مريض نفسى بالفطرة

By Hader3112

725K 30.6K 9.8K

مريض حُكِمَ عليه بعيش الازدواجية فى كل شىء ، إلى أن قابلها، منحته قلبها رغم معاناتها السابقة ولكنه رفض البوح... More

اقتباس1( لست ليث،أنا غيث)
_١_ (صفعةُ تعارف)
_٢_ (جدى يريد عودتى)
_٣_(صدمةٌ مُبرمجةٌ )
_٤_ (أنا القاتل)
_٥_ (الإنفصالُ فرصة ثانية )
_٦_ (لا أريدك يا أمى )
_٧_ ( حب ناضج لمراهقة صغيرة )
_٨_(بيت جدى مجددًا)
_٩_( ما ذنبى إن كنت تحب فتاة تحبنى؟)
_١٠_( قامت بخيانتى)
التعريف بمرض غيث
_١١_ (نوبة غضب)
_١٢_(بقاءٌ قسرى)
_١٣_( أب برتبة عدو)
_١٥_ عشر(عائد لكِ يا حبيبتى)
التعريف بمرض الطبيبة منال
_١٤_( دماءُ زوجتى الراحلةُ )
_١٦_ (ذلك الوغد مجددًا)
_١٧_(لست ليث، أنا غيث)
التعريف بمرض ديما
_١٨_(حب من طرف واحد)
_١٩_(غارق فى دمائه)
_٢٠_( وحشتنى عنيكى )
_٢١_ (الكل عاشق )
_٢٢_(حقائق بالجملة)
_٢٣_(الانتقام الحلو)
_٢٤_(رصاصة خائنة)
_٢٥_( المواجهةالحاسمة)
التعريف بمرض مالك
_٢٦_(كان ضحية بالأمس)
_٢٧_ (وداعًا بيت جدى)
_٢٨_ ( تطاول بما فيه الكفاية)
_٢٩_ (الحقيقة المؤلمة)
_٣٠_(قابلها مجددًا)
_٢_(مشاغبة من الطرفين )
_٣_( غيث واحد لا يكفى)
_٤_ ( من المصاب ؟)
_٥_(الغيرة اللذيذة)
_٦_(باغتها بعقد القران)
_٧_(أشباح الماضى تطاردها)
_٨_(فارق الحياة )
_٩_( رفضها يصيبنى بالجنون)
_١٠_(فرصة ثانية للفؤاد)
_١١_( اكتئاب حاد )
_١٢_ (أحبك رغم أنف قبيلتى)
_١٣_(هل تقبلين الزواج بى؟)
_١٤_ (خطوبة و جثة )
التعريف بمرض مالك ٢
_١٥_( فليحترق العمل أمام حُسنكِ)
_١٦_ (حُلو مرى)
_١٧_ (أخوض لأجلكِ ألف حرب )
_١٨_(أقبلينى كما أنا )
_١٩_ (تطاول على صغيرتى أمام عينى )
التعريف بمرض محمد العدلى
_٢٠_ (أريدك رغم استحالة ذلك)
_٢١_ (زوجى السابق )
_٢٢_ (قُبلة و مجموعة جُثَثٌ)
_٢٣_ (الإختطاف السعيد)
_٢٤_ (باتت حلالى و كل حالى)
_٢٥_(معركة دموية)
_٢٦_(ليلة زفاف كارثية)
_٢٧_(ليلة عيد)
_٢٨_ (كان القبول طوق نجاة)
_٢٩_ (كلانا لدية تجربة سابقة)
_٣٠_ (العديدُ من المعاركِ)
_٣١_ (كُتِبَ علينا الفراق)
_٣٢_(أحدهم يبكى و الآخر يرفرف عاليًا )
اقتباس٥ ( فتاتى الصغيرة)
(التعريف بمرض مايا)
_٣٣_ (نتعايش أم نتداعش ؟!)
_٣٤_ (راقصة بمبادئ)
_٣٥_ ( قصيدةٌ جميلةٌ )
_٣٦_(الغضب الساطع آت)
_٣٧_(رفض من جميع الجهات)
_٣٨_(نَقَشَ فوق جسدها)
_٣٩_( لاجئ أم خائن ؟!)
_٤٠_(مَلاَك مُحْتَجَز)
_٤١_(نُقُوشٌ مُتبادلةٌ)
_٤٢_(ثلاثة قُبْل فوق ضريح الصقيع)
اقتباس_٦_ (لحن النهاية)
_٤٣_(الفَرِيسَةُ و الصَّيَّادُ)
_٤٤_(ليلةٌ مُلطخةٌ بالماضى)
_٤٥_(اختطاف أرعن)
_٤٦_(جسدٌ مُدنسٌ وروحٌ مُفارقةٌ )

_١_( الانطباع خاطىء)

6.8K 344 170
By Hader3112


السلام عليكم
الجزء الأول من القصة كان مخصص لشرح حياة الشخصيات و الأمراض
اسفه لو حد من حضراتكم حس بملل أو شاف أن الأحداث بطيئة ،بس الفكرة أن كل شخص فى الرواية اتعرض لظلم و طفولة قاسية أدت فيما بعد لتصرفاتهم الحالية ،و دا مش تبربر طبعًا، الغلط غلط مهما كانت أسبابه
،بس كنت  محتاجه أسلط الضوء كويس  على المعاناة الخاصة بيهم
و بعتذر مره تانيه لو حد من حضراتكم زهق من التفاصيل الكتير ،وان شاء الله الجزء الثانى يكون حد حسن ظن حضراتكم
__________________________________

٣٠/٠٣/٢٠٢٣
(الإنطباع خاطئ)

"أراقبكِ عن كثب فى الخفاء بينما فى العلن أتعمد تجاهلكِ بإمتياز ،أ يكون ذلك غباء أم عشق ؟! "
_غيث الحديدى
______________________________________

(الانطباع خاطىء )

أسرعت للخروج من تلك الغرفة، و وجهها مرسوم عليه كل معالم الفرحة بشدة، لاتصدق أنها ستتمكن من مساعدة والدتها و التخفيف عنها و لو قليلًا، حلم يتحقق أخيرًا
لكن هل تحقيق الأحلام بتلك السهولة و خاصة معها بالتحديد ؟!

قبل أن تقوم بفتح الباب وجدت من يغلقه واضعًا كلتا يديه، جاعلًا الفتاة كالعصفور الصغير المحتجز داخل قفص كبير، و كرد فعل طبيعى التفتت له مسرعة قبل أن يحتك بها و  لم تكن تعلم أنه قريب لتلك الدرجة، حيث اخترقت نبرة صوته أذنها، قائلًا بتهديد و وعيد:
المرة اللى فاتت خدت القلم قدام كل الكلية و هربتى منى، ملحقتش أردهولك
المرادى تحبى تاخديه هنا فى المكتب لوحدنا و لا برا قدام كل الموظفين ؟!

وقفت مكانها، لم تتمكن من الحراك، شعرت و كأن جسدها يرفض طاعتها، أو القيام بأى رد فعل هجوميًا كان أو دفاعيًا، بينما كانت نظرته قوية كأنها تخترق حصونها واحدًا تلو الآخر، لم يقصد المعنى الحرفي لحديثه، كان فقط بداخله يريد التلاعب ليس إلا، حتى هو نفسه لا يعرف كيف فعل ذلك ؟
فقط وجد نفسه يقوم بفعلته تلك و لا شىء آخر، حين ظل الصمت قائمًا بينهما وجدتها فرصة مناسبة، فصرخت بأقوى صوت لها، يكاد يجزم بأنها جرحت حنجرتها فقط من صرخة واحدة، و لم يكن مجرد صراخ بل تطاول الأمر حيث دفعته بحدة عدة مرات،كأنها أصيبت بحالة هستيرية، أو مس ما.
فابتعد عنها سريعًا لا يعرف ما أصابها ؟!
أهى مجنونة أم ماذا؟
و لكن قبل حتى أن يسألها ما بها ؟ كانت على الأرض متسطحة، فاقدة الوعى بعد أن راتحف جسدها يشكل غريب، و يا لها من مسكينة، فاقدة القدرة على المواجهة.

فى نفس التوقيت اقتحمت "هناء", الغرفة  و صرخت بوجهه ليخرج ، تعجب من رد فعلها و لكن قبل حتى أن يلقنها درسًا على تصرفها ذلك وجد موظفتان خلفها، يقومون بمساعدتها و حمل تلك الفتاة، و ضعوها على الأريكة الموجودة بالغرفة
رفعت "هناء" رأسها و وجدته مازال واقفًا أمام الباب بلا حراك، فذهبت بكل هدوء و أغلقت الباب بوجهه، لتكون  معالم الصدمة و التعجب مرسومة على وجهه بشكل غريب، لايصدق ما فعلته معه!
فهتف قائلًا لنفسه و الدهشة تعتليها بشكل جلي:
هى قفلت الباب فى وشى و لا أنا بيتهيألى ؟

و قبل أى يصدر منه أى رد فعل وجد من يقتحم المكان، كان يلهث بشدة، فقد أخذ الطريق جريًا حين سمع الموظفون يتهامسون بما حدث، و ما أن لمح صديقه، هتف متسائلًا بفضول:
هى فين؟ فين البت اللى بتصرخ فى مكتبك ؟ شاورلى عليها بس
طالعه "غيث" بغيظ مكتوم ثم راح يسأل :
عرفت منين؟
بدأ "أحمد"فى التقاط أنفاسه رويدًا رويدًا، و بعدها هتف بشرح لما سمعه حين كان يمر :
و أنا معدى سمعت كذا حد بيقول أن فى بنت بتصرخ فى أوضة المدير و الباب مقفول عليهم
هى وصلت للدرجادى يا "غيث"؟
طب قولى افهمك ازاى تتعامل مع البنانيت ؟ دا أنا الخبرة برده،و مش هخبى عنك أى حاجه،كل pick up line بتوعى رهن اشتراك ،بس متعرناش كدا
يا سيدى نجوزك حتى، بس متوصلشى للمرحلة دى، فضحتنا
زفر"غيث" أنفاسه بضيق شديد، و مازال يطالع ذلك الباب المغلق و يفكر بتلك الفتاة التى بالداخل، لكن همهمات صديقه جعلته يلتفت له، و يقول بنبرة جامدة:
تعرف تسكت، أنا مش مستحمل  حد، خاصة لو أنت

اقترب"أحمد"منه و حرك رأسه يمينًا و يسارًا بكلتا يديه ليرى إن كان هناك أى علامات أو خدوش، و هو يقول بتسائل ساخر:
هى علمت عليك ؟ و لا لا
اجيب مرهم ملطف ؟
دفعه "غيث" بعيدًا عنه و هو يقول بتهديد صريح:
أبعد ايدك دى عندى بدل ما أنا اللى أعلم عليك و أكسرلك التانى و لا نسيت

رمقه"أحمد" بنظرة ساخطة ثم قال مُتشدقًا بإستهجان:
مقدرش على الحمار اتشطر على البردعة، حِكم
زفر "غيث" أنفاسه بضيق و قال بحدة:
أحمد أنا مش فايقلك ،أنا اللى فيا مكفينى ،و بعدين أنت السبب
اتسعت عينه بصدمه ،ثم قال بطريقة مسرحية:
ألاه و أنا مالى يا لمبى
رد عليه بغضب شديد:
مش أنت إلى جيبها ،و أصريت أعينها كمان
انفغر فاه"أحمد" من الدهشة و شحب وجهه بينما قال:
هار أسود ،دى رنا، ،عملت ايه يا حيوان فى البت ؟
حرك "غيث"رأسه نافيًا و هو يقول بتبرير:
معملتش حاجه، دى فجأة صرخت ،وقعدت تزق فيا و أغمى عليها
عقد "أحمد"مابين حاجبيها متسائلًا بتعجب:
تزق فيك ازاى؟!
ثم صمت للحظات يحاول استعياب ما يقول ، لكن نظره صديقه جعلته يهتف بحدة:
أوعى تكون قربتلها يا غيث ،رنا مبتحبش أى تعامل قريب مع الmale
حرك رأسه سرعيًا نافياً ما يشير له صديقه ،ثم قال:
لا، أنا مقربتش أنا بس
لم يتمكن من إكمال حديثه ،فصاح "أحمد" قائلاً:
بس ايه ؟
تنهد "غيث"تنهيدة حارقة، ثم قال للهروب من هذا المأزق:
أحمد ،روح شوف فاقت و لا لا ، أنا خايف لو شافتنى تضايق
صمت للحظات ثم قال بحدة:
ومتبصش كدا
ذم"أحمد" شفتيه بتبرم ،ثم قال متسائلًا بإستهجان خفى:
ببص ازاى يا عنيا؟
جز "غيث"على أسنانه بضيق شديد ثم قال :
أنت عارف ،و غور من وشى أعمل اللى قولتلك عليه
رمقه "أحمد" بنصف عين و هو يقول :
طب قوم روح مكتبى و سبنى اتصرف ،و لا أقولك تعالى هخدك عشان محدش يبصلك بصه وحشه تقوم ضاربه ،أنا عارفك
قال ذلك ثم سحبه خلفه ،لكن "غيث" اعترض و قال بعد أن دفعه بحدة نسبيًا:
أنت بتتريق
حرك "أحمد"رأسه نافيًا و قال بمشاغبة تليق به:
لا بتكلم جد ،أنت فى نظرهم دلوقتى يا متحرش يا حاجه أنيل ،و متقوليش ايه الأنيل ؟عشان أخلاقى تمنعنى أقولها ،أنت عارفنى العيبه متطلعش منى

أنهى حديثه و دفعه بخفة ليسير معه باتجاه المكتب ،اعترض فى البداية لكن ما أن رأى النظرات المصوبة تجاهه رضخ فى النهاية و سار معه ،و عقله مازال شارد بتلك الفتاة و ما حل بها .
...................................................

(منزل الطبيب سامح)

كانت بغرفتها تبحث عن تصميم مناسب لفستان الخطوبة ،وجدت العديد من الأفكار المدهشة ،لكنها لا تعرف ماذا ستختار من بينهم ؟فقررت أن تستشير خطيبها المستقبلى و قبل أن تهاتفه تذكرت أمر هام ،فخرجت و قالت :
بابا،أكلم آدم يجى امتى؟
رد عليه بهدوء بينما كان يحتسى فنجان القهوة الخاص به:
أنا أى وقت عادى ، بس شوفى غيث هيقول ايه ؟
أومأت برأسها و قالت بسعادة :
تمام ،هكلم أبيه غيث و هو يحدد مع آدم
ثم التفت لوالدتها التى خرجت لتوها من المطبخ و قالت لها :
و أنتِ يا ماما ،ينفع أنا اللى أعمل الأكل يومها
تعجبت من حديثها و قالت:
يعنى مش عايزانى أساعدك
فكرت للحظات فى حديث والدتها ثم قالت بمشاغبة :
شوية صغيرين بس
تدخل والدها فى الحوار و قال بسخرية:
هتصفصف فى الآخر على أنها هتعمل السلطة و بس
التفت"ليلى" له و قالت بحنق شديد :
كدا يا بابا
قاطعتهم "همسه" و قالت بينما كانت تربت على كتف ابنتها بحنان:
لا حرام عليك يا سامح،دا حتى ليلى عليها طبق سلطة مفيش زيه اتنين
ابتسمت الصغيره بدلال و نظرت بفخر شديد و هى تقول لوالدها :
شايف يا بابا أتعلم من ماما شوية
نهض من مقعده و اتجه لزوجته وقال بينما وضع يده على كتفها و تعمد سحبها له لتضع بأحضانه :
و أتعلم ليه و أتعب نفسى؟ما الأصل موجود و هيدلعنى
ابتعدت "همسه" سريعًا و قالت بتوتر ملحوظ :
سامح ،عيب ليلى موجودة
كانت "ليلى" فى تلك الأثناء قد اتجهت لغرفتها و قالت بينما كانت تغلق الباب :
أنا مش هنا يا ست ماما
قالت ذلك و أغلقت باب غرفتها لتهاتف خطيبها المستقبلى ،بينما قال والدها بمرح :
أهى مشت و سبتنا ،طلعت بتفهم

و آخيرًا سيشهد هذا المنزل مناسبة سعيدة للإحتفال ،لكن هل السعادة ستدوم أم سيكون للقدر رأى آخر؟
...........................................................

(شركه العدلى group)

بعد أن استفاقت و عادت لوعيه ،نهضت مسرعة للخروج من هذا المكان ،أوقفتها هناء السكرتيرة ،و أعطتها مشروبًا منعشًا كى لا تفقد وعيها مره آخرى ،جلست بقربها تحاول الاطمئنان عليا و معرفة ما حدث ،لكن تلك الصغيرة رفضت الحديث ،كانت فقط ترتشف بعض القطرات من الكوب بيدها و تنظر بأعين فارغة لأنحاء الغرفة ،لتتأكد من أنه ليس هنا ،لاحظت هناء ذلك فقالت:
محندش هنا غيرنا احنا البنات ،استاذ غيث خرج أول ما أغمى عليكى ،أو بمعنى أصح طردته
أومأت برأسها و لم تعلق ،ضربات قلب متسارعة و أنفاس مضطربة و وجه شاحب تلك كانت حالتها ،أنهت الكوب و نهضت للخروج ،لكنها التفت لها و قالت:
ينفع تخرجى قبلى تشوفى لو فى حد برا و لا لا؟

لم تعلق اكتفت بايماءة خافته و خرجت لتتأكد من خلو المكان
عادت بعد ثوانى وقالت بطريقة دراميه:
المكان فاضى ،مفيش صريخ ابن يومين معدى
ابتسمت بخفه على تعليقها ،فبادلتها هناء الابتسام فقد نجحت فى التخفيف من حد الموقف و لو لبعض الوقت ،أفسحت لها الطريق و خرجت و قبل أن تخطو خطوتها الأخيرة من تلك الغرفة، جاء هو و وقف أمامها مباشرة و قال متسائلًا بنبرة مضطربة:
أنتِ كويسه؟
أومأت برأسها دون أن تعلق ،فقال هو:
تمام يلا عشان أوصلك،وقبل ما تعترض أنا اللى عليكم السكشن الجاى ،و مبحبش طالبتى المميزة تتأخر ،معرفشى أشرح كدا
ابتسمت على حديثه و أفسح لها المجال لتسير معه ،بينما كانت نظرات الموظفين مصوبة ناحيتهم بشكل غريب
منهم أعين ذلك الدنىء ،نائب رئيس الاتحاد سابقًا و موظفًا رسميًا بالشركة حاليًا

.........................................................

(فى المشفى)
كان يباشر عمله فى المشفى القريبة من منزله ،منذ عامين كاملين و هو يعمل بها ،كون سمعة طيبة و مرضى يحبونه بشدة ، أنهى عمله مع المريضة الحالية و ودعها بوقار ،ثم دخلت الممرضة بعد أن خرجت ،فقال لها بعملية:
ها يا سميحه ،دخلى اللى عليه الدور
أومأت برأسها و قالت بإقتضاب:
حاضر يا دكتور

دخلت مريضة تبدو فى العشرينات من عمرها ،القت التحيه على الطبيب ، ورد عليها بروتينه بعد أن عرف اسمها و عمرها، ثم بدأ فى اسألته العمليه :
و حضرتك بتشتكى من ايه ؟
رد عليه المريضة قائلةً بآسى:
أنا و جوزى بقالنا شهرين متجوزين
،شهرين كاملين ولسه محملتش
رد"آدم" عليها بروتينية فقد اعتاد هذه الأسئلة :
بس دا شىء عادى يا مدام ريهام ،ميستدعيش القلق ،دا غير أنك تبدأى تقلقى بعد سنه من الجواز مثلًا مش شهرين بس
حركت المريضة رأسها رافضةً حديثه و قالت بإسهتجان:
يعنى ايه يا دكتور ،أنا لو محملتش فى ظرف أسبوع هيتجوز عليا،و أنا لسه حتى معداش سنه على حوازنا ،دى الناس تاكل وشى
ارتدى"آدم" نظارته الطبية و قال بعملية:
تمام ،تقدرى تطلعى على السرير دا
ثم ضرب بالجرس المرتبط بمكتبه و حضرت على أثره الممرضة ،فقال لها :
تعالى يا miss صفا ساعديها
بعد أن كشف عليها و تأكد من بعض الأشياء ،اتجه لمكتبه و خلع نظارته ،اعادت المريضه ضبط ثيابها ثم نهضت و لحقت به ،و ما أن جلست أمامه ،قال :
أنا مش شايف أى مشكله عند حضرتك ،و فى أول الجوزا عادى الحمل يتأخر شوية، و لو أمكن يعنى جوز حضرتك يجى يكشف و نطمن عليه برده
شهقت المرأة بطريقة فجة و قالت برفض تام:
يا ندامه ،يجى يكشف ايه بس ،دا كان يطلقنى فيها
حاول التغاضى عن طريقتها تلك و قال بعمليه :
تمام يا مدام ريهام ،دى شوية فيتامينات ياريت تنتظمى عليها و ربنا يسهل إن شاء الله
رمقته بطريقة مستفزة ثم قالت بضيق:
تمام يا استاذ
تمتمت بينها وبين نفسها و لكن صوتها كان مسموعًا حيث قالت بسخرية:
قال فيتامينات قال ،أنا هروح للدايه أم سميحه وهى هتدينى المفيد ،أدى آخرة الدكاتره

اعترضت الممرضه على طريقتها و قالت باستنكار :
شوف الوليه
زفر "آدم"أنفاسه بضيق و قال :
ريحى دماغك يا صفاء ،مش كل عيان هنعد نعرفه ازاى يتعامل معانا ،خلينا نخلص
أومأت " الممرضة صفاء"برأسها و قالت متسائلةً :
تمام يا دكتور ،معتش فى حد برا ،حضرتك هتروح و لا هتستنى شوية؟
حرك"آدم" رأسه نافيًا ثم قال بعض أن خلع معطفه الطبى :
لا هروح و لو جه حد ،رنى عليا

بعد أن خرج طالعته الممرضة بهيام و عشق ملحوظ و قالت:
ياريتك تحس بيا ،وقلبى الغرقان بحبك

يبدو أن هناك فصل جديد يمكن أن يعرقل قصة حبه الأفلاطونية ،لكن أ يسمح بذلك ،أم يحارب لأجل من يحب و يتحدى كل الصعاب ؟
...................................................

عاد لمنزله بعد أن مر على البقالة و اشترى بعد المستلزمات الأسبوعية،دخل من باب العماره حاملًا العديد من الأكياس ،صعد أول درجتين من السلم و لكنه تفاجىء بالذى يهرول له من الأعلى و هو يقول بفرحة شديدة:
عمو آدم
رد"آدم" عليه قائلًا بسعادة:
حبيب عمو آدم ،بقالك كتير مطلعتش عندى ليه ؟
رد "زين"عليه قائلًا بمشاغبة :
عشان أوحشك و تفكر فيا، و تنام تحلم بيا
اتسعت عينى "آدم"من حديث ذلك الصغير ،و وجد نفسه يقول ببلاهة :
ايه ايه ؟ مين اللى قالك الكلام الكبير دا يا زين
ابتسم له الصغير و قال بخجل :
دى رودى، زميلتى فى سنه تالته
لاحظ "آدم" خجله فقال متسائلًا بخبث:
حلوه؟
أومأ الصغير برأسه و قال بسعادة عارمة و هو يقوم بوصفها:
قوى قوى يا عمو، و بتعمل ضفاير طويلة و ريحة شعرها حلوه دايمًا
صعد على السلم مُتجهًا لمنزله و لحق به الصغير وما أن دخل المنزل وضع الأكياس بالمطبخ التفت لزين و قال متسائلًا:
و ايه كمان يا صغنن؟ كمل وصفك لست رودى بتاعتك
ابتسم "زين"باتساع حين أدرك أنه مهتم بحديثه و قال بينما كان يعد على أصابع يده فى صفاتها :
و صغيره خالص بتقع كتير و أنا بروح اقومها و أجيبلها مصاصه عشان متزعلشى
و سنانها اللى قدام وقعوا و قعدنا ندور عليهم كتير و فى الآخر ملقنهمش، بس أنا قولتلها أنها أحلى بسنان و من غير سنان فباستنى فى خدى
حاول "آدم" الا يضحك ويحترم حديثه كى لا يجرح مشاعر هذا الصغير ،فهتف متسائلًا :
طب رودى قالتلك تبطل تشوفنى
حرك "زين"رأسه نافيًا و قال بتوضيح :
لا رودى اللى بطلت تجى المدرسة يوم و يوم و يوم فلما سألتها قالت كدا ،فأنا قولت أعمل كدا معاك عشان بحبك
خلل "آدم"شعره بأصابع يده و قال:
واضح أن الجيل الجديد بدأها بدرى قوى
تحب تاكل ايه النهارده لو يعنى الست رودى معندهاش مانع ؟
صمت الصغير للحظات يفكر فيما يحب تناوله ،ثم هتف قائلًا بسعادة:
ينفع مكرونه ؟
أومأ برأسه و قال :
ينفع يا صغنن

أنهى حديثه و بدأ فى إخراج المكونات المطلوبة لوجبة اليوم ، ثم بدأ الإعداد بإحترافية شديدة و الصغير يراقبه وابتسامة واسعه تزين ثغره

.............................................................

(بمنزل الست فاطمة)

كانت الست فاطمة و ابنتها تتناولان الافطار سويًا فى جو هادىء غير معتاد، فشقيقتها غائبةً اليوم و هى لا تطيق المناكفة سوى معها ،انهت طعامها على عجاله و حملت حقيبتها و قالت بينما تتجه لباب المنزل:
أنا همشى بقي يا ماما، يدوبك الحق رنا كدا
أومأت والدتها برأسها و قالت بحنان:
تمام يا حبيبتى ،فى رعاية الله

رحلت ابنتها و ظلت بالمنزل و حيدة ،اعادت ترتيب الطاولة ،و غسلت الأطباق المتسخة و بعد فتره جاءت صديقتها ،فقد قررا اليوم اعداد وليمة لهم جميعًا بمناسبة العطلة الغير متوقعة ،فقالت "الست منى"بينما تحتسى الشاى:
بفكر أعمل رقاق ،رنا بتحبه
حركت"الست فاطمة" رأسها موافقةً و قالت :
و ديما كمان بتحبه ،و وعد بتاكل أى حاجه مبتقولش لا
ابتسمت صديقها و قالت بينما تتجه للمطبح بعد أن أنهت المشروب الخاص بها:
عاملين معاكى ايه العيال دى ؟
لحقت بها "الست فاطمة" و قالت :
مطلعين عينى يا منى ،بس على قلبى زى العسل
ربتت على كتفها و قالت :
أنتِ ربنا هيكرمك يا فاطمة ،لأنك ربيتها و محسستهاش أنك مش أمها ،دا أمها لو كانت عايشه مكنتش حبتها قدك
تنهدت بحرارة و قالت بينما كانت ومضات الماضى ترفرف أمامها :
أنا أوقات بنسى انى مش أمها أصلًا يا منى ،الاتنين عندى واحد ،بحبهم زى بعض ،الاتنين دول الحاجه الوحيدة الحلوة فى حياتى
ابتسمت "الست منى" باتساع و قالت :
هما يتحبوا فعلًا ،خاصة الشقية الصغيرة ،كل يوم و التانى عليها حوار و مشكله بس متعرفيش تزعلى منها ،تخطف قلبك كدا
بادلتها الابتسام بينما كانت تخرج بعض الأطباق الكبيرة لتبدأ فى إعداد مكونات الغداء ،ثم قالت بمرح :
وعد دى مصيبه،بس أحلى مصيبه جت فى طريقي

فى تلك الأثناء كان ابنتها قد عادت للمنزل فبعد أن وصلت لموقف السيارات عرفت بأن هاتفها مفقود و تذكرت أنها لم تضعه بحقيبتها من الأساس ،دخلت المنزل بهدوء و لكنها سمعت بعض الهمهمات الصادرة من المطبخ ،فاتجهت إلى مصدر الصوت و كانت تلك الصاعقه ،ابتعدت سريعا ،فقد أوشكت على السقوط من هو الصدمة ،تمتت بخفوت غير مصدقة:
يعنى أنا مش بنتها ،أومال أنا بنت مين؟ بنت حرام

كانت صدمة لا يمكن توقعها ،لكن أ يمكن أن يكون هناك سوء فهم ،أم تلك الحقيقة المجردة من أى تزييف؟ لا أحد يعلم ،لكن بالتأكيد هناك يوم ستنكشف به كل أوراق تلك العائلة ،فمازال هناك أسرار كثيرة خلف منزل عائلة الحسينى ،و بالمنزل المجاور أيضًا
....................................................................

وقف أمام منزلها يفكر فيما سيقوله،ليس جيدًا حين يتعلق الأمر بالمشاعر ،هو فقط جيد بالعنف و الغضب أما تلك المشاعر الضعيفة لا ،لكنها اقتحمت قلبه بدون إرادته فما العمل
طرق الباب فى النهاية و انتظر بهدوء أمام عتبة الباب ،مطأطأ رأسه للأسفل ،إلى أن فتحت هى و وقفت أمامه،رفع رأسه و نظر مباشرة لعينها ،لم يتحدث ظل فقط يراقب ملامحها ،فهتفت هى قائلةً:
فى حاجه يا أستاذ مالك ؟
رد "مالك"عليها قائلاً بتوتر:
اذيك يا عفاف ،اخبارك ايه؟
أجابته قائلةً بإقتضاب:
الحمدالله ،حضرتك محتاج حاجه ؟
خلل"مالك" شعره بأصابع يده و قال بتوتر ملحوظ:
أه ،هو بصراحة أنا جايبلك الهدية البسيطة دى بمناسبة تخرجك ،هى متأخرة شوية ،بس معلشى على ما عرفت أجبلك ايه
حركت"عفاف" رأسها رافضةً و قالت بلباقة :
شكرا يا أستاذ مالك ،بس أنا آسفه مش هقدر أقبل منك حاجه ،عن اذنك
قالت ذلك و أغلقت الباب لكن قبل أن توصده نهائيًا وضع مالك قدمه مانعًا إياها ،ففتحت و على وجهها علامات الضيق ،فاسرع قائلًا:
مش هتعرف ،صدقينى مش هقبل أنها تمد أيدها عليكى تانى
حركت رأسها نافيةً و قالت بتوضيح كى تنهى هذا الأمر:
الموضوع ملهوش علاقه بيها ،استاذ مالك ،احنا ملناش أمل سوا ،فبلاش نتعب نفسنا على الفاضي ،أنا مقدره مشاعرك لكن صدقنى مينفعشى ابن صاحب البيت يكون مرتبط ببنت الخدامه ،أنا منفعكش،أنت فين و أنا فين
كان "مالك" يستمع لها و بداخله ثورة و رفض شنيع ،لكنه هتف قائلًا فى النهاية :
لو عايزه تبصلها كدا ،فتمام مينفعشى دكتورة ترتبط بخريج تجاره زى ،أنتِ ناسيه انى اللى مقدملك الورق فى الجامعة بايدى،أنتِ عاليه قوى يا عفاف،أعلى منى بكل المراحل ،ياريتك تشوفى نفسك فى عينى هتعرفى أن كل كلامك دا ملوش معنى بالنسبالى
حركت"عفاف" رأسها رافضةً و قالت بألم:
أحنا مننفعش لبعض
رفض حديثها و قال بنبرة جامدة :
لا ينفع ،أنا حر أتجوز البنت اللى أحبها و اللى عايزها،لو دا العائق الوحيد فى علاقتنا ،فمتقلقيش مش هيوقفنى ،أنا هتجوزك غصب عنهم كلهم
و لكنها هسمت متسائلةً بخفوت :
طب و رنا
كان سؤالًا عاديًا لم تقصد منه أى شىء ،لكن كان سؤال فى الوقت الخاطىء و للشخص الخاطىء
و بلمح البصر دفعها لباب المنزل بحدة و اقترب منها هاتفًا بعنف غريب لا يلائم ما كان يتحدث به منذ اللحظات :
متجبيش اسمها على لسانك أنتِ فاهمه
قال ذلك بينما كان يقف أمامها مباشرة لا يفصل بينهما سوى سنتيمترات ضئيلة، أسودت عيناه و شعرت هى بالرعب و الخوف منه فهتفت بهمس خافت جاهدت بشدة لكى تقوله:
ابعد عنى
لم يتحرك و كأنه لم يسمعها من الأساس فكررت طلبها قائلةً:
مالك أبعد أنت بتخوفنى كدا
زفر أنفاسه بوجهها ،و ضربات قلبها كانت متسارعة للغاية من شدة الرعب و قالت برجاء :
مالك بقولك أبعد
لم ينفذ طلبها ،بل ظل مكانه ،ينظر بغضب شديد ،كأنه شخصًا آخر و من تقف أمامه ليست حبيبته
دفعته فى النهاية بقوة لا تعرف من أين مصدرها وأغلقت الباب فى وجهه بقسوة ،وقف هو يطالع أثرها بألم غريب ،ترك هديته أمام الباب ورحل ،رحل و بينه و بين نفسه يلوم ابنة عمه على كل ما حدث ،و تلك البجاحة بحق
بينما كانت بالداخل تستند على الباب و تكتم شهقاتها بكلتا يديها كى لا يسمعها

من كان يصدق أن ينتهى اعترافه العاطفى بقسوة كتلك
أ يشفع له مرضه كل ما يقترفه؟

.....................................................................

(منزل غيث الخاص)

بالمساء
كان بمنزله الخاص ،يقف بشرفته يطالع النجوم بفراغ رهيب ،كان يومًا حافلًا ،لا يصدق أنه قابلها بعد كل تلك الفترة ، حزن بشدة على سوء الفهم و فقدانها للوعى لكن بداخله كان يطير فرحًا فقد رآها أخيرًا ،و هناك فرصة ليراها يوميًا إن أكملت العمل معهم
قطع أفكاره تلك صوت جرس الباب،زفر أنفاسه بضيق ثم ذهب لذلك المتطفل ،فتح الباب فاعتقد الزائر أنه سيدخل لكن "غيث " اعترض طريقه و قال:
مش مدخلك
طالعه صديقه بغيظ شديد ثم قال بتذمر واضح:
خليك جدع بقى يا غيث
لكن"غيث" حرك رأسه رافضًا و قال بسخط شديد:
بقى أقولك يا واطى روح شوفلى فاقت و لا لا ،تقوم تاخدها و تمشى ،و سبتنى فى الشركة مستخبى فى مكتبك لغاية ما كل الموظفين يمشوا ،أنت متخلف ياض؟
ابتسم"أحمد" باتساع حين تخيل حالة صديقه ،و قال :
اعملك يا ايه غيوث ؟ ما أنت اللى فضحتك بقت بجلاجل يا عمرى
زفر"غيث" أنفاسه بضيق شديد ،و قال بينما كان يجاهد بحدة ألا يفقد آخر ذرة تحمل لديه و يفتك بذلك المشاغب:
روح يا أحمد، روح بدل ما ارتكب جنايه وتنزل فى جرايد بكرا
حرك"أحمد"كتفه بلامبالاة ثم قال :
و ماله ،بس أحب أعرفك أنها هتكمل فى الشغل معانا
رد "غيث"عليه متظاهرًا بالجهل :
هى مين ؟
طالعه "أحمد" بنصف عين ،ثم قال بسخرية بينما دخل للمنزل و أغلق الباب خلفه:
هعمل نفسى مصدقك ،بس المهم هتيجى من الأسبوع الجاى ،بس شرطها متتعاملش مع أمثالك
اتسعت عنيه بصدمة و انفغر فاهه لينطق قائلًا:
نعم !
أومأ "أحمد"برأسه و قال مسترسلًا:
أه و كمان ،شتمتك شوية شتايم يا غيث ،أنا والله ما أعرف معناها بس شكلهم كدا شتايم كبيرة و البنت مثقفه ما شاء الله عليها ،فنصيحة بلاش تحتك بيها، دى تجرصك بالفصحى، نقطة ضعفك
جز "غيث"على أسنانه بغيظ شديد ثم قال بعنف:
غور من وشى حالًا
رد "أحمد" عليه متشدقًا بسخرية صريحة:
مقدرش على الحمار اتشطر على البردعة
أصلًا مش عايز اقعد معاك، "ياسمين" عاملالى منبار، ناس ليها تهزيث و ناس ليها المحمر و الفريك
سلام يا حُب
قال ذلك ثم اتجه لباب المنزل ليرحل ،لكن قبل أن يغلقه أطل برأسه و قال بمغزى ساخر:
من الحق يا غيث ،المرة اللى فاتت ضربتك بالقلم المرادى أنت ردتهولها ولا ايه ؟
عقد "غيث"مابين حاجبيه متعجبًا و هو يقول متسائلًا بحيرة غريبة و استنكار داخلى :
هو ايه ؟
طالعه"أحمد" بحاجب مرفوع و هو يقول :
القلم يا جميل
و بمجرد أن قال ذلك هرع "غيث" إليه دون حتى أن يرتدى نعله، فهبط "أحمد" على السلم بسرعة قصوى و هو يقول كلما التفت ليرى هل لحق به صديقه أم لا؟! :
أقسم بالله ما أنت نازل خليك فى بيتك معزز مكرم، متقلش من نفسك عشان عيل زى، عيل و غلط و أنت الكبير

و فى النهاية فشل"غيث" فى اللحاق به فعاد أدراجه، أغلق الباب و دخل، و لكنه فجأة قال محدثًا نفسه بدهشة :
غريبه هو الواد دا عرف منين أنها نفسها ؟

لم يكن يعرف بأن لمدة عامين كامليين كان ذلك المشاغب يتقرب منها لأجله ، ليعرف كل شىء عنها ،بينما كان صديقه يرسم ملامحها فى كل ورقة تقابله، أيمكن أن يكون صديقه هو الساحرة الطيبة لقصتهم ،أم هناك فائدة مشتركه؟

..............................................................

(بمنزل الست فاطمة)

حل الصباح آخيرًا
لم تنم ،لم يغفل لها جفن بعد تلك الحقيقة التى عرفتها بالأمس ،لا تصدق أن بعد كل تلك الأعوام تكتشف أنها ليست ابنة تلك العائلة،كانت تنظر للسقف بفراغ غريب ،دخلت والدتها إلى الغرفة لتعرف لما لم تتستيقظ حتى الآن ،لكنها تفاجأت بها ،ظلت تردد اسمها لأكثر من مره لكن ابنتها لم تجبها بل لم تسمعها من الأساس ،اقتربت منها و جلست على الفراش ،مسدت على شعرها بحنان ،حينها انتفضت الفتاة من الصدمة ،نظرت لها بخوف شديد و تعجبت والدتها من حالتها تلك،ظللت تردد اسم الله لأكثر من مره كى تطمئن ابنتها ،و بعد فتره هدأت قليلًا و تمكنت من التنفس بمعدل طبيعى، ابتسمت لها والدتها و قالت:
بقيتى كويسه؟
حركت الفتاة رأسها و لم تجبها ،نهضت من فراشها و اتجهت للمرحاض ،تاركة والدتها خلفها لا تعرف كيف تتصرف معها ؟
لم تتمكن تتوقع أن ذلك السر المخفى لأكثر من عشرين عامًا انكشف هكذا بكل بساطة، ما هذا العبث

..................................................................

(بالمنزل المجاور)

نهضت بحماس شديد،لقد تناست ما حدث بالأمس بكل بساطة و استيقظت على أمل جديد و عزيمة قوية ،كانت دائمًا تتصرف بتلك الطريقة ،تجرح كثيرًا و تتظاهر بالتئام جروحها ،فى بعض الأحيان يكون التئامًا حقيقيًا و البعض الآخر تستحق عليه جائزة الدوليه التشريفية فى الإدعاء
توضأت وأدت صلاتها ،ثم خرجت متجهة للمطبخ كى تساعد فاليوم العطلة
قالت بحماس ما أن رأت والدتها:
تحبى أساعدك فى ايه يا ست الكل ؟
ابتسمت لها "الست منى "باتساع و قالت :
صباح الخير يا ست البنات ،ولا أى حاجه الفطار جاهز و اللبن على النار و دقايق بس و نكون بنفطر كلنا برا
بادلتها "رنا"الابتسام و قالت بينما كانت تتجه للخروج :
طب حلو هروح أنادى عليهم
أومأت الأم برأسها ثم قالت بينما كان تركيزها منصب على المخفوق التى تعده ببراعة:
روحى يا حبيبتى

بعد دقائق بالفعل كانوا يتناولون الطعام سويًا ،فى جو صاخب ملىء بالدعابات و المناوشات ،إلا هى ظلت صامتة،لا يصدر منها أى رد فعل ،حتى الطعام لم تمسه قط،لاحظت صديقتها ذلك فهتف متسائلةً:
مالك يا وعد ؟ مش بتاكلى ليه؟
هتفت"وعد" قائلةً بضيق :
مليش نفس ،عن اذنكم
قالت ذلك ثم انصرفت متجهة لمنزلها بالتحديد غرفتها،أغلقت الباب خلفها و تركت المجال لدموعها ،فمنذ أن عرفت الحقيقة و هى ساكنة صامدة قوية بشكل مخيف ،و كانت تلك ردة فعل طبيعى تدعى بالصدمة ،و ها هى الآن تتحرر من صدمتها بدموعها و لكن ما ذا عن فؤادها هل تحرر هو الآخر ،أم مازال عالقًا؟
نهضت"رنا" من مقعدها بعد أن تناولت بعد اللقيمات و قالت :
أنا هروح أشوف مالها
ردت عليها "ديما" قائلةً :
أجى معاكى ؟
حركت"رنا" رأسها رافضةً و قالت بتوضيح :
لا خلينا لوحدنا شوية ،و لو معرفتش أتصرف هطلب النجدة
أومأت "ديما "رأسها و قالت بمرح بينما كانت تتناول إحدى الشطائر :
تمام و النجدة على أتم الاستعداد

اتجهت لمكان صديقها ،طرقت على باب غرفتها مرة واحدة ،فكفكفت وعد دموعها سريعًا و تظاهرت بالنوم و أحكمت الغطاء من حولها ،لكن صديقتها أزاحت الغطاء عنها و قالت:
أنا عارفه أنك مش نايمه ،فبطلى تمثيل
ردت "وعد"عليها قائلةً بملل:
مش نايمه أه بس عايزه أنام ،أخرجى و سبينى
اقتربت"رنا" منها و جلست على الفراش بحذر ثم قالت متسائلةً:
مالك يا وعد ؟
ردت عليها بإقتضاب:
مليش
فكررت سؤالها بعد أن أمسكت بكف يدها و مسدت عليه بحنان :
فيكى ايه يا وعد؟
زفرت أنفاسها بضيق و قالت :
مفيش
طالعته بسخط شديد ثم هتفت بتذمر بعد أن أمسكت بأذنها كمعاقبة لها :
لا الشغل دا لما أبقى خطيبك و بتدلعى عليا ،لكن فوقى أنا صاحبتك
أبعدت"وعد"يدها عنها ،ثم قالت برجاء:
رنا تعرفى تسكتى خالص و تسبينى أنام و أحط راسى على رجلك
طالعتها لبرهة و لاحظت نبرة الحزن من صوتها و قالت:
طب استنى
قالت ذلك ذلك ،ثم صعدت على الفراش و اسندت ظهرها للحائط ، ثم أشارت لصديقتها بأن تأتى و تستريح قائلةً:
يلا تعالى نامى
رحبت بذلك ،رأسها على قدمها و رنا تسمد على شعرها بحنان ، كانت تحتاج لذلك بشدة ،تحتاج للاحساس بالأمان و الانتماء ،و صديقتها لبت احتياجها ببراعة

بعد فتره جاءت شقيقتها لتطمئن على حالها ،فتحت الباب و أطلت برأسها فأشارت لها رنا بالهدوء كى لا توقظ تلك النائمه ،ابتسمت لها و أومأت برأسها ثم خرجت ،و قفت أمام الباب و هى تشكر الله سبحان وتعالى لأن لديهم صديقه وشقيقه مثل رنا ،بالماضى كان ذلك الموقف العابر قد يسبب الضيق بقلبها و إشعال نيران الغيرة لكنها اليوم لا ترى سوى الحب و الإخلاص

.........................................................

(جامعة القاهرة)

كان قد أنهى جزء من عمله و اتجه إلى الكافتيريا ليتناول بعض المقبلات الخفيفة ثم يعود و يكمل الباقي ،لكنه تفاجىء بالجالسة أمامه و قالت:
أذيك يا أحمد ،مش بتسأل بقالك فترة
رد عليها بإقتضاب متحاشيًا النظر بعينها :
الحمدالله يا مايا،معلشى مشغول،أطلبك أكل معايا؟
تضايقت من طريقته فقالت مُسرعةً بينما كانت تنهض للمغادرة:
لا شكرًا مش عايزه
أمسك كف يده و قال :
استنى ،اقعدى و أنا دقيقتين و هجيب الأكل
أومأت برأسها ولم تعلق بينما ذهب هو ليحضر الطعام

بعد دقائق معدودة عاد و حاملًا مع العديد من الأشياء ،عصائر معلبة ، و شطائر كثيرة و بعض المقبلات
ابتسمت له وبدأت فى تناول الطعام برفقته ،إلى أن هتف مرة واحدة :
مش بنت عمك اتعينت عندنا فى الشركة
كأنها لم تستوعب ما قاله،فهتفت متسائلةً ببلاهة:
شركة ايه ؟
ابتسم بسخرية و هو يقول :
شركة العدلى group يا مايا
أومأت برأسها و لم تعلق ،و تظاهرت بتناول الطعام و لكن بداخلها هناك صراع عنيف ،و لا أحد يعرف على ماذا سينتهى هذا الصراع ؟

..................................................................

(بالإسكندرية)

كان يستعد لنقل أمتعتهم بالسيارة بالأسفل ،بينما كان ابنه يحمل ألعابه التى يحبها وويضعها بحقيبة كبيرة كى لا تتلف أو يصيبها شىء ،و قف هو أمام صورة قديمة معلقة بإطار ثمين و قال:
سلام يا حج ،مكنتش أتمنى أسبب البيت اللى اتولدت و اتربيت فيه عشان رحتك محاوطاه بس غصبن عنى ،حكم القوى
ثم التفت إلى الإطار المجاور له و قال:
هتوحشينى يا وفاء ،بس متقلقيش هحافظ على ابننا زى ما بتتمنى ،و على نفسى عشانه، رغم أن الطريق اللى ماشى فيه أخرته الموت

أنهى حديثه مع ذكريات الماضى ثم اتجه ليحمل الحقائب و يهبط للأسفل بينما لحق به ابنه الصغير يعاونه

لا أحد يدرى أن طريقه الجديد ملىء بالألغاز و المفاجأت سعيدة تارة و مؤلمة تارة آخرى ،و لكنها الحياة

............................................................

(منزل الست فاطمة)

بالمساء
استيقظت من ثباتها العميق ،وجدت رسالة ورقية موضوعة بجانبها ،فتحتها و قرأت ما بها ،ابتسمت على هذا اللطف الذى يحيط بها ،نهضت و خرجت من غرفتها لتقابل شقيقتها التى كانت تشاهد التلفاز فى الصالة ،فسالتها قائلةً:
بقتيى كويسه دلوقتى ؟
أومأت "وعد"برأسها و قالت:
أه ،هى ماما فين؟
أجابتها "ديما"بينما كان كل تركيزها منصب على التلفاز أمامها:
عند طنط منى ،بيعملوا المحشى عشان بكرا
لم تحبها بل اتجهت للمطبخ لتعد أى شىء تأكله فهى لم تأكل منذ الأمس تقريبًا ،لكن شقيقتها أوقفتها و قالت متسائلةً:
مقولتليش رنا هتشتغل فين ؟
ردت "وعد"عليها ثم أكملت طريقها للمطبخ :
فى شركة العدلى group
بينما تسمرت الآخرى بمكانها ،خائفة من كشف حقيقتها و الأسوء خائفة على عشقها المستحيل
ما العمل فجميع أوراقنا المخبأة بعناية حان وقت إظهارها ؟

....................................................................

صباح يوم الجمعة ، يوم ملىء بالبركة و العادات الإسلامية الجميلة ،استيقظت رنا على صوت طرق عنيف على الباب ،خرجت مسرعةً على إثر الصوت ، تفاجأت من قدومها وقبل أن تسألها ،تحدثت الأخرى:
البسى طرحه بسرعة و انزلى، وعد ماسكة خناقة فى نص الحارة و أمى و أمك مش عارفين يتصرفوا
بالأسفل كانت "وعد"تقف فى نصف الحارة ممسكةً بياقة قميص ذلك الصبى و تقول بحدة:
مش أنا يا حموكشه اللى تاخد دورها فى عربية الفول ،لا دا عليا و على اعدائى
تدخلت والدة الصبى و قالت برجاء:
يا ست وعد حقك عليا الواد ميقصدش
لكن"وعد"هتفت فى وجهها قائلةً بعنف:
اقعدى على جنب أنتِ يا أم حموكشه ،دا تار بينى و بين ابنك ،ويا أنا يا هو النهارده
دا زقنى و وقعنى فى الأرض ،دا نهار أبوه أسود
رد عليها ذلك الصبى قائلًا بلامبالاة:
هتعملى ايه يعنى؟دا أنا لو نفخت فيكى أطيرك
لطمت أم ذلك الصبى بمجرد أن قال ذلك ،بينما شهقت امرأة من خلفها و قالت:
هار أسود ،الواد كدا مات
طالعته "وعد"بغضب شديد ،و هتفتت قائلةً مرة واحدة:
طلبتها ونولتها يا حموكشه

و بلمح البصر خلعت حذائها وهوت به على رأس ذلك الشقى ،والنساء من خلفها يصرخن و لا أحد يمكنه الاقتراب خائفين من والدها (ذلك البلطجى )
و كلما اقتربت والدتها لتنهى ذلك العراك، رفضت وعد الاستماع لها و واصلت ما تفعله ،غير عابئةً بحالتها الصحية هى فقط تريد التخفيف من حملها بما تفعله ،كانت تلك طريقتها للهروب من ألمها ،المعارك و الصراعات ،طريقة غريبة و لكنها طريقة فعالة ومثبة

هبطت رنا و ما أن رأت المنظر صدمت بشدة ،كاتت النساء على جانب الطريق تصرخن بصوت عالى ،و صديقتها تمسك برقبة ذلك الصبى و لا تريد تركها ،بينما و الدتها تحاول بشتى الطرق أن تنهى هذا العراك برفقه الست فاطمة ،لكن بلا فائدة ،تدخلت رنا ،و طلبت منها التوقف لكنها لم تعرها أى انتباه ،كأنها لا تراها من الأساس ،حاولت الإمساك بيدها و جعلها تفلت ذلك الصبى لكنها دفعتها بحدة ،مما أدى إلى ترنح جسدها و سقوطها على الأرض ، لم يكن سقوطًا قويًا و لكنها تظاهرت بالاغماء ،بعد أن غمزت لديما كى تكمل هى المسرحية ،فهمت عليها سريعًا و بدأت فى الصراخ قائلةً:
الحقينى يا وعد ،رنا أغمى عليها
و كانت تلك صفارة الإنقاذ ،تركت الصبى و هرعت لصديقتها هبطت لمستواها و قالت برجاء :
رنا ،فوقى يا حبيبتى ،و الله مكنشى قصدى ،حقك عليا
وقبل أن تزرف الدمعة الأولى من الخوف نهضت صديقتها و قالت بسخرية بعد أن صفعتها على جبهتها:
مكنشى قصدك برده ،دا أنت زقتينى بعزم ما فيكى ،أنت لا يمكن تكونى تعبانه ،أنت بتضحكى علينا و ملبسانا العمة
ردت عليها "وعد" قائلة بتذمر:
كدا يا رنا ،توقعى قلبى
ابتسمت لها و قالت بعند طفولى :
ما أنت وقعتينى على الأرض كدا متعادلين

وجاء ذلك الصبى حاملا بيده طبق الفول و قال :
خدى يا ست وعد ،حقك عليا ،مش هاخد دورك تانى
حركت"وعد" رأسها رافضةً و قالت بتهديد صريح:
لا خلاص يا حموكشه أنت الصغير برده ،حلال عليك الفول ،بس لو مرة تانية أخدت دورى هقلبها دم ،أنا بقولك أهو ،و الكوره ملهلاش علاقة بخناقتنا ،هنكمل لعب متقلقش

قاطعتهم والدة الصبى و قالت بإستهزاء خفى:
تشكرى يا ست وعد، طول عمرك بنت أصول ،و أبوكى ليه أفضال على كل أهل الحارة ،بيسد فى اى خناقة
تدخلت "الست فاطمة " و قالت بآسف حقيقي :
معلشى حقك عليا يا أم حموكشه،و الله أنا فى نص هدومى منكم
ردت عليها "أم حموكشه" قائلةً بحرج:
متقوليش كدا يا ست فاطمة، و هو احنا أغراب دى وعد دى متربيه على ايدينا و عارفينها ،وابنى برده غلط و قل أدبه وكان لازم يترىبى

وانتهت تلك المسرحية بانتصار الشقيه و عادت لمنزلها بعد أن أحضرت طبق فول جديد ،حيث أفسح الجميع لها المجال لتأخذ ما تريد ،فلا أحد له الجرأة ليفعل فعلت ذلك الصبى ،كان درسًا قاسيًا و تعلمه الجميع بإحترافية

.................................................

(منزل آدم)

تجمع الأصدقاء الثلاثة فى هذا اليوم المبارك ، و عادوا لتجمعاتهم السابقة المرحة،حين كانت مبارة كرة القدم بالنسبة لهم روتين اسبوعى لا يمكنهم التهاون به ،بالأسفل أمام البناية كانت أصواتهم عاليه مسببين ضوضاء لا يمكن الاستهانة بها ،حيث صاح "غيث" قائلًا :
باصى يا أحمد ،متبقاش أنانى بقى ،أنت أحول أصلًا
حرك الآخر رأسه رافضًا و قال بضيق:
لا أنا اللى هجيب جون ،مش كل مرة أنت
و لكنه بدلًا من أن يسددها فى المرمى الخاص ألقاها بالاتجاه المعاكس ،فترك"آدم" مكان حارس المرمى و جاء ليصفعه أسفل مؤخره رأسه بينما يقول بإستهزاء:
يا ابنى قالك أحول مبتصدقوش ليه ؟
حرك "أحمد" كتفه بخيلاء و قال:
عادى يعنى ،مرة واحدة غلطت فيها
فى نفس اللحظة هبط زين من منزله و نظر لهم بسخط شديد ،كان "آدم" أول من لاحظ وجوده ،فهتف مرحبًا:
ازيك يا زين ،اخبارك ايه ؟
رد "زين"عليه قائلًا بتذمر شديد:
مقولتليش انكم هتلعبوا
أجابه "آدم" بتوضيح بعد أن هبط لمستواه و داعب وجنتيه :
عديت عليكم و خبطت كتير بس محدش رد ،فاعمل ايه بقي؟

و فى نفس التوقيت صدح آذان الضهر عبر مكبرات الأصوات فى الجامع القريب من المنزل ،فقال "غيث "بحماس:
يلا الضهر بيأذن
ابتسم "آدم" له ،ثم التفت للصغير و قال بتشجيع:
يلا يا زين هتيجى تصلى معانا فى الجامع
حرك الصغير كتفه بقلة حيلة و قال:
مش بعرف اصلى أصلًا
ابتسم"آدم" له و قال :
تمام هنروح نصلى و لما أرجع فكرنى عشان أعلمك ،ماشى؟
بادله الصغير الابتسام و قال بمرح:
تمام يا عمو آدم
تدخل "أحمد" فى الحوار و هتف قائلًا باستفزاز:
سلام يا صغنن
لم يعجب الصغير بذلك ،فركله بقدمه و قال بتذمر طفولى :
متقوليش ياصغنن ،عمو آدم بس اللى يقول

وقبل أن يتهور أحمد ،سحبه غيث و لحق بهم آدم للأعلى ليبدلوا ثيابهم و يتجهوا للجامع ،بينما لوح الصغير لهم بإبتسامة مشرقة .
................................................................

فى بداية يوم جديد ،استعدت لعملها بحماس ،فاليوم هو بداية العمل كموظفة رسمية بالشركة ،مازالت حتى هذه اللحظه لم تخبر والدتها ،فهى تعلم أنها سترفض و تجعلها تترك تلك الفرصة التى جاءت بمحض الصدفة كما تعتقد ،لذلك لم تخبرها و قررت العمل إلى أن تحصل على راتب أول شهر ثم بعدها تخبرها و حتى تتأكد أن العمل لن يتعارض مع مهامها الدراسية ،كانت تجربه لها و تريد نجاحها بأى شكل
ارتدت ملابسها على عجالة و لكنها لاحظت أن قلادتها مفقودة ،بحثت عنها فى كل أرجاء الغرفة و مع ذلك لم تجدها حاولت أن تتذكر متى كانت تريدها آخر مرة؟و كانت الصاعقة أنه اليوم الذى قابلته بالمكتب

حاولت التغاضى عن الآمر و عدم التفكير ،و إكمال استعدادها و حين تعود ستبحث مجددّا و ستجدها بالتأكيد

تناولت طعامها برقبة والدتها ، ثم ودعتها وا تجهت لوجهتها الخاصة ،راجية بأن يمر اليوم بدون أى متاعب،لكن ماذا إن كانت المتاعب المحببة للقلب؟

وصلت للشركة و صعدت إلى الطابق الذى ستعمل به ،و أثناء مرورها التفت لمكتبه ،كانت بين صراع من أن تدخل و تسأل عن قلادتها و تكمل طريقها و تعود للبحث فى منزلها مرة آخرى ،لكنها حسمت الأمر و دخلت بعد أن طرقت الباب ،رفعت "هناء" رأسها و ما أن رأت الطارق قالت بمرح:
بتدورى على سلسلتك صح ،أنا لقتها المرة اللى فات و عنتها لغاية ما ترجعى

أخذتها منها و شكرتها و حين همت بالخروج و جدت باب غرفته يفتح و خرج منها ،بلمح البصر اختبأت خلف هناء، وقف للحظات يحاول استيعاب ما تفعله ،أتخشاه حقًا
رمقها بنظرة غاضبة ثم هم بالرحيل لكن هناء أوقفته و قالت :
لحظه يا master غيث فى كذا ورقه محتاجه توقيعك عليها
عاد أدراجه و جلس على الكرسى الموجود أمام مكتبها ،أعطته تلك الأوراق و بنفس اللحظه صدح صوت هاتفها ،فأذن لها بالإجابة، أومات برأسها و خرجت ،تاركةً الزيت و النار سويًا

لم يرفع رأسه كى لا يراها و تشعر بالخوف منه ،بل ظل منكبًا على الأوراق بيده ،لكن القلم الذى بحوزته لم يعمل جيدًا ،فرفع بصره باحثًا عن قلم آخر على المكتب و لكنه لم يجد ،فهتف قائلاً بخشونه:
شوفى فى قلم عندك كدا فى الأدراج

لم تجبه ،بل ظلت مكانها ساكنةً ،فكرر حديثه بطريقة أعنف:
مش بقولك شوفى فى قلم فى الدرج ولا لا،ايه مبتسمعيش؟

نفذت طلبه و لا تعرف حتى لما فعلت ذلك ،لكن تلك الأدراج كانت مغلقة و الوحيد المفتوح كان فارغًا ،رفعت رأسها له و حركته يمينًا ويسارًا ففهم أنها لم تجد ،زفر أنفاسه بضيق و نهض متجهًا لغرفته لكنها أوقفته قائلةً:
لحظة لو سمحت
قالت ذلك ثم أخرجت من حقيبتها قلمًا لكنه ليس كأى قلم ،بل كان طفوليًا للغاية،لونه أحمر و بنهايته زهرة غريبة و غلافه العلوى مرسوم عليه إحدى شخصيات الكرتون الكوميديه

حاول جاهدًا كتم ضحكته لكنه لم يستطع ، فزين ثغره بسمة لم يعدها من قبل ،بينما وقفت هى مأخوذة بسحر تلك البسمة،لكنها حركت رأسها سريعًا كى تعود لوعيها و تستفيق من تلك الخيالات ،اقترب منها و أخذ ذلك القلم و فى نفس التوقيت عادت هناء من الخارج و اعتذرت عن تأخرها ،تفهم ذلك و أنهى الأوراق بيده ،ثم نهض ليرحل ،لكنها أوقفته قائلةً:
قلمى لو سمحت
التفت لها و ناولها إياه ،فامسكته من طرف و ظل هو ممسكًا بالطرف الآخر ،فرفعت هى حاجبها كرد فعل طبيعى ،فهتف قائلًا :
الانطباع الأول بيدوم ،و يسعدنى أقولك أن دا اسوء انطباع خدته عن حد فى حياتى
قال ذلك بمنتهى البساطة و رحل تاركًا إياها وفاهها مفتوح من هول الصدمة و من خلفها هناء لا تصدق أن ذلك مديرها البارد الذى لا يلقى بالًا بأحد ،التفتت رنا لتحمل حقيبتها وترحل لكن "هناء" أسرعت و قالت:
طبعا لو حلفتك أن دى أول مره أشوفه بيتعامل مع حد كدا مش هتصدقنى ؟
هو فى العادى gentle جدًا مع ال female بجد، مش فاهمه ايه اللى حصل ؟!
حركت "رنا"رأسها نافيةً و قالت بسخرية:
لا هصدقك ،شكلها طاقه منه على الآخر أصلًا ،الحمدالله مش هتعامل معاه، شغلى كله مع دكتور "أحمد"

أنهت حديثها ثم أخذت حقيبتها و خرجت ،و لا تعرف أن ذلك المكتب سيشهد العديد من الأشياء بينهما ،حزينة و سعيدة ،مزيج رائع لا يمكن تصديقه
..................................................................

(منزل الست منى)

حل المساء سريعًا ،كانت بغرفتها سعيدة بأول يوم عمل لها ،لولا ذلك المتسلط كما أسمته، لكان اليوم أفضل يوم بحياتها ،لا تصدق أن مجرد كلمات عابرة ألقاها جعلها تستشيط غضبًا لساعات عديدة و لولا انشغالها بما وكِل لها لكان اليوم بأكمله ضاع بسببه،أنهت ما طلب منها و راجعت بعض النقاط الهامة ففي الأيام القادمة هناك العديد من الاختبارات بالجامعة ، من المفترض أنها مفاجئة لكن معرفتها الشخصية بالمعيد جعلته يسرب لها بعض المعلومات الهامة ،التى كانت سعيدة بمشاركتها مع صديقتها ليستعدوا جيدا للاختبارات
وبينما هى منكبة على المذاكرة وجدت باب غرفتها يطرق وحتى قبل أن تأذن بالدخول ،دلفت والدتها و برفقتها زائرة ،
كانت ابنة عمها ،ابتسمت لها و رحبت بها بينما ذهبت والدتها لتعد لها بعض المشروبات و المقبلات الشهية
جلست مايا على الكرسى الذى وجدته أمامها و قالت:
جبتلك هدية ،اتمنى تعجبك

أخذتها منها و بداخلها فضول غريب لترى ما لون الحذاء هذه المرة ،ففى كل مناسبة تأتى بحذاء فاخر ذو لون حاد ،و لكن هدية هذه المرة لم تكن فقط حذاء بل ثوبًا فاخرًا أيضا ،يليق بالمناسبات الأرستقراطية ،التى لم تحضرها من قبل

ابتسمت بسعادة بعد أن رأت الثوب و بدأت فى الرقص معه كأنه رفيقها فى أمسيتها الساحرة ،راقبتها مايا بسعادة هى الآخرى و لكن بداخلها كانت تصارع نفسها بألا تبوح بما جاءت لأجله من الأساس ،لكنها هتفت مرة واحدة كى لا تتراجع:
عرفت أنك اتعينتى فى شركة العدلى group يا رنا

توقف ما أن قالت ذلك و أسرعت بإغلاق باب غرفتها كى لا تسمعها والدتها ،ثم قالت بهمس :
وطى صوتك ماما لسه متعرفشى
أومأت"مايا" برأسها ،ثم قالت مسترسلةً:
تمام،عجبك الشغل ؟
ردت عليها "رنا"بفرحة عارمة:
أه جدًا،و دكتور أحمد بيشرحلى كل حاجه مش فاهماها ،و كمان حاسه أنه هيفدنى فى دراستى جدًا
و بدون أى مقدمات هتفت متسائلةً:
قابلتى غيث شريكه؟
شعرت بالقلق من سؤالها و لكنها هتفت قائلةً بإقتضاب:
أه ،شوفته مره كدا
فهتفت"مايا" قائلةً بحدة غريبة:
متتعمليش معاه يا رنا
تعجبت "رنا"من طريقتها ،فهتف قائلةً بتوضيح :
هو أصلًا شغلى مش معاه ،أنا مع دكتور أحمد ،بس ليه يعنى ؟
توترت للغاية حين سألتها ،و لكنها صاحت بعنف غير مبرر:
من غير ليه يا رنا ،متتعامليش معاه و خلاص
اتسعت عينى"رنا" بصدمة من طريقتها و لكنها ربتت على كتفها و قالت بهدوء:
تمام هدى نفسك ،مش عايزه أتعامل أصلًا
تنهدت "مايا"بحرارة ،ثم طالعت الساعة بيدها و قالت متحججةً:
أنا اتاخرت لازم أمشى
أومات"رنا" برأسها ثم تبعتها للخارج و هى تقول :
تمام ،شكرا على الهدية عجبتنى
ابتسمت لها ثم رحلت دون أن تتفوه بأى حرف اضافى ،فقد فعلت ما جاءت له
بينما وقفت رنا أمام الباب متعجبة من كل ما حدث ،و لكنها حاولت نفض تلك الأفكار و إكمال عملها

ولم تكد تدخل غرفتها حتى سمعت طرقًا على باب المنزل ،فذهبت لترى من ؟
رحبت بالزائرة و أفسحت لها المجال ،جلسا سويًا على الأريكة الموجودة بالصالة و قالت:
ماما عاملة مشمشية جامدة ،أجيلك طبق يا ديما ؟
حركت رأسها و قالت:
لا شكرًا مش عايزة ،أنا عرفت أنك اشتغلتى فى شركة العدلى group
وما أن قالت ذلك عرفت أن هناك خطب ما ،فهتفت متسائلةً بقلق :
أه ،ليه فى حاجه ؟
أومأت "ديما" رأسها و قالت بتوضيح:
بصراحة أنا كمان بشتغل فى الشركة دى ،بس ماما و وعد ميعرفوش ،وقبل ما تسالى ليه، لأن المرتب كله بديه لبابا ومش عايزه ماما تعرف ،أو وعد ممكن تتخانق مع بابا
طالعتها بحنق شديد لأنها تقبل دائمًا أن يتم استغلالها ،فهتف "ديما" قائلة بتذمر:
متبصليش كدا ،بابا محتاج فلوس و واجبى أساعده
أومأت"رنا" برأسها و قالت :
تمام يا ديما ،متقلقيش محدش هيعرف ،أنا كمان ماما لسه متعرفشى
حركت"ديما" رأسها موافقة و قالت بسعادة:
خلاص سرنا فى بير

ابتسمت لها و لم تعلق بينما كانت الآخرى تفرك أصابع يدها بقلق شديد ،و توتر ملحوظ ،إلى أن هتفت متسائلةً :
رنا ،قابلتى دكتور غيث؟
حركت"رنا" رأسها نافيةً بسرعة و قالت :
لا ،لا مقابلتوش
أومات"ديما" برأسها بحرج شديد ،ثم قالت:
تمام ،يفضل متتعامليش معاه يعنى
خللت"رنا" شعرها بأصابع يدها و قالت بتوتر:
أه،أه تمام ماشى
ابتسمت ديما باتساع ،ثم نهضت لتغادر المنزل ،رافقتها رنا وعلى وجهها ابتسامة مغصوبة ،حتى لا تلاحظ ديما توترها و قلقها و بمجرد أن خرجت أغلقت الباب سريعًا
فى نفس اللحظة كانت والدتها تخرج من المطبخ ومتجهة لغرفة ابنتها و هى تحمل طبق كبير به العديد من المقبلات ،لكنها تعجبت من حالة ابنتها الغريبة ،كانت تقف مستندةً بظهرها على الباب و يعلو ملامح وجهها الصدمة ،فهتفت متسائلةً بقلق:
فى ايه يابنتى ؟مالك واقفه ورا الباب كدا ليه ؟
رد"رنا" عليها قائلةً دون وعى :
دا طلع casanova

و كانت تلك بداية تعارفهما ،و كل منهما يحمل انطباعًا خاطىء عن الآخر، و لكن متى اهتم الفؤاد بتلك الأشياء ؟

"أعود مُحملًا بخيبات الماضى، مهزومًا و وحيدًا فأقابل عينيكِ ،و حينها أعرف نوعًا آخر للهزيمة،  أنتِ"
_غيث الحديدى

_يتبع_
_الجزء الثانى، الفصل الأول_
_مريض نفسي بالفطرة _

______________________________________

Continue Reading

You'll Also Like

189K 9.8K 65
سَنلتقي .. رُبما يكون لقاءً بارداً تكتمُ فيه غيرتك وأمسكُ فيه لِساني عن اُحبّك ستنظر اليّ ، وسأنظر للجميع عداك .
3.4K 389 10
_لا نرىٰ "أعين مغلقة بغشاء البؤس فغفلت عن ما يحاوطها" _بؤس "كلمة جمعت أصدقائها" _عائلة "سعادة، شقاء" وكلما أغمضتُ عيني تتقاذف الأسئلة لـ عقلي ومن...
7.6K 328 32
كيف تحيي الفتاة فى حماية المتملك، فهو متملك يعشقها ويحبها حد الجنون، وهى تحتاج الامان والحماية ولكنها لاتعرف الحب فهل ستتعلم الحب على يد المتملك ام س...
1.4M 116K 52
قصة حقيقة بقلمي الكاتبة زهراء امجد _شال ايدة من حلگي بعد مصاح مروان رجعت كملت جملتي اكرهك انت اناني متحب بس نفسك كأنما معيشنا بسجن مو محاضرة !!! مروا...