مريض نفسى بالفطرة

By Hader3112

725K 30.6K 9.8K

مريض حُكِمَ عليه بعيش الازدواجية فى كل شىء ، إلى أن قابلها، منحته قلبها رغم معاناتها السابقة ولكنه رفض البوح... More

اقتباس1( لست ليث،أنا غيث)
_١_ (صفعةُ تعارف)
_٢_ (جدى يريد عودتى)
_٣_(صدمةٌ مُبرمجةٌ )
_٤_ (أنا القاتل)
_٥_ (الإنفصالُ فرصة ثانية )
_٦_ (لا أريدك يا أمى )
_٧_ ( حب ناضج لمراهقة صغيرة )
_٨_(بيت جدى مجددًا)
_٩_( ما ذنبى إن كنت تحب فتاة تحبنى؟)
_١٠_( قامت بخيانتى)
التعريف بمرض غيث
_١١_ (نوبة غضب)
_١٢_(بقاءٌ قسرى)
_١٣_( أب برتبة عدو)
_١٥_ عشر(عائد لكِ يا حبيبتى)
التعريف بمرض الطبيبة منال
_١٤_( دماءُ زوجتى الراحلةُ )
_١٦_ (ذلك الوغد مجددًا)
_١٧_(لست ليث، أنا غيث)
التعريف بمرض ديما
_١٨_(حب من طرف واحد)
_١٩_(غارق فى دمائه)
_٢٠_( وحشتنى عنيكى )
_٢١_ (الكل عاشق )
_٢٢_(حقائق بالجملة)
_٢٣_(الانتقام الحلو)
_٢٤_(رصاصة خائنة)
_٢٥_( المواجهةالحاسمة)
التعريف بمرض مالك
_٢٦_(كان ضحية بالأمس)
_٢٧_ (وداعًا بيت جدى)
_٢٨_ ( تطاول بما فيه الكفاية)
_٢٩_ (الحقيقة المؤلمة)
_٣٠_(قابلها مجددًا)
_١_( الانطباع خاطىء)
_٢_(مشاغبة من الطرفين )
_٣_( غيث واحد لا يكفى)
_٤_ ( من المصاب ؟)
_٥_(الغيرة اللذيذة)
_٦_(باغتها بعقد القران)
_٧_(أشباح الماضى تطاردها)
_٨_(فارق الحياة )
_٩_( رفضها يصيبنى بالجنون)
_١١_( اكتئاب حاد )
_١٢_ (أحبك رغم أنف قبيلتى)
_١٣_(هل تقبلين الزواج بى؟)
_١٤_ (خطوبة و جثة )
التعريف بمرض مالك ٢
_١٥_( فليحترق العمل أمام حُسنكِ)
_١٦_ (حُلو مرى)
_١٧_ (أخوض لأجلكِ ألف حرب )
_١٨_(أقبلينى كما أنا )
_١٩_ (تطاول على صغيرتى أمام عينى )
التعريف بمرض محمد العدلى
_٢٠_ (أريدك رغم استحالة ذلك)
_٢١_ (زوجى السابق )
_٢٢_ (قُبلة و مجموعة جُثَثٌ)
_٢٣_ (الإختطاف السعيد)
_٢٤_ (باتت حلالى و كل حالى)
_٢٥_(معركة دموية)
_٢٦_(ليلة زفاف كارثية)
_٢٧_(ليلة عيد)
_٢٨_ (كان القبول طوق نجاة)
_٢٩_ (كلانا لدية تجربة سابقة)
_٣٠_ (العديدُ من المعاركِ)
_٣١_ (كُتِبَ علينا الفراق)
_٣٢_(أحدهم يبكى و الآخر يرفرف عاليًا )
اقتباس٥ ( فتاتى الصغيرة)
(التعريف بمرض مايا)
_٣٣_ (نتعايش أم نتداعش ؟!)
_٣٤_ (راقصة بمبادئ)
_٣٥_ ( قصيدةٌ جميلةٌ )
_٣٦_(الغضب الساطع آت)
_٣٧_(رفض من جميع الجهات)
_٣٨_(نَقَشَ فوق جسدها)
_٣٩_( لاجئ أم خائن ؟!)
_٤٠_(مَلاَك مُحْتَجَز)
_٤١_(نُقُوشٌ مُتبادلةٌ)
_٤٢_(ثلاثة قُبْل فوق ضريح الصقيع)
اقتباس_٦_ (لحن النهاية)
_٤٣_(الفَرِيسَةُ و الصَّيَّادُ)
_٤٤_(ليلةٌ مُلطخةٌ بالماضى)
_٤٥_(اختطاف أرعن)
_٤٦_(جسدٌ مُدنسٌ وروحٌ مُفارقةٌ )

_١٠_(فرصة ثانية للفؤاد)

6.5K 321 112
By Hader3112

٠٢/٠٥/٢٠٢٣
(فرصة ثانية للفؤاد)

"لم تؤلمنى الطعنة بقدر ما ألمنى من قام بفعلها"
_لقائلها

______________________________________

لا يعرف لما قادته قدماه إلى غرفة صديقه ،فلم يكن هناك أى داعى ،لكنه وجد نفسه بدون أى تبرير يحمل سترته و يتجه له رغبه منه فى مضايقته لبعض الوقت ،لكنه لاحظ عدم وجود الموظفة المسئولة عن الاستقبال لغرفته ، لم يهتم بالأمر و اقترب بهدوء و لكنه قبل أن يطرق الباب استمع لصوتها الأنثوى الذى يحفظه عن ظهر قلب
حيث كانت تهتف بلوعة حب واضحة:
و أنا مش بحب صاحبك  ،أنا بحبك أنت
بحبك يا غيث أفهم بقي

تسمر بمكانه للحظات ،لا يصدق أنها بمثل تلك الجرأة لتأتى له لمكان عمله و تعترف بما فى قلبها بكل تلك البساطة

حاول"أحمد" دفع نفسه للأمام كى يقتحم عليهما الغرفة و يعنفها على فعلتها تلك ،لكنه لا إراديًا تراجع للخلف ،شعر بالخجل الشديد ،فبأى حق يعنفها و هى امرأة حرة ، لا تربطها أى علاقة به فما هى سطلته عليها ليفعل ذلك ؟
ابتسم بسخرية و خرج تاركًا لهما المجال ،يعرف أن صديقه لا يراها من الأساس ، و مع ذلك شعر بالغضب منه ،رغمًا عنه فالمثالية بعيدة كل البعد عن البشر
تنهد بألم و هبط متجهًا لسيارته كى يترك المكان بأكمله ،و بدون أى مقدمات اصطدم بها
رفع رأسه ليعتذر لكنها كانت أسرع منه و قالت معنفةً اياه  دون حتى أن تنتبه لهويته:
مش تفتح يا أعمى
ولكنها ما أن عرفت هوية من اصطدمت به ، قالت مسرعةً بخجل شديد:
اسفه يا دكتور أحمد مكنشى قصدى ،حضرتك اللى خبط فيا،مش تفتح و لا تاخد بالك حتى  ،بدل ما أنت ماشى تخبط فى خلق الله كدا يا دكتور  ،يعنى أفرض مثلا خبط فى ست كبيرة و و قعت جالها الغضروف ،و لا واحده حامل و خلتها تولد مبكر ،و لا عيل صغير و عملته عاهة مستديمة ، و لا راجل متخانق مع مراته فقام متعصب عليك بقي ،مفروض تاخد بالك بعد كدا
زفر"أحمد" أنفاسه بضيق شديد فهو لم يعد يتحمل أى جدال ،ليصيح هو الآخر بحدة :
بس ،ايه راديو و اتفتح ،افصلى شوية  ،أنا صدعت منك ،مفيش راحه خالص كدا ،كله كلام كلام ، تعرفى تسكتى ،تعرفى مرة واحدة فى حياتك متتكلميش ،العالم مش هينهار لو الهانم وعد قررت تتحلى بالصمت و لو للحظات
رمقته بضيق شديد ،ثم قالت بينما كانت تبتعد عنه :
تمام يا دكتور،عن اذنك
شعر "أحمد"أنه تطاول و تعدى حدوده معها ،فهتف متسائلًا كى يلطف من حدة الأجواء قليلًا:
استنى،أنتِ رايحه فين ؟ هو أنتِ بقيتى موظفه فى شركتنا و لا ايه ؟ محدش قالى
توقفت "وعد" و التفت له ثم قالت بإستفزاز ساخر :
هبقي موظفه من غير ما المدير يعرف ازاى يا ذكى ؟ حضرتك مش مالى ايدك فى الشغل و لا ايه ؟ لو عايز واسطه كلمنى هقول لرنا تقول لمديرها ،أنا برده أحب أخدم الدكتور بتاعى اللى بنجح فى مادته بدرجات الرأفة
تنهد"أحمد"تنهيدة عميقة ثم قال بعد أن جلس على إحدى مقاعد الاستراحه المصفوفة بجانب الطريق و التى تقع أمام الشركة :
لازم تردى على كل كلمه بموشح يا وعد
و الله  أنتِ الواحد يتوقع منك أى حاجه
اقتربت من موضع جلوسه و قالت بسخط و هى تضع يدها بخصرها :
ليه شايفنى تعلب ؟
لكنها ما أن قالت ذلك انفجر من الضحك فقد ذكرته بحديثه السابق مع أصدقائه،اغتاظت هى بشدة و قالت متسائلةً بحنق:
بتضحك ليه دلوقتى ؟ هو أنا قولت نكته و لا حاجه يا دكتور
حرك "أحمد"رأسه نافيًا و قال بينما كان يجاهد نفسه ألا يكمل فى الضحك و يضايقها:
لا فكرتينى بحد أعرفه
جلست"وعد" على المقعد القريب منه  دون وعى منها و قالت بخيلاء:
أكيد حد جامد ،مفيش منه اتنين ،نبغة عصره و زمانه و أوانه
ابتسم لها و قال :
شكرًا شكرًا
التفت"وعد" له و قالت بينما كان يعلو ملامح وجهها علامات الضيق و السخط :
بتشكرنى ليه ؟ هو أنا بقول لحضرتك ،دا أنا بقول للحد اللى شبهى أنا
سلام بقى عشان أدى لرنا  الأكل دا
لكنه قال سريعًا :
أكل ايه ؟
عادت لمقعدها و قالت بينما كانت تخرج حصتها من الطعام و تعطيها له دون تردد:
شكلك جعان صح
خلاص هعطف عليك و أديك أكلى ،يمكن أخش الجنه على حسك
أخذ"أحمد" منها لفافة كبيرة و فتحها كانت تحتوى على ثلاث قطع شطائر فقال متسائلًا:
ايه السندوتشات دى ؟
ابتسمت"وعد" بفخر شديد و هى تقول :
دى سندوتشات معموله بعيش هندى  ،جبت طريقتها من على النت و عملتها ،و البانيه اللى جواه التتبيله بتاعته مغيره فيها شوية حاجات فهتلاقى طعمها غريب عن البانيه العادى  بس جامد ،و البطاطس سبتها على النار الهاديه شوية  فطلعت بالطعم الرائع دا
لم يهتم "أحمد"بحديثها فقد بدأ فى تناول تلك الشطائر و قال :
لا أنا  بسألك مش عشان عجبنى ،أنا بسألك عشان مش عارف دا ايه مش أكتر،أنا كدا كدا باكل أى حاجه مبقولشى لا
لوت "وعد"ثغرها بتبرم و قالت بهمس:
لا بجد ربنا يكون فى عون اللى هتتجوزك
سمعها نتيجة لقرب مقاعدهم ،فقال بمشاغبة:
ملكيش دعوى ،دى هتبقي ملكه متوجه
أدرات رأسها له فى الحال و قالت هامسة بسخرية :
ملكه متوجه على مكب زبالة
لم يستمع لحديثها حيث كان منشغلًا بتناول ما بيده ،فقال متسائلًا :
بتقولى ايه يا وعد  ؟
حمدت"وعد" ربها أنه لم يستمع لما تفوهت به و تظاهرت بالسعال و هى تقول:
مبقولش ،أنا بكح،ايه ممنوع أكح؟
ابتسم "أحمد"بسخرية  و قال بعدما أخرج من جيب بنطاله منديلًا و رقيًا كى يمسح بقايا الطعام من على وجهه:
نفسى أعرف مين اللى هيدبس فيكى،دا هينقذ البشريه كلها و يظلم نفسه
تضايقت بشدة من حديثه و قالت:
على فكره دى مش ظرافه دا دبش
عرف"أحمد" أنه ضرب على وتر حساس و لكنه أراد استغلال الموقف و يصارحهها بما يضايقه من ناحيتها :
طب كويس أنك خدتى بالك أن فى حاجه اسمها دبش عماله ترميها فى وش كل حد تشوفيه ،الناس ملهاش ذنب تتحمل لسانك يا وعد ،مش كل جمله حد يقولهالك تردى عليها بكلام أسوء عشان بس تكسبى الحوار لصالحك ،أحنا مش فى حرب ،طريقتك دى هتخلى الناس تبعد عنك
حركت"وعد" كتفها بلا مبالاة و قالت :
و ماله ،ما فى داهيه ،مش هبوس ايد حد عشان يكمل معايا فى حياتى ،أنا كدا و عجبانى و مش هتغير ،و اللى مش عاجبه الباب يفوت جمل
رد علها "أحمد" قائلًا بيأس :
بجد hopeless case
رمقته"وعد" شرزًا ثم قالت بعد أن حزمت حقيبتها :
بعض ما عندكم ،عن اذنك ،و بالهنا و الشفا خلصت أكلى و كنت هتدخل على أكل الغلبانه اللى فوق ،سلام يا دكتور
لكنه قبل أن تبتعد خطوة واحدة قال بامتنان حقيقي:
شكرًا أنك جيتى فى الوقت دا
توقفت "وعد"بمكانها و قالت دون تفكير كعادتها :
و هو أنا جيالك ،أنا جايه لصاحبتى حبيبتى ،الشقيانه التعبانه اللى شايله الشركة كلها على أكتفها و غيرها بينزل يتمشى فى أوقات العمل الرسمية
أنهت حديثها و اتجهت لوجهتها تاركةً خلفها شخص فطر قلبه منذ لحظات و لكنه شعر بإضاءة خافته تنبعت من تلك الفتاة فقال بضياع محدثًا نفسه:
مش عارف يا وعد ،بس غالبًا أنتِ و قعتى فى طريقي خلاص و مفيش مفر

يبدو أن بداية تلك القصة ستكون كارثية ليست كأى قصة حب عادية ،بل هروب من ماضى و حاضر أليم و مستقبل سيطاردها لزمن طويل ،لكن لمن النصر اليوم؟
لفتاه لم تعرف معنى الحب أم لفتى تألم من الحب لسنوات عديدة ؟
لكنها قوية و لن تستسلم بسهولة
.............................................................

بالأعلى بغرفه المكتب ،كان "غيث"يحاول بشتى الطرق أن يجعلها ترحل دون أن يقوم بجرحها ،لكنها كانت ملتصقة كالعلكة ،فلم يجد أمامه سوى الصراحة فقال:
مايا أحمد بيحبك ، بعيدًا عن أن مشاعرى ناحيتك ما هى إلا زمالة و صداقة عادية مش أكتر ،و كون صاحبى بيحبك دا يخليكى بعيدة عن نظرى بكل المقاييس ،أنا و أنتِ مستحيل يجمعنا حاجة يا مايا ،حتى علاقة أحمد بيكى أنا رافضها من البدايه ،لأنه يستحق حد تانى مش هقول أحسن منك ،لكن حد يناسبه أكتر و يقدره مش يستغله
أنتِ عارفه بمشاعره ناحيتك من البداية و مع ذلك تغاضيتى عنها و اتعاملتى على أنه عادى بل كنتى بتحاولى أوقات كتير تتسغليه عشان تقربى منى  ،أو حتى تستغليه لإرضاء نفسك الضعيفة
مايا أنا لا و مليون لا ، ببساطه اللى صاحبى يحبها تحرم عليا
اقترتب"مايا" منه بغضب شديد و قالت بينما أمسكت بساعده الأيمن و ضغطت عليه بحدة ،لكن قوتها أمامه ما هى إلا نسمة هواء ليست أكثر:
و أنا مبحبوش هو الحب بالعافيه يا غيث
أبعدها عنه و قال بحدة مماثلة :
نفس الشىء يا مايا،أنا مبحبكيش ،و لا عمرى هفكر فيكى فى يوم ،نصيجه منى أنسينى يا مايا
لم تتحمل أكثر من ذلك و اندفعت نحوه تعاقنه ،و هى تقول :
متقولشى كدا أنا بحبك 
لكنه تدارك الموقف سريعًا و أبعدها عنه دافعًا إياه بخفه قبل أن تصل له،لكن فى تلك اللحظة دخلت هى ،اخر شخص كان يتمنى أن يراها فى موقف كهذا 
دكتور غيث
توقفت الكلمات فى حلقها و هى ترى هذا المشهد العابث ،شعرت بأن هناك شىء ما بداخلها ينكسر ،لكنها حاولت التحلى بالقوة و قالت و هى تخفض رأسها للأسفل سريعًا:
اسفه الباب كان مفتوح و مدام هناء مش بره ،عن اذنك
لكنه لحق بها سريعًا و هو يقول :
رنا استنى ،متفهميش غلط
و من خلفه وقفت"مايا" و هى تهتف باسمه و تقول بحزن :
غيث ،استنى أنت رايح فين ؟ غيث متسبنيش
لحق بها مباشرة ،دخلت هى لغرفة عملها و جلست على مقعدها أمام المكتب المخصص لها  ،بينما اقترب هو منها و انحى بجذعه العلوى واضعًا كلتا يديه على المكتب و قال:
أحنا كنا بنتكلم بس على فكره ،مفيش أى حاجه بينا ،صدقينى أنتِ بس دخلتى فى وقت مش مناسب مش أكثر ،لكن أنا و مايا مستحيل يجمعنا حاجه غير زماله و بس
رمقته"رنا" بسخط شديد و قالت بينما كانت تضغط على القلم التى تمسك به:
واضح يا دكتور
شعر من حديثها بأنها غاضبة،فهتف متسائلًا بأمل :
أنتِ مضايقه منى ؟
حركت"رنا" رأسها نافيةً و هى تقول بإقتضاب بينما كانت تتحاشى النظر له:
لا اطلاقًا يا دكتور
لاحظ أنها لا تنظر له بل تتعمد النظر للاتجاه المعاكس ،فقال بدون وعى :
طب بصيلى حتى
نهضت"رنا" من مقعدها و ألقت القلم بحدة مما سبب صوتًا عاليا إلى حد ما و قالت غير عابئة بأحد و لكن لحسن حظهما كانت الغرفة فارغة تقريبًا:
فى حاجه يا دكتور غيث ، حضرتك سايب مكتبك و جاى ورايا ليه ؟ ايه تفسيرك لدا ؟
توتر للغاية من صراحتها ،فقال بنبرة مضطربة:
مش عايزك تفهمينى غلط؟
ابتسمت بسخرية و هى تقول بجرأة لا تعهدها :
ليه ؟ يفرق عند حضرتك  ايه افهمك غلط و لا صح ؟ مين أنا عشان تهتم بوجهة نظرى عنك ؟
زفر"غيث" أنفاسه بضيق شديد و قال :
مش عايزك تفهمينى غلط و خلاص ،من غير سبب لدا ،مش لازم كل حاجه يكون ليها سبب يا رنا
أومأت"رنا" برأسها و قالت بينما كانت تناوله بعض الأوراق الخاصه بالعمل:
تمام يا دكتور ،أنا كنت جايه للمكتب عشان أدى لحضرتك الورق دا ،محتاجه توقيع حضرتك
أخذ منها تلك الأوراق بعد أن أجلس على أقرب مقعد قابله ،وضع قدمًا فوق الآخرى ،و بدأ فى قراءة محتوى الأوراق سريعا ثم وقع عليها بهدوء ، رفع رأسه فى النهاية و قال متسائلًا:
حاجه تانيه ؟
حركت"رنا" رأسها نافية و قالت :
لا مفيش أى حاجه تانية ، و لا عمره هيكون فى حاجة تانية
نهض من مقعده و قال بينما كان يطالعها بحيرة:
أفهم من دا ايه يا رنا  ؟
ردت عليه قائلةً بنفس طريقته:
مش لازم كل حاجه نفهمها يا دكتور 
تفهم"غيث" ما تحاول فعله و قال بإقتضاب ،بينما كان يتجه للخروج:
عندك حق 
دخل لغرفة مكتبه و اتجه مباشره للمرحاض ، حيث وقف أمام المرأة و قال محدثًا نفسه:
غبيه ، و بتستغبى  و أنا زى الأهبل جريت وراها عشان أوضحلها ،أنت بقيت ضعيف يا غيث ،بقيت شبه العيال الصغيرة اللى متعلقه بلعبة
أنا لازم أفوق من الوهم دا

ما ذنب ذلك الفؤاد ،فقد وجد ضالته آخيرًا لكن أيمكن أن يمر هكذا بكل بساطة دون عراقيل ؟
...............................................................

هبطت"ديما" للطابق السفلى بالتحديد لغرفة الملفات القديمة ،حيث كانت تبحث عن أمثلة معينة للانشاءات تريد عرضها على طلابها بعد أن استأذنت من مديرها الذى رحب بفكرتها بشدة ،لكنها سمعت صوتًا يأتى من الخلف فاتجهت لمصدره و صدمت حين وجدت شخص آخر يعبث بالأوراق من حوله ،فقالت متسائلةً بحدة:
حضرتك بتعمل ايه هنا؟ هو مش حضرتك فى قسم الحسابات
لا ينكر أنه صدم بوجودها و لكنه حاول تدارك الموقف سريعًا كى لا يتم كشف حقيقته و قال:
أه ،كنت بدور على ملف قديم محتاجه لمراجعة حسابات الشركة
رمقته بشك لكنها قررت فى النهاية ترك الغرفة له فهى لا تحب أن تتعامل مع الغرباء ، و لسخرية القدر كان الباب مغلقًا بإحكام ،حاولت فتحه أكثر من مره لكن بلا فائده ،فهتفت بصوت عالى كى يسمعها:
ايه دا؟ الباب مش بيتفتح ؟
جذب انتباهه حديثها فقال بينما كان يشمر عن ساعديه و يتجه للباب:
هتلاقيكى مش متغدية كويس بس ،عن اذنك كدا
أفسحت له المجال ،و لكنه لم يفتح معه هو أيضًا ،فقال"بسام" بسخرية بينما كان يخلل شعره بأصابع يده من الحرج:
طلعت أنا كمان مش متغدى
زفرت"ديما" أنفاسها بضيق شديد و أخرجت هاتفها كى تطلب أى شخص لنجدتها و لكنها قالت بضيق بعدما فشل الاتصال:
و مفيش شبكه كمان ،هنعمل ايه ؟
ابتسم "بسام"بخفة ثم قال بمشاغبة:
نستنى حد يعدى من هنا ،مفيش قدامنا غير الحل دا
بمناسبة حبستنا دى ،أنا معرفشى غير اسمك ديما و بس
رمقته بضيق و هى تقول بإقتضاب:
مش شايفه أن حضرتك محتاج تعرف حاجه تانيه
لوى ثغره متبرمًا ثم قال بهمس خافت:
أها ،قفل يعنى
لم تسمعه جيد ًا ،فهتف قائلةً بحدة:
أفندم
حرك رأسه و هو يقول  ،بينما اتجه للجلوس على الأرض ،مستندًا على الحائط:
لا مفيش يا انسه مايا،مش انسه برده
لم تجبه ،حيث فضلت الجلوس بمنطقة بعيدة عنه ،تاركةً إياه يراقبها بأعين صقر
لم يعلق على تصرفها و فضل أن يريح جسده قليلًا ،فكان بينه وبين كشف حقيقته لحظات بسيطه

....................................................................

كان سعيدًا للغاية بما أحضره لها ،حيث ظل لأشهر عديدة يحاول توفير مبلغ من المال كى يعوضها عن خطبتهم ،ظل للحظات أسفل البناية التى تسكن بها يفكر أ يصعد أم يهاتفها لتقابله بالأسفل ؟لكنه فضل الصعود لها
هاتفها أمام المنزل و قال لها بأنه ينتظرها أمام الباب ،أسرعت هى بارتداء رداء الصلاة الخاص بها و اتجهت للباب مباشرة و على وجهه ابتسامة مشرقة و هى تقول بخجل:
أتفضل يا سى عمر
حرك"عمر"رأسه رافضًا فالوقت أصبح متأخرًا بعض الشىء و قال بعدما أخرج حقيبة قطيفية صغيرة للغاية و أعطاها لها لتفتحها و ترى ما بداخلها:
لا ياريم معلشى ،أنا كنت جيبك دى و مهنشى عليا أنزلك فى وقت زى دا
أخذتها منه على استحياء و لكنها كادت تقفز من السعادة ما أن رأت ما بداخلها ،كانت قلادة ذهبية صغيرة تحمل فى منتصفها قمرًا جميلًا ،رفعت رأسها له و قالت و عيناها مليئة بالدموع :
دى حلوه اوى يا سى عمر ،بس شكلها غالية ،مفروض توفر كل قرش عشان الشقه ،أنا مش هقبلها
حرك "عمر" رأسه رافضًا حديثها بشدة و قال:
لا هتقبليها ،أنا يوم ما خطبتك مجبتش غير دبله بس عشان ظروفى وقتها ،دلوقتى أول ما وفرت فلوس بعيدًا عن الشقة جبتلك السلسله دى ،لقتها شبهك أوى يا ريم
أغرورقت عيناها بالدموع أثر حديثه و قالت متسائلةً بسعادة :
شايفنى قمر يا سى عمر ؟
أومأ "عمر"برأسه و قال بصدق:
شايفك أحلى حاجه فى السما كلها يا ريم
لكن قطع صفاء تلك اللحظة والدتها و هى تقول متسائلةً بحدة:
أنت جاى ليه ؟
تضايق "عمر"بشدة من لهجتها و لكنه أثرها فى نفسه و قال بإقتضاب:
بدى حاجه لخطيبتى و ماشى
التفت"عمر" ليغادر المكان ،لكنها أوقفته و قالت بحدة غير عابئة بمدى قسوة حديثها و إهانتها له:
استنى ،الخطوبة دى أنا مش عايزاها ،و عمرى ما هرضى عنها ،بنتى محتاجه رجل سليم يصرف عليها ،مش لامؤاخذه مريض
قاطع حديثها ذلك ،قول ابنتها برجاء :
ماما لو سمحتى
لكن "عمر"تدخل و قال كى ينهى هذا الجدال بأكمله:
خلاص يا ريم ،أنا همشى،عن اذنك يا حماتى
رحل بقلب منفطر ،فقد أهانت الرجل بداخله ،لكن لا يمكنه لومها ،فهى فى النهاية تريد أفضل شىء لابنتها، لكن "ريم"قالت بحدة بعد أن أغلقت والدتها الباب :
أنتِ بتعملى كدا ليه ؟ أنا بحبه و مش عايزه غيره، حرام عليكى
رمقتها و الدتها بغضب شديد و هى تقول :
و أنا مش موافقه أنك تتجوزى حد زيه ،فقير و قولنا ماشى  ،لكن مريض لا ،كفايه أوى لغايه هنا ،أنت راميه نفسك عليه ليه كدا ؟ فى ايه عشان تحاربى أمك عشانه ؟
لم تتحمل"ريم" حديثها المهين أكثر من ذلك و صاحت بحدة:
ماما ،ريم لعمر و عمر لريم و مش هيبقي فى أى حاجه تالته ،فكفاية أوى لغاية هنا ،بطلى تحلمى و تبنى آمال على جوازى ،أنا مش مشورع اقتصادى يرفعك 
حركت والدتها رأسها رافضةً كل ما سمعته و قالت بعناد و سخط:
عمرى ما هقبل بالجوازه دى يا بنت بطنى ،يا أنا يا هو فى حياتك
حاولت "ريم"استمالت والدتها فى الحديث و هى تقول :
بلاش كدا ،متحطيش نفسك فى مقارنه معاه يا أمى ،أنا بحبك و بحبه و هو عمره ما خيرنى بينكم
نزعت منها تلك القلادة التى كانت تمسكها فى يدها و قالت بحدة:
عشان أنت كتير عليه ،مفيش أى حد يقبله غيرك ،تقدرى تقوليلى ليه بقى بيعاملك حلو من بعد الحادثه بتاعته ؟لانه خلاص معدشى حد يقبل بيه
استعادت "ريم"قلادتها بحدة مماثله و قالت بينما كانت تتجه لغرفتها صافعة الباب خلفها بعنف:
سى عمر الف مين يتمناه يا أمى

لم تقبل تلك العلاقة و لن تقبلها يومًا ما ،و لذلك ستظل تحاول بشتى الطرق لأجل تدميرها غافلة عن قلب ابنتها العاشق بشدة لهذا الرجل
.................................................................

بداخل غرفة الملفات،كان القلق و الخوف يلعب بها من كل اتجاه ،تفرك كلتا يديه بتوتر و تتصبب عرقًا ،بينما الاخر يجلس بارتياح بل إنه خلع قمصيه و وضعه أسفل رأسه كى ينام ،ما هذه اللا مبالاة؟
لم تجد أمامها سوى الحديث معه كى يفعل أى شىء و ينقذهم من تلك الورطة ،فقالت:
الساعه بقت سبعه و مفيش حد جه فتحلنا
لم يهتم لحديثها بل أدار جسده للناحية الآخرى  و أكمل فى تظاهره بالنوم ،لكنها اقترتب من موضعه ،ووقفت أمامه مباشرة ،زفر"بسام" أنفاسه بضيق و نهض  ليقف بمحاذاتها و قال متسائلًا:
معاكى بنسه يا انسه ديما
عقدت "ديما"ما بين حاجبيها بتعجب و هى تقول مكررة كلمته:
بنسه!
رمقها "بسام"بنظرة متفحصة من أعلى رأسها لأخمص قدمها و هو يقول بإستهزاء:
اه بنسة شعر ،مش معقول أنا اللى هعرفك حاجات البنات دى ،مع أنك شكلك ميديش على كدا
حاولت بقدر استطاعتها ألا تنفجر بوجهه ،فحديثه يضايقها بشدة ،انشغلت بالبحث فى حقيبتها عن ما طلبه لكنها لم تجده،فلم يكن أمامها سوى أن تعبث بخصلات شعرها من أسفل الحجاب كى تحضر له ما طلب ،أدار هو وجهه الناحية الاخرى كى لا يحرجها ،ابتسمت بسعادة حين وصلت لمبتغاها و أعطته ما طلب 
والذى قام بدوره على عجالة و تمكن من فتح الباب ببساطة ،كأن هذا الأمر بالنسبة له روتينى ،يفعله كل يوم 
لم تصدق"ديما" أنه تمكن من ذلك فقالت بعدما خرجت آخيرًا من تلك الغرفة:
أنت اشتغلت حرامى قبل كدا ؟
أجابه "بسام"بتأفف بعدما قلب عينه يمينًا و يسارًا يبحث عن شىء ما :
لا بفتح أبواب بعد ساعات العمل الرسمية للناس المحبوسة و اللى نست تشكرنى
شعرت"ديما" بالخجل من حديثه فأخفضت رأسها سريعًا و سارت للخارج ،تعجب الحارس من وجودهما بمفردهما فى الشركة إلى ذلك الوقت لكن "بسام"اقترب منه و شرح له ما حدث ،كان رجلًا كبيرًا و تفهم الأمر و لم يعلق
بينما سارت هى إلى الطريق الرئيسى و لحق بها "بسام "و قال:
اتفضلى عشان أوصلك يا انسه ديما
حركت رأسها رافضةً و هى تقول بإقتضاب:
لا مش هينفع أركب مع حد غريب
تأفف "بسام"من تمنعها و قال بأسلوب ساخر :
و الله بقالنا أربع ساعات لوحدنا فى أوضه مقفوله،دا أنا كدا مش غريب خالص و الساعة داخله على تمانيه و مش هينفع تركبى مواصلات دلوقتى لوحدك

لكنها لم تعلق و ذلك ما أثار غيظه بشدة و لكنه حاول المحافظة على هدوئه المصطنع و قال متسائلًا:
طب هتعملى ايه دلوقتى؟
لم تكن "ديما"تعرف كيف ستتصرف خاصة أن الطريق شبه فارع وسيارات الأجره التى تمر لا ترتاح لمظهر سائقيها ،لكنها حاولت التماسك و قالت:
حضرتك تقدر تمشى ،و أنا هتصرف ،أنا كدا كدا مش هينفع أركب معاك العربيه
حدجها"بسام"بعدة نظرات حانقه ثم قال بنبرة جامدة لا تقبل النقاش:
حد قالك عليا كيس جوافه عشان أسيب واحدة ست تركب مواصلات بليل لوحدها ،و قبل ما تعترضى هنركب تاكسى و أوصلك ،و كدا مش هتكون ركبتى العربيه معايا لوحدك ،موصلات عادى و اعتبرينى واحد غريب راكب مع السواق قدام
أقتنعت بما يقول و لكنها حاولت التظاهر  بالتمنع كى تحفظ بعضًا من ماء وجهها:
أنت كدا كدا حد غريب
ابتسم "بسام" بسخرية و قال بعد أن أوقف سياره أجره :
اتفضلى يا استاذه ،أحنا و لاد بلد برده

لم يتحدث معها رغم طول مدة القيادة،حيث كان منزلها يبعد كثيرًا عن الشركة و لكنه فضل الصمت و مطالعة الطريق بفراغ ،إلى أن توقف السائق أمام الشارع الرئيسى القريب لمنزلها كما وصفته له،هبطت بهدوء و أخرجت بعض النقود من حقيبتها كى تعطيها للسائق لكن "بسام" منعها و قال بحدة:
أنتِ ليه محسسانى أنك راكبه مع أختك مش راجل ،يا استاذه مينفعشى تدفعى و أنت راكبه مع راجل عيب ،و يلا انزلى عشان متتاخريش اكتر من كدا
أومأت برأسها بانصياع أعجب به بشدة و رحلت
بينما ظل هو يطالع أثرها و يقول بلا وعى:
قطعة من المارشملو 
ابتسم السائق على طيور الحب تلك من وجهة نظره و قال:
شكلها هتتعبك يا استاذ ،بس هما كدا كل ما يتعبونا نحبهم أكتر
لوى"بسام" ثغره و هو يقول بغموض:
هى للاسف جت فى وقت مش مناسب خالص
ثم التفت للسائق و قال بإقتضاب:
سوق على العنوان (........) دا يا اسطا
نفذ السائق ما يقول و لم يتحدث تاركًا الآخر يبحر بعقله فى ماضيه الذى يلاحقه رغمًا عنه
........................................................................

كان بمنزله يعد طعام العشاء و بجانبه ذلك الصغير يساعده بحماس ، و بينما هما مستغرقين بالعمل سمعا صوتًا يأتى من الخارج ،فهتف" آدم" متسائلًا
ايه الصوت اللى جاى من برا ؟
رد عليه الصغير و هو يتجه للخارج:
هروح أشوف أنا و كمل الأكل يا عمو آدم
لكنه ما أن رأى مصدر هذا الصوت ،تضايق بشدة ،و وضع يده بخصره و هو يقول متسائلًا بتأفف :
أنت جاى ليه ؟ أمشى مش عايزين النهارده
رمقه "غيث"بحاجب أيسر مرفوع و هو يقول بهدف مضايقته:
جاي بيت صاحبى ،أنت مالك ،كان اشتكالك منى 
خرج "آدم"بسبب  أصواتهم العاليه و ما أن رأى صديقه قال مرحبا به بشدة:
اذيك يا غيث ،تعالى حماتك بتحبك ،لسه هحط الأكل عشان ناكل
أمسك الصغير ببنطال "أدم" و قال بضيق:
أحنا عاملين لاتنين بس ،مش هيكفى
داعب"آدم" شعر"زين"بمرح و هو يقول :
لقمه هنية تكفى ميه يا زين ،مينفعشى يجلنا ضيف و نمشيه من غير كرم الضيافة
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "من كان يؤمنُ بالله واليوم الآخر"
عقب"غيث"بنبرة ساخطه:
أنت هتعوم على عومه ،دى بيت جوز اختى
وضع "آدم"كف يده على موضع قلبه وقال بطريقه مسرحية:
طالما جبت سيرة الغالية ،فأنت تأكل أكلى  و أكل زين ،و احنا نقضيها نواشف
رد عليه"زين"سريعًا و هو يقول بعتاب طفولى:
كدا يا عمو ،أنا زعلان منك
هبط "آدم"بجذعه العلوى ليكون بمحاذاته و قال بهدوء :
معلشى بقى يا زين ،بس دى القلب
أمسكه "غيث"من ياقة قميصه، و هو يقول بحدة بعدما نهض الآخر بسبب سحبه له:
و لما اخوها يمسى عليك دلوقتى
أزاح "أدم" يده عنه و اتجه للمطبخ و هو يقول بمرح:
أنا بقول ناكل أحسن
رغم ضيق الصغير لوجود ثالث معهم ،لكن ذلك لم يمنعه من الاستمتاع بتلك الأمسية ،فبعد كل شىء تلك هى عائلته الوحيدة و لا يملك غيرها

.............................................................

عاد من عمله يشعر بالانهاك الشديد و لكنه لم يغفل عن عادته منذ عقد قرانهما ،فى كل يوم يقابلها لثوانى،ليعالج جروحه النفسيه برؤيتها و حديثها الذى يحب ،أخرج هاتفه من جيب قميصه و قام بالاتصال بها ،لم ينتظرها لتجيب حيث قال بمجرد انتهاء صفارة الانتظار :
أطلعى
ردت"عفاف" عليه قائلةً بإعتراض :
مش هينفع الوقت متاخر أوى يا مالك
و لكنه قال بنبرة ضعيفه لامست قلبها الذى يشتاق له :
عايز أشوفك ثانيتين بس يا عفاف ،عشان خاطرى
لم يكن أمامها سوى الرضوخ لطلبه فقالت بانصياع :
طب نازله
هبطت له و بمجرد أن فُتِحَ الباب و وجدها أمامه سحبها فى عناق طويل و هو يقول بلوعة :
وحشتينى يا حرمى المصون
طال العناق ،و خشت هى أن يتم القبض عليهما متلبسين ،فقالت بعدما ابتعدت عنه رغمًا عنها :
أنت قولت ثانيتين بس و كدا بقالنا عشر دقائق
تأفف"مالك" بشدة حين شعر بابتعاد جسدها عنه و قال بتذمر:
بتعدى عليا الوقت الوحيد اللى ببقي فرحان فيه يا عفاف ،مش عارفه انى بستنى أى لحظه أشوفك فيها ،ما توافقى يا بنت الناس و نعلن جوازنا و اللى مش حاجبه يخبط دماغه فى الحيطه ،يرضى مين اللى أحنا فى دا بس ؟ مراتى و مش قادر أقول أنها مراتى
ربتت"عفاف" على كتفه بحنان وهى تقول بصدق:
أنت عارف أن الوقت مش مناسب ،جدك تعبان و محدش عارف الأيام الجايه هترسى على ايه ؟و والدتك لو عرفت دلوقتى هتقلب الدنيا
لكنه لم يهتم لحديثها و قال بحدة ضاربًا بكل أعذارها عرض الحائط:
فى داهيه ،ميهمنيش غير أن  مراتى تبقي فى حضنى
اقتربت منه و قالت بينما كانت تقف على أصابع قدمها كى تكون بمحاذاته  :
عشان خاطرى يا مالك ،نطمن بس على جدك و أنا مستنيه جواك تعيينى و بعدين محدش ليه عندنا حاجه
لوى"مالك" ثغره و قال :
مش محتاجه أنك تشتغلى ،أنا اقدر أصرف على البيت من حر مالى
ابتعدت"عفاف" عنه و قرفصت ذراعيها أمام جسدها و هى تقول بقوة :
بس أنا دكتورة يا مالك ،الموضوع مش فلوس ،أنا بحب مهنتى، احساس أنك قادر تساعد حد و تنقذه من الضياع بيخلينى أحس أن عايشه ،أنا بتنفس الطب و بحبه يا مالك
ابتسم لها و قال بعشق :
و أنا بحبك يا حرمى المصون
ابتسمت له ثم أسرعت للمطبخ كى تحضر كوب عصير كانت قد أعدته مسبقًا و قالت بينما كانت تناوله إياه بيد مرتجفة بعض الشىء:
اشرب العصير دا بقى
أخذه منه و إِرْتَشَفَه على مرة واحدة ثم  قال بعدما أعاد الكوب إليها :
كل يوم بليل تشربينى كوبايه العصير دى ليه ؟ حطالى فيها عمل عشان تعلقينى بيكى أكتر و أكتر
بس أصلًا مفيش بعد حبى ليكى دا حب يا عفاف ،أنا خلاص واقع وقوعه وحشه أوى ،و بحبك أوى
ذمت شفتيها بتبرم و هى تقول :
أنا غلطانه أنى بهتم بصحتك
لامس ثغرها بأصابع يدها محاولًا أن يفسد ذلك التبرم التى تصدرها له هكذا بكل بساطة و هو يقول:
ياستى أهتمى براحتك ،أنا كلى ملكك
و قبل أن يتطاول الآمر هتفت والدتها من الداخل فأسرع هو بتقبيل جبهتها و غادر بينما وقفت هى تطالع أثره و تقول بألم:
اسفه يا مالك ،بس أنا مش هقدر أجازف ،أنت لازم تتعالج ،مش هقدر أكمل فى علاقة محكوم عليها بالفشل من البداية،مفيش دكتور بتتجوز مريضها

أصيب بنفس الطريقة ،حين كانت والدته تضع له  تلك الحبوب كى تفسد أعصابه و يصبح خاتمًا باصبعها ،و ها هى زوجته تحاول أيضًا مداوته دون علمه
لكن ألا يحق له كروح بشرية أن يختار أى طريقًا يسلكه ؟ 
................................................................

مضى على عودته للمنزل ما يقرب من الثلاث ساعات و مازل بداخل غرفته لم يخرج ،حتى أنه لم يتناول طعامه ،شعرت شقيقته بالقلق الشديد و قررت معرفة ما به ،طرقت على باب غرفته بخفه و دلفت بهدوء ،و جدته يجلس على فراشه و عينه تطالع سقف الغرفة ،فاقتربت و جلست بجانبه على الفراش و قالت بينما كانت تربت على كتفه بحنان:
من ساعة ما جيت من الشغل و أنت قافل على نفسك ،فى حاجه مزعلاك يا أحمد ،قولى يا حبيبى أنا أختك ،أحنا ملناش غير بعض يا حبيبى
و كأنه كان ينتظر تلك الكلمات لينفجر و يبوح بكل ما كان يؤلمه ،حيث قال دفعة واحدة:
صعبان عليا نفسى يا ياسمين ،أنا اتقدمت لمايا ،كلمت أخوها و طلبت أيدها و لولا أن جدها تعبان كان زمانى متقدم رسمى ، بس النهارده الصبح كانت عندنا فى الشركة بتعترف لغيث بحبها و هو ببساطة بيرفضها عشانى
هو أنا مستهلشى أنها تحبنى؟ هو أنا وحش يا ياسمين ؟ عشان البنت الوحيدة فى العالم اللى حبتها تكون بتحب أقرب صاحب ليا
لو كانت حبت واحد تانى كان هيبقي أهون عليا ،كنت شفيت غليلى و ضربته لكن دا صاحبى ،دا أخويا يا ياسمين
أنا حاسس أنى ضايع ،مش عارف أعمل إيه و لا أتصرف ازاى ؟
أنا عايز أهرب من كل حاجه
كان يتحدث و دموعه تنهمر بسلاسة ،و شقيقته هى كذلك مع كل كلمه حزينه تخرج من ثغره تبكى لها أضعاف ،لا تتحمل رؤيته بتلك الحالة ،فقالت بينما كانت تحاول كفكفة دموعها و دموعه سويًا فى آن واحد:
و تسبنى يا أحمد ،هو أنا ليا من غيرك دلوقتى ؟
حرك"أحمد" رأسه نافيًا و هو يقول بألم :
مقدرشى ،مقدرشى أسيبك و لا أسيب غيث و آدم و زين ،أنتم بقيتم جزء منى ،بس مش قادر يا ياسمين ،قلبى وجعنى أوى ،كلمتها لصاحبى مش راضيه تطلع من ودانى ،الكلمة اللى بقالى سنين بحلم بيها ،اتقالت لحد تانى

لم تتحمل أكثر من ذلك و سحبته فى عناق أخوى ،و كان هو أكثر من مرحب بذلك حيث بدأ فى  البكاء و الشهيق بصوت مرتفع و لم يكن بمقدورها سوى التربيت على ظهره بهدوء و مواساته فى ألمه ذلك
بعد فتره ابتعد عنها و قالت هى بينما كانت تعطيه منديلًا ورقيًا من العلبة التى توجد بجانب الفراش:
أحمد أنت محتاج تتأقلم مع فكره أن مايا مش مناسبة ليك ،مش عيب فيك و لا مشكله فيك ،بالعكس أنت اللى over qualified عليها ،بجد هى اللى خسرانه ،خسرت حد جميل ذيك و محترم داخل البيت من بابه مش زى شباب الايام دى كل اللى يهمهم التسليه و بس ،أنت تستاهل ست ستها يا حبيبى
تنهد تنهيدة مؤلمة و هو يقول:
أنا طول اليوم بهرب ،لكن أول ما دخلت أوضتى مقدرتش ،زهقت من التمثيل و أنى كويس و مفيش حاجه تأثر فيا ،و أحمد اللى بيضحك طول الوقت ،الكوميدى اللى مفيش منه اتنين ،بس أنا  تعبت ،كل الناس اللى بحبهم يا بيمشوا و يسبونى يا مش ليا من الأول ،مفيش حد بيكمل معايا يا ياسمين ،انا هفضل لوحدى ،أنا حبيتها بجد ،بس هى محبتنيش ،و لا عمرها هتحبنى
أمسكت بكف يده و قالت بينما كانت تمسد عليه بحنان :
عارف يا أحمد ،أنا أوقات كتير بقول كدا و أنى مفيش حد جمبى و عمرى ما هقابل حد يعوضنى عن اللى راحوا ،بس برجع و أحمد ربنا أنا ليا أخ اسمه أحمد ،دايمًا بيحمينى و يخاف عليا ، حتى غيرتك اللى أوقات ببين أنها خنقانى بس بحبها ،أنت كنز فى حياة أى حد يا أحمد ،يا بخت اللى أنت منور عليهم حياتهم ، ،بهزارك و ضحكك و شخصيتك اللى مفيش أحلى منها و وسامتك الطاغية ،انت فول أوبشن اللهم بارك و لا حول و لا قوة الا بالله
رغم مأساة الموقف و حزنه و لكنه لا إراديًا ابتسم على حديثها الأخير و قال متسائلًا بينما كان يكفكف دموعه:
ايه دا ؟ جبتى الكلام الاخير  دا منين؟ مش طريقتك دى يا ياسمين
أطمأنت حين رأت تلك الابتسامة على ثغره و قالت بسعادة:
بصراحه فى بنت جت زارت رنا اللى فى قسم عماره و أنا قعدت معاهم شوية ،البنت قمر أوى و كلامها فظيع ،مبطلناش ضحك طول اليوم ، بس للاسف مش فاكره اسمها
لم يتمالك نفسه و انفجر من الضحك ،انها حقًا منقذته رغم عدم اعترافه بذلك ،و لكنه قال فى النهايه بسخرية:
أهى البنت دى كلها كام شهر و تتعين عندنا فى الشركه ،و هتزهقى منها لدرجه أنك هتوقعى بنفسك على طلب رفدها 
عقدت"ياسين"مابين حاجبيها متسائلةً بتعجب:
ليه بتقول كدا دى قمر ؟!
رد عليها بينما كان ينهض من فوق فراشه ويتجه للخروج من تلك الغرفة تاركًا خلفه حزنه :
قمر بالستر يا ياسمين ،دى وعد ،قنبلة متنقله
ردت عليه متسائلةً :
أنت تعرفها ؟
ضرب"أحمد"كفً بكف و هو يقول بقلة حيلة :
أعرفها بس ،دى اللى رافعه ضغطى و قاطمه وسطى فى الجامعه ،دى  وعد صاحبة اللسان السليط ، دى اللى مجرد وجودها فى مكان أعرفى أن فى كارثه هتحصل ،دى الحريقة بتاعت قسم عماره
ذمت "ياسمين"شفتيها بتبرم و قالت :
مش عارف ليه حاسه الكلام دا من ورا قلبك ،أصلها تتحب بجد ، و قعدتها حلوه متملش منها ،أنت بحد ظالمها يا أحمد ،دى سكره خالص ،دا أنا حبيتها أوى و خدت رقمها
رمقها "أحمد"بعدة نظرات ساخطة ثم قال بعدم اكتراث:
مش هناقشك عشان أنتِ واخده على قفاكى جامد ،المهم عامله لينا أكل ايه النهارده؟
ردت "ياسمين"عليه سريعًا و السعادة تغمرها:
بانيه بس بخلطه جديدة و طلعت تحفه بجد
لاحت ابتسامة منه رغمًا عنه و هو يقول متسائلًا:
وعد اللى قلتهالك ؟
أومأت"ياسين" برأسه و هى تقول:
أه ،بس عرفت منين ؟
دفعها بخفه باتجاه المطبخ و هو يقول بمراوغة كى لا يخبرها بما حدث فى الصباح الباكر :
لا متاخديش فى بالك ،يلا بينا ناكل أنا جعان أوى

و لكن فى قرارة نفسه يعرف أن هذا اليوم مضى بفضل تلك المشاغبة ،وجودها و حديثها خفف عنه الكثير و حين عاد وجد شقيقته هى الآخرى تتحدث عنها ،يا لها من مصادفة عجيبة

..............................................................

بعد فترة،خلد "زين" للنوم و بقي "غيث" برفقة صديقه فى الشرفه يحتسى كل منهما فنجان القهوة الخاص به  كان السكون يعم الأجواء إلى أن هتف "غيث" متسائلًا بقلق:
زين عامل ايه ؟ بدأ يتحسن و يرجع يتعامل مع زمايله
حرك"آدم"رأسه نافيًا ثم قال بحسرة و ألم:
لا يا غيث ،الولد مش بيتعامل معاهم ،إلا لو عرف أن فى حد منهم أهله متوفيين بيصاحبه غير كدا مش بيرضى يكلم الباقي ،حتى لو لاحظت علاقته بأحمد اتحسنت  بسبب وفاة جده ،وسألنى قريب على والدك و والدتك عشان يعرف لو هيتعامل معاك و لا لا
أنا أتكلمت مع الأخصائية فى مدرسته و قالتلى هتبدأ تراقبه أكتر و تحاول تعالج المشكلة دى و تخليه يتفاعل مع زمايلة واحدة واحدة ،و لو مقدرتش هنتجه للعلاج النفسى مباشرة بدون تأخير
وضع "غيث"فنجان القهوة الخاص به على الطاولة أمامه ثم قال :
مش صغير على الفكرة دى يا آدم؟يعنى دا طفل على أنه يروح لدكتور نفسى و يبدأ فى السكة دى
حدجه الآخر بنظرات ضائعة و قال بحزن:
الولد أمانه فى رقبتى ،مش هستنى يكبر و يبقي مريض  يا غيث
لاحظ امتعاض وجه صديقه فسارع يضيف بآسف:
اسف مكنشى قصدى ،حقك عليا
حرك"غيث" رأسه نافيًا و قال بصدق :
مزعلتش يا آدم، أنا عارف قصدك كويس ،يا بخت زين بيك ،حقيقي يا بخته
عم الصمت للحظات و بقي كل منهما يفكر فى مشاكله الخاصه ،إلى أن اعترض هذا السكون صوت "آدم "و هو يقول بصراحه:
أنت جاى ليه ؟ من غير لف فى حاجه عايز تقولها و باينه خالص ،فاتفضل أنا سامعك
نهض"غيث" تاركًا مقعده و وقف يطالع السماء بيأس و حزن ،حاول أن يتحدث أكثر من مره لكن الكلام متوقف بحلقه ،اقترب صديقه منه و ربت على كتفه بحنان ،فقال الآخر بصوت متحشرج :
حاسس أنى ضايع ،و متلخبط ، فى حاجات كتير بتتغير فيا ،مش حاسس أن دا  غيث اللى أعرفه ، ردود أفعالى على حاجات بسيطة بقت عنيفة عن الأول ،كنت بدأت أحس أن بتحكم فى نفسى شوية لكن دلوقتى لا خالص،بقيت عصبى أكتر ، و بتعامل مع حد معين بشكل صعب جدًا رغم أنى حاولت  ،حتى الحد دا لمحلى بدا ،أنا مش عايز
أكون عصبى أو مؤذى خاصة
رد عليه "آدم" سريعا كى لا يترك له فرصة للهروب:
خاصه للحد دا ،و يا ترى هتقولها صريحه و لا  معجب بملامحها كفنان بس مش أكتر زى ما قولت لأحمد
خلل "غيث"شعره بأصابع يده و هو يقول بسخرية:
هو فضحنى ؟ الواد دا مبيتبلش فى بوقه فوله أبدًا
ابتسم الآخر و قال بينما كان يرمقه بنصف عين:
ما أنت اللى بتستهبل،دى حجه يقولها عيل فى أولى ابتدائى أتقفش بجواب حب لزميلته،مش  دكتور و مهندس محترم على مشارف التلاتين ،خليك صريح متلفش و تدور 
تنهد "غيث"بحرارة و هو يقول :
اتلبخت ، معرفتش أقول ايه لما سألنى ، كنت بهرب من الاجابه عن نفسى
عاد "آدم" و جلس بمقعده ،بدأ فى ارتشاف بعض قطرات القهوة خاصته ثم قال:
طب عندك استعداد تعرف الاجابه دلوقتى و لا لسه عايز تهرب؟
ابتسم"غيث" بسخرية و أردف قائلاً بضياع:
أنا مبحبش يا آدم ،أنا أبعد ما يكون عن الحب ، حد زى بظروفه دى مستحيل يكون عائلة تانى ،أنا مش هعيد نفس ماضى سلمى و خاصة معاها ،هى بالذات لا ،مش هستحمل يحصلها حاجه ، أنا ممكن أموت لو سببتلها أى حزن بسيط ،ما بالك  أعرض حياتها للخطر  ،مش هعرف أكمل و أنا عارف أنها ممكن تتأذى بسببى يا آدم ،أنا لازم أوقف ،و أبعد ،هى متستهلشى قصة مأساوية زى دى ،و أصلًا كدا كدا مش شيفانى  ، فمشيها مجرد ملامح بحب أرسمها مش أكتر، كدا أريح للكل
لوى"آدم"ثغره و قال متسائلًا بإستهجان:
بقالك أربع سنين بترسمها ،ايه مزهقتش؟
ابتسم "غيث"بخفة و هو يقول بينما لاحت أمامه صورتها بوضوح:
و لا عمرى هزهق
نهض "آدم "من مقعده و قال بينما كان يتجه للخروج من الشرفة:
تمام يا غيث ، مش دا الوقت المناسب ،تحب تنام هنا و لا هتروح
لحق به صديقه و هو يقول بإستفزاز:
لا هنام جمب زين ،عشان لما يصحى الصبح يعرف أنى هنا من قبله و دا بيتى
التفت"آدم"له و قال بسخط:
دا طفل يا غيث ،بطل تناكف فيه
حرك الآخر رأسه رافضًا و هو يقول بغيرة واضحة:
دا مش طفل دا ضرتى

وانتهت تلك الأمسية آخيرًا، بعد العديد من الألم و الضياع ،و المشاعر المرهفة التى حلقت فوق رأس الكل ،الكل بلا استثناء
.......................................................................

و آخيرًا أنه شعاع الصباح بعد ليلة طويلة مرهقة على الجميع ،نهض "غيث"بتكاسل شديد حيث أنه لم ينم إلا مع اللحظات الأولى للصباح ،لكنه اعتاد على ذلك الأمر ،اتجه للمرحاض و توضأ ثم خرج و أدى صلاته ،بدل ثيابه على عجالة ،من الجيد أنه يترك ملابس إضافية له عند صديقه ،خرج من غرفته متجهًا للمطبخ ،كان "آدم"يعد الافطار ،تناول "غيث" بعض قطع الخضار سريعًا و كان سيغادر لو لا أن صديقه أوقفه و قال:
كنت عايز أقولك على حاجة يا غيث
التفت "غيث" له و على وجهه علامات التعجب فأكمل "آدم"حديثه و قال بينما كان يخرج من أحد الأدراج كورة بلاستيكية صغيره تستخدم فى تمارين اليد:
جرب تتحكم فى غضبك ،يعنى قبل أى رد فعل ليك عد لغاية عشرة مثلًا ،أو خد الكورة دى و اضغط عليها كل ما تحس أنك بدأت تتعصب و طلع طاقتك فيها ،حاول تتنفس بشكل سليم و براحه ،أو فكر فى أى حاجه بتريحك عشان تشتت انتباهك
ابتسم"غيث"بسخرية و قال بعدما أخذ الكورة منه و بدأ فى استعمالها :
و أنتشايف أن دا هيشكل فرق يعنى
أخذ"آدم" نفسًا عميقًا ثم قال بعد أن ترك الطعام الذى كان يعده  :
محاولة من ضمن المحاولات ،و بعدين أنت كنت ماشى كويس على العلاج زمان ،و قطعت شوط كبير أوى ،و لغاية دلوقتى آثار محاولة العلاج لسه موجوده ،أنت مش مريض بشكل كلى يا غيث،أنت جزء منك أتعافى و جزء بيقاوم و جزء بيحاول ينهار ،لكن متقدرشى تنكر أن العلاج زمان فادك ،و لو كنت كملت للآخر كان وضعك هيكون أفضل بكتير حاليًا ،لكن مقدرشى أنكر أن حالتك مستقره إلى حد ما ،و لو رجعت للعلاج هتبقي أفضل بكتير ،فكرة الأدوية اللى بتاخدها من وقت للتانى ،الرياضة اللى بتهدى أعصابك شوية ،بعدك عن والدتك لفترات طويلة ،كل دا بيحجم المشكلة اللى عندك ،لكن فى النهاية لسه فى مشكلة و أنت معترف بيها ،فليه منرجعشى نعالجها ،و على الأقل المرادى العلاج هيكون أسهل  
بدون أى وعى منه وجد نفسه يضغط على الكورة و كأنها وسيلة جيدة للتحكم بغضبه لبعض الوقت،ثم قال بنبرة حزينة:
أنا حاولت أتعالح  زمان عشان سلمى و ابنى،مكنتش حابب أن ابنى أو بنتى يشرفوا للدنيا  و يلاقوا أبوهم كدا ،عصبى و ردود أفعاله عنيفة،سلمى مكنتش تتسحق دا ،لكن لما راحوا معدش ليه لازمه ،حياتى كدا كدا انتهت
اقترب "آدم"منه بهدوء و وضع يده على كتفه و هو يقول متسائلًا بمغزى صريح:
طب و رنا ؟ تستحق دا
أزاح"غيث" يد صديقه بحدة خفيفة و هو يقول:
أنا و رنا مفيش بينا أى حاجه يا آدم ،دى مجرد موظفه عندى مش أكتر
ارتسمت ابتسامة خفيفه على ثغر"آدم" و قال :
أنت بتكدب على نفسك ليه ؟ ما كل حاجه واضحة و صريحة
هتفضل تهرب لغاية امتى ؟ دلوقتى مفيش غير القريبين منك اللى لاحظو شوية و هتلاقى كل الناس بتشاركك فى قصتك دى ،حاول تاخد خطوه بجد متستناش ،يمكن تضيع منك
رد "غيث"بغضب و قد تحولت ملامح وجهه مرة واحدة:
يبقي أحسنلها تضيع ،هى تستحق حياة طبيعية مع حد سوى نفسيًا ،حد حياته مش مهددة بالخطر ،أنا عمرى ما هقدر أقدملها اللى تستحقه ،أنا هعيش و أموت لوحدى
سارع"آدم"يقول بأمل :
طب ما تشاركها مش يمكن هى بنفسها تحب حياتك دى ،و تحارب معاك
أغمض"غيث" عينه للحظات ،ثم ابتسم بإقتضاب بعد أن لاحت صورتها أمامه ،ولكنه نفض تلك الأوهام عن رأسه سريعا و قال :
سلمى محبتهاش و راحت ضحيتها
لكنه"آدم"رد عليه بحدة بعد أن ضرب بكف يده على الطاولة التى أمامه:
دا قضاء و قدر مش هتفضل طول عمرك شايل ذنبها
أثارت إجابته المعتادة حول هذا الأمر حفيظة "غيث"فقال بإقتضاب و هو يتجه للخروج تاركًا المنزل يأكمله:
خلص الكلام 

بينما وقف صديقه خلفه و علامات الأسى و الياس جلية على وجهه

ربما لا فائدة من علاج مريض يرفض هو بنفسه أن يعالج؟ لا بد أن تكون الخطوة الأولى منه و بملىء إرادته

......................................................................

حالة من الهرج و المرج تعم أرجاء الجامعة ،الكل يحمل هاتفه و يطالع ما عليه وَالاغْتِبَاطُ بِبَلِيَّةِ الآخَرِينَ واضحة وضوح الشمس على وجوههم
التفت "رنا" و "وعد" كل منهما لليمين و اليسار يحاولان معرفة ما يحدث ؟ و لكن لم يكن الوقت لصالحهم ،حيث لم يتبقي سوى دقائق معدودة على محاضرتهم ،فأسرعا تاركين خلفهم لغز كبير ، لكن ما هى إلا ثوانى و سيكون اللغز بجميع مشتقاته أمامهم
فبمجرد أن دخلوا قاعة المحاضرات وجدوا العديد من أعضاء هيئة التدريس يقفون بالأمام
دخلا بهدوء دون أى جلبة ،و ما أن دقت الساعة العاشرة صباحًا أغلق باب القاعة بعنف ،و بدأ كبير أعضاء هيئة التدريس يقول بحدة:
اللى حصل دا مش هقبل بيه بأى شكل من الأشكال و المسئول عن صفحة"داو" دى هيتجاب و يكون عبره لأى حد يفكر يتطاول على كيان هندسة القاهرة ،أى حد عنده مشكلة مع حد من أعضاء هيئه التدريس يجيلى و أنا أحاول معاه نحلها بشكل ودى لكن الفضائح اللى على الملىء دى بتضر أكتر ما بتنفع ، فنصيحة منى بلاش تعادونا ،أنتم فى النهاية زى ولادنا 
نهض أحد الطلاب و قال بضيق واضح :
يعنى لو حد منا يا دكتور جه و كلم حضرتك بخصوص دكتور عزيز و اللى كان بيعلمه ،و تهديده لينا بالكورسات و اللى مش بيحضر بيحرمه من أعمال السنه و الامتحانات اللى كان بيبعها ،كنت حضرتك هتتصر ف ازاى ؟ أحنا بقالنا كتير أوى بنتكلم و محدش بيسمعنا
و بمجرد أن جلس  الطالب الأول قام زميل آخر و قال :
دكتور عزيز بقاله أكتر من خمس سنين بيعمل دا ،و اتقدم شكاوى كتير لحضرتك، احنا شخصيًا دفعة تالته عماره وقعنا على ورقه كلنا و قدمناها ،لكن مفيش أى فايدة ،بالعكس دكتور عزيز آذانا كلنا فى النتيجة
و لم يكد يجلس حتى صاحت "وعد" و قالت بغضب شديد :
بصراحه يا دكتور الصفحه دى وصلت صوتنا ،و عرفت كل الناس باللى كان بيحصلنا هنا ،ا
أنا شايفه أنها فكرة كويسه ،عشان كل دكتور بيتطاول علينا أو بيستغل سلطته يفكر مليون مره قبل ما يعمل كدا ،أحنا آخيرًا حد سمع لصوتنا
هتف أحد الطلاب من خلفها و قال :
بالظبط
و صوت اخر من نهايه القاعه :
عندك حق
و العديد من الطلاب ممن يجلسون بالقرب منها قالوا:
ايوه هو دا الكلام السليم

ضعف موقف أعضاء هيئة التدريس بعد كل ذلك الاعتراض،ولكن حاول كبيرهم أن يتماسك و قال بعنف:
صدقونى محدش هيخسر فى النهاية غيركم ،أنا بابى مفتوح ليكم كلكم ،بس لو عرفت أن المسئول عن الصفحه دى وسطكم ،حسابكم هيبقي عسير ،الحسنة بتخص و السيئة بتعم يا تالته عماره
قال ذلك و غادر و من خلفه العديد ممن يقفون بصفه و يحملون نفس الخلايا الخبيثه و الدناءة ،بينما هتفت "وعد" بهمس خافت ساخرةً من الموقف بأكمله:
يا ما يا ما ،خاف يا عيد
انفض هذا التجمع بخروج الطلاب واحدًا تلو الآخر ، بينما وقفت "وعد"بجانب صديقتها ينتظرون الفرصة المناسبة للتحدث معه ،و لكن"أحمد" كان أسرع منهما و وقف بمحاذاتهما و قال :
بتجيبى الكلام لنفسك يا وعد ،و هتخلى عينهم مفتوحه عليكى
زمت"وعد" شفتيها بتبرم و هى تقول :
يعنى اسكت و أخاف ،الدكتور عزيز معروف بأنه مرتشى و كان و بيبع الامتحانات، خلى الجامعه تنصف بقى
و قبل أن يجيبها على حديثها ،صدح صوت هاتفها ،فأخرجته من حقيبتها و قالت بينما كانت تتجه للخروج من القاعة:
ثوانى هرد
زفر"أحمد" أنفاسه بضيق ،ثم قال متسائلًا:
و أنتِ رأيك ايه يا رنا ؟ مع صاحبتك برده
تنهدت "رنا" بعمق ثم قالت بحيادية و صدق:
دكتور أنت نفسك لو لا البدلة اللى لابسها كنت هتبقى معانا ،خلينا صُرحه محدش بيحب الظلم ،و كلنا اتعرضنا لظلم دكتور عزيز ،و حضرتك عارف أنى لولاه كان زمانى الأولى على الدفعة ،بس عامة أنا مش فى بالى ،المهم أنجح ،لكن دا ميمنعشى أنه ظالم و لازم يتحاسب ،ففكرة الصفحة دى كويسه أيًا كان من اللى ماسكها ، لكنه شخص اتظلم و عايز يرفع الظلم دا عن كل الناس ،و دا من حقه ،زى ما من حق كل حد فينا يقف فى صف اللى شايف أنه صح بعيدًا بقى عن المناصب و المكاسب المادية
طأطأ رأسه للأسفل و قال  :
للاسف مش هقدر أقف فى صفكم المرادى
تفهمت"رنا" موقفه و قالت فى النهاية:
على الأقل متقفش ضدنا يا دكتور أحمد
فى تلك الأثناء جاء "غيث"بعد أن أنهى عمله ،وقف مستندًا على الباب دون أن يتحدث ،لكن صديقه لاحظ وجوده فهتف قائلًا:
غيث تعالى ،خلصتم أنتم كمان كلام مع دفعة مدنى ؟
أومأ برأسه و قال بينما كان ينظر لها مباشرة :
أه ،بس كلهم مبسوطين باللى بيحصل ، و مش قادر ألومهم بصراحة
شعرت "رنا"بالإحراج الشديد فقالت و هى تتجه للخروج :
تمام يا دكتور ،عن اذنكم
لكنه كان أسرع منها و هتف باسمها :
رنا
التفت له و قالت بإقتضاب:
أفندم
اقترب"غيث"منها بهدوء و لكنه حافظ على مسافة معينة بينهما حتى لا تشعر بعدم الارتياح ،ثم قال :
عرفتى أنهم بيفكروا يعيدوا تصحيح نتيجة نص السنه بعد اللى حصل لدكتور عزيز ؟
حركت"رنا"كتفها بلا مبالاة و هى تقول :
مش فارقه ،أنا كدا كدا التعيين مش فى بالى ،عن اذنكم
أنهت حديثها ورحلت ،بينما ظل هو بمكانه يتابع أثرها ،لكن صديقه ضربه بخفه على كتفه و قال بمشاغبة:
واقع أوى ،و مفضوح أوى أوى
التفت"غيث" له و قال بحدة:
أتلم عشان مزعلكشى
ابتعد"أحمد" عنه سريعًا و قال متظاهرًا بالبراءة :
أنا بقول إن النت واقع أوى ،و الشبكه بطيئة متفهمنيش صح ،أرجوك

ابتسم "غيث"بسخرية و لم يعلق ، اكتفى فقط بنظرة غاضبة زائفة و خرج من القاعة و لحق به صديقه يحاول مشاكسته بكلماته العابرة كالمعتاد

......................................................................

و تمضى الأيام و ها هو يقف أمام قبر شقيقه الراحل ،فتلك السنوية الخاصه به ،سرح بعقله إلى يوم بعيد للغاية ،يوم من أيام  طفولته المغتصبة
Flash Back
كان"غيث"يجلس بإحدى زوايا غرفته يبكى بشدة أمام  بقايا لوحاته الصغيرة التى مزقتها والدته للمرة التى لا يعرف كم عددها من كثرتها ،دخل شقيقه بهدوء و قال بينما كان يخرج هدية صغيرة من  حقيبته المدرسية:
متزعلشى يا غيث عشان خاطرى ،بص أنا جبتلك ايه،علبة الوان كبيرة و كشكول رسم
رفع"غيث"رأسه و قال بحزن و خوف:
ما ماما هتقطعها برده زى اللى فاتت
حرك"ليث"رأسه سريعًا بنفى و قال بابتسامة مشرقة :
لا ما أنا هخبيها فى شنطتى عشان ماما متعرفشى 
رد عليه شقيقه بحزن طفولى:
بس أنت كنت بتحوش عشان تجيب لعبه ليك
جلس "ليث" بقربه و قال بعد أن أمسك كف يده بحنان:
و أنا و أنت ايه مش واحد ،و بعدين أنا أخوك الكبير، عيب اسمع كلامى
زم "غيث"شفتيه و قال بتبرم:
مش صح ،بابا قال أنك أكبر منى بتلت دقايق بس ،فاحنا زى بعض
ابتسم "ليث"باتساع و هو يقول بمشاغبة:
برده يبقي أنا الكبير، و متزعلشى بقي عشان خاطرى
أنا مصروفى كله بحوشه فهديك نصه بعد كدا عشان تجيب اللى أنت عايزه سواء بقى كشاكيل رسم كتير أو الوان ،اتفقنا
اندفع "غيث"و عانقه بشدة و هو يقول بحب:
أنا بحبك أوى يا ليث
بادله "ليث"العناق و قال بمرح :
وانا كمان بحبك يا غيث يا صغير

End of flash back
كفكف تلك الدمعة الخائنه و ألقى التحيه على شقيقه ثم رحل  بهدوء ،تاركًا خلفه نصفه الآخر الذى لم يمضى معه سوى سنوات قليلة و لكن كانت كفيلة ليحفر فى الذاكرة إلى الأبد

و انطلق فى طريقة للجامعة،يأمل بأن يمر اليوم بهدوء، حيث تكفيه ألم تلك الذكرى ،لكن هيهات

.................................................................

أمام صورة زوجته الراحلة وقف بكامل هيبته ،وقف بماضى أليم و حاضر لن يكون أقل ألمًا و مستقبل لا ملامح له على الإطلاق
حمل تلك الصورة و قال بغضب:
صدقينى هنتقملك من كل عائلة العدلى من أكبر حد فيهم لأصغر حد ،دمك مش هيروح هدر أبدًا
مرات بسام النويرى حقها عمره ما هيضيع مهما طالت السنين

يبدو أن العدلى  له أعداء كثر ،و أسوء ما فى الأمر أن حفيده هو المتضرر الوحيد ،ما كل هذا العبث؟

..................................................................

فى بعض الأحيان تصبح جيدة و فى أحيان آخرى تصبح أكثر من سيئة ،و تلك الفرصة المناسبة لتنطلق بأفعالها
انطلقت بسيارتها إلى منزل زوجها ،كانت غافلة عن ما ستفعله لكن هناك شىء ما يدفعها للذهاب دون أى وعى منها
وصلت بعد مده قصيرة حيث كانت كابنها تقود بسرعة جنونية
طرقت على الباب بحدة و بمجرد أن فتح أمامها،دفعته بغضب  مما سبب ترنح تلك المسكينة خلفه ،التى لم تتمالك نفسها و كادت أن تسقط لولا لحق بها زوجها و أحاط بها ،و الذى صاح بغضب بمجرد أن رأى تلك الواقفة أمامه:
ايه الهمجيه دى ؟جايه هنا ليه يا منال؟
ابتسمت"الطبيبة منال"بسخرية و جلست على أقرب مقعد وجدته ،وضعت قدمًا فوق الأخرى و قالت :
جايه بيت جوزى ،و لا أنت نسيت يا سامح أنك ليك زوجه أولى اسمها منال ؟

اتجه لها مباشره و سحبها بحدة و كاد أن يطردها لكن زوجته الأخرى منعته و هى تقول :
مينفعشى كدا يا سامح ،دا مهما كان أم ابنك
لم تتحمل "منال"أن تقوم تلك المراه بالدفاع عنها ،  فدعت زوجها بحدة و انطلقت للاخرى تمسكها من شعرها  بعنف و هى تقول :
أنتِ اللى بوظتى حياتنا ،و خربتى بيتنا ،أنتِ السبب
لم يكن الموقف يتحمل أى تأخر ،فاندفع سامح بدوره يحاول الفصل بينهما ،لكنه و بدون قصد دفع "منال" بحدة فسقطت على الأرض مرتطمةً بعنف ،تأوهت بشدة و أغرورقت عيناها بالدموع  ،خرجت على آثر تلك البلبلة "ليلى" و صدمت حين رأت المشهد بأكمله ،والدها يعنف زوجته الأولى هكذا
مثلها الأعلى يصدر منه تلك الأفعال الدنيئة
و بدون أى تفكير اتجهت تساعدها ،مدت يدها لها بود ،فدفعتها الأخرى بغضب و قالت بعد أن نهضت معتمدة على نفسها :
مراتك وبنتك ملايكه أوى ،ميعرفوش حقيقتك
خشى "سامح" بشدة أن تفضح أحد أسراره اللعينة ،و التى أن ظهرت للسطح سيتدمر كل ما قام بتَشْيِيده لسنوات عديدة
فاقترب منها و حاول تكميم فهمها بحدة كى لا تتحدث و لكنها  هدأت مرة واحدة و قالت بشكل غريب لا يلائم ثورتها منذ لحظات:
طلقنى يا سامح لو سمحت
وقف أمامها لا يعرف كيف يتصرف و حين لاحظت انشغاله ذلك سحبت سكينًا حادًا من حقيبتها و اتجهت لزوجته الأخرى و بدون سابق انظار وضعت ذلك السكين على رقبتها و قالت:
طلقنى بدل ما أعرف غيث كل حاجه ،و اقتلهالك قدامك
طلقنى يا سامح و خلينا ننهيها كويس بدل ما أنهى أنا كل حاجه بطريقتى

ما هو ذلك السر الذى مع انكشافه ستتغير مجرى الأحداث بأكملها،و ما علاقته بغيث بالتحديد ؟ و لما تريد قتل تلك المسكينة التى لم تفعل لها أى شىء سوى أنها تزوجت زوجها ؟ما تلك السخرية ؟
لا أحد يعرف الحقيقة الكاملة و تلك هى المغامرة بحق
و لكنها ستنكشف عما قريب

_يتبع_
_الجزء الثانى ،الفصل العاشر_
_مريض نفسي بالفطرة_

__________________________________

اسفه جدًا على التأخير اللى حصل و اللى حقيقي غصب عنى
و الفصل طويل تعويض بسيط منى ، أتمنى يعجب حضراتكم ،دمتم سالمين

Continue Reading

You'll Also Like

152K 12K 48
ما بينَ محاولة نسيان خذلانٍ قديم، ومحاولة الالتفات لحُبٍ جديد.. كان التناقض طرفٌ ثالث، فأضحت هذه العلاقةُ أكثر الأمور تعقيدًا. Cover by Anobeass.
12.7K 1.3K 25
زينب سلامة _ روضة مجدي العمل مأخوذ من احداث حقيقة .. لم أتحدث عنها كثيرًا٬ ولكن بإمكاني قول انك ستدخل الي عالم جديد لم تأتي إليه من قبل بقلم /زينب...
5.7K 416 42
مُنذ الصِغر ونحنُ نعلم جيداً أن الخطان المتوازيان لا يلتقِيان أبداً ، فـ هل مِن المُمكن أن تتغير تِلك القاعِدة لـ يجتمِع قلبين معاً؟!. لما لا ؟ .. فـ...
3.4K 94 11
رواية سودانية بقلم ام الخلفاء