانقة مُزيفة:

-" يا شيخة ما تسيبيني أجتهد في المجال دة بقى".

ضحكت رزان على كلماته، ليبتسم بسام وهو ينظر لها، حتى تحدث قائلاً بنبرة مُترقبة:

-" ممكن أحضنك؟".

ضيقت رزان جفنيها لتتحدث قائلة بنبرة خبيثة:

-" أشمعنى دلوقتي بتطلب؟ ما أنت لسة عاملها من شوية من غير ما تطلب".

أغلق بسام جفنيه وهو يقول بنبرة درامية لاقت به:

-" كنت بواسيكي يا رزان، الحق عليا يعني".

ضحكت رزان لتنفي برأسها وهي تضحك، ليبتسم بسام هو الآخر حتى عانق كتفها وهو يقربها منه قليلاً أثناء تقبيله لرأسها بحُب.

بشقة رشاد، كان يجلس على تلك الطاولة وهو يقوم بإنهاء بعض أعماله أمام ذلك الحاسوب، ليتنهد بهدوء وهو ينهض يتجه نحو المطبخ ليقوم بعمل كوب من القهوة، حتى دق جرس الباب.


ذهب رشاد ليفتح باب الشقة، حتى تفاجىء من أمامه بكريمة التي كانت ترتدي عباية حمراء اللون، تظهر مفاتن جسدها أثر ضيقها، وهي تنثر شعرها على كتفيها وظهرها، وتضع أعلاه حجابها بعشوائية، كذلك أحمر الشفاه التي كانت تضعه على شفتيها بشكل ملحوظ ومُلفت.

صُدم رشاد من هيئتها أمامه، ليتساءل قائلاً بنبرة أظهرت صدمته:

-" إيه إللي أنتِ عاملاه في نفسك دة".

نظرت له كريمة قليلاً، لتتحدث قائلة بنبرة أظهرت نفاد صبرها وعدم مقدرتها على التحمل أكثر من ذلك:

-" أنا تعبت يا رشاد، هفضل لحد أمتى مستنياك تعبرني، يأخي أنت مزهقتش".

كان رشاد يستمع إليها بصدمة، يُحاول إستيعاب كلماتها ظناً منه بأنه مجرد حلم وما يحدث الآن من أمامه غير حقيقي، حتى كادت أن تولج كريمة إلى شقته بعدما رأت نظراته لها والتي تفهمتها بشكلٍ خاطيء، ليستوقفها رشاد الذي رفع سبابته وهو يقول بنبرة خافتة أظهرت غضبه:

-" قسماً بالله رجلك لو خطت عتبة الباب مش هغلب في إني أفضحك وأخليهم كلهم ييجوا يشوفوكي بمنظرك دة".

لوحت كريمة برأسها وهي تتساءل بنبرة مُنفعلة خافتة من وسط أعينها التي لمعت بالدموع:

-" أنت إيه، حيط! مبتتهزش، أعملك إيه أكتر من كدة علشان تحس بيا، بقالي في البيت دة ١٨ سنة مقدرتش في مرة أخليك تبصلي زي ما أنا عايزة، أعمل إيه معاك أكتر من كدة!".

صك رشاد على أسنانه بعدما شعر بالغضب، ليتحدث قائلاً بنبرة أظهرت غِله وغضبه منها:

-" تصدقي بالله، أنا إللي غبي وأستاهل ضرب الجزم لما مفضحتكيش من الأول، كل مرة كنت بقول علشان خاطر عيالك وعلشان خاطر بيت أخويا ميتخربش، لكن المرة دي غير، وحياة أمي لفضحك، وما بالك بقى فضيحتك دلوقتي قدام إبنك إللي بقى طولك وهو شايف أمه العايبة بتعمل كدة".

صُدمت كريمة من حديثها وهي تنظر له بأعينها اللامعة، ليرفع رشاد سبابته قائلاً بنبرة مُحذرة أظهرت جدية حديثه:

-" قسماً بالله يا كريمة لو أتعرضتي لطريقي تاني، هتشوفي مني وش مش هيعجبك، وهتشوفي من جوزك إللي عاشرتيه ١٨ سنة وش أول مرة تشوفيه منه، أنا بس هدي لنفسي فرصة أخيرة إني أمسك لساني مع إن من بعد اللحظة دي أنا نفسي أروح أخرب بيتك وأفضحك قدام الكل علشان يشوفوا وساختك، بس معلش.. يمكن المرة دي تحسبيها كويس، يمكن مكنتيش عاملة حساب لإبنك وجوزك وفضيحتك إللي لو أتعرفت وشافوكي بالشكل دة دلوقتي هتبقى عاملة إزاي!".

ليقترب منها قليلاً وهو مازال يُحذرها بأعينه ذات نظرته الحادة والغاضبة وهو يقول بنبرة مُحذرة هادئة للغاية:

-" أخر مرة هقولك الكلام دة، لو لسانك خاطب لساني بالغلط من هنا ورايح، أنا هخليكي تتمني الموت على إللي هيجرا فيكي".

سُرعان ما قام بإغلاق باب الشقة بوجهها، ليلتفت وهو يشعر بالصدمة من مظهرها الذي رآها، حتى إبتلع ريقه وهو يأخذ أنفاسه، فقد كان يعتقد بأن طريقة تجاهله لها سوف تجعلها تبتعد عنه، وتتناسى ذلك الشعور التي تشعر به نحوهه، كما كان يُحاول تحمل كل ما يتلقاه منها لكي لا يُفضح أمرها أمام أخيه خوفاً عليه، ولكن بعد تلك اللحظة، ود لو يفضح أمرها أمامهم جميعهم، ليصك على أسنانه وهو يتوعد لها بالكثير بعد ما حدث الآن.

أما عنها، فمازالت تقف أمام باب شقته تشعر بالصدمة أثر إستماعها لحديثه، حتى تحركت وهي تهبط للأسفل بآمال خائبة دوماً، تُحاول فهم تجاهله لها هكذا دون سبب، تحدث نفسها بأن جميع الشباب والرجال يتمنون ولو نظرة منها، تنجح دائماً بإثارة رغبتهم بها دون قصد، ولكن مع ذاك الذي تبتغاه، تفشل حتى وإن كانت تحاول قاصدة.

بعد مرور بعض الوقت، وبعدما ذهب كلاً من بسام ووالدته، أقترب زيد من موضع الصالة كالإعصار، حتى توقف أمام عمران وهو يتحدث قائلاً بجدية:

-" أنا عايزة افهم إيه اللي أنت عملته دة؟".

نظر له عمران بعدما كان يرتشف من كوب القهوة الذي أمامه، ليلوح برأسه وهو يتساءل بجدية مُرعبة:

-" عملت إيه؟".

لم يهتز زيد من طريقة حديثه، حتى أكمل حديثه وهو يقول بنبرة غاضبة:

-" هي بالنسبالكم إيه؟ بيعة؟ هتكسبوا فيها لما ترموها بالطريقة دي؟".

نهض عمران في تلك اللحظة، لتخرج رزان من غرفتها كذلك سامية التي خرجت من المطبخ لتقتربان كلاً منهم من موضع الصالة، حتى تحدث عمران قائلاً بنبرة غاضبة وهو ينظر له:

-" أتكلم عدل يالا، لا تكون ناسي إنك بتتكلم مع أبوك".

أقترب زيد قليلاً أثر انفعاله وهو يقول بنبرة غاضبة تملكت منه وصوتٍ مرتفع:

-" مش ناسي، بس باللي بتعمله دة هتخليني أكره فكرة إنك أبويا".

ليلوح برأسه نحو سامية حتى بدأ بتوزيع نظراته بين اثنانتهم وهو يقول بنبرة مُندفعة غاضبة:

-" هو إيه إللي أنتم فيه دة؟ انتوا للدرجة دي عايزين تبوظوا شكلنا قدام الناس؟ للدرجة دي عايزين تبينوا للراجل وأمه إنكم مستبيعين ومش فارق معاكم حد حتى بنتكم!".

لوح برأسه وهو يتحدث بعدما أمتعضت معالم وجهه قائلاً:

-" انتوا متخيلين دلوقتي زمان الست بتقول علينا إيه؟ متخيلين هي هتفكر ف إيه يخليها تقول هما ليه بيعاملوها كدة وليه عايزين يجوزوها النهاردة قبل بكرة؟ طب والله العظيم الست دي هيكون معاها حق لو شكت إن بنتكم معيوبة وعايزين تداروا على مصيبتها".

نظرت له رزان بصدمة، كذلك سامية التي كانت تطالعه بصدمة احتلت معالم وجهها، ليتحدث عمران قائلاً بنبرة غاضبة:

-" احترم نفسك يالا، فوق واعرف أنت بتكلم مين، يأما قسماً بالله لكون معرفك مقامك دلوقتي لما اخليك تحت رجلي".

صرخ به زيد قائلاً بنبرة غاضبة أظهرت نفاد صبره أثر معاملتهم:

-" احترموا أنتوا عقولنا وعقول إللي حواليكم، وبطلوا اسلوبكم اللي ميليقش على عيل صغير، أنتوا خلاص شوية شوية هتبقوا أجداد، وبالأسلوب دة والله ما هخليكم تلمحوا لا عيالي ولا عيالها، ولا هخليكم تلمحوا وشوشنا أساساً".

ليقوم بالإلتفاف ينظر إلى رزان التي كانت تبكي، حتى تحدث قائلاً بنبرة صارمة وهو ينظر لها:

-" أدخلي اوضتك، ومن هنا ورايح ملكيش أي علاقة بيهم، إحنا في البيت دة ضيوف لحد ما نغور من وشهم".

نظرت رزان إلى كلاً من سامية وعُمران بعدما شعرت بألم قلبها عليهم أثر كلماته، لتذهب من أمامهم إلى غرفتها وهي تبكي، حتى خرج زيد من المنزل وهو يغلق الباب من خلفه بقوة.

ليجلس عُمران على المقعد وهو يطالع الفراغ من أمامه بشرود وصدمة احتلت معالم وجهه أثر حديث زيد، كذلك سامية التي أقتربت لتجلس بجانبه وهي تبكي بصوتٍ خافت أثر حديث ولدها.

ذهب بلال ليقوم بفتح باب المنزل، حتى وجد أمامه عادل، نظر له بلال قليلاً، حتى تركه ليولج إلى الداخل، لوح عادل برأسه بيأس، ليولج خلفه وهو يغلق باب الشقة، ثم تبعه إلى الصالة، لينظر عادل حوله وهو يتحدث قائلاً بجدية:

-" إيه يابني المزبلة دي، مش لسة جايب حد من أسبوع ينضفها".

جلس بلال على الأريكة من أمامه وهو ينظر للفراغ، ليعقد عادل حاجبيه وهو ينظر لملابسه الذي يرتديها قائلاً بجديته:

-" أنت كنت فين؟".

نظر له بلال في تلك اللحظة، ليتحدث قائلاً بنبرة هادئة للغاية:

-" كنت رايح أشوف وئام".

أقترب عادل، ليقوم بإزالة تلك العلب الموضوعة على المقعد، حتى جلس عليه لينظر إلى بلال قائلاً بجدية يشوبها الحِدة:

-" إيه القرف إللي أنت عايش فيه دة؟ وإيه منظرك دة كمان، ما تفوق لنفسك شوية يا بلال، أنت بقالك شهر مطلقها، شهر على حالتك دي ولو فضلت عليها هتضيع نفسك".

وضع بلال يده على رأسه وهو يُغلق جفنيه بتعب، ليسترسل عادل حديثه قائلاً بجدية:

-" حتى لو في أمل ترجعلك، بالطريقة دي مش هترجعلك يا بلال".

أزاح بلال يده عن رأسه لينظر إلى عادل قائلاً بنبرة مُتعبة:

-" أنا مش عايز أسمع حاجة".

تحدث عادل قائلاً بنبرة مُنفعلة:

-" وأنت لما تقولي مش عايز أسمع مش هسمعك، ما تفوق لنفسك شوية.. ركز في شغلك فوق لحياتك، وهو باللي بتعمله دة الأمور هتتصلح".

إبتلع بلال ريقه، لينظر له وهو يتحدث قائلاً بنبرة هادئة:

-" أنا عايزها".

كان عادل ينظر له بنظراته التي لم تتغير، ليعقد حاجبيه وهو يتساءل بجدية:

-" عايزها؟"

أومأ بلال برأسها إيماءات بسيطة مُتتالية، ليلوح عادل برأسه وهو يتساءل بترقُب:

-" عايزها إزاي؟".

أقترب بلال يستند بيده على يد الأريكة أثناء نظره إلى عادل قائلاً بجدية:

-" أنا عايزها هي يا عادل، عايز مراتي".

كان عادل يطالعه بنظرات غير مفهومة، ولكنها تتفهم بالفعل معاني كلماته تلك، لينهض عادل بهدوء، حتى أقترب منه بنفس هدوءه، ليباغته بفعلته عندما قام بسحبه من ملابسه ليوقفه من أمامه وهو يتساءل قائلاً بنبرة هادئة للغاية:

-" أنت عارف لو إللي فهمته صح أنا هعمل فيك إيه".

نظر له بلال قليلاً، ليتحدث قائلاً بنبرة صادقة:

-" أنا بحبها".

عقد عادل حاجبيه ليتحدث قائلاً بنبرة ساخرة خافتة بعض الشيء:

-" وهو إللي بيحب حد وبيسيبه في وضع زي دة، بيفكر فيه بالشكل دة بردوا؟".

إبتلع بلال ريقه وهو ينظر له بتوتر، ليقوم عادل بلكمه على وجهه بقوة، حتى جلس بلال على الأريكة مرة أخرى أثر ضعف جسده وإجهاده، ليميل عادل بجزعه العلوي عليه قليلاً وهو يتحدث قائلاً بنبرة خافتة مُحذرة:

-" لما تبقى تفوق لنفسك وتفكر صح، وتفهم إن دي مراتك مش نزوة وجو حلو تعدي بيه من إللي أنت فيه، أبقى قول ساعتها إنك بتحبها".

حتى كاد عادل أن يذهب من أمامه، ليستوقفه بلال الذي نهض ليتحدث قائلاً بنبرة مُندفعة:

-" أنا بحبها، ومفيش حاجة هتمنعني أقول إني بحبها، حتى لو محدش فيكم مصدق دة".

لوح بلال برأسه وهو ينظر له بعدما لمعت أعينه بالدموع وهو يتحدث بيديه التي أظهرت إنفعاله أثناء قوله بنبرته المُندفعة والمضطربة:

-" وئام أنا إللي مربيها على إيدي، وأول واحدة حبيتها ومحبتش غيرها ولا دخل قلبي واحدة غيرها، ماشي طريقة حُبي ليها غلط، وظلمتها كتير وجيت عليها، بس أنا كنت معمي، كنت شايف إن مادام هي واثقة فيا وبتعمل إللي بقول عليه يبقى خلاص، أنا غصب عني أستغليت دة يا عادل، زي ما كنت بحاول دايماً أخليها متوجهة صح، كنت غصب عني بعكس دة في حاجات تانية كتير علشان أرضي نفسي بس، أنا عارف إني غلطت ومُعترف بغلطي.. بس والله العظيم أنا بحبها، أنا مبحبش قدها، ونفسي اعوضها عن إللي عملته فيها، أنا عايز منها فرصة واحدة بس اثبتلها إني فعلاً اتغيرت، بس أنا غصب عني ملقيتش منها رفض يا عادل ودة إللي شجعني أكمل في إللي بعمله".

صرخ به عادل ليتحدث قائلاً بنبرة غاضبة:

-" تستنى رفض من مين أنت مجنون، وهي دي عاقلة زيك؟ دي واحدة قادرة تفكر وتدرك إللي بيحصلها من حواليها وتحط كل حاجة في مكانها الصح زيك؟".

جلس بلال على الأريكة مرة أخرى، ليتحدث قائلاً بنبرة مُرتعشة أظهرت قهرته:

-" أنا مش عارف أحط الأمور في مكانها الصح زي ما أنت بتقول، أنت عارف طيب يعني إيه تحب واحدة من صُغرك وقبل جوازك منها بشهر تكتشف حاجة تخليك تتقلب، أنا معرفش لو حد غيري كان هيتعامل إزاي.. بس والله أنا الموضوع دة مقدرتش أنساه، أنا لحد دلوقتي مش قادر أنساه، مش قادر اتخيل ولا اتقبل فكرة إن حد غيري لمسها، أنا عارف إن هي ملهاش ذنب، ومش حاطط الذنب عليها زي ما هاشم قال.. أنا بس مش فاهم إيه إللي بيحصلي كل ما بفتكر الموضوع دة، غصب عني بقسى عليها وبعمل حاجات مينفعش تتعمل، وبرجع أقول آخر مرة، بس مبتبقاش آخر مرة، والله العظيم أنا غصب عني يا عادل، صدقني والله أنا لو بفكر صح زي ما بتقول عمري ما كنت هعمل فيها كدة".

ليضع يديه على رأسه وهو ينظر للفراغ من أمامه بأعينه اللامعة، لينظر له عادل قليلاً وهو يستمع إلى حديثه، حتى تحدث قائلاً بجدية وثبات أظهرت عدم تعاطفه معه:

-" تعرف يا بلال، أنت دلوقتي بتثبتلي إن مش المرضى بس إللي بيفكروا كدة، الناس الطبيعيين كمان فيهم أشكال كتير زيك بيفكروا زي المرضى، وأنت دلوقتي متفرقش حاجة عنهم، ويمكن كمان يكونوا هما أذكى منك وقادرين يفكروا صح أكتر منك، ومراتك دي أنا متأكد إنها كانت بتسمع كلامك ف كل إللي تقول عليه علشان فاكرة إنك بتوجهها للصح دايماً، متعرفش إنك واحد أناني ومريض مش فارق معاه إللي قدامه بس أهم حاجة يرضي نفسه ويريحها".

تنهد عادل وهو ينظر له، ليذهب من أمامه تاركاً إياه، كان بلال يستمع إلى كلماته بشرود، يعلم حقاً بأنه فعل كل ذلك معها، ولكنه أدرك ذلك مؤخراً، كما إستطاعت أذنيه تمييز كلمة تكررت على مسامعه اليوم لأكثر من مرة، ولكنه يرفض الإقتناع بتلك الفكرة.

بالمساء، كان كلاً من عابد ومالك ورشاد يجلسان أمام التلفاز، حتى خرجت من المطبخ كلاً من شادية وأفنان وهم يمسكون بإيديهم صواني الطعام والمشروبات الساخنة، لتضع شادية الصينية وهي تنظر إلى أفنان قائلة بنبرة سريعة:

-" روحي نادي وئام خليها تيجي تتعشى".

أومأت أفنان برأسها لتذهب من أمامهم، حتى نهض رشاد يتأهب للذهاب، لتستوقفه شادية قائلة بنبرة مُتعجبة:

-" رايح فين".

تنهد رشاد ليتحدث قائلاً بنبرة مُتعبة:

-" هطلع أنا كدة كدة مش جعان".

أشارت له شادية بيدها أن يجلس قائلة بنبرة صارمة:

-" أقعد كُل، محدش هيروح في حتة غير لما ياكل".

كان مالك قد بدأ بالفعل بتناول الطعام، ليتحدث قائلاً بنبرة سريعة بعدما بلع ما بفمه:

-" أقعد يا عم، لسة السهرة هتحلو".

جلس رشاد لينظر إلى مالك وهو يقول بنبرة حادة:

-" بلا سهرة بلا بتاع، هتاكل وتطلع".

لوح مالك برأسه بعدم إهتمام، لتعقد شادية حاجبيها أثر طريقة حديث رشاد، لتتحدث قائلة بنبرة قلقة:

-" في إيه يا رشاد؟ مالك؟".

نظر لها رشاد قليلاً، ليتنهد وهو يتحدث قائلاً بجمود:

-" مفيش حاجة".

أومأت شادية برأسها بقلة حيلة، حتى خرجت كلاً من أفنان ووئام من الغرفة، لتتحدث شادية قائلة بنبرة هادئة وهي تقوم بعمل الشطائر:

-" تعالي يلا يا وئام أقعدي جنب أفنان علشان أعملك ساندوتش، وعمك عمل شاي باللبن أهو".

أقتربت وئام بخجل لتجلس بجانب أفنان وهي تضم كفيها بتوتر، ليبدأ الجميع بتناول الطعام بصمت، حتى وجه مالك نظره إليهم، ليتحدث قائلاً بنبرة سريعة:

-" أنا عايز أخطب".

توقفت شادية عن مضغ الطعام، كذلك نظر له الجميع بصدمة، ليعقد عابد حاجبيه وهو يتساءل بجدية:

-" هو أنا كنت قولتلك إيه؟".

ترك مالك ما بيده ليعتدل ينظر له وهو يقول بنبرة حاول جعلها هادئة قدر الإمكان:

-" أنا أشتغلت خلاص، والمرتب كمان كويس ويفتح بيت زي ما أنت قولت، وبعدين هو أنا هتجوز علطول؟ قول فيها سنة سنة ونص عقبال ما نبدأ نوضب الشقة".

رفع عابد حاجبيه ليتحدث قائلاً بنبرة ساخرة:

-" دة أنت مجهز ردودك بقى".

نظر مالك للفراغ من أمامه بتهكم، لتوزع شادية نظراتها بينهم وهي تتساءل بجدية أظهرت صدمتها:

-" هو إيه دة؟ أنت كنت عارف ومقولتليش يا عابد؟".

لتوجه نظرها في تلك اللحظة إلى رشاد، حتى لوح رشاد برأسه وهو يقول بجدية:

-" بتبصيلي ليه أنا معرفش حاجة زيي زيك".

تنهد عابد لينظر إلى شادية قائلاً بنبرة هادئة:

-" عقلي إبنك يا شادية".

نظر له مالك في تلك اللحظة ليتساءل بجدية أظهر إنفعاله بشكل طفيف:

-" وهو أنا عملت إيه؟ حرام أخطب؟ المفروض أقبض كام في الشهر علشان أكون جاهز أخطب؟".

كان عابد يطالعه بهدوء، لتلوح شادية بيدها نحو مالك أن ينظر لها وهي تقول بنبرة مُتلهفة:

-" أكتم يابني متبوظش الدنيا، وقولي هي مين، نعرفها؟ نعرف أهلها؟".

تنهد مالك وهو ينظر إليها، حتى تحدث قائلاً بنبرة أظهرت ضيقه من عابد:

-" بنت عم سعيد، أنتوا شوفتوهم".

رفعت أفنان حاجبيها بسعادة لتتحدث قائلة بعدم تصديق:

-" زينب؟".

نظر لها مالك قليلاً، ليتحدث قائلاً بنبرة هادئة:

-" أنا أساساً كنت واخدك معايا الفرح أنتِ ورزان علشان تقعدوا معاهم وتصاحبوهم".

وجهت أفنان نظرها نحو شادية في تلك اللحظة لتتحدث قائلة بنبرة مُحمسة:

-" دول محترمين أوي يا ماما فوق الوصف، وزينب بجد عاقلة وهادية كدة".

كانت شادية تستمع إلى حديثها وهي تبتسم ببلاهة، لتوجه نظرها نحو عابد في تلك اللحظة قائلة بنبرة سعيدة:

-" طيب يلا يا عابد، روح أخطبهاله".

ضحك رشاد وهو يأكل، ليلوح عابد برأسه وهو يقول بجدية:

-" أخطب مين يا شادية؟ وهو أبوها هيوافق؟".

كان مالك يطالعه بهدوء، ليتحدث قائلاً بنبرة هادئة:

-" وميوافقش ليه؟ عم سعيد بيعتبرني إبنه وأنت شوفت بعينك".

أستغفر عابد ربه وهو ينظر للفراغ من أمامه، ليوجه مالك نظره نحو شادية يطالعها بنظراته المُترجية البريئة بأن تتحدث، لتوجه شادية نظرها بالفعل إلى عابد وهي تقول بنبرة رزينة:

-" مالك يا عابد؟ ما الواد ماشاء الله هاشم جابله شغلانة كويسة وبيقبض كويس كمان، حتى لو لسة في الأول بكرة يكبر ويثبت فيها، أتكلم مع الراجل مبدأياً وهو مش هيرفض، بدل ما البت تضيع منه حرام العيال دول محترمين وأنت شوفتهم في خطوبة أفنان".

عاد مالك بنظره إلى عابد وهو يطالعه ببراءة لا تليق به، ليرمقه عابد بسخط، حتى تنهد ليتحدث قائلاً بنبرة حانقة:

-" بكرة أبقى أتصل بيه، يا رب تكوني مستريحة يا ست شادية".

أعتدلت شادية في جلستها لتقوم بإطلاق زغرودة مرتفعة، لم تكملها بسبب عابد الذي تحدث قائلاً بجدية:

-" إيه يا شادية، الساعة ١٢ الناس نامت، بكرة الصبح إن شاء الله".

رمقته شادية بغيظ، لتنهض وئام وهي تقول بنبرة مضطربة:

-" الحمدلله، شبعت".

نظر لها عابد ليتحدث قائلاً بنبرة هادئة:

-" شبعتي إيه أنتِ مشربتيش كوبايتك".

نفت وئام برأسها وهي تبتسم بإضطراب، لتتحدث قائلة بنبرة خافتة:

-" أنا هدخل أنام".

لتذهب من أمامهم وهي تنظر لهم، حتى أختفت من أمام أنظارهم، لتتنهد شادية بحُزن وهي تدعي لها، ليتحدث مالك قائلاً بنبرة خافتة نسبياً:

-" هو إحنا هنفضل على الوضع دة كتير بقى؟ أنا عايز أوضتي، أنا بقالي شهر مشوفتهاش".

لوحت شادية برأسها وهي تنظر له لتتحدث قائلة بنبرة مُنفعلة:

-" يابني أنت مبتحسش؟ نرميهالك في الشارع يعني علشان ترتاح ولا نعملك إيه ما تولع أوضتك".

زفر مالك بقوة وهو يقوم بأخذ شطيرة يأكل منها، لترمقه شادية بنظراتها الغاضبة وهي تبرطم بكلماتها الخافتة.

كانت أحلام تجلس بغرفة الجلوس تنتظر مجيئه، لتستمع إلى صوت إغلاق باب الشقة، حتى أعتدلت في جلستها وهي تنتظر قدومه، لتمر عليها ثواني قام فيها بالولوج إلى الغرفة وهو يعقد حاجبيه مُتسائلاً بجدية:

-" إيه اللي مصحيكي لحد دلوقتي؟".

نهضت أحلام لتتحدث قائلة بجدية تماثله:

-" أنت سيبتني ومشيت من غير ما تعرفني رأسي من رجلي".

أقترب عادل وهو مازال يعقد حاجبيه مُتسائلاً بنبرة هادئة:

-" المفروض أعمل إيه؟".

نظرت له أحلام بصدمة، لتتحدث قائلة بنبرة مُنفعلة:

-" تفهمني معنى الكلام إللي قولته قبل ما تمشي، يعني إيه مش هتوافق بحاجة أنا مش راضية عنها؟ أنت عايزني أنزله؟".

صُدم عادل من حديثها، ليتحدث قائلاً بجدية أظهرت عدم تصديقه:

-" تنزلي إيه يا أحلام أنتِ أتجننتي!".

إبتعدت أحلام لتلمع أعينها بالدموع وهي تتحدث بنبرة مُنفعلة من بين بكاءها:

-" ما أنت مفهمتنيش، أنت سيبتني ومشيت مفهمتنيش، أنت أتبسطت لما عرفت إني حامل ورجعت أتعصبت تاني وقولتلي كلام أنا مفهمتهوش، من ساعة ما مشيت وانا بحاول أفهم قصدك مش قادرة أوصله".

لاحظ عادل إنفعالها وتفهم حالتها تلك من أمامه، ليتنهد وهو يقترب منها، ليجعلها تجلس حتى جلس من جانبها ليتحدث قائلاً بنبرة مُتأسفة:

-" أنا آسف يا أحلام، بس صدقيني دة مش قصدي، أنا حتى لو متعصب عمري ما هقولك حاجة زي دي، أكيد الكلام طلع مني بصيغة غلط".

نظرت له أحلام وهي تبكي، ليغلق عادل جفنيه وهو يشعر بالضيق مما سوف يتلفظ به، ولكنه رفع رأسه ليتحدث قائلاً بنبرة هادئة:

-" أنا مش عايز حاجة تضغطك وتجبرك عليا يا أحلام، عايزك أنتِ من نفسك تحبيني وتفتحيلي قلبك، أنا لا واحد معنديش كرامة ولا واقع علشان أقبل بواحدة مبتحبنيش، كل الحكاية إني زي ما دعيت إن ربنا يكتبك من نصيبي، بردوا بدعي إنك تحبيني وتتقبليني، يمكن الموضوع غريب شوية، ولو واحدة غيرك أنا مكنتش هقبل على نفسي حاجة زي دي، أنتِ مش عارفة أنا كنت بتعذب إزاي أول جوازنا وأنا شايف طريقة كلامك معايا، مش عارفة أنا كنت بردوا بتضايق إزاي وأنا بعمل معاكي حاجة أنتِ مش قادرة تتقبليها وبتعمليها علشان شايفة إن دة حقي، مع إن حقك أنتِ كمان يا أحلام تكوني مبسوطة، ودة إللي أنا بحاول أعمله معاكي بكُل الطرق، والحمدلله بقيت حاسس بإختلاف عن أول جوازنا، ولسة هتتغيري وهتتقبليني أكتر لأن أنا واثق في حكمة ربنا لينا".

كانت أحلام تستمع له بأعين لامعة بالبكاء، تُحاول دوماً فهم طريقة تفكيره، ولكن تلك المرة مُختلفة تماماً، فتلك المرة على وجه الخصوص يُجيب على اسئلة كثيرة تطرحها بعقلها من وسط كلماته تلك، ليتنهد بهدوء وهو يتحدث قائلاً بنبرة أظهرت ضيقه:

-" بس موضوع الخلفة دة بالذات أنا مكنتش عايزه ييجي بالطريقة دي، أنا كنت عايزك تكوني راضية وأنتِ بتعملي كدة، حابة فعلاً تخلفي مني ومبسوطة بدة، مش غصب عنك علشان بس تحسسيني إنك مهتمية أبقى مبسوط".

نفت أحلام برأسها لتبتلع ريقها بعدما هبطت دموعها وهي تقول بنبرة محشرجة أظهرت صدق حديثها:

-" أنا مش بعمل كدة علشان أحسسك إني مهتمة، أنا بعمل كدة علشان مهتمة فعلاً إنك تكون مبسوط، لما ماما قالتلي مكنتش موافقة، ومكنتش راضية بالقرار دة، بس لما فكرت فيها قولت إن دي أقل حاجة ممكن أقدمهالك، ويمكن بعد ما شوفت ردة فعلك أتبسطت وحسيت لحظتها إني فعلاً مبسوطة بالقرار دة".

حتى هبطت بعينيها على يديه، لتبتلع ريقها وهي تُقرب كفيها لتضعهم عليهم أثناء قولها بنبرة مُرتعشة:

-" أنا لو فعلاً مبحبكش، ولو مش قادرة أعمل كدة.. ف أنا قابلاك يا عادل، قابلاك ليا زوج، و...".

توقفت عن حديثها وهي لا تعلم ماذا ستكون نتيجة تلك الكلمات القادمة، لترفع رأسها تنظر له من وسط نظرات أعينها الضبابية وهي تقول بنبرة حاولت جعلها ثابتة رغم حشرجة وإرتجاف صوتها:

-" ومبقتش قادرة أتقبل فكرة إنك مش موجود في حياتي، يعني في الأول.. أنا كنت بفكر كتير في حياتي من غيرك، لو مثلاً.. بعدنا، بس دلوقتي، أنا بقيت شايفاك معايا في كل حاجة قدام، شايفة مستقبلنا مع بعض، وشايفة حياتنا مع بعض، وشايفة عيالي منك".

لتنفي برأسها وهي تبكي أكثر أثناء قولها بنبرة مُتأسفة محشرجة:

-" أنا آسفة إني مش قادرة أحبك، بس والله أنا بحاول، بحاول زي ما أنا بقيت بحس بكل دة ناحيتك، بردوا بحاول أحبك، بس غصب عني".

أقترب منها عادل ليضع وجهها بين كفيه وهو ينظر لها قائلاً بجدية:

-" أحلام.. أنا مش عايز أسمع منك أي حاجة، كفاية أوي إللي أنتِ لسة قايلاه، دة بالنسبالي أهم من الحُب".

رفعت أحلام عينيها تنظر له، ليبتسم عادل وهو يتحدث قائلاً بنبرة مُحبة:

-" يعني عايزاني أسمع منك إيه أكتر من إنك بقيتي شايفاني دايماً معاكي؟ دة بالنسبالي كفاية أوي".

أغلقت أحلام جفنيها وهي تبكي، ليُقربها منه عادل يقوم بمعانقتها وهو يربت على ظهرها مُهدئاً إياها وهو يقول بنبرة لينة:

-" مبحبش أشوف الغاليين دول يا أحلام".

خرجت أحلام من عِناقه، لتتحدث قائلة بنبرة محشرجة:

-" مين هما".

مسح عادل دموعها وهو يبتسم قائلاً بنبرة مُحبة:

-" دموعك".

لينتهي عادل من مسح دموعها، حتى أمسك بيديها ليتحدث قائلاً بجدية:

-" من هنا ورايح مش عايزك تعملي مجهود زيادة، هبقى أجيبلك واحدة تنضف البيت".

نفت أحلام برأسها لتبتلع ريقها وهي تقول بنبرة هادئة يشوبها القليل من الحشرجة:

-" مش لازم.. ممكن أبقى أقول لماما وأفنان".

نفى عادل بحركة سريعة من عينه وفمه، ليتحدث قائلاً بنبرة مرحة:

-" أعمل أنا يا أحلامي، وهو أنا روحت فين؟ ولا علشان فاكراني ظابط وكدة مش هساعد".

إبتسمت أحلام وهي تومىء برأسها، ليتنهد عادل وهو ينظر لها، ليتحدث قائلاً بنبرة هادئة:

-" تعرفي يا أحلام إني أول مرة أخد بالي من إسمك بجد".

نظرت له أحلام وهي تنتظر منه إستكمال حديثه، ليتحدث عادل قائلاً بنبرة مُحبة:

-" أنتِ أحلامي أنا.. وأحلى حلم كان نفسي أوصله".

كانت أحلام تنظر له من وسط نظرات أعينه المُحبة لها وهو يبتسم، ليتحدث عادل مرة أخرى قائلاً بنبرة مُحبة:

-" ولسة الحلم هيكمل بعيالنا وبيتنا إللي هنكبره سوا، ومبدأياً باللي لسة جاي في الطريق دة، دة كان حلمي التاني".

عقدت أحلام حاجبيها قليلاً لتتساءل بنبرة هادئة:

-" يعني أنت كان نفسك فعلاً تخلف ومكنتش عايز تستنى سنة؟".

إبتسم عادل رغماً عنه، ليتحدث قائلاً بنبرة لينة:

-" كان نفسي، بس علشانك أستنى العمر كله، المهم يكون منك أنتِ".

طالعته أحلام بنظرات أعينها الهادئة، ليقترب منها عادل يقوم بمُعانقتها وهو يغلق جفنيه براحة وسعادة، ليلوح برأسه نحو أذنها وهو يقول بنبرة مُحبة:

-" شكراً يا أحلام، شكراً لوجودك معايا يا مصدر راحتي".

شعرت أحلام بأنفاسه الساخنة على أذنها ورقبتها، لتبتلع ريقها وهي ترفع يديها تبادله العِناق وسط نظرات أعينها للفراغ من أمامها، لتُغلق جفنيها وهي تشعُر بالرضا، والقبول لما وصلت إليه حتى الآن، بدأت في تلك اللحظة بإدراك أن ذلك هو الصواب، وذلك ما كانت تنتظره حياتها القادمة، بيت، وزوج، وعائلة صغيرة تكبر بمرور السنين، ولكن المجهول دائماً، مع من سوف تكتمل الحياة؟

____________________________

إهداء اليوم إلى حُلوتي وجميلتي ( كنزي محمود )♥️

#يُتبع.
#الفصل_الخامس_والثلاثين.
#ميرونزا.

Continue Reading

You'll Also Like

284K 8.1K 136
"𝑻𝒉𝒆𝒓𝒆'𝒔 𝒓𝒆𝒂𝒍𝒍𝒚 𝒏𝒐 𝒘𝒂𝒚 𝒐𝒇 𝒘𝒊𝒏𝒏𝒊𝒏𝒈 𝒊𝒇 𝒊𝒏 𝒕𝒉𝒆𝒊𝒓 𝒆𝒚𝒆𝒔 𝒚𝒐𝒖'𝒍𝒍 𝒂𝒍𝒘𝒂𝒚𝒔 𝒃𝒆 𝒂 𝒅𝒖𝒎𝒃 𝒃𝒍𝒐𝒏𝒅𝒆."
49.6K 120 16
My wlw thoughts Men DNI 🚫 If you don't like these stories just block don't report
13.3K 919 27
Uni+zgi ငါက တခြားသူတွေအတွက်ဆို နတ်ဆိုးတစ်ကောင်ဖြစ်ချင်ဖြစ်မယ် မင်းအတွက် ဆို ငါကဖြူစင်ရိုးသာချင်ယုံလေးပါ ငါတကယ်ချစ်ခဲ့တာ မင်းသိစရာမှမလိုခဲ့တာ ...
118K 4.4K 9
2 tom dylogii ,,Agony"