Golden Alpha || الألفا الذهبي

By zozo2492

763K 42.4K 14.8K

أراح برأسه على الباب محدقا في فالفراغ ثم هدر بصوت متحجرش: " سحقا... أكان يجب أن تكون رفيقتي هي؟" #1. عناصر ... More

0. مـقــــدمـــة
البارت 1
البارت 2
البارت 3
البارت 4
البارت 5
البارت 6
البارت 7
البارت 8
البارت 9
البارت 10
البارت 11
البارت 12
البارت 13
البارت 14
البارت 15
البارت 16
البارت 17
البارت 18
البارت 19
البارت 20
البارت 21
البارت 22
البارت 23
البارت 24
البارت 25
البارت 26 الجزء 1
البارت 26 الجزء 2
البارت 27
البارت 28
البارت 29 الجزء 1
البارت 29 الجزء 2
البارت 29 الجزء 3
البارت 29 الجزء 4
البارت 30
البارت 31
البارت 32
البارت 33
البارت 34 الجزء 1
البارت 34 الجزء 2
البارت 35
البارت 36
البارت 37
السلام عليكم ❤

البارت 38

2.8K 232 97
By zozo2492

من فضلك أنر هذه الحلقة بنجمة ⭐ منك كي تزداد تألقا 🌟 مع متابعة و تعليق لطيف على الفقرات ❤

🌸🌸🌸🌸

اشتقت

♥🌟♥

أغبياء... ولا يمكن أن يعتمد عليكم في شيء... اللعنة عليكم جميعا " صرخ في وجوههم غاضبا ليلقي بسحره عليهم ويحولهم الى اسماك صغيرة وحقيرة رمى بها الى قروشه المفترسة .

انهم الجنود الذين ارسلهم لاحضار الرفاق ولفشلهم اغتاض وعاقبهم.

" كان يجب أن اذهب لاحضارهم بمفردي.... لم أتوقع أن تختطفهم تلك اللعينة... بل لم اتوقع مطلقا أن تكون على علم بهم " زفر بحنق ليجلس على عرشه والدماء تغلي في عروقه، فقد تغلبت على ذكائه عدوته اللذوذة.

العدو الوحيد الذي لم يستطع التخلص منه.... لأن البحيرة تخفيه لتحميه!!.

أجل فبعد كلش شيء هو لم يتمكن من فرض سيطرته الكاملة على البحيرة لكونه ليس سيدها الحقيقي !!.

" عزيزي!!... "دخلت اليه تناديه بدلال أنثوي تتمايل بذيلها الأسود.. فسحرته بجمالها...

لقد تغيرت !!.

هكذا دار في خلده وهو يحدق بها مندهشا، لم يتوقع أن يكون تاثير سحره عليها قويا هكدا.

ازداد شعرها طولا وكثافة ليصل الى ما تحت الخصر، وعينها حالتا سوادا ونظراتها اصبحت أكثر حدة، تشع مكرا وشرا.

" جاكلين !!... حبيبتي ما الذي تفعلينه هنا ؟! " قال وسط حيرته لتعانقه ثم قبلت خده بجرأة " كيف أبدو؟ ".

نظر اليها بتردد ثم هتف يبتسم بتكلف " جميلة كعادتك ".

" سعيدة لسماع ذلك منك... والآن أخبرني متى موعد زواجنا هااه... لقد مضت سنوات ولم نتزوج حتى الآن... ما الذي واللعنة يأخرك هكذا
؟... ألا تحبني؟... ألا تريد أن نبق معا الى الأبد؟ " اهتاجت في وجهه غضبا في حين هو ازداد صدمة من كلامها ليبقي فمه مفتوحا بشكل لا ارادي يرمش بسرعة ينظر اليها متسائلا... ما الذي يحدث لها؟.

حدث كل ذلك تحت نظرات ابنته لتبتسم بخبث " لمَ لا ندعهم يأتون الينا... بدلا من الذهاب لاحضارهم أبي؟ ".

وكأن ما يجري لا يكفي لتزيده حيرة " ما الذي تعنينه؟ ".

تقدمت من جاكلين لتلفها بذراعها تضمها اليها ثم منحته ابتسامة ذات معنى لتجيب " ما رأيك أن نعلن عن زواجكما بعد يومين... سيسعد الشعب كثيرا ".

" هاه؟!! " رفع حاجبه الايمن متعجبا بعدم فهم.... في حين قفزت جاكلين من هول السعادة لتوافقها الرأي" أوه هذا رائع... ما رأيك عزيزي؟ ".

صمت الملك ينقل النظرات بين ابنته وجاكلين... هو لا يفكر بالزواج الآن كل ما يريده هو الوصول الى الألفا صاحب السيف الأسطوري ليحرره من لعنته... لكن عليه التخلص من رفاقه أولا...

حينها توقفت نظراته على جاكلين ليفهم أخيرا ما كانت ترمي اليه ابنته الشقيه.....
اتسعت ابتسامته تدريجيا " حسنا لا أمانع ذلك ".

" رائع... سأترككما الآن علي أن أجهز لتحضيرات الزفاف... أوه أتشوق لذلك " بحماس جلي رمت تلك الكلمات عليهما تحت نظرات الملك التي تسيدها الاندهاش.

"تبدو مختلفة... هل بالغت في استخدام سحري عليها يا ترى؟ " همس لتقطب ابنته حاجبيها بعدم فهم فهي تعلم بكونه قد ألقى عليها سحره ليسهل عليه التحكم بها " ما الأمر أبي؟ ... ألم تعجبك فكرتي؟ ".

" هاه... لا.... أعني بلى قد أحببتها سآمرهم بالاعلان على موعد زفافي على كافة المملكة " لقد كان يشعر بالريبة من جاكلين لكنه سرعان ما بدد تلك الافكار في عقله وغادر في الشروع لتنفيذ خطة ابنته.

♥🌟♥

ذات الحلم... والمكان البارد نفسه بلا شك..... ظلام دامس بدده نور أصدره ريش متوهج مبعثر على الارض ليرسم له طريقا بدى له مألوفا تسارع لأجله خافقه.

توقف مكانه لبرهة ثم حمل ريشة بيضاء متوهجة وراح يتأملها... هو يشعر بعدم الارتياح... صحيح أنه قد رأى هذا الحلم من قبل... لكن هناك شيئ مختلف ولا يعلم ما هو.... احساس غريب ينتابه...

فجأة بدأ يخبو بريق الريشة البيضاء على يده فغزاها السواد ليتذكر ذلك الطائر الضخم على الفور، فاسرع بالركض فوق بساط الريش المتوهج قبل أن ينطفئ نوره بشكل كامل فقد بدأ يتحول لونه الى الاسود تزامنا مع ركضه، ليصل في نهاية الطريق الى ذلك الطائر الابيض الضخم.

وقف أمامه يتأمله بحيرة ثم اقترب منه يمسح على ريش جناحيه المضمومتان الى صدره "ما بك؟... لمَ كلُ هذا الحزن؟ ".

لم يتلق ردا منه واكتفى الطائر بتحريك رأسه نحو الاسفل مشيرا الى جناحيه ليفتحهما ببطء وتظهر جاكلين مستلقية فاقدة للوعي بين أحضان ذلك الطائر " يا الهى جاكلين صغيرتي!!!... ما الذي حدث لك؟ ".

اسرع نحوها بقلب يشوبه القلق حملها بعيدا عن الطائر ثم جلس يحتضنها بين ذراعيه يحاول افاقتها دون جدوى...

كانت كالملاك النائم بشعرها الابيض الطويل الحريري المنساب على الارض اختلفت على ما كانت تبدو عليه من قبل وازدادت سحرا " حبيبتي... أرجوك استيقظي " هزها بلطف يداعب خدها حركت مقلتيها أسفل جفنيها تمهيدا لتفتح عينيها تحدق به " ليام " همست بضعف.

ابتسم بسعادة وسط دموعه "أجل هذا أنا يا قطتي الشرسة " لتبتسم بوهن.

رفعت يمناها تمسح على خده والدموع تنهمر من عينها "أنا آسفة يا عزيزي... لقد حاولت ولكن لم أستطع ".

رمقها بعدم فهم " ما الذي تعنينه ؟ ".

" أنا آسفة لي... ام... انها ق... وية... جدا " ختمت جملتها بكلمات متقطعة مختنقة قبل أن تسقط يدها مرتخية على الأرض مغمضة للعينين ساكنة الحركة.

" لا.. لا... لا... جاكلين ... جاكي عزيزتي استقظي.... يا الهي ارجوك " بدا كالمجنون تارة يهزها تارة يضمها الى صدره والخوف يسكن كل خلية من جسده.

يخشى خسارتها.

صرخة مدوية أطلقها الطائر الضخم مخرجا اياه من تلك الحالة فتزداد صدمته حين رأى مجموعة من السلاسل السوداء الضخمة تقيد ذلك الطائر من كل جانب.... تمنعه عن الحركة.

في حين عانق خصلات شعر جاكلين نقيض الابيض ليتصبغ شعرها كله بالاسود.... ازرقت شفتيها واصبحت بشرتها أكثر شحوبا.. استطالت أظافرها قليلا فبدت كالمخالب.

تعالت قهقات جاكلين بين يديه تزامنا مع فتحها لعينيها وقد حالتا سوادا... ليبتعد بسرعة عنها حين أحس بأنها ليست جاكلين التي يعرفها.

" من أنتِ.. وأين رفيقتي؟ " قال بجمود.

حركت عينيها نحو الطائر ثم اعادتهما اليه مالت برأسها قليلا تحدق به ساخرة " رفيقتك؟.... أنا رفيقتك يا عزيزي ولكن بحلة جديدة... ألم يعجبك مظهري الجديد؟. " ضحكت بشر جلي.

أدرك ليام حينها بأنه يواجه عنقاء الظلام شخصيا وقد سيطرت على جاكلين.

" لم يبق القليل لأتخلص من كليكما " استأنفت حديثها وعينيها تقدحان شرا.

" ما الذي تعنينه واللعنة؟ " صر على أسنانه بغضب لتزداد قهقهاتها وتركض مبتعدة عنه.

" مهلا انتظري " حاول اللحاق بها ولكن...

لقد اختفت هي والطائر الضخم وسط الظلام!!.

" جاكلين.... جاكلين " نادى باسمها وسط نومه ليستيقظ من نومه فزعا.

" ليام استفقت أخيرا... بما تشعر؟... هل أنت بخير؟ " هرعت اليه هيلينا تنهال عليه بالاسئلة قلقة.

" أين كريستوفر؟ " سألها.

" انه مع الملكة.... لمَ؟ ".

" يجب أن أتحدث معه بسرعة... علي أن أراه " بدى كمجنون يخاطب نفسه متجاهلا أمر هيلينا تماما والتي كانت تتابعه بنظرات متعجبة... ثم تعبته وهو يغادر تلك الغرفة الصغيرة ذات الجدران المشبعة بلآلئ والاصداف.

♥🌟♥

كان الساحر مارك و الملك تشارلز يتناولان اطراف الحديث مع سيدة البحيرة في تلك القاعة الرخامية وشعرها الازرق الحريري الطويل يتمايل مع الماء ... في حين ظل كريستوفر صامتا شارد الدهن يفكر في أخته

" فيما يفكر حضرة الأمير ؟ " قطعت حبل أفكاره سيدة البحيرة وهي تحدق فيه بافتتان من الواضح أنه قد نال اعجابها.

كيف يخبرها بان هناك امر مريب بها لكنه صرف النظر عن الفكرة وقال " عندما كنا في عالم روح الارض.. أذكر أن الملكة الجنيات هناك قد أعطتنا مشروبا سحريا يمكننا من فهم جميع اللغات الغريبة التي قد تصادفنا... لكن حين حوصرنا من قبل الحوريات المتحولة عجزنا عن فهم لغتها ... هذا غريب " قال وهو لا يزال يفكر.

" أجل هذا صحيح " أكد مارك كلامه متعجبا بعد أن تذكر لتوه هو الآخر.

" لربما ذلك المشروب لم يك فعالا مع جميع اللغات حقا كما قالت " أبدى تشارلز رأيه.

" لا هذا ليس صحيحا " نفت سيدة البحيرة لتضيف " أعرف جيدا المشروب السحري الذي تعده الجنيات قرأت عنه في الكتب السحرية التي دونها أجدادنا انه فعال وله تأثير دائم.... لم تتمكنوا من فهم الحوريات المتحولة بسبب اللعنة فقط ".

" وكيف تستطيعون التحدث بلغتنا؟ " تساءل كريستوفر .

عقدت سيدة البحيرة حاجبيها بعدم فهم ثم قالت " لهذا قلت لكم بأن تأثير المشروب فعّال... فنحن لا نستخدم سوى لغتنا الأم... وهي ذاتها لغة الحوريات المتحولة " صدم الجميع مما قالته لتضيف " روح الماء كانت غاضبة جدا منهم فلعنتهم وقامت بفصلهم عن العالم..... وحدنا فقط من يمكننا فهمهم لأنهم السوط الذي عوقبنا به فأكل لحم البشر محرم... وأظن أيضا أن الملك تشارلز يستطيع فهمنا بالفطرة لطبيعته المائية فجده سابقا لم يجد صعوبة في التواصل مع أجدادي... بل كانت له القدرة على التواصل مع الكائنات الحية ".

" هكذا اذن " تمتم تشارلز وقد أدرك بأن الجميع يستخدم لغة الحوريات منذ ذخولهم البحيرة.

" ومع ذلك لدي حل لهذه المشكلة " أضافت سيدة البحيرة لتشير الى خادمها الذي غادر لدقائق ثم عاد وهو يحمل في يده عشبة غريبة لتردف " ايرنا... عشبة الربيع...... لا تنمو الا في اعماق البحيرة وسط الظلام... مع ابتلاعكم لهذه العشبة ستتمكنون من التواصل مع جميع مخلوقات هذه البحيرة.. ولكن مفعولها لن يدوم الا لثلاثة ايام فقط ".

" لابأس ثلاث أيام تكفي " قال كريستوفر بجدية ليدخل ليام مسرعا نحوه وعلامات القلق تغطي محياه " لقد رأيت جاكلين في الحلم ".

قطب الامير حاجبيه باستفهام فما الغريب في رؤيته لرفيقته في الحلم وهو الذي كاد أن يدمر المكان لغضبه من أجلها... وقد فهم ليام نظراته متعجبة ليروي له تفاصيل الحلم بدقة حتى أنه قد أخبره بحلمه السابق حين فقدت جاكلين السيطرة على عنقاء الظلام وكاد تسيطر هذه الأخيرة عليها لولا تدخله.

ساد السكون بينهم بعد أن انتهى من سرد أحداث حلمه، ليكز كريستوفر على أسنانه فقد أدرك لكونه ليس مجرد حلم عابر...

وحش رفيقته... عنقاء النور حاولت التواصل معه.

والآن لا شك في أن جاكلين في خطر شديد وعنقاء الظلام لا يفصل بينها وبين حريتها سوى خيط رفيع قد ينقطع في أية لحظة.

" يجب أن نداهم الحفل بأقصى سرعة وننقذ أختي... اذا تم هذا الزواج ستنقطع الرابطتها مع رفيقها وهذا سيسبب موتها حتما... حينها لا شيء سيوقف عنقاء الظلام ".

"لا بأس سأساعدكم في ذلك... ولكن علينا أن نضع خطة محكمة لنتجنب مكر الشرير إيمبوريس " هدرت سيدة البحيرة ليومئ مارك موافقا فاقتحام المكان بلا تخطيط يعد مخاطرة.

♥🌟♥


يوم بهيج كانت على اثره جميع حوريات البحيرة سعيدة وهي تحضر لحفل زفاف ملكهم الأعظم... كما لو أنها أول مرة..

الجميع في عجلة من امره كل واحد منهم كان مكلف بمهمة ليتم هذا الزفاف على أكمل وجه... على الاقل ليجعلوا سيدهم راضيا.... فلا أحد منهم ينوي تذوق سوءة بطشه ومرارة غضبه...

وعلى الجانب الآخر وما وراء الستار كان إيمبوريس رفقة قائده يخططون للقبض على الرفاق وايجاد طريقة لاخضاع ألفا الماء من أجل سيف الجليد الأسطوري ....

توزع الجنود عبر بقاع البحيرة متأهبين لأي هجوم قد يطرأ..... يراقبون كل الأماكن بعين يقضة وحذرة فلا مجال للخطأ هنا.

في احدى الغرف كانت هي تتزين بغبطة وتدندن... تمشط شعرها الفحمي الطويل وتساعدها الحوريات من الخدم في تزيينها كي تبدو اجمل حورية في البحيرة فالليلة ستزف كعروس لسيد البحيرة ايمبوريس.....

هذا صحيح فقد شعيت بجمالها وسط الحوريات فاصبحوا يلقبونها بالفاتنة السوداء... وفي نظرهم تستحق لقب الملكة دونا عن غيرها...

لو أنهم فقط يعلمون!!.

" أوه... انتبهي... أنتِ تؤلمينين أيتها الحمقاء... " صراخها جعل الحوريات يجفلن منها رعبا لدرجة أن احداهما قد اوقعت تاجها اللؤلؤي عن غير قصد ليزداد غضب جاكلين أكثر.

" أنا آسفة سيدتي... لم أقصد... " انحنت لتحمله بسرعة عن الأرض وطبول قلبها تزداد صخبا من شدة الخوف وما ان عادت لتستقيم حتى هوت عليها يد جاكلين لتستقبلها صفعة حارة أدمت شفتيها " حمقاء أخرى.... لا أدري لمَ أرسل لي الملك حوريات غبية ومثيرة للشفقة وكأن قبحها هذا لا يكفي ".

حوريات ذات جلد خشن رمادي اللون مغطى بالزعانف لها أسنان حادة كأسماك القرش وعينان ذات حدقة سوداء واسعة وانف مسطح بنهاية ذيل ضخم.

لقد كانت حوريات الزافانا من يساعدنها سكان البحيرة الأصليين!!.

" نحن آسفات" .... "اصفحي عنا أرجوك سيدتي " كانتا ترتجفان بشدة خوفا منها فهما يعلمان بأنها لا ترحم فقلبها يحمل من السواد ما يكفي لتغرقهم جميعا فيه ولتحرقهم بشرها.

ابتسمت بخبث ونشوة هي تراهم يرتعشون أمامها خانعين " يا حراااس!! " هتفت وثوان معدودات امتثل أماها اربعة جنود " أمر جلالتك ".

" خذوهما الى السجن علهما تتعلمان درسا جيدا في اتقان العمل من غير أخطاء " ثم صمتت قليلا وهي تبتسم بخبث شيطاني لتردف بلا مبالاة عائدة لفرد شعرها الأدهمي من جديد " حسنا بعد اعادة التفكير اقطع رأسهما... أنا لم أعد أريد رؤيتهما مجددا ".. اتسعت عيناهما ذعرا ليتوسلا اليها طلبا للرحمة لكن جاكلين لم تأبه بل عادت لتدندن أغنيتها.

" أمر جلالتك " قالها أحد الجنود بجمود ليطوقوا المسكينتين بقوة وهما تنتفضا بهلع تريدان الهروب تحت صرخهما المدمي للقلب.

" الى أين؟ " استدارت اليهم بنظرات مرعبة تحمل كل معان الشر والظلام لدرجة أن الجنود قد أحسوا بالخوف شديد منها ليتحدث أحدهم بتردد "سنأخذهما الى السجن حيث سننفذ حكم الاعدام جلالتك" .

" لا... " اعترضت آمرة بحدة ثم أمسكت مشطها تمشط شعرها بهدوء شديد عكس ذلك الصخب الذي يصدر من توتر الجنود وذعور حوريتان كانت هي في سلامها الخاص لأنها تعشق رائحة الخوف التي بدأت تكتسح أرجاء المكان تلك الرائحة التي تجعلها تنتشي لتسبح في فلك الظلام فتزداد رغبتها في المزيد والمزيد من الشر.....

أغمضت عينيها ثم فتحت حصونهما لتجد السواد يسيطر بقوة على كل جزء من عينيها ولا مكان للبياض ظهرت تلك الخطوط السوداء تحاصر عينيها لجزء من الثانية تزامنا مع قولها الجاد " اقطع رأسهما.... أمامي ".

ابتلع الجندي ريقه بصعوبة وهو يستشعر هالة الشر تتدفق منها حتى أن نبرة صوتها لم تكن كالمعتاد بل أكثر خشونة..... سحب سلاحه وبحركة سريعة من رمحه الحاد الضخم قطع رأس كلتا الفتاتين ليتدحرج رأسيهما تحت ذيلها كل الكرة.

استعادت لون عينيها سوداويتين لتنساب الدموع اللؤلؤية منهما من يراها سيعتقد أنها تبكي... ولكن تلك الدموع ولو كانت من عينيها هي لم تكن لها بل كانت لجاكلين...

جاكلين الطيبة!!.

أجل فهي لم تتخلص منها بعد.... هي حرة بفضل سحر إيمبوريس فقط بينما الأخرى أصبحت مقيدة... كل ما عليها فعله هو أن تتزوج من الملك لتصبح حرة طليقة وتموت جاكلين الى الأبد مع انقطاع الرابطة اللعينة في رأيها!!.

شكرت حظها لأن دموعها قد اختلطت مع مياه البحيرة حتى لا يراها الجنود ثم رفعت الرأسين ووضعتهما داخل صدفتين ضخمتين وابتسمت بسعادة غامرة قبل أن تقول " من الرائع أن تحصل على هدية الزفاف بنفسك ".

ظلت نظرات الدهشة تعلو وجوه الجنود فقد فاقت الحدود بشرها حتى إيمبوريس بطغيانه لم يفعل فعلتها.

" ارموا هاته الجثث للقروش الجائعة... وارسلوا الي خادمتين أخرتين لينظفن المكان.... لا أخفيكم سرا أن منظر الدماء هنا يروقني كثيرا ولكن لا أريد أن يأتي زوجي الحبيب المستقبلي لزيارتي فيرى أن المكان غير نظيف ومرتب ليعطيه انطباعا سيئا عني " ثم خرجت وهي تدندن مرة أخرى تحت أنظار الجنود المتسعة منصدمين بمدى الشر الذي يتقطر منها.

لقد أحقت الحوريات حين أطلقن عليها لقب الفاتنة السوداء ولكن بعد الذي حدث استحقت لقبا آخر وعن جدارة..... سيرعب لافظيه لمجرد التفكير به...

سليلة الشيطان !!.

❤🌟❤

" هل وجدته؟ " بنبرة يشوبها القلق سأله الأمير كريستوفر.

" لا ليس بعد وخيشت أن يفتضح أمرنا " أجابه تشارلز دون أن يرخي حذره وعيناه تتفحصان المكان بترقب.

بعد أن قامت سيدة البحيرة بتحويلهم الى حوريات مؤقتا بقوة سحرها الذي ورثته عن أبيها، نقلتهم الى مملكة الحوريات الملعونة وأوصت عليهم جواسيسها من حوريات الزافانا هناك... مع وعدها لهم بأنها ستنضم اليهم بعد ان تقوم بتجهيز جيشها كاملا.

كانوا قد اتفقوا على الاجتماع في منزل احدى حوريات الزافانا الوفية لسيدة البحيرة بعد كل جولة تفحصية يقومون بها، شريطة أن لا يظل ليام بمفرده كي لا يقوم بعمل متهور وتبقى هيلينا مع كريستوفر فلا أحد يستطيع كبح جماحها غيره.

لكن ليام تمكن من الانفلات في آخر جولة لهم بحثا عن محبوبته ، وذلك عندما كان برفقة مارك الذي لم ينتبه على اختفاءه، فالغبي ما ان لمح سربا من الحوريات حتى افتتن بجمالهن وراح يلاحقهن كالأحمق يستميلهن.. لولا مياه البحيرة لرأيت لعابه يسيل!!.... ولم يع فعلته الا بعد فوات الأوان عندما أضاع ليام.

لم يستطع اخبار الأمير بالحقيقة الكاملة خشية من غضبه واكتفى بنصف الحقيقة شاكرا حظه لأن بتحوله لحوري بحيرة تم تقييد جزء كبيير من قواه شأنه شان البقية باستثناء هيلينا والملك تشارلز لذا لن يتمكن من استخدام ميزة قراءة الافكار التي لديه فيفتضح أمر تلك القبلات التي نالها في نظره باستحقاق !!.

وفي مكان آخر كانت هي تقف قبالته ترمقه بنظرات استحقار متشمتة، فبطريقة ما ابتسم لها الحظ ووضع أمامها الشخص الوحيد الذي يهدد حياتها وفشل ما خططت له لسنوات، نقطة ضعفها وقوة لغريمتها.

تمكنت النسخة السوداوية من جاكلين من حجز ليام بعد أن عثرت عليه صدفة وهي تقوم بتفقد الوضع استعدادا لحفل الزفاف رفقة الجنود فأخذته أسيرا عندها، بعدما أوهمته بأنها جاكلين الخيرة.

هاهي ذي الآن تبتسم بنصر وتتهيأ للخطة الموالية ولكن هي في حاجة الى قوة الملك لتنفذها كي تطيح بمن تبقى من أعدائها، بتعبير أدق شقيقها الأكبر وغريمها الوحيد الذي تعترف بكونه يفوقها قوة.

وها قد بدأ الاحتفال حيث اكتسح معبد القمر جمع غفير من الحوريات ينتظرون سيدهم المبجل رفقة زوجته المستقبلية.

لقد كانت ليلة مقمرة حيث سطع ضوءه على تمثال صدفة ضخمة يتربع عليها ذئب أبيض ضخم نائم غرس امامه وفي منتصف الصدفة سيف صخري وكأنه يحرسه.

الشيء الوحيد الذي تركه إيمبورس لما يمثله من قدسية عزيزة عليه، فهذا التمثال العجيب يذكره بمفتاح حريته من البحيرة اللعينة في نظره.

تعال هتاف الجميع مع ظهور الملك وجاكلين تتأبط ذراعه كعروس سوداء متألقة، تتبسم بسعادة غامرة وهالة الشر تتدفق منهما... كلاهما يحيان شعب الحوريات ويستقبلان احر التهاني... سارا سويا على بساط اللآلئ المخصص لهما المؤدي نحو التمثال الرهيب حيث يقف كاهن المعبد ليبدأ بطقوس الزواج.

وقفا قبالة بعضهما ممسكا الأيدي تحت نظرات زوجات الملك الغاضبة، فهن يرفض هاته الزيجة بقوة لعلمهن بان جاكلين ستأخذ مكانهن كما فعلت الملكة الراحلة شانا آخر زوجاته.

أما بالنسبة لاولاده فالامر لا يعنيهم البتة فهم ينتظرون سقوط والدهم كي يستولوا على العرش مكانه.

أشارت فرويلا الى مستشار ابيها كي يأمر الجميع بالصمت والهدوء فامتثل وماهي الا لحظات ليعم اليكون ارجاء ساحة المعبد.

لقد بدأت طقوس الزواج!!.

"شعب الحوريات العظيم... اليوم سنشهد زفافا سيخلده التاريخ... زفاف ملكنا وسيدنا وسيد البحيرة الأسطورية إيمبوريس... مع الجميلة الفاتنة جاكلين.. التي سرقت قلب سيدنا باقتدار لنأمل أن يكلل هذا الزواج بالسعادة الدائمة لهما ويمنحهما القمر البركة تلازمهما في حياتهما وحياة ابناءهما مستقبلا " قال ثم اشار لمساعده فقدم له كيسا قطنيا اخرج منه لؤلؤتين زهريتين صغيرتين نادرتين.

أعاد الكيس لمساعده الذي ناوله من جديد خنجرا فضيا " ناوليني يدك سيدي وانتِ أيضا سيدتي " طلب لينفذ ا ذلك فأحدث على راحة يديها جرحا صغيرا لتخرج قطرات من الدماء تتصاعد مع مياه البحيرة قرب اللؤلؤتين من كل منهما لتمتزج مع الدماء وتمتصه بالكامل فيتحول لونهما من الزهري الاحمر القاني.

لقد اصطبغت اللؤلؤتين بدماء كل منهما.

" عليكي أن تبتلعي هذه اللؤلؤة سيدتي فمع ابتلاعك للؤلؤة سيتصبحين زوجته بشكل رسمي وتنتهي الطقوس " ناولها اللؤلؤة الحمراء الخاصة بالملك لتمسكها جاكلين وتحدق بها، ليأخذ الملك اللؤلؤة الخاصة بها ويبتلعها دون تردد.

أما هي فظلت تحدق باللؤلؤة والتردد يغزو قلبها بسبب جاكلين الطيبة المحتجزة في داخلها.... بسبب رابطها اللعين مع رفيقها في نظرها.

" من العار أن تتزوجي دون دعوة شقيقك الأكبر " ظهر كريستوفر من وسط الحوريات والغضب يسكن قسمات وجهه.

نظرت اليه لتمنحه ابتسامة شيطانية واسعة في حين صعق الملك لرؤيته في تلك الهيئة وكل تساؤلاته هل بلغت قوة عدوته اللذوذة كل تلك القوة تسمح لها بتحويلهم الى تلك الدرجة.

" يسرني رؤيتك مرة أخرى أخي العزيز... ما كانت لتكتمل فرحتي دون حضور أخر أفراد عائلتي" ردت بتهكم ساخر.

" هل حقا ستبتلعين تلك اللؤلؤة؟... هل ستتخلين عن رفيقك الحقيقي من أجل هذا الملك المزيف الحقير ".

" هذا الملك الحقير سيجعلك طعاما للاسماك المفترسة " صر إيمبوريس على اسنانه بغيض.

" أرى انه بامكانك فهمي ".

" بفضل قواي... خففت من تاثير اللعنة علي والا ما كان بامكاني احضار أي شيء اريده من العالم الخارجي " قال وهو ينظر الى جاكلين مشيرا اليها بكلماته ليردف " فهل سيكون برأيك من الصعب علي فهمك؟ ".

" تعني خطفك لجاكلين لم يكن عبثي "...

" هذا صحيح فقد علمت من تكونون منذ البداية.... بالمناسبة أين رفاقك؟ " جال ببصره ارجاء ساحة المعبد بحثا عنهم لينتشر الجنود ويحاصرون كريستوفر والمكان من كل الجهات.

لكن كريستوفر تجاهل سؤاله تماما بقوله " جاكلين تعالي معي ليام في انتظارك ".

ضحكت جاكلين بقوة ليظهر جنديين يقيدان ليام الذي ارهقه ما ناله من تعذيب فقد تشهوت ملامحه بالكامل من شدة الضرب المبرح بأمر منها.

" تقصد هذا؟ " ثم دنت من ليام ترفع رأسه اليها وقد خارت قواه حتى لفتح عينيه... قلبه يؤلمه بشدة.

وكذلك هي... لكنها تكابر !!.

لم يكن الملك مندهشا بكونها ماتزال تحتفظ بذكرياتها، بل يدرك جيدا أنها ليست ذات الفتاة التي اختطفها.

"سأدعه يراني كيف أصبح زوجة لغيره بكامل ارادتي.... ساكسر الرابطة التي بيننا" ثم رفعت اللؤلؤة لترميها نحو فمها وقبل أن تصل بثوان امسكتها هيلينا بيدها ثم صفعتها بكل قوتها وقد تحولت الى النسخة الذهبية دون ان تستلم ليلي السيطرة... فهذه المرة هي غاضبة... غاضبة حد اللعنة لما فعلته بمن تعتبره شقيقها.

ثم رفعت اللؤلؤة امام كل من الملك وجاكلين وهشمتها بيدها لتتحول الى ذرات صغيرة حملتها مياه البحيرة بعيدا " ليس في وجودي يا عزيزتي " هدرت هيلينا لتركض نحو كريستوفر بسرعة وهي تدفع في الجنود بعيد عنها وتلكمهم.

قبل ان تصل اليه احست بجسدها يرتفع نحو الاعلى لتُحتجز داخل فقاعة ضخمة فوق الصدفة، بفعل سحر الملك إيمبوريس الذي بدى عليه الألم الشديد نتيجة ما فعلته هيلينا باللؤلؤة.

لقد تحطمت اللؤلؤة الأخرى في امعائه تلقائيا لتلغى طقوس الزواج !!.

" كيف تجرؤين؟ ". صرخ بها في غضب عارم وسط ألمه.

" بل أنت كيف تجرؤ على سرقة ما ليس لك... يبدو ان عادة السرقة تتناقل بينكم بالوراثة " سخرت وهي تحاول تحرير نفسها من تلك الفقاعة التي تحاصرها.

" عليك قتلها... تلك الفتاة خطر كبير علينا " نصحته جاكلين تكاد تموت غيظا من فشل خطتها بالزواج من ايمبوريس بسبب هيلينا.

" هيلينااا!! "صاح كريستوفر يريد انقاذها لكن لا حيلة له فقد ختمت معظم قواه مع تحوله الى حوري وعليه أن ينتظر ظهور سيدة البحيرة ميدوري كي تعيدهم الى هيئتهم الأصلية.

" جاكلين عودي... الى.. رشدك... أنتِ قطتي االشرسة التي. أحــ... بها.... أررجــ.. وكي... جا.. كي" تحدث ليام رغم الوصب الذي يفتك بكل جزء من جسده.

أغلقت جاكلين أذنيها بكلتها يديها ترفض سماع صوته " اخرس اخرس... اخرس... لا أريد سماع صوتك... هل فهمتك " كلماته كانت تؤثر بها كثيرا وتعزز قوة جاكلين المحبوسة داخلها.... رؤيته في تلك الهيئة الرثة جعلت قلبها المتحجر يرق لحاله كرها.

" بل لا تتوقف ليام استمر وحدك من يستطيع انقاذها... أنت رفيقها " كريستوفر يدرك جيدا أن ليام نقطة ضعف وحش جاكلين عنقاء الظلام ونقطة قوتها هي.

" جاكلين عزيزتي هل تذكرين ليلتنا الأولى معا... أقسمتي على وسمي عندما يحين الوقت... عندما أصررت على ذلك " ثم أمال برأسه يمينا ليستأنف " أنا أريد وسما الآن... فهلا منحتني شرف ذلك أريد وسما بجانب قلبي الذي ينبض لك ومن أجلك وحدك فقط.. دائما وأبدا "..

هزت رأسها رفضا بينما تضغط على أذنيها بقوة " لا.. لا.. لااا توقف... لا أريد... ". بطريقة ما خرج صوتها مزدوجا فجاكلين نفسها كانت لازالت ترفض ذلك وهو أراد المجازفة بحياته كي يعيدها... يعي جيدا أن في ظل هذه الظروف ان نجح الأمر واستعادت جاكلين هويتها كمصاصة دماء وتتحرر من سحر إيمبوريس عليها لن تتوقف عند وسمه بل سترتشف آخر قطرة من دماءه.

وبالتالي ما يخطط له لا يعد انتحارا فقط بل تهورا لان ذلك سيسمح لوحشها بالتحرر أيضا والسيطرة عليها الى الأبد... مما يؤدي الى فقدانهما كليهما.

لكن لليام أمل في أن الرابطة التي بينهما ستحول دون كل ذلك...

استغل مارك انشغال إيمبوريس بهيلينا فغضبه منها نافس انفجار البراكين في حدتها..... فدفع بالجنود بعيدا عن كريستوفر في حين تولى تشارلز تحرير ليام " هيا يا بطل تشجع... " قال تشارلز بينما يسنده على كتفه يحاول مساعدته على التماسك.

يجدر الذكر أن هيلينا والملك تشارلز لم يتحولا الى حوريي بحر ودخلا الى مملكة الحوريات متخفيين بمساعدة حوريات الزافانا..

" شكرا لك " ابتعد ليام عنه يسبح نحو جاكلين السوداوية التي كانت في دوامة عنيفة مع جاكلين الطيبة فقد كانت تتخبط بقوة نتيجة ذلك الصراع الداخلي.

امسك يمناها قبلها بخفة ثم ابتسم بوهن يحدق بها بحب شديد رغم التورم الكبير الذي يحيط بكلتا عينيه... جذبها نحوه يقبل شفتيها يؤكد ملكيته لها... هي له....له فقط ولا تحق لغيره...

أرادت ابعاده حتى أنها غرزت مخالبها في جسده لكنه لم يأبه بل لم يشعر بشيء... سوى بتلك القبلة التي لم تروه منها بعد، أبعد يدها المغروسة في
كتفه ثم أحدثت بمخالبها جرحا عميقا في رقبته ليبعد شفتيها عن شفتيه ويضعهما مكان جرحه بالقوة....

في حضرته ضعف قلبها وضعفت معه هي فخسرت شرها وجبروتها التي اغترت به قبل قليل لينال حبهما النصر .. هاهي الآن تعجز حتى عن رفع رأسها وابعاد يده التي أسرت رقبتها... تعجبت من قوته التي ظهرت فجاة رغم الضرب المبرح الذي ناله لساعات طويلة...

" انها قوة الحب... شيء لا يمكن لمن هم مثلك أن يفقهوا به... قوة ستبدد أية ظلمة " هتفت جاكلين بداخلها بوهن شديد.

" لا.. لا أتركني واللعنة " صرخت وصرخت بلا فائدة ليكمم فمها ذوق دمائه فأحست بشعور غريب...

شعور يطالبها بتذوق المزيد... انها دماء الرفيق... أكثر ما يشتهيه مصاص دماء من رفيقه هي دماءه !!.

" ما الذي يفعله هذا الأحمق هل يريد قتلنا جميعا يجب أن نوقفه " لكم مارك أحد الجنود واشتبك مع الآخر.

" لندعه يسير على حدسه... علينا أن ننقذ هيلينا" قال كريستوفر بينما يكسر عنق أحد جنود ايمبوريس لحسن حظه انه لم يخسر لياقته الجسدية الخارقة.

"ما الذي تقصده؟ ". سأله مارك لكن كريستوفر اكتفى بالصمت والقتال.

أما تشارلز فقرر التصدي لايمبوريس بنفسه وكان هذا سبب رفضه للتحول الى حوري.

فجأة ظهرت أنياب جاكلين لتنغرس في عنق ليام وتشرع بامتصاص دماءه بلا وعي منها، ليبتسم ليام بارتياح فسحر ايمبوريس بدأ يتلاشى، ظل يمسح على شعرها بحب هو يشعر بها يشعر بعودتها اليه " أنتِ معجزة القدر لي... أحبك جاكلين " همس بثقل بينما استمرت هي في امتصاص دماءه الى آخر قطرة منه..... الى أن توقف قلبه!!.

وسقط هو لتهوي هي الأخرى فوقه تحتضنه فاقدة للوعي على بلاط المعبد جوار تمثال الصدفة.

" جاكلين.. لااا!! " صرخ كريستوفر ليدفع بالجنود بعيدا عنه ويسرع الى شقيقته.

" ليااام!! " صدح صوت هيلينا لتنفجر الفقاعة التي أُحتجِزت بها وتتحرر منها لتهرع الى حيث يرقد كل من ليام وجاكلين.

تدريجيا استعاد ليام هيئته الاصلية كمستذئب وكذلك جاكلين واختفى ذيل كل منهما.

" لا نبض لأي منهما... يبدو أن كلاهما قد مات " قالت فرويلا ابنة الملك ايمبوريس بتهكم غير مبالية... الغريب أن نظراتها كلها مركزة على كريستوفر ... وكريستوفر فقط منذ أن ظهر في المعبد وقد نال اعجابها.

" لم يطلب أحد رأيك " قالت هيلينا على مضض بينما تجس نبض ليام وقد كانت محقة على أية حال فهو لا يملك نبضا ومن الطبيعي أن يتوقف نبض جاكلين ايضا فحياتها مرهونة على حياة رفيقها كمصاصة دماء أصلية.

تحول تشارلز الى ذئبه الالفا دوسار كي يتمكن من قتال إيمبوريس وكم كان خفيفا رغم ان ارض المعركة كانت وسط الماء، وكونه الفا عنصر الماء ساعده في ذلك.

في تلك اللحظة ظهرت فقاعة هوائية أحيطت بكل من ليام وجاكلين مفرغة كليا من مياه البحيرة كي يخفف عليهما ثم رفعتهما عاليا نحو سطح البحيرة حينها تبادل كل من دوسار وكريستوفر النظرات ليومئ له هذا الأخير بامتنان ثم يلحق بهما ارادت هيلينا اللحاق به لكن فرويلا واشقاءها حاولوا ايقافهما " الى أين تظنان انفسكما ذاهبين؟ ".

فجاة فرقتهم طلقة مائية حالت بينهم وبين هيلينا وكريستوفر " ساتصدى لهم أنا يمكنكم الذهاب " ظهرت ميدوري سيدة البحيرة رفقة الثوار من شعبها شعب الزافانا.

" اوه انظروا الى من انضم الى الحفلة اخيرا " لم تخلو كلمات فرويلا من السخرية لتشير الى الجنود بانقضاض عليهم وتبدا معركة طاحنة بينهم وبين شعب الزافانا.

واصل كل من كريستوفر وهيلينا بالسباحة نحو سطح البحيرة رفقة ليام وجاكلين ما ان وصلا الى اليابسة حتى استعاد كريستوفر هيئته كمصاص دماء.... تعاونا على وضعهما فوق سطح الثلج فالجو كان باردا جدا. ثم أحدث كريستوفر جرحا على معصم جاكلين لتتدفق دماؤها بغزارة منه، ليسكب قطرات منه على فم ليام.

"ما الذي تفعله؟ " صدمت هيلينا من تصرفه الغريب.

" أحاول انقاذ الأرض والعوالم الموازية الأربعة كما ترين ".

" ستحوله الى مصاص دماء؟!! ".

" هذه كانت رغبته وقد وعدته بذلك ".

" ماذا؟!.. هذا جنون.... جايكوب والقطيع لن يغفروا لك ".

" الأمر ليس له علاقة بالقطيع او جايكوب فقط.... هيلينا" ثم أشار بيده نحو السواد الذي بدأ يلف جسد جاكلين " بل بالعالم... اما أن أقتلع قلب شقيقتي الآن أو أحول ليام الى مصاص دماء.... ".

" ليام اختار أن يفقد ذئبه على أن يفقد حبيبته!! ".

" هذا صحيح لقد كانت هذه خطة ليام منذ البداية وجعلني أقسم على تنفيذ رغبته الأخيرة بعد أن اتفق مع ذئبه على ذلك ".

انهمرت دموع هيلينا من شدة الحزن لتهتاج باعتراض " أليس هناك طريقة اخرى لانقاذهما؟ ".

تنهد كريستوفر وكأن هناك حملا آخر وضع على عاتقه فهو يعي جيدا عاقبة ما يفعله، ها هو الآن يخلف بوعده لجايكوب بحماية ليام مقابل وعده لهذا الأخير عدا عن ذلك شقيقته لن تسامحه على فعلته " كان لدى ليام أمل في جاكلين ..... لكنها خيبت كل آماله... وآمالي أيضا.... أختي أصبحت أضعف مما توقعنا... وسحر ايمبوريس عليها زاد أمر سوءا... " ثم رفع بصره اليها ما ان جعل ليام يبتلع قدرا كافيا من دماء شقيقته قبل ان يتلوث بالظلام " للأسف ليس هناك حلا آخر... أنا آسف... لقد خسرنا ليام مسبقا... دماء رفيقته هي تذكرته الوحيدة للعودة ".

لم تتوقف هيلينا لحظة واحدة عن ذرف الدموع، فقد انهارت من شدة الحزن لتعود بذاكرتها الى أيام الطفولة عندما كانت تلعب مع ذئبه براوني.

🌟♥🌟

لقد غادرنا براوني دون وداع مضحيا بنفسه من أجل رفيقته.... ما أعظم الحب عندما يخلو من شوائب الأنانية... عندما تكمن راحتنا في سعادة من نحب... عندما تكون مستعدا للموت من أجل سلامة من نحب... وبراوني كان على دراية تامة بهذا الأمر منذ أن علم بكينونة رفيقته كمصاصة دماء... علم بأنه سيكون الطرف المضحي.. كي تخلد هذه العلاقة وقد حضر نفسه جدا للأمر.

" أظن أنه الوداع يا صديقي " تكلم برواني مخاطبا ليام في اللاوعي الخاص بهما ليبتسم ليام والدموع تتألق في عينيه، هو الآن مجبر على خسارة ذئبه.... مسح على فروه بحب مقبلا اياه ثم قال بنبرة متشبعة بالأسى " يبدو كذلك.. يا صاح يبدو كذلك ".

" اهتم بها جيدا.... أخبرها بأنني أحبها أكثر منك هل فهمت " قال ممازحا اياه لينفجر ليام باكيا لدرجة أن ساقاه لم تقو على حمله فجثى على الأرض دون أن يفلت عناقه لذئبه " أنا آسف... أنا حقا آسف... أتمنى أن تسامحني يوما ".

" هاي اهدأ... هذا لم يكن قرارك وحدك... بل كان قرارنا... فلا تحمل نفسك كل المسؤولية... المهم أن تكون هي بخير " بدأ جسد برواني بالتلاشي أمام أنظار ليام الذي كان يبكي بحرقة بالغة الى أن اختفى كليا " أخبر امي أنني احبها أيضا.. وأطلب منها بأن لا تقسو على رفيقتنا..... وداعا " كانت هذه آخر كلماته التي تردد صداها في ارجاء المكان فصرخ ليام بلوعة قلب شديدة شقت كبده يرثي وفاة صديقه لا يمكن للكلمات أن تصف حالته الآن.

من جهة أخرى قام كريستوفر بصنع حاجز طاقي عليهما، كي يستعد لأي طارئ قد يحدث فهو لا يدري ان كان ليام سيستيقظ أم لا، وهالة الظلام الخاصة بوحش جاكلين مستمرة في التدفق ...

بالنسبة لهيلينا فهي لم تتوقف لحظة واحدة عن البكاء بينما تحتضن يده بكفها تجلس بجواره " لمَ لم يستيقظ حتى الآن؟ ".

" سيأخذ الأمر بعض الوقت " قال ليرفعها اليه "هيلينا أصغي الي جيدا... علي نقلك الى مكان آمن".

" لا بل سأبقى هنا ".

نظر الى جاكلين التي غُلفت تماما بهالة الظلام وقد رفع جسدها عاليا ما جعل كريستوفر يضطرب بشدة " أرجوك لا تصعبي الأمر علي... أنتِ لا تدركين حجم الخطورة التي وُضعنا بها الآن.... لا أريد المجازفة بك ببقائك هنا ".

في تلك اللحظة انفجرت هالة الظلام وبدات تنتشر ليسرع كريستوفر باخراج هيلينا وتنحصر الهالة داخل الحاجز الطاقي فقط.

" سحقا!... هل تأخرنا؟ " ظل يراقب ما يحدث بحذر ودون سابق انذار انتشرت أشعة ضوء غريب اخترقت تلك الظلمة وبددتها.

ازدادت اشعة الضوء الابيض حدة لدرجة أن كليهما قد حجبا أعينهما عنه..... لم تسوعب هيلينا ما يجري لكن كريستوفر تهللت اساريره فرحا "في رماد الحرب وئدت ومن رحم رماد الحب ولدت" نبس بخفوت بكلمات ذات معنى.

ما ان تبدد ذلك الضوء حتى ظهرت خلفه عنقاء النور وحش جاكلين الطيب الذي تميز بريشه الأبيض المشع والذي عشقه جميع مصاصي الدماء سابقا شعب كوكب الفامبنيز.

وانتهى عهد عنقاء الظلام!!.

كان الطائر يحلق بأجنحته يراقصهما لدرجة أنه قد حطم ذلك الحاجز الطاقي مع اصداره لصوت بما يشبه العقعقة الخاصة بالصقور، وكأنه بذلك يعبر عن بهجته ويحتفل باستعادته لحريته أخيرا ... عندما وصل ذلك الصوت الى مسمع هيلينا تعجبت فحررت جفنيها لتفاجأ بأجمل طائر قد تراه عينيها، وأمامه كان يقف ليام يمسح على ريشه بحب ويضحك بسعادة غامرة.

" مدهش!!.... هل هذا وحش جاكلين؟..." أومأ لهما كريستوفر بالايجاب لتردف منبهرة " انه جميل.... جميل جدا!! ".

بعد لحظات استعادت جاكلين هئيتها لتقفز معانقة ليام حد عصره بين ذراعيها، ثم ابتعدت عنه وكوبت وجهه بين كفيها تتفحصه وتمعن النظر به " عيناك !! ".

" أعلم.... انهما أكثر جمالا مما كانا عليه سابقا..... صحيح؟ " مازحها بينما يفترس ملامحها وكم افتقدها... ضحكت لكن سرعان ما سالت دموعها لتشهق بالبكاء لتدفن وجهها في صدره " أنا آسفة.... آسفة جدا... أنا... " انتابتها غصة في حلقها وعجزت عن ايجاد الكلمات لتعبر عن مدى اعتذارها فبسببها تحول ليام الى مصاص دماء وفقد ذئبه.

" جاكلين!! " ناداها كريستوفر بينما يتقدم نحوهما.

" أخي " ركضت اليه وهي تقول بسعادة غامرة "أرأيت لقد استعدتها... وحشي عنقاء النور... استعدتها" لم تكن السعادة تسع قلبها فاحتضنته ليقبل رأسها برضا " أجل أعلم ذلك... سعيد لأجلك ".

أما هيلينا فضلت متسمرة الجسد مكانها تنظر الى ليام، وهي تتساءل في قرارة نفسها هل مع تغيره الداخلي تغيرت شخصيته؟ هل ما يزال ليام الذي عهدته؟.

أرادت الركض وضمه لكن التردد كان جليا عليها لذا بادر هو بالتقدم نحوها من غير أن تخلو تعابير وجهه عن الهدوء والسكينة.

" لا يناسبك اللون البنفسجي مطلقا " قالت بنبرة غلبها العبوس أرادت اغاظته فقد كانت غاضبة منه جدا لكنه أفرج عن ابتسامة زينت ثغره "حقا؟".

فضحكت رغما عنها هي الأخرى وسط سيل من الدموع أبت الا أن تخترق حصن عينيها في تلك اللحظة " لن تعضني ان عانقتك أليس كذلك؟ ".

تعالت قهقهاته ليجيب" بربك.... لست مستغنيا عن عنقي... أفضل أن تبقى رأسي مكانها " أنهى جملته مشيرا الى كريستوفر الذي كان منشغلا بالحديث مع شقيقته، ثم فتح لها ذراعيه لترتمي في أحضانه باكية فمسح على شعرها مضيفا " لا تقلقي لازلت كما عهدتني.... أخاكي الذي تحبينه... تحولي لم يغير شيئا".

" حسنا هذا يكفي " ابعدها كريستوفر عنه لغيرتها الشديدة عليها.

فانحنى ليام بوقار امامه تلقائيا " جلالتك " هو لم يعد لديه ولاء للالفاء والقطيع لقد أصبح ولاؤه الكامل للملكة وولي العهد لشعب الفامبنيز ليس بسبب تحوله فقط بل أيضا بسبب دماء جاكلين التي تسري في عروقه.

" كيف حالك ليام؟ ".

" بافضل حال سيدي ".

لفت انتباههم اضطراب البحيرة فمن الواضح أن حربا طاحنة تقام تحتها الآن "أرى انه علينا الاسراع لمساعدتهم " اقترح كريستوفر ليوافقه الجميع الرأي لكنه استثنى هيلينا في ذلك مستأنفا. " أنتِ ستبقين هنا هيلينا ".

" ماذا!!... بالتأكيد أنت تمزح.... لن ابقى سآتي معكم ".

" لا يمكنك التنفس تحت الماء هيلينا... لن أجازف بك... لا أحد لديه الوقت لمساعدتك في ذلك.. ".

" ولكن... ".

" من دون لكن... ابقي هنا مع جاكلين.... قد نحتاج الى دعم " قاطعها لتعترض جاكلين هي الأخرى ترفع احد حاجبيها باستياء " حسبتني سآتي معكما "..

حاوطها ليام بذراعيه ليطبع قبلة خفيفة على جبينها " سيدي معه حق... عليكِ البقاء هنا مع هيلينا حبيبتي وأخذ قسط من الراحة لربما نحتاج اليكم ان ساءت الأمور ".

" حسنا سأنتظرك عزيزي " وافقت سريعا ليرمقها شقيقها بنظرة متعجبة بمعنى 'حقا؟!!! '.

لكن هيلينا كانت منزعجة وودت لو انضمت الى الحرب ضد ايمبوريس ومع ذلك وافقت على مضض ليقفز كل من كريستوفر وليام داخل البحيرة.

🌟♥🌟

في قاع البحيرة وعلى ساحة المعبد كان الصراع بين شعب الزافانا وجنود ايمبوريس عنيفا جدا، رغم ما يتمتعون به من سحر الا أن ذلك لم يكن كافيا مع العتاد السحري الذي زودهم به ملكم فقد تجهز للأمر جيدا، لذا الطرفين كادا ليكونا متكافئين نوعا ما لولا الفارق في العدد الذي يصب في صالح العدو.

فرت زوجات الملك هربا للنجاة بحياتهن ومعهن بعضا من أبنائهم في حين بقي بعضهم يقاتل ليثبت نفسه أمام ابيه طمعا في الملك.

استنزفت كل قوة مارك في القتال لعددهم الهائل بعد ان أعادت له الأميرة ميدوري هيئته السابقة فعادت معه قواه السحرية... لم يعد بمقدوره المواصلة فتلقى العديد من الضربات التي انهكته.

بالنسبة لذئب الملك تشارلز والأميرة ميدوري فاتحدا معا ضد الملك المستبد ، ولكن من أين لهم الغلبة عليه ان كان يملك قوة سحر أكثر من مئة الف حوري زافانا اضافة الى قوة سيد البحيرة خالصة... لا يمكن!!... بل مستحيل!!....

ايمبوريس كان أقوى مما يتخيل أي منهم... وقوة ميدوري لم تستيقظ بشكل كامل بعد... دوسار أيضا يحتاج لسيفه كي يحسم الأمر ... ولكن كيف!.

رفع ايمبوريس صولجانه السحري ثم حركه ليتوهج ويصدر دوامات مائية صغيرة أجل لكنها قوية جدا وعنيفة تكفي لتحمي بداخلها شخص واحدا وهذا كان المراد منها اذ طاردت كلا من دوسار وميدوي اللذان حاولا بكل قوتهما صدها الا أنها تمكنت من ابتلاعهما كل على حدى.

وما ان أصبحا بداخلها حتى اضحت تطلق عليهما شرارات كهربائية شديدة " كان عليكما التفكير مليا قبل مجابهتي " ضحك بشر بينما يراقبهما كيف يصارعان للخلاص من تلك الدوامة التي علقا بها.

رأى مارك ما يحدث لهما ليقرر استخدام ما تبقى من قوته لايقاف الدوامتين التي رمت بكل منهما ارضا خائري القوى.

غضب ايمبوريس بشدة فاستخدم صولجانه مرة أخرى ليمسكه بسوط مائي رفعه اليه... لم يكن بمقدور مارك المقاومة لذا استسلم له ينتظر مصيره بقلة حيلة.... قيده من اطرافه الأربعة عاليا بقيود من ماء ... ثم استخدم سحره يرفع مجموعة من الصخور الصغيرة بدات تدور حول نفسها في مكانها لتحول الى اوتاد صخرية.... تدور بقوة موجهة صوب مارك " سأبدأ بهذه الحشرة أولا.. ثم سأكمل مع البقية... الموت هو مصير كل شخص يقف في طريقي " ثم وجه بصره الى الذئب دوسار الذي لم يعد يقوى على الوقوف بسبب تلك الصعقات التي تلقاها " لا تقلق ألفا عنصر الماء... فأنا احتاج اليك حيا يا عزيزي.... عليك ان تشكر سيفك على ذلك... فهو خلاصي من لعنتي ".

وما ان أنهى جملته حتى أطلق تلك الاوتاد نحو مارك وقبل أن تصل اليه أوقفتها طلقات كريستوفر الجليدية لينقذه في الوقت المناسب " آمل بأن لا أكون قد تأخرت " وقف كريستوفر أمام ايمبوريس ليتكفل ليام بتحريره ابتسم مارك بوهن ليجيب " لا ليس كثيرا ".

" هيا سأساعدك في الصعود الى السطح... تحتاج الى الهواء " أومأ له وقد عاد الى شكله الطبيعي كساحر متخلصا من ذلك الذيل ثم قال سريعا " هااي ما خطب عيناك؟ ".

" انها علامة على ولادة جديدة كما تعلم... " رد ليام الا انه ظل يحدق به غير مصدق ليردف بضيق " هيا فهيلينا ستساعدك على علاج جراحك هذه " اسنده على كتفه ثم سبح سريعا به نحو السطح...

سريعا جدا بقوة مصاص دماء التي اكتسبها حديثا !!.

ظل كل من كريستوفر وايمبوريس يتبادلان النظرات الحارقة ثم قطع كريستوفر ذلك التواصل بينهما ملتفتا الى دوسار الملقى على الأرض " أهكذا تنوي استعادة سيف جدك؟... لن تحصل على السيف ما دمت ضعيفا هكذا امام خصمك.... السيف لن يظهر الا اذا أثبت جدارتك واستحقاقيتك به.... هيا انهض ولقن هذا الوغد درسا لن ينساه.... ".

تحامل دوسار على نفسه لينهض رغم الألم الذي يسكن كل خلية من جسده " هل أنتِ بخير؟ ". همس بوهن لميدوري لتومئ له ب 'أجل'.... فاستقام كلاهما وقررا مواصلة القتال.

" أبي ما رأيك أن تترك هذا الوسيم لي؟ " ظهرت فرويلا والخبث يتقطر من عينيها لتلعق شفتيها بطريقة جعلته يشعر بالتقزز منها.

" حسنا... انه لك " قال بعد أن عزز من قواها السحرية لدرجة أن جسدها تضخم ثلاثة أضعاف، مع بروز عضلات اكتست الجزء العلوي من جسمها " اريد رأسه زينة في غرفتي " أردف لها آمرا لتقهقه بشر " كما تريد " فانقضت على كريستوفر تكيله بوابل من اللكمات في حين ظل هو في وضع الدفاع يحمي وجهه من قبضتيها.

أما دوسار فعاد للقتال ضد ايمبوريس بعد أن حفزته كلمات كريستوفر ومنحته بعضا من القوة، ليشير الى ميدوري التي هزت رأسها بالموافقة وانطلقا نحو ايمبوريس بكل قوتهما.

كانت المعركة عنيفة جدا تحت الماء وحتى الآن ماتزال الكفة تميل في صالح ايمبوريس وابنته التي من حسن حظها أن كريستوفر عاجز عن تحرير وحشيه بسبب الماء لميزة النار التي يتمتع بها بلوم فظل في وضع الدفاع وصد هجومات فرويلا عليه، بينما يفكر في خطة يوقعها بها و يتخلص منها.

رمى مجددا بوتد جليدي نحوها ينوي اصابتها وابعادها لكنها تفادته كما فعلت منذ أن بدأ القتال ثم كونت جدارا مائيا كالمطاط يصد الضربة ويردها الى صاحبها  ليحمي ظهرها " أتظن أن حيلتك ستنطلي علي مجددا؟..." ثم حدقت بكتفها الذي أصيب بأحد الأوتاد التي ارتدت عائدة اليها من الخلف دون تنتبه قبل قليل، والذي بدأ يتماثل للشفاء سريعا !!.

حركت يديها عشوائيا لتجتمع الأسماك الصغيرة المفترسة حوله " سأجعل جسدك طعاما لأسماكي المتوحشة... لا شك بأن صنفك سيعجبها ".

لم يتفوه بأية كلمة بل ظل جامدا طوال الوقت وأزعجه تقييد تلك الأسماك له لدرجة أنه أصبح عاجزا عن الحراك بسبب احتشادها  حول جسده وهي تحاول التهامه رغم صلابة جسده، دنت منه أكثر وأشارت للاسماك بأن يتجمعوا حول يديه وساقيه فقط لتمعن النظر في تفاصيل جسده التي أغرتها حد اللعنة، مسحت بأناملها الخشنة على صدره " ما رأيك بأن تصبح ملكي وسأتوسط لك عند والدي بابقائك حيا ". ثم سمحت لنفسها بتحسس وجهه وصولا عند شفتيه، لم يبد أية ردة فعل بل ظل جامدا بلا تعابير وجه تذكر منه، فأسات فهم ذلك لتقترب منه أكثر عند حدود شفتيه تنوي تقبيله " أتوق لتذوقهما منذ أن وقع بصري عليك أول مرة " همست بانتشاء تنجذب نحوه تهم بالتهام شفتيه.

وقبل أن تفعل توقفت فجأة وهتز جسدها لثانيتين ثم سكنت حركتها، رفعت بصرها اليه في صدمة ثم انزلتهما نحو صدرها وتحديها عند الوتد الجليدي الضخم الذي توسطه !!.

ارتفعت زاوية شفتي كريستوفر في بسمة ساخرة فقد كانت هذه هي خطته منذ أن اصابها اول مرة، وضع نفسه موضع ضحية لايهامها بالنصر كي ترخي دفاعاتها.

فاطلاقه للوتد الجليدي لم يكن عبثيا بل هذه المرة جعله يرتد عائدا مرورا بجسده ليخترق صدرها من الأمام من غير أن يؤذي نفسه، فالوتد يتحلل داخله ثم يعود ليتشكل مجدد عند خروجه !!.

رفع كريستوفر درجة حرارة جسده لدرجة أن الماء اصبح يغلي حوله، حركة جعلت الاسماك تفر هربا منه ليحرر نفسه منها، ثم اقترب من فرويلا التي كانت تحتضر على بلاط المعبد " ما فعلته بك الآن أرحم بكثير مما كانت ستفعله بك رفيقتي ان رأتك تعبثين بما يخصها... ما كانت لتمنحك موتا رحيما كهذا.... فهذا الجسد كان وسيظل ملك لها فقط " ثم احدث فرقعة باصابعه لينتشر الجليد ابتداءا من ذلك الوتد الذي يخترقها مرورا على جسدها بالكامل لتصرخ فرويلا من شدة الذعر والألم، الى ان كتمت صرخاتها مع تحولها الى تمثال جليدي، ضربه بقدمه بلا مبالاة فانكسر الى عدة قطع متوزعة.

لقد كان حريصا على ابقاء رأسها سليما من التهشم.

♥🌟♥

على الجانب الآخر وتحديدا عند اليابسة وصل ليام رفقة مارك المدمي والمنهك ساعده على الجلوس بجانب أحد الأشجار لتتولى هيلينا علاجه باستخدام ليلي.

" كيف هي الأحوال هناك؟ " سألته جاكلين تمسح على شعره المبلل.

ظل نظر ليام مركزا على مارك وكأنه يقاوم شيئا ما في داخله ليجيب " سيئة... سيئة جدا... ايمبوريس أقوى مما تخيلنا " مسح على جبينه وقد أحست جاكلين بما يشعر به لتنقل بصرها الى مارك هي الأخرى وتحديدا عند دمائه.

" لم تشرب الدماء منذ تحولك وهذا ليس جيدا " قالت لتسحبه بعيدا على مارك " تعال معي ".

" الى أين؟ ".

" سنبحث عن حيوان يساعدك على تخفيف تعطشك للدماء ".

" لا أريد " لم ترق له فكرة شربه للدماء بل لا يمكنه تخيل نفسه وهو يفعل ذلك لقد عاش طوال عمره كمستذئب يحيى على اللحوم.

" ستأتي معي شئت أم أبيت... يجب أن نجد مصدرا للدماء في أسرع وقت ".

" لماذا ؟ ".

" لأنك ستموت خلال ساعات ان لم تشربه يا غبي... صحيح أن دماء الحيوانات لا تكفي ولكنها ستفي بالغرض " لقد كانت خائفة عليه وأكثر وما يخيفها الآن هو عدم ايجادهم لأي حيوان في هذه الأجواء المثلجة قد تضطر الى استخدام ميزة الانتقال المباشر الى مكان يقطنه البشر علها تجد مرادها هناك.

بالتأكيد ليس دماء البشر !!...

أو ربما !!.

" اذهبا سأبقى مع مارك الى أن يتحسن وأنتظر البقية " قالت على مضض الى الآن لم تتقبل فكرة تحوله كمصاص دماء.... أمسكت جاكلين يد ليام واختفيا في لمح البصر.

تنهدت بحزن بينما تحدق في الفراغ لتهمس "جاكوب وجوني لن يتقبلا تحوله هذا... أخشى أن تتصدع العلاقة بين جايكوب وكريستوفر بسبب ذلك ".

" لندع أن تمر الأمور على خير "  قال مارك بثقل ليغط بعدها في نوم عميق فوق الثلوج من شدة الارهاق والتعب.

ليس سهلا القتال وسط حلبة من ماء.

♥🌟♥


احتدم القتال بين ايمبوريس وميدوري والذئب دوسار الذي تحامل على نفسه كي يستمر، وانضم اليهم كريستوفر بعد ان تخلص من فرويلا.

وقف امبوريس للحظات ينقل النظرات بينه وبين تمثال فرويلا المهشم ليقول بعد أن تحولت نظراته المنصدمة الى أخرى قاتلة " قتلت ابنتي !! ".

وضع كريستوفر يداه في جيب بنطاله يبتسم بخبث " حسنا لقد تركت لك رأسها سليما كي تجعله زينة في غرفتك لتتذكرها... اوه! .... هذا ان بقيت حيا ".

" سحقا لك " صر على أسنانه بغيض فرويلا كانت اكثر أبناءه تفضيلا بل كان يخطط لجعلها وريثة لعرشه.

ودون سابق انذار تضخم جسده أضعافا واضعاف وتغير لون بشرته الى الرمادي لتصبح أكثر خشونة " سأجعلك تدفع ثمن فعلتك.... سأقتلكم جميعا " صدح صوته يندد بالانتقام.

" هذا ليس جيدا " تمتمت ميدوري بينما تحدق به بدهشة من حجمه الخيالي امامها.

ظهرت مجموعة من الدوامات حوله تدور بعنف لتبدا الصواعق بالضرب بشكل عشوائي لم يعد لديهم فرصة للفرار حتى.

"ليتراجع الجميع حالا " أمرت ميدوري باستعجال ليفر جنود ايمبوريس خوفا على حياتهم وابتعد شعب حوريات زافانا كما أمروا.

ابيضت عينا ايمبوريس بالكامل وتعالت صرخاته تزلزل القلوب، رفع يديه عاليا لتظهر امطار من الشهب كالسهم المشع شرع اختراق اجساد الجميع في حين ظل كريستوفر يتفاداها لتشكل ميدوري حاجزا يحميها من تلك الشهب الحادة.

" لقد فقد صوابه حد قتله لجنوده وشعبه " قال تشارلز بعد أن استعاد هيئته ولحسن حظه أن كارمن منحته طوقا سحريا كخاصة جون سابقا ليستعيد ثيابه عند كل تحول له ليستأنف " علينا ايقافه".

لم يكن بمقدور ميدوري تحمل تلك الضربات القوية لذا سرعان ما تلاشى ذلك الحاجز لتنهال عليهم السهام وقد ازداد عددها عندها أسرع كريستوفر بصنع حاجز آخر من الجليد الصلب " ربما علينا الانسحاب... فالوضع أصبح خطيرا جدا".

" لا بل سأقاتله... لن أستسلم " اعترض تشارلز بقوة وكم احس بالغضب الشديد من نفسه لعجزه في مقاتلة هذا الطاغي.... لم يتوقع أن يكون ضعيفا هكدا أمامه حتى ذئبه لم يعد بامكانه الاستمرار.

في تلك الاثناء ركز ايمبوريس سهامه شعاعية الحادة نحوهم ينوي القضاء عليهم ليتمكن جليد كريستوفر من صده لكن وللاسف لم يصمد لفترة طويلة اذ تمكنوا من اختراقه.... كريستوفر تفادها بلمح البصر أما ميدوري فلسوء حظها لم تستطع وقد أصيب ذيلها بشدة ما جعلها تعجز عن الهرب لتستهدفها السهام، أغمضت عينها تتجهز لحتفها ولكن...

لم يحدث شيء !!.

فتحت عينيها لتجد تشارلز يقف حائلا يفتديها بجسده والغربب في الأمر أن الأسهم توقفت امامه من غير أن تتلاشى وكأن الزمن قد توقف للحظات وتوقف معه كل شيء.

ارتفعت قلادته تحمل مفتاح عنصر الماء من بين ثيابه تتوهج بشدة أمام وجهه ومن الواضح أنها السبب فيما يحدث الآن.

قال كريستوفر بينما يقترب منه " قلادتك!! ".

أمسكها بين يديها يتأملها " أجل يبدو أني قد اقتربت من هدفي ".

لفت انتباههم سقوط سيدة البحيرة نحو القاع شبه فاقدة للوعي بعد اصابتها ليلحقوا بها وقبل أن تصل أمسكتها احدى دوامات ايمبوريس لتنقلها اليه وتصبح بين يديه رهينة " لطالما حلمت بهذه اللحظة.... اللحظة التي يصبح فيها موتك رهن اشارة مني " بدات الدوامة تضيق عليها أكثر فأكثر ليستدير نحو تشارلز والشرر يتطاير من عينيه " اما ان تستسلم لي... أو ودع هذه الخرقاء ".

" سحقا !! " كور تشارلز قبضة يده يكبت غيضه خفت ضوء مفتاحه وتوقف عن التوج ليتوسم صدره من جديد، في حين ظل كريستوفر هادئا يراقب الوضع ويفكر في خطة تخرجهم من مصيبتهم هذه.

ظلت الدوامة تضيق على ميدوري بشدة لتظهر تعابير الألم جليا على قسمات وجهها ناهيك عن الصعقات الكهربائية التي كانت تضربها بين الحين والآخر.

" توقف " صاح تشارلز بنفاذ صبر ليردف بسرعة " حسنا سأفعل ما تريد ".

" أريد سيف الجليد ناهيك عن رأس صديقك السافل ذاك " أشار باصبعه نحو كريستوفر .

نظر اليه تشارلز بقلة حيلة لا يدري ما عليه فعله ليفاجئه كريستوفر برده قائلا " لك ذلك ولكن لذي شرط ".

" ماذا ؟!... هل جننت؟ " اعترض تشارلز.

ضحك الملك بشدة " لست في وضع يسمح لك بوضع الشروط ولكن مع ذلك لنرى ما لديك ".

" أريد أن تحرر ميدوري في المقابل سأحل مكانها وأعدك بانني لن أهرب... بامكانك فعل ما يحلو لك بي لن أحرك ساكنا".
سحبه تشارلز من ذراعه ليهمس متغضن الحاجبين " فيما تفكر؟ ... هل فقدت صوابك؟ ".

مسح ايمبوريس لحيته البيضاء يفكر بطلب كريستوفر ثم قال " كيف أضمن أنك لن تغدر بي؟ ".

رفع كلتا يديه باستسلام تام رادا بكل ثقة " يمكنك احتجازي في دوامة من الآن ان شئت... ولكن " تغيرت نظراته الى أخرى أكثر جدية " ان لم تحرر ميدوري حينها سأحرر نفسي بلمح البصر.. قد لا أتمكن من انقاذ ميدوري وربما أخسر الكثير ولكن لن اتوقف حتى يصبح قلبك بين يدي.. وأنا جاد في كل كلمة اقولها ".

عقد الملك حاجبيه مندهش من جرأة كريستوفر في تهديده رغم أن الكفة تميل في صالحه لكن سرعان ما حرك اصبعه لتحرر الدوامة ميدوري وقبل أن تلتقط كريستوفر استدار هذا الاخير نحو تشارلز ليبتسم له ويرمي له بغمزة.

امسك تشارلز ميدوري في حين التقطت الدوامة كريستوفر وتشرع في تعذبيه اذ لم تتوقف الصعقات عن ضربه لحظة واحدة.

في تلك الأثناء كانت هيلينا تتلوى من شدة الألم فالرابط الذي بينهما وبعد وسمه لها ازداد قوة بات بامكانها الشعور بألمه.

ازداد شعور تشارلز باليأس وعجزه عن فعل أي شيء لتخليص كريستوفر، هو لا يفهم لم فعل ذلك مخاطرا بنفسه رغم ادراكه بأن الملك يتربصه منذ ان قتل ابنته.... أخرجه من شروده ظهور مجموعة من شعب الزافانا اثنان منهما امسكا بالاميرة يسندانها " سنساعدك... نحن نثق بك ".

كانت هذه كلمات أحدهم لتفتح عيني تشارلز لحقيقة جهلها، وهي أن كريستوفر لم يفعل ذلك من أجل ميدوري وحسب بل من أجله، يريد أن يعزز من ثقته بنفسه.... وضع حياته على المحك لاجباره على اخراج أفضل ما لديه ضد امبوريس فهذه معركته هو وحده وامتحانه الذي يجب أن يخوضه بنجاح لتكتمل قواه...

ازداد عدد افراد شعب الزافانا المحيطين به ينتظرون اشارته... ولكن هو لا يريد المخاطرة بهم يدرك جيدا أن ايمبوريس قوي جدا وسيعد قتاله انتحارا...

عليه أن يجد السيف.... ولكن من أين يبدأ ؟!!.

التمعت القلادة مجددا في صدره ولكن هذه المرة راحت تسحبه بقوة نحو القاع في اتجاه معين " انقلوا سيدة البحيرة الى مكان آمن.... وحاولوا اشغاله لبعض الوقت الى حين عودتي... أيمكنكم فعل ذلك؟ ".

أوماوا له جميعا موافقين ليرفع راسه الى حيث حبس كريستوفر متمتما " تحمل قليلا لن اتأخر عليك ".

داخل الدوامة ابتسم كريستوفر فقد سمع ما قاله لكن أكثر ما يشغل باله هو حال هيلينا الآن وان كان ستتحمل هي حتى ذلك الوقت.

هجم جنود شعب الزافانا على الملك في حين غادر تشارلز المكان الى حيث يقوده المفتاح... نزل الى اعماق البحيرة داخل شق مظلم قاده نحو كهف، سبح داخله بحذر شديد الى أن وصل الى مكان أُنير بكريستالات بيضاءمتوزعة حول محيط جدرانه.

لفته صوت دقات غريبة تشبه نوعا ما دقات قلب لتتيقظ حواسه لظنه بان هذه الدقات التي تهز الكهف هكذا لا تنتمي سوى الى وحش ضخم يقبع فيه.... توقف المفتاح عن سحبه وعاد الى طبيعته ليكمل طريقه بمفرده ببطء وهو يتساءل في قرارة نفسه لمَ المفتاح قاده الى هذا المكان المريب.

توقفت خطواته ما ان وصل الى عمق الكهف... الانبهار كلمة تكفي لتصف حالته في تلك اللحظة وهو يقف مشدوها أمام قنديل بحر ضخم المتوهج بأطرافه المتعددة بنفسجي اللون تتموج مع الماء بالعرض البطيئ كما لو كان نجمة متألقة تكسر عتمة السماء.

لم ير في حياته قنديل بحر عجيب كهذا، ازداد توهجه لدرجة جعلت تشارلز يغمض عينيه مكرها فلم يقوى على رؤية ذلك الضوء الشديد " افتح عينيك ايها الملك المخلص " صوت انثوي رنان عذب وصل الى مسمعه جعلته يحرر جفنيه ويفاجأ بجسد امراة ممشوقة القوام، ضخم نسبيا متشكل من الماء تضع على راسها تاج أزرق تحمل ذلك القنديل تمسح بلطف على راسه كما لو كان حيونها الأليف.

" أنتِ!! .... أنتِ دافني... روح الماء لقد قرات عنك ِ كثيرا... أنه لشرف عظيم لي مقابلتك شخصيا سيدتي " انحنى لها بوقار لتمنحه ابتسامة رضا " يسرني رؤية ملك شجاع مثلك .. ولكن نظرا لضيق الوقت لدي سؤال ".

" تفضلي سيدتي.. أنا طوع امرك ".

" ماذا تعرف عن الهرم المملكي؟ ".

" الهرم المملكي؟!! " رفع حاجبه متعجا من سؤالها.

" بعض الممالك في بداياتها تبدأ من الصفر.... لتتطور وتزدهر... من مجرد مملكة صغيرة الى امبراطورية كبرى تتمتع بكل الثروات والخيرات وهكذا الى أن تصل الى القمة... قمة الهرم... وبقاؤها هناك يعتمد على مدى نزاهة و اخلاص مترأسيها من الملوك ومن يقودها من النبلاء نحو شعبهم، غير ذلك قد تسقط نحو القاع فتنتهي تدريجيا ليبدا عهد مملكة أخرى... أرى ان مملكتك متوقفة في المنتصف...

لنقل انها كذلك بفضلك والا لكان مصيرها نحو القاع في عهد أبيك ".

اخفض بصره يفكر في كلماتها بروية... هي محقة نوعا ما.... فمنذ ان تولى والده الحكم تغيرت أحداث كثيرا في المملكة بسبب عداءه الشرس مع قطيع المخلب الملتهب ادخل المملكة في حروب عدة وآخرها لا ينكر انها كانت بسببه مما ادى الى مقتله هو والعديد من الجنود... أمر لم يستطع ان يسامح نفسه عليه حتى الآن بل يحمل نفسه كامل المسؤولية... لذا يرفض أن يحذو حذو أبيه.

الآن وبعد تذكره للأمر يشعر بانه لا يستحق ذلك السيف.

" ما الأمر تشارلز فيما تفكر؟ ".

" لا أشعر بأنني أستحق قوة ذلك السيف ولكن.. ".

" ولكن ماذا ؟ ".

" أصدقائي.... وكل العوالم الأربعة تعتمد عليه كوني أحد ألفا العناصر الأربعة الا انني أرى بعدم أحقيتي له " .

" ألأنك تشعر بالضعف أم لسبب آخر؟ ".

صمت ولم يجب هو لا يملك الشجاعة حتى ليعترف بضعفه لتبتسم وتقترب منه مستأتفة حديثها " صدقني ما فعلته منذ زمن لا اظن ان غيرك كان ليقوى على فعله... ليس سهلا ان تخاطر لتضع نفسك موضع الاتهام من طرف اقرب الناس اليك....

من اجل اقرب الناس اليك !!...

برايي ستكون ملكا عظيما سابقا لعصرك... ووحدك من يستحق قوة هذا السيف.... مخلصا لاحبائك وعادلا يرفض الظلم.... مضحي ان قضت الحاجة جميع هاته الصفات اجتمعت فيك....

فهينئا لشعبك بك.... قد رُفعت لعنتي " ازدادت ابتسامتها اتساعا وقبل أن يسألها عما كان تقصده وضعت ذلك القنديل أمام ناظريه فتسارعت نباضته بقوه واختفى وسط ضوء سطع بشدة ليتلاشى تدريجيا ويظهر صندوق بين اناملها، توهج مفتاح تشارلز مرة أخرى ليمسكه منتزعا اياه عن عنقه، فتحه بسرعة ليجد مقبض سيف كريستالي عليه نقوش ورسومات بدى كتحفة فنية واثرية نادرة تسرق قلب أي عاشق للسيوف بانواعها.... توسطه رمز الماء يتألق.

أخذه ورفعه امامه ليتوهج رمز الماء فيه فينبثق منه جليد راح يتشكل تدريجيا الى أن اصبح امامه سيفا متكاملا

سيف الجليد الأسطوري !!.

" مدهش !!".

" انه ارثك من جدك حافظ عليه ولا ترفعه سوى على عنق الظالمين " أوصته لتختفي بعدها من امام ناظريه واختفى كل شيء من حوله فجأة ليجد نفسه على مسافة ليست ببعيدة عن أرض المعركة... شدد قبضته على السيف لترتسم علامات الجدية على وجهه يخطط للقضاء على ايمبوريس والظالمين من شعبه.

في تلك الاثناء كان ايمبوريس قد أطاح بجنود حوريات الزافانا جميعا وصل غضبه حد قتلهم جميعا خاصة عندما علم بغياب تشارلز ظنا منه بأنه قد لاذ بالفرار.... أخرج كريستوفر من سجن تلك الدوامة التي افقدته كل طاقته نتيجة لكمية الصعق الذي تلقاه لينقله الى سجن آخر بين يديه....

قيده بيد واحد كعصفور حبيس لأصابعه يضغط عليه بكل قوته !!.

" سأقتلك وانتقم لابنتي منك.... " بدا بعصره تدريجيا ليعذبه أكثر قبل قتله وكل ما ناله منه هو ابتسامة واهنة اربكته... نعم لقد ابتسم كريستوفر رغم وضعه الحالي ما جعل ايمبوريس يغتاض بشدة.. هل يستهزئ به؟... ألهذه الدرجة مستعجل لموته؟.

ما لم ينتبه له ايمبوريس هو عودة تشارلز وقد شعر به كريستوفر " كنت أعلم... بــ... ـأنك... لـ.. ـن... تخذلني " أخرج كلمات على نفس متقطع مختنق وقبل ان يستوعب الملك ما يعنيه كانت يده قد فُصلت عن جسده وقُطعت ليتحرر كريستوفر... استدار ايمبوريس الى حيث يقف تشارلز لتقع عيناه على سيف الجليد.

لا يدر أعليه أن يسعد لذلك أم يدق ناقوس الخطر الذي بات يحوم حول حياته.... وعند تلك اللحظة بالذات أدرك أن السيف لم يكن وسيلته للتحرر من لعنة  البحيرة كما كان يظن بالمعنى الحرفي.

السيف ما كان ليخرجه من البحيرة الا ميتا !!.

لقد اقترف خطأ جسيما بترك جلاده حيا !!.

هو لم يشعر بوجوده بل لم ير هجومه اساسا !!.

" لقد حان وقت دفع ثمن ما اقترفته في حق شعب الزافانا أنت وشعبك.... حان الوقت لأطهر هذه البحيرة منكم " بكلمات متشبعة بالثقة توعد تشارلز بالعدالة التي حلمت بها جميع حوريات الزافانا التي استعمرت غدرا.

نظر ايمبوريس الى مكان يده اليسرى التي قُطعت مطولا ثم رفع رأسه عاليا نحو سطح البحيرة وكأنه يخاطبها متجاهلا تشارلز " لقد أصبحت تحت سيطرته الآن أليس كذلك؟... لذلك توقفت جميع دواماتي التي أطلقتها... " ثم أخفض رأسه وكانه يخاطب نفسه " كيف لم أشعر بذلك؟... كيف لم أعِ ان ذلك السيف ماهو الا لعنة أخرى؟ " قبض على يمناه بقوة ليكمل أخيرا موجها نظرات الحقد نحو تشارلز " حسنا ان كنت سأموت... فلن اموت بمفردي... ساعقد رباط الموت حولكم جميعا واسحبكم معي نحو قاع الجحيم ".

رفع تشارلز سيفه عاليا متأهبا لقتاله في حين ظل جسد كريستوفر يتهاوى نحو القاع وكل تفكيره في هيلينا وحالها بعد المخاطرة الي قام بها ليحفز تشارلز " سامحيني... هيلينا كان علي فعل ذلك " أغمض عينيه مستسلما بالكامل للظلمة التي احيطت به مغشيا عليه.

من جهة اخرى تحولت عينا ايمبوريس الى شرارات بيضاء لتبدأ الصواعق الكهربائية بالخروج من جسد ايمبوريس لتضرب اماكن متفرقة من البحيرة حتى شعبه لم يسلم منها..

" ما الذي يخطط له هذا الحقير ؟ ". تساءل تشارلز.

" انه يخطط لتفجير نفسه وتفجيرنا معا بالصواعق" اتت ميدوري لتنضم اليه بعد ان استعادت عافيتها.

ادرك ما تعنيه عندما وجد ان صعقاته تفجر اي حوري تضربه وتحوله الى رماد لم يعد ايمبوريس يفرق بين عدو وحليف.. انه يقتل الجميع في كل مكان !!.

*
*
*
على الجانب الآخر وتحديدا عند اليابسة التي تغير الطقس فيها جذريا لتختفي الثلوج ويعود النسيم الدافئ، و اكتست الغابة بحلة ربيعية لتعود الحيوانات الى نشاطها بعد سنوات من الاختباء ونتيجة لذلك كل من ليام وجاكلين فهذه الاخيرة قد أحست بأن شقيقها في خطر محدق.

فوجئ كل منهما بهيلينا ملقات على الأرض فاقدة للوعي " يا الهي هيلينا... هيلينا استيقظي " راحت جاكلين تهزها بعنف علها تستفق لكن بلا جدوى.

اما ليام فراح يوقظ مارك الذي كان يغط في نوم عميق جدا " استفق يا مارك حبا بالآلهة... هذا ليس وقت للنوم".

فتح عينيه بصعوبة بالغة ليجد ليام يحدق فيه قلقا " ما الذي فاتني؟ ".

" أيها الأحمق ما الذي فعلته لهيلينا ".

" هيلينا ؟! " تساءل بحيرة ليعدل من جلوسه ومازال تاثير النوم باد عليه " انا لم افعل شيئا.. لقد كنت نائما منذ ان غادرتما " ثم جال ببصره ارجاء المكان ليضيف بخمول " ما هذا المكان ؟... هل نحن في الجنة ؟ ".

" ليام انظر ". صاحت جاكلين برعب ليسرع اليها في لمح البصر لقد كانت تحتضن هلينا وتوجه اصبعها نحو البحيرة التي كانت تطلق صواعق كهربائية عنيفة.

" ترى ما الذي يحدث الآن ؟ " تمتم ليام لتزداد دهشته عندما رأى احدى الصواعق تضرب طائرا كان يغرد فوقها فانفجر وتحول الى رماد.

" يا الهي أخي !! " هتفت جاكلين بخوف شديد.

" علينا أن نساعدهم " اندفع ليام يهم بالقفز الى البحيرة ليوقفه مارك مسرعا ويشكل حاجزا طاقيا سحريا يحتوي تلك الصعقات " ألا ترى بان مياه البحيرة مكهربة الآن... صدقني ستموت عند أول قفزة لك... ".

" ماذا؟... أتقترح أن نبقى هكذا مكتوفي الأيدي نشاهد ونحسب".

نظر مارك مطولا الى البحيرة وبأسف شديد قال " لا خيار آخر امامنا... لندعوا بأن يكونوا بخير جميعا ".

اجهشت جاكلين بالبكاء " لن أحتمل اذا حدث لأخي أي مكروه ".

جلس ليام بجوارها ليضمها اليه يطمئنها بينما يمسح على شعر هيلينا " لا تقلقِ أنا واثق بانهم سيتدبرون أمرهم... سيكونون بخير.. فسيدي قوي وسيحميهم ".

*
*
*

" ماذا علينا أن نفعل؟ " سألها وقد بدى عليه التوتر.

" أنت تتحكم بالبحيرة الآن يمكنك ايقافه ".

" ولكن ماذا عن الجميع... لا يمكنني تركه يقوم بقتلهم هكذا".

كانت ستقول ومن يهتم دعهم يموتون فهم يستحقون ذلك لكن اصوات صراخهم جعلها تتراجع وكم لان قلبها رأفة بهم هي لا تنكر بأنها طوال حياتها لم تتمنى سوى موتهم جميعا... لم تتمنى سوى الانتقام.

أما الآن فشيئ ما قد تغير هي تشفق عليهم.. تراهم يفرون هلعين رغبة في النجاة " اريد انقاذهم " هدرت بهمس بينها وبين ونفسها لكن كلماتها قد وصلته بوضوح.

صوت دقات قلب عاد الى مسمعه من جديد ليظهر قنديل البحر الذي رآه قبل قليل أمامهم وتحديدا أمام ميدوري.... دهشت لارؤيته " أنه قلب البحيرة !! ".

" هذا يفسر تلك النبضات العنيفة " قال تشارلز.

" التواصل معك كان صعبا بسبب كمية الحقد الذي كان يغلف محيط قلبك... رغبتك في الانتقام لوثت روحك النقية... كل ما كان في استطاعتي هو ان احميك انتِ وشعبك الى أن تستفيقي ".

" استفيق !! ".

" ليست كل الحوريات سيئة وتستحق الموت كما كنتِ تعتقدين... هناك من ندم بشدة ورغب بالتكفير عن أخطاءه... ليسوا جميعهم مساندين لأولاءك الذين تسببوا بكل هذه المشاكل واغتصبوا الحكم من ابيك والوطن من شعبك.... بعضهم لم ينس فضل الملك الزافاني الذي رحب بهم بحب... بعضهم حمل الرحمة والوفاء في قلوبهم... بعضهم كان كوالدتك يا ميدوري...

لو منحتك السيطرة المطلقة لكنتِ قتلت الجميع دون تفرقة او تمييز عندها لن يكون بينك وبين ايمبوريس ومن سبقه اي فرق....

الملك تشارلز أدرك هذا لذا منحتهم روح الماء مباركتها واستطاع التحكم في البحيرة عن طريق السيف".

اومات بحزن في تفهم ليردف " اقتربِِ ميدوري ".

امتثلت لطلبه ورفعت كفها لتمسح عليه بلطف ماهي الا لحظات حتى ازداد توهجه فتوهج جسد ميدوري هي الأخرى وفي حدث غير سابق اتحد قلب البحيرة مع ميدوري ليتغير شكلها كليا...

اصبطغ شعرها باللون البنفسجي يشبه لون عينيها مع زرقة خفيفة زينت شفتيها وازدادت فتنة... لقد اكتملت !!.

" ميدوري هل أنتِ بخير ".

" اوه.. " تاوهت ممسكة بقلبها الذي كان يدق بقوة.

" شيء ما يضرب هنا في داخلي " قالت مشيرة الى الجهة اليسرى من صدرها.

" عفوا " لم يفهم ما تعنيه الا يفترض بان ذلك المكان الذي تشير اليه هو مكان قلبها ومن الطبيعي ان يدق.

ولكن مهلا !!.

وقبل ان يقول اي شيء ضربت صاعقة فرقتهما.... لحسن الحظ أن اي منهما لم يصب لكن مياه البحيرة قد حمتهما وجمعتهما من جديد لتشكل بما يشبه فقاعة تحميهما

" هل انتِ بخير؟ ".

" أجل لا تقلق " قالت وهي تلهث ممسكة بمكان قلبها لشعور غريب ينتابها لم تعتد عليه وقد لاحظ هو ذلك.

" ولدتِ بلا قلب أليس كذلك؟ ".

نظرت اليه ترمش عدة مرات بعدم فهم " أيفترض بي أن املك واحد ؟! ".

رفع حاجبه متعجا.. هل هي جادة ؟؟ " جميع حوريات الزافات تملك قلبا باستثناؤك.. ألم يحز هذا شيء في داخلك؟... ألم تفكري بالسبب؟ ".

" حسنا فكرت في الأمر مطولا ولكن ظننت ان لكوني هجينة جعلني اولد بدون قلب ".

" ميدوري جميع الحوريات تملك قلبا.. ليس هناك استثناء ".

" اوه... لقد فاتني ذلك " ردت ببلاهة بعد ان استوعبت ما يقوله.

" لقد وُلد للقلب جسدا ولكن بسبب افكارك المظلمة ورغبتك المميتة في الانتقام عجز عن التواصل معك واتمام الاتحاد.... طوال الوقت كنتِ انت جزء من قلب البحيرة...

ميدوري... ايمبوريس لم يكن حائلا بينك وبين البحيرة يوما... بل كانت مشاعرك ".

" لا أصدق !! " ذهلت ميدوري لتسرح بافكارها.

" حسنا.. هذا ليس الوقت المناسب للتحدث في هذا الآن... يجب ان نجد حلا لهذا الحقير الذي يدمر كل شيء... ".

" ولكن كيف سننقذهم ونتصد لايمبوريس في وقت واحد؟ " استفهمت ليصمت مفكرا فهزه ضربة صاعقة تصدت لها تلك الفقاعة المائية.... وهنا اتته فكرة !!.

" لدي فكرة ولكن احتاج الى مساعدتك فيها " اومات له موافقة.

غرس السيف طوليا فوق سطح الفقاعة ثم أمسك بيدها ليضعها فوق السيف قائلا " أغمضي عينيك وفكري في انقاذ الجميع ميدوري دون استثناء... انتِ على تواصل تام مع البحيرة وكل من بها ... ستصلك جميع أصوات استغاثتهم ".

" حسنا " قالت لتمسك بمقبض السيف بقوة.. آلم قلبها سماع اصواتهم وهم يسستغيثون وبعضهم كان ينفجر والآخر كان يبكي... الصغار يبحثون عن دويهم... وعلى الجانب الآخر كانت حوريات الزافات تفر هربا من مقرها الذي كان يتهاوى وينهار بسبب الصواعق بعضهم كان عالقا.

حتى الاسماك لم تسلم من كل ذلك.

تاوهت بشدة لتدمع عينيها حزنا عليهم، امسك تشارلز بيديها هو الآخر مغمضا عينيه فله نصيب ايضا من البحيرة لينفذ خطته وخلال دقائق ظهرت فقاعة حول كل شخص وكل كائن تحميه من تلك الصواعق ومن الصخور... فقاعة مشابهة كالتي هم فيها الآن .

فتحت ميدوري عينيها فجاة وقد توهجت باللون البنفسجي " لم اعد اسمع استغاثاتهم... لم أعد أشعر بان اي منهم في خطر... الجميع بخير " تنهدت براحة سعيدة لما حققاه سويا ليبتسم هو فقد نجحت خطته.

" والآن لم يبق علينا سوى أن نتخلص منه ".

" أجل " التفتا معا نحو ايمبوريس الوحش الذي حان الوقت للتخلص من شره.

اختفت الفقاعة من حولهما ليتقدما نحوه بكل شجاعة رفع تشارلز سيفه وحركت ميدوري يديها لتصدر ضوءا أزرقا وكأن الماء يتوهج بين يديها.

انها قوة قلب البحير !!....

باغتهم بهجوم كهربائي عنيف فتصدا لها مسددين ضربة واحدة معا لينطلق منهما اتحاد لقوة السيف الجليد الاسطوري المتمثل في سيل من الاوتاد الجليدية الملتفة حول ذلك التوهج الازرق المتمثل في طاقة ميدوري ليوقفا هجومه حد اختراقهما لجسده كالسهم واختفى مخلفا وراءه ثغرة واسعة وسط صدره، في حين أن جزءا من تلك الطاقة الزرقاء تغلغلت داخله ليبدأ جسده بالتآكل وسط صراخه المستميت...

مصيره الذي استحقه بجدارة.

أضواء صغيرة بدات تخرج من جسده بعضها كانت تذهب بعيدا بحثا عن صاحبها وبعضها كانت تتجمع حول ميدوري وكانها سعيدة تحتفل بتحررها ثم خرج ضوء بنفسجي مع تلاشي اخر جزء من ايمبوريس لتقترب من ميدوري... امامها تحديدا لتتعرف عليها على الفور "انها طاقة ابي السحرية !!".

دون سابق انذار تشكلت تلك الطاقة السحرية على هيئة طيف والدها " أنا فخور بك صغيرتي... كنت واثقا بان هذا اليوم سيأتي لا ريب لتستردي موطننا" .

" أبي.. " خرج صوتها مختنقا لبكائها لتعانق ذلك الطيف امامها احساسا لطالما تمنت ان تعيشه واقعا وهو رؤية والدها امامها.... تعطشها لحنانه كان يزداد يوما بعد يوما.

ابتعد عنها قليلا يتفحص ملامحها بحب ابوى " تشبهين والدتك كثيرا " ضحكت بسعادة فالجميع كان يخبرها بذلك،حتى والدتها نفسها..... لكن سماع ذلك من والدها بالذات كان له تأثيرا خاص.

التفت الى تشارلز " شكرا لك الفا عنصر الماء... جميع شعب الزافانا مدينونك لك ".

انحنى له تشارلز باحترام شديد قائلا " لا شكر على واجب سيدي ".

" انت نسخة عن جدك الأكبر يوليوس حتى في خصاله " قال ثم استدار الى ابنته وطبع قبلة عميقة على جبينها " كوني حاكمة طيبة وعادلة ابنتي... اوصيكِ بالرحمة والحكمة " انهى كلماته ليبدأ بالتلاشي من امامها فقالت بسرعة تسابق لهفتها عليه " أبي أنا احبك ".

منحها اوسع ابتسامة لسعادته الغامرة " وأنا أيضا " قال ليختفي كليا من أمام ناظريها مع تردد صدى صوته في آخر كلمة تسمعها منه "أحبك ميدوري " اهتز قلبها بمشاعر مختلطة من الحزن والفرح لسماع ما تاقت اليه لاول وآخر مرة في حياتها ... واختفت معه كل تلك الاضواء الصغيرة التي كانت تحوم حولها.

ما ألذ حلاوة اللقاء وما أصعب مرارة الفراق ولحظة الوداع !!.

كانت لحظات مؤثرة للغاية اذ ظلت ميدوري تبكي بشدة حزنا على والدها ليقف تشارلز عاجزا فلا وجود لكلمات قد تخفف محنتها في هذه اللحظة كلاهما جربا شعور فقدان عزيز.

رفع كفه ينوي أن يربت على كتفها بتردد لكن ذئبه زمجر في داخله ينهره عن ذلك، حرر شفته ليخرج عن صمته لكن قاطعه نور ذهبيا آت من الأعلى ليرفع بصره في حيرة عن مصدره.

" ترى ما هذا؟ " تساءل لتتوقف ميدوري عن البكاء وتلتفت اليه وجدته يحدق نحو سطح البحيرة لترفع بصرها هي الأخر وتفاجأ بضوء ذهبي على مسافة ليست ببعيدة عنهما يتجه نحو الاسفل.

لحقا بمصدر ذلك الضوء بسرعة " انها هيلينا !! " صاح تشارلز مندهشا من شكلها الذي تغير كليا ورمز الشمس الذي كان يتألق بقوة على جبينها...

" لا بل الألفا ليلي " صحح دوسار ذئبه.

توقفت ليلي عند كتلة جليد ضخمة نسبيا لتتحول الى هيئتها الاصلية كذئبة كاملة.

" أورڨا إيثيريا كلو " غمغمت ميدوري لتتوهج عينيها باللون البنفسجي.

"ماذا؟"

" أورڨا إيثيريا كلو " رددت مجددا وقد بدت غائبة تماما عن وعيها..  كما لو كانت منومة مغناطيسيا.

" ميدوري هل أنتِ بخير؟ " .

" أورڨا إيثيريا كلو " ظلت تردد تلك الجملة دون ان تزحزح بصرها عن ليلي.

حاول تشارلز هزها كي يوقظها عن حالتها تلك لكن دون جدوى... انتبهت لهما ليلي وامارات الغضب بادية على قسمات وجهها لتحمل الكتلة الجليدية وتنطلق نحو اليابسة بسرعة البرق.

في تلك اللحظة بالذات خرج ضوء بنفسجي قوي جدا من جسد ميدوري لينتشر في ارجاء البحيرة كتردد دائري يمسح كل بقعة فيها، لتفقد الوعي بعدها.

" سيدتي !!... هل أنتِ بخير؟ " حاول افاقتها ولكن بلا جدوى.

" لقد أزالت سيدتنا اللعنة " ظهر أحد جنود ميدوري ومعه بعض حوريات الزافانا اللواتي ساعدنه في حملها.

لمح تشارلز مجموعة من الحوريات بالقرب منهم أنيرت ذيولهم لتختفي ويحل محلها ساقين كالبشر... أحسو بالاختناق ليصعدو بسرعة الى السطح طلبا للهواء.

" هكذا اذن ".

تكرر هذا المشهد مع جميع الحوريات الملعونة لتراهم كالسرب يصعدون نحو الاعلى... الى سطح البحيرة بعد أن تحرروا من لعنتهم.

ولكن !!....

❤🌟❤

بجانب البحيرة وتحديدا في الغابة التي تزينت كعروس في الربيع تجمهر مجموعة من المتحولين الذين فكت لعنتهم... أجواء من البهجة والسعادة يعيشونها الآن بعضهم كان يتحول الى طائر ليحلق عنان السماء ويدع احساس الحرية يتغلغل أكثر واكثر الى قلبه والآخر الى حيوانات تعدو وتركض هنا وهناك تشارك الاشجار فرحتها وتحتفل.

أما الصغار فوجدوا صعوبة بالغة في التحول الا ان بعضا منهم قد تمكن من ذلك ببراعة...

ولكن.... !!.

منهم من عجز عن التحول كليا وكانه فقد قدرته على ذلك ليدخلوا في حالة من الهلع والصدمة حتى انهم بداوا يهجمون على بعضهم البعض غيرة وحقدا.

" توقفوا حالا " ضربة هزت الأرض صدرت من ليلي ذئبة هيلينا ليعم السكون بينهم خوفا فحجمها كان ضخما جدا... تقدمت منهم ببطء ثم مسحت ببصرها كل من يقف امامها بالغاب لتردف بنبرة آمرة " أصغوا الي جيدا... جئت بأمر من سيدتي لانقل لكم رسالتها ... صحيح أنكم قد تحررتم من لعنتكم ولكن... بعضكم لم يفعل... وحدهم اصحاب القلوب النقية من حافظوا على قواهم اما البقية فاصبحوا من البشر لضمان سلامة العالم الخارجي...

ومع ذلك ان تخلصوا من شرورهم بصدق سيستعدون قواهم في المقابل من عاث في الارض شرا وفسادا سيخسر قواه ليصبح بشريا الى الأبد..

هي فرصة واحدة فقط... " ألقت بكلماتها لتغادر بعدها... هناك من رحب بهذا القرار ورضي به وهناك من شعر بالخيبة والحزن.

لقد كان قرارا عادلا وحكيما لشعب المتحولين، ربما بعد ذلك يفكرون في العيش بسلام من غير اذية أحد.

سارت ليلي بخطى ثابتة عائدة نحو الحجر الضخم الجليدي أين وضعته في مكان على مقربة من البحيرة.... حيث كانت تجلس بجواره جاكلين تبكي بهسترية " أخي استيقظ أرجوك... اخي " مسحت على السطح الجليد والذي اتضح ان كريستوفر يقبع داخله في سبات عميق بما يشبه الغيبوبة.... طريقة اتخذها باقوس لحمايته من ضربات ايمبوريس من خلال تجميده كليا .

الغريب في الأمر أن الجليد لم يتأثر بحرارة الشمس ولم يذب ولو جزء قليلا منه... فجليد باڨوس ليس عاديا... لكونه لا ينتمي لكوكب الأرض.

اتخذت ليلي مجلسا بجواره فهيلينا ما تزال فاقدة للوعي لتأخذ هي السيطرة على جسدها " غبي... لكنني فخورة بك لقد أخبرتني سيدتي بما فعلته.... والآن حان الوقت لكي تستيقظ " همست بصوت خفيض بالقرب منه ليتوهج رمز الشمس على جبينها بقوة شديدة تعمي الابصار وساخن كالشمس تماما.... أبعد ليام جاكلين بسرعة عنهما لحمايتها فهو لا يعرف ما الذي يحدث بالضبط.

تلاشى ذلك الضوء رويدا رويدا ليظهر خلفه كريستوفر يداعب خد هيلينا النائمة على ساقيه.. يمسح على شعرها بحب بينما يراقب رمزها الخاص وهو يخبو شيئا فشيئا لتعود الى هيئتها.

تململت في نومها لتفتح عينيها وتقابل زرقتاه وما ان استعادت ادراكها حتى قفزت تعانقه " لقد رأيت كابوسا مرعبا.... مرعبا جدا... للحظة ظننت بأنني فقدتك".

ابتسم يربت على ظهرها ويمسح على شعرها " حسنا لقد انتهى كل شيء... على الاقل حتى الآن ".

وقع بصره على شقيقته وهي تكتم شهقاتها تحدق به كطفلة صغيرة تنتظر أن ينظر اليها، ليشير اليها بالاقتراب خلال ثوان فقط ارتمت تعانقه لتنضم الى هيلينا في سيل من الدموع والعويل.

ضحك ليام على منظره هو مقيد من طرفهما الأولى على يساره والثانية على يمينه عاجز عن تهدأتهما وعن الحركة حتى...

نظر الى ليام برجاء " القليل من المساعدة هنا لن تضر... تعلم ذلك... صحيح ".

تعالت ضحكات ليام ليتقدم منهم ويبعد جاكلين " هيا عزيزتي... هو بخير الآن.. كف عن البكاء.. ثم اني قد بدأت اشعر بالغيرة... ".

افرجت عن ضحكة لتضربه على صدره بخفة " هااي هل تغار من اخي الوحيد؟ ".

" جدا ".

" حقا؟ " حدجه كريستوفر بنظرة حادة ليبتلع ريقه " حسنا قليلا فقط ".

" أخي؟ " صاحت جاكلين تعاتبه ليضحك كريستوفر بشدة ما جعلها تضحك هي الأخرى.

طبع ليام قبلة على جبينها قائلا " من الجيد رؤيتك تضحكين مجددا ".

أما هيلينا فكانت هادئة تماما تمسك بيد كريستوفر وقد بدى عليها الانهاك الشديد لكنها حاولت اخفاء ذلك عن الجميع..

ببساطة لأن ليلي استخدمت قوة الآلهة التي ورثتها كي تذيب جليد باڨوس وتتمكن من انقاذ كريستوفر والا لكان ظل عالقا وسط جليد لا يذوب الى الابد لان الوحيد الذي يمكنه اذابته هو كريستوفر نفسه... ما جعلها تخاطر بحياة كليهما لاستعادته... ليس هذا وحسب بل....

بالعالم كله !!.

ضاربة تحذيرات قلب الأرض عرض الحائط !!.


♥🌟♥

وانتهى الفصل 👏


حرفيا هذا من أطول الفصول الي كتبتها تعويضا عن الغياب أتمنى يعجبكم

ما كنتش قادرة اكمل اكثر من كدا خفت أضيع الفصل عشان التطبيق بقا تقيل اوي معايا وبقا صعب اخش عالفصل في كل مرة بسبب التحديثات

شكرا من القلب لكل وحدة دعتلي بالشفاء شكرا على وقوفكم جنبي وتشجيكم ليا

جزاكم الله كل خير

نلتقي مع طبخة جديدة

فرح 😘

Continue Reading

You'll Also Like

315K 25.5K 71
التزمتُ بكلّ القواعد كدمية معلقة بخيوطٍ يحرّكها الجميع كما يريدون... لم أجرؤ على تخطي الحدود المرسومة لي يوماً... اعتدتُ دوماً أن أكون لطيفة... ول...
267K 27K 34
"مرحباً بكُم في لعبة الثلاثة كواكب.." مُجرد لُعبة تُقام.. "إنه مستذئب! و الآخر مصاص دماء!، بينما هي..هي هيموجل." تُقلب حياتهم رأساً على عقب، و تحول...
22.7K 1.2K 23
-قتلني حبكِ ولكنكِ مازلتِ ملاكي. مُكتملة✅ فائزة بمسابقة فانتازيا لحساب الخيال العربي فئة الرواية الخيالية ✔️ بدأتْ في شتاءِ ٢٠١٥. تَمَتْ في صيفِ ٢٠١٧...
7M 449K 69
هي ليست نادرة، ولا آخر فرد من فصيلتها. بل هي لا تملك فصيلة، ولا مجموعة، ولا قطيع. لا تنتمي لأحد. فريدة من نوعها، لم يوجد مثلها من قبل. هي بلا مثيل...