قلب مُغلق للصيانة / كاملة

By FatmaSultan947

1.2M 134K 18.9K

رواية اجتماعية رومانسية💜 شعبية💜😍 More

اقتباس《١》
اتنشن💜
اقتباس 《٢》
المقدمة
هام..
الفصل الأول
تلخيص الشخصيات
الفصل الثاني
الفصل الثالث
مساء الخير يا جماعة
النشر في فترة الامتحانات💜
الفصل الرابع
اقتباس من الفصول القادمة
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع
الفصل الثامن
هام
الفصل التاسع
عيد أضحى مبارك💜
الفصل العاشر
هام❤
الفصل الحادي عشر
الفصل الثاني عشر
الفصل الثالث عشر
صباح الخير🤍
الفصل الرابع عشر
الفصل الخامس عشر
الفصل السادس عشر
مساء الخير
الفصل السابع عشر
الفصل الثامن عشر
وحشتوني جدا
الفصل التاسع عشر
الفصل العشرون
الفصل الحادي والعشرون
الفصل الثاني والعشرون
مهم
الفصل الثالث والعشرون
الفصل الرابع والعشرون
الفصل الخامس والعشرون
الفصل السادس والعشرون
الفصل السابع والعشرون
الفصل الثامن والعشرون
الفصل التاسع والعشرون
مهم جدا
الفصل الثلاثون
هام جدا
الفصل الحادي والثلاثون
مساء الخير اتنشن بليز🤍
الفصل الثاني والثلاثون
الفصل الثالث والثلاثون
مساء الخير يا حلوياتي
الفصل الرابع والثلاثون
الفصل الخامس والثلاثون
الفصل السادس والثلاثون
هام
الفصل السابع والثلاثون
تحديث مهم
الفصل الثامن والثلاثون
الفصل التاسع والثلاثون
هام
وحشتوني هام جدا
أخر تحديث...
الفصل الأربعون
الفصل الحادي والأربعون
تث تث
الفصل الثاني والأربعون
الفصل الثالث والأربعون
الفصل الرابع والأربعون
الفصل الخامس والأربعون
الفصل السادس والأربعون
الفصل السابع والأربعون
الفصل الثامن والأربعون
الفصل التاسع والأربعون
الفصل الخمسون
الفصل الحادي والخمسون
الفصل الثاني والخمسون
الفصل الثالث والخمسون
مهم جدا💜
الفصل الرابع والخمسون
الفصل الخامس والخمسون
الفصل السادس والخمسون
الفصل السابع والخمسون
الفصل الثامن والخمسون
مهم
الفصل التاسع والخمسون
الفصل الستون
الفصل الحادي والستون
الفصل الثاني والستون
الفصل الثالث والستون
مساءكم لذيذ🥹🩷
الفصل الرابع والستون
الفصل الخامس والستون
اقتباس من الفصل القادم
رواية كاملة هدية اهم من الفصل يا حلويات❤️
الفصل السادس والستون
الفصل السابع والستون
الفصل الثامن والستون
الفصل التاسع والستون
الفصل السبعون
الفصل الحادي والسبعون
الفصل الثاني والسبعون
الفصل الثالث والسبعون
الفصل الرابع والسبعون
الفصل الخامس والسبعون
الفصل السادس والسبعون
مساء الخير.
الفصل السابع والسبعون
الفصل الثامن والسبعون
الفصل التاسع والسبعون
الفصل الثمانون
الفصل الحادي والثمانون
الفصل الثالث والثمانون
الفصل الرابع والثمانون
الفصل الخامس والثمانون
الفصل السادس والثمانون
الفصل السابع والثمانون
الفصل الثامن والثمانون
الفصل التاسع والثمانون
الفصل التسعون
الفصل الحادي والتسعون
الفصل الثاني والتسعون
الفصل الثالث والتسعون
الفصل الرابع والتسعون
مساء الخير.
الفصل الخامس والتسعون -الأخير-
تنوية هام
مهم🩷..
الخاتمة -الجزء الأول-
مهم
الخاتمة -الجزء الثاني-
تحديث🩷
الخاتمة -الجزء الثالث-
الخاتمة-الجزء الرابع-
الخاتمة -الجزء الخامس-
الخاتمة -الجزء السادس والأخير-
اقتباس من الرواية الجديدة
غلاف الرواية الجديدة🥹🩷
الاقتباس (١) من الرواية الجديدة (الغير مشتركة)
هام
موعد نشر الرواية الجديدة.
رواية ديجور الهوى روايتي الجديدة🩷
هام جدا🩷🩷
هام لمتابعي قلب مغلق للصيانة
مشهد خاص / قلب مغلق للصيانة
هام لمتابعي الرواية
مشاهد خاصة لابطال الرواية

الفصل الثاني والثمانون

9.3K 1K 275
By FatmaSultan947

مساء الخير وحشتوني🩷.

مواعيد الرواية أقسم بالله اتنين وخميس بقالي شهرين بنزل في المواعيد دي بشكل ثابت وقولت كذا مرة ولسه بتسألوا🤡😂

متنسوش الفوت والكومنت وتفاعل كبير لأن الفصل ده أكبر فصل نزل في الرواية كلها حرفيا😂😂

تفاعل حلو ياريت أسيبكم مع الفصل🩷

____________________________

الفصل الثاني والثمانون
من #قلب_مغلق_للصيانة

بقلم #fatma_taha_sultan

_____________

اذكروا الله

____________

‏كل الأشياء تمدّ لي إشارة الحذر، لكن قلبي لا يُريد أن يخافك.
#مقتبسة

نحن نقع بالحب حرفياً؛ كمن يقع وهو يمشي فجأة، أو يقع من فوق حافة الرصيف دون أن ينتبه، أو يقع على الدرج رغم تعوده على الدرج، ورغم حرصنا ألا نقع…”.
#مقتبسة

الاشتباك في المعركة يعني الحرب وفي الحب يعني الاستسلام.
#أنيس منصور

________________

يجلس في السيارة أسفل بيت خالته...

قد قرر بعد عودته من المقابر " زيارة شقيقه" أن يخلد للنوم، بالفعل نفذ قراره وعاد إلى المنزل واستيقظ بعد أذان العصر بسبب مكالمة من خالته تبكي وتخبره بأنها على وشك أن تموت.

تشتكي له من ابنتها التي لم تعد إلى المنزل بعد أن أنهت محاضراتها فكانت يجب أن تكن هنا بعد الظهر، بل وبكل وقاحة أرسلت رسالة إلى والدتها تخبرها بأنها لن تعد اليوم.

تلك الرسالة جعلت ليلى على وشك أن تصاب بالجنون وأخذت تحاول أن تتصل بها لكن للأسف لا تجب على اتصالاتها فهي على وشك أن تفقد أعصابها بسبب تصرفات ابنتها وقلقها الشديد عليها، كان السبب لفعلتها تلك رفض والدتها التام لذهابها إلى الخطبة حدث هذا الشجار قبل نومها وحينما استيقظت عزمت على فعل ذلك.

فهي تتمرد عليها بشكل عنيف، وخشيت ليلى الإتصال بشقيقها الذي سيقوم بالقاء اللوم عليها لا محال وتوبيخها بأنها هي السبب  ودلالها المُفرط التي فعلته بها وأنها افسدتها ولكنها لم تفعل سوى أنها حاولت أن تقوم بتعويض غياب والدها هذا فقط كل ما أرادت فعله
ولتحمي نفسها من نوبة اللوم والسخرية الشديدة قررت الإتصال بأكثر شخص لين تقبل حقيقة ابنتها ولم يتهكم أو يستغل الوضع فقط يخبرها برأيه بكل صراحة وحيادية دون أن يلقي اللوم عليها.

بعد أن حاول تكوين صورة عما أخبرته أياه خالته علم بأن هناك كارثة بالفعل، لذلك غير ظافر ملابسه وأنطلق متوجهًا لها  وبمجرد أن أصطف بسيارته أمام بيت خالته وجد إتصال من فادي، فقد أرسل ظافر له رسالة في الصباح بعد أن قام بتوصيل يقين إلى عملها كان محتواها أنه حينما يكن متفرغًا يتصل به.

وعلى ما يبدو أن هذا هو وقت فراغه.
أجاب ظافر في هدوء:
-ألو.

-"ألو يا ظافر، عامل أيه؟!"

عقب ظافر في نبرة عادية:
-أنا الحمدلله بخير.

-"خير يا ظافر في حاجة ولا أيه؟! كنت باعت ليا رسالة بدري جدًا ومش بعادتك يعني أنتَ دايما اللي بتنتظر أنا أبعت أو أتصل بيك"

هذا كان حقيقى فكان يخشى ظافر الإتصال به كثيرًا لأن ليس بينهما ود في النهاية لدرجة تجعلهما اصدقاء مثلا، ولأنه يخشى أنه يظن بأنه يفعل ذلك ويجعله يشعر بالاحراج بسبب النقود الذي أستلفها منه:
-أصل استغربت أنك بعت ليا المبلغ بالسرعة دي.

لم يتخلص فادي من عقدة من ظافر، هو يدرك أنه أنسان جيد ورائع، مُساعد إلى أقصى درجة ورُبما متسامح ولكنه لم يستطيع أن يتخلص من جزء بداخله يحقد عليه فهو حصل على أشياء كثيرة لم يستطيع هو الحصول عليها، ولم يستطع أيضًا أن يمحو من ذاكرته مقارنة عائلته طوال الوقت به وبرشاد، تربيته التي تلقاها لمدة تزيد عن عشرين عامًا لا يستطيع محو أثارها بسهولة، لم يكن يريد أمام نفسه الإنتظار أكثر حتى يرد دينه لظافر وحينما عرضت عليه "شروق" أن تقوم بإقراضه المبلغ لم يمانع أبدًا الفكرة، فكرة الدين سيئة ولكن ليس هذا ما يزعجه، بل أن يكن الدائن هو ظافر هذا هو ما لا يطيقه ابدًا، فعل ذلك وقتها لأنه كان الوحيد الذي يستطيع مساعدته.

-"لقيت حد يسلفني المبلغ ومحبتش أنك تنتظر أكتر من كده كفايا اللي عملته معايا"

بدأت الصورة تضح إلى ظافر قليلا، فتمتم في بساطة:
- أحنا أهل يا فادي في الاول والآخر ومهما حصل، مبروك على الخطوبة.

-"كان لازم أشوف حياة جديدة ليا، وشروق قدمتلي الحياة دي، وهي انسانة كويسة جدًا"

كأنه يحاول التبرير، غمغم ظافر بهدوء:
-أنا ببارك ليك بس يا فادي مش أكتر.

شعر ظافر بصمت فادي فعاد يقول بصدق:
-صراحة أنا اندهشت أنك بالسرعة دي فكرت في الخطوبة، يعني أنتَ مكملتش أربع شهور على بعض مسافر فكنت هديت وفكرت كويس في النهاية أنتَ خرجت من فترة وحشة في حياتك والارتباط بحد تاني بسرعة كده بعد سفرك ده شيء غريب بس لو أنتَ مرتاح وده الخير ليك خلاص.

كان ينقصه كلمات ظافر الصحيحة، والمؤسف أنه يدرك أنها بالفعل صحيحة، ولكن شروق أمراة رزينة تكبره بسبعة أعوام فقط لديها طفلان أرملة رائعة للغاية وهادئة، رقيقة إلى أبعد حد منذ أن وطأ بقدمه إلى البلد وهي تقوم بمساعدة الجميع ليس هو فقط، سمع عنها الكثير هي تعمل معه في ذات الشركة ولكن منذ سنوات، هي فتاة قد ولدت هنا ولكنها من عائلة مصرية، كان ارتباطه بها سريعًا يعلم ذلك ولكن كل شيء صار دون ترتيب أو أي شيء، بدأ مل شيء بينهما بعد دعوتها إليهم في بيتها، فقد رأى بها العائلة هي وابنائها..

وهي أرادته جزءًا من هذه العائلة بعد أن توفى زوجها منذ خمسة سنوات، العجيب أنها قبلت به رغم أنه لا يمتلك شيء، لا يمتلك حتى أموال تجعله يشتري سوى دبلة عادية لها.

وقص لها فادي بكل صراحة ووضوح علاقته بعائلته سابقًا ما حدث بالتفصيل الممل حتى ما فعله مع طليقته لم يخفيه، فكانت صديقة ومستمعة جيدة، لم يخفي عنها شيء، وأخبرها بأنه تائب ونادم على أي شيء قد فعله تجاة شقيقته أو زوجته السابقة مخبرًا أياها بأنها لو بات بينها رابط رسمي ستعتبر أنها ترتبط برجل بمفرده لا مال ولا عائلة أيضًا مصرحًا برغبته وليس بها رجوع بأنه لن يعد إلى عائلته مهما حدث إلا ميتًا..

ولن يكن بينهما أي وسيلة للتواصل مهما مرت السنوات وحتى موته، وقبلت بكل ذلك، قبلت به كرجل تائب ونادم يريد عائلة، كانت أمراة عملية جدًا لا تبحث عن  أحلام الوردية، لكنها رغبت به عوضًا لابنائها وزوج مستقبلي لها، وقبلت بأن تكن سكن ووطن له حتى ولو يرى نفسه طالح إلى تلك الدرجة،  وتمت الخطبة بينهما بحضور أفراد عائلتها وزملائهما في العمل، على الرغم من معارضة أهلها في البداية بسبب ظروفه المادية، وكل شيء، لكن في النهاية رضخوا لرغبتها العجيبة، هو نفسه لا يرى أنه يستحق أمراة مثلها، الخلاف الوحيد بينهما أنها كانت تريده أن يذهب إلى أخصائي نفسي ولكنه رفض، وقررت هي أن تؤجل هذا الأمر..

-"نصيبي يعني، يمكن هي العوض ليا، وأنا العوض ليها، على العموم شكرًا لكل حاجة يا ظافر مش عايزك تشيل همي أنا كويس جدًا".

يتمنى من كل قلبه بأن يكن سالم في النهاية هو يدرك هشاشة فادي، لكنه لمح بحديثه لهجة وداع أو انقطاع تواصل ولكنه لم يهتم، رأى بأنه يجب أن يعرف ما تمر به أمه لعل قلبه يلين ويتصل بها، كونه بالفعل مدرك بأن حليمة بورطة كبيرة.

غمغم ظافر في نبرة جادة:
-في شيء لازم تعرفه من واجبي أقولك عليه يمكن يفرق معاك.

عرف فادي الشيء الذي من الممكن أن يتحدث به هو شيء يخص عائلته بكل تأكيد فقال بنبرة حازمة:
-"ظافر أرجوك لو حاجة تخصهم مش عايز أسمعها".

قال ظافر كأنه لم يسمعه:
-حتى لو قولتلك أن أمك مرات أبوك عملتلها محضر في القسم وأبوك طردها من البيت وهي قاعدة عند سحر وفي مشاكل كتيرة في البيت؟.

تحدث فادي بجحود لم يستطيع ظافر تحمله لم يصدق بأنه وصل إلى تلك الدرجة، حتى أنه لم يستغرق وقت في التفكير بل تحدث فور أن أنهى ظافر حديثه وكأنه لم يقل شيء:
-"اللي بتقوله ميهمنيش يا ظافر، أي خبر عنهم ميهمنيش ولو حد فيهم مات متتصلش حتى تقولي".

ثم أضاف:
-"مع السلامة".

ولم ينتظر إجابة ظافر عليه بل أغلق المكالمة وهنا أخذ ظافر نفس طويل لم يصدق ما سمعه..

لم يكن يعرف بأن فادي قد وصل إلى هذه الدرجة من الجفاء وطاوعه قلبه نطقها
هل يجب أن يلومه؟؟!
أم هو لم يعش مثله ولا يستطيع الحكم عليه؟!

على الجانب الأخر من الشارع كانت يقين تسير مع شقيقها نوح الذي بالرغم من عدم ذهابه إلى الجامعة لأنه ليس لديه امتحان اليوم بل هبط وذهب إلى مقر عمل يقين حتي يعود معها في حال أستمرت المواصلات مزدحمة لا تكن بمفردها.

وقفت يقين على الجانب وهي ترمق بنطالها الذي بات منتصفه تقريبًا متسخًا:
-كله بسبب يا خرابة أنتَ ما كنا مشينا في الشارع العمومي، الحواري دي بتكون مطينة أكتر من الشارع وكل التكاتك جاية مليانة.

قال نوح في نبرة عادية:
-الشارع ده له ذكريات خاصة بالنسبالي أنا أضربت بالشبشب هنا، استحميت هنا، وحاجات كتير و كنت بشوف مروة في بقاله جدها اللي على الناصية ساعات بس ده كان زمان قبل ما تدخل الجامعة.

كزت يقين على أسنانها صائحة:
-والله لولا أننا في الشارع يا نوح لكنت عضيتك عضة تعلم في إيدك العمر كله أنتَ هتجلطني في يوم من الأيام.

وما أن نظرت على الجانب الأخر في عفوية حتى وجدت سيارة هذا الرجل الذي قام بإيصالها إلى العمل في الصباح.

تقسم بأنها إذا ذهبت المريخ ستجد هذا الرجل المدعو ظافر أمامها، فما الذي يفعله بتلك الحارة؟!!.

كل ما كان بوسعه أنها أمسكت يد شقيقها وجذبته ليسرعوا قليلا بعد أن كانت تسير ببطئ خوفًا من التزحلق، مما جعل نوح يعقب وهو يسير معها:
-في أيه بتمشي بسرعة كده ليه؟!.

-عايزة أروح جسمي تلج وعايزة أخد دش مش قادرة حاسة أن الطينة هلاقيها في بقي كمان شوية.

غمغم نوح وهو يشير إلى السيارة بعد أن ابتعدوا بمسافة جيدة جعلتها تتوقف، فكان يتحدث في عفوية فهو لم يرى من يركب السيارة:
-شايفة العربية اللي هناك دي؟! البيت اللي واقفه تحته ده البيت اللي ساكنة فيه شاهندة.

لم يأتي في عقل يقين بأنه لديه صلة قرابة معها رُبما صدفة وجوده هنا ويأتي لزيارة أحد يعرفه:
-أنا هيجيلي الضغط منك يا نوح ومن شاهندة بتاعتك، والله أخرتك معايا هقول لأبوك يتصرف معاك، أصلا الواحد مش عارف يتصرف معاك يعمل أيه أعقل يا ابني أنتَ مبقتش صغير هنقولك كل شوية عيب ومينفعش.

أنهت حديثها واستكملت سيرها.
بينما ظافر أصطف بسيارته ومازال حديث فادي القاسي يؤثر لا يعلم حتى ما يهمه في حديث فادي ابن حليمة وعبد الكريم ليشعر بهذا الضيق فليحترقوا جميعًا ما شأنه بجحوده وعقوقه لعائلته؟!

صعد إلى شقة خالته وفتحت له الباب وهي في حالة متألمة وحزينة جدًا تورمت عيناها بسبب البكاء قائلة:
-شوفت يا ابني بعد العمر ده كله وأنا عايشة عشانها هي وبس وفي الاخر تسيب ليا البيت ومتردش عليا.

تمتم ظافر في هدوء:
-اهدي طيب، الموضوع مش مستاهل مش بتقولي فاتحة الموبايل يبقي هي مش هتختفي ولا حاجة هي بتلوي دراعك بس علشان تبعتي ليها تقوليلها أنك موافقة، ابعتي ليها رسالة وعرفيها أنك موافقة وصدقيني هتيجي.

صاحت ليلي في انفعال:
-والله لاجيبها من شعرها ما هخلي فيها حته سليمة ترجع بس ومش هخليها تشوف الشارع أنا دلعتها زيادة عن اللزوم.

غمغم ظافر في نبرة عقلانية:
- صدقيني كل ده مش هينفع مبقناش في عصر البنات هتتحبس في البيت، أنتِ هتوافقي أنها تروح الخطوبة وأنا هروح معاها هتعرف على الشاب ده ونعرف مايته أيه هو وعيلته وهنتصرف معاه ومع بنتك وأنا شايف أنها محتاجة تأهيل نفسي كبير.

ثم أمسك هاتفه وقال:
-اديني رقمها أنا هتصل بيها.

أمسكت ليلي هاتفها وأتت برقم ابنتها ولا تدري لما تشعر بتلك الثقة الكبيرة  فيه، قام ظافر بالاتصال بشاهندة التي أجابت على الفور، لحسن الحظ طلبت في بيت صديقتها طعام ومن المفترض بأن يتصل بها رقم غريب وهذا الشيء الذي جعلها تجيب بسهولة:
-الو ******؟!.

-لا أنا ظافر ابن خالتك، أنا عندكم في البيت وعرفت اللي عملتيه وأنا قولت لوالدتك أن الموضوع مش مستاهل وهي اقتنعت و هتسيبك تروحي الفرح أرجعي.

-ده كلام بتقوله علشان أرجع ومش هتغير رأيها كالعادة أنا مش بعمل حاجة غلط أخاف منها ومش هرجع.

أردف ظافر في هدوء وهو يضع يده على فم خالته التي على وشك أن تخرج منها أفظع الشتائم والإهانات بسبب ما جعلتها تعيشه منذ أن أرسلت رسالتها وحتي أنها أتصلت بأغلب أصدقائها التي تعرفهم وأكدوا أنهم لا يعرفوا لها مكان:
-وده اللي أنا قولته ليها أنك مش بتعملي حاجة غلط، وهروح معاكي أنا الفرح، والله هتسيبك تروحي الفرح عادي ومش هتمنعك بس أرجعي وكوني قد موقفك مش معنى أنكم اختلفتم في نقطه أنك تسيبي البيت في جو زي ده وتخليها تقلق عليكي.

ثم سألها في نبرة عادية ولكنها كانت ماكرة بعض الشيء ظن بأنها تجلس مع هذا الشاب أو رُبما هو من يشجعها على تمردها فكل شيء جائز لذلك سيذهب معها إلى ذلك الحفل لمعرفة هذا الشاب:
-انتِ فين؟! أجي اخدك الطرق وحشة.

غمغمت شاهندة في ثبات:
-هتغدى مع صاحبتي وهاجي وأنا على فكرة جنب الجامعة بالظبط بس صاحبتي دي ماما متعرفهاش علشان كده اخترت إني أروح ليها علشان متعرفش توصلي ولولا أني طالبة أكل مكنتش هرد على أي رقم غريب افتكرتك الدليفري.

حاول ظافر الحديث في ثبات:
- خلصي وتعالي مش لسه هتتغدي بقولك أمك قلقانة عليكي، أسمعي الكلام وأعقلي.

-حاضر.
قالتها بخنوع شديد مما جعلها تغضب من ذاتها وغمغمت:
-بعدين أنتَ بتدخل ليه؟!.

قال ظافر في لهجة أمره على الرغم من أنه أغضبها إلا أنها شعرت بقوة خفية في حديثه ولهجة صارمة:
-أنا مدخلتش في حاجة وبعدين من الاحترام لما واحد أكبر منك في السن يتكلم معاكي تتكلمي بالأسلوب ده، يلا تعالي نتكلم ولا تستني غداء ولا غيره بقولك أمك تعبانة وضغطها عالي.

تمتمت شاهندة في نفاذ صبر:
-خلاص جاية دلوقتي.

_______________

في مساء اليوم التالي.

جاء عثمان لزيارة ظافر كالعادة..

اليوم كان مميز له فقد أنتهى من امتحانه الأخير لهذا الفصل الدراسي، فقرر أن يأتي ويرى ظافر، بعدها يذهب فلم يكن يريد التطفل والصعود في هذا الوقت إلى نهال لأنه يعلم بأن يقين قد أتت منذ قليل فأكتفي بالإتصال بها ليطمئن عليها.

كونه لا يجد الحرية في الجلوس مع نهال في وجود أحدهم وحتى لا يقوم بتقيد حريتها في النهاية يقين تقدم معروفًا كبيرًا بمكوثها مع نهال.

ولا يجب أن يجعلها جالسة متضررة أو طرف ثالث يجلس في الغرفة مُقيد حريته، فهو لا يفعل ذلك ويصعد ليراها فوجود أحدهم إلا إذا كان هناك شيئًا هام ووقتها لا يطيل حتى في جلسته.

بمجرد أن دخل مكتب ظافر الداخلي الذي يكن بسيطًا تماما عن مكتبه المتواجد بالخارج الذي يكن وجهه المعرض تقريبًا، وجد مشهد غريب عليه مكتبه ممتلئ بالألعاب ودمية شكلها رائع وطفولي بحت، ووجد زجاجة ماء بلاستيكية حمراء اللون كانت ملفته بلونها وسط الألعاب الكثيرة...

غمغم عثمان في نبرة مرحة حينما وجد ظافر ممسك بأكثر من حقيبة خاصة بالهدايا ويضع فيها بعض الألعاب:
-جرا أيه أنتَ غيرت نشاطك في تأجير العربيات وقولت هتبيع لعب ولا ايه؟! هتقلبها محل اتنين ونص، أخر العنقود؟!.

ضحك ظافر ثم رفع رأسه ناحيته فكان منهمك فيما يفعله وهو يفصل الأشياء التي تخص أبن اسماء وعز الدين عن التي تخص ندى:
-أه قولت ألقط رزقي في حاجة تانية.

جلس عثمان وتابع ظافر حديثه موضحًا:
-عيد ميلاد أبن أسماء قرب وهما أتصلوا بيا عزموني فقولت أنزل اجيب له هدية، وطبعا قالولي أجيب ندى معايا فقولت أجيب ليها عروسة وكذا حاجة علشان متقلبش وشها عليا لما تعرف إني جبت حاجات لحد غيرها لما نروح.

هز عثمان رأسه في تفهم ثم سأله في استغراب:
-كل سنة وهو طيب يا عم، بس أيه الازازة الحمراء دي أكيد مش لندى ولا ابن مدام اسماء اللي اعرفه أنه مكملش تلات سنين تقريبا؟!.

ثم أضاف على حديثه في لهجة مرحة وعفوية:
-اللي أعرفه حسب التطور أن الازايز بتاعت العيال شكلها مختلف وبقوا كل حاجة يعملوا فيها قصة وحوار، اما الازازة دي حاسس أنها بتاعت حد كبير كنت شايفها مع حد جه المحل عندنا، لأني مش متابع.

هل هيئتها ملفتة إلى هذا الحد؟!
أنها ليست سوى زجاجة مياة بلاستيكية من النوع المتين وغالي الثمن الذي يحتفظ ببروده المياة، وتشبه خاصتها التي شرب منها.

هو مازال لا يصدق فعلته، لما يشرب من زجاجتها تحت ممانعتها هو كان يريد المياة في كل الأحوال من أجل أن يضعها في السيارة ولكن حينما لاحظ عجرفتها أراد أن يزعجها، وأثناء وجوده في السوق التجاري "المول" اشترى واحده تشبها ولم يجد اللون ذاته وجد الحمراء وأشتراها دون سبب حقيقي.

ولكن بعد ذلك قرر بأن يعطيها أياها عوضًا عما أفسدها حسب ظنها، فهي أزعجته هل هو أحد الحيوانات المصابة بالجرب حتى تتصرف بتلك الحماقة وتخبره بهذا!

كان يحب عليها حتى لو تنزعج من الأمر ألا تعبر عنه بتلك الطريقة.

يعترف بأنه حقها ولكنها ازعجته بتعبيرها فأراد أن يرد أعتباره، صرخ في نفسه الأمر كله سخافة، كله سخافة بالفعل!!!

أنه يهتم بتفاهات أمراة مزعجة مثلها لشيء غريب، وأنه يتصرف بتلك العفوية معها لشيء مقلق حقًا، لاحظ فعلته وهي شراء تلك الزجاجة عندما عقب عثمان وكأنه الأن فكر بمنطقية، لكن غالبًا  هذا التفكير المنطقي له وقته وسينتهي.

هتف ظافر في خفوت مجيبًا على سؤال عثمان في نبرة عادية:
-لفتت نظري فجبتها مش أكتر، تقريبا من كتر مرواحي كارفور أو هايبر لوحدي بقا فيا عادات كانت بتزعجني أنا شخصيا في الستات اني اشتري اي حاجة يعجبني شكلها حتى لو مش عايزها.

كان تبرير أحمق لم يصدقه عثمان هو يعرف جيدًا بأن ظافر ليس هذا الشخص الذي يقوم بفعل تلك الأشياء، ولكن كل شيء جائز فهو لن يتدخل على أي حال في أمر زجاجة!!.

حاول ظافر أن يغير مجرى الحديث في الأمر الذي يزعجه، وحتى لا يقوم بفضح ذاته:
-صحيح عملت أيه مع اللي اسمه مازن ده؟!

ثم قال في فضول:
-يعني كتمت على الموضوع أنا حتى مفهمتش هو ازاي وافق يعني يعرفك تحركات رامي ووافق انه يبيعه كمان حتى لو هو صاحبه وحتى لو هما ****** ده مش مبرر أن حد يعمل حاجة في حد غير لما يكون له مصلحة.

تحدث عثمان في نبرة ساخرة وهو يشيد بالفضل إلى مُعلمه:
-البركة فيك من كتر قعدتي معاك، اديني بحاول اتعلم فضلت أراقبه شهور أحاول أوصل لكل حاجة بيعملها وكل مكان بيروحه واخليه يتراقب ليل ونهار لغايت ما عرفت عنه أنه ماشي مع واحده جوزها جزار وساكنة معاه في العمارة، وطبعا غير بلاوي كتير  متجيش على بالك أصلا.

أبتلع ريقه وعاد يتحدث مرة أخرى:
-وغير أنه اصلا طلع متجوز واحده عندهم في البلد ومخلف وبيجي هنا وقايل للناس أنه مدرس وهو صايع بيجي يتسرمح واترفض من المدرسة بسبب قلة ادبه مع البنات كان مدرس في مدرسة ثانوي وكل اسبوعين يسافر البلد يومين ويجي.

كان ظافر يسمعه بأنصات فأسترسل عثمان في خفوت:
-وبعدين طلع ابوه راجل مش قليل في البلد وميعرفش حاجة عن عمايل ابنه وفاكرينه لسه شغال بس في مدرسة خاصة واهل مراته لو عرفوا اللي بيعملوا هنا مش هيسكتوا بالنسباله يبيع صاحبه أحسن ما يبيع نفسه، وبعدين نهاية رامي قربت أوي زي ما أنتَ نصحتني رامي مكانه السجن وبس، وقبل فرحي على نهال هيكون مسجون.

أبتسم ظافر قليلا فاستطاع التأثير على عقل عثمان وجعله يفكر بزاوية أخرى بدلًا من الهمجية التي كان يفكر بها التي لم تكن سوى ستضره هو وحده وستمنعه من عيش حياته مع الانسانة التي تمناها منذ سنوات وفقد الأمل في الحصول عليها ليس بعد كل ذلك يضحي بنفسه.

وقبل أن يعقب ظافر على حديثه، قال عثمان في عجلة من أمره وهو ينظر إلى الساعة في هاتفه:
-أنا لازم أقوم امشي وألحق المحلات قبل ما تقفل.

أردف ظافر في استنكار:
-ليه رايح تشتري أيه في اخر الليل كده؟.

غمغم عثمان في ضيقٍ:
-أبدًا يا سيدي أنا اقنعت نهال أنها تلبس فستان في خطوبة صادق ودنيا وأنها تلون لبسها كله، فجت على دماغي وأصرت أن أنا كمان ألبس بدلة علشان عايزة تتصور معايا صور حلوة لأن طبعا ولا في صور لخطوبة ولا صور لكتب كتاب ودي أول مناسبة نحضرها سوا، وأنتَ عارف مفيش حاجة بتخنقني أكتر من البدل.

عقب ظافر تعقيبه الساخر وهو ينهض هو الأخر:
-معلش الحب بهدلة يا عثمان يا ابني أنا هقوم أخد الهدايا دي وأطلع علشان نفسي أنام بدري زي البني أدمين يمكن النهاردة يحالفني الحظ وأنام.

ودعه عثمان ثم رحل حتى يلحق بأحد المحلات القريبة من هنا، وبدأ ظافر يلملم أشيائه.

___________

أمام البناية..

خرجت يقين لتوها من باب العمارة وهي مرتديه إسدالها الفضفاض رأها عم أحمد فنهض من مقعده الخشبي ووقف أمامها سائلا أياها في هدوء وفضول كعادته:
-رايحة فين يا ست يقين؟.

غمغمت يقين وهي تنظر له في سخرية فهو يحقق معها أكثر ما يحقق معها والدها:
-في أيه يا عم أحمد هو أنا المفروض اكتبلك تقرير بتحركاتي وتطلعني الدور التالت عند مدام عفاف أمضي عليه علشان تسيبني اخرج؟!.

تحدث عم أحمد في هدوء:
-ابدًا يا ست يقين أنا مش قصدي، قصدي بس أن الوقت اتأخر الساعة داخلة على ١٢ ولو عايزة حاجة اجيبهالك.

تنهد ثم قال في تردد:
-أحسن تكوني حضرتك لسه زعلانة مني؟! والله ساعتها مكنش قصدي وبعدين ده خلاف وراح لحالة وأنا أخدمك يعني لو محتاجة حاجة.

هو بالفعل رجل معتوه لا تراه إلا ويسألها عن تحركاتها هل هي فقط التي تُسأل في تلك البناية أم أنه يحقق ويثرثر مع الجميع؟!

هي أرادت شراء البسكويت السادة والحليب لشرب "الشاي باللبن" مع البسكويت صباحًا قبل ذهابها إلى العمل:
-حصل خير يا عم أحمد انا نزلت عادي هجيب حاجة من السوبر ماركت اللي هناك ده وطالعة لو مش هيضايق حضرتك؟.

غمغم أحمد في هدوء وابتسامة هادئة:
-أقعدي هنا على الكرسي وأنا هروح اجيبلك اللي أنتِ عاوزاه ومش هأخد فلوس خالص علشان اثبت ليكي حسن نيتي وأن ده كان سوء تفاهم.

-لا شكرا مش عايزة اتعبك.

قال أحمد في إصرار يقتلها ويجعلها تسأم:
-لا والله لا أنا هروح وحضرتك هتقعدي هنا تستني لما أجي قوليلي عايزة أيه أنا حلفت متكسفنيش بقا.

لم تتعامل مع حارس بناية من قبل.
هل جميعهم هكذا؟!
أجبرت أن تنتهي من ثرثرته وأن تخبره بطلبها ليذهب بعد أن أخذ النقود التي هي ثمن ما تريد شراءه لا أكثر ولا أقل تحت رفضه أخذ أي شيء له ووقفت هي بانتظاره.

وفي هذا الوقت كان ظافر يقترب من البناية ليجدها جالسة على المقعد بعد أن كانت تقف، ليسأل ذاته هل قاموا بتعيينها حارسة للعمارة ولم يخبره أحد؟!.

-مش لايقة عليكي القعدة هنا.
كان تعقيبه غير مفهوم ولكنها كانت شاردة تنظر إلى الجانب الأخر ثم انتفضت حينما سمعت صوته، لتنهض من المقعد وتهب واقفه.

ما جعلها تذعر بهذا الشكل بأنها كانت تريد أن يأتي هذا الرجل ويسرع ظنت أنها في خطر فهي من الممكن تراه أمامها وهذا أخر شيء تريده فمازالت لا تعلم كيف ذهبت معه؟!!
كيف فعلت ذلك وجعلته يقوم بتوصيلها؟!.
أين كان عقلها أثناء قبولها؟!

منذ ليلة أمس وهي لا تصدق موافقتها الحمقاء، فماذا سيظن بها؟! أما فتاة مستغلة، أو فتاة غير جيدة  في النهاية هي لا تعرفه بالقدر الكافي لتركب معه السيارة والافظع بأنها كانت تتشاجر معه في السابق، تذكرت تعقيبه الساخر بأنها تركب مع رجال غرباء بالفعل حينما تستقل سيارة أجرة او سيارة بواسطة هذا التطبيق، تحققت مخاوفا بالنهاية وها هو  يقف أمامها.

لم يفهم ظافر سر تلك الانتفاضة ولكن هيئتها كانت عجيبة نوعًا ما تلك المرة وجديدة مرتديه نظارتها الطبيبة فكانت تقوم بالعمل على الحاسوب وفقط أرتدت أسدالها وهبطت، فكانت مختلفة.

-قاعدة كده ليه؟.

هل يجب لها أن تأخذ الأذن منه هو الأخر، مما جعلها تعقب في نبرة متهكمة ومرحة فلم تكن فظة بل أن حديثها كان لين:
-في اتنين لازم اخد أذنهم لما اجي العمارة هنا أو أعمل أي حاجة، أولها عم أحمد والتاني حضرتك.

عقب ظافر في تهكم:
-مجرد سؤال عابر مش محتاج تعملي عليه قصة.

أردفت يقين وهي تشير إلى ذاتها في منطقية:
-واحده لابسة الاسدال ونازله بالشكل ده أكيد نازله تشتري حاجة وطالعة تاني بسرعة.

قال في نبرة مشابهة لنبرتها:
-معلش أصل انا مشوفتش الواحدة دي وهي بتشتري حاجة أنا شوفتها قاعده مكان البواب ومسهمه.

أستطردت يقين في تفسير يغضبها
لما تفسر له؟!
-عم احمد أصر علشان يصالحني يروح يجيب هو الحاجة علشان خلافاتنا القديمة تتحل.

لا يدري لما شيء بداخله شعر بالضيق من حديثها رغم أنه كان عاديًا جدًا، ولكنه قال في تسلية شديدة:
-كويس أن مطلعتش أنا لوحدي اللي بتعملي معاه خلافات من غير داعي.

مهلا لما يتحدث معها بتلك الحرية؟!
هل يجب عليها ردعه؟!
أم هل يفعل ذلك لأنها وافقت على أن يقوم بتوصيلها؟!.
هل ظن بأن الثمن سيكون التحدث معها كيفما يشاء؟!

لم تعقب على حديثه لأنها ظنت أنها لو حاولت التعقيب ستقوم بأفساد الأمر رُبما لتقول أشياء غير جيدة على الإطلاق لا تهتم لأمره بقدر ما تهتم بأنها دائمًا تكن مخطئة أمامه بسبب انفعالاتها..

فهي كلما تحدثت أمامه تقوم بتخريب وتعقيد الأمر أكثر، رغم أنها أكثر الفتيات بشهادة الجميع تتحدث الأوقات الصحيحة ولا تقول إلا ما يجب قوله ولكن كل ذلك تغير.

قبل أن تقول أي شيء وجدته يخرج زجاجة بلاستيكية من الحقيبة التي يحمرها، كاتا حمراء اللون تشبه خاصتها تمامًا هل تذكرها أم أتت معه صدفة؟!.

أخرجها وهي في كيسها البلاستيكي المغلفة به في عناية شديدة ومد يده بها قائلا:
-أتفضلي.

قطبت حاجبيها وسألته باستفهام:
-أيه ده؟!.

أردف ظافر متصنعًا اللامبالاة:
-ليكي بدل اللي مش هتشربي منها تاني وقلبك أتحسر عليها، أنا مكنتش أشرب أنا كنت هحط مياة في العربية مش أكتر، بس شربت علشان اضايقك.

هل هي صراحة أم وقاحة؟!!!!.
وقاحة بالفعل وقاحة...

كانت هكذا تحدث ذاتها مما جعلها تتحدث في ثبات زائف:
-بغض النظر عن اللي قولته، متتعبش نفسك أنا مش هأخد منك حاجة.

-ليه؟!.
كان سؤاله عفوي جدًا وهو يرفع حاجبيه في دهشة.

عقبت يقين في نبرة عقلانية:
-كده، وصلتني لأني مجبرة وأنا شكرتك بس مش معناه إني هقبل منك حاجة، والموضوع مكنش محتاج منك كل ده والتفكير بالطريقة دي، الموضوع بسيط جدًا مكنش محتاج تكلف نفسك أصلا وتفكر فيه.

يا إلهي!!
هي محقة لما فكر بهذا الشكل الساذج؟!
هو المخطئ بالفعل ولن يلومها مهما قالت.
لما يتصرف دون أن يحكم عقله.
هل بات رجل أحمق وغبي في النهاية من أجل أمراة تغضبه؟!.

قالت يقين في عفوية واستنكار وهي تنظر إلى الزجاجة ثم شعرت بالأحراج حينما وجدت عم أحمد كان يقف بالقرب منهما ولكن يترك لهما مساحة للحديث وهو ممسك بكيس بلاستيكي يتواجد به طلبها:
-وبعدين أنا بتاعتي موف مش حمراء.

ثم أقتربت من عم أحمد تحت أنظاره وأخذت منه طلبها وشكرته ثم صعدت تاركة أياه خالي الوفاض ينظر في اللاشيء.

وسؤال وحيد أتى في عقله.
هل هو يتعين عليه شراء أخري بنفسجية اللون لتنال قبولها، لم يفهمها!!!

قال عم أحمد وهو يقترب منه وينظر إلى الزجاجة:
-حلوة أوي الازازة دي يا ظافر بيه ده البت تيسير بنتي كان نفسها في واحده زيها تروح بيها المدرسة الترم الجاي.

أبتسم ظافر رغمًا عنه هذا الرجل كارثة بسبب البجاحة التي يمتلكها في بعض الأحيان ولكنه يضحكه بالفعل وجعله يخرج من إحراجه الشديد، فمد يده للرجل بالزجاجة ليأخذها منه متمتمًا:
-والله حلال على تيسير.

ثم خاطب ذاته:
"يبدو أن لدينا مهمة أخرى يا ظافر وهو شراء زجاجة بنفسجية اللون لأكثر أمراة مستفزة في العالم".

______________

ابتسامة تصاحبها منذ أن اختفت من أمامه ودخلت المصعد، حتى وصلت إلى باب الشقة لتتخشب ملامحها تمامًا وكأنها تدرك بأن ما يحدث لشيء عجيب ومخيف جدًا لا يستحق السعادة مثلما تشعر هي تبا لها..

حاولت التوقف عن تلك السعادة اللحظية التي لا يجب أن تشعرها من أجل رجل قام بشراء زجاجة مياة لها، ويظهر إهتمام غريب من نوعه بتفصيلة كهذه....
وليس أي رجل، هو الرجل الذي يجب ألا تشعر بالسعادة أبدًا مهما فعل معها!!!!!
هو ابن عم فادي!!

الغضب تملكها على الفور، دست المفتاح في الباب وقامت بفتحه وأغلقته بعنف جعل نهال المنهمكة في المحادثة بينها وبين عثمان وهو يقوم بإرسال البدلة التي أعجبته لها والتي أظهرت وسامته وكانت رائعة عليه بحق وأعجبها أختياره جدًا وأثنت عليه وبعد أن كانت شاردة في محادثته، انتفضت بسبب صفع يقين للباب.

فنظرت لوجه يقين الغير مبشر إطلاقًا، مما جعل نهال تسألها في استغراب وهي تراها تفك حجاب إسدالها في عنف شديد:
-مالك يا يقين؟! أيه اتخانقتي مع البواب ولا شوفتي ظافر واتخانقني معاه؟!.

لم تكن تلك الاحتمالات عبقرية!!
فمنذ أن أتت نهال إلى هنا وبدأت يقين في الإقامة معها إلا أنها لا تفعل شيء سوى تشتكي من الحارس أو من رؤيتها إلى ظافر.

غمغمت يقين في انفعال:
-هو أنا ماشية أقول شكل للبيع يعني؟.

-لا يا حبيبتي، بس مالك حصل حاجة يعني ضايقتك؟!.

خلعت الإسدال بأكمله وبقيت بملابسها المنزلية الشتوية وهي تقول في ضيقٍ ولم تذكر موقف الحارس من الأساس وكأنه لا يهمها سوى ما حدث:
-الباشا شوفته تحت جايبلي إزازة بدل اللي شرب منها وقال يعني أنا هاخدها منه لا وبكل بجاحة يقولي أنه كان بيشرب منها علشان يضايقني.

لم تصدق نهال ما تسمعه للتو مما جعلها تعقب في حماقة:
-أنتِ بتتكلمي عن مين؟!!.

كالعادة نتعته بأحد الألقاب التي تزعجه:
-هو في غيره، صاحب جوزك.

ضحكت نهال رغمًا عنها الأمر مضحك بالفعل وتافة جدًا ليغضب يقين أو يهتم به ظافر
أي جنون هذا؟!

صاحت يقين في جنون:
-نهال متضحكيش متعصبنيش، أيه اللي مضحكك أوي كده؟!.

-اللي مضحكني أنه أهتم بالموضوع ده، واللي يضحك أكتر أنك زعلانة، يعني كبرتي الموضوع كنتي اخدتيها منه وخلاص، بس حقيقي مفاجأة غريبة جدًا لو قعدت من هنا للسنة الجاية مش هتيجي في بالي.

سألتها يقين في استنكار شديد:
-نهال أنتِ بقيتي مستفزة ولا أنا متهايقلي؟!.

حاولت نهال أن تتوقف عن الضحك حد تكف يقين عن غضبها حتى لا يتفاقم:
-متهايقلك.

-طيب فهميني بس أيه اللي مضايقك مش خلاص أنتِ مأخدتيش منه حاجة، زعلانة ليه دلوقتي وأيه اللي معصبك.؟!

أردفت يقين مؤنبة ذاتها ولكن يجب الإعتراف تحسبًا من أن يخبر أحد ذلك الرجل أنه قام بإيصالها إلى مقر عملها:
-اللي معصبني أن أنا اللي غلطانة وخليته ياخد عليا، وأنا غلطانة لما سيبته يوصلني لغايت الشركة و...

قاطعتها نهال في عدم فهم:
-ثانية كده، ظافر وصلك لغايت الشغل امته ده؟.

غمغمت يقين في تردد:
-كله بسبب جوزك لما خلاني أقابله امبارح واديله المفتاح والدنيا كانت ممطره والشوارع بايظة وقالي هيوصلني لغايت الموقف ولما روحت لقيته زحمة موت وكنت اتأخرت عرض عليا إني يوصلني وأصر فقولتله ماشي.

تحدثت نهال في ذهول:
-وافقتي؟؟.

تفرك يديها في توتر شديد:
-كان المفروض موافقش أنا عارفة..

قاطعتها نهال محاولة تخفيف الحرج عنها قائلة في تلقائية:
-عادي يا يقين متكبريش الموضوع عادي هو حب يساعدك ووصلك خلاص مش قصة هتقعدي تضايقي نفسك وتأنبي نفسك، أنا بابا لما كان بيلاقي أي حد في الجو ده حتى لو ميعرفعوش بيوصله حتى ساعات كنت بتعصب واقوله افرض حرامي أو أي مصيبة كان ميردش عليا .

ما قالته نهال لم يخفف عنها بقدر ما أحزنها، هذا يعني أنه يفعل ذلك مع الجميع، ليس أمر شخصي.
أغضبها أكثر بأنها أنزعجت بسبب ذلك
ما هذا الغباء التي تمر به؟!.

أضافت نهال محاولة تغيير مجرى الحديث:
-بعدين أنا مضايقة جدا انا تخنت يا يقين لما فضلت قاعدة شهر بسبب رجلي مبتحركش.

قالت يقين في شرود على الرغم من أنها لم تسمع شيء من حديث نهال:
-اه.

-ياستي أيه الجحود ده أكدبي عليا حتى.

غمغمت يقين في أنتباه:
-أكدب عليكي في أيه مش فاهمة هو أنتِ قولتي أيه أصلا؟!.

تأكدت نهال بأن صديقتها الأمر يشغلها كثيرًا لدرجة أنها لم تسمع كلماتها، لا تصدق بأن هذا الرجل يحتل عقل صديقتها بهذا الشكل.

كانت تظن في البداية أنها تبالغ في وصفها بأنه لا يذهب من عقلها، لكن يظهر على ملامحها وتشتتها أنها تعيش في معركة لا يشعر أحد بها ولا هي نفسها تفهمها ولا قادرة حنى على التعامل معها.

فحاولت نهال الاستمرار في الحديث في أمر فستانها لعلها تخرجها من حالتها تلك فهي تعرف وجه يقين على ما يبدو لا تريد الحديث في أمر ظافر أكثر.

______________

مرت الأيام حتى أتى اليوم الذي يسبق خطبة صادق ودنيا...

أنهت دنيا داومها اليوم متأخرة فأقترب الوقت من منتصف الليل..

خرجت من المبنى الخاص بالمستشفى الحكومية على علم بأنها ستجد ابن عمها الصغير الذي يكن في الصف الأول الثانوي بانتظارها فيرسله والدها ليرافقها حينما تتأخر فهو بمنزلة شقيق لها، أحيانا أخرى يأتي والدها لها بنفسه.

ولكن تسمرت مكانها وهي تجد شخص غير متوقع تمامًا "صادق" كان يجلس على إحدى المقاعد الخشبية المتواجدة مرتديًا سترته الجلدية وقبعته الصوفية فكانت الأجواء باردة جدًا تلك الأيام.

نهض حينما رأها ليقترب منها قائلا في ابتسامة هادئة:
-مساء الخير يا دنيا.

تحدثت دنيا في ذهول:
-مساء النور يا صادق.

ثم سألته في فضول:
-أنتَ بتعمل أيه هنا؟!.

أردف صادق مجيبًا أياها في هدوء:
-جيت علشان أوصلك البيت، أستاذنت باباكي ميبعتش ابن عمك وأوصلك أنا.

أبتسمت له دنيا ثم قالت في بساطة وأنهت حديثها بعتاب:
-معرفتش أخد غير بكرا أجازة وبعده هاجي شيفت بليل لغايت الصبح، بس أنتَ لسه قافل من ساعة معايا وقولتلي أنك هتنام علشان بكرا هيكون يوم طويل وفضلت تقولي هتنام براحتك لكن أنا المسكينة اللي هروح متأخر ومش هلحق أنام وهصحى بدري!!.

تحدث صادق في نبرة رجولية مرحة بطريقة مسرحية وكأنه عاد صادق التي كانت تعرفه فكيف لا يبتهج وقد أمتلك دنياه مرة أخرى بعد سنوات:
-أنا فعلا كنت هنام وبعد ما دخلت السرير وقفلت الاوضة وفرفشت البطاطين حسيت بتأنيب الضمير، فقولت أنزل أجيلك وخلاص أهو علشان متبقيش لوحدك اللي متأخرة ميبقاش حد أحسن من حد.

أبتسمت دنيا رغمًا عنها وعقبت تعقيب ساخر:
-شكرا لطيبة قلبك.

غمعم صادق في هدوء:
-على الرحب والسعة يا دكتورة دنيا.

ثم قال في جدية ورضا غير طبيعي فهو يشعر بأنه على وشك أن يطير من فرط سعادته:
-حبيت أعملها ليكي مفاجأة حلوة ولا وحشة؟!.

عقبت دنيا في خفوت وإرهاق واضح على ملامحها جعله يشفق عليها:
-حلوة طبعا.

بدأت تسير معه حتى أستقلت معه سيارة أجرة ولكنها أحبرته بأن ينزلا قبل المنزل ببضعة دقائق لأنها تريد أن تسير معه وأن تتحدث قليلا فلو انزلهما الرجل أمام المنزل لم تكن لتحظى ببعض الوقت للحديث معه، أو رُبما لرغبة طفولية بأن يراهما الجميع، فغدًا أغلب معارف والدها وأصدقائه وجيرانه سيأتوا إلى الحفل وسيروا الرجل التي عشقته يلبسها خاتمًا في إصبعها أمام الجميع.

عوضًا عن السنوات التي تواصلت معه سرًا، الأمر مختلف تمامًا ورائع وهي تشعر بالفارق على الرغم من أنها كانت تغضب من كل من يخبرها بأن علاقتها به في السابق خاطئة والحب الحقيقي لا يكن له أي سبيل سوى الزواج وأن يكن في العلن فحينما يريد رجلا فتاة ويرغب في وصلها والارتباط بها يجب أن يذهب إلى بيت والدها دون أي طرق أخرى أو مسميات.

أحساس سعيد وهي تسير معه دون خوفٍ أو قلق أن يراهما أحد.

أخذا يتحدثا في مواضيع مختلفة وكلاهما لديه الشهية الشديدة في الحديث، فمنذ موافقة دنيا على الزيجة والخطبة بشكل رسمي باتت هي وصادق يتحدثوا بشكل مستمر ولساعات طويلة لرغبتهما في الحديث في كل شيء هام أم لا يمتلك أي قدر من الأهمية، لم تصل في الماضي مدة مكالمتهما إلى ساعة وأكثر حتى في وقت المراهقة، كلاهما مفعم بالطاقة بشكل كبير ورائع جدًا.

وقفت أمام منزلها قائلة:
-تعبناك كان زمانك نايم.

هل سيستطيع النوم الليلة من فرط حماسه؟!
هو يشعر بهذا الحماس كله الذي لم يتوقعه يومًا من أجل خطبة.

بالله ماذا سيكون حماسة في وقت عقد القرآن أو حينما تزف عروسًا له، هو مصدوم مما هو فيه نعم يعشقها كالمجنون ولكنه لم يكن يعرف بأنه سوف يشعر بتلك المشاعر الجنونية، يكاد قلبه يتوقف من فرط السعادة.

ولكنه عقب تعقيب مرح:
-يلا أهو تكافؤ فرص علشان لو حد سقط ونام في وسط القاعة التاني يلحقه.

أبتسمت له فأسترسل حديثه قائلا:
-المهم نامي كويس بعد ما تتعشي وبلاش تقعدي أو تشغلي بالك بأي حاجة نامي وبس علشان بكرا تكوني رايقة كده مش متعصبة.

هزت رأسها في إيجاب وموافقة متمتمة:
-تصبح على خير يا صادق.

-وأنتِ من أهل الخير يا دنيا.

قالت دنيا لا تصدق حماقتها بأنها لم تفكر بأن تعرض عليه:
-ما تطلع تسلم على بابا هو لسه صاحي على فكرة مش بينام غير لما برجع حتى لو اتغير الشيفت بتاعي.

أجابها صادق في خفوت:
-لا ملهوش لزوم الوقت اتأخر، وبكرا كلنا ورانا يوم طويل، زي ما قولتلك اطلعي كلي ونامي على طول، سلميلي عليه.

-الله يسلمك.

ثم قالت مودعه أياه:
-مع السلامة.

-مع السلامة.

صعدت دنيا تاركه أياه يتأمل ويراقب طيفها في هيام واضح للأعمى.

__________________

صرخات كالعادة أزعجته..
جعلته يخرج من غرفة نومه فكان على وشك النوم، حينما خرج لهم وجد يقين ترتدي فستانها الأحمر ونوح يتشاجر معها..

صاح راضي صيحة واحدة جعلت الشجار يتوقف:
-جرا أيه أنتَ وهي بتزعقوا ليه كده في أخر الليل؟! هو أنتم عيال صغيرة.

حاول نوح ألتقاط أنفاسه..
بينما يقين قالت في انفعال شديد:
-في أن ابنك بيعاملني معاملة ولا كأني أخته الصغيرة ولا عيلة معاه، بقيس الفستان علشان بتأكد السوستة أحسن تعمل معايا زي ما عملت قبل كده وقبل الفرح بساعة تفلت مني أو يكون فيها حاجة، ألاقيه بيزعق زي ما أنتَ شايف.

تحدث راضي في عدم فهم وهو يوجه حديثه إلى نوح فهو مازال لا يفهم سبب الشجار:
-في أيه يا ابني أنتَ كمان بتتخانق معاها ليه؟!.

غمغم نوح في عصبية مفرطة وتشنج:
-في أن الفستان ملفت جدًا، جدًا مفيش حد يلبس فستان أحمر، خلصت الألوان كلها؟!.

نظر راضي يتفحص هذا الفستان الذي يزعجه حسنًا يعترف أن لونه مُلفت ولكن لم يكن يفصل جسدها ولا ضيقًا عليها بشكل قد يزعجه كأب.

ولأنه لا يريد كسر خاطر يقين السعيدة، وكونه يعلم كل العلم بأن أي زفاف يمر أو مناسبة قد تفتح جرح ابنته، تحدثت يقين في هياج:
-الأحمر طالع تريند يا نوح وبعدين أنا حبيت أغير ما أنا لبست ألوان كتير عمري ما لبست أحمر، ايه المشكلة أجرمت يعني؟!.

أردف نوح منفعلا:
-بلا تريند بلا زفت، شوفي فستان غيره تلبسيه.

صاحت يقين في عدم رضا وسُخطٍ شديد:
-مش هلبس غيره مش بعد ما دفعت الفلوس دي كلها في تفصيله علشان في الاخر أروح ألبس في خطوبة أخويا حاجة جديدة ما تتكلم يا بابا.

قال راضي في سخرية:
-وبتقولوا ليه الفرح مش بيدخل بيتنا مهوا علشان أنتم مش وش فرح، بتحبوا تتخانقوا وخلاص على أي حاجة، وأنتَ يا نوح بطل أفورة الفستان عادي زيه زي أي لون بلاش حمقة على الفاضي والمهم أنه مش ضيق وخلاص كل واحد يدخل اوضته وناموا بقا.

صرخ نوح غاضبًا:
-يعني أيه؟! بدل ما تقولها الفستان ده ميتلبسش، الفستان حلو زيادة عن اللزوم.

تمتم راضي في غضب:
-قولتلك متزعقش ولا تعلي صوتك طول ما أنا موجود ولا تعلي صوتك على أختك يا نوح، أحترم نفسك واللي قولته يتسمع دايما معكرين مزاجي.

أنهى حديثه ثم توجه صوب غرفته مما جعل يقين تتحدث بسخرية وهي تضع يديها في جانبيها :
-أنتَ مضايق أن الفستان حلو؟!.

أشاح نوح بوجهه قبل أن يرتكب بها جريمة ولج في الوقت ذاته صادق بعد أن قام بتوصيل دنيا قد أتى.

فقالت يقين سائلة أياه:
-صادق أيه رأيك في الفستان لسه واخداه النهاردة؟!.

قال صادق في إعجاب وهو يقترب منها ويضع قُبلة حنونة على جبهتها:
-جميل جدًا عليكي.

تحدث نوح ساخرًا كاد أن يستجير منهما:
-يارب أرحمني منهم، جميل أيه دي بدلة أعدام شكله يقرف وزي الزفت، بكرا  لو لقيت حد بيقولك في  كيس دم ماشي في الفرح بترتر هيحقنوه للمعازيم أبقى دور على اختك هيكونوا قفشوها وكاتبين دم للتبرعات، ولا حد يفتكرها كيس كاتشب ماشي هربان من البوفية.

غمغم صادق في استنكار وهو يجد نوح يتوجه إلى الداخل بوجه غاضب:
-أيه ياض السخافة دي ياض.

لم يعبأ نوح بهما بل ولج إلى الغرفة صافعًا الباب خلفه مما جعل صادق يسأل في دهشة:
-هو ماله الواد ده؟!.

-ابدًا يعني نوح كالعادة، المهم أدخل أنتَ خد دش ونام بكرا اليوم يومك يا حبيبي.

_______________

يوم الخطبة.

" أكثر من اللي أنا بحلم بيه، مش قادرة أخبي أنا ثاني عليه ده أنا من أول ما قابلت عنيه نداني، حبيبي معاك
حياتي و عمري اللي أنا عايشاه، و أجمل و أصعب قولة آه، يسبني و أحس إن أنا وياه ثواني، و داريت على قلبي وأتمنيت، قلبك يجيني و يقول كل اللي حاسس بيه، و اهو بان الشوق عليا اهو بان، واهو كل شيء بأوان قال إيه بخبي عليه

وياك لو حتى وﺇنت بعيد، الشوق ﺇليك بيزيد، وأفضل أفكر فيك، لو أقول عنك كلامي يطول، و أفضل سنين وأيام، أوصف غرامي أنا بيك"

كانت الأنغام عالية جدًا وتتمايل دنيا برقة وسط يقين ونهال وصديقاتها وأقاربها بسعادة عارمة على أوجه الجميع.

كان المضحك في الأمر بأن الأغنية التي تعشقها دنيا رغم أنها قديمة جدًا وكانت ترسلها إلى صادق حينما كانت تربطهما علاقة في السابق لذلك أختارتها مخصوص، ترقص عليها مع صديقاتها عوضًا عنه هو الذي يقف بعيدًا بجانب أبيها وعمها، لم ترقص معه تلك الرقصة الأولى من الخجل ولأن بها تلامس صريح.

ولكن لا شك بأن من الرغم من كل هذا كانت دنيا سعيدة بفستانها الوردي الرقيق به تطريز يدوي بورد يجمع لونه بين الأبيض والزهري، وحجابها بنفس اللون وعليه تاج بسيط جدًا يكاد يرى.

كان بسيطة وجميلة والأهم انها سعيدة من قلبها، بينما أختارت نهال فستان أخضر من الألوان الجديدة في صيحات الموضة لهذا العام وكان جميلا عليها وبه بعض الفصوص السوداء لترتدي حجاب أسود وحذاء أسود ذو كعب عالي.

كان عثمان ينظر عليها من بعيد يتأملها على الرغم من غيرته الشديدة، ولكنه كان سعيد جدًا لرؤيتها بهذه الهيئة وكونها سعيدة من قلبها وخرجت أخيرًا من حالة الحداد بشكل صريح بعض الشيء.

يبدو أن فرحتها بدنيا جعلتها تتخلص من حالة الحداد تلك، بينما هو يقف مرتديا بدلته السوداء الذي بدى وسيمًا بها بشكل كبير، ما أن رأته نهال ينظر لها بشكل واضح هكذا شعرت بالخجل وتوقفت وأنسحب من بين الفتيات وأقتربت منه فقال في عتاب:
-صحابك واخدينك مني، وبعدين فين اللي البس بدلة علشان الصور، وأنا متصورتش معاكِ غير صورتين بس في السيشن الصبح.

تمتمت نهال في اعتراض على غبائها:
-تصدق معاك حق.

وجدت نوح يقف مشتعلا، شقيقته تبدو جميلة جدًا وسعيدة، ولكنها ملفتة لم يرى أحد يرتدي فستان أحمر سواها تلك الغبية، الجميلة.

لكنه ابتسم رغم عن غيرته الحمقاء فمر وقت طويل ولم يجدها سعيدة بهذا الشكل، قد أنهلكت روحها يجب أن يكف عن هذه الأنانية.

قالت نهال وهي توجه حديثها إلى عثمان التي أخجلتها نظراته هو يتفرسها بالفعل، وينظر بعيناها بشكل مخجل جدًا:
-بطل بص عليا، ونادي نوح يجي يصورنا واقف جنبنا أهو مبيعملش حاجة.

غمغم عثمان في اعتراض ساخر:
-المفروض أبص على مين في الفرح يعني لو مبصتش على مراتي؟!!! أما أمرك عجيب يا نهال، محتاجة تتعالجي.

ثم قال بهيام:
-قمر قدامي واقف عايز أخبيه عن كل الناس وحقي ازاي مبصش عليه؟!.

أبتسمت له في هدوء، تشعر بسعادة كبيرة من أجل دنيا وصادق، ولأنها للمرة الأولى تحضر حفل مع عثمان وكلاهما بتلك الهيئة فتقرابهما حدث في أحلك أوقات حياتها، أستطردت نهال في هدوء:
-البدلة عليك تحفة يا عثمان.

-أنا اتخنقت والله منها أنا مبحبش ألبس بدل.

أردفت نهال في ضيقٍ:
-مش مهم أنك مخنوق بس شكلك حلو.

أغرقها بكلماته العذبة التي تجعل قلبها يرفرف من فرط السعادة:
-مفيش حد حلو غيرك يا نهال في الفرح كله.

ضحكت مرة أخري، ولينتهي من حصار عيناها التي تجعله يريد أن يلتهمها في ثواني بسبب عيناها الجميلة التي وقع أسيرها منذ زمن بعيد.

فنادي على نوح الذي كان يقف بجانبهما بمسافة ليست بعيدة وأنتبه لهما بالفعل قائلا:
-أيه يا عثمان؟!.

-تعالي صورني أنا ونهال.

أتى نوح وأخذ هاتف نهال التي أعطته له وبدأت تتخذ وضعيات مع عثمان تريد التصوير معه صور كثيرة وتصنع ذكريات جديدة معه، ذكريات سعيدة.

________

خارج القاعة أتى ظافر الذي كان يرتدي بنطال جينز سترة سوداء ، بينما ابنه خالته "شاهندة" كانت ترتدي فستان من اللون الأسود ومصصفه خصلاتها بعناية شديدة.

وطوال الطريق كان ظافر بجانبها صامت، هو يتخذ موضع الأحمق الذي يأتي ليأخذ فتاة من عائلته ليجعلها تذهب لتقابل صديقها.

رُبما هذا الأمر علمه بالفعل بأن علاقته بحنان كانت خطأ يعلم جيدًا أنه منذ أن فتح عيناه في الدنيا كانت حنان أمامه ولكن لا شك بأن مهما كان، العلاقة خاطئة لذلك بدأ يُدرك كره أشقاء أسماء له بسبب وجوده حول حنان تحديدًا بعد موت والدها وشقيقها.

على ما يبدو أتت له شاهندة لتقوم بإعادة الزمن أمامه وتجعله يحاول تصليح وضعها، مدرك أن حالتها النفسية متشابكة وغريبة كحنان كلاهما تختلف ظروفه تمامًا ولكن بالتأكيد أنه يشفق عليها مثلما كان يشفق على حال حنان، يحاول أن يفعل ما لم يستطع فعله مع حنان معها وهو إبعادها عن شخص قد يؤذيها فهو أذى حنان بقربه منها بحجة الصداقة بينما هو كان لامرأة أخرى...

رُبما كان هو حسن النية مع حنان دائمًا ولم يحاول استغلالها بل حينما تأكد من مشاعرها تجاهه عزم على الزواج بها محاولا أعطاءها كل ما يستطيع..

ولكن لا يعرف هل هذا الشاب يستغل شاهندة أم ماذا؟!.

ولج معها إلى الداخل وهو يسير خلفها في حماقة من أمره لولا تعلقه الغريب بخالته وشفقته على حالة  شاهندة لم يكن يأتي في حفلة حمقاء كهذا ويتخذ موضوع الأبلة.

في الوقت ذاته كانت يقين تبتعد عن الساحة المضيئة التي تتوسط القاعة وكانت تذهب في طريقها إلى والدها تبحث عنه بين الجميع للشكوى من نوح الذي يأتي كل خمسة دقائق تقريبًا ليضع سترة بدلته على أكتافها ثم يذهب، وحينما تبعدها يأتي ويضعها مرة أخرى.

ولكنها تسمرت مكانها وهي تجده يلج إلى القاعة.

ليس إلى هذا الحد!!!!!!!!!!.

هي تجده في كل الأماكن والأوقات التي يجب ألا يكن بها هنا، ماذا يفعل هذا الرجل في حفل خطبة شقيقها، تبًا له...

توقفت شاهندة بجانب ظافر قائلة وهي تشير ناحية يقين فقد رأت صورتها مع نوح قد قام بتنزيلها على حسابه الشخصي:
-دي يقين أخت نوح.

الإسم مميز جدًا لا يقابله إلا نادرًا، مما جعل شيء بداخله يخبرها بأنها هي، رفع بصره إلى حيث ابنه خالته تشير ليجدها هي بفستان أحمر يجذب الأعمى والبصير بلونه وتطريزه....

من هذه الفتاة التي تقف بجانبه وتشير لها تقريبًا أم لشخص خلفها وهي ظنت الأمر يخصها.

ليس إلى هذا الحد!!!!
صرخت في عقلها ألف مرة، بالتأكيد ليس هو رُبما تتخيل لا أكثر، كيف يجرؤ ويأتي إلى هنا.

ما يخصه هنا ليأتي له؟!

__________يتبع__________

لو وصلتم لهنا دمتم بألف خير.

وإلى اللقاء في فصل جديد🩷🫡

Continue Reading

You'll Also Like

80.4K 4.1K 26
نوڤيلا 2023 (حَرم السفاح) تأليف/علياء شعبان كاملة. ••••••••••••••••• "مُقدمة" أنا مُجرد فتاة كانت تعيش حياة هادئة هانئة إلى أن رأيته فتحول هدوء يومي...
86.3K 3.1K 47
المقدمة: وقفت الأخرى أمامه بجسد مرتجف ثم تأمل هو أرتعابها ورجفتها بعيناهِ، كلما ينظر إليها يشعر بشي لا يعرف ما هو أو بمعنى أصح شيء يجهله _بتبصي لت...
1.4M 89.1K 35
حلقات خاصة من رواية تَعَافَيْتُ بك في كل مناسبة و كل جمعة و كل عيد و مناسبة حتى عيد العمال
908K 89.7K 30
في وسط دهليز معتم يولد شخصًا قاتم قوي جبارً بارد يوجد بداخل قلبهُ شرارةًُ مُنيرة هل ستصبح الشرارة نارًا تحرق الجميع أم ستبرد وتنطفئ ماذا لو تلون الأ...