تَعَافَيْتُ بِكَ

By ShamsMohamed969

14.9M 634K 219K

ظننتُ أن قلبي هذا لم يخلق له الحب، و ظننتُ أنني لم أملكُ يومًا قلب؛ إلا أن وقعت عيناي على عيناكِ ففرح قلبي بر... More

الاقتباس الاول
البارت الأول (عريس صالونات)
الفصل الثاني (كونه حنونًا)
الفصل الثالث (الليل و سماه)
الفصل الرابع(إعتذار)
الفصل الخامس (رؤية شرعية)
الفصل السادس (عقد قران)
الفصل السابع(اللقاء الأول)
الفصل الثامن(طبيبة نفسية)
الفصل التاسع(رُهاب إجتماعي)
الفصل العاشر (هل مستعد؟)
الفصل الحادي عشر (لا يريد الخِطبة)
الفصل الثاني عشر (هل وافقت؟)
الفصل الثالث عشر (فلنقرأ الفاتحة)
الفصل الرابع عشر (عيد ميلاد)
الفصل الخامس عشر (موعد اللقا)
تنويه🕊️
الفصل السادس عشر (هدير السبب)
الفصل السابع عشر (كُتبَ الكِتاب)
الفصل الثامن عشر ( مُقابلة)
الفصل التاسع عشر (من أين تعلم؟)
الفصل العشرون (لا تأتي)
الفصل الحادي والعشرين (لأنها فراشة)
الفصل الثاني والعشرون (شكرًا)
الفصل الثالث والعشرين (غرقتُ بعيناكِ)
الفصل الرابع والعشرين (طريقة علاج)
الفصل الخامس والعشرون (لأجلكِ)
الفصل السادس والعشرون (أول مرة)
الفصل السابع والعشرون (لن أتركك)
الفصل الثامن والعشرون (براءة قلبها)
الفصل التاسع والعشرون (ماضٍ لا يُنسى)
الفصل الثلاثون(عروس لعبة)
الفصل الواحد والثلاثون (قاعة زفاف)
الفصل الثاني والثلاثون (الحب القديم)
الفصل الثالث والثلاثون (من عاشر القوم)
الفصل الرابع والثلاثون (لن أستطع)
الفصل الخامس والثلاثون (قمرٌ ضائع)
الفصل السادس والثلاثون (في حمايتك)
الفصل السابع والثلاثون (بداية جديدة)
الفصل الثامن والثلاثون (ما إسمه)
الفصل التاسع والثلاثون (لا يقارن بأحدٍ)
الفصل الأربعون (يزيد حنقه)
الفصل الواحد وأربعون (أنا سأعرفك)
الفصل الثاني و الأربعون(أبو جميلة)
الفصل الثالث و الأربعون( مشيرة الرشيد)
الفصل الرابع و الأربعون (لن أريحكِ)
الفصل الخامس والأربعون (عروس مثل القمر)
الفصل السادس و الأربعون (زغروطة؟)
الفصل السابع و الأربعون (فرح)
الفصل الثامن و الأربعون (صرخةمن الماضي)
الفصل التاسع و الأربعون (العقارب على سمومها تقترب)
الفصل الخمسون (بك تعافيت)
الفصل الأول الجزء التاني (لن أستطع)
الفصل الثاني_الجزء الثاني (مريض)
الفصل الثالث_الجزء الثاني ( البقاء لله)
الفصل الرابع_الجزء الثاني(
الفصل الخامس_الجزء الثاني(لم يراعي شعوره)
الفصل السادس_الجزء الثاني (كتاب دين)
الفصل السابع_الجزء لثاني (وعد بالطلاق)
الفصل الثامن_الجزء الثاني (هل تعرفها؟)
الفصل التاسع_الجزء الثاني (كوب قهوة)
الفصل العاشر_الجزء الثاني(منذ ١٣عام)
الفصل الحادي عشر_ الجزء التاني (وضعهما غريب)
الفصل الثاني عشر_الجزء الثاني (مريض نفسي)
إعتذار رسمي
الفصل الثالث عشر _الجزء الثاني(اختبار صغير)
الفصل الرابع عشر_الجزء الثاني (خطيب الآنسة)
الفصل الخامس عشر_الجزء الثاني (مفاجأة)
الفصل السادس عشر_الجزء الثاني (إلحق)
الفصل السابع عشر_الجزء الثاني (يلقى مصيره)
الفصل الثامن عشر_الجزء الثاني ( ضربة سكين بمقتل)
الفصل التاسع عشر_الجزء الثاني( أنا مستعد)
الفصل العشرون_الجزء الثاني (من طُعن بالسكين ؟)
الفصل الحادي و العشرون_الجزء الثاني(عودة وليد الرشيد)
الفصل الثاني والعشرون_الجزء الثاني( لحظة ترقب)
الفصل الثالث و عشرون_الجزء الثاني( حول الهزيمة لنصرًا)
الفصل الرابع و العشرون_الجزء الثاني( هل جدير بالثقة؟)
الفصل الخامس و العشرون_الجزء الثاني(منك لله!)
الفصل السادس و العشرون_الجزء الثاني ( تخضعين للعلاج)
الفصل السابع و العشرون_الجزء الثاني ( أثر الفراشةِ)
الفصل الثامن و العشرون_الجزء الثاني (وضعت نفسها بمأذق)
الفصل التاسع و العشرون_الجزء الثاني (صفعةً مدويةً)
الفصل الثلاثون_الجزء الثاني (بالأدب)
الفصل الواحد و الثلاثون_الجزء الثاني( بأي ذنبٍ قُتل؟)
الفصل الثاني و الثلاثون_الجزء الثاني (الصبر على الابتلاء)
الفصل الثالث و الثلاثون_الجزء الثاني (صرخة ألم)
الفصل الرابع و الثلاثون_الجزء الثاني (ما هو إسمه)
الفصل الخامس و الثلاثون_الجزء الثاني (من حفر حفرةً لأخيه)
الفصل السادس و الثلاثون_ الجزء الثاني ( هل سيترك حقه؟)
الفصل السابع و الثلاثون_الجزء الثاني (وُضِعَ بمأذقٍ)
الفصل الثامن و الثلاثون_الجزء الثاني (فهم ظنونه)
الفصل التاسع و الثلاثون_الجزء الثاني (تسببت بمصيبةً)
الفصل الأربعون_الجزء الثاني (موعد الحق)
الفصل الواحد و الأربعون_الجزء الثاني (كيف يتصرف؟)
الفصل الثاني و الأربعون_الجزء الثاني (نجم شارد)
الفصل الثالث و الأربعون_ الجزء الثاني ( كيف هنا؟)
الفصل الرابع و الأربعون_الجزء الثاني (فرحة البيت)
الفصل الخامس و الأربعون_الجزء الثاني(ما لم يُحمد عقباه)
الفصل السادس و الأربعون_الجزء الثاني (تتعرفون عليها؟!)
اقتباس من الفصل القادم (تحت التهديد)
الفصل السابع و الأربعون_الجزء الثاني (ماذا يفعل هنا ؟!)
الفصل الثامن و الأربعون_الجزء الثاني (الحبايب هنا)
الفصل التاسع و الأربعون_الجزء الثاني (شر الدنيا)
الفصل الخمسون_الجزء الثاني (سبب الفرحة)
الفصل الواحد و الخمسون_الجزء الثاني(باح بالسر)
الفصل الثاني و الخمسون_الجزء الثاني (ما هي المفاجأة ؟)
الفصل الثالث و الخمسون_الجزء الثاني (عودة الحق)
الفصل الرابع و الخمسون_الجزء الثاني (الموعد المضبوط)
الفصل الخامس و الخمسون_الجزء الثاني (بالغصب)
الفصل السادس و الخمسون_الجزء الثاني (قنبلة موقوتة)
الفصل السابع و الخمسون_الجزء الثاني (طريقة خاصة)
الفصل الثامن و الخمسون_الجزء الثاني (فض شراكة)
الفصل التاسع و الخمسون_الجزء الثاني (فراق الحبيب)
الفصل الستون_الجزء الثاني (تمزق الروح)
الفصل الواحد و الستون_الجزء الثاني (عصفورٌ في اليد)
اقتباس من الفصل الجديد
الفصل الثاني و الستون_الجزء الثاني (حرية الاختيار)
الفصل الثالث و الستون_الجزء الثاني (وجهةٌ مصوبة)
الفصل الرابع و الستون_الجزء الثاني (عقل مريض)
الفصل الخامس و الستون_الجزء الثاني (لا حول ولا قوة)
الفصل السادس و الستون_الجزء الثاني (الكرة في ملعبه)
الفصل السابع و الستون_الجزء الثاني (ليلٍ لا يدوم)
الفصل الثامن و الستون_الجزء الثاني (بالطبع مستحيل)
الفصل التاسع و الستون_الجزء الثاني (السقوط في بئر الضياع)
الفصل السبعون_الجزء الثاني (مغيب عن الواقع)
الفصل الواحد و السبعون_الجزء الثاني (حرق أعصاب)
الفصل الثاني و السبعون_الجزء الثاني (لم يكن خيرًا)
الفصل الثالث و السبعون_الجزء الثاني (حالة صدمة)
الفصل الرابع و السبعون_الجزء الثاني (لمن النصر؟)
الفصل الخامس و السبعون_الجزء الثاني (الموت قادم)
الفصل السادس و السبعون_الجزء الثاني (فخورًا بنفسه)
الفصل السابع و السبعون_الجزء الثاني (حق الاستغلال)
الفصل الثامن و السبعون_الجزء الثاني (عوض الله)
الفصل الثامن و السبعون_الجزء الثاني (ماذا تريد)
الفصل الثمانون_الجزء الثاني (أول سحور)
الفصل الواحد و الثمانون_الجزء الثاني (هل سيفي بوعده؟)
الفصل الثاني و الثمانون_الجزء الثاني (عودة الروح)
الفصل الثالث و الثمانون_الجزء الثاني (انسحبت الروح)
الفصل الرابع و الثمانون_الجزء الثاني (هل سيفيد بشيءٍ)
الفصل الخامس و الثمانون_الجزء الثاني (بكل راحة و يسر)
الفصل السادس و الثمانون_الجزء الثاني (رحمة الله عليه)
الفصل السابع و الثمانون_الجزء الثاني (ألم فقدانها!)
الفصل الثامن و الثمانون_الجزء الثاني (هل سيشعر به؟)
الفصل التسعون_الجزء الثاني (إخطار من الوزارة)
الفصل الواحد و تسعون_الجزء الثاني (نظرةٌ قارنها العتاب)
الفصل الثاني و التسعون_الجزء الثاني (طوق نجاة)
الفصل الثالث و التسعون_الجزء الثاني (وحي الخيال)
الفصل الرابع و التسعون_الجزء الثاني (محاولة فاشلة)
الفصل الخامس و التسعون_الجزء الثاني (الزمن يُعاد)
الفصل السادس و تسعون_الجزء الثاني (غياهب الظلام)
الفصل السابع و التسعون_الجزء الثاني (ليلة الحنة)
الفصل الثامن و التسعون_الجزء الثاني (نهاية القصة)
تنويه هام🦋❤️
تجميعة الحلقات الخاصة

الفصل التاسع و الثمانون_الجزء الثاني (واقع أم حُلم؟)

53K 3.3K 816
By ShamsMohamed969

"الفصل التاسع و الثمانون"
"رواية تَعَافَيْتُ بِكَ_الجزء الثاني"
_________________________

قد نال فيكِ قلبي ما ودده و أحببا، فكنتِ خير مما أراد و أطيبا.
_________________________

مر العمر دون أن انتبه له و كأنه لم يمر، تفوت الأيام كما القطار السريع و في كل حينٍ انتبه لما فاتني، لازلت اتذكر طفولتي و صِغر عمري، فـ يبدو و كأن الأيام لم تحبني حتى تأخذني معها.

كان "يونس" طوال أيام عمره الصغيرة مستأنسًا بوالديه و لأول مرة يوضع في مثل هذا الموقف خائفًا بمفرده، فلم يجد حلًا سوى القفز على والده و هو يبكي فانتبه له "خالد" أخيرًا حينما استمع لصوت بكاءه، فاعتدل "خالد" بلهفةٍ بعدما ظن أن صوت ابنه هذا أحد أحلامه المعتادة دومًا، حتى تأكد أنه واقعه بالفعل و "يونس" يبكي بجواره، فحمله على يده بخوفٍ و هو يقول بدهشةٍ غلفت نبرة صوته:

"يونس !! مالك يا حبيبي ؟! بتعيط كدا ليه ؟! فين ماما"

شهق "يونس" بتقطع و لم يقو على الرد، فقط مسح وجهه في ثياب والده و حينها سقط قلب "خالد" فانتفض من الفراش و ابنه على ذراعه يهرول مسرعًا للخارج، حتى وجدها تميل بجسدها للخلف فظن في بدء الأمر أنها نائمة، زفر بعمق ثم اقترب منها يهزها بذراعه الحر في حين أن الأخر يحمل ابنه عليه، حاول هزها برفقٍ و هو يقول بصوتٍ متحشرجٍ:

"ريهام !! اصحي يا ستي، أنتِ نمتي و سيبتي الواد ؟! ريهام !!"

لم تصدر أي ردة فعل فانتاب القلق قلبه، حينها مال عليها بجسده يتفحص نبضها فعلم أنها مغشيةً عليها، حينها ترك ابنه على الأريكة وهو يقول بنبرةٍ هادئة يشوبها التوتر بعدما حاول هو الثبات أمامه:

"يونس !! خليك هنا هدخل ماما تنام و هاجي تنام جنبها، ماشي؟"

حرك "يونس" رأسه موافقًا و لا زال يشهق شهقاتٍ متقطعة، فيما قبل "خالد" رأسه ثم حمل زوجته و دلف بها الغرفة يضعها على الفراش ثم فرك كفها بين كفيه ثم سحب زجاجة عطره يفتحها و يسكب منها على راحة يده ثم قربها من أنفها حتى امتعض وجهها و انكمشت ملامحها، و بدأت في الاستيعاب رويدًا رويدًا؛ حينها زفر "خالد" بعمقٍ ثم قال بلهفةٍ:

"مالك يا ريهام ؟! أنتِ كويسة طيب ؟!"

أمسكت رأسها بكفيها معًا تحاول احجام الآلم البادي عليها، فيما وقف هو بدهشةٍ حتى سألته هي بخوفٍ:
"يونس !! يونس فين ؟! ابني فين يا خالد ؟!"

تنهد هو بعمقٍ ثم قال موجزًا:
"برة، خوفت أجيبه هنا يخاف عليكِ، كفاية الخضة اللي هو اتخضها"

زاد خوفها أكثر عليه، فيما تحرك "خالد" من أمامها للخارج ثم عاد لها من جديد بـ "يونس" الذي ركض إليها يحتضنها حتى تمسكت هي به تتنفس بعمقٍ و كأنها حررت انفاسها من الحصار، فتشبث بها "يونس" و هو يقبل وجنتها، فقال "خالد" بنبرةٍ هادئة:

"طب أنتِ كويسة طيب ؟! يا ستي ردي عليا !! اللي حصلك دا من إيه ؟!"

رفعت رأسها تنظر له ثم حركت كتفيها مما يدل على جهلها بالأمر، فقال هو مسرعًا بلهفةٍ:
"أنا هكلم ياسر ييجي يكشف أحسن، مش هفضل قلقان كدا"

قبل أن تهم هي بالرفض أو التحدث أشار لها بالتوقف ثم اقترب من هاتفه يسحبه ثم خرج من الغرفة بأكملها، فيما طالعت هي "يونس" بوجهٍ مُبتسمٍ و هي تقول بنبرةٍ هادئة تحاول طمئنته:

"أنا كويسة اهوه، مالك بتعيط ليه ؟!"

احتضنها من جديد و هو يقول بصوتٍ مرتجف:
"خايف"

حاوطته هي بذراعيها ثم قبلت رأسه، و هي تمسد عليه و تقرأ له أياتٍ من القرآن الكريم لعله يهدأ من نوبة خوفه تلك، فدلف "خالد" لهما من جديد يقول بثباتٍ:

"ياسر هييجي دلوقتي يكشف عليكِ لحد ما بكرة إن شاء الله نروح للدكتور، أنتِ كلتي حاجة وطيتلك الضغط ؟!"

حركت رأسها نفيًا ثم قالت بتيهٍ:
"لأ ماكلتش حاجة والله من ساعة ما أنتَ رجعت و كلنا سوا، بس أنا مرة واحدة كدا حسيت إن دماغي بتلف بيا، و بطني وجعتني مرة واحدة، اخر حاجة فكراها إن يونس كان بيشاورلي على الفيلم، بس"

حرك رأسه موافقًا و في تلك اللحظة صدح صوت جرس الباب فأشار لها "خالد" ترتدي اسدالها، فتحركت هي تنفذ ما طلبه و "يونس" بجوارها يلتصق بها لا يريد تركها.

بعد مرور دقائق قليلة دلف "خالد" أولًا و خلفه "ياسر" بحقيبة الكشف الخاصة به، فألقى عليهم التحية و هو يقول بصوتٍ ناعسٍ:

"معلش بقى جيتلكم فجأة كدا"

عقدت "ريهام" ما بين حاجبيها فيما قال "خالد" بنبرةٍ جامدة:
"ما تفوق يا ياسر !! أنا اللي جايبك يابني، صباح الفل"

_"صباح العسل"
رد عليه "ياسر" تحيته بوجهٍ مُبتسمٍ ثم تثاءب بقوةٍ فقالت "ريهام" بأسفٍ:
"معلش بقى يا دكتور، نزلناك بليل كدا و أكيد أنتَ ما صدقت تنام"

رد عليها بسخريةٍ:
"ما صدقت آه، أنا والله من ساعة ما بقيت أب نسيت النوم و طار من عيني، هنام امتى يا ناس !!"

رد عليه "خالد" بتهكمٍ:
"مش خلفت !! هتنام في الحنة إن شاء الله، روح جتك خيبة"

اقترب "ياسر" من "ريهام" بجهاز الضغط يقوم بوضعه على ذراعها و هو يتابع بنظره الجهاز ثم تمم كشفه مراعيًا كافة الاحترازات في التلامس بينهما، حتى أغلق حقيبته و تثاءب و اقترب من الباب يخرج منه دون أن يتفوه بكلمةٍ واحدة أو يطمئنهم، فسأله "خالد" بنبرةٍ جامدة يوقف تحركه:

"أنتَ يالا !! يا ابن الهبلة أنتَ"

التفت له "ياسر" بتعجبٍ فسأله من جديد بنفس الحدة:
"يا بني مالها !! أنتَ كشفت و مشيت ؟! فيه إيه ؟!"

زفر "ياسر" بقوةٍ ثم تحدث موجزًا باستفسارٍ:
"هو أنا مقولتلكمش ؟!"

نظر "خالد" لزوجته بتعجبٍ ثم قال متهكمًا:
"لأ مقولتلناش، خير إن شاء الله؟"

رد عليه "ياسر" و هو يتثاءب:
"مبروك يا سيدي، المدام حامل، تصبح على خير"

التفت بعد جملته حتى يرحل من المكان فانقض عليه "خالد" يمسكه من تلابيبه و هو يقول بصوتٍ عالٍ:

"ولا !! فوق يخربيتك، مالها ريهام ؟؟! أنتَ بتحلم ؟!"

زفر "ياسر" بقوةٍ ثم قال بقلة حيلة:
"يا عم ألف مبروك مراتك حامل، هو أنا هشتغلك يعني ؟! بياع بومب أنا ؟! مش مالية عينك الشنطة دي ؟!"

_"عرفت منين إنها حامل ؟!"
سأله "خالد" بتعجبٍ يغلفه الاستنكار، فقال "ياسر" بتهكمٍ:
"مخاوي عقبال أمالتك، حبايبنا هما اللي قالولي، يا عم ارحم أمي العيانة، بقولك أنا دكتور"

احتضنه "خالد" بفرحةٍ و هو يقول بحماسٍ:
"الله يبارك فيك يا وش السعد، تصدق فرحتني و طيرت النوم من عيني ؟! روح ربنا يرزقك بتوأم يا ياسـ..."

قبل أن يُكمل حديثه كمم "ياسر" فمه و هو يصرخ في وجهه بصوتٍ عالٍ:
"لاااااأ !! لو كملتها هرمي اليمين على أختك و أجيبها تنام بعيالها هنا و أنام أنا لوحدي في الشقة، كمل كدا !!"

حاول "خالد" كتم ضحكته فزفر "ياسر" في وجهه ثم تحرك من أمامه بغيظٍ بعدما بارك لـ "ريهام" التي تابعتهما بملامح وجه ضاحكة، فخرج "خالد" يوصله للخارج ثم عاد لها من جديد و هو يبتسم حتى ابتسمت له هي الأخرىٰ فاقترب منها يقبل قمة رأسها ثم قال بنبرةٍ هادئة:

"ألف مبروك، ربنا يقومك بالسلامة إن شاء الله"

ردت عليه هي بنفس الهدوء:
"الله يبارك فيك يا رب، على فكرة أنا كنت حاسة بس قولت أكيد دا من وحي خيالي، أظن كدا أنتَ فرحان !!"

حرك رأسه موافقًا ثم نظر على ابنه الذي نام بجوار والدته و هو يتشبث بها، فمال عليه يقبله ثم قال بصوته الرخيم:
"عاوز يونس يكون عنده أخوات و ميفضلش لوحده كدا كتير، عاوز بنوتة حلوة زيك كدا علشان أشوف حنيته عليها، يونس هيبقى حلو أوي و هو أخ"

حركت رأسها موافقةً فيما تحرك هو على الفراش حتى نام في المنتصف ثم أخذهما بين ذراعيه و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"ربنا يبارك فيكم و يقدرني إن شاء الله"
نامت "ريهام" على كتفه و هي تبتسم فشدد هو عناقه على "يونس" يضمه إليه و هو يفكر فيما عايشه من خوفٍ على والدته.
_________________________

ذهب "ياسر" إلى شقته بجسدٍ رخو بسبب قلة نومه، فوجد الشقة صامتةً على غير العادة، عقد ما بين حاجبيه ثم دلف غرفة نومه و قد تفاجأ بـ خلوها من زوجته، حينها ذهب للغرفة الخاصة بطفليه، فوجد كلٍ منهما فى فراشه المتحرك الصغير الخاص بحديثي الولادة، و هي في حالٍ جعله يشفق عليها حينما غفيت أسفل الفراشين تستند بجسدها على الأريكةِ خلفها، اقترب منها يجلس على ركبتيه أمامها و هو يقول بنبرةٍ هامسة:

"إيمان !! يا إيمان !! إيمي !!"
ذكرها باسم دلالها حتى يظهر أثر مزاحها ظنًا منه أنها تشاكسه أو تتدلل عليه، لكن تعبها تغلب عليها و هي تتحرك للجهة الأخرى تميل عليها بجسدها، فزفر هو بعمقٍ ثم حملها على ذراعيه و توجه بها نحو الغرفة الخاصة بهما ثم وضعها على الفراش و دثرها بالغطاء جيدًا، ثم عاد لغرفة أبنائه يجلس على الأريكة أمامهما ثم سحب المفرش الصغير يضعه على جسده و قام بتشغيل الإضاءة الخافتة بجوار الفراشين ثم تابعهما بنظره حتى غفىٰ هو مكانه.
_________________________

في الشارع انتهت جلسة "ياسين" و "خديجة" بعدما تناولا حبات الذرة المشوي، ثم سارا بجانب بعضهما على أقدامهما بعدما طلبت هي منه ذلك، و على الرغم من تعبه و إنهاك جسده، إلا أنه وافق مرحبًا بما تريد و هما يسيران مع بعضهما في الطرقات الخالية من البشر في ذلك التوقيت.

بعد مدة من سيرهما سويًا، جلست هي على أحد المقاعد الخشبية على الطريق فجلس هو بجوارها و هو يسألها بهدوء:
"حلو كدا ؟! اتمشيتي ؟!"

حركت رأسها موافقةً بحماسٍ ثم قالت بنبرةٍ ضاحكة:
"حلو أوي كدا، نردهالك في الفرح يا مهلبية"

أغلق عيناه بيأسٍ ثم فتحهما على مضضٍ ثم سألها بثباتٍ مقررًا الدخول في الموضوع مباشرةً:
"خديجة !! هو أنتِ خلاص كدا مع عم طه و لا لسه فيه حاجة في قلبك ناحيته ؟!"

عقدت ما بين حاجبيها و هي تنظر له بتعجبٍ فقال هو بترددٍ:
"علشان.....علشان هو كان يعني قالي قبل كدا إني أحاول معاكِ حتى لو زعلانة منه، و أنا بسألك أهوه"

ابتسمت له بتوترٍ ثم تنفست بعمقٍ و قالت بثباتٍ أجادت رسمه:
"على الأقل حاول يا ياسين، زعلي منه بجد لو مكانش حاول علشاني، لو مكانش اتأثر بغيابي، بعدين أنا سامحت الكل و واخدة عهد على نفسي أني مقساش و مش عاوزة اقسى، غصب عني فطرتي حركتني و حنيتله، غصب عني قصاد حضنه بحس نفسي متطمنة، غصب عني هفضل بحتاج لمشاعره معايا علشان هو أبويا، غصب عني حتى لو مكانش حاول كنت هتمنى ييجي اليوم اللي يحضني فيه، أنا هبقى أم !! يعني كل اللي عاوزاه أوفر مكان سوي لعيالي علشان يقدروا يكونوا سويين نفسيًا، إزاي أطلع ناس سوية و أنا قلبي فيه قسوة ؟!"

ابتسم لها ثم قال براحةٍ ظهرت في تعابير وجهه و نبرة صوته:
"طمنتيني الله يطمنك يا رب، على فكرة عم طه مقارنة بسمير يكسب، سمير كان اقسى و أصعب بكتير، يمكن عم طه أنتِ كنتِ قدام عينه، إنما سمير مشي و ساب ٣ ستات في رقبة عيل صغير مكانش معاهم حتة تمن الفطار، بس ياسر عمل المستحيل ، و اخرتها إنه ورث هو سمير و احنا معاه كمان"

ابتسمت هي له بقلة حيلة ثم قالت بنبرةٍ هادئة:
"أنا مش عاوزة غير أني انجح في اللي بعمله، عاوزة أوصل للأطفال و قلوبهم، عاوزة أنشر افكاري أكتر و أكتر علشان الناس تتعلم و تلحق بكرة عند الأطفال، بلاش يطلعوا مشوهين يا ياسين، حرام احلى سنين عمرهم تضيع في خوف و حبسة و كتمان"

سألها بنبرةٍ أظهرت اهتمامه:
"طب نعمل ايه تاني ؟! و الله كلنا بنساعد بس هي ولادة عبلة اللي جت مرة واحدة و عطلت وليد، بس هو كان ماشي حلو أوي في الموضوع"

ردت عليه هي بحماسٍ:
"عاوزاهم يركزوا أكتر، يعني مثلًا لو دخلنا مكان لقينا فيه أطفال كتير، نوزع الاهتمام على الكل، دايمًا بيكون فيه طفل شقي و مرح بيلفت النظر ليه، و طفل تاني مطفي و هادي و شبه مبتكلمش، كتر الاعتياد هيخلي الطفل الباهت دا شخص مطفي علشان من صغره خد إنه يتهمش، الفكرة في المكان اللي حواليه، أنا كل اللي بحاول أوصله أني أفهم الناس حاجة زي دي، أي تجمع أو أي لمة ياريت يركزوا مع الأطفال الساكتة اللي مش عارفة تتعامل، دا هيشجعهم أكتر، ها فهمتني ؟!"

رد عليها بلاهةٍ:
"يعني كل طفل مطفي أرزعه لمبة في دماغه ؟!"

تلاشت بسمتها و انطفأ حماسها تلقائيًا بعد حديثه الساخر، فحاول هو جاهدًا كتم ضحكته و قال مُسرعًا قبل أن يزيد حزنها:

"بهزر والله العظيم قولت افكك بدل ما أنتِ متنشنة كدا، أنا أكتر واحد ممكن يكون فاهمك و اكتر واحد متحمس اوي لحاجة زي كدا، أنا طول عمري كنت طفل هادي و مش بتكلم و قضيت كل سنين ابتدائي كدا، علطول كنت حاسس أني في مكان غلط، مش عندي صحاب و محدش فيهم عاوزني معاه، بس لما بقيت في اعدادي و لقيتهم كانوا قشاية و أنا الغريق، كنت محتاج احس أني مش لوحدي و عندي أخوات و هما كانوا أخواتي و عيلتي و كل حاجة ليا، أنا فاهم كل كلمة و فخور بيكِ و بتفكيرك، أنا معاكِ"

ابتسمت هي له بسعادةٍ بالغة فالتفت هو ينظر حوله ثم قال بسخريةٍ:
"مش يلا نروح يا ست الكل ؟! الفجر قرب علينا، يلا !!"

حركت رأسها موافقةً ثم قالت بخجلٍ طفيفٍ:
"يلا....علشان بصراحة أنا جعانة و عاوزة أكل"
ابتسم هو بيأسٍ ثم قام بمساندتها و هما يسيران سويًا نحو السيارة حتى يعودوا لبيتهما.
_________________________

في اليوم التالي بعد انتهاء تلك الليلة أخيرًا، اخبر "خالد" أخوته بخبر حمل زوجته و كذلك أخبرت "ريهام" فتيات عائلة الرشيد و صديقاتها، و قد زاد الحماس في قلوب الجميع منتظرين ذلك اليوم بفارغ الصبر لتكتمل العائلة بأكملها فيما عدا "طارق" !! و على ذكر "طارق" قد بدأ الأمر يجول بعقله بسبب تأخرهما في الإنجاب.

دلف هو صباح اليوم يطمئن على شقيقته و أبنائها، فوجد "وليد" يجلس مقابلًا لها و هي تتناول الطعام من يده و طفليه أحدهما على ذراعها و الأخر على فراشه.

أقترب منهما "طارق" يبتسم لهما ثم قال بنبرةٍ هادئة:
"طب الحمد لله كدا اتطمنت عليكم، طمنوني حبايب خاله عاملين إيه ؟!"

ابتسمت له أخته فيما قال "وليد" بنبرةٍ مرحة:
"كويسين يا سيدي، سوسة أنتَ جاي تطمن على مستقبل عيالك !! ناوي تاخد عيالي مني يا طارق !"

رد عليه "طارق" بوجهٍ مُبتسمٍ:
"ياريت، لو توافق أنا عاوز واحد منهم أربيه، لحد ما ربنا يكرم إن شاء الله و يكتبلي أكون أب"

ابتسم له "وليد" و هو يقول مقدرًا حديثه:
"و هما عيالك من غير ما تقول، مش محتاج تطلب إنك تهتم بيهم، عيب عليك يا طارق"

ابتسم له "طارق" ثم اقترب من النائم على الفراش يقبل قمة رأسه ثم كرر الكرة مع الأخر، فقالت "عبلة" بمرحٍ:
"دا زياد اللي على أيدي و التاني مازن، قولت أوفر عليك الاحراج و السؤال"

فرك "طارق" فروة رأسه بكفه، فيما قال "وليد" بثباتٍ:
"مش عارف ولادي ؟؟ أومال جاي تطمن على إيه ؟ اتوكس"

ردت "عبلة" بنبرة صوتٍ خبيثة:
"والله ؟! طب أقولك يا طارق ؟! وليد لحد دلوقتي مش عارف يفرقهم عن بعض، بس أنا خلاص عرفتهم"
ابتسم لها "طارق" فيما امتعض وجه "وليد" و هو يرمقها بغيظٍ، حتى استأذن منهما "طارق" فجلس "وليد" أمام "عبلة" يقول بنبرةٍ هادئة:
"عبلة، أنا بليل هنزل مشوار ضروري إن شاء الله، مش عاوزك تزعلي يعني، بس المشوار دا مهم"

ردت عليه هي بتعجبٍ:
"مشوار ؟! طب هتروح فين ؟!"

تنهد هو بعمقٍ ثم قال بثباتٍ:
"مشوار مهم بس وعد مني أول ما تفوقي أنا هاخدك معايا، بس أنا لازم أروح النهاردة و مش هتأخر"

حركت رأسها موافقةً بتفهمٍ ثم قالت بنبرةٍ هادئة:
"الكل النهاردة هيتجمع هنا، أوعى تتأخر !! مش معقول يكونوا جايين علشان ولادك و أنتَ مش موجود"

اقترب منها يقبل قمة رأسها ثم قال بتفهمٍ:
"حاضر و الله، أنا مش هتأخر، و هجيب حاجات و أنا جاي علشان الناس اللي هتيجي بليل دي، اطمني"

في غرفة "طارق" كان جالسًا بمفرده حتى دلف له "وئام" و على ذراعه "فارس" فانتبه له "طارق" و اعتدل على الفراش و هو يقول مرحبًا بهما:
"تعالى يا وئام، مقولتليش ليه إنك عاوزني ؟!"

جلس "وئام" أمامه ثم سأله بثباتٍ و نظراتٍ ثاقبة:
"مالك أنتَ يا طارق ؟! إيه اللي مضايقك و متقوليش إنك قلقان على عبلة !! أنا فاهمك و حافظك"

زفر "طارق" بقوةٍ ثم قال:
"جميلة مش عاوزة تيجي معايا نكشف و نتطمن، بتقولي دا رزق و ييجي في وقته زي ما ييجي"

عقد "وئام" ما بين حاجبيه فقال "طارق" بنفس الغلب:
"أنا مش بجبرها على حاجة بس أنا عاوز اتطمن إن أنا و هي معندناش موانع، دا رزق أنا مقولتش حاجة بس اسأل و أعرف، و لا اقعد استنى رزقي من غير ما ادور ؟!"

ربت "وئام" على كتفه ثم قال مؤازرًا له:
"أنا حاسس بيك، بس دا طبيعي يعني يدوبك بقالكم سنة، على يدك ياسين و خديجة قعدوا سنة ونص و أكتر كمان، سيبها على الله و إن شاء الله خير، بعدين متقلقش هتخلف و تفرح بعيالك إن شاء الله، لو حاسس في نفسيتك اوي، خد فارس ربيه، دا حتى نسخة من وليد أخوك و أنتَ و هو حبايب أوي"

ابتسم له "طارق" ثم حمل "فارس" على يده يقبل وجنته، فقام "وئام" بسحبه داخل عناقه ليحتوي كليهما مربتًا على كتف "طارق".
_________________________

في مقر الجمعية الخيرية في وسط اليوم كانت "خديجة" جالسةً مع "نوف" تتابع تطور حالات الاطفال، حتى قالت "نوف" بحماسٍ:
"أنتِ مش متخيلة بجد الفرق بان ازاي؟! يا خديجة دول بقوا بيساعدوا غيرهم، فيهم ولد هنا بقى بيساعد كل صحابه و بقى متعاون بشكل ملحوظ، مجرد الاهتمام بيه شوية و التركيز معاه خلاه يعيد حساباته في تعامله في صحابه، و غير كدا كمان، كل اللي بييجي هنا بنعرفه فكرتك و نفهمه الدنيا عاملة ازاي و هو بيساعد فيها في عيلته و قرايبه و بدأوا يلاحظوا الاطفال و تغييرهم، و الله أنتِ نجحتي فعلًا، اوعي تيأسي !!"

ابتسمت لها "خديجة" برقةٍ و هي تقول:
"أنا عارفة والله بس برضه عاوزة أوصل لكل الأطفال برة و جوة، عاوزة الأهالي نفسهم جوة البيوت يفهموا حاجة زي دي، يحاولوا مثلًا، عاوزة الأخوات نفسهم جوة البيوت يكونوا داعمين لأخواتهم، نطلع من دايرة الصحاب و نركز إن أخواتنا برضه هما صحابنا و إن وجودهم مهم، إن شاء الله الفكرة تنتشر و تبدأ تتعرف"

ربتت "نوف" على كفها و هي تقول بحماسٍ:
"عارفة !! غسان بعدما اتجوزنا، أخته تعبت أوي نفسيًا علشان هو سابهم و مشي، و مامته بقت عصبية معاها شوية، بس لما قولتله على فكرتك نفذها، و أهتم بأخته و كلم مامته تقدر نفسيتها و حصل فعلًا، الفكرة دي أنا خدتها منك أنتِ و لاحظنا كلنا الفرق"

زادت فرحة "خديجة" أكثر بكثير عن السابق، و في تلك اللحظة دلف "ياسين" و هو يقول مبتسمًا:
"السلام عليكم، يلا علشان عيلة الرشيد كلها مستنيانا و لو اتأخرت وليد هيعلق راسي على الباب"

اقتربت منه هي ترحل معه فرحبت به "نوف" و اوصته عليها حتى رحلا سويًا من أمامها.
_________________________

ذهب "وليد" للوجهة التي قررها هو كعادته منذ ما يقرب الخمسة أشهر يأتي لها و يجلس معها كأنه ابنها من صُلبها، و كذلك "مشيرة" كرثت معظم وقتها لها.

كان "وليد" مُمسكًا صحن الطعام في يده و الملعقة يناولها منها الطعام في فمها و هي تبتسم له بسعادةٍ حتى سألها هو بمرحٍ:
"ها يا ماما سميحة ؟! شبعتي ؟"

حركت رأسها موافقةً ثم قالت:
"الحمد لله شبعت علشان أنتَ اللي بتأكلني، لما باكل لوحدي مش بشبع، بس لما أنتَ بتيجي أنا بفرح أوي، هي كانت مقسياك عليا صح ؟!"

عقد ما بين حاجبيه فقالت هي بحزنٍ و نبرةٍ أقرب للبكاء:
"هي كانت علطول تقولك أني بشتمها و ازعلها، بس أنا مش كدا، هي اللي كانت بتتعصب عليا و قالتلي إنها قرفت مني، أنتَ مصدقتش مراتك صح ؟!"

رد عليها هو بلهفةٍ:
"مصدقتهاش و الله، طب أقولك ؟! أنا علمتها الأدب و هي عاوزاكي تسامحيها كمان، و عاوزة تيجي علشان توريكي عيالي، بس أنا مش هجيبها غير لما أنتِ تسامحيها"

ردت عليه بلهفةٍ:
"بجد ؟! امتى ؟! هشوفهم امتى"

سألها هو بثباتٍ:
"الأول مسمحاها ولا لأ ؟! دا اللي يهمني"

حركت رأسها موافقةً ثم قالت بصوتٍ باكٍ:
"مسمحاها بس هاتهم علشان خاطري، عاوزة أشوف ولادك، أنا مشيت و هي حامل، فاكر لما عيطت و قولتلك استنى أحضر السبوع ؟! جابت إيه ؟!"

مسح وجهه حتى يخفي أثر دموعه و حمحم حتى يزيل صوته الباكي ثم قال بزهوٍ:
"ولدين !! جيبت مازن و زياد، إن شاء الله هيكونوا وليد الصغير"

سألته بتعجبٍ من ذكره "وليد":
"وليد مين ؟!"

اتسعت عينيه بدهشةٍ فحركت هي رأسها له تطلب منه الجواب حتى قال هو ممازحًا لها:
"وليد دا يا ستي واحد صاحبي، بس بحبه أوي و حكايته كلها أكشن و حزن و وجع، بحبه اوي و بموت فيه، و لو عليا اعمله تمثال و الله تقديرًا لثباته و أدبه و أخلاقه اللي بيتميز بيها"

ضحكت هي على طريقته ثم قالت بنفس النبرة الضاحكة:
"للدرجة دي بتحبه ؟؟ خلاص المرة الجاية تحكيلي حكايته بقى، هخلي مشيرة تفكرني"

ابتسم هو لها ثم سألها بنبرةٍ هامسة:
"قوليلي بصحيح مشيرة عاملة معاكِ إيه ؟! لو مزعلاكِ نغيرها و نجيب واحدة غيرها، المهم راحتك يا موحة"

ابتسمت بودٍ و طيبةٍ و هي تقول:
"خالص، دي طيبة و غلبانة ربنا يكرمها، اكتر واحدة ريحتني هنا، كفاية إنها مش بتتعصب عليا و لا تزعلني"

اقترب منها يقبل كفها مُربتًا عليه بعدها بكفيه، فقالت هي بحماسٍ:
"مش هتغنيلي زي ما قولتلك ؟! أنا مستنية الأغنية منك"

حرك رأسه موافقًا ثم قال بصوتٍ لما يناسب الغناء البتة لكنه حاول بقدر استطاعته:
" بس هتغني معايا، ماشي !!... بتونس بيك و أنتَ معايا، لما تقرب أنا بتونس بيك و لما بتبعد أنا بتونس بيك"
كانت هي تغني معه و تصفق بكفيها و هو يبتسم لها و يبادلها البهجة بمثيلتها، حتى دلفت عليهما "مشيرة" تحمل ملابسها على ذراعيها ثم جلست أمامهما تغني معهما ثم اقتربت من "سميحة" تحتضنها حتى ضحكت "سميحة" بفرحةٍ أنستها ما عانته.
_________________________

في بيت آلـ "الرشيد" تم تزيين السطح و تجهيزه للتجمع العائلي الذي سيقام للعائلة بأكملها، و بدأوا يتوافدون على البيت خلف بعضهم و كان أخرهم "عامر" بزوجته.

اجتمعوا سويًا مع بعضهم فوق السطح، فصعد "حسن" و معه "عمار" و "أحمد" يحملون في أيديهم الحلويات و المشروبات الغازية، و خلفهم "ياسين" و "وئام" يحملان التسالي.

تحدث "عامر" بمرحٍ و هو ينظر للأشياء حوله:
"الله أكبر !! إيه الحاجات الحلوة دي كلها ؟! دا بدل العقيقة يعني ؟! بتشتغلنا يا عم مرتضى ؟"

رد عليه "مرتضى" بتهكمٍ:
"أنا مال أمي ؟! وليد هو اللي أجل العقيقة و قال لما عبلة تفوق شوية و لما خديجة و هدير يقوموا بالسلامة إن شاء الله"

رد عليه "حسن" بحماسٍ:
"هو قالي كدا برضه و أنا قولت خلاص نعلمها سوا كلنا مع بعض، على الأقل توصل لناس أكتر بدل ما كل مرة نوزع لنفس الناس"

أيده الجميع في القول فسأل"ياسين" بتعجبٍ من غياب الأخر:
"هو فين أبو الرجال ؟! مجمعنا كلنا و هو مش هنا، فالح بس يقولي لو اتأخرت هعمل و أسوي ؟! ماشي"

ضحكوا عليه جميعًا فيما تحدث "محمد" بحنقٍ و هو يقول موجهًا حديثه لأخيه:
"هو أنتَ هتفضل مكوش على العيال ؟! مقعد فارس على رجلك و يونس جنبك و شايل كل واحد من التوأم على أيدك ؟! و احنا يا عم ؟!"

رد عليه "مرتضى" بحنقٍ:
"تعالى خد اللي تعوزه منهم، هو أنا قولتلك لأ يعني ؟!"

اقترب "محمد" نحو أبناء ابنته يأخذ أيًا منهما فقال "مرتضى" بنبرةٍ جامدة:
"إيدك ؟! لو لمست واحد فيهم هزعلك يا حج محمد"

زفر "محمد" بقوةٍ فاقترب منه "عامر" يعطيه "عُمر" و هو يقول بمرحٍ:
"متزعلش نفسك يا عم محمد، عُمر ابني اهوه شيله و هشتكه و فرحه و نيمه، و لو عاوز غيرله كمان"

ابتسم "محمد" رغمًا عنه و هو يحمل الصغير فقال "محمود" بقلة حيلة:
"و الله العظيم أبويا لو كان عاش و شاف اللي بيحصل دا، كان زمانه طردهم من البيت"

قال حديثه ثم وجه رأسه نحو "طه" و هو يقول بفخرٍ به:
"جدع يا طه، خليك أنتَ عاقل كدا ربنا يكرمك إن شاء الله"

ابتسم له "طـه" ببساطةٍ و هدوء حتى اقترب منه "حسن" يقول بسخريةٍ:
"طبعًا عم طه ميعملش كدا، هو بس اتصور معاهم و شالهم و حضنهم و طلب مني أصوره مع العيال كلها قبل ما حد من اخواته يتصور معاهم"

تلاشت البسمة من على وجهي"طه" و "محمود" فيما ارتفعت ضحكات البقية عليهما، و في تلك اللحظة صعدت "جميلة" السطح بعدما أتت من الخارج، ثم توجهت نحو زوجها تجلس بجواره و خاصةً بعد ضيقه من حديثهما سويًا، تابعها هو بعينيه حتى جلست بجواره ثم همست بجوار أذنه:

"خلاص بقى متزعلش مني، مش مستهلة كشف و الله يا طارق"

زفر بقوةٍ ثم قال بنبرةٍ جامدة:
"ملهاش لازمة ؟! قفلي على الموضوع يا جميلة أحسن و نتكلم لما نروح بيتنا"

ابتسمت هي له ثم قالت بنبرةٍ هامسة:
"أنا حامل أنا كمان، روحت كشفت علشان مزعلكش و الدكتورة بالصدفة عرفت أني حامل"
يبدو أن أحلامه امتزجت بواقعه و كأنهما أختلطا سويًا، فهل ما سمعه هو الواقع أو أن عقله هو ما صور له ذلك ؟!"

يُتَبَع
#الفصل_التاسع_و_الثمانون_الجزء_الثاني
#رواية_تَعَافَيْتُ_بِكَ

Continue Reading

You'll Also Like

103K 3.2K 35
قصه شيخ عشيره عمره ٣٩ ياخذ فصليه بعمر المراهقه ١٦ سنه بسبب العادات والتقاليد
3.1M 47.4K 66
تتشابك أقدارنا ... سواء قبلنا بها أم رفضناها .. فهي حق وعلينا التسليم ‏هل أسلمك حصوني وقلاعي وأنت من فرضت عليا الخضوع والإذلال فلتكن حر...
932K 59.2K 103
" فرحات عبد الرحمن" شاب يعمل وكيل نيابة ويعاني من مرض اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع مع ارتباط وثيق باضطراب النرجسية مما يجعله ينقاد نحو كل شيء معاك...
118K 4.9K 26
مالك اكبر مصنع سيارات وصاحب اكبر شركه استيراد قطع غيار يقع فى حب السكرتيرة