مريض نفسى بالفطرة

By Hader3112

725K 30.6K 9.8K

مريض حُكِمَ عليه بعيش الازدواجية فى كل شىء ، إلى أن قابلها، منحته قلبها رغم معاناتها السابقة ولكنه رفض البوح... More

اقتباس1( لست ليث،أنا غيث)
_١_ (صفعةُ تعارف)
_٢_ (جدى يريد عودتى)
_٣_(صدمةٌ مُبرمجةٌ )
_٤_ (أنا القاتل)
_٥_ (الإنفصالُ فرصة ثانية )
_٦_ (لا أريدك يا أمى )
_٧_ ( حب ناضج لمراهقة صغيرة )
_٨_(بيت جدى مجددًا)
_٩_( ما ذنبى إن كنت تحب فتاة تحبنى؟)
_١٠_( قامت بخيانتى)
التعريف بمرض غيث
_١١_ (نوبة غضب)
_١٢_(بقاءٌ قسرى)
_١٣_( أب برتبة عدو)
_١٥_ عشر(عائد لكِ يا حبيبتى)
التعريف بمرض الطبيبة منال
_١٤_( دماءُ زوجتى الراحلةُ )
_١٦_ (ذلك الوغد مجددًا)
_١٧_(لست ليث، أنا غيث)
التعريف بمرض ديما
_١٨_(حب من طرف واحد)
_١٩_(غارق فى دمائه)
_٢٠_( وحشتنى عنيكى )
_٢١_ (الكل عاشق )
_٢٢_(حقائق بالجملة)
_٢٣_(الانتقام الحلو)
_٢٤_(رصاصة خائنة)
_٢٥_( المواجهةالحاسمة)
التعريف بمرض مالك
_٢٦_(كان ضحية بالأمس)
_٢٧_ (وداعًا بيت جدى)
_٢٨_ ( تطاول بما فيه الكفاية)
_٢٩_ (الحقيقة المؤلمة)
_٣٠_(قابلها مجددًا)
_١_( الانطباع خاطىء)
_٢_(مشاغبة من الطرفين )
_٣_( غيث واحد لا يكفى)
_٤_ ( من المصاب ؟)
_٥_(الغيرة اللذيذة)
_٦_(باغتها بعقد القران)
_٧_(أشباح الماضى تطاردها)
_٨_(فارق الحياة )
_٩_( رفضها يصيبنى بالجنون)
_١٠_(فرصة ثانية للفؤاد)
_١١_( اكتئاب حاد )
_١٢_ (أحبك رغم أنف قبيلتى)
_١٤_ (خطوبة و جثة )
التعريف بمرض مالك ٢
_١٥_( فليحترق العمل أمام حُسنكِ)
_١٦_ (حُلو مرى)
_١٧_ (أخوض لأجلكِ ألف حرب )
_١٨_(أقبلينى كما أنا )
_١٩_ (تطاول على صغيرتى أمام عينى )
التعريف بمرض محمد العدلى
_٢٠_ (أريدك رغم استحالة ذلك)
_٢١_ (زوجى السابق )
_٢٢_ (قُبلة و مجموعة جُثَثٌ)
_٢٣_ (الإختطاف السعيد)
_٢٤_ (باتت حلالى و كل حالى)
_٢٥_(معركة دموية)
_٢٦_(ليلة زفاف كارثية)
_٢٧_(ليلة عيد)
_٢٨_ (كان القبول طوق نجاة)
_٢٩_ (كلانا لدية تجربة سابقة)
_٣٠_ (العديدُ من المعاركِ)
_٣١_ (كُتِبَ علينا الفراق)
_٣٢_(أحدهم يبكى و الآخر يرفرف عاليًا )
اقتباس٥ ( فتاتى الصغيرة)
(التعريف بمرض مايا)
_٣٣_ (نتعايش أم نتداعش ؟!)
_٣٤_ (راقصة بمبادئ)
_٣٥_ ( قصيدةٌ جميلةٌ )
_٣٦_(الغضب الساطع آت)
_٣٧_(رفض من جميع الجهات)
_٣٨_(نَقَشَ فوق جسدها)
_٣٩_( لاجئ أم خائن ؟!)
_٤٠_(مَلاَك مُحْتَجَز)
_٤١_(نُقُوشٌ مُتبادلةٌ)
_٤٢_(ثلاثة قُبْل فوق ضريح الصقيع)
اقتباس_٦_ (لحن النهاية)
_٤٣_(الفَرِيسَةُ و الصَّيَّادُ)
_٤٤_(ليلةٌ مُلطخةٌ بالماضى)
_٤٥_(اختطاف أرعن)
_٤٦_(جسدٌ مُدنسٌ وروحٌ مُفارقةٌ )

_١٣_(هل تقبلين الزواج بى؟)

6.8K 328 213
By Hader3112

١٢/٠٥/٢٠٢٣
( هل تقبلين الزواج بى؟)

"عصفتى بفؤادى دون أى مجهود منكِ، و فقدت أنا ذاتى أمام سحر عينيكِ"
_غيث الحديدى

*********************************

قبل لحظات
التفتت لتبتعد عنه ،و الضيق يلعب بها ،لكنه أوقفها هاتفًا باسمها :
رنا
التفتت مجددًا له و قالت متسائلةً بضيق و تبرم:
حضرتك عايز ايه تاني ؟!
و بدون أى وعى منه هتف بما يحفظه فى قلبه منذ مدة طويلة، قبل حتى أن يدرك ذلك :
بحبك يا غبية

لكنه كان يحدث نفسه فى تلك اللحظة ،مجرد صوت بداخله و تخيل بأنه باح به ، فانتهز الفرصة و قرر ضرب كل شىء بعرض الحائط و اخبارها الحقيقة لو مهما كلفه الأمر
و بالنسبة لها مازالت تقف أمامه تنتظر الإجابة على سؤالها
و حين استجمع قوته و ها هو أوشك على أن ينطق بأول حروف كلمته وجد من تهرول باتجاههم و تهتف باسم صديقتها بسعادة :
رنا ، يا رنا
ابتسمت"رنا" لها و هرولت هى الأخرى باتجاهها و بمجرد أن تلاقت أيديهم بدأوا بالقفز بسعادة كالأطفال فى أول يوم دراسى لهم بعد أجازة نهاية العام
بينما ظل"غيث" بمكانه يرمق تلك الدخيلة بغيظ شديد و فجأة وجد من يضع كف يده على كتفه و يقول :
الحمدالله آخيرًا لقيناها ،الواحد كان مرعوب ،ألف حمد و شكر ليك يارب
لكن"غيث"لم يجبه، بل حدجه بنظرات حانقة مغتاظة للغاية ،و تعجب "أحمد" من ذلك ،فهتف متسائلًا :
أنت بتبصلى كدا ليه؟ هو فى حاجه حصلت ؟
مازال "غيث"يرمقه بنفس النظرات و قال بنبرة جامدة:
شيل ايدك من عليا ،بدل ما أكسرهالك ،أنا مش طايقك حاليًا
ابتعد "أحمد"عنه و هتف متسائلًا بتعجب :
ايه دا فى ايه ؟ ليه العصبية دى طب؟ المفروض تكون فرحان أنها بخير
لكنه لم يسمع أى رد من صديقه ،و هذا ما اثار حنقه بشدة و لكن فجأة و بدون أى مقدمات ابتسم باتساع و قال :
لحظه ،شكلنا جينا فى وقت غير مناسب ،صح ؟
اتسعت عينى"غيث" غير مصدق أنه تمكن من كشفه بتلك السهولة ،بينما الآخر يرقص أمامه حرفيًا و هو يقول بمرح:
أوعى يا غيث يا جامد ،أنا برده قولت الواد دا مش سهل ،خاصة بعيونك دى اللى كانت موقعه نص بنات دفعتنا
أمسكه "غيث" من ساعده الأيمن بحدة و قال بهمس خافت بالقرب من أذنه :
عارف لو مختفتش من قدامى حالًا ،هعمل ايه ؟
حرك"أحمد"كتفه بلا مبالاة و هو يقول :
هتعمل ايه يعنى ؟
تركه و بقي بمكانه يحاول ضبط وتيرة تنفسه و التحكم بأعصابه ،أغمض "غيث"عينيه و عم الهدوء للحظات ،لكن ذلك الشقى هتف قائلًا بسخرية:
أنت بتعمل Yoga فى نص الصحراء و لا ايه ؟ طب مش هتبقي مرتاح بالبدلة دى كنت ألبس Yoga pants على الأقل يا غيث
(Yoga/تمارين اليوجا للاستجمام)
(Yoga pants/سراويل خاصة لممارسة اليوجا)
أفسد ما كان يحاول فعله ،واندفع خلفه و هو يصرخ باسمه بصوت عالى :
أحمد
ما أن شاهد "أحمد" حالة صديقه تلك هرول سريعًا يحاول أن ينفذ بجلده بقدر الإمكان ، و لأن الأرض رملية كان "أحمد" يتثعر و ينهص سريعًا غير عابىء بمظهره ،و من خلفه "غيث" الذى أقسم على الانتقام منه الآن و لن يردعه أحد

بينما كانت تراقبهم"رنا"و على وجهها ابتسامة مشرقة ،إلى أن هتفت "وعد"متسائلةً :
هما بيجروا ليه ؟ فى تعبان لدغ حد فيهم و لا ايه ؟
انتبهت "رنا" لنفسها و قالت فى محاولة منها للهروب :
سيبك منهم ،طمنينى ماما عرفت ؟
ردت"وعد" عليها قائلةً بتوضيح:
لا كلمتهم فى البيت و عرفتهم أننا هنتأخر يوم كمان ،هما أه هزقونى بس وافقوا فى الآخر

و لكن فجأة حضر ذلك الشرطى الذى ساعدهم فى البداية للوصول لها ،وقف أمامها و هتف باسمها ليتأكد من كونها الفتاة المفقودة :
أستاذه رنا
أومأت "رنا" برأسها و قالت متسائلةً بتعجب :
أيوة ،فى حاجه ؟!
ابتسم"قصى" بخفة ثم قال بينما كان يمد يده ليصافحها:
أنا الظابط قصى الخولى المسؤل عن الأمن هنا
و بلمح البصر كان"غيث" يقف أمامه و يبادله المصافحة و هو يقول بحدة ملحوظة فقد كان يضغط على كل حرف يتفوه به :
أهلًا يا أستاذ قصى

لا تعرف متى و كيف بات واقفًا أمامها فمنذ لحظات بسيطة كان يركض خلف صديقه ،و الأن ها هو يمنع أى رجل من الاقتراب منها ،لا تنكر أنها فى قرارة نفسها سعيدة ،و صديقتها لاحظت ذلك فنكزتها بخفة فى جانبها
بينما جاء "أحمد" و قال مسرعًا بعد أن لاحظ نظرات صديقه للشرطى و التى تخبره بوضوح أن عليه التصرف سريعًا قبل حدوث العاصفة ،عاصفة الغيرة الخاصة بعائلة الحديدى:
يلا يا بنات عشان نلحق نوصل على بليل ،الكل مستنينا فى الفندق ،كفايه تأخير لغاية كدا

لحظات و كانوا جميعهم متجهين للفندق ،تاركين خلفهم ذلك الشرطى ،الذى وقف يطالع أثرهم و يقول بسخرية بينما وضع يديه فى جيب بنطاله :
مش بحب أشوف راجل واقع ،شكلك هتتعب أوى يا ابن الحديدى

"واضح للجميع عداها ،أ تكون المشكله بعيناها ؟"

...............................................................

و مضى اليوم ،رغم كل الصعاب
و مع بزوغ الفجر ،كان يقف بشرفة منزله و يشعل إحدى سجائره و يفكر فى شىء واحد ،أ يمكنه المجازفة ؟ أم سيظل خائفًا للنهاية ؟ ليس من عادته الخوف لكنه اكتسب هذه المشاعر مع أول نبضة قلب له
لكن ربما قد حان الوقت آخيرًا ليظهر الجزء الغامض بداخله ،لقد آن الأوان لحرية اضطرابه الكاملة

ابتسم بسخرية على حالته و عاد و دخل غرفة المرسم الخاصة به ،و ها هى لوحة جديدة أمامه ليست عنها هذه المرة ،بل عن زوجته الراحلة و هى تحمل جنينًا داخل أحشائها
أنهى عمله و دون فى النهايه أسفلها بخط عريض
"آسف يا سلمى ،أنا حبيت و هويت"

أعترف أمام كل من يعرفنى و أقف أمامها كالأبكمِ ،انه سحرها الذى يبعثرنى

...............................................................

فى الصباح
كان "غيث"بمنزله يستعد لعمله ،ارتدى ملابسه سريعًا و تناول شطيرة سريعة التحضير ،ثم أخذ مفاتيح سيارته و هبط متجهًا لموقف سيارات البناية التى يسكن بها و لكن صدح صوت هاتفه معلنًا عن اتصال جديد

بعد فتره كان يهبط من سيارته و يتجه لقسم الاستعلامات الخاصة بالفندق ،عرف رقم الغرفة و صعد بهدوء ،طرق على الباب عدة طرقات خفيفة و ما هى إلا لحظات و فتح أمامه ،ابتسمت له بسعادة و بادلها هو الابتسام بينما كان يعانقها بشوق كبير و هو يقول :
أنا مصدقتش لما المحامى كلمنى ،و حشتينى أوى يا خالتو
ردت"سارة" عليه بينما كانت تمسك بكف يده و تسحبه لداخل الغرفة :
أنت أكتر يا حبيبى ،عارف بقالى كام سنه مشفوتكش يا غيث ؟ دا من عمر داليدا تقريبًا
بحث بعينه فى أرجاء الغرفة و هو يقول متسائلًا بلهفة:
هى فين ؟ عايزه أسلم عليها
ردت عليه بينما كانت تناوله طبقًا صغيرًا به بعض قطع الحلوى اللذيذة :
نزلت تعمل shopping و زمانها راجعة
(Shopping /تسوق )
وضع الطبق على الطاولة التى أمامه ،ثم قال بإعتراض :
ازاى تسبيها تنزل لوحدها ،هى متعرفشى أى حاجه هنا
التوى"ثغر" خالته بتهكم ،ثم قالت:
بتهيألك ،داليدا تعرف كل حاجه عن مصر
صمتت للحظات ثم قالت متسائلةً بفضول :
سيبك منها و تعالى أحكيلى عامل ايه ؟ و أخبارك؟ اتجوزت و لا لسه؟
تنهد "غيث" تنهيدة حزينة و هو يقول :
أتجوزت و مراتى أتوفت
ردت عليه سريعًا بآسف و حزن :
لا حول ولا قوة الا بالله ،البقاء لله يا غيث ،أنا مكنتش أعرف
أمسك"غيث" بكف يدها و مسد عليه برفق ثم قال :
ولا يهمك يا خالتو ،سيبك منى و من اخبارى ،أنتِ ما هتعملى ايه ؟ ورث داليدا كله متسجل باسمها و جدها طلب أنها تكمل فى الشركة معانا ،لو هى عايزه يعنى ،و لو مش عايزه أنا ممكن أشوف حل مع المحامى حتى لو هضطر أديها الفلوس من حسابى الشخصى
تأففت"سارة" بشدة من حديثه و قالت:
يا غيث ،بطل تتكلم فى الشغل و الفلوس ،أنا هربت زمان عشان ابعد عن كل الحوارت دى
أخفض رأسه للأسفل و قال :
آسف يا خالتو
بدأ فى تناول قطعة الحلوى التى قدمته له بينما هى كانت ترمقه بسعادة ،فقد اشتاقت له للغاية ،لكنها فجأة هتفت متسائلةً بتوتر :
هى والدتك عامله ايه ؟
أخذ نفسًا عميقًا ثم قال :
أطلقوا يا خالتو، و بتابع دلوقتى مع دكتورة نفسية
اتسعت عيناها بصدمة ،ثم ابتسمت بسخرية و هى تقول :
واضح أنى غبت كتير أوى ، و بالنسبة ل
و قبل أن تكمل حديثها قاطعها "غيث" و قال بحدة:
اختفى من بعد اعلام الوراثة ،حتى الجامعة مبيحضرش ،واكتشفت أنه واخد اجازة
حركت "سارة"كفتها بلا مبالاة و قالت :
أنا مسألتش عليه على فكرة
رمقها"غيث" بنصف عين ثم قال:
و أنا هعمل نفسى مصدقك ،المهم هتيجى تعيشى معايا امتى ؟أنا مش هقبل تكملوا فى الفندق و لو مثلًا على داليدا لو مش هتبقي مرتاحه ،هظبطلها أى شقة فى العمارة تحبها و تقعدوا فيها عادى ،أو حتى عند أحمد و ياسمين ،المهم تكونوا قريبين مننا
و قبل أن تجيبه ،قاطعتهم" داليدا"التى دلفت لتوها للغرفة و هى تقول بمرح :
Hi
(أهلًا)
ابتسمت والدتها لها و قالت بعد أن نهضت و وقفت بقربها :
دى داليدا يا غيث
لم يعجبه مظهرها ،فقد كانت ترتدى ملابس ضيقة و قصيرة نوعًا ما ،فقال بإقتضاب:
أهلاً
عرفت "سارة" أنه تضايق من مظهر ابنتها ،و ما أكد ظنها ،هو أنه نهض و قال محدثًا إياها:
عن اذنك يا خالتو أنا هنزل استناكى تحت
وقفت"داليدا" تتابع أثره و تهتف متسائلةً بضيق:
What is his problem?
(ما هى مشكلته؟ )
التفت والدتها لها و قالت متسائلةً بحدة:
أنت مش كنتى لا بسه coat طويل و أنتِ نازله
(Coat/معطف)
أجابتها "داليدا" قائلةً بعدم اكتراث:
Yes,but it's hot so I took it off
(أه ،بس الجو كان حر ،فخلعته)
تنهدت والدتها تنهيدة عميقه ثم قالت بهدوء :
ديدا أحنا فى مصر ، و البلد هنا ليها عادات و تقاليد و طريقه معينة فى اللبس ،مينفعشى اطلاقا تنزلى بالشكل دا
حركت "داليدا "كتفها بلا مبالاة و هى تقول :
But this is my style and I won't change it
(بس دا زوقى ،و مش هغيره)
لم تتحمل والدتها أكثر من ذلك و أمسكتها من ساعدها الأيسر و قالت معنفةً إياها:
داليدا اتكلمى بالعربى
أزاحت يدها عنها و قالت هى الأخرى بحدة :
مش عايزة ،مش عايزه ،افهمى بقى أنا مبحبش التحكم دا
أنهت حديثها و حملت حقيبتها و غادرت الغرفة بأكلمها تاركة والدتها تستشيط من الغضب

يبدوا أن تلك الحفيدة سيعانى معها شبابنا للغاية ، لكن من سعيد الحظ الذى سيظفر فى النهاية؟

................................................................

(كلية الهندسة جامعة القاهرة)

كانت"وعد" فى مقصف الطعام الرئيسى الخاص بالجامعة تطلب بعض الشطائر السورية و المشروبات الغازية ،بينما كانت "رنا" تنتظرها بالخارج لحجز مكان جلوسهم
و لكن و بدون أى مقدمات نشب حريق داخل المقصف و خرج الطلاب يهرولون سريعًا بينما بالداخل كان الدخان يملىء المكان بأكمله و سقطت" وعد "على الأرض نتيجة التزاحم أثناء الخروج و لم تتمكن من النهوض حيث شعرت بالاختناق و قد تركت حقيبتها فى الخارج برفقة صديقتها

على الجهة الآخرى
شعرت "رنا" بالقلق نتيجة لتأخر صديقتها فنهضت متجهة لها ،لكنها ما أن رأت هيئة الطلاب ،هتفت متسائلةً لأول فتاة قابلتها :
فى ايه ؟ الكل بيخرح يجرى ليه ؟
ردت عليها الفتاه سريعًا بينما كانت تهرول للابتعاد بقدر الإمكان:
حصل حريقة فى الكافتيريا و الدخان ملى المكان
اتسعت عيناها بصدمة و قالت بدون وعى :
وعد جوا
لم تفكر كثيرًا حيث اندفعت للدخول بقوة ،لكن منعها الأمن الخاص بالجامعة و قال بحدة:
أنت راحه فين ،أبعدى
فى تلك الأثناء كان "أحمد" متجهًا هو الآخر لمقصف الطعام و رأى ما يحدث ،و سمع"رنا" و هى تقول :
صاحبتى جوا ،و لسه مطلعتش
هرول لها سريعًا و على وجهه العديد من علامات الاستفهام ،و ما أن رأته "رنا" قالت سريعًا بألم و رجاء :
ألحقنى يا دكتور أحمد ،وعد جوا ،وعد عندها الربو مش هتقدر تستحمل الدخان دا
لم ينتظر لثانية واحدة و اندفع بجسده للداخل ،يحاول البحث عنها بينما كان يضع كف يده أمام أنفه كى لا يستنشق الدخان

و لحسن الحظ وجدها تجلس على الأرض بزاوية بعيدة ،كانت تتنفس بشكل بطىء للغاية ،و جسدها يرتفع و يهبط بشكل متلاحق ، اقترب منها و هتف متسائلًا بقلق:
أنتِ كويسه ؟
حركت رأسها بشكل بطىء ،فابتسم بإقتضاب وساعدها للخروج من هذا المكان بعد أن قامت إحدى العاملات بسندها و التى تاخرت فى الخروج

بعد لحظات كانت تجلس على أحد المقاعد و تستنشق من بخاختها الطبيبة التى أعطتها لها "رنا" ،بينما كان "أحمد" يقف أمامها و يرمقها بنظرات حزينة دون وعى منه ،لم تعجبها تلك النظرات ،فهتفت مندفعة بحدة:
متبصليش كدا ،مش عايزه نظرة شفقة من حد
حدجها "أحمد" بنظرات حانقة ثم قال :
تمام ،أنا كدا اطمنت أنك كويسه
ثم التفت يحدث"رنا" بسخرية :
خلى بالك من صاحبتك يا رنا ،و ياريت تاخديها تغسل وشها و لسانها بالمرة
أنهى حديثه و رحل مع شبح إبتسامة خفيفة تزين ثغره رغمًا عنه ،بينما هتفت "وعد" متسائلةً بضيق:
قصده ايه ؟ بيغلط فيا صح ؟ و الله لردهاله
زفرت "رنا" أنفاسها بضيق شديد ثم قالت بعتاب:
حرام عليكى يا وعد، دا نط فى النار عشانك ،بدل ما تشكريه تكلميه بالطريقة دى
انفغر فاهمه بتشنج ،ثم هتفت متسائلةً بسخرية :
و ينط فى النار ليه فاكر نفسه Hrithik Roshan؟
(Hrithik Roshan/هريثيك روشان ممثل هندى)
ضربت "رنا "كفًا بكف و هى تقول بيأس:
أنتِ مفيش فايده فيكى ،هتفضلى طول عمرك كدا

لم تجبه بالكلمات بل فضلت أن تظهر تعبير وجهها الذى يدل على عدم الاكتراث على الإطلاق ،أغتاظت"رنا"بشدة و لكنه لم تعلق و سحبتها خلفها لحضور آخر محاضرة لليوم
بينما كان "أحمد" يتابعهم من بعيد و لا يعرف حقًا لما يفعل ذلك؟

............................................................

(بالعيادة النفسية للطبية وداد حافظ )

دخلت" الطبية منال "و جلست على المقعد المقابل لها ،فابتسمت لها " الطبية وداد" و قالت بترحاب:
أهلاً يا مدام منال
خلعت نظارتها و قالت معترضةً على ما هتفت به بإقتضاب:
دكتور منال
أومات برأسها متفهمةً و قالت بجدية :
أهلا يا دكتورة منال ،تحبى نتكلم فى ايه النهارده؟ و لا تحبى أنا اللى سألك المرادى كنوع من التغيير
تنهدت "منال" تنهيدة عميقة ثم حركت رأسها موافقة على حديثها ،فانطلقت "الطبية وداد " فى اسألتها و قالت :
دكتورة منال ،ايه أكتر لحظة فارقه فى حياتك ؟ أو ايه الحدث اللى مش قادره تنسيه لغاية دلوقتى ؟
أخذت"منال" نفسًا عميقًا ثم قالت :
حدثين
لما أجهضت بنتى عشان كنت عايزه أطلق من سامح و أنا صغيرة بعد ما عرفت أنه رجع يقابل همسه تانى ،مكنتش حابه أزود ارتباطى بيه و خاصة أنه بيخونى
دونت"الطبية وداد " ما قالته ثم هتفت متسائلةً بحذر:
حسيتى بالندم لما عملتى كدا ؟
حركت"منال" رأسها بتأكيد و قالت بألم :
قعدت أعيط كتير ،أنا مش عارفه عملت كدا ازاى ؟ و بعد العلمية اتخانقت مع الدكتورة و مسكت المشرط و كنت هقتل نفسى بس لحقونى ،مش عارفه ازاى وافقت على الجريمة دى و لا كنت بفكر فى ايه وقتها ؟ أنا مش مجرمة
كانت تتابع معالم وجهها بوضوح و أى ايماءة خافته تقوم بها ،فكل حدث بسيط له علاقة وثيقة بعلاجها ،و ما أن لاحظت صمت المريضة ،هتفت متسائلةً بعملية:
و الحدث الثانى ؟
كانت تجول بعينها فى أنحاء الغرفة ،كأنها تهرب من الإجابة على السؤال بذلك التصرف الطفولى ،فضربت "الطبية وداد" على المكتب بخفة كى تنتبه لها ،فالتفتت لها و قالت بضياع:
لما سامح خد غيث و بعد عنى ،بعد ما سمعنا و احنا بنتخانق و طلبت الطلاق منه لأول مرة.
حسيت أن روحى بتنسحب منى ،و ليث فضل يعيط كتير ، مكنشى قابل فكرة أنه يبعد عنه ،بس غيث اللى كان عايز كدا ،كان عايز يبعد عنى ،أنا عارفه أنى أم وحشه و مستهلشى أن ولادى يحبونى ،بس أنا حبيتهم ،أنا بجد حبيتهم
صمتت "منال" للحظات تحاول كفكفت دموعها التى انهمرت فجأة أثناء حديثها ،ثم قالت مسترسلةً:
عارفه ،أحنا كنا عائلة سعيدة ،و سامح كان بيحبنى أوى و ليث و غيث كانوا مبسوطين و بيلعبوا و يجروا
لكنها توقف فجأة عن الحديث ،و أغمضت عينها ،بدأت فى التنفس ببطىء شديد ثم قالت بسخرية :
لا أنا كدابه ،أحنا عمرنا ما كنا عائلة سعيدة ،سامح من أول جوازنا و هو بدأ يتغير ،من أول ما بابا بدأ يتحكم فى حياتنا و خاصة بعد ما عرفنا بمرض ليث
لفت انتباه"الطبيبة وداد " آخر جملة لها ،فهتفت متسائلةً :
هو ليث كان مريض ؟
انتبهت لمجرى الحديث و نهضت بعد أن حملت حقيبتها و قالت :
أنا عايزه أمشى
لكن"الطبية وداد " هتفت مسرعةً بإعتراض:
أحنا لسه مخلصناش الجلسة يا دكتورة منال
حركت رأسها رافضة و قالت بحدة:
بس أنا مش عايزه أكمل ،أنا عايزه أمشى
نهضت"الطبيبة وداد" من مقعدها واتجهت لها ،لكن قبل حتى أن تقترب منها ،هتفت "منال" بعنف و ذعر :
أبعدى عنى متلمسنيش
توقفت"الطبيبة وداد" بمكانها و لم تتحرك ،كانت تراقب تصرف "منال"الغريب فى الدفاع عن نفسها ،رغم عدم وجود داعى لذلك ،لكنه اتجهت للباب و فتحته و هى تقول :
تمام ،تمام أهدى بس ،الباب مفتوح قدامك تقدرى تخرجى
توقفت"منال" عن الذعر فجأة و هتفت متسائلةً و كأن شيئًا لم يكن :
هاجى المرة الجاية امتى ؟
ردت عليها بعد أن اتجهت للجلوس مجددًا على مقعدها :
الخميس الساعه سته مناسب؟
حركت "منال"رأسها معترضة و قالت :
لا خليها سته و نص
و قبل أن تخرج من الغرفة ،هتفت "الطبية وداد " قائلة بهدوء:
دكتورة منال
المرة الجايه ياريت تجى و معاكى ورقة مكتوب فيها عشر حاجات بتفرحك ،أعتبريها task صغيره كدا
(Task/مهمة)
أومأت "منال" برأسها و لم تعلق ،ثم خرجت و أغلقت الباب خلفها ،بينما دونت "الطبية وداد " بالورقة التى كانت تحملها
"عنف أسرى منذ الصغر و تعاملت معه بطريقة عكسية "
أنهت كلماتها و وضعت تلك الأوراق بملف كبير مدون على غلافه الخارجى
"ملف المريضه منال محمد العدلى "
أعادته لأحد الأدراج ،ثم عادت وجلست لمقعدها ،لتسمح للمريض الآخر بالدخول ،لتكمل عملها دون كلل أو ملل

............................................................

بمكان مظلم ،و المبانى به تكاد توشك على السقوط بأى لحظة ،و بداخل أكبر مبنى ،كان يقف أمام النافذة موجهًا ظهره باتجاه الباب ، لحظات و دخل من كان ينتظره ،تلك العين الآخرى بشركة العدلى ،و الذى قال بضيق و غضب:
شاغلين على مشروع جديد يا باشا ،و للاسف عوضوا أغلب الخساير
زفر الباشا أنفاسه بضيق ثم قال بحدة:
ما أنا مشغل معايا بهايم ،على العموم أنا مسافر فترة و هرجع أفوقلهم
أوما برأسه و قال بينما كان يتجه للخروج من هذا المكان سريعًا :
تمام يا باشا
و ما أن خرج دلف اليد اليمنى للباشا و صاحب الأعمال السيئة و القذرة ، كان يشعل سيجارته و يقول بحقارة:
ما نخلص عليه يا باشا ،حتت عيل مش هنغلب يعنى
ضرب الباشا على الحائط الذى أمامه بحدة و هدر بصوت عنيف :
الغلط اللى اتعمل زمان لو اتكرر أنا اللى هقتلك
لوى الآخر ثغره و قال بضيق و استهجان:
ما اللى نفذوا العملية كلهم ماتوا محروقين فى نفس العربية ،رغم أنى مش فاهم ليه تأمر بكدا ،فيها ايه يعنى لما مراته ماتت ؟ هى أول مرة نقتل حد

لا يحب"الباشا" أن يناقشه أحد بعمله ،لذلك صاح بغضب :
أنا طلبت نخوفه ،مش تقتلوا مراته يا بهايم ،هستفيد ايه بموات مراته ؟ هو مش عدونا
تشدق الآخر قائلًا بكره و بحقد :
اللى تشوفه
ثم خرج تاركًا الباشا يراقب النافذة ليتأكد من خلو المكان ،ليتمكن من الخروج دون أن يكشف هويته، تنفس الصعداء ما أن تأكد من مغادرة الجميع و قال بينما كان يتجه لسيارته :
آسف يا غيث ،بس اتكتب عليك تكمل مسيرة جدك
صعد لسيارته ،وأخرج قلادته التى يرتديها دائما و لا يخلعها مهما حدث ،لكنه كان يخفيها عن الأنظار ،نظر للصورة المطبوعة عليها و قال بألم :
سامحينى يا سلمى
ثم أمسك بمقود السيارة و انطلق فى طريقه تاركًا خلفه علامة استفهام كبيرة
شرير ام شرير مضاعف لا أحد يعرف ؟

لكن هناك أمل بسيط لا ضرر من زواج المتيم بمهلكته و هذا أفضل ما فى الأمر ،رغم كونه وضع المزيد من الاسألة حول هويته و علاقته الحقيقة بالراحلة التى يحمل صورتها معه و زوجها ،ما هذا العبث؟

...................................................................

لم يرد "غيث"أن يذهب لهذا المكان لكن صديقه دفعه بحدة ،فقبل بالأمر أخيرًا و ذهب على مضض ، و ما أن دلف لتلك الغرفة شعر بالاختناق الشديد ،يكره تلك التجربة السابقة و ذكرياته حولها ،لكن "الطبيبة وداد" تعاملت مع الأمر بمهنية و قالت :
أنا كنت محتاجه أتكلم مع حضرتك من أول يوم الدكتورة منال جت فيه هنا
ألقى"غيث" بكل مخاوفه جانبًا و هتف متسائلًا بتوتر ملحوظ:
هى كويسه؟ فى أمل لعلاجها ؟
أخذت نفسًا عميقًا ثم قالت بهدوء:
العلاج النفسى مرحلة طويلة أوى يا أستاذ غيث ،بس أنا طلبت أقابل حضرتك عشان موضوع تانى خالص
عقد"غيث" ما بين حاجبيها متسائلًا بتعجب :
موضوع ايه ؟
ردت عليه و هى تخرج بعض الأوراق من احدى الأدراج :
باختصار ،المشاكل اللى والدتك بتحكيها هنا على الكرسى دا تأكدلى مليون فى المية أنك كمان بتعانى
تضايق بشدة من حديثها و نهض قائلًا بعنف غير مبرر:
أنا مطلبتش مساعدتك ،متعرضيش حاجه على حد هو رافضها من البداية
رمقته عدة نظرات متفحصة ثم قالت بهدوء غريب:
جزء كبير من علاج والدتك مرتبط بيك ،احساسها بالشفقه و التقصير من ناحيتك
أنا آسفه فى اللى هقوله ،بس هى مش قادر تسامح نفسها على حبها لليث أكتر منك و فى نفس الوقت مش قادره تسامح والدها على كل اللى كان بيعمله و خيانة والدك ليها
و دلوقتى محمد العدلى اتوفى و انفصلت عن والدك فالحلقة الأساسية لعلاجها هى أنت
عقد ذراعيه أمام جسده و هتف متسائلًا بحنق:
يعنى مطلوب منى أعمل ايه ؟
ردت عليه قائلةً ببساطة:
تحكيلى عن طفولتك
كان يجاهد بشدة ألا يفقد أعصابه و ينفلت منه أى لفظ غير مناسب خاصة أنها امرأة ،فلم يجد أمامه سوى الرفض قائلًا:
آسف ،أنا مش هقبل أكون مريضك
قال ذلك و هم بالرحيل ،فهتفت هى مسرعة تقول بمهنية شديدة :
أنا متأكدة أن حضرتك جربت العلاج قبل كدا ؟ و دا واضح جدًا بس اللى واضح أكتر أنك مكملتش ،مش هسألك ليه ؟لكن الكرسى دا متاح ليك فى أى وقت تحب تتكلم فيه
حدجها بنظرات حانقة ،ثم خرج صافعًا الباب خلفه بقوة شديدة ،بينما لوت الطبيبة ثغرها و قالت محدثة نفسها :
عصبية طفيفة ،و توتر ملحوظ ،و طفولة قاسي
يا ترى الmix دا هيودينا لفين ؟
ضربت على الزر الموجود أمامها على المكتب فدخلت على أثره الممرضة ،فسألتها الطبيبة قائلةً:
فى لسه مرضى برا ؟
حركت الممرضة رأسها نافيةً و هى تقول :
لا يا دكتور وداد
ابتسمت لها و قالت بينما كانت تخلع معطفها الطبى و تحمل حقيبتها و تهم بالرحيل هى الأخرى :
تمام تصبحى على خير

تقابل العديد من المرضى فى يومها العادى ،لكن هناك بعضًا منهم لهم تأثير كبير و لا يمكن نسيانهم بسهولة ،لعل القادم أفضل ،لا أحد يعرف

......................................................................

لا ينكر"غيث" أنه تضايق للغاية من تلك المقابلة ،و التى أكدت له أنه فى أمس الحاجة للعلاج هو الآخر ،لكنه يكابر نظرًا لأن حالته مستقرة إلى حد ما ،رغم كونه يعلم أنه هكذا فقط لعدم حدوث ما هو جديد
وجد نفسه يتجه لمنزل صديقه و يدخل بهدوء باستخدام المفتاح الخاص به ،كان "آدم" وقتها يجلس على الأريكة أمام التلفاز ،و يشاهده بملل شديد ،و ما أن سمع صوت فتح الباب التفت و قال مرحبًا بصديقه :
اذيك
خلع حذاءه و ارتدى خفه المنزلى ،ثم اتجه لصديقه و جلس بقربه ،رمقه بسخط ثم دفعه بحدة ،فهتف"آدم"متسائلًا بضيق:
طب بتزق ليه بس ؟ عملتلك ايه أنا ؟
حدجه ببعض النظرات الحانقة و هو يهتف بضيق و استهجان:
ايه الدكتورة اللى أنت جيبهالى دى ؟دى مستفزة و شريرة ، محسسانى أن كل اللى قدامها مرضى و واقفه تحلل تصرفاتى ،حد قالها انى عايز أتعالح ، و بتتعامل كأنها فاهمه كل حاجة فى أى حاجة
لم يتفاجىء "آدم"من رد فعله ،فكان بقرارة نفسه يعلم بأن تلك المقابلة لن تمر مرور الكرام ،و لكنه هتف فى النهاية قائلًا بعملية:
على فكرة دكتور وداد مشهورة جدا فى مجالها ، دا غير أنها محترمة المهنة جدًا و الحكومى زى ال private عندها
(Private/خاص )
حرك "غيث"رأسه رافضًا الانصات لحديثه و قال:
مش عايزها ،شوفلى دكتورة تانية
رد عليه "آدم"قائلًا بتهكم ساخر:
هو كيلو طماطم بتنقيه
زفر "غيث"أنفاسه بضيق شديد ،ثم قال متسائلًا بحنق:
طب مين أشهر دكتورة نفسيه فى مصر ؟
رد عليه الآخر دون أن يقصد أى اساءه:
أمك
حجظت عيناه بشدة و هب مندفعًا للامساك به ،بينما أسرع "آدم"يحاول الهروب منه ،فى تلك الأثناء وصل "أحمد" هو الآخر للمنزل و دلف بهدوء مستعملًا مفتاحه الخاص هو الآخر ،و لكنه تسمر بمكانه ما أن رأى حالة أصدقائه ،ليهتف متسائلًا بتعجب :
فى ايه بتجرى ليه ؟ !
رد "غيث" عليه سريعًا بينما كان يحاول اللحاق "بآدم":
الحيوان بقوله من أشهر دكتور نفسية ،يقولى أمك
شهق" أحمد" بقوة و هو ينضم لصديقه ليتمكنوا من الامساك بثالثهم:
هاراسود أحنا فينا من سيرة الأم ،حلق عليه يا غيث ،و الله ما أحنا سايبينه
كان "آدم"يحاول الفرار منهم و الاحتماء بالطاولة الرئيسية و هو يقول بينما كان يتحرك يمينًا و يسارًا و يراوغهم :
ما تعقلوا بقى ،بجد يا غيث دكتورة منال أشهر دكتورة نفسية فى مصر ،أنا مش جايب حاجه من عندى ،ادخل على Google و أعمل search و هتعرف أنا بقول ايه ؟والدتك ليها papers كتير مشهورة عالميًا و ندوات بيحضرها الآلاف ،أنا مش قصدى اشتم و الله ،هى طلعت كدا
(Google/ جوجل موقع بحثى )
(search/ يبحث)
(papers /أوراق و المقصود هنا أبحاث تم نشرها إلكرتونيًا )
أمسك "غيث"به و لكمه بقوة نوعًا ما ،فهتف الآخر باعتراض بعد أن سقط على الأرض يستريح من هذا المجهود العنيف الذى بذله:
طب ليه الضرب بس ؟
رد عليه "غيث" قائلًا بضيق بينما هبط و جلس بجانبه يستريح هو الآخر :
مبسبش حقى أنا
و لكنه ما أن لاحظ أن "آدم"يمسد على قدمه المصابة برفق ،هتف متسائلًا بقلق:
رجلك وجعتك ؟
حرك "آدم" رأسه نافيًا و قال بهدوء:
لا هى شدت شوية بس و لا يهمك يا صاحبى
بينما وقف "أحمد"يرمقهم بإشمئزاز و قال بحدة:
عيال فرافير ،على العموم مرات عمى السابقة و بنتها بايتين مع ياسمين ،و أنا داخل أنام عند زين ،مش عايز إزعاج ،الواحد وراه شغل الصبح بدرى و مش ناقص
تركهم و اتجه لغرفة" زين" ،بينما ابتسم "غيث "بسخرية و قال :
الواد دا تحسه استولى على زين و شقتك
التفت له" آدم "و قال بتهكم:
مش لوحده على فكرة
رمقه "غيث" بحاجب أيسر مرفوع و هتف متسائلًا بتهكم هو الآخر:
قصدك ايه يا خطيب أختى ؟
رد عليه "آدم" قائلاً بينما كان يتجه للمطبخ:
مقصديش حاجة ،أنا داخل أعمل قهوة ،تشرب ؟
أومأ"غيث"برأسه و لم يعلق ،و بعد لحظات كان يدلف هو الآخر للمطبخ ليتحدث مع صديقه بالعديد من الأمور
و أخيرًا أمسية هادئة
....................................................................

فى اليوم التالى
كان الجميع بمنزل "أحمد" فاليوم عطلة و قد قرر دعوتهم جميعًا لقضاء يوم عادى بعيدًا عن مشاكل العمل
كان "غيث" و الفتيات الثلاثة بالمطبخ يعدون الطعام و كل منهم مسئول عن صنف معين بينما "غيث" يشرف عليهم جميعًا و هو يرتدى قبعة الطباخ المخضرم ،قطع لحظة التعليمات التى يلقيها عليهم ،دخول ذلك الشقى و هو يسأل بضيق:
ها الأكل قرب يخلص؟
رد عليه "غيث" قائلًا بحدة:
لا و مش كل شوية تيجى تسأل ،لما نخلص هنخرج
هتف"أحمد" قائلًا بتذمر طفولى:
أنا أصلًا مكنتش عايز حد يطبخ غيرك ،أكلهم وحش
ضربه "غيث "بخفة على رأسه و هتف قائلًا بفخر شديد:
أختى بتطبخ أحسن منى ،و ياسمين طبخها حلو تسلم ايديها ،و داليدا عليها سلطة حكاية ،و أطلع برا بدل ما أعلم عليك و شكلك هيبقي وحش قدام البنات
قاطعهم دخول "آدم" و هو يهتف متسائلًا بلباقة:
ها يا ليلة ، قربتى تخلصى
حركت"ليلى" رأسها نافيةً و هى تقول بهدوء:
لسه شوية يا آدم
رد عليها سريعًا بلوعة و حب:
براحتك ،أنا كدا كدا مش هاكل غير اللى هتعمليه يا ليلة
رمقه "أحمد" بنظرات حانقة ثم قال بإستهجان:
ايه يا عم النحنحه دى ،أحترم أخوها اللى واقف وسطينا
رد عليه "غيث" قائلًا بحدة بينما كان يستمر فى تقليب المخفوق الذى يعده:
هل أنا اشتكلتك ؟ حاشر نفسك بين عصافير الكناريا بتوعنا ليه ؟
لوى "أحمد" ثغره و هو يقول متشدقًا بطريقة ساخرة:
أنت اتغيرت خالص يا غيث ،بقيت نحنوح زى الواد دا ،أنا لازم أقلل من قعدتى معاكم ،أحسن اتعدى
تدخلت "ياسمين" فى الحوار و قالت بإستهزاء:
ياريتك يا أخى تتعلم منهم حاجه
رد عليها شقيقها بينما كان يضع يده بجيب بنطاله :
بتقولى حاجه يا ياسمين ؟ أحب أفكرك دول كلهم ماشيين و مش بقيلك غيرى
ترك "غيث" ما كان يفعله و التفت يحدثه بحدة:
أنت بتهددها ياض ،و قدامى كمان
فى تلك الأثناء دلفت" ساره" للمطبخ ،فقال" غيث "سريعًا محدثًا إياها:
معلشى يا خالتو خدى كملى الطبق دا كدا
و هب مندفعًا ليمسك بذلك الشقى و يلقنه درسًا قاسيًا ،بينما شعر"أحمد"بالغدر فهرول سريعًا مبتعدًا عنه و هو يقول بصوت عالى وصل لمسامع كل من بالمنزل :
ولا يا غيث ،أنت هتعمل ايه؟ عيب ياض أحنا كبرنا على اللعب دا
بينما كان يتابعهم الجميع و البسمة لا تغادر و جوههم ،حقًا الأجواء العائلية رائعة ،لكنها لن تدوم كالعادة

.............................................................

على الجانب الآخر ،كان يجلس بغرفته و يشعر بالضيق الشديد ،يشعل إحدى سجائره و لا يفكر سوى بحاضره الذى لا يعرف كيف يتعامل معه ؟ ،دخلت زوجته و جلست بقربه على الفراش ،رمقها بحنان و أمسك بكف يدها ليقبله لكنها نزعته سريعًا و هتفت متسائلةً بجدية:
ليه مش عايز تقربلى؟ حاسس أنك اتسرعت صح ؟
أخذ "مالك"نفسًا عميقًا ثم قال بألم و حزن:
لو قولتلك خايف من أنك أنتِ اللى تكونى اتسرعتى ،هتصدقينى؟ أنا عارف أنى مش مناسب يا عفاف ، رغم أنك بتحبينى بس بعد اللى حصل فى الفرح شوفت منك نظرة أكدتلى الاحساس دا ،أحنا بعاد أوى
لم تتحمل ما يقول و هبت تدفع جسده بحدة و هى تقول بحسرة:
دلوقتى بتقول كدا ،بعد كل اللى عدينا بيه سوا ،بتتخلى عنى، و يا ترى ليه بقى عشانى زى ما بتقول و لا كلام جدك ؟
توقفت عن دفعه فقد هبطت الدموع من مقلتيها ،لم يتحمل هو ذلك و سحبها فى عناق طويل ،كان يمسد على ظهرها برفق و يتركها لتبكى كيفما تشاء
بعد فتره ابتعدت عنه و بدأت فى كفكفت دموعها ،ثم هتفت متسائلةً بألم:
مالك أنت بتحبنى بجد و لا كانت نزوة زى ما مامتك قالت ؟
تنهد تنهيدة حارة ثم قال بصدق:
أنا كلمه بحبك قليلة أوى على اللى بحسه ناحيتك يا عفاف
كانت تطالعه بترقب شديد ،و ما أن أنهى حديثه ،هتفت هى متسائلةً:
طب ليه ؟ ليه مش عايز تدينا فرصة ؟
أخذ كفها يعانقه مع خاصته و هو يقول بقلة حيلة :
عشان أنا مستحقش أى فرص ،أنا وحش أوى ،أنتِ متعرفيش أنا عملت ايه ؟ أنا شيطان يا عفاف ،أنا مش بس شيطان لا و حقير و أنانى ،أنا انسان ميستحقش يعيش
كانت "عفاف"تستمع له بإنصات شديد ،تريد أن تعالج روحه المنهكة ،لكن فجأة لمعت أمامها قصة الطفولة المفضلة لها ،فقالت متسائلةً :
عارف قصة الأميرة و الوحش يا مالك ؟
أومأ برأسه و لم يعلق ،فقالت هى بينما كانت تبتسم:
أنت الوحش اللى فيها
حدجها "مالك"بنظرات حانقة و قال متسائلًا بتهكم:
ودا مفروض غزل و كدا يعنى ؟
حركت "عفاف"رأسها نافية و قالت بتوضيح :
لا مش غزل دى الحقيقة ، هحكيلك حكاية صغيرة
أخذت نفسًا عميقًا ثم قالت مسترسلةً:
في يوم من الأيام في قرية صغيرة عاشت بيل الجميلة، كانت بتحب الكتب و القراءة و باباها كان مخترع و كل يوم يفكر في فكرة جديدة، يعمل منها اختراع علشان ينجح و يبهر كل الناس.
وفي عالم موازي من قرية بيل في قصر قريب من قريتها، كان في أمير مغرور معاه فلوس كثيرة و خدم و حشم كلهم هدفهم الوحيد في الحياه أنه الأمير ده يكون مبسوط
و في يوم من الأيام كان يوم شتاء و الجو برد أوي، خبط حد على باب الأمير، و كانت ست عجوزة، طلبت يأويها عنده في القصر النهارده
فالأمير رد عليها و قالها واحدة زيك ما تدخلش القصر بتاعي، أنت شكلك وحش ، زعلت الست العجوزة و عيطت
و الأمير رفض بعد محاولات كثيرة من الست العجوزه، و فجأة بعد ما رفض الأمير، ساعتها اتحولت الست العجوزة لساحرة شابه شكلها جميلة ،و حولته لوحش شكله بشع و قالت له أن اللي حصل له ده مش هيتشال إلا في حالة واحدة بس ،و هو أن فى واحده تحبه بهيئته دى
اختفت الساحرة و سابت الأمير اللي تحول ، و كمان حولت كل الخدم و الحشم جوه القصر لأدوات، منهم مكنسة و منهم فنجان و منهم درج.
نرجع تاني للقرية، والد بيل ربنا كرمه، و عرف يعمل اختراع، و قرر يعرض اختراعه و بدأ رحلته، لكنه تاه في الغابة، و الجو تلج، ومعرفش يعمل ايه؟
و هو ماشي كده بص لقى قصر الأمير المسحور،و فرح جداً ، و دخل ، فرحب بيه الخدم بتوع الأمير، و اتبسط الخدم المسحورين، و قالوا له يقعد، و جابوله، أكل ، و بعدين دخل ينام و تانى يوم الصبح لقى فى فطار جمبه و قهوة فقرر أنه ينزل بنفسه للطابق السفلى و يشكر صاحب القصر دا اللى استضافه
بس هو قبل ما يدخل القصر ساب الحصان بتاعه فى الحديقة فقرر يروح و ياخده الأول لكن لفت انتباهه وردة جميلة فقطعها و وقتها اتحول كل شىء
لأن الوحش غضب جدًا
وخرج على الفور و قال :أنت راجل طماع بعد ما أمنتك و اطعمتك تجى و تبوظ الحديقه بتاعتى و تقطف أكتر وردة بحبها، أنت لازم تموت .
خاف الرجل جدًا من الوحش و تأسف له كتير و قال أنه مكنشى يعرف أن دى وردتك المفضلة و أن مفيش حد فى القلعة و أنا كنت واخدها لبنتى لأنها بتحب الورد جدًا
فالوحش قرر يعمل معاه اتفاق أنه هيسيبه يرجع لبيته بس يجيب بنته مكانه
و الرجل رجع لبيته و عرفها باللى حصل و هى فضلت تنفذ شرط الوحش على أن والدها يموت
و عاشت مع الوحش و اتعودت عليه و بقوا صحاب ، بس طبعاً دا مكنش بسهولة، بيل في الأول حاولت تهرب من القصر، و انقذها الأمير المسحور من الذئاب، اللي كانوا هياكلوها.
وعلى الرغم من أنها كانت عايزه تهرب منه، لكن الوحش دافع عنها و تصاب بجروح كتير، بيل مسبتهوش، وفضلت معاه لحد ما الجروح تتحسن، و في الفترة دي اتعرفوا على بعض و كل شيء لطيف ما بينهم، وهنا الوحش حب يكافئ بيل، و جبلها مراية سحرية تقدر تشوف بيها والدها.
وفي يوم من الأيام بتبص بيل في المراية، و بتعرف أن باباها تعبان قوي فتطلب من الوحش أنه يخليها تروح تشوفه ،و الوحش وافق و راحت بيل تشوف باباها، و اعتنت بيه و عملت له الأكل و الشرب كل يوم، لحد ما باباها اتحسن و بقى كويس.
لكن جاستون الشرير راح لحد باب بيت بيل، علشان يخير والدها ما بين أنه يتجوز بيل ياما يوديه مصحة المجانين، بسبب اللي قاله على الأمير المسحور و القصر اللي كانت بيل مسجون فيه.
و هنا بيل مش هترضى تتجوز جاستون، وح
حاولت تقنعهم أنه باباها مش مجنون، و أن فعلاً في أمير مسحور لشكل وحش، و هي كانت معاه، لكن بيل حاولت تفهمهم أنه كويس، و أنه طيب و مش شرير.
و عشان تثبت كلامها خلت الناس تبص في المراية، و تشوف الوحش، و دي كانت غلطة كبيرة
جاستون الشرير لم كل الناس في القرية و أخدهم وراحوا لقصر الأمير المسحور، علشان يموتوه، لكن بعد مواجهة شديدة بين جاستون و الأمير الوحش، قدر الأمير أنه ينقذ نفسه و ينقذ بيل، و كمان اتخلص من جاستون، وكل اللي معاه.
و انتهى الجزء السيء من الرواية و اعترفت بيل بحبها للوحش ،و عاد الأمير لشكله القديم الجذاب الجميل ،هى حبته بشكله الصعب و دا أبطل مفعول السحر ،على عكس الأمير اللى طرد الست العجوزة عشان شكلها
كان يتسمع لها و ابتسامة خفيفة تزين ثغره ،و ما أن انتهى من حكايتها ،هتف متسائلًا بغضب زائف:
يعنى أنتِ الأميرة و أنا الوحش ، ماشى يا عفاف مقبولة منك مين بقي جاستون دا اللى هموته بروح أمه ؟
رمقته بسخط و قالت :
يعنى سبت المغزى من كل الحكاية و مسكت فى دى
أومأ"مالك" برأسه و قال بنبرة جامدة:
مش من حق حد يحب مراتى غيرى
ابتسمت على جملته تلك و لم تعلق ،بينما أخذ هو نفسا عميقا و قال بصدق :
عفاف ،خدى كل وقتك ،أنا عمرى ما هعمل حاجه أنتِ مش موافقه عليها أو مقلقه منها ،أنا بحبك يا عفاف
ارتمت لتعانقه بعشق و هى تقول :
وأنا كمان بحبك يا مالك

مازالت تلك القصة بها العديد من التعقيدات و مازل ذلك الوحش يملك جانبًا أسودًا بداخله و سيظهر قريبًا محطمًا كل شىء

............................................................

بعد أن تناولوا الطعام ،اتجهت الفتيات للمطبخ لغسل الأوانى المتسخة بينما بقي "آدم "جالسا على الاريكة الرئيسية و من حوله الصغيرين" غيث "و "زين" ،إلى أن هتف "زين" قائلًا بمرح :
ما تحكيلى حدوته من حواديتك يا عمو ادم
ابتسم له ثم قال مخاطبًا "غيث الصغير":
تحب تسمعها معانا يا غيث
أومأ الصغير برأسه بحماس
أخذ "آدم"نفسًا عميقًا ثم قال :
فى يوم من الأيام سيدنا موسى عليه السلام وصل مدين، و راح عند بئر و قعد هناك، و شاف مجموعة كبيرة من الناس بتتزاحم عند البير دا عشان يسقوا مواشيهم و أغنامهم و لاحظ إن في بنتين واقفين لوحدهم على جنب و مانعين مواشيهم و أغنامهم إنهم يروحوا للبير، فسيدنا موسى لما شاف المنظر استغرب و قرر بشهامة يروح يسألهم عن السبب!
فالبنتين ردوا وقالوا:" لَا نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ الرِّعَاءُ ۖ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ"
هما اتعودوا كل مرة يستنوا لما الناس دي كلها تخلص سقي أغنامهم و مواشيهم و بعد كده يروحوا يسقوا أغنامهم من المية اللي فاضلة منهم في الحوض لإن ماينفعش يزاحموا الرجال، و باباهم هو اللى كان بيعمل كدا بس للأسف هو راجل كبير في السن فمايقدرش
فسيدنا موسى قرر يساعدهم فأخد مواشيهم و أغنامهم وراح سقاهم بنفسه و كان محطوط فوق البير حجر ضخم، و الحجر ده معروف بين أهل مدين إنه عشان يتشال محتاج عشر رجال يشيلوه قصاد بعض، و هو وقتها شاله لوحده ورجعهملهم المواشى و الأغنام تاني وراح قعد في الظل
و هنا نتعلم الشهامة و المروءة لما سيدنا موسى عليه السلام ساعد البنتين
فالبنتين لما رجعوا لأبوهم حكوله عن موقف الشاب الشهم معاهم، فأبوهم طلب من بنت منهم إنها تروح للشاب ده تطلب منه يجي يقابله عشان يشكره بنفسه على شهامته مع بناته.
وفعلًا البنت راحت لسيدنا موسى ،و سيدنا موسي وافق يروح معاها لأبوها.
وهما ماشين في الطريق، هي كانت ماشية قدام، و سيدنا موسى كان ماشي ورا و ده لإنها هي اللي عارفة الطريق، و في اليوم ده كان في رياح شديدة، و الرياح مهما كان اللبس واسع لما بتخبط في الملابس بتصف شكل و حجم الجسم، و ده اللي حصل مع البنت، فلما ده حصل، سيدنا موسى وقفها و قالها إنه هيمشي قدامها و أمرها تمشي وراه ،و معرفة الطريق، سهلة، ممكن تمسك شوية حصى في ايديها، لو مفروض الطريق يمين ترمي حصوة ناحية اليمين ، و لو يمشي شمال ترمي الحصوة ناحية الشمال و هكذا.
و دا يعلمنا الامانه

وعشان كده لما رجعت لأبوها قالتله:" يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ۖ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ"

قال تعالى:"ولَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَىٰ رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ (22) وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ ۖ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا ۖ قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ الرِّعَاءُ ۖ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰ إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24) فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا ۚ فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ ۖ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (25) قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ۖ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26)"
سورة القصص
وما أن انتهى ،صاح "زين" قائلًا بسعادة:
حلو اوى يا عمو آدم
بينما رد عليه "غيث الصغير "قائلًا:
يايختك يا زين ،عندك عم بيحكيلك كل يوم حكايه ،أنا عايش مع واحد لو سألته على مسألة رياضة بيشتمنى
قاطعهم جلوس "غيث الكبير" بقربهم و قال :
لو عايز أنا ممكن اساعدك فى الرياضة
طالعه الصغير بفرحة و قال مهللًا:
بجد
ابتسم" غيث" و قال بهدوء:
نتفق يوم و تجي الشغل مع باباك و أساعدك
لوى الصغير ثغره بضيق ثم قال بتهكم:
وهتبقى فاضيلى ،دا بابا نفسه مش فاضى
رد عليه بسعادة :
أفضالك
فى تلك الأثناء انضم "بسام" لهم ،كان يمرق "غيث"بنظرات حانقة لا يحب اقتراب أحد من ابنه ،و ما زاد الطين بلة هو معانقه ابنه "لغيث" أمامه
حاول بقدر الإمكان التحكم بنفسه و ألا ينفجر به، اكتفى فقط بأنه هتف باسم ابنه بصوت عالى :
غيث
التفت الاثنان له ،فقال "بسام" بتوضيح :
أنا بنده لابنى ،يلا يا غيث ،كفايه كدا
رد عليه الصغير باعتراض :
لا أنا عايز أقعد معاهم شوية ،أنا مبسوط هنا
رد عليه "بسام" بنبرة حادة لا تقبل النقاش:
قولتلك يلا ،مش عايزه مناهدة
لم يجد الصغير أمامه سوى الانصياع لأمر والده فقال بإقتضاب بينما كان يتجه لمنزله :
حاضر
و ما أن خرج ابنه ،قال" بسام"معتذرًا من الجميع :
آسف يا جماعة ،بس هو مش متعود على السهر و كمان و راه مذاكرة
و رحل بهدوء ،بينما رمقه الجميع متعجبين من تصرفه ،لكن لم يهتم أحد سوى "غيث"الذى تضايق بشدة لأنه ابتعد عن هذا الصغير الذى لا يعرف حتى هذه اللحظة لما يشعر بحنين غريب تجاهه

ربما هناك بعض الاشارات التى يجب على المرء الإنتباه لها .

...............................................................

بعد أسبوع

كانت الأجواء رائعة و الكل سعيد فاليوم هو حفلة اتمام لم الشمل ،و أخيرًا تمكن "غيث"من اجتياز تلك المحنة الصعبة بل و لمع أكثر فأكثر ،حيث جاءت لهم العديد من العروض خارج حدود مصر العربية ،يبدوا أنهم فى أول طريق العالمية

لقد تم حجز قاعة كبيرة فجميع الموظفين تم دعوتهم فذلك العمل ما هو إلا عمل جماعى شارك به كل موظف فى الشركة مهما كان منصبه

...........................................................

و على الجهة الأخرى كانت الفتيات يرتدون ملابس رائعة ،حيث ارتدت "ديما" بذلة نسائية باللون الأرجواني القاتم و و شاح رأس باللون الأسود بينما ارتدت "وعد"تنورة سوداء من الجلد تصل لكاحلها و فوقها قميص من الستان الاسود الأنيق و وشاح رأس باللون الاخضر الذى برز جمال عيناها ،و بالنسبة لصاحبه عيون الريم ارتدت ذلك الثوب الذى أحضرته لها ابنة عمها منذ سنتين و وشاح رأس بنفس اللون ،كأن "مايا" أحضرت هذا الثوب خصيصًا لتلك الحفلة دون حتى أن تدرى ،لو كانت تعلم لعضت على أناملها من الندم

هبطت الفتيات بينما وقفت " الست منى" و "الست فاطمة" بالشرفة من الأعلى ،أحضرت "الست منى "طبقًا متوسط الحجم به بعض حبات الملح الخشن و بدأت فى القائها على الفتيات كعادة قديمة لمنع الحسد
بينما كانت "الست فاطمة" تلوح لهم بسعادة
و كان "العم جمال" ينتظرهم بالاسفل بسيارة أجرة خاصة ليقوم بايصالها و انتظارهم فى طريق العودة أيضًا

.........................................................

كان"غيث" يقف فى مقدمة القاعة يستقبل الجميع بابتسامة مقتضبة ،مجرد فكرة أنه ابتسم لأحد كانت غريبة ،فلم يعتد الموظفين على هذا الشىء
بينما كان صديقه يقف بالقرب منه و يوزع الابتسامات و المجاملات على الجميع كعادته ،لم يترك أحد إلا و تغزل به
دلفت "ديما"فى البداية و رحب بها "غيث" بسعادة و بعد لحظات كانت "وعد" تقف أمامهم و قبل أن يرحب بها أحد ،قال"أحمد "سريعا:
أنا مرنح على ورك الطاووس ،ملكيش دعوى بيه
رمقته "وعد" بضيق ملحوظ ثم قالت بتأفف:
اشبع بيه
عنفه "غيث" قائلًا بحدة بمجرد أن رحلت :
أنت حمار ،فى حد يقول كدا لlady ؟
(Lady/سيدة)
حدجه"أحمد" بعدم اكتراث ،و هو يقول :
ملكشى دعوى دى طريقتنا فى التعامل ،و عجبانى و هى مش معترضة
ضرب "غيث"كفًا بكف و قال:
أنت بجد hopeless case
(hopeless case/حالة ميئوس منها )
لكنه فجأة شعر بأنفاسه تنسحب رغمًا عنه بمجرد أن رآها تدلف للقاعة بهذا الثوب الساحر، كأنه صمم خصيصًا لها، يليق بها الأحمر لدرجة ألا يليق بفتاة بعدها، هى فقط من يحق لها .
تنهد بحرارة و بداخله خواطر عميقة تجذبه للهاوية المعروفة، لكنه يحاول التمسك بالواقع كى يُكَون صورة واضحه للوحته القادمة .
لونه المفضل و فتاته الصغيرة المُهلكة، فهل يوجد ما هو أجمل ؟! لوحة ساحرة بطلتها صاحبة عيون الغزال الجامحة.
وجد نفسه يقول بهيام:
Damn, you look so beautiful
(سحقًا تبدين جميلة للغاية)
اتسعت عينيها بصدمة و هتفت متسائلةً باستنكار مغلف بالغباء:
أنت بتشتمنى بالأم؟!
و حرك هو رأسه سريعًا نافيًا ما وصل لها و قال بتوضيح :
لا و الله ما حصل
و قبل أن تجيبه جاءت "وعد "و سحبتها و هى تقول بحماس شديد :
تعالى يا رنا ،البوفيه اتفتح
بينما ضربه "أحمد" بخفه على ظهره و قال :
يلا يا نحنوح ، عرتنا و بهدلت سمعة الرجالة من جملة واحده
اظاهر مفيش فايدة زى ما سعد زغلول قال
أمسك"غيث" بكف صديقه و قال بينما كان يضغط عليه بحدة :
متكلمنيش كدا، متخليش أقل منك فى نص القاعة
سحب "أحمد" كف يده بعد عدة محاولات باءت بالفشل و قال بينما كان يحرك كفه كمحاولة للتخفيف من ألمه:
روح اتشطر عليها الأول و بعدين أتكلم
جز"غيث"على أسنانه بغيظ شديد و هو يقول بغضب:
يا ابنى أنت لو مش خايف على عمرك عرفنى ، ياسمين لسه صغيرة على أنها تعيش لوحدها
حرك "أحمد"كتفه بلا مبالاة و قال بينما كان يشير لرجال الصحافة المنتشرين بالقاعة:
أنت بوق على الفاضى ،و حسك عينك تعملى حاجة ،أحنا فى حفلة كبيرة و كله بالصوت و الصورة
قاطع وصلة العراك تلك وصول "آدم "و هو يقول معنفًا كليهما :
خلاص بقى ،ايه مبتفصلوش ؟ أحترموا سنكم و مكانتكم شوية
لوى "غيث "ثغره و هو يقول بتبرم:
هو اللى بدأ
بينما كان "أحمد" يرمقه بعدم اكتراث و كأنه لم يفتعل تلك المناوشة من البداية بكلماته السليطة

بعد لحظات كان "غيث" يقف فى منتصف القاعة يلقى بعض كلمات الشكر و التقدير :
أنا بشكركم كلكم على المجهود الكبير اللى كل حد منكم قام بيه ،نجاح الشركة دا نجاح مشترك بينا كلنا
أنتم الجزء الأساسى للشركة و من غيركم مفيش أى حاجه كانت هتم
وقف "أحمد" بجانبه و قال بسعادة:
الشركة دى بدأت من خمس سنين ،بتعب و عرق كل واحد فينا ،و أنك تشوف ثمار تعبك فى النهاية دى حاجة جميلة جدًا ،فحقيقي شكرًا لكل حد ساهم فى كيان شركة العدلى
صفق الموظفون بسعادة ،فمعاملة المدراء معهم مبنية على الاحترام و التقدير و هذا أهم ما يميز تلك الشركة

ترك الجميع و اتجه لها ،يتحرك و كأنه مسلوب الإرادة ،لا يفكر سوى بقضاء أكبر قدر من الوقت برفقتها ،وقف أمامها و هتف متسائلًا بتوتر بينما كان يخلل شعره بأصابع يده :
عجبتك الحفلة؟
أومأت "رنا"برأسها و قالت بإقتضاب:
أه حلوة
فقال هو بلوعة و هيام :
مش أحلى منك
كان صوته منخفض بعض الشىء و أصوات الجميع من حولهم عالية فلم تتمكن من سماعة ،فهتفت متسائلةً:
آسفه مسمعتكش ،بتقول حاجه يا دكتور ؟
قاطعهم "أحمد" الذى قال فى محاولة منه لانقاذ صديقه الهائم :
لا مبيقولشى كان بيندهلى يا رنا
ابتسمت"رنا" بإقتضاب و قالت :
تمام ،عن اذنك هروح لوعد و ديما
بينما رمقه "غيث" بسخط و هو يقول متسائلًا:
جت ليه ؟
عدل "أحمد"من ياقة قميصه بتفاخر و هو يقول :
جيت ألحقك ،يا ابنى أنت لحظه كمان و هطب تقع قدمها
خلل "غيث"شعره مرة آخرى و هتف متسائلًا بتوتر :
هو باين أوى كدا ؟
أشار"أحمد" بأصابع يده على الموجودين بالقاعة و هو يقول :
بص للموظفين من حوالينا و أنت تعرف ،خلاص دول بيختاروا أسماء عيالكم
لاحظ"غيث" وقتها وجود فتاة معينة ،فهتف قائلًا بإقتضاب :
مايا جت
زفر الآخر أنفاسه بضيق و هو يقول بألم:
شوفتها و طنشت ،و متضغطش على الجرح عشان أنا على آخرى ،كفاية الفستان الزفت اللى جايه بيه
استمع له و لم يعلق ،فهو يعرف ما يمر به فى هذا اللحظة

أوشكت الحفلة على الانتهاء و لاحظ "غيث" أنها تتجه للخارج ،لموقف السيارت بالتحديد ،فلحق به و قال :
لحظة أجيب العربية عشان أوصلكم
حركت رأسها رافضةً و هى تقول بينما كانت تشير لسيارة معينة:
لا عمو جمال مستنينا برا ،جينا معاه و هنروح معاه
أومأ "غيث"برأسه متفهمًا لكنه لم يتحرك ،أراد البقاء أكثر و مراقبتها عن كثب ،بينما هى كانت تخرج شىء من حقيبتها و قالت و هى تناولها إياه:
دكتور غيث ،ممكن تقبل دا منى
عقد ما بين حاجبيها متسائلًا بتعجب :
ايه دا ؟!
ابتسمت باستاع و هى تقول بشكر حقيقى و امتنان :
دا تعبير منى على أنك أفضل مدير بيتعامل مع موظفينه ،أنا مكنتش عارفه أجيب لحضرتك ايه ؟ بس أنا و وعد قررنا فى النهاية نجيب قلم عشان تمضى بيه أى عقد جديد إن شاء الله
لم يهتم بأى من كلماتها فقد كان هائمًا بتلك الابتسامة الساحرة ،و لكنه عاد لأرض الواقع و هتف متسائلًا بحنق:
أنتِ و وعد ؟ يعنى مش أنتِ اللى جيباها لوحدك؟
حركت "رنا"رأسه نافيةً ،ثم قالت بتوضيح :
لا ،أصلا كنا جايبين اتنين ،واحد لحضرتك و واحد لدكتور أحمد
ردد جملتها تلك بلا وعى :
كمان جايبين لأحمد واحد
بينما كانت باقى الفتيات يهتفون باسمها لكى تلحق بهم ،فقالت مودعة إياه بإقتضاب :
عن اذنك يا دكتور
و انطلقت لهم ،تاركةً خلفها ذلك الهائم ينظر لهذا القلم بسعادة و حسرة فى نفس الوقت ،إلى أن جاء "أحمد" و قال بينما وضع يده على كتف "غيث":
نفس القلم صح ، يا على الكسفة اللى أنت فيها يا حازم
أزاح يده بحدة و قال بينما كانت ملامح وجهه تنم عن غضب شديد :
عارف يا أحمد ،أنا ثانية كمان و هرتكب جناية و أريح البشرية كلها منك
لكنه ما أن التفت للخلف حتى قال بدهشة و استنكار :
هار أسود ،ايه اللى بنت عمك مهبباه دا

كانت "داليدا" ترقص على أنغام أنشودة غربية و تتمايل ببراعة فى منتصف القاعة معتقدة منها أن ذلك تصرف طبيعى فى الحفلات ،فأسرع" غيث" لها بعد أن خلع معطف بذلته و وضعه على كتفيها ثم سحبها بحدة طفيفة مبتعدًا عن تلك الحشود التى تأكل جسدها بتلك النظرات الحقيرة ،بينما و قف "أحمد" يرمق الموظفون بنظرات تشبه النيران المتشعله ،فأخفضوا رأسهم سريعًا و انفضت تلك المناسبة بهذة الحادثة الصغيرة

إنها الدماء الشرقية فى النهاية

................................................................

كان يهم بالرحيل لكن أوقفه ندائها باسمه:
أحمد
التفت لها و حاول بشتى الطرق ألا يرمقها بأى من نظراته العاشقة ،فهيئتها تلك تثير حنقه ،و قال فى نهاية المطاف بإقتضاب:
أفندم
ردت عليه سريعًا بتوتر ملحوظ:
هسالك سؤال ،هو غيث بيحب رنا ؟
زفر أنفاسه بضيق و قال بينما كان يتركها و يتجه لسيارته:
مليش أنى أقولك ،تقدرى تسأليه بنفسك يا مايا
لكنها لحقت به و أمسكته من ساعده الأيسر و قالت :
رد عليا ،أرجوك ،غيث بيحبها صح ؟كان باين أوى من نظراته طول الحفلة ،حتى الكل لاحظ، هو بحد ساب كل بنات العالم و اختار بنت عمى فى النهاية، طب ليه هى ؟هى أحسن منى فى ايه ؟
أنا ليه محدش بيختارنى يا أحمد؟ ليه محدش بيحبنى ؟ هو أنا وحشه للدرجادى؟
صمت للحظات ،كانت كفيلة بجعل "أحمد" يرمى كل قوته بعرض الحائط و يعترف لها للمرة التى لا يذكر عددها ،لكن صدمته فعلتها التالية ،حيث صاحت بألم بينما كانت تلطم وجهها عدة مرات متتالية:
عارف الفستان اللى هى لابساه ،انا اللى جيباه ،أنا إلى جيباه بايدى دى
أمسك يدها مانعًا إياها من ضرب نفسها و قال :
مايا أنا
لكنها حطمت كل شىء و قالت بلوعة:
أنا بحب غيث يا أحمد، بحبه بجد ،بس هو عمر ما حبنى
و ما زاد الطين بلة ،قولها التالى و هى تدفع جسده بحدة :
بسببك ،كل دا بسببك ،ليه تحبنى ؟ ليه من بين كل البنات تختارنى أنا؟ أنت مش عارف أنى بحبه من البداية؟ أنت حقير يا أحمد ،حبيت البنت اللى بتحب صاحبك ،أنا بكرهك، بكرهك
صمتت للحظات تحاول ضبط وتيرة تنفسها ثم قالت بقوة غريبة :
أنت اللى بوظت حياتى ،أنا بكرهك، مش عايزه أشوفك تانى و لا أعرفك ،بكرهك يا أحمد
و تركته متجهة لسيارتها ،صعدت و انطلقت و كأن شىء لم يكن ،ما هذا العبث الذى تفعله بشخص لا يملك لها سوى كل الحب ؟!

...........................................................
بعد أن قام بإيصال ابنة خالته ،و عنفها بعض الشىء على تصرفها و ملابسها ،هبط و اتجه لمنزل صديقه فهذه الأيام يقضى لياليه برفقته
لكن صدح صوت هاتفه معلنًا عن اتصال من رقم غريب ،لم يجب فى البداية لكن نتيجة لإصرار الطرف الآخر لم يجد أمامه سوى أن يجيب
لكن اتسعت حدقتيه بمجرد أن سمع ما قال الطرف الثانى و هب مندفعًا لمكان ما
و بمجرد أن وصل وجد من يعترض طريقه من الأمام و آخر من الخلف ،و قبل حتى أن يكون له أى رد فعل سقط على الأرض فاقدًا للوعى نتيجه لضربة تلقاها من الخلف على رأسه

تم نقله لغرفة مظلمة و وقف أمامه رجل كبير ،يرمقه بنظرات مليئة بالغضب و الكره الدفين
ابتسم بسخرية على حالته و رحل تاركًا إياه فى تلك الغرفة الموحشة ،فهو لن يستيقظ حتى ساعات الصباح الأولى

................................................................

فى الصباح
كان هناك وشاح فوق عينه و يده موثقة بحبل سميك و قدمه أيضًا ،جالس على الكرسى الوحيد بالغرفة ،كان يستمع لخطوات قادمة من مكان قريب و ما هى إلا لحظات و نزع شخص ما وشاح عينه ،أغمض "غيث" عينه سريعًا بسبب قوة الضوء و عاد و فتحها مجددًا
لتتسع حدقتيه بذهول و تعجب و هو يقول بغير تصديق :
أنت ،أنت اللى عملت كدا !

آخر شخص قد يتوقعه المرء ، لكن ربما هناك ما هو أسوء من التوقع ،و هى الحقيقة المتمثلة أمامه .

................................................................

لم تغفل عينه للحظات ،بقى مستيقظًا الليل بطوله ،حيث كان فؤاده يؤلمه بشدة من عباراتها الثقيلة على أى إنسان مهما كانت قوة تحمله
و هو ضعيف أمامها مهما تظاهر بالعكس ،لكن بعد أمسية طويلة من التفكير ،قرر تحطيم فؤاده و العبث بهذا الحب الخائن
لم يبدل ثيابه حتى ، و انطلق بسيارته لوجهة لم يعدها من قبل
ساعة من الوقت أمضاها فى القيادة ، كفيلة بتغير ما كان يعهد عليه ،لكنه قرر التمسك بهذا القرار الأهوج و السير خلفه مهما كلفه الأمر
وصل"أحمد" لمنزلها ،و صعد بهدوء ،طرق على الباب عدة طرقات و انتظر أن يجيبه أحد

بالداخل كانت والدتها تهم بفتح الباب ،لكنها أسرعت و فتحته هى بعد أن ارتدت وشاح خفيفًا لتخفى شعر رأسها
تسمرت ما أن رأته ،لكنه لم ينتظر ولو لثانية واحدة و قال مسرعًا:
وعد ،تقبلى تتجوزينى ؟

و هذه ببساطة أول عقدة و ستسحب خلفها كل العقد و يتم زواج الجميع ،ثم يأتى الحب أو لا يأتى و ينتهى بإنفصال حزين أو وفاة أحدهم؟ لا أحد يعلم

_يتبع_
_الجزء الثانى ،الفصل الثالث عشر_
_مريض نفسى بالفطرة_

___________________________________

متزعلوش أن الاعتراف اللى فى أول الفصل مكملش ،هتعرفوا بعدين أن دا كان أحلى حاجه أصلًا عشان القصه تاخد منحنى نحبه بعدين

******************************

Continue Reading

You'll Also Like

152K 12K 48
ما بينَ محاولة نسيان خذلانٍ قديم، ومحاولة الالتفات لحُبٍ جديد.. كان التناقض طرفٌ ثالث، فأضحت هذه العلاقةُ أكثر الأمور تعقيدًا. Cover by Anobeass.
188K 9.8K 65
سَنلتقي .. رُبما يكون لقاءً بارداً تكتمُ فيه غيرتك وأمسكُ فيه لِساني عن اُحبّك ستنظر اليّ ، وسأنظر للجميع عداك .
9.8K 617 39
• بعد إنهاء المكالمه سهيله بتذهب الي مكان تواجد فارس عند الاستدج وبتصفعه صفعه قويه علي وجهه تحت نظرات تعجب من الجميع... • وقال بنبره مخيفه وساخره : ا...
3.4K 389 10
_لا نرىٰ "أعين مغلقة بغشاء البؤس فغفلت عن ما يحاوطها" _بؤس "كلمة جمعت أصدقائها" _عائلة "سعادة، شقاء" وكلما أغمضتُ عيني تتقاذف الأسئلة لـ عقلي ومن...