عُمارة آل نجم.

By MariamMahmoud457

218K 13.8K 21.9K

عادةً ما تأتي العائِلة أولاً، بضجيجها، وحِسها، وحروبِها الدائِمة رغماً عن أمانِها المُستقر، جيشك المُتصدي، مح... More

الفصل الأول ( بر الوالدين )
الفصل الثاني ( تلقاه العين قبل الرحِم )
الفصل الثالث
الفصل الرابع ( من يملُك الحق )
الفصل الخامس ( إرضاء الأقرب للقلب؟ )
الفصل السادس ( طريق التهلكة )
الفصل السابع ( ماذا فعلوا بحقها؟ )
الفصل الثامن ( بداية جديدة خالية من الفساد )
الفصل التاسع ( تِكرار الخطأ عواقبه كبيرة )
الفصل العاشر ( خيبة الأهل )
الفصل الحادي عشر ( حق مؤجل )
الفصل الثاني عشر ( عُطلة عائلية )
الفصل الثالث عشر ( موافقة بالإجبار )
الفصل الرابع عشر ( بيعة مُشتراه )
الفصل الخامس عشر ( عودة العلاقات )
الفصل السادس عشر ( إصلاح ما قامت الحياة بإفساده )
الفصل السابع عشر ( صدمة غير متوقعة )
الفصل الثامن عشر ( داءه، ودواءه )
الفصل العشرين ( أمل يُضيء القليل من النور )
الفصل الواحد والعشرين ( قد تتغير الموازين )
الفصل الثاني والعشرين ( لا بأس من المحاولة مرة أخرى )
الفصل الثالث والعشرين ( بنهاية الدرب راحة )
الفصل الرابع والعشرين ( عودة حميدة )
الفصل الخامس والعشرين ( زواج بنكهة جنازة )
الفصل السادس والعشرين ( حُب غير مرغوب )
الفصل السابع والعشرين ( فرصة أخرى أخيرة )
الفصل الثامن والعشرين ( ضائِعة من نفسها تائِهة بين البشر )
الفصل التاسع والعشرين ( زواج لرد الشُكر )
الفصل الثلاثين ( ليلة يتكللها الفرح والسرور )
الفصل الواحد والثلاثين ( عاد مُهاجر الدار إلى داره )
الفصل الثاني والثلاثين ( جاء من يحمل الحُب في قلبه وقوله وفعله )
الفصل الثالث والثلاثين ( لم نعُد نلوم الغرباء، فالمقربون فعلوا الأسوء )
الفصل الرابع والثلاثين ( عواقب انتماءِها لهذا الحُب )
الفصل الخامس والثلاثين ( من لا ذنب له؟ )
الفصل السادس والثلاثين ( مُناضل في حرب السعادة )
الفصل السابع والثلاثين ( لا نُحاسب على سذاجة القلب )
الفصل الثامن والثلاثين ( نهاية قصة محسومة لن يُفيدها الأسف )
الفصل التاسع والثلاثين ( المرءُ لا تُشقيه إلا نفسُهُ )
الفصل الأربعين ( خيبات تليها صدمات مُتتالية )
الفصل الواحد والأربعين ( لن نعود مرة أخرى، انتهت الرسائِل )
فصل إضافي ثاني وأربعين ( بورِكتّ معك فاتِحة العُمر )
فصل إضافي ثالث وأربعين ( بورِك مسعى سِرناه سوياً )
فصل إضافي رابع وأربعين ( يزداد نصيب العُمر به حياة )
الأخير، مِسك الخِتام ( خير حصاد التربية الصالحة )

الفصل التاسع عشر ( جاء بنبأ بُعاده )

4.4K 298 529
By MariamMahmoud457

كان بلال يقف أمام المرآة يقوم بإغلاق أزرار قميصه الأزرق، لتولج إليه وئام الغرفة، حتى توقفت من خلفه بتوتر، لينظر لها بلال من المرآة مُلاحظاً ضمها لكفيها ونظرات أعيُنها له التي أظهرت توترها وخوفها منه، ليلتفت ينظر لها بعدما أنتهى وهو يتساءل بنبرة هادئة من وسط إبتسامته:

-" ياريت لو أمكن بسرعة علشان ألحق أنزل".

إبتلعت وئام ريقها وهي تنظر له بأعينها اللوزية، لتقول بنبرة مضطربة:

-" هو أنا.. ممكن أطلب طلب".

عقد بلال حاجبيه بتعجُب، ولكنه أقترب منها ليضع يديه على كتفيها بلين وهو ينظر لها بأعينه المُتوددة أثناء قوله بنبرة لينة:

-" مش لازم تستأذنيني قبل ما تطلبي يا وئام، أنا جوزك .. يعني كدة كدة لازم هتطلبي مني بدل الحاجة مليون، أتكلمي علطول وأنا هسمعك".

إبتسمت له وئام بعدما شعرت بالراحة أثر حديثه، لترفع رأسها تنظر له مرة أخرى وهي تقول بنبرة مُهتزة:

-" أنا كلمت ولاء أتطمن عليها وعلى ماما، وهي قالتلي إن ماما بقالها كذا يوم تعبانة".

أغرورقت أعيُنها بالدموع وهي تستكمل حديثها بنبرة مُرتعشة محشرجة تقول:

-" وأنا حاسة إنها تعبت علشان هي زعلانة مني إني مش بروح عندها".

تنهد بلال بعمق وهو يستمع لها، ليعود بنظره إليها وهو يتساءل بنبرة هادئة:

-" طيب وهي تعبانة مالها؟ معرفتيش؟".

نفت وئام برأسها وهي تبكي، ليُغلق بلال جفنيه، حتى أقترب منها ليقوم بمُعانقة كتفها وهو يمسح دموعها بيده، ليربت على كتفها بلين أثناء قوله بنبرة مُطمئنة:

-" خلاص، هوديكي تشوفيها النهاردة وتقعدي معاها شوية".

رفعت وئام رأسها تنظر له، لتبتلع ريقها وهي تطالعه بأعينها اللامعة أثناء قولها بنبرة محشرجة:

-" بس أنت ليه مش بتخليني أروح يا بلال، أنا البيت وحشني وماما وولاء".

دار بلال بأعينه في الفراغ قليلاً، ليعود بنظره إليها وهو يرسم إبتسامة على وجهه قائلاً بنبرة حاول جعلها مرحة:

-" علشان أنا مش بحبك تبعدي عني، ولو روحتيلهم ممكن يشبطوا فيكي ويقولوا خليها تقعد معانا شوية كمان".

إبتسمت وئام وهي تنظر له لتقول بنبرة ناعمة:

-" أنت ساعتها قولهم إنك مش بتحبني أبعد عنك، وأنا هكون معاك".

إبتسم لها بلال، ليقوم بتقبيل رأسها بحُب، حتى أخرجها من أسفل يده ليقول بنبرة سريعة:

-" طيب يلا روحي ألبسي بسرعة علشان أوديكي عندهم لحد ما أخلص شغل، وأنا راجع هعدي أخدك".

أومأت له وئام برأسها عدة مرات وهي تبتسم بسعادة، حتى كادت أن تذهب من أمامه، ولكنها عادت إليه مرة أخرى لتقوم بمُعانقته بقوة وهي تقول بنبرة مُحبة:

-" أنا بحبك أوي يا بلال".

بادلها بلال العِناق بحُب وهو يبتسم، مُغلقاً جفنيه أثناء تفكيره بتلك الزيارة التي قد تعود عليه وعليها بالسلب.


كان رشاد يقود سيارته، ليدق هاتفه برقماً ما، حتى قام بإمساكه من جانبه ليضعه على أذنه بعدما فتح المُكالمة، ليُجيب بصوته الذي دوماً تتخلله نبرة جادة قائلاً:

-" ألو ".

أجابت هي من الناحية الأخرى قائلة بنبرة مُترقبة:

-" أيوة .. دكتور رشاد؟".

توقف رشاد بالإشارة، ليضع يده على جبينه وهو يستند على النافذة قائلاً بجدية:

-" مين معايا".

علمت بأنه هو من طريقته المعروفة بالنسبة لها، لتبتسم وهي تقول بنبرة هادئة:

-" أنا دكتور هديل يا دكتور".

عقد رشاد حاجبيه قليلاً وهو يقوم بتذكُرها، ليُغلق جفنيه وهو يحك جبهته قائلاً بنبرة هادئة بعدما تذكرها:

-" أيوة يا دكتورة ".

دارت بأعينها في المكان بملل من جموده، لتقول بنبرة ساخرة أثناء تشديدها على الحروف:

-" أزيك يا دكتور؟ عامل إيه!".

تحرك رشاد بسيارته غير مُنتبهاً لطريقتها الساخرة وكأنها تقوم بتوصيل رسالة تعلمه بها الذوق، ليقول بنفس نبرته الهادئة:

-" تمام، وحضرتك".

إبتسمت هديل لتومىء برأسها وهي تقول بنبرة هادئة:

-" كويسة الحمدلله ".

لتنظر للقلم من بين يدها وهي تقول بجدية:

-" أنا أتصلت بحضرتك لأن لاحظت إن بقالك أسبوع تقريباً مجيتش المركز، الطلاب كانوا بيسألوا عليك".

لوح رشاد برأسه وهو يتساءل بنبرة مُتعجبة:

-" أيوة؟".

تنهدت بعمق وهي تحاول التحكم بأعصابها، ولكنها لم تستطع لتتحدث قائلة بنبرة حانقة:

-" هو أنا بشحت منك الكلام؟ ما ترد عليا كدة وتكلمني زي ما بتكلم .. ولا أنا غلطانة يعني إني أتصلت؟".

لم يتحرك له رمش وهو يستمع إلى حديثها، ليقول بنبرة ساخرة:

-" شكلك بقالك كام يوم مجرتيش شكل حد، ف جبتي رقمي مخصوص علشان تطلعيهم عليا".

تدلى فكها من الصدمة أثر جراءته، سُرعان ما ضيقت جفنيها لتقول بنبرة غاضبة أظهرت غيظها منه:

-" تصدق والله أنا غلطانة إني أتصلت وعبرتك أساساً، أنا مش عارفة مخي كان فين وأنا بتصل".

لوح رشاد برأسه وهو يضحك بسخرية، ليتنهد وهو يقول بنبرة هادئة:

-" طيب قبل ما تقفلي قوليلي على الأقل أتصلتي ليه، في حاجة؟".

أغلقت هديل جفنيها بقوة وهي تتحكم بأعصابها أثر بروده، لترسم إبتسامة مُتكلفة على وجهها وهي تقول ببرود:

-" أبداً مفيش حاجة، بس قولت أخلي عندي دم وأتصل أشوف حضرتك مختفي ليه، يعني عملت حادثة مثلاً أو حصلتلك مصيبة مخلياك مش باين، كدة يعني".

لم يستمع رشاد إلى معظم حديثها أثر الضوضاء الصادرة من السيارات التي بجانبه أثر زحمة السير، ليُجيب بعدم إنتباه قائلاً:

-" مكنتيش تتعبي نفسك يا دكتورة مادام مفيش حاجة".

وضعت هديل يدها على رأسها بعدما شعرت بإنخفاض ضغطها، لتُجيب بنبرة مُتعبة من الجدال معه قائلة:

-" عندك حق، أنا متربيتش فعلاً إني أتصلت".

ضحك رشاد، ليبتسم من بعد ذلك وهو يقول بنبرة هادئة:

-" على العموم شكراً على إتصالك بردوا، كدة مرضية؟".

لوحت هديل بيدها بقلة حيلة وهي تقول بنبرة ساخرة:

-" أهو أحسن من مفيش".

إبتسم رشاد، لتتنهد وهي تقول بنبرة هادئة:

-" هنستنى حضرتك في المركز قريب إن شاء الله".

أومأ رشاد برأسه وكأنها تراه، ليُجيب عليها بكلمات الوداع، حتى أغلق معها الهاتف، لينظر إليه، حتى رفع رأسه ليلوح برأسه وهو يضحك.


أمسكت وئام بكف والدتها وهي تقول بنبرة محشرجة أثر بُكاءِها:

-" أنتِ وحشتيني أوي يا ماما".

تحدثت والدتها تقول بنبرة أظهرت ضيقها:

-" كدة يا وئام، تقطعي بيا كل دة".

قلبت ولاء عينيها بملل لتقول بنبرة حانقة:

-" معلش بقى أصل جوزها سرقها منك مرة واحدة ومحدش قادر يتكلم معاه".

ألتفتت وئام تنظر إلى ولاء، حتى تحدثت بنبرة صادقة تقول:

-" لأ هو لو أتكلمتي معاه وقولتيله إني أجي هيخليني أجي، بس هو عنده شغل كتير وبينسى".

رفعت لها ولاء حاجبيها بسخرية، لتعود وئام بنظرها إلى والدتها التي ربتت على كفها وهي تقول بنبرة هادئة:

-" المهم أنتِ يا حبيبتي طمنيني عليكي، عاملة إيه مع جوزك".

أومأت لها وئام برأسها عدة مرات وهي تقول بنبرة مُتلهفة:

-" كويسين أوي الحمدلله، بلال بيحبني أوي يا ماما وكويس معايا وبيساعدني في البيت، وبيعملي الحاجات إللي بحبها، وبي....".

كادت وئام أن تستكمل حديثها بحماسها وسعادتها المُعتادة، لتتحدث ولاء قائلة ببرود:

-" مش هنقضي اليوم قاعدين نسمع في أشعار عن حبيب القلب".

نهضت وئام لتقف أمامها وهي تقول بنبرة سريعة مُتلهفة:

-" طيب أقعدي أنتِ يا ولاء وأنا هعمل لماما الأكل، هي بتحب الشوربة من إيدي، هعملها شوربة".

أشارت لها والدتها بالجلوس وهي تقول بنبرة هادئة:

-" تعالي يا بنتي أقعدي أنا بقيت كويسة، تعالي أنا بقالي كتير مشوفتكيش".

ذهبت وئام لتجلس بجانبها مرة أخرى وهي تقول بنبرة صارمة:

-" لأ يا ماما هعملك، أنا أصلاً وحشني مطبخنا أوي، ووحشني أعملك الأكل إللي بتحبيه وإللي ولاء بتحبه".

إبتسمت والدتها لتقول بنبرة هادئة:

-" طيب شوية إحنا لسة قاعدين مع بعض أهو".

أومأت لها وئام رأسها بضيق، لتتحدث ولاء قائلة بنبرة خبيثة:

-" ها بقى يا ست وئام، عاملة إيه مع بلال".

نظرت وئام إلى والدتها، ثم عادت بنظرها إلى ولاء لتقول بنبرة مضطربة:

-" الحمدلله، ماما سألتني بس أنتِ...".

أومأت ولاء برأسها لتقول ببرودها المُعتاد:

-" لأ ما أنا مش عايزة أسمع أشعارك عنه، إحنا عايزين نتطمن عليكي يا حبيبتي".

كانت وئام تستمع إليها بعدم فهم، لتوجه نظرها إلى والدتها التي تحدثت قائلة بنبرة أظهرت ضيقها:

-" أنتوا بقالكم خمس شهور متجوزين أهو يا بنتي، ولسة لحد دلوقتي مسمعناش أخبار حلوة".

لوحت لها وئام برأسها لتُجيب قائلة ببلاهة:

-" أخبار حلوة إزاي يا ماما، ما إحنا متجوزين".

ضحكت ولاء بسخرية لتقول بوقاحة:

-" ما إحنا عارفين إنكم متجوزين، أمك مستنياكي تفرحيها وتخليها تيتة بقى".

رفعت وئام كتفيها، لتتذكر حديث بلال لها في ذلك الحين وهم يجلسون بالسيارة قبل صعودها إليهم، حتى تحدثت قائلة بنبرة مضطربة:

-" إن شاء الله خير، أدعولنا أنتوا".

نظرت كلاً من والدتها وولاء إلى بعضهم البعض، ليدق هاتف وئام، حتى قامت بإخراجه سريعاً، لتبتسم بإتساع وهي ترفع الهاتف إلى أذنها تزامناً مع إبتعادها عنهم بتلقائية، لتلوح ولاء برأسها وهي تنظر إلى والدتها قائلة بنبرة مُشككة:

-" الموضوع دة فيه حاجة مش طبيعية".


ولجت وئام إلى المطبخ، لتتوقف به وهي تستمع إلى صوت بلال الذي تحدث قائلاً بنبرة هادئة حاول عدم مزجها بقلقه الذي يصاحبه منذ الصباح:

-" عاملة إيه؟ طمنيني حد ضايقك؟".

نفت وئام على الفور لتقول بنبرة سعيدة:

-" لأ يا بلال أكيد ماما وولاء مش هيضايقوني، بس أنا مبسوطة أوي إني قاعدة معاهم، كانوا واحشني أوي".

تنهد بلال براحة، ليبتلع ريقه وهو يقول بنبرة هادئة:

-" ماشي.. أنا فاضلي نص ساعة وأخرج من الشركة".

تلاشت إبتسامتها لتقول بنبرة مضطربة:

-" بس لسة الساعة مجتش خمسة، هو مش أنت بتخرج الساعة خمسة، أنا كدة مش هلحق أقعد وماما هتزعل".

تنهد بلال بعمق ليقول بنبرة حاول جعلها هادئة:

-" ما أنا خرجت بدري علشان أرجعك البيت وأرجع أروح لمالك، أنتِ نسيتي؟".

ظهرت معالم الضيق على وجهها، لتقول بنبرة مُترجية:

-" طيب هو أنا ممكن أقعد شوية بس".

أغلق بلال جفنيه، ليصك على أسنانه حتى حاول تماسك أعصابه وهو يقول بنبرة هادئة يشوبها الصرامة:

-" مش هينفع يا وئام، قدامك ساعة أو ساعة ونص أهو لحد ما أرجع، كفاية دول حلوين".

ظهر عليها الحُزن وهي تُفكر بوالدتها وبشقيقتها، ليتحدث بلال مرة أخرى قائلاً بنبرة مُحبة:

-" وبعدين أنتِ وحشتيني، أنا مش متعود أرجع البيت ملاقكيش فيه، كمان إحنا متفقين على حاجات كتير أوي نعملها مع بعض، مش عايزة تعمليها معايا يعني؟".

نفت وئام على الفور لتقول بنبرة مُتلهفة:

-" لأ عايزة.. أنت قولت النهاردة هنطلع فوق السطح أنت وعدتني".

شعر بلال بالراحة أثر جذبه لإنتباهها، ليقول بنبرة مرحة:

-" وعدتك ومش هخلف بالوعد، هنطلع وإحتمال كمان النهاردة يكون في مطرة، وهنرقص تحت المطر زي ما كنتي عايزة، أي نعم هنرقد بعدها في السرير، بس كله يهون علشان خاطر أحققلك إللي نفسك فيه يا بسكوتة".

ضحكت وئام بسعادة لتقول بنبرة أظهرت سعادتها وحماسها:

-" ولما نروح هجهز كل حاجة وهجهزلك العصير إللي بتحبه، هستناك ماشي متتأخرش".

إبتسم بلال ليقول بنبرة مرحة:

-" يا سلام طيارة والله".

ضحكت وئام حتى كادت أن تودعه، ولكنها قالت بنبرة سريعة:

-" بلال".

صمت بلال وهو ينتظر حديثها، لتتحدث وئام قائلة بتذكُر:

-" ماما سألتني على موضوع الخلفة، وأنا رديت عليها وقولتلها إن شاء الله خير أدعولنا أنتوا زي ما قولتلي، أنا قولتلك علشان أنت قولتلي لو حد سألني في كدة أقولك".

تهكمت ملامح وجه بلال بعدما تأكد من سؤالهم بذلك الموضوع، ليقول بجدية:

-" شاطرة يا وئام، لو حد كلمك في حاجة تاني ومكنتش مكلمك أنا عنها وقايلك تقولي إيه، قوليلهم إنك هتقومي تتصلي بيا أو حاولي تتهربي منهم بأي طريقة، وأنا خلاص قربت أجيلك".

أومأت وئام برأسها بتفهُم وهي تقول بنبرة سريعة:

-" حاضر هتصل بيك، متتأخرش".

أومأ بلال برأسه وهو ينظر للفراغ من أمامه بتفكير، ليُغلق الهاتف معها، ليغُلق معه جفنيه وهو يدعي الله من داخله أن تمر تلك الساعة سريعاً.


بالمساء، كان بسام يجلس على فراشه، واضعاً دفتر صغير على رُكبته، وهو يمسك بيده الأخرى قلم رصاص يرسم به بتركيز أثناء صبه لنظره على تلك الرسمة، ليقطع تركيزه ذلك والدته التي ولجت إليه، حتى أعتدل بسام في جلسته سريعاً وهو يقوم بوضعهم بجانبه، لتُشير له والدته بيديها قائلة بنبرة حنونة لينة:

-" خليك زي ما أنت، هو أنا غريبة".

وضع بسام قدميه على الأرض لينظر لها بعدما جلست على مقعد مكتبه من أمامه، ليبتسم لها وهو يقول بنبرة مُحبة يشوبها المرح:

-" عندك حق، أنتِ أمي".

ضحكت والدته، لتتنهد بهدوء وراحة من بعد ذلك وهي تناظره، حتى تحدثت قائلة بنبرة أظهرت راحتها وسعادتها:

-" عامل إيه مع رزان يا بسام، حساك مبسوط".

لوح بسام برأسه قليلاً ليقول بنبرة هادئة بعدما تنهد:

-" يعني منسميهاش مبسوط لأن طبيعي أنا وهي لسة بنتعرف على بعض، لكن الحمدلله".

رفعت والدته حاجبيها وهي تميل برأسها للأمام قليلاً مُتسائلة بترقُب:

-" يعني مش مبسوط؟".

إبتسم لها بسام وهو يعلم بردها ذلك، ليومىء برأسه ايماءة بسيطة أثناء قوله بنبرة لينة:

-" مرتاح يا أمي".

بادلته والدته الإبتسامة بعدما شعرت بالراحة من أجله، لتتحدث من بعد ذلك قائلة بنبرة هادئة يشوبها اللين:

-" ودي أهم حاجة عندي، إني أشوفك مرتاح حتى لو لسة مأخدتوش على بعض، رزان بنت حلال وتستاهل كل خير زيك، أنت بس كبر دماغك من أهلها شوية علشان باين عليهم شُداد عليها".

تلاشت إبتسامته وهو يتنهد بعمق، ليقول من بعد ذلك بنبرة مُفكرة:

-" والله أنا نفسي أتعرف عليها أكتر علشان حاسس إنها شايفة كتير منهم وساكتة، حابب إني أعوضها ولو بحاجة بسيطة".

تحدثت والدته قائلة بنبرة لينة:

-" في إيدك يا سمسم، أنت في إيدك تعوضها وتعملها الحلو كله من دلوقتي".

وضع بسام يده على رأسه يُمررها على شعره وهو يتحدث بنبرة أظهرت قلة حيلته:

-" إزاي بس يا أمي، الحج عُمران مصمم إن كتب الكتاب يكون مع الفرح إللي بعد سنة من دلوقتي، وأنا محبش إني أعمل حاجة حرام، على الأقل يكون عندي فرصة أعبرلها عن...".

توقف بسام عن الحديث عندما رأى نظرات والدته، ليُعدل حديثه قائلاً بجدية قبل أن تُفكر بشيئاً لم يحدث بعد:

-" قصدي أطمنها، أطمنها من غير قيود تمنعني أعمل كدة".

لوحت والدته برأسها وهي تبتسم لتقول بنبرة هادئة:

-" والله بردوا في إيدك، كلمة حلوة .. هدية حلوة، تراضيها لما تزعل، تشوفها متضايقة من إيه، تعملها إللي هي عايزاه، تشوف نفسها ف إيه وتجيبه".

تعجب بسام من حديث والدته، ليقول فور إنهاءها كلماتها بجدية يشوبها السخرية:

-" إيه كل دة يا أم بسام، دة إحنا شبكتنا كانت لسة من أسبوع وشوية، هلحق أعرف كل دة أمتى وأنا متكلمتش معاها غير ٣ مرات بالعدد؟ دة أنا معرفش غير إنها بتحب الكريمة أكتر من الشوكولاتة".

ضحكت والدته بشدة، ليضحك هو رغماً عنه أثناء تلويحه برأسه بغرابة من حديث والدته، حتى هدأت من ضحكاتها لتقول بنبرة مرحة:

-" يابني أومال هما عملوا الموبايل دة ليه، مش علشان تكلمها وتتعرفوا على بعض! جرا إيه يا سمسم هو أنا إللي هعلمك؟".

ضيق بسام جفنيه ليقول بنبرة ساخرة:

-" ما بلاش الكلمة دي علشان بتحسسني إني مقطع السمكة وديلها وأنا أساساً آخر واحدة كنت معجب بيها كانت عبير إللي معايا في ستة رابع".

لوحت والدته برأسها بيأس وهي تضحك، ليومىء بسام برأسه وهو يقول بنبرة هادئة:

-" هشوف هعمل إيه، أدعيلي بس ربنا يحنن قلبها عليا علشان أنا نفسي أسمع إسمي منها".

قال بسام آخر كلماته بنبرة حالمة، لتنهض والدته تربت على كتفه وهي تقول بنبرة خبيثة:

-" هتحنن قلبها عليك وهتقول إسمك وحاجات تانية كمان، خليك وراها بس لحد ما السنة دي تخلص".

إبتسم لها بسام، لتخرج من غرفته تاركه إياه، حتى تنهد بعمق وهو يتذكر مظهرها عندما رآها بالمنزل، ليُغلق جفنيه يقوم بفركهما، حتى أمسك بهاتفه، ليقوم بإخراج رقمها، حتى إبتلع ريقه وهو يُفكر في مُحادثتها، سُرعان ما قام بطلبه، ليرفع الهاتف على أذنه.

بذلك المنزل الذي خيم عليه الحُزن، كانت الفتيات تجلس معاً بالغُرفة، لتتحدث رزان قائلة بنبرة أظهرت ضيقها:

-" يعني الموضوع دة مش باينله ملامح خالص كدة؟ على الأقل كنتوا حددتوا معاد تاني للفرح".

تنهدت أحلام بضيق ظهر على ملامح وجهها وهي تقول بنبرة هادئة على غير عادتها:

-" منعرفش، محمد هو إللي صمم نأجله شوية علشان مالك، حاسة إن الدنيا أتكركبت خالص فوق دماغي، أنا كنت سستمت نفسي على كل حاجة، هرجع أعيد كل دة تاني من الأول!".

لتومىء برأسها وهي تقول بنبرة حاولت عدم مزجها بحُزنها:

-" الحمدلله على كل شيء، إن شاء الله يخرج بالسلامة قريب والموضوع دة يتقفل".

نظرت كلاً من رزان وأفنان إلى بعضهم البعض، لتتحدث أفنان قائلة بنبرة رزينة:

-" أنا واثقة في حكمة ربنا وحاسة بجد إن الموضوع دة نهايته قربت، أساساً المحامي دة مطمنهم وقايل إن فعلاً الموضوع مش هيطول وهيخلص علطول، يا رب يكون فعلاً كدة".

رددوا أثنانتهم من خلفها في جو يطغى عليه الحُزن، ليقطع صمتهم رنين هاتف رزان، لتنظر إليه، حتى تنهدت بعمق، لتتحدث أحلام قائلة بنبرة هادئة بعدما علمت من معالم وجهها من المُتصل:

-" ردي يا رزان، ردي وبطلي إللي بتعمليه دة".

نظرت لها رزان قليلاً، لتبتلع ريقها حتى قامت بفتح المكالمة، لتضع الهاتف على أذنها بصمت، سُرعان ما تحدث بسام بعدما أعتدل في جلسته قليلاً بلهفة قائلاً بنبرة سريعة:

-" صحيتك؟".

نفت رزان برأسها لتقول بنبرة هادئة:

-" لأ .. مش بنام دلوقتي".

إبتسم بسام ليقول بنبرة مرحة:

-" دي كدة تالت معلومة أعرفها بعد الكريمة واللون الأسود".

إبتسمت رزان رغماً عنها، لترفع كلاً من أحلام وأفنان حاجبيها بإستنكار، لتطالعهم بدهشة، حتى نهضت من أمامهم لتبتعد عنهم قليلاً تتحدث بالنافذة، حتى تسائلت بتلقائية تقول:

-" وأنت صاحي ليه؟".

إبتسم بسام بعدما عاد برأسه للخلف وهو يُغلق جفنيه بسعادة أثر ردها الغير مُتوقع بالنسبة له، لتعقد رزان حاجبيها بتعجُب من صمته، ليعتدل بسام وهو يبتسم ببلاهة وسعادة قائلاً بنبرة مرحة:

-" هي شكلها الليلة النهاردة صباحي ومفيهاش نوم خلاص".

أمتعضت معالم وجهها بعدم فهم من حديثه، لتتنهد بعدم إهتمام، حتى تحدثت قائلة بنبرة هادئة:

-" هو أنا ممكن أسألك سؤال".

أعتدل بسام على فراشه ومازالت إبتسامته لم تُفارق وجهه وهو يقول ببلاهة:

-" دة إحنا نقول للممكن قوم وأنتِ تقعدي مكانه".

إبتسمت رزان بسخرية أثر حديثه الغير مفهوم عليها، ولكنها لوحت برأسها، لتبتلع ريقها وهي تقول بنبرة حرجة:

-" هو لو حد ...".

عقد بسام حاجبيه وهو ينتظر حديثها، لتبتلع ريقها بتوتر وهي تقول بنبرة مضطربة أظهرت حرجها منه:

-" لو حد مثلاً عمل ذنب، وعايز يتوب عنه.. يعمل إيه".

ظهرت معالم جادة على وجهه وهو يقول بجدية يشوبها اللين الذي طغى على نبرة صوته:

-" يصلي ركعتين توبة كل يوم بنية إن ربنا يغفر له الذنب دة".

صمتت رزان قليلاً وهي تستمع إلى حديثه تُفكر به، ليسترسل بسام حديثه وهو يقول بنبرة لينة:

-" مَا مِنْ رَجُلٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا ثُمَّ يَقُومُ فَيَتَطَهَّرُ، ثُمَّ يُصَلِّي ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ اللهَ إِلَّا غَفَرَ لَهُ، وطبعاً مع نيتك بالتوبة ربنا بيغفر لك ذنوبك إن شاء الله، وصلاة التوبة بتمحي الذنوب والخطايا، بتصليهم في أي وقت في اليوم".

أومأت رزان برأسها وهي تتنهد، ليبتسم بسام وهو يقول بنبرة مُحبة:

-" تقبل الله منك".

إبتسمت رزان بمُجاملة لتقول بنبرة هادئة:

-" شكراً ليك، وشكراً إنك بتساعدني".

أومأ بسام برأسه ايماءة بسيطة ليقول بنبرة مرحة:

-" العفو، معاكي بسام لو إحتاجتي أي حاجة تاني كلميني، علشان لو متعرفيش إسمي يعني".

ضحكت رزان عندما علمت ما يرمي إليه، لتبتسم وهي تقول بنبرة هادئة أظهرت نعومة صوتِها:

-" شكراً يا بسام".

وضع بسام يده على وجهه بعدما أغلق جفنيه بهيام، ليهبط بيديه عن عينيه وهو يقول بنبرة هائِمة:

-" دة بسام هو إللي شكراً والله، وشكراً لأم بسام علشان جابت بسام".

لوحت رزان برأسها وهي تضحك، لتبتلع ريقها حتى قالت بنبرة هادئة:

-" تصبح على خير".

كان بسام مازال على حالته، ليقول بنفس نبرته الهادئة:

-" وأنتِ من أهل الجنة ".

أغلقت معه رزان الهاتف، ليسحبه بسام يضعه بجانبه وهو مازال ينظر للفراغ من أمامه، حتى أغلق جفنيه وهو يتذكر وقع إسمه على مسامعه من فمها، ليتنهد تنهيدة كبيرة مسموعة رجت بقلبه قبل أنحاء الغُرفة.

ألتفت رزان لتعود إليهم مرة أخرى تجلس بجانبهم على الفراش وسط نظراتهم المُسلطة عليها بترقب وفضول يكاد يسقط من أعينهم، لتلوح لهم برأسها وهي تتساءل بجدية:

-" في إيه؟ بتبصولي كدة ليه؟".

تحدثت أحلام صوب إنهاءِها لكلماتها لتقول بنبرة سريعة:

-" الأخبار عندك أنتِ!".

لوحت رأسها بعدم فهم وهي تتساءل بنبرة مُتعجبة:

-" أخبار إيه!".

أعتدلت أفنان لتضع يدها على وجنتها وهي تتساءل بنبرة فضولية:

-" كنتي بتضحكي على إيه؟".

قلبت رزان عينيها بملل لتقول بنبرة غير مُبالية:

-" مش حاجة مهمة، متفتكروش إن في حاجة".

رفعت أحلام حاجبيها لتقول بنبرة ساخرة:

-" أنتِ هبلة يا رزان؟ منفكرش في حاجة إزاي إيش حال مكنتوش مخطوبين أساساً هنفكر ف إيه أكتر من كدة؟".

إبتلعت رزان ريقها لتُجيب من بعد ذلك بنبرة هادئة أشبه بالجمود:

-" مش معنى إننا مخطوبين يبقى في حاجة بردوا، أنتوا أكتر ناس عارفة الموضوع دة تم إزاي".

تحدثت أفنان قائلة بجدية:

-" وهو هيفرق تم إزاي يا رزان، إللي هيفرق دلوقتي هو شخص كويس ولا لا ومرتحاله ولا لا!".

نظرت لها رزان، لتقول بنبرة حملت بغضبها المكتوم وظُلمها الذي ظهر على أعينها وهي تقول:

-" لا هتفرق أوي، هتفرق أوي يا أفنان.. إني أتخطب لواحد بغير رضايا دي حاجة كفيلة تخليني أكرهه وأكره إللي عملوا فيا كدة، حتى لو هو كويس معايا".

نظرت كلاً من أحلام وأفنان إلى بعضهم البعض بدهشة، لتعتدل رزان في جلستها وهي تنظر إلى كلاً منهم قائلة بجدية حقيقية:

-" أوعوا تكونوا فاكرين علشان بضحك وبهزر معاه شوية يبقى كدة أنا بديله فرصة أو بدي لنفسي فرصة، لا.. أنا مش هسمح لنفسي بكدة علشان هما عايزين كدة، وأنا مش هناولهم إللي في بالهم، حتى لو هموت نفسي فيها بردوا مش هناولهم إللي في بالهم".

أعتدلت أحلام في جلستها لتنظر لها وهي تقول بنبرة مُتوددة مُحاولة بها تهدأتها قليلاً أثر إنفعالها:

-" رزان أهدي، محصلش حاجة لكل دة.. إحنا بس بنقول إنه ممكن يكون شخص كويس ليكي وهو دة نصيبك اللي كان مستنيكي بعيداً عن الطريقة إللي عرفتيه بيها".

صكت رزان على أسنانه لتنظر لها وهي تقول بنبرة أظهرت غيظها الشديد وتوعدها:

-" لو هو فعلاً كويس ليا، ولو هو خير ليا، ولو جه يوم وحبيته فيه.. بردوا هدوس على قلبي وهمشي علشان أخد حقي منهم على إللي عملوه فيا.. أنا عمري ما هسامحهم".

قالت رزان أخر جملة لها مع هبوط دمعة منها أظهرت وقع تلك الجملة على قلبها، لتتنهد بعمق وهي تعتدل تجلس على الفراش براحة أثناء نظرها للفراغ من أمامها بأعين تملكت منها الدموع والسيول الحمراء أثر غضبها، وسط نظرات كلاً من أحلام وأفنان المصدومة من حديثها.


بسطح المنزل، كان يجلس كلاً من بلال ووئام، من أمامهم طاولة مليئة بالحلوى والتسالي والعصائر، كذلك جهاز التابلت اللذان كانا يُشاهدان عليه إحدى الأفلام، ولكن لم يكُن أياً منهم مُهتم إليه، فقد كانت وئام تقوم بسرد ما حدث معها وهي تنظر إلى بلال الذي كان يستمع إليها قائلة بنبرة مُتلهفة:

-" وعملتلها شوربة بس أنت جيت ملحقتش تخلص ف طلبت من ولاء هي تكملها، بس كدة".

أومأ لها بلال برأسه بشرود وهو يُفكر بشقيقه، لتعود بنظرها إليه وهي تتساءل بنبرة سريعة:

-" بس أنت ليه مطلعتش، ماما سألت عليك وكمان ولاء".

وجه بلال نظره للفيلم، ليعود بنظره إليها مرة أخرى وهو يقول بأسف مُزيف:

-" كنت مستعجل، المرة الجاية".

أومأت له وئام برأسها وهي تبتسم، لتنظر للفيلم، ولكنها صرخت ليتنفض بلال من جانبها ينظر لها بدهشة، سُرعان ما نهضت لتمد يديها للسماء وهي تنظر لها، حتى عادت بنظرها إلى بلال لتقول بنبرة سعيدة عالية:

-" بتمطر، السما بتمطر".

ضحك بلال على مظهرها، لينظر لها قليلاً وهي تمد يديها للمطر وكأنها تُحاول إمساك قطرات الماء بين يديها، إبتسم وهو يتطلع إلى هيئتها، أيُعقل لا تعلم بأنها تمسك بين يديها الغيث؟ وكأن الأمنيات هي التي تتصارع لتلقى مجلساً بين تلك الأنامل والكفوف الدافِئة والمُشبعة بحنان فتاة تطوف من حولها البراءة.

أفاق من شروده بها وهو يبتسم، ليقترب من التابلت يقوم بتشغيل إحدى الأغاني، ثم نهض من بعد ذلك ليتجه إليها حتى أمسك بيديها، لتنظر له وهي تبتسم بسعادة، حتى تحدث هو قائلاً بنبرة مُحبة وأعيُن يقطر الحب منها:

-" أنتِ عارفة أنا نفسي أرقص معاكي على الأغنية دي من أمتى؟".

نفت برأسها وهي مازالت تُطالعه مُبتسمة، ليضحك رغماً عنه وهو ينظر لها، حتى بدأت كلمات الأغنية تزامناً مع وضعه ليده على خصرها وهو يُحرك شفتيه وسط نظرات أعينه العاشقة لها:

-" قمر ونجماته عيونك .. حقها الناس يحسدونك .. ما حد غيرك خلاني .. أسهر لعيونه تاني .. ما أبالغ أنا أهــواك .. كل ساعة بدونك يكبر همي وكل لحظة أتدمر .. شي يصبر روحي بدونك .. ضلمة الدنيا بلا لونك .. وما أبالغ أنا أهــواك ".

كانت لتعترف بعدم فهمها لكلمات الأغنية إذا سمعتها بمُفردها، ولكن وسط نظراته التي وحدها شرحت عُمق تلك المعاني ووقعها على قلبه ومسامعها، ألتمست منه بالفعل أضعاف ذلك الحُب الذي تقاسم بينهما.

-" من بين العالم كلها ..  بس عيونك ما أمِلها .. ودي بكل لحظة أسألها .. تحبيني؟".

أومأت له وئام رأسها ببلاهة وهي تُطالعه بعشق، ليضحك بلال وهو يُطالعها أثناء إستكماله لكلمات الأغنية وهو يضع يده على وجنتها:

-" الخد أبيض مثل الغيم .. قلبي بهالضحكة يهيم .. روحك لو تزعل مني .. من قلبي لروحك أغني ..  ما أبالغ أنا أهــواك .. هاي الدنيا وما بيها .. بضحكاتك تختصريها ".

ضحكت وئام بسعادة أثر تلك الكلمات التي قامت بحسبها على روحها هي وكأنها صُنعت من أجلها، لتُعانق رقبته أكثر حتى قام هو بحملها ليدور بها عدة مرات وسط إشتداد الأمطار من فوقهم، لتتسع ضحكاتها بسعادة وهي تتمسك به، حتى أوقفها بلال، لتعود بنظرها إليه وهي تنظر له مُبتسمة أثناء أخذها لأنفاسها، حتى تحدث هو قائلاً بنبرة مرحة:

-" تحبيني؟".

أومأت وئام برأسها عدة مرات وهي مازالت تُعانق رقبته مُتعلقة به وكأنها لا تريد تركه، قائلة بنبرة سعيدة عالية تأخذ بها أنفاسها وكأنها تُريد التفوق على صوت الرعد:

-" بحبك يا بلال، بحبك أكتر من أي حاجة".

ضحك بلال بشدة عليها، ليقوم بمُعانقتها بحُب، حتى قام بإخراجها من بين أحضانه، ليضع يديه على وجنتيها وهو يقول بنبرة تملك منها اللوم على نفسه والذي سيظل مصاحبه للأبد:

-" مش عايزك تزعلي مني يا وئام، أنا والله بحاول وهحاول دايماً أنسيكي أي حاجة وحشة عيشتيها، أنسي خالص أيامنا سوا أول الجواز، مش عايزك تفكري فيها لأن إللي جاي غير".

أومأت له وئام برأسها وهي تبتسم، لتتساءل بتلقائية قائلة:

-" أنت بتحبني؟".

ضحك بلال ليومىء برأسه عدة مرات وهو يضع وجهها بين كفيه قائلاً بنبرة مرحة:

-" أنا بحبك أكتر من حُبي للكورة يا بسكوتة، شايفة غلاوتك وصلت لفين؟".

ضحكت وئام وهي تنظر له، ليُضيق جفنيه قليلاً وهو يتصنع التفكير، حتى عاد بنظره إليها ليقول بجدية يشوبها المرح:

-" أنا بحبك يا بسكوتة أكتر من حُبي لجول القاضية بتاع قفشة".

كانت وئام تستمع إليه ببلاهة، ولكنها إبتسمت أثر أولى كلِماته التي قالها، ليضحك بلال على مظهرها، حتى قام بمُعانقتها مرة أخرى وهو يربت على ظهرها بحُب وسعادة لم تكتمل، أثر تفكيره وعدم قدرته على مُشاركتها ما يثقل قلبه.

بصباح يوم مر عليه بضعة أيام، كان هاشم يجلس بمركز الشرطة يُحاول الإتصال بكريمة التي لم تُجيب عليه، لينتبه إلى شادية التي كانت تبكي بحُرقة وكأن قلبها على وشك الإنخلاع من موضعه، ليقترب منها عادل بكوبٍ من الماء، وسط صمت عابد وهو ينظر للفراغ من أمامه بوجهٍ ظهر عليه العجز بليلة وضحاها، ليتحدث المحامي قائلاً بنبرة حانقة أظهرت ملله من بُكاءِها مُنذ ما يقارب ساعة:

-" يا حاجة خلاص، كلها أربع شهور ويطلع منها على خير".

نظرت له شادية لتُشير له بيدها وهي تقول بنبرة غاضبة مُنفعلة من بين بكاءها بعدما فاض بها:

-" بقولك إيه أنت تسكت خالص، قعدت تقول هطلعه في أسبوع والأسبوع فات وبقوا أسبوعين وبدل ما تقولي إنه خارج، جاي تقولي هيحبسوه أربع شهور، أربع شهور! يا أخي حسبي الله ونعم الوكيل".

توسعت أعين المُحامي بصدمة، لينظر عابد إلى رشاد وهو يقول بنبرة صارمة:

-" خدها روحها ".

نظرت له شادية لتقول بنفس نبرتها وإنفعالها:

-" أنا مش غايرة في حتة غير لما أشوف إبني وأتطمن عليه".

نظر لهم عادل، ليعود بنظره إليها وهو يقول بنبرة لينة:

-" يا أم هاشم أنتِ خلاص شوفتيه لما خرجوا من النيابة، مش هينفع تشوفيه تاني، بعد كدة هيكون في أيام زيارة تقدري تشوفيه فيها إن شاء الله".

أمسكت شادية بيدي عادل وهي تقول بنبرة مُترجية من بين بكاءها:

-" خرجهولي يا عادل الله يخليك، مش إحنا جيران من زمان، مش هيهون عليك تشوف أخوك الصغير كدة صح؟ خرجهولي الله يباركلك هو مش هيستحمل المرمطة دي والله هو صغير على إللي بيجراله دة".

كان عادل يُطالع نظرات أعيُنها، ليبتسم قليلاً وهو يقول بنبرة لينة:

-" هيخرج، إن شاء الله هيخرج.. بس على ما يخرج تأقلمي مع الوضع الأربع شهور دول، أعتبريه مسافر، ومتقلقيش أنا موصي عليه وكمان محمد باشا ووالده يعني مش عايزك تقلقي من ناحيته".

إبتلعت ريقها وهي تضع يديها على رأسها قائلة بعدم تصديق ظهر على ملامح وجهها:

-" إزاي مقلقش .. مقلقش إزاي، دة إبني يا ناس، إزاي أسيبه هنا نايم في فرشة غير فرشته وبيتعامل مع ناس الله أعلم بيهم وأروح أنام أنا على فرشة نضيفة وأكل وأشرب وأتأقلم، يعني إيه".

نظروا جميعهم إلى بعضهم البعض بحُزن على حالتها تلك، ليتحدث المُحامي قائلاً بجدية أظهرت نفاد صبره:

-" شوفي يا حاجة، أنا عامل حساب لحالتك من أول ما الموضوع دة بدأ .. لكن عايزك تفهمي إن إبنك غلط، ودة عقابه وحسابه، ومش هنقدر نعترض لا على حكمة ربنا ولا على قرارات الحكومة، إللي غلط يتحاسب ودة معروف وأكيد طبعاً حضرتك معلمة عيالك كدة من صغرهم، بس معلش.. بتحصل بردوا، ف الباشا عنده حق، تتأقلمي وترضي بالأمر الواقع علشان ميحصلكيش حاجة".

كانت شادية تنظر إليه بشر وغيظ، ليتحدث مرة أخرى بعدما تذكر قائلاً بنفس نبرته ولكن يشوبها التبجح تلك المرة:

-" وأه صحيح يا حاجة، في العادي قضية زي دي متقلش عن خمس سنين سجن وغرامة حوالي ٢٠٠ ألف جنيه، لكن علشان إبن حضرتك مُرزق وكان بيتاجر في الضعيف، أخد سنة.. وعلشان أنتوا تعرفوا رأس كبيرة قصرتلكم المدة لأقل من نص مدة العقوبة كمان وخلوها أربع شهور وغرامة ١٥ ألف جنيه، يعني لازم تتأقلمي وتحمدي ربنا كمان يا حاجة .. إبنك محظوظ".

صكت شادية على أسنانها وهي تكاد أن تقوم وتفتك به، لينظر عابد إلى رشاد وهو يقول بجديته المُرعبة:

-" هو أنا قولتلك إيه؟"

نظر له رشاد قليلاً، ليتنهد بعمق وهو يقترب من شادية يمسك بيدها قائلاً بنبرة هادئة:

-" يلا يا أمي، يلا ملهاش لازمة خلاص قعدتك هنا".

نهضت شادية تلك المرة بصمت، ولكنها قبل أن تذهب، ألتفت لتنظر إلى المُحامي قائلة بنبرة أظهرت غِلها وغيظها منه:

-" لو أنت أب.. مع إني أشُك، وشوفت يعني إبنك بس أتخبط ولا حصله جرح قد كدة، هتجري عليه زي المجنون وهتبقى خايف يكون جراله حاجة، ولو أنت مش أب، بكرة ربنا يكرمك وهدعي ربنا إن ييجي يوم وأشوفك فيه ملهوف على عيالك ومش قادر ولا عارف تطولهم".

لتذهب من أمامهم من بعد ذلك، وسط صدمة كلاً من عادل وبلال اللذان كانا ينظران إلى بعضهم البعض ببلاهة، حتى حمحم رشاد ليذهب بعدما نبتت إبتسامة على ثغره، ليعود المُحامي بنظره إلى عابد وهو يقول بنبرة أظهرت غيظه:

-" شايف يا حج؟ الحق عليا يعني؟".

كان عابد يستمع إلى تلك الأحاديث بصمت يُحسد عليه، ولكنه تحدث تلك المرة وهو ينظر إلى ذلك المُحامي قائلاً بنبرة مُحذرة مُرعبة في هدوءها:

-" تاني مرة كلامك يبقى معايا أنا يا متر، أنت عارف إللي بياخد ويدي مع الحريم دة بيبقى إسمه إيه لامؤخذة في الكلمة، سيبها تتكلم ما هي أم بردوا ومقهورة على إبنها، المهم أنت متتحمقش أوي كدة.. علشان أنا سكتت المرة دي بمزاجي، لأنك زي ما أنت شايف الوضع كدة، مش مستحمل".

كان المُحامي يستمع إليه بهدوء وهو يصك على أسنانه قليلاً، ليسترسل عابد حديثه قائلاً بنبرة هادئة:

-" شوف شغلك يا متر، خلينا نخلص ونلحق نروح علشان نتأقلم".

نظر المُحامي إلى عادل الذي عاد ليجلس على مقعده وهو يلوح برأسه، ليتنهد المُحامي بعمق وهو يعود إلى عمله.


كان مالك يجلس على ذلك الفراش وهو يضم قدميه إلى جسده، يستند بكلتا ذراعيه عليها وهو ينظر للفراغ من أمامه بشرود، ملامح وجهه التي لم تظهر أي شيء سوا الهدوء واللامبالاة، وكأن ما حدث كان متوقع له، ولكن إذا نظرنا بداخله، وتقربنا من لمعة عيونه، سنُلاحظ قهره على حاله، وشبابه الذي أضاعها من وجهة نظره، وقلة حيلته على والدته التي كلما تذكر دموعها وصِراخها بإسمه تمنى لو لم يقع بذلك الخطأ أبداً، وأن لا يتبع هواه، يشعُر بالحُزن أكثر على والده الذي يعلم جيداً عواقب صمته، وعدم إتخاذه لأي ردة فعل إلى الآن، يخشى القادم، ويرهبه، ويعلم بأنه إذا خرج من ذلك المكان، ستواجهه حياة لم تكن كماضيها أبداً.

لم يلاحظ مالك سعيد الذي جاء ليجلس على الفراش الذي أمامه، ليتحدث قائلاً بنبرة هادئة ظهر بها ضيقه وحزنه على ذلك الشاب:

-" متزعلش يابني، أحمد ربنا إنها جت على قد المدة القصيرة دي، غيرك زي ما أنت شايف كدة مش عارف مصيره فيها قد إيه".

تنهد مالك ليعتدل في جلسته ينظر له وهو يقول بنبرة هادئة:

-" مش عارف هتصدقني ولا لا يا عم سعيد بس أنا مش زعلان على نفسي، بالعكس أنا أستاهل ويمكن من قبل ما أجي هنا مستني عقابي، أنا نويت إني أتوب عن إللي كنت بعمله بس كنت متأكد إن هييجي يوم وهتجازى وهتعاقب".

لينظر للفراغ من أمامه بعدما إبتلع ريقه ليقول بنبرة أظهرت ضيقه:

-" أنا إللي مضايقني أبويا وأمي، خايف نظرتهم ليا تتغير، خايف أخواتي يحكموا عليا بإني واحد رد سجون، وخايف من إللي جاي".

أومأ سعيد برأسه ليتحدث قائلاً بنبرة رزينة:

-" شوف يا مالك، أنت من دور عيالي، وربنا يعلم إن من ساعة ما رجلك خطت المكان دة وأنا بتعامل معاك بالنية دي، علشان كدة أنا هكلمك زي ما بكلم عيالي.. أنت أه غلطت، وغلطك كبير كمان، بس مهما حصل، عمر أهلك ما هيغيروا نظرتهم عنك أبداً، شوف مهما عملت هيفضلوا يعاملوك بنفس المعاملة ولو حصل وغيروها ف هما علشان عرفوا إن مكنش ينفع معاك المسايسة من الأول، لكن بردوا معاملتهم إللي جاية دي هتبقى باللين رغم القسى زي ما عودوك".

نظر له مالك وهو يستمع إلى حديثه بهدوء، ليبتسم سعيد وهو يقول بنبرة هادئة:

-" كلنا بنغلط، لإننا بشر.. بس في فرق بين إللي يغلط ويمشي في طريق غلطه، وبين إللي يغلط ويفوق قبل ما يكمل في الطريق دة لأخره، الفكرة كلها عاملة زي إللي ركب قطر غلط، في واحد نزل في أقرب محطة وعدل طريقه، وفي واحد تاني فضل مكمل في الطريق دة، ربنا سبحانه وتعالى بيقول إذا تاب غفرت، وأنت توبت، يعني إن شاء الله بإذن واحد أحد يغفر لك الذنب دة، المهم إنك توبت".

ربت سعيد على قدمه ليقول بنبرة لينة:

-" أنت شاب كويس يا مالك، أعتبرها قرصة ودن تتعلم منها وخلاص، متشغلش بالك بالباقي، خليك عارف إن كل إللي جاي خير، المهم إنك تفضل محافظ على نفسك، ومتتغيرش بفعل المكان إللي أنت فيه، خليك دايماً كدة".

إبتسم له مالك، ليومىء برأسه حتى تحدث قائلاً بنبرة أظهرت إمتنانه وشكره:

-" والله مش عارف يا عم سعيد من غيرك كنت هعمل إيه في الأسبوعين دول، أنت بتفكرني بأبويا أوي، الفرق إنك مش بتقولي يا زفت".

ضحك سعيد على كلماته بشدة، ليضحك مالك هو الآخر مُحاولاً عدم التفكير بأي شيء يُثقل قلبه، لينضم إليهم جابر الذي جلس أمام مالك على فراشه وهو يقول بجدية:

-"يا مساء العذاب ألوان، الكلام على إيه".

مسح مالك على وجهه بهدوء، ليعود بنظره إلى جابر وهو يقول بنبرة هادئة:

-" أنت عملت إيه".

تنهد جابر ليجلس براحة وهو يضع كلتا يديه على فراش مالك أثناء إعادته برأسه للخلف وهو يقول بنبرة هادئة:

-" المفروض خارج".

نظر كلاً من مالك وسعيد إلى بعضهم البعض، ليتحدث سعيد قائلاً بنبرة أظهرت سعادته به:

-" ألف مبروك يابني، خارج أمتى".

نظر له جابر ليتحدث قائلاً ببلاهة:

-" لا ما أنا قاعد شوية".

رمش مالك بأعينه عدة مرات بعدم فهم ليتساءل بجدية:

-" قاعد فين".

لوح له جابر بيده وهو يُشير على المكان قائلاً ببلاهة:

-" قاعد هنا معاكم".

رفع سعيد حاجبيه بدهشة حقيقية ليقول بجدية:

-" يابني بطل الهزار دة، وأخرج شوف دنيتك وهتعمل إيه في جوازك".

رفع جابر حاجبه بإستنكار، سُرعان ما ضيق عيناه ليقول بنبرة درامية:

-" أنت مش جدع يا عم سعيد، يعني أنت خلاص مدتك قربت تخلص وأنا أمشي ونسيب الواد المسكين دة لوحده، طب دي تبقى عيبة في حقي".

ضحك مالك لينظر له وهو يتساءل بنبرة فضولية:

-" ياعم مش وقت شهامة، أنت هتتجوز فعلاً؟".

إبتسم جابر لينظر لنقطة فارغة من أمامه وهو يقول بنبرة هائِمة:

-" رضروضة، الحتة بتاعتي".

رفع مالك حاجبيه بدهشة ليتحدث سعيد قائلاً بنبرة هادئة:

-" دة كاتب كتابه بقاله سنتين وخاطب بقاله ٣ سنين، وكل ما يحددوا معاد الفرح البيه يدخل في مشكلة".

أعتدل جابر ليقول بجدية مُزيفة:

-" جرا إيه ياعم سعيد، أنت من الموساد ولا إيه، مش عيب تفصح أسراري كدة".

لوح سعيد برأسه وهو يضحك، ليتحدث مالك قائلاً بعدم تصديق:

-" يعني خاطب بقالك خمس سنين ومش عارف تتجوز؟".

تنهد جابر بعمق ليقول بجدية:

-" الموضوع مش بالسهولة دي يا صاحبي، الجواز دة عايز فلوس ومصاريف وبلاوي سودة، مرة أتخانق مع صاحب الأجهزة الكهربائية، مرة أتخانق مع شوية عيال ضايقوا الحتة بتاعتي، آخرها خناقة المصنع وبالفلوس دي كنت ناوي أديها لبتوع الفِراشة بس أتسحبت بقى، وأنا راجل طبعي حامي ومحبش الحال المايل، أتحبس وأنا راجل أحسن ما أتاكل ويتقال عليا عيل".

إبتسم مالك وهو ينظر له بعدما شعر بالإقتناع من كلماته، ليتحدث سعيد قائلاً بنبرة هادئة:

-" طيب يابني ما أنت خلاص مدتك خلصت، أطلع بقى وأتجوز البنية إللي مستنياك دي، هي ذنبها إيه".

أومأ مالك برأسه ليقول بنبرة هادئة:

-" أطلع يا جابر وفكك مني، وسيبك من الدنيا إللي هنا دي، أنا كلها أربع شهور وخارج وعم سعيد كلها شهرين ويخرج، وساعتها إن شاء الله نتقابل كلنا".

تحدث جابر قائلاً بجدية وهو ينظر إلى كلاً منهم بأعينه المُحذرة:

-"ما كدة كدة هنتقابل، الفرح مش هيتعمل غير لما تخرجوا من هنا، وعايز حد فيكم يفكر ميجيش".

ضيق مالك جفنيه ليقول بخوف مصطنع:

-" أنت ليه شرس كدة ياعم، ما إحنا هنيجي".

حك جابر مؤخرة رأسه ليقول بنبرة واثقة:

-" ما أنا عارف، الفرح دة مش هيكمل غير بيكم".

نهض سعيد ليربت على كتف جابر وهو يقول بنبرة لينة:

-" ربنا يتمملك جوازتك ويعديلك أيامك من هنا على خير يابني، أسيبكم بقى وأروح أتوضى علشان العصر".

أومأوا برؤوسهم ليتحدث جابر قائلاً بنبرة هادئة:

-" جايين وراك ياعم سعيد يا بركة".

ذهب سعيد من أمامهم، ليتنهد جابر وهو ينظر للفراغ من أمامه بشرود، ليغمز مالك بعينه قائلاً بنبرة خبيثة:

-" إيه يا عم جابر، البال شغال ولا إيه".

أغلق جابر جفنيه وهو يبتسم، ليعود بنظره إلى مالك وكأنه تذكر قائلاً بنبرة هادئة:

-" أنت مقولتليش صح، معندكش حتة في حياتك".

لوى مالك شفتيه بتفكير، ليومىء برأسه وهو يقول بنبرة ساخرة:

-" لأ أنا حرفياً كان عندي حتة".

ضحك جابر بعدما تفهم عليه، لينفي مالك برأسه وهو يضحك قائلاً بنبرة هادئة:

-" مبحبش الحوارات دي، ومبحبش الحب".

أعتدل جابر في جلسته ليجلس أمامه وهو يقول بجدية:

-" بترفس النعمة! حد يقول للحب لأ يا أعمى".

تنهد مالك ليقول بنبرة هادئة:

-" مش حكاية قولت لأ، أنا مجربتش علشان أقول لأ.. وفي نفس الوقت مش عايز أجرب غير لما أتأكد إن هي دي إللي هكمل معاها، أصل بعيد عنك مبحبش الفرهدة".

رفع جابر حاجبيه ليتحدث قائلاً بتلقائية:

-" يا جدع سمي الله في قلبك كدة، مفيش أي حاجة من إللي أنت بتقول عليه دة، أنت هتجرب، ويا صابت يا خابت".

نفى مالك رأسه بعدم إقتناع، ليتحدث جابر قائلاً بجدية:

-" ياعم كلنا بنتزق في الطريق دة، بالقِوة أو بالدلع، خليك أنت ذكي، وأتزق فيه بالمفهومية".

عقد مالك حاجبيه، ليتساءل بنبرة ساخرة:

-" وهي دي كمان فيها مفهومية".

رفع جابر حاجبيه بثقة ليقول بنبرة لا تقل عن مظهره:

-" دي أكتر حاجة تستعمل فيها مفهوميتك، إلا لو أنت لامؤخذة مخك عامل زي حتة الخردة إللي ببيعها عندي".

لوح مالك برأسه وهو يُقلب جفنيه بملل، ليتنهد جابر براحة وهو يتأهب للقيام قائلاً بنبرة غلب عليها ثقته بحديثه:

-" ياعم براحتك، أنت كدة كدة لابس.. وبكرة تقول جابر قال".

إبتسم مالك وهو يراه ينهض من أمامه، ليُغلق جفنيه وهو يتنهد بعمق بعدما هدأت ملامح وجهه ليتشكل عليها علامات الضيق مرة أخرى.

ولجت أحلام إلى المقهى، لتبحث عنه بأعينها حتى وجدته يجلس على إحدى الطاولات، أقتربت منه لتقوم بخلع حقيبتها تجلس أمامه بلهفة وهي تقول بنبرة سريعة وكأنها تقص عليه كل ما حدث دفعة واحدة:

-" شوفت يا محمد، أربع شهور، مالك هيفضل محبوس أربع شهور، ماما في البيت حالتها صعبة أوي وخايفين عليها يحصلها حاجة، وبابا مش بيتكلم مع حد، أنا مش فاهمة هو عمل فينا كدة ليه، وليه المدة دي طولت كدة، مش كانوا قالوا هيخرج علطول".

لتنظر له بتذكر وهي تعقد حاجبيها قائلة بنفس نبرتها:

-" بس قالوا إن باباك هو إللي قصر المدة، معنى كدة إنها كانت هتبقى أطول من كدة!".

إبتلع محمد ريقه، لينظر لها وهو يقول بنبرة هادئة للغاية على غير العادة:

-" المفروض.. كانت هتبقى تسع شهور".

وضعت أحلام يدها على رأسها، لتلوح برأسها وهي على وشك البكاء قائلة بنبرة خائفة:

-" طيب وبعدين، هنعمل إيه.. المهم دلوقتي مالك".

أحاد محمد بنظره عنها ليقول بنفس نبرته:

-" إن شاء الله يخرج بالسلامة".

عقدت أحلام حاجبيها وهي تتنفس بسُرعة أثر حديثها الكثير، لتلوح برأسها وهي تتساءل بنبرة مُتعجبة:

-" في إيه يا محمد، هو في حاجة حصلت معاك في الشغل؟".

بلل محمد شفتيه وهو يُحاول السيطرة على نفسه من أمامها أثناء نظره إلى أصابعه قائلاً بنبرة محشرجة بعض الشيء:

-" أحلام.. وجودنا مع بعض مبقاش ينفع".

كانت أحلام مازالت تطالعه بنفس نظراتها ومعالم وجهها، لترمش بأعينها وهي تتساءل بعدم فهم:

-" يعني إيه مش فاهمة؟".

أغرورقت عينيه بالدموع بعدما فشل بالسيطرة عليها، ليبتلع ريقه وهو يقول بنبرة مبحوحة:

-" يعني.. بقى صعب نكمل مع بعض، مش هينفع، أنتِ تستاهلي حد أحسن مني".

ضحكت أحلام بسخرية، لتجلس على المقعد براحة وهي تنظر للمكان من حولها مُحاولة إدراك إيقاظها وبأنها تجلس بذلك المكان من أمامه، حتى عادت بنظرها إليه لتميل بجزعها العلوي إلى الأمام قليلاً وهي تقول بجدية لا تقبل مزاح:

-" محمد أنت بتتكلم بجد ولا بتهزر؟".

خانته دموعه، لتسقط أولهما ليتركها وكأن يده لا تقدر على مسحها، ليبتلع ريقه بإرتجافة ظهرت عليه وهو يقول بنبرة مُرتعشة يشوبها الحشرجة التي ألمت حنجرته:

-" أنتِ فعلاً تستاهلي حد أحسن مني، حد يقدر يستحمل إللي بيحصل، حد قادر يضحي علشانك، لكن أنا.. غصب عني مش هقدر".

صمتها، وملامح وجهها التي بهتت، نظراتها التي عبرت فقط عما يدور بداخلها، كانت هي حالتها في ذلك الوقت، لتُغلق جفنيها، حتى نهضت بتثاقل من مقعدها وهي تمسك بحقيبتها، لينهض محمد خلفها بلهفة، حتى أقترب منها، لترفع كفها أمامه وهي تقول بنبرة غاضبة مُرتفعة:

-" إبعد عني يا بني آدم أنت، إبعد عني".

لوح محمد برأسه وهو يبكي قائلاً بنبرة محشرجة:

-" والله العظيم غصب عني، والله أنا...".

لوحت بيديها أمامه بعدما ألقت بحقيبتها وهي تصرخ بوجهه قائلة بنبرة مُندفعة غاضبة:

-" أنت إيه! أنت إيه غير إنك واحد ندل، أنت إيه غير إنك واحد معندكش دم وأناني جاي بيقولي الكلمتين دول في ظروف زي دي! أنت مدرك كلامك؟ مدرك إنك جاي تقولي كدة دلوقتي؟ ملقيتش وقت أنسب من كدة تكسرني فيه قدام نفسي وقدام أهلي صح؟ هو دة إللي أنت عايزه، وهو دة إللي وصلتله".

لتقترب منه وهي تنظر إلى داخل أعينه بأعينها الدامية أثناء قولها بنبرة مُرعبة في هدوءها:

-" لأ أنا عايزاك تفوق.. أنا أكسرك زي ما كسرتني وأضعاف كمان، متفتكرش نفسك كدة قدرت تقِل مني، تبقى غلطان يا حضرة الظابط".

حاول محمد الإقتراب منها مرة أخرى لتُشير له بسبابتها وهي تبتعد قائلة بنبرة غاضبة مُرتفعة:

-" أقسم بالله لو بيني وبينك خطوة ما هخطيها، إبعد عني، ومتورنيش وشك تاني".

لتخرج من ذلك المقهى وهو مازال خلفها يُحاول إيقافها بكلماته، لتلتفت تنظر له وهي تقوم بخلع دبلته، لتقوم بإلقاءها، حتى كادت أن تقوم بخلع ذلك الخاتم الذي أهداه لها، ليستوقفها عندما أمسك بيدها وهو يبكي قائلاً بنبرة مُترجية:

-" حقك تعملي أي حاجة، والله العظيم حقك.. أنا فعلاً مستاهلش، بس لو بتحبيني يا أحلام، لو في قلبك ذرة حب ليا متخلعيهوش بالذات دة لا، الله يخليك...".

كاد أن يُقبل يدها وهو يتحدث، لتقوم أحلام بسحب يدها من بين كفيه لتنظر له وهي تقول بنبرة مُشمئزة:

-" وأنا ميشرفنيش أي حاجة منك حتى لو كانت إيه".

لتتركه تذهب بخطواتها الغاضبة من بعد ذلك، حتى إستمر هو بالذهاب خلفها، ولكنه عاد إلى سيارته ليركبها حتى سار خلفها، ليمر عليهم بعض الوقت من مراقبته لها، حتى وصلت إلى أسفل بنايتها.

نظر محمد في أثرها بتعب بعدما زبلت عيونه، ليستمع إلى رنين هاتفه مرة أخرى، أغلق جفنيه بقوة، ليقوم بمسح دموعه، حتى رفع الهاتف إلى أذنه ليبتلع ريقه وهو يقول برسمية:

-" أتفضل".

تحدث من الناحية الأخرى مُتسائلاً بجديته المعهودة:

-" عملت إيه؟".

أغلق محمد جفنيه ليُجيب برسمية قائلاً:

-" إللي قولت عليه يا حضرة العقيد ".

أومأ والده برأسه، ليتساءل مرة أخرى بنبرة مُترقبة:

-" فهمتها إن حالة أخوها هتأثر على ترقيتك؟ وإن إبن عمها بيتعالج في مصحة؟".

صك محمد على أسنانه بقوة كاد يكسرها، ليُجيب بجمود بعدما أغرورقت عيناه:

-" قولتلها يا فندم".

تعجب والده من أسلوبه، ليتحدث قائلاً بنبرة حادة:

-" جرا إيه يا محمد؟ هو مش إحنا أتكلمنا في الموضوع دة؟ الحق عليا إني خايف على شغلك؟".

صرخ محمد به بعدما نفد صبره منه قائلاً بنبرة غاضبة:

-" يغور شغلي، وتغور الترقية مش عايزها، مش عايز حاجة منهم.. يغوروا بس ترجعهالي، هتعرف ترجعهالي؟".

تنهد والده بهدوء، ليقول بجدية:

-" محمد.. أنت عارف إن إللي حصل من الأول كان بيهدد وظيفتك، غير إنك عرفت بإبن عمها من فترة، يعني الوضع كان صعب من كذا جهة، وأنت كنت خايف من البداية".

بكى محمد بعدما هطلت دموعه بغزارة وهو يقول بنبرة غاضبة محشرجة:

-" أنا كنت فعلاً خايف، خايف أخسرها.. خايف تتكلم معايا وتغصبني أسيبها زي ما أنت غاصبني على كل حاجة، أنت من بداية الموضوع دة مش حاببها، بتحاول تطلع أي غلطة تمسكها عليهم علشان تخليني أسيبها، بس أنت عارف إني بردوا مكنتش هسيبها، مكنتش هسيبها علشان خاطر شغل ودنيا أنا مش راضي عنهم، ف حبيت المرة دي تمسكني من إيدي اللي بتوجعني وتعمل المعروف دة بقلب جامد وأنت متأكد إني مش هقدر أرفض، لأ وتستنى مني أشكرك عليه، طيب بعد إيه؟ بعد ما خليتني أسيبها في ظروف زي دي؟ أنت عارف هي كانت محتاجاني إزاي في الوضع دة؟".

رفع كفه المُرتعش ليمسح دموعه التي سقط غيرها وهو يقول بنبرة أظهرت ضعفه وقلة حيلته:

-" تصدق إن أنا أكتشفت دلوقتي إن مليش شخصية بسببك، تخيل كدة ظابط معندوش شخصية؟ أصله ظابط بالغصب، برغبة من أبوه إللي ميقدرش يقوله لأ على حاجة، ف بقى ضعيف كدة بسببه، أنا مفيش حاجة أختارتها في حياتي برضايا غير أحلام، هي الحاجة الوحيدة الصح إللي في حياتي، هي الوحيدة إللي كان نفسي أكمل بقيت حياتي معاها زي ما أنا عايز، راسم حياتي معاها بالشكل إللي نفسي فيه من غير ما حد يقولي بتعمل إيه، حتى دي خليتني أخسرها، هو أنت بتعمل كدة ليه طيب..  قبل ما هي تظهر في حياتي كنت عامل إزاي وبعد ما هي ظهرت بقيت عامل إزاي، دة أنت تشهد، أحلام هي الوحيدة إللي كانت بتحفزني إني أعيش كل يوم، هي الحافز الوحيد ليا في كل حاجة، أنا حياتي من غيرها فاضية، هي عوضتني عن كل حاجة، عن عدم وجودك وعن عدم وجود حد في حياتي، أنت كنت فين من دنيتي؟ هو أنت عمرك جيت أتكلمت معايا أب لإبنه؟ أنا مهما أشتكي كانت دايماً تصبرني وتسمعني، وعلى فكرة هي كانت حاسة إنك مش بتحبها، بس هي كانت بتحبك.. وكانت مستنية نتجوز علشان تقرب منك أكتر، وتظهر لين قلبك إللي أتأكدت دلوقتي إنه مش موجود، أنا عايز أفهم هو أنا مصعبتش عليك طيب وأنت بتعمل فيا كدة! أستكترت عليا تشوفني مبسوط ومختار حاجة واحدة بس بنفسي!".

كان محمد يتحدث عنها بشغف ولهفة وكأنه يُريد الحديث أكثر، بل الحديث بأكمله إذا طال لن يوفيها حقها، ولكن تحولت نبرته من بعد ذلك إلى القهرة، التي ظهرت على حاله، ليلوح والده برأسه ليقول بنبرة هادئة:

-" أهدى يا محمد علشان أنت مش في وعيك دلوقتي، أهدى وأعرف أنت بتتكلم إزاي، أنا لو مش خايف عليك كنت قولتلك من سنة وشوية إن أخوها بيتاجر في المخدرات، سيبتك تكتشف لوحدك وللأسف فشلت، أو يمكن كنت عايز تعمل نفسك مش واخد بالك، أنا بحاول أأمن مستقبلك، بحاول أخلي حياتك أحسن علشان لما أموت أبقى متطمن عليك".

ضحك محمد بسخرية وهو مازال ينظر إلى بوابة عمارة آل نجم، ليقول بنبرة مُتعبة يشوبها السخرية:

-" موت وأنت متطمن يا سيادة العقيد، موت وأنت متطمن إنك بدل ما تأمن مستقبلي دمرته ودمرت أهم حاجة وأكتر حاجة صح في حياتي كان نفسي أوصلها في يوم".

ليقوم بإغلاق الهاتف من بعد ذلك، حتى قام بتركه ليستند بذراعيه على محرك السيارة بضعف وهو يبكي بقلة حيلة وضعف وقهر على حالته التي وصل إليها نتيجة قرارات مأخوذة رغماً عنه.


صعدت أحلام إلى الغرفة مباشرةً دون أن تلتقي مع أياً منهم، لتولج إليها وهي تأخذ أنفاسها بصعوبة، لتبتلع ريقها وهي تقوم بخلع حجابها بقوة مُحاولة إلتقاط أنفاسها، حتى جلست على فراشِها وهي مازالت تشعر بالصدمة مما حدث، تُحاول لملمة شتات نفسها، ولكنها لم تستطع، لتبكي بصوت مسموع وهي تنوح من وسط عدم إتخاذها لأنفاسها، لتُغلق جفنيها بعدما تكاثرت دموعها لتُسيطر على وجنتيها وكأنها تأخذهم مجرى لها، حتى وضعت يديها على فمها تمنع صوت شهقاتها المُرتفعة.

جاء بنبأ بُعاده وهي في أمس الحاجة لقربه، جاء ومعه خبر أستوحش قلبها، وجعله مُحطم مُهشم، بدلاً من أي يضع يده الداوية عليه ليقوم بمداواة جروحها، قد أخرج سكين ليُزيد من جروح قلبها وكأنه يستلذ برؤية قطرات الدماء التي تُعبر عن إنكسارها أكثر، تذوقت ألم الفراق، وهُجِرت من قبل الحبيب، ونالت تجربة الخُذلان، وعدم وجود لذة الأمان.

كانت تجلس وهي تضع يديها على رأسها، تنظر للفراغ من أمامها بأعيُن زابلة، لمعت بالنظرة المُذبهلة، والغير مصدقة، ذهب وأخذ معه جُزءاً من روحها، تكاد تقسم ببناء حِجارة لتُرمم ذلك الفراغ المفقود من روحها، وكأنه من المُستحيل عودة ذلك الجزء مرة أخرى، لتُغلق جفنيها أثناء سقوط أخر دمعة هبطت منها قبل أن تقوم بمسح دموع وجهها بقوة، وهي ترسم على وجهها قِناع، ليس من السهل تغييره بعد الآن.

__________________________

#يُتبع.
#الفصل_التاسع_عشر.
#ميرونزا.

Continue Reading

You'll Also Like

3.5K 167 11
كثير من البحور يَجتاحها لكنها ليست اللؤلؤة المنشودة، وحينما يجدها يعتقد أنه فاز بالجائزة، لكنه سيواجه عقبات كثيرة في سبيله للوصول إليها، ومع ذلك سيظل...
88K 2.2K 33
A little AU where Lucifer and Alastor secretly loves eachother and doesn't tell anyone about it, and also Alastor has a secret identity no one else k...
284K 8.1K 136
"𝑻𝒉𝒆𝒓𝒆'𝒔 𝒓𝒆𝒂𝒍𝒍𝒚 𝒏𝒐 𝒘𝒂𝒚 𝒐𝒇 𝒘𝒊𝒏𝒏𝒊𝒏𝒈 𝒊𝒇 𝒊𝒏 𝒕𝒉𝒆𝒊𝒓 𝒆𝒚𝒆𝒔 𝒚𝒐𝒖'𝒍𝒍 𝒂𝒍𝒘𝒂𝒚𝒔 𝒃𝒆 𝒂 𝒅𝒖𝒎𝒃 𝒃𝒍𝒐𝒏𝒅𝒆."
51.2K 131 16
My wlw thoughts Men DNI 🚫 If you don't like these stories just block don't report