عُمارة آل نجم.

By MariamMahmoud457

217K 13.8K 21.9K

عادةً ما تأتي العائِلة أولاً، بضجيجها، وحِسها، وحروبِها الدائِمة رغماً عن أمانِها المُستقر، جيشك المُتصدي، مح... More

الفصل الأول ( بر الوالدين )
الفصل الثاني ( تلقاه العين قبل الرحِم )
الفصل الثالث
الفصل الرابع ( من يملُك الحق )
الفصل الخامس ( إرضاء الأقرب للقلب؟ )
الفصل السادس ( طريق التهلكة )
الفصل السابع ( ماذا فعلوا بحقها؟ )
الفصل الثامن ( بداية جديدة خالية من الفساد )
الفصل التاسع ( تِكرار الخطأ عواقبه كبيرة )
الفصل العاشر ( خيبة الأهل )
الفصل الحادي عشر ( حق مؤجل )
الفصل الثاني عشر ( عُطلة عائلية )
الفصل الثالث عشر ( موافقة بالإجبار )
الفصل الرابع عشر ( بيعة مُشتراه )
الفصل الخامس عشر ( عودة العلاقات )
الفصل السادس عشر ( إصلاح ما قامت الحياة بإفساده )
الفصل السابع عشر ( صدمة غير متوقعة )
الفصل الثامن عشر ( داءه، ودواءه )
الفصل التاسع عشر ( جاء بنبأ بُعاده )
الفصل العشرين ( أمل يُضيء القليل من النور )
الفصل الواحد والعشرين ( قد تتغير الموازين )
الفصل الثاني والعشرين ( لا بأس من المحاولة مرة أخرى )
الفصل الثالث والعشرين ( بنهاية الدرب راحة )
الفصل الرابع والعشرين ( عودة حميدة )
الفصل السادس والعشرين ( حُب غير مرغوب )
الفصل السابع والعشرين ( فرصة أخرى أخيرة )
الفصل الثامن والعشرين ( ضائِعة من نفسها تائِهة بين البشر )
الفصل التاسع والعشرين ( زواج لرد الشُكر )
الفصل الثلاثين ( ليلة يتكللها الفرح والسرور )
الفصل الواحد والثلاثين ( عاد مُهاجر الدار إلى داره )
الفصل الثاني والثلاثين ( جاء من يحمل الحُب في قلبه وقوله وفعله )
الفصل الثالث والثلاثين ( لم نعُد نلوم الغرباء، فالمقربون فعلوا الأسوء )
الفصل الرابع والثلاثين ( عواقب انتماءِها لهذا الحُب )
الفصل الخامس والثلاثين ( من لا ذنب له؟ )
الفصل السادس والثلاثين ( مُناضل في حرب السعادة )
الفصل السابع والثلاثين ( لا نُحاسب على سذاجة القلب )
الفصل الثامن والثلاثين ( نهاية قصة محسومة لن يُفيدها الأسف )
الفصل التاسع والثلاثين ( المرءُ لا تُشقيه إلا نفسُهُ )
الفصل الأربعين ( خيبات تليها صدمات مُتتالية )
الفصل الواحد والأربعين ( لن نعود مرة أخرى، انتهت الرسائِل )
فصل إضافي ثاني وأربعين ( بورِكتّ معك فاتِحة العُمر )
فصل إضافي ثالث وأربعين ( بورِك مسعى سِرناه سوياً )
فصل إضافي رابع وأربعين ( يزداد نصيب العُمر به حياة )
الأخير، مِسك الخِتام ( خير حصاد التربية الصالحة )

الفصل الخامس والعشرين ( زواج بنكهة جنازة )

4.1K 284 495
By MariamMahmoud457

كان رشاد يقف بإحدى الطُرقات يتحدث مع بعض الطلاب، لينتهي من حديثه مع طالب وهو يتأهب للذهاب، ليستوقفه طالب آخر يسأل بشيئاً ما، حتى أجاب رشاد عليهم جميعاً لينتهي بعد مرور عشرة دقائق، كاد أن يتحرك ولكنه نظر إلى تلك التي كانت تقف بجانبه قليلاً، حتى عقد حاجبيه ليتساءل بجدية:

-" أنتِ واقفة هنا من امتى؟".

نظرت سجدة إلى ساعة يدها، لترفع رأسها تنظر له وهي تقول بنبرة سريعة:

-" من خمس دقايق".

رفع رشاد حاجبيه، ليلوح برأسه حتى أقتربت لتُعطيه الدفتر ينظر له، لينظر به رشاد قليلاً يفر بعينه عليه وهو يتساءل بجديته المُعتادة:

-" كويس، كلهم سلموا".

أومأت سجدة برأسها وهي تنظر له أثناء نظره للدفتر قائلة بنبرة سريعة:

-" أيوة يا دكتور ماعدا كام طالب بس بعتلهم ميل علشان لو كانوا ناسيين أو مأخدوش بالهم".

أومأ رشاد برأسه وهو ينظر للدفتر، ليرفع أعينه عن الدفتر ينظر لها وهو يتساءل بجدية:

-" حد ضايقك تاني".

كانت سجدة ترفع رأسها تنظر له بأعينه أثر فرق الطول بينهما، لتنفي برأسها بإضطراب وهي تقول بنبرة خافتة:

-" لأ.. مفيش حد".

بادلها رشاد النظرات قليلاً رغماً عنه، ليرفع رأسه ينظر للفراغ من أمامه، حتى تنهد ليعود بنظره إليها وهو يتنهد قائلاً بنبرة هادئة:

-" طيب.. تحبي تيجي أوقفلك تاكسي؟".

إبتسمت سجدة لتنفي برأسها وهي تقول بنبرة هادئة:

-" لأ أنا لسة مخلصتش".

عقد رشاد حاجبيه بتعجُب، ليتساءل قائلاً بنبرة لا تقل عن مظهره:

-" مش جدولك أخره الساعة أتنين؟".

أومأت سجدة برأسها وهي تتحدث قائلة بنبرة سريعة:

-" أيوة بس...".

كادت أن تستكمل حديثها، ليأتي إليهم ذلك الشاب الذي نظر إلى رشاد ليتحدث قائلاً بأدب:

-" إزاي حضرتك يا دكتور".

أومأ له رشاد برأسه وهو ينظر له بغرابة قائلاً بنبرة هادئة:

-" بخير الحمدلله ".

عاد ذلك الشاب بنظره إلى سجدة وهو يقول بنبرة سريعة:

-" مستنيينك في الأوضة علشان نتحرك كلنا مع بعض، متتأخريش".

أومأت له سجدة برأسها بإضطراب، لتعود بنظرها إلى رشاد وهي تشعر بالحرج منه، حتى إبتلعت ريقها لتقول بنبرة حرجة:

-" أصل يعني النهاردة كلنا هنتجمع ونخرج سوا".

كان رشاد ينظر لها بهدوء، ليتحدث قائلاً بجدية:

-" مسألتكيش يا دكتورة، النهاردة بليل أبعتيلي شيت بأسماء الطلبة إللي سلمت المشروع".

أومأت سجدة برأسها وهي تنظر له بحرج وضيق ظهر عليها، ليذهب رشاد من أمامها دون أن يتحدث في أي شيئاً أخر، لتنظر في أثره قليلاً، حتى تأفأفت وهي تشعر بالضيق مما حدث.

كانت أحلام تجلس بالغرفة شاردة باللاشيء من أمامها، حتى ولج إليها كلاً من عابد وشادية، لتعتدل أحلام حتى أقترب كلاً منهم يجلسون على الفراش معها، ليتنهد عابد وهو يتحدث بنبرة مرحة بعدما جلس بجانبها قائلاً:

-" جرا إيه يا عروسة، حتى في كتب كتابك متأخرة ولسة ملبستيش".

إبتسمت أحلام قليلاً لتقول بنبرة هادئة:

-" مستنية العصر يأذن وبعدين هصلي وألبس".

أومأ لها عابد برأسه وهو ينظر إلى شادية التي كانت تجلس أمامها، لتقترب منها شادية قليلاً تضع يدها على قدم أحلام وهي تتودد إليها بأعينها قائلة بنبرة أظهرت قلقها عليها:

-" أنتِ مبسوطة يا أحلام، يعني راضية عن الجوازة دي؟".

نظرت لها أحلام قليلاً بصمت لاحظه كلاً من عابد وشادية، لتبتسم وهي تقول بنبرة ساخرة:

-" وهو لو أنا مش راضية كنت وافقت ليه من الأول، متقلقيش يا ماما".

تنهد عابد وهو يعتدل في جلسته ينظر لها، حتى تحدث قائلاً بجدية:

-" شوفي يا أحلام، أنتِ عارفاني.. وعارفة إني مقدرش أشوف عيالي عايشين عيشة مش على هواهم ولا راضيين عنها، أنا مش هقدر أشوفك متضايقة وزعلانة، ورغم إني عارف إن عادل كويس وهيحافظ عليكي، بس بردوا أنتِ عندي أهم من أي حد، ورضاكي عندي أهم حاجة، متوافقيش بحاجة لمجرد إنها موجودة قدامك وخلاص، دة عمر.. عمر جاي هتعيشي عيشة تانية مع واحد بيحبك، حاولي أنتِ كمان تحبيه".

كانت أحلام تستمع إليه بهدوء تُحسد عليه، بل لم يؤثر بها حديثه من الأساس، وكأنها فقط تستمع إلى حديثه بتركيز حتى تُرضيه لا أكثر، لتلوح برأسها تنظر إلى شادية التي بدأت الحديث بقولها بنبرة لينة:

-" أنتِ تستاهلي كل خير يا أحلام، ربنا مبيجيبش لحد حاجة وحشة، كل واحد فينا قدره مكتوب، وقدرك أهو جه علشان يكتب عليكي النهاردة وياخدك معاه لبيته، وصدقي أمك والله يا أحلام ما هتلاقي أحسن من عوض ربنا".

كانت أحلام تستمع لها وهي تومىء برأسها بهدوء على كلماتها، لتبتسم أحلام وهي تنظر لها، حتى تحدثت قائلة بنبرة هادئة:

-" العصر بيأذن، هقوم أصلي وألبس.. وأنتوا كمان ألبسوا يلا وخلي أفنان تيجي تلبس".

حتى ألتفت لتنظر إلى عابد وهي تقول بنبرة سريعة:

-" وأنت يا بابا أتصل بأبيه هاشم علشان ميتأخرش، وأبيه رشاد جه من الجامعة خلاص".

لتنهض من أمامهم، حتى ذهبت إلى الخارج، لينظر كلاً من عابد وشادية إلى بعضهم البعض، لتُغلق شادية جفنيها وهي تبكي بقلة حيلة عليها.

كان مالك يجلس على فراشه وهو ينظر للفراغ من أمامه بشرود، ليأتي إليه سعيد الذي جلس على الفراش الذي بجانبه وهو يقول بنبرة مرحة:

-" لحقت تشرد من دلوقتي".

إنتبه له مالك، ليعتدل في جلسته وهو يُربع قدم والأخرى على الأرض، حتى تنهد ليقول بنبرة هادئة:

-" المفروض إن النهاردة كتب كتاب أختي الكبيرة".

توسعت أعين سعيد بدهشة، ليبتسم وهو يقول بنبرة سعيدة:

-" ألف مبروك ربنا يتمم لها على خير ويكرمها في بيتها وزوجها إن شاء الله".

أومأ مالك برأسه ليعود بنظره للفراغ وهو يقول بنبرة هادئة:

-" يا رب ".

أقترب سعيد ليجلس على الفراش من أمامه وهو يربت على كتفه قائلاً بنبرة لينة:

-" متزعلش يا مالك، خلاص هانت كلها شهرين وتخرج، خليك بس مواظب على الصلاة وقراءة القرآن وذكر الله وهتعدي علطول".

إبتسم مالك له، لتتلاشى إبتسامته وهو يتحدث قائلاً بنبرة هادئة إمتزجت بضيقه وحزنه:

-" رغم إني مبسوط علشان هتخرج خلاص يا عم سعيد، بس مش قادر مكنش مخنوق وأنا هنا لوحدي، جابر خرج وقولت أنت موجود ومش هحس إني لوحدي، لكن أنت خلاص هتخرج، مش عارف هتأقلم إزاي على الوضع دة وأنا هنا".

صمت سعيد وهو يستمع له، ليُعدل مالك حديثه وهو يضحك رغماً عنه قائلاً بنبرة هادئة:

-" إن شاء الله تخرج من هنا على خير يعني يا عم سعيد علشان بناتك محتاجينلك وأنا ذات نفسي مش عايزك تكون في المكان دة لأنه مش شبهك، بس بفضفض معاك".

إبتسم سعيد ليتحدث قائلاً بنبرة حنونة:

-" ومين قالك يابني إني زعلت، بالعكس يا مالك.. على قد فرحتي إني خارج ليهم علشان خايف عليهم من الدنيا، بس مش قادر أسيبك هنا لوحدك، تخيل أخرج لعيالي وأسيب عيالي كمان هنا، ربنا يعلم إنك زي إبني اللي مخلفتوش، ويصعب عليا تكون هنا، بس أنا عارف إنك قدها".

إبتسم له مالك بعدما لمعت أعينه مُتأثراً بحديثه، ليقول بنبرة حاول جعلها ثابتة مرحة:

-" عيب يا عم سعيد، هسلك لوحدي متقلقش".

ضحك سعيد ليقول بنبرة مرحة:

-" وأنا واثق ياسيدي إنك هتسلك، إللي يعاشر جابر لازماً يسلك".

ضحك مالك على كلماته، ليبتسم سعيد وهو يقول بنبرة أظهرت إشتياقه:

-" وحشني إبن الإيه والله، ربنا يهديه ويصلح حاله".

تحدث مالك قائلاً بنبرة هادئة وهو يبتسم:

-" أخرج بس ونتجمع كلنا تاني في الفرح إن شاء الله، ولازم هتيجي يا عم سعيد".

أومأ سعيد برأسه وهو يبتسم قائلاً بنبرة مرحة:

-" هاجي وهجيب العيال معايا كمان".

إبتسم له مالك قليلاً، ليبتلع ريقه حتى عاد بنظره إليه ليتساءل بنبرة مضطربة:

-" بقولك إيه يا عم سعيد، هسألك سؤال بس متزعلش".

ضحك سعيد ليقول بنبرة مرحة:

-" قول كل إللي في نفسك ومتشيلش هم".

تنهد مالك وهو يُحاول ترتيب كلماته لكي لا تظهر بصورة خاطئة أمامه، حتى تساءل بنبرة هادئة:

-" كنت عايز أعرف يعني أنت إزاي دخلت هنا، يعني أنا لما جيت أستغربت وجودك أساساً وسألت جابر".

أعتدل سعيد في جلسته قليلاً، ليتحدث بتلقائية كبيرة وهو يقول بنبرة هادئة:

-" شوف يا سيدي، أنا كنت موظف في شركة كهربا، ولما طلعت على المعاش أشتغلت على تاكسي وأشتغلت كمان في السباكة علشان دي شغلانة أبويا الله يرحمه، من الكام شغلانة دول الحمدلله قدرت أحوش مبلغ علشان أجهز منه بناتي، مكنتش حابب أموت وأسيبهم كدة في الدنيا من غير حاجة، أشتريت شقة غير الشقة إللي عايشين فيها وقولت هكتبهم بإسم البنات، لقيت بعد كدة إعلان عن مكان كدة بيبيع الأدوات الكهربائية بأسعار أقل من المعروف، قولت فرصة أجهز بالمرة البنات بقرشين كانوا معايا، دفعت المبلغ إللي كان معايا وكتبت على نفسي بالباقي كمبيالات، ونكتشف بعد كدة إن المكان دة كله على بعضه نصابين، وطبعاً الموضوع كله دخل في محاكم وحكومة، وأنتهى بإنك تدفع أو تتحبس، وبس يا سيدي لبست أنا في الآخر".

كان مالك يستمع إليه بأعين متوسعة أثر دهشته، ليتساءل بنبرة سريعة:

-" طيب وأنت يا عم سعيد إزاي متعرفش إذا كان المكان دة مضمون ولا لا، يعني المفروض بيتعرف إذا كان مشهور سمعته كويسة كدة يعني".

لوح سعيد بيده بقلة حيلة وهو يقول بنبرة هادئة:

-" والله يابني لقيت المكان أشهر من النار على العلم، قولت خلاص أتوكل على الله، وأهو الحمدلله".

رمش مالك بأعينه ليتساءل بجدية:

-" طيب ما أنت كان قدامك بردوا فرصة تبيع شقة أو التاكسي وتسدد الفلوس إللي عليك، ليه معملتش كدة".

رفع سعيد حاجبيه ليتحدث قائلاً بنبرة هادئة وهو يبتسم:

-" يعني أنا بقالي زمن بحاول أعمل حاجة للبنات أجي في الآخر وأسحب كل دة تاني؟ التاكسي مشغلينه وبيجيلهم شهريته، والشقة متسكنة وبردوا بيجيلهم إيجارها، لو كنت عملت إللي بتقول عليه دة مكناش هنلاقي نأكل، وبعدين أنا كدة مبسوط ومستريح، على الأقل متطمن إنهم مش محتاجين حاجة في غيابي".

إبتسم مالك بعدما إستشعر نبرة الرضا وعدم السخط والغضب على ما حدث له، كذلك تفضيله لفتياته على نفسه مما أظهر أنهم أغلى ما يملُك، كذلك طريقته التي أظهرت صدق وطيب قلبه، ليتحدث مالك قائلاً بنبرة مرحة:

-" ربنا مقدر لينا نتقابل يا عم سعيد".

ربت سعيد على كتفه وهو يبتسم، ليتحدث وهو يتأهب للنهوض قائلاً بنبرة هادئة:

-" يلا علشان نصلي العصر".

أومأ له مالك برأسه، لينهض معه حتى ذهب كلاهما لكي يتوضأوا أولاً.


بدأت العائلة والأصدقاء بالمجيء، حتى إزدحم المنزل قليلاً بالأشخاص، وكلاً من عابد وشادية يقومون بالترحيب بأقاربهم، لتقترب شادية من كريمة التي كانت تجلس على أحد المقاعد، حتى تساءلت شادية بنبرة ساخرة:

-" مالك قاعدة كدة ليه، دة أنا قولت أول واحدة هتقوم تسلم على المعازيم يعني".

نظرت لها كريمة قليلاً، لتُقلب أعينها وهي تقول ببرود:

-" لأ مش النهاردة بقى علشان تعبانة شوية".

ضيقت شادية جفنيها لتتساءل بنبرة مُترقبة:

-" تعبانة مالك؟".

رفعت كريمة حاجبيها قليلاً لتقول بجدية:

-" دور برد عادي يا حماتي".

ضحكت شادية بسخرية لتقول بنبرة لا تقل عن مظهرها:

-" يمكن ياختي أنتِ أدرى بنفسك".

قلبت كريمة بعينيها لتنظر للجميع من أمامها وهي تتجاهل نظراتها، ليأتي يحيى إليهم وهو يقول بنبرة سريعة أثناء نظره إلى شادية:

-" جدو عايزك يا تيتة".

زفرت شادية بقوة لتقول بنبرة حانقة:

-" يا عالم أرحموني شوية من الصبح رايحة جاية في إيه هو أنا هطير".

ذهبت شادية من أمامهم وهي تبرطم ببعض الكلمات، ليأتي إليهم هاشم بعدما عاد من العمل ثم قام بتبديل ملابسه إلى أخرى ليهبط إليهم من بعد ذلك، حتى توجه نحو كريمة التي كانت تجلس على المقعد ومن جانبها تقف جنة تنظر للأجواء من حولها، ولكنها عندما لاحظت قدوم هاشم أقتربت منه لتقوم بمعانقته، حتى بادلها هاشم العناق ليمسك بيدها من بعد ذلك وهو يتجه بها نحو كريمة، لينظر لها وهو يرى معالم وجهها، حتى عقد حاجبيه ليتساءل بجدية:

-" مالك؟".

رفعت كريمة رأسها تنظر له، حتى هبطت برأسها مرة أخرى تنظر للأجواء من حولها وهي تقول بجمود:

-" مليش ".

تنهد هاشم ليقوم بسحب مقعد ليضعه أمامها يجلس عليه، ثم قامت جنة بالجلوس على قدمه، ليتحدث هاشم قائلاً بنبرة هادئة:

-" يحيى فين".

تنهدت كريمة لتجيب بإقتضاب:

-" مع أخواتك".

نظر هاشم إلى جنة، ليُحادثها بلغة الإشارة وهو يقول بنبرة لينة:

-" روحي يا جوجو لعمتو أحلام علشان تشوفيها خلصت ولا لسة".

أومأت جنة وهي تبتسم لتهبط عن قدمه حتى ذهبت من أمامهم، ليعود هاشم بنظره إلى كريمة وهو يتساءل بإهتمام:

-" بقيتي عاملة إيه دلوقتي؟".

نظرت له كريمة لتتساءل بنبرة هادئة يشوبها الحنق:

-" ف إيه؟".

لم تتبدل نظراته ليُجيب قائلاً بجدية:

-" في صحتك يا كريمة، أخدتي علاج ولا لا؟".

إبتلعت كريمة ريقها، لتُجيب بنبرة خافتة:

-" أخدت".

عاد هاشم بظهره ليستند على المقعد وهو ينظر لها بتركيز أثر مظهرها الذي تغير قليلاً، حتى لوح برأسه، ليعود بنظره إليها وهو يقول بنبرة هادئة حاول بها التودد إليها:

-" أنا مش مرتاح كدة يا كريمة، خلينا نروح نكشف، ما يمكن فعلاً تطلعي حامل إيه المشكلة؟".

رفعت كريمة رأسها تنظر له قليلاً، لتزوغ بأعينها في الفراغ بتوتر، حتى تحدثت قائلة بنبرة هادئة:

-" هروح أنا بكرة أكشف".

أومأ لها هاشم برأسه وهو يقول بجدية:

-" أجي معاكي؟".

نفت كريمة على الفور وهي تقول بنبرة سريعة:

-" لأ.. ملهاش لازمة يعني تسيب شغلك هو أنا هروح ولو في حاجة هتعرف".

أومأ لها هاشم برأسه إيماءة بسيطة وهو يشعر بالراحة والرضا قليلاً أثر كلماتها، لتتنهد كريمة وهي تعود بنظرها للفراغ مُحاولة التفكير في حل لتلك المشكلة.

ذهبت شادية إلى عابد لتقوم بسحبه من يده معها حتى توقفت أمامه وهي تقول بجدية يشوبها الحِدة الخافتة:

-" في إيه يا عابد، مخليني رايحة جاية ليه ما تسيبني أريح شوية".

نظر لها عابد بدهشة ليقول بجدية:

-" وأنا أعمل إيه يعني؟ هما ضيوفي لوحدي ما أنتِ عازمة مصر كلها".

رفعت شادية حاجبيها لتضع كف على الاخر وهي تقول بجدية هي الأخرى:

-" طيب وأنا هلاحق عليهم ولا هلاحق على المطبخ والأكل اللي بيتعمل، ارحمني أنت وعيالك شوية أحسن أسيبلكم البيت خالص ومحدش يعرفلي طريق جُرة".

أستغفر عابد بصوت مرتفع حتى كاد أن يُجيب بعدما نفد صبره، ليأتي إليهم في ذلك الحين بلال الذي جاء للتو لينظر إليهم وهو يقول بنبرة مرحة:

-" هو الخناق ميحلاش غير في المناسبات بس".

ألتفت شادية لتنظر له، حتى أقتربت منه لتقوم بمُعانقته وهي تُقبله قائلة بنبرة حانقة:

-" لا ياخويا هو أبوك مبيفتكرش ينكد عليا غير في المناسبات بس".

توسعت أعين عابد بدهشة، ليلوح برأسه وهو ينظر لها قائلاً بجدية:

-" طب والله يا شادية ما أنا متكلم معاكي علشان بس خاطر بنتك، وعلشان خاطر الحلوة إللي مستخبية ورا بلال دي".

إبتسمت وئام وهي تنظر له، لتقترب شادية تقوم بمُعانقتها وهي تقول بنبرة مُحبة:

-" مستخبية إيه ما هي منورة أهي بضحكتها الحلوة".

ضحكت وئام بعدما عاد بلال ليُعانق كتفها، حتى تساءل عابد وهو ينظر لها قائلاً بنبرة لينة:

-" عاملة إيه يا وئام، أوعي يكون الواد دة مزعلك".

رفع بلال حاجبيه ليقول بنبرة مُندهشة:

-" دة أنا واقف مستنيك تسلم عليا بالغلط حتى، مكنش العشم يا عُبد والله".

رفع عابد حاجبيه ليقول بنبرة ساخرة:

-" دة على أساس إني مشوفتش وشك الصبح في المعرض، إنما مراتك دي بتوريهالنا من الشهر للشهر".

ضحك بلال كذلك وئام التي إبتسمت وهي تنظر له، لتتحدث شادية قائلة بإهتمام:

-" طمنيني عليكي يا حبيبتي عاملة إيه وحملك عامل إيه، أوعي تكوني بتعملي مجهود جامد".

نفت وئام برأسها حتى كادت أن تتحدث، ليضمها بلال إليه وهو ينظر إلى شادية قائلاً بنبرة مرحة:

-" متقلقيش يا شوش كله تحت السيطرة، هي بس بقالها كام يوم نفسها تاكل حاجة غريبة كدة".

نظرت له وئام بخجل، لتتحدث شادية قائلة بجدية:

-" نفسك ف إيه يا بت قولي وأنا أجيبلك كل إللي نفسك فيه".

كانت وئام تشبك كفيها ببعضهما البعض وهي تشعر بالخجل، لتقول بنبرة مضطربة:

-" مفتقة".

ضحك عابد وهو ينظر إلى شادية التي ضحكت هي الأخرى، ليقول بنبرة ضاحكة:

-" وهي محتاجة الكسوف دة كله، بكرة يكون عندك خمس برطمانات مفتقة كمان".

نفت وئام برأسها على الفور لتقول بنبرة مُتلهفة:

-" لأ يا بابا أنا قولت لماما وهي قالت هتجيبلي".

تنهد بلال وهو ينظر إلى عابد وشادية قائلاً بنبرة غير مُبالية بحديثها:

-" أمها نسيت أساساً هي كانت بتتوحم على إيه، المهم أنتوا ظبطونا في الحوار دة".

لوحت شادية بيديها وهي تنظر لهم قائلة بنبرة واثقة:

-" وهي دي محتاجة وصاية، بكرة زي ما عابد قال أحلى برطمانات مفتقة تجيلها، مش عايزين العيل يطلع نفسه في حاجة، وكمان أنتِ تتخنيلك كام كيلو كدة بدل ما أنتِ قربتي تجيبي جنة".

ضحك كلاً من بلال ووئام، لينظر عابد إلى باب الشقة الذي كان يدخل منه الناس، ليعود بنظره إليها قائلاً بجدية:

-" يلا يا ست شادية قدامي خلينا نسلم، وسط البلد بقت كلها عندنا في الشقة".

لوحت شادية بيدها وهي تقول بنبرة سعيدة:

-" ياخويا وفيها إيه، خلي الناس تفرح".

لوح عابد برأسه، ليذهب كلاً من عابد وشادية من أمامهم، حتى عاد بلال بنظره إلى وئام ليقول بنبرة مرحة:

-" أي خدمة، ثقي في المفتقة بتاعتنا".

نظرت له وئام لتقول بنبرة هادئة:

-" بس ماما كانت هتجيب هي قالتلي هتجيب هي بس كانت نسيت تجيبها ولما قولتلها أفتكرت".

تنهد بلال بعمق مُحاولاً الحفاظ على هدوءه، ليعود بنظره إليها وهو يضع يده على وجنتها قائلاً بنبرة حاول جعلها مرحة:

-" بس أبويا بيتعامل مع واحد كويس، وبعدين إحنا عايزين ننول شرف الباشا إللي مش ظاهرله ملامح دة، صح يا بسكوتة".

ضحكت وئام وهي تستمع له، لتمسك بيد بلال تضعها على بطنها وهي تقول بنبرة سعيدة:

-" قول لحفصة أو لحمزة إنك بتحبهم".

ضحك بلال رغماً عنه عليها، لتتلاشى إبتسامتها وهي ترفع حاجبيها قائلة بنبرة صادقة:

-" والله أنا شوفت واحدة كانت حامل وكان جوزها بيكلم البيبي وهو لسة في بطن مامته، ولما البيبي اتولد كان عارف صوت باباه".

رفع بلال حاجبيه أثر ثرثرتها ليقول بنبرة ساخرة:

-" خلاص ياستي معاد النشرة الجوية بيبقى تسعة بليل مش دلوقتي".

ذمت وئام شفتيها بضيق، ليلوح بلال برأسه، حتى وضع يده على بطنها ليُميل بجزعه العلوي قليلاً ينظر إلى بطنها وهو يقول بنبرة مرحة:

-" بحبك يا نونو".

إبتسمت وئام وهي تنظر له بسعادة، ليعلو بلال بجسده مرة أخرى حتى أقترب منها ليُقبل وجنتها ثم نظر لها ليقول بمشاكسة:

-" وأم النونو كمان".

إبتسمت له وئام بإضطراب أظهر خجلها وتوترها منه بعدما باغتها بفعلته، لتُحيد بنظرها عنه وهي تبتلع ريقها، ليضحك بلال على مظهرها.

كان بسام يقف بجانب رزان التي كانت ترتدي جيب من اللون الأبيض وبلوزة من اللون الوردي، كذلك حجاب يجمع اللونين معاً، ليبتسم بسام وهو يُطالع مظهرها، حتى مال عليها قليلاً ليتسنى لها السماع إليه وهو يقول بنبرة مُحبة:

-" أول مرة أخد بالي إنك إسم على مسمى".

وجهت رزان نظرها له وهي تطالعه بعدم فهم، ليضحك بسام وهو يشرح لها مقصده أثناء قوله بنفس نبرته المُحبة:

-" مش أنتِ روز، وشكلك شبه الوردة فعلاً.. خصوصاً الروز".

إبتسمت رزان وهي تنظر له، لتُحمحم وهي تحيد بنظرها عنه، حتى عادت بنظرها إليه مرة أخرى تقول بنبرة خافتة أثر خجلها منه:

-" وأنت بردوا، شكلك حلو".

ضيق بسام جفنيه ليباغتها بسؤاله السريع قائلاً:

-" شبه إيه؟".

ضحكت رزان لتنفي برأسها بعدم معرفة وهي تقول بنبرة ضاحكة:

-" مش عارفة".

نفى بسام برأسه وهو يقول بجدية مُزيفة:

-" لأ شكلك حلو لوحدها كدة مش عاجباني بصراحة، حسسيني إنها خارجة من قلبك".

نظرت رزان للفراغ وهي تُفكر، لتعود بنظرها إليه مرة أخرى وهي تبتسم قائلة بنبرة هادئة:

-" شكلك شبه ممثل تركي بحبه إسمه إيتاش شاشماز، أنت هيئتك وشكلك دايماً بيفكروني بيه".

رفع بسام حاجبيه بإعجاب مُزيف، لينظر للجميع من أمامه وهو يقول بجدية مُزيفة:

-" طيب ياستي شكراً، نبقى ندخل نبحث عن البيه إللي بتحبيه دة".

أمسكت رزان بهاتفها بكلتا يديها وهي تقول بنبرة مُتلهفة:

-" أنا معايا صورته".

نظر لها بسام ببلاهة، ليلوح برأسه بدهشة منها، حتى إنضم إليهم زيد الذي وضع يده على كتف بسام وهو يقول بنبرة مرحة:

-" سمسم بيه، يارب منكونش معطلينك عن بيعة بي إماية أو مرسيدس كدة ولا حاجة".

ضحك بسام ليقول بنبرة مرحة تماثله:

-" يا سيدي حتى لو، يستنى الشغل علشانك".

ربت زيد على كتفه، ليقترب يقف بجانب رزان وهو يضم كتفها إليه قائلاً بنبرة مُحذرة أثناء نظره إلى بسام:

-" مش محتاج وصاية طبعاً، دي تتحط في عينك".

نظرت له رزان وهي ترمقه بتحذير، ليضغط زيد على كتفها حتى تحدث بسام قائلاً بنبرة ساخرة وهو يوزع نظراته بينهم:

-" وصيها هي عليا، شكلها هتجنني قريب".

عقدت رزان ذراعيها لتقول بجمود وهي تنظر له:

-" وهو أنا كنت عملتلك إيه، أنت إللي بتتلكك".

رفع بسام حاجبيه وهو ينظر لها، ليتحدث زيد وهو يقف بين كلاً منهم قائلاً بنبرة ساخرة:

-" صلوا على النبي يا جماعة حصل إيه بس، إحنا جايين نهدي النفوس".

أومأ له بسام برأسه مؤكداً على حديثه وهو يقول بنبرة ساخرة:

-" مجيتك هدت النفوس وشكلها هتتسلى عليا بعد ما تمشي كمان".

أمسكت رزان بملابس زيد وهي تنظر إلى بسام قائلة بنبرة مُغيظة:

-" لأ ما هو مش هيمشي، هيفضل واقف معانا كدة علطول".

ضيق بسام جفنيه وهو ينظر لها، ليوجه زيد نظره نحو أفنان التي خرجت من الغرفة وهي تضحك، ليتركهم زيد وهو يذهب من أمامهم مثل المُغيب قائلاً بنبرة هائِمة:

-" بالسلامة أنتوا بقى علشان في قطعة لوز مخلياني مش شايف قدامي".

سُرعان ما ذهب من أمامهم، لتنظر رزان في أثره بفاهٍ مفتوح، حتى وجهت نظرها نحو بسام الذي كان يطالعها بإبتسامة أثارت غيظها، ليُضيق جفنيه وهو يتأهب للذهاب قائلاً بنبرة خافتة:

-" بالسلامة أنتِ بقى علشان هروح أقعد شوية، هحجزلك مكان جنبي علشان لو إشتاقتي ولا حاجة".

ليذهب من أمامها هو الآخر لكي يجلس قليلاً يريح قدمه، حتى نظرت رزان في أثره، لتوجه نظرها إلى قدمه، حتى أغلقت جفنيها، لترمش بأعينها من بعد ذلك وهي تنظر للفراغ من أمامها مُحاولة إدراك تقبلها لحالته تلك، فلم تعد تشعر بالحرج منه مثل قبل، بل لم تعد تتذكر حالته وكأنه كامل من أمامها، حتى راودها شعوراً ما، لتبتلع ريقها وهي تنفي برأسها وكأنها تنفي حقيقة ذلك الشعور أيضاً، حتى ذهبت لتقف مع الفتيات مُحاولة إشغال نفسها بأي شيء لكي لا تبدأ التفكير به مرة أخرى.

كانت أفنان تُساعد شادية والفتيات بالمطبخ، لتخرج منه وهي على وشك الذهاب إلى عابد، حتى إستمعت إلى صوته يأتي من خلفها وهو يقول بنبرة مُحبة:

-" هو جمالك مغطي على الكل أه، بس مش لدرجة إنك متبقيش شايفاني".

ألتفت أفنان تنظر له، لتبتسم أثر كلماته بخجل، حتى لوحت برأسها تُتابع إنشغال الجميع وهي تتحدث بنبرة سريعة:

-" عايز إيه قبل ما حد يشوفنا".

عقد زيد حاجبيه ليتساءل بجدية يشوبها السخرية:

-" إيه إللي هيحصل يعني هو أنتِ واقفة مع حد غريب؟".

إبتلعت أفنان ريقها لتقول بنبرة سريعة:

-" ماشي بس بردوا، بابا لو شافنا ممكن يتضايق".

كان زيد يُطالعها بحُب، ليتحدث قائلاً بنبرة مُحبة:

-" قريب أوي هيبقى شايفنا واقفين وقاعدين مع بعض كمان ومش هيتكلم".

نظرت له أفنان قليلاً، لتقوم بتغيير مجرى الحديث وهي تتساءل بنبرة قلقة:

-" المهم أنت يا زيد.. بقيت كويس؟".

أومأ لها زيد برأسه إيماءة بسيطة وهو ينظر لها قائلاً بنبرة مُحبة:

-" كويس، وبعد ما شوفتك بقيت كويس أضعاف".

نظرت له أفنان بعتاب، لتلوح برأسها وهي تنظر له قائلة بضيق ظهر عليها:

-" أنا مش عارفة إزاي واقفة وبتكلم معاك عادي كدة يا زيد، أنا زعلانة منك أوي، مش قادرة أنسى إللي عملته ولا وجع قلبي عليك، ليه عملت كدة يا زيد".

لم تتلاشى إبتسامته بل ظل يطالعها وهو يبتسم قائلاً بنبرة لينة:

-" نتخطب الأول.. وساعتها هجاوبك على كل اسئلتك".

ليرفع كفه أمام وجهها وهو ينظر له ولها قائلاً بنبرة مرحة:

-" بس علشان ساعتها أبص للدبلة إللي في إيدي، وأحمد ربنا قبل أي حاجة، وأبدأ بقى أحكي لخطيبتي مسيرتي كلها".

ليرفع حاجبيه بعجرفة وهو يقول بنبرة لا تقل عن مظهره وثقته ومرحه:

-" وطبعاً هنقسمهم على حلقات، علشان أعرف أقعد معاكي وقت أطول، يعني Episode one, Episode two, وهكذا بقى".

ضحكت أفنان وهي تستمع إلى حديثه، لتبتسم وهي تلوح برأسها، حتى تنهد زيد بعمق وهو ينظر لها قائلاً بنبرة هائِمة:

-" وحشتيني يا أفنان، وحشتيني ووحشني حتى نظرة عتابك ليا".

لم تتغير نظراتها المُعاتبة له، ولكن لمعت بها تلك النظرة المُحبة، لتشهق على حين غرة بعدما تذكرت وهي تتأهب للذهاب من أمامه أثناء قولها بنبرة سريعة:

-" دي ماما هتنفخني، هروح أناديلها بابا كانت عايزاه".

سُرعان ما ذهبت من أمامه مُسرعة، لينظر زيد في أثرها وهو يضحك على مظهرها، حتى وضع يده على شعره، ليتنهد براحة وهو يعود إلى الشباب.

كانت تجلس بغُرفتها أمام المرآة تقوم بوضع مُلمع شفاه، بعدما إرتدت فُستانِها الذي كان من اللون الأبيض، وقد كان بسيط للغاية، لا يوجد به تفاصيل تُذكر، وكأن من يراها يعتقد بأنها ليست العروس، كذلك لفة حجابها التي لم تُغير بها شيء، ومظهرها الخالي من أي مساحيق جمال عدا مُلمع الشفاه الذي كانت تضعه، تنظر لحالها بالمرآة، تُحدث نفسها بأن ذلك الفُستان كان من المفترض أن يكون لشخصاً آخر، تلك الزغاريد والموسيقى والضوضاء الصادرة من الخارج، كانت من المفترض أن تكون من أجلها على من تُحب، ودت لو تتناسى ما يحدث، وتخرج تحتفل معهم، ولكنها لم تستطع تخيله معها مرة أخرى، قد كان حُسن رفيق، ولكن إنتهى كل شيء.

لم تضع كُحل أو تُزين أعينها لكي لا يُفضح أمرها عندما تبكي رغماً عنها كلما تخيلته بجانبها بدلاً عن ذلك الذي سوف تزف عليه، تعلم بأن فراقهم هو الصواب لكلاً منهم، ولكنها تود العودة له في تلك اللحظة حتى لو كلفها أي شيء، تريد العودة رغماً عن معرفتها بصعوبة ما قد يحدث لها، تريد العودة وإستقبال ما قد تستقبله منه من جرح وتعب سببته له بصدرٍ رحب، فقط تريد العودة رغماً عن النتائج السيئة.

فاقت من شرودها عندما ولجت إليها أفنان التي كانت ترتدي فُستان بنفسجي اللون، وخِمار من اللون السكري، لتنظر لها قليلاً، حتى تحدثت قائلة بنبرة حاولت عدم إظهار ضيقها بها:

-" عادل جه وجاب المأذون معاه برة".

أومأت لها أحلام برأسها، لتنهض من مقعدها وهي تقوم بتعديل حجابها، حتى لوحت برأسها نحو أفنان التي كانت تُطالعها بأعينها اللامعة بالبكاء، لتبتسم أحلام وهي تقول بنبرة حاولت جعلها مرحة:

-" أنتِ بتعيطي ليه دلوقتي".

نفت أفنان برأسها وهي تبكي قائلة بنبرة محشرجة:

-" علشان هتمشي خلاص، طيب على الأقل أقعدي معانا النهاردة بس".

أقتربت منها أحلام لتقف أمامها وهي تقول بنبرة لينة:

-" مش هينفع، لأننا هنسافر الأسبوع الجاي، ف لازم نكون في البيت علشان نحضر حاجات السفر".

مسحت أفنان دموعها وهي تبتلع ريقها أثناء نظرها لها قائلة بنبرة مُتلهفة:

-" طيب عادي أنتوا أصلاً حددتوا كل حاجة بسرعة، حتى مستنتيش مالك يخرج وحبيتي كله يتم دلوقتي، أنا مش مدركة فكرة إنك هتمشي، خليكي بس قاعدة النهاردة وبكرة الصبح أمشوا".

إبتسمت أحلام رغماً عنها لتقترب منها تُعانقها وهي تنظر للفراغ من أمامها، لتقول بنبرة حاولت جعلها ثابتة قدر الإمكان:

-" خلي بالك من ماما وبابا يا أفنان، وهوني عليهم غياب مالك، هو إن شاء الله يخرج بالسلامة وييجي يزورنا، المهم متعيطيش، وخلي بالك من نفسك".

بادلتها أفنان العِناق وهي تُشدد على عناقها به، لتخرجها أحلام من عناقها وهي تبتسم لها بحُب، حتى خرجت كلاً منهم إلى الخارج.

كان عادل يجلس ومن جانبه المأذون، ومن الناحية الأخرى عابد، ليبدأ المأذون بقول كلماته المُعتادة، وسط إستماع عادل لكُل كلمة تُقال وهو يشعر بقلبه الذي يتهلل وكأنه يدق الطبول من داخله، لا يصدق إلى الآن بأن ما حلم به طوال تلك السنوات قد أصبح حقيقة، يحمد الله في كل وقتٍ وحين، لم يكُف لسانه عن حمد الله وهو يُحاول السيطرة على سعادته التي لأول مرة تكون بذلك الشكل.

ومن أمامهم تجلس هي، شاردة باللاشيء، لا تستمع إلى أياً مما يُقال، فقط تُحاول إدراك ما فعلته بنفسها، وكأنها طوال تلك الفترة بأكملها كانت مُغيبة عن ما تفعله، لتتنهد بعمق وهي تُغلق جفنيها، حتى فتحت أعينها لتنظر إلى عادل، تُحاول إقناع نفسها بشتى الطرق بأن ما تفعله غير صحيح، لا يُمكنها التفكير به مرة أخرى، فقد سوف تُصبح على ذمة شخصاً آخر، لا تود خيانته حتى بعقلها، حتى وإن كانت لا تحبه، لتُقرر بأنها ستحاول بأقصى جهدها أن لا تتذكره مرة أخرى، وأن لا يأتي على عقلها مرة أخرى، فقط ستُفكر بحياتها القادمة، مع ذلك الشخص الذي كتبه الله لها زوجاً، تُكمل معه الباقي من عمرها، وأما الفائت من عمرها، سوف تداويه الأيام القادمة.

خرجت من شرودها بعادل، عندما وجدته ينظر لها وهو يبتسم، بعدما أنهى المأذون ما قد جاء من أجله، عندما أعلنهما زوجاً وزوجة على سنة الله ورسوله، لتنهض عندما وجدت شادية تقوم بمعانقتها، كذلك عابد الذي أقترب منها ليُعانقها، وهي كما هي، لم يتحرك لها جفن حتى بعدما رأت دموع أعينهم وتأثرهم بذهابها، لتلتفت تنظر للجميع من حولها، ترى سعادتهم بها وكأنها ذاهبة مع من تُحب إلى منزلهم، حتى وجهت نظرها إلى عادل الذي كان يتحدث مع بلال والشباب وهو يضحك، لتتنهد بلامُبالاة أصبحت تلازمها.

صعد رشاد إلى شقته بعد إنتهاءهم من عقد القرآن، ليخرج إلى مكانه المفضل وهو يقف يأخذ أنفاسه براحة، حتى قام بإخراج هاتفه ينظر إلى صندوق الواردات الذي مازال فارغاً، ليتنهد بعمق وهو يغلق الهاتف مرة أخرى، حتى قام بإخراج سيجارة ليقوم بإشعالها، ثم بدأ بنفث دخانها بشراهة وهو ينظر للفراغ من أمامه بتهكُم ظهر على ملامح وجهه، حتى دق هاتفه، سُرعان ما ألتفت، ليُقلب جفنيه بملل، حتى قام بإمساك هاتفه يُجيب قائلاً بنبرة ساخرة:

-" لحقت أوحشكم".

تحدث عابد قائلاً بنبرة مُتعجبة:

-" أنت روحت فين يابني، ببص عليك مع الشباب ملقيتكش".

بلل رشاد طرف شفتيه ليتحدث من بعد ذلك قائلاً بنبرة هادئة:

-" طلعت، مش خلاص كتب الكتاب خلص".

لوح عابد برأسه بعدم فائدة منه، لتأتي شادية تأخذ الهاتف من يد عابد حتى وضعته على أذنها وهي تقول بنبرة صارمة:

-" أنزل علشان تطفح، محدش هيطلعلك أكل، خلي بقى السجاير تشبعك".

مسح رشاد على وجهه بيده التي كان يمسك بها السيجارة وهو يعلم بتأثير تلك الكلمات عليها فيما بعد، فبهذه الكلمات يُمكنها عدم مخاطبته لأيام، ليتحدث رشاد قائلاً بقلة حيلة:

-" أقفل يا حج، نازل".

ليُغلق معه الهاتف من بعد ذلك، حتى نظر بصندوق الواردات مرة أخرى، ليجده مازال فارغاً أيضاً، قام بنفث رشفة أخيرة بقوة أخرج بها غِله، ليقوم بإلقاءها من بعد ذلك، حتى توجه إلى الخارج.

بدأت السيدات والفتيات بتفريق الوجبات على المدعوين، وسط جلوس كريمة شاردة من أمامها، لتنهض تتجه نحو باب الشقة، حتى أستوقفتها شادية التي أقتربت منها تقول بجدية:

-" رايحة فين".

نظرت لها كريمة قليلاً، لتقول ببرود:

-" طالعة أريح شوية.. تعبانة".

كانت شادية تطالعها بشك، لتومىء برأسها وهي تبتسم بخُبث قائلة بنبرة لا تقل عن نظراتها:

-" ماشي ياختي، أطلعي.. هبعتلك منابك مع يحيى".

لوحت كريمة رأسها بعدم إهتمام لتذهب من أمامها، حتى نظرت شادية في أثرها وهي تُحدث نفسها بما هي واثقة منه تماماً.

صعدت كريمة على الدرج بخطواتها الثقيلة، حتى وجدت رشاد يهبط بوجهٍ مُتهكم، لتضحك بسخرية وهي تقول بنبرة ساخرة:

-" التكشيرة دي مختلفة عن كل مرة".

توقف رشاد أمامها أثر إستنادها على الحائط وهي تصعد، ليتنهد وهو يقول بجمود:

-" عديني علشان أنزل".

أقتربت منه كريمة بجراءة عندما صعدت لتصبح أسفله بدرجة واحدة وهي تنظر له بأعينه قائلة بنبرة هادئة للغاية:

-" هنفضل كدة كتير، مزهقتش".

نظر لها رشاد قليلاً، ليشعر بالغضب يتمكن منه في تلك اللحظة، فهو مُنذ الصباح يُحاول أن لا يغضب، حتى كاد أن يتحدث، لتُغلق كريمة جفنيها بوهن وهي تشعر بقدميها لا تقدر على حملها، حتى جلست على الدرج، ليهبط رشاد ينظر لها بدهشة وهو يتساءل بجدية:

-" في إيه، مالك".

إبتلعت كريمة ريقها وهي على وشك التحدث، ليصعد هاشم الدرج، حتى تفاجىء بها، ليقترب منها سريعاً وهو يقول بنبرة قلقة:

-" في إيه يا كريمة مالك".

أمسكت كريمة بذراعه وهي تشعر بالدوار، ليلتفت هاشم ينظر إلى رشاد، حتى تحدث رشاد قائلاً بنبرة مضطربة:

-" هي مرة واحدة قعدت كدة".

نظر له هاشم نظرة لم يدرك رشاد معناها جيداً، ليعود بنظره إليها عندما تحدثت قائلة بنبرة مُجهدة:

-" أنا كويسة خلاص، خليني بس أطلع أريح شوية".

تنهد هاشم ليمسك بذراعيها يجعلها تنهض برفق، حتى نهضت معه، لتصعد الدرج وهي تستند بكفها على ذراعه، حتى نظر رشاد في أثرهم قليلاً مُحاولاً إدراك ما حدث.

كان كلاً من عابد وعُمران يجلسان معاً وسط الرجال، لينظر لهم زيد قليلاً وهو يهز في قدميه، حتى لاحظ عابد الذي كان يجلس من جانبه، ليضع يده على قدم زيد وهو ينظر له قائلاً بجدية:

-" في إيه يابني شغال على وضع الهزاز كدة ليه وترتنا".

أقترب منه زيد قليلاً ليقول بجدية:

-" عايز أتكلم معاك في موضوع يا عمي".

لوح عمران برأسه بنفاد صبر، ليعود بنظره إلى زيد وهو يقول بنبرة خافتة بعدما أقترب منهم:

-" يابني مش دلوقتي، أنت مش شايف الناس.. في إيه".

وجه زيد نظره نحو عابد الذي كان يطالعهم بعدم فهم، ليقول زيد بنبرة سريعة:

-" خير البر عاجله، وبصراحة أنا عايز أطلب إيد أفنان".

إبتسم عابد وهو يطالعه بهدوء، لم يشعره أبداً بتلك السعادة التي بداخله، ليُحمحم عابد وهو ينظر إلى عمران قائلاً بنبرة هادئة:

-" مش المفروض بردوا أبوك هو إللي يقول كدة".

نظر له عمران وهو يلوح رأسه بيأس، ليتحدث زيد قائلاً بنبرة مُتلهفة:

-" وأنا من أبويا مفرقتش يا عُبد، ها إيه رأيك".

نظر عابد للرجال الذين كانوا يتحدثون معه من حوله، ليميل على أذنه قليلاً وهو يقول بجدية مُزيفة:

-" أنت شايف أن دة وقت مناسب يعني".

لوح عمران بيده مُشيراً على زيد وهو يقول بنبرة حانقة:

-" قوله ياسيدي، قال يعني هيطيروا".

أعتدل عابد في جلسته وهو يشبك كفيه برسمية أثناء قوله بنبرة لا تقل عن مظهره:

-" بكرة تجيب أهلك وتيجي تتقدملها".

توسعت أعين زيد بصدمة أمتزجت بسعادته أثر عدم تصديقه، ليبتلع ريقه وهو يقول بنبرة مُترقبة:

-" بكرة.. بكرة بجد يا عمي، مش بتكدب عليا صح؟".

عقد عابد حاجبيه وهو يقول بجديته المُزيفة:

-" وأنا ههزر معاك ليه يابني أنت، قولتلك بكرة يأما تعتبر طلبك مرفوض".

نهض زيد من مقعده ليمسك برأسه يقبله ببلاهة وسط نظرات الرجال له وهم يضحكون، حتى تحدث عمران قائلاً بجدية:

-" أستنى يابني أنت عبيط، دة بيقولك تجيب أهلك وتيجي تتقدملها".

أومأ له زيد برأسه ببلاهة وهو يقف بجانب عابد ليقول بتلقائية:

-" أيوة أنت وأمي تيجوا معايا بكرة".

نظر عمران إلى كلاً منهم بعدم تصديق، ليتحدث عابد قائلاً بنبرة مرحة وهو ينظر إلى عمران:

-" وأنت فاكر علشان أخويا هقولك ونعم النسب ونخطبهم علطول ولا إيه، لا ياخويا أنا عايز أعيش بنتي جو التعارف والأهل وقراية الفاتحة".

أومأ له زيد برأسه مؤيداً حديثه وهو يقول ببلاهة:

-" عمي معاه حق، مش علشان أنت أخوه هيبقى كله سداح مداح كدة".

نظر له كلاً من عابد وعمران بسخط أثر كلماته، ليتحدث زيد قائلاً بنبرة سعيدة:

-" بكرة بكرة يعني؟".

ضحك عابد وهو يلوح برأسه بيأس، كذلك عمران الذي ضحك رغماً عنه على مظهره.

بالمساء، وصل كلاً منهم إلى عش زوجيتهم الجديد، قام عادل بفتح باب الشقة بعدما سمى الله، ليُزيح لها الطريق لكي تولج إلى الشقة، حتى وجه نظره لها قائلاً بنبرة هادئة:

-" هنزل لحظة للبواب وجاي تاني".

أومأت له أحلام برأسها في هدوء، ليذهب عادل من أمامها، حتى تنهدت أحلام لتنظر للشقة من حولها تتفحصها، فلم يتسنى لها الفُرصة برؤيتها من قبل، هذه هي مرتها الأولى بعدما بعثت بشادية وسامية وأفنان ورزان بترتيب الشقة دون أن تأتي إليها، حتى تمشت بها قليلاً، ليقع نظرها على شيئاً ما، لتقترب تقوم بإمساك تلك المزهرية، سُرعان ما إبتسمت عندما تذكرت بأنها من أفنان لها، وكيف كانت تريد وضعها بباديء الأمر، لتحملها معها إلى باب الشقة، حتى ألتفت حولها، لتقوم بوضعها بمكانٍ ما حيث يمكن للجميع رؤية المزهرية به، لتضعها تزامناً مع ولوج عادل للشقة، حتى ألتفت لتنظر له بعدما قامت بوضعها وهي تبتسم قائلة بنبرة هادئة:

-" دي أفنان كانت جايبهالي، كان نفسها تحطها في مكان متشاف، حطيتها هنا علشان لما ييجوا تشوفها علطول".

إبتسم عادل وهو ينظر لها، ليقترب منها قليلاً وهو يقول بنبرة لينة جديدة عليها:

-" دة بيتك يا أحلام، مش مضطرة تقوليلي بتعملي إيه، لو عايزة تشقلبيه كله أنا معنديش مشكلة".

نظرت له أحلام بتوتر، لتبتعد عنه وهي تبتسم بإضطراب من وسط دقات قلبها التي كانت تشعر بإرتفاعها، حتى تنهد عادل وهو يُطالع مظهرها من أمامه، ليُشير لها بأن تتجه تجلس وهو يقول بنبرة هادئة:

-" تعالي أقعدي علشان عايز أتكلم معاكي".

تحركت أحلام من أمامه وهي تُشبك كفيها بخوف ظهر عليها كلما أتى بجانبها أثر هيئته الجدية التي مازالت ترهبها، لتجلس على مقعد مقابل للأريكة التي جلس عليها هو، ليحك عادل جبينه وهو يُحاول ترتيب كلماته، حتى عاد بنظره إليها، ليُطالعها قليلاً، حتى إبتلع ريقه ليتحدث بلين وهدوء وحُب ومشاعر كثيرة خرجت بإضطراب وعشوائية وهو يتحدث:

-" أول مرة شوفتك فيها، كنتي مع بلال في الشارع وهو جايبك من المدرسة بعد ما أتخانقتي مع شباب عاكسوكي قدامها، ساعتها بلال وصلك البيت، وجالي علشان نروح نتخانق مع العيال دي، لما شوفت حمقة بلال وعصبيته وغيرته عليكي، حسيت إن شعوره دة وصلي، حسيت إني متعصب وغيران من اللي عملوه معاكي، وروحنا وإتخانقنا معاهم، وبعد ما روحنا، أنا قعدت شوية مستغرب أنا ليه عملت كدة؟ يمكن علشان أنتِ أخت صاحبي؟ حاولت أقنع نفسي بالفكرة دي علشان بالنسبالي أي فكرة تانية كانت هتبقى عبارة عن أني بخون صاحبي، وبخون ثقته فيا".

إبتلع ريقه ليسترسل حديثه بنفس نبرته قائلاً:

-" مع الأيام بقيتي تظهري قدامي كتير، وكنتي كل ما تكبري كل ما أشوفك أكتر بحُكم إمتحاناتك ودروسك، لحد ما دخلتي كلية، ساعتها أنا مقدرتش أستحمل إني أشوفك بتكبري وبقيتي آنسة وشوية شوية هيجيلك عرسان وأنا أقف أتفرج، روحت عرفت بلال إني عايز أخطبك، وهو كان رده عليا إني مش بشتغل وأنك لسة صغيرة، مكنش فاهم إني عارف إنك صغيرة، بس خايف عليكي بعد كدة، وخايف يحصل حاجة تبعدك عني، بردوا مستسلمتش، وروحت للحج عابد، وقالي نفس الكلام، زيادة عليه إن أنا كمان لسة صغير، ومش شغال شغلانة ثابتة، وإنه مش بيفكر يخطبك دلوقتي".

كانت أحلام تستمع إلى حديثه وهي تنظر له بمعالم وجه هادئة، ليبتسم عادل وهو يتذكر كل تفصيلة من حديثه لم ينساها وهو يقول بنبرة ضمت الكثير من المشاعر:

-" أنا قولت فرصة بما إنك مش هتتخطبي، أكوِن نفسي وأشتغل وأتعب علشانك، وعلشان لما أجي أتقدملك تاني أبقى بتقدم وأنا واثق إن مفيش حاجة تعيبني، لكن طبعاً ملحقتش".

عادت أحلام بنظرها للفراغ من أمامها وهي تبتلع ريقها مُحاولة الثبات أمام كلماته التي ذكرتها بما كانت تُحاول نسيانه، ليتنهد عادل تنهيدة حملت بتعبه طوال تلك السنوات وهو يقول بجدية:

-" أنا عارف إني بعدت لوقت طويل، بس أنا فعلاً محققتش أي نجاح غير آخر تلات سنين، وفاة أبويا وقفتني فترة كبيرة، وخطوبتك وقفتني، حسيت إن خلاص ملهاش لازمة أتعب، هتعب لمين واللي كنت عايزها خلاص مبقتش ليا؟".

لمعت الدموع بأعينها وهي تُحاول التحكم بها من أمامه، ليقترب عادل قليلاً منها وهو يقول بنبرة أظهرت صدق حديثه ونيته:

-" والله أنا حتى لما عرفت إنك أتخطبتي أنا مدعيتش لحظة بأي حاجة وحشة، أنا بس.. حسيت إني مفقدتش الأمل، هو محصلش أي حاجة توحي بكدة، بس أنا في حاجة جوايا كانت بتقولي كمل دُعا، وكمل تمني ورجاء من ربنا، كمل عملك في الخير وكمل في اللي بتعمله علشانها، كمل كل تفصيلة بتعملها بنية إن ربنا يجمعك بيها في الحلال، كمل ومتشيلش هم، وأنا كملت يا أحلام".

لم تنظر له أحلام وهي تُطالع الفراغ من أمامها بأعين واهنة ضبابية، ليبتسم عادل كلما تذكر حكمة الله، وتذكر حلمه الذي تحقق بفضل الله ودعواته، ليتحدث قائلاً بنبرة أظهرت سعادته وعدم تصديقه بأنها حقاً قد أصبحت له:

-" أنا كملت وأنا في جوايا أمل صغير يا أحلام، وربنا مخذلنيش، أنا دعيت كتير أوي إن ربنا يجمعني بيكي في الحلال، أنا كنت بدعي إننا لو مجتمعناش في الدنيا نتجمع في الجنة، الحُب رزق، وأنا كنت دايماً بدعي ربنا إنه يرزقني بيكي لو لينا الخير في بعض".

إبتلعت أحلام ريقها لتبتلع معه كلِمات كثيرة لم تود التفوه بها لكي لا تُخرب سعادته، ليقترب منها عادل وهو يجلس على الأريكة، حتى أمسك بيدها بين كفيه الإثنين، ينظر لها وكأنه يمسك كِنز من بين كفوفه حلم به كثيراً، ليشعر أيضاً بتلك الرجفة التي سارت بيدها وجسدها، حتى ضحك رغماً عنه، ليرفع كفها نحو فمه يقوم بتقبيله بعمق وهو يُغلق جفنيه، حتى رفع رأسه لينظر لها وهو يقول بنبرة مُحبة:

-" أنا مفيش أسعد مني في الدنيا دي كلها، وكل الكلام إللي أنا قولته دة ميكفيش حرف واحد من إللي أنا حاسس بيه دلوقتي".

ليضع باطن كفها على وجنته وهو يُقبله بحُب أثناء مسكه لها بكفوفه وهو يرفع رأسه لها قائلاً بنبرة لينة مُحبة:

-" أنا ممكن أعملك أي حاجة أنتِ عايزاها مني علشان تفتحيلي قلبك يا أحلام، أنتِ لو ضحكتيلي بس أنا هتبسط".

لمعت أعينها بالدموع وهي تُحاول بقدر الإمكان تحمل لمساته لها، لتمتعض معالم وجهها رغماً عنها وهي تسحب كفها ببطء، حتى نهضت لتقول بنبرة مُرتعشة:

-" أنا عايزة أغير هدومي".

إبتسم عادل وهو يومىء برأسه لها، ليُشير لها نحو إحدى الغرف، لتذهب من أمامه على الفور إلى داخل الغرفة، حتى أغلقت الباب من خلفها، لتضع يدها على وجهها وهي تُحاول كتم دموعها، ولكنها لم تستطع، لتهبط الدموع على وجنتيها وهي تبكي بشهقات حاولت كتمها، حتى ذهبت لتجلس على الفراش وهي تشهق بإرتعاش، لتُلاحظ الورود الموضوعة عليه بشكل مُنمق مما أظهر بأن الغرفة بأكملها لعروسين، ولم تدري بأن ما فعلوه جعل الرعب يغزو قلبها أكثر، حتى وجهت نظرها نحو يدها التي كان يمسك بها، لتضع يدها الأخرى عليها بقوة وكأنها بتلك الطريقة تخفيها عن وجهها، حتى وجهت نظرها نحو باب الغرفة وهي تبكي بكُثرة وإرتجاف ظهر على جسدها بأكمله أثر خوفها وعدم تقبلها للقادم من حياتها، شعرت وكأنها أخطأت عندما وافقت على تلك الزيجة، لتنهض وهي تشعر بإحتياجها لوالدتها بجانبها، تُريد البكاء والتعبير لها عن خوفها وهي تأخذها بين أحضانها، وكأنها صغيرة قامت والدتها بتركها بمفردها بمكانٍ ما لا تريد البقاء به من دونها، لتقترب من باب الغرفة تقوم بفتحه وهي تبكي، حتى توجهت إلى الخارج.

كان عادل مازال يجلس مكانه ينتظر إنتهاءها وهو يعود برأسه للخلف مُغلقاً جفنيه، ليشعر بأقدامها حتى أعتدل ليفتح أعينه وهو ينظر لها، لينتفض عندما رآها تبكي وهو يتساءل بنبرة قلقة:

-" في إيه يا أحلام".

عقدت أحلام ذراعيها وهي تطالعه بخوف بجسدها الذي كان يرتجف أثناء قولها بنبرة باكية مُرتعشة كطفلة صغيرة:

-" أنا عايزة ماما".

عقد عادل حاجبيه، ليقترب منها قليلاً وهو يقول بنبرة قلقة عليها وعلى هيئتها:

-" طيب ليه، في حاجة محتاجاها قوليلي وأنا هتصرف".

لم تتحرك أحلام من مكانها لتبكي وهي تنفي برأسها قائلة بنبرة مُرتعشة محشرجة:

-" عايزة أكلمها".

أقترب منها عادل بحذر، ليضع يديه على كتفيها وهو ينظر لها بأعينه المُتوددة أثناء قوله بنبرة لينة مُحاولاً إقناعها بها:

-" بس الوقت اتأخر وممكن يفتكروا إن في حاجة حصلت، بكرة الصبح كلميهم".

لم تنظر له أحلام وهي تنظر للأرض قائلة بنبرة باكية:

-" أنت قولتلي هتعملي إللي أنا عايزاه، وأنا عايزة أكلمها".

إبتسم عادل وهو يمرر كفيه على ذراعيها هبوطاً وصعوداً بلين أثناء قوله بنبرة حنونة:

-" قولت، بس إللي بتقولي عليه دة هيخليهم يقلقوا ويفتكروا إن حصل حاجة، صدقيني بكرة هخليكي تكلميهم أول ما نصحى من النوم، لو محتاجة حاجة دلوقتي قوليلي وأنا هساعدك".

إبتلعت أحلام ريقها وهي مازالت تبكي، ليُلاحظ عادل رجفة جسدها أثر شهقاتها وبُكاءِها، ليقترب منها يقوم بمُعانقتها وهو يضع يده على رأسها يقربها من صدره بلين، حتى بدأ يربت على ظهرها مُمرراً كفه عليه وهو يهدأها من بين أحضانه، لتظل أحلام كما هي وكأنها لا تقوى على الخروج من أحضانه، لتستسلم لذلك الوضع، فهي حقاً تُريد لمجرد عِناق، حتى وإن كان ذلك العناق لا يمكنها التعبير عن ما يوجع صدرها ويُرهق قلبها به.

___________________________

#يُتبع.
#الفصل_الخامس_والعشرين.
#ميرونزا.

Continue Reading

You'll Also Like

21.6K 143 6
Shirou Emiya, Perfect archer now servant.If Time Archer Shirou was summoned in the holy Grail.
284K 8.1K 136
"𝑻𝒉𝒆𝒓𝒆'𝒔 𝒓𝒆𝒂𝒍𝒍𝒚 𝒏𝒐 𝒘𝒂𝒚 𝒐𝒇 𝒘𝒊𝒏𝒏𝒊𝒏𝒈 𝒊𝒇 𝒊𝒏 𝒕𝒉𝒆𝒊𝒓 𝒆𝒚𝒆𝒔 𝒚𝒐𝒖'𝒍𝒍 𝒂𝒍𝒘𝒂𝒚𝒔 𝒃𝒆 𝒂 𝒅𝒖𝒎𝒃 𝒃𝒍𝒐𝒏𝒅𝒆."
188K 4.3K 66
imagines as taylor swift as your mom and travis kelce as your dad
3.4K 167 11
كثير من البحور يَجتاحها لكنها ليست اللؤلؤة المنشودة، وحينما يجدها يعتقد أنه فاز بالجائزة، لكنه سيواجه عقبات كثيرة في سبيله للوصول إليها، ومع ذلك سيظل...