مريض نفسى بالفطرة

By Hader3112

723K 30.5K 9.8K

مريض حُكِمَ عليه بعيش الازدواجية فى كل شىء ، إلى أن قابلها، منحته قلبها رغم معاناتها السابقة ولكنه رفض البوح... More

اقتباس1( لست ليث،أنا غيث)
_١_ (صفعةُ تعارف)
_٢_ (جدى يريد عودتى)
_٣_(صدمةٌ مُبرمجةٌ )
_٤_ (أنا القاتل)
_٥_ (الإنفصالُ فرصة ثانية )
_٦_ (لا أريدك يا أمى )
_٧_ ( حب ناضج لمراهقة صغيرة )
_٨_(بيت جدى مجددًا)
_٩_( ما ذنبى إن كنت تحب فتاة تحبنى؟)
_١٠_( قامت بخيانتى)
التعريف بمرض غيث
_١١_ (نوبة غضب)
_١٢_(بقاءٌ قسرى)
_١٣_( أب برتبة عدو)
_١٥_ عشر(عائد لكِ يا حبيبتى)
التعريف بمرض الطبيبة منال
_١٤_( دماءُ زوجتى الراحلةُ )
_١٦_ (ذلك الوغد مجددًا)
_١٧_(لست ليث، أنا غيث)
التعريف بمرض ديما
_١٨_(حب من طرف واحد)
_١٩_(غارق فى دمائه)
_٢٠_( وحشتنى عنيكى )
_٢١_ (الكل عاشق )
_٢٢_(حقائق بالجملة)
_٢٣_(الانتقام الحلو)
_٢٤_(رصاصة خائنة)
_٢٥_( المواجهةالحاسمة)
التعريف بمرض مالك
_٢٦_(كان ضحية بالأمس)
_٢٧_ (وداعًا بيت جدى)
_٢٩_ (الحقيقة المؤلمة)
_٣٠_(قابلها مجددًا)
_١_( الانطباع خاطىء)
_٢_(مشاغبة من الطرفين )
_٣_( غيث واحد لا يكفى)
_٤_ ( من المصاب ؟)
_٥_(الغيرة اللذيذة)
_٦_(باغتها بعقد القران)
_٧_(أشباح الماضى تطاردها)
_٨_(فارق الحياة )
_٩_( رفضها يصيبنى بالجنون)
_١٠_(فرصة ثانية للفؤاد)
_١١_( اكتئاب حاد )
_١٢_ (أحبك رغم أنف قبيلتى)
_١٣_(هل تقبلين الزواج بى؟)
_١٤_ (خطوبة و جثة )
التعريف بمرض مالك ٢
_١٥_( فليحترق العمل أمام حُسنكِ)
_١٦_ (حُلو مرى)
_١٧_ (أخوض لأجلكِ ألف حرب )
_١٨_(أقبلينى كما أنا )
_١٩_ (تطاول على صغيرتى أمام عينى )
التعريف بمرض محمد العدلى
_٢٠_ (أريدك رغم استحالة ذلك)
_٢١_ (زوجى السابق )
_٢٢_ (قُبلة و مجموعة جُثَثٌ)
_٢٣_ (الإختطاف السعيد)
_٢٤_ (باتت حلالى و كل حالى)
_٢٥_(معركة دموية)
_٢٦_(ليلة زفاف كارثية)
_٢٧_(ليلة عيد)
_٢٨_ (كان القبول طوق نجاة)
_٢٩_ (كلانا لدية تجربة سابقة)
_٣٠_ (العديدُ من المعاركِ)
_٣١_ (كُتِبَ علينا الفراق)
_٣٢_(أحدهم يبكى و الآخر يرفرف عاليًا )
اقتباس٥ ( فتاتى الصغيرة)
(التعريف بمرض مايا)
_٣٣_ (نتعايش أم نتداعش ؟!)
_٣٤_ (راقصة بمبادئ)
_٣٥_ ( قصيدةٌ جميلةٌ )
_٣٦_(الغضب الساطع آت)
_٣٧_(رفض من جميع الجهات)
_٣٨_(نَقَشَ فوق جسدها)
_٣٩_( لاجئ أم خائن ؟!)
_٤٠_(مَلاَك مُحْتَجَز)
_٤١_(نُقُوشٌ مُتبادلةٌ)
_٤٢_(ثلاثة قُبْل فوق ضريح الصقيع)
اقتباس_٦_ (لحن النهاية)
_٤٣_(الفَرِيسَةُ و الصَّيَّادُ)
_٤٤_(ليلةٌ مُلطخةٌ بالماضى)
_٤٥_(اختطاف أرعن)
_٤٦_(جسدٌ مُدنسٌ وروحٌ مُفارقةٌ )

_٢٨_ ( تطاول بما فيه الكفاية)

6.8K 330 191
By Hader3112

١٧/٠٣/٢٠٢٣
( تطاول بما فيه الكفايه)

يحاصرنى ماضى لا أريد تذكره ،و حاضر يتفنن فى إذلالى ،ومستقبل لا ملامح له ،أ يكمل المرء يومه مع كل هذا، أم يقرر الرحيل للأبد تاركًا كل المعاناة لمن سيأخذ جسده فى الحياة الآخرى؟ يا له من عبث .

.....................................................................

(بمنزل الحج راشد)

ترك يدها على أثر صرختها تلك ولكنها فقدت توازنها وسقطت ،كانت تتخبط بدرجات السلم الواحدة تلو الآخرى  دون توقف ،كان جسدها يتلقى صدمة بعد صدمه ولا يمكنه الرد أو التمسك بشىء  وفى النهاية وجدت نفسها على الأرض يدها أسفل رأسها وبقعة دم كبيره حولها،كالجثة ،بلا حراك
صرخت والدتها من هول هذا المشهد،لا تصدق أن ابنتها أمامها غارقة بدمائِها ،وذلك الوحش يقف بالأعلى دون أى رد فعل

هرعت والدتها لموضع سقوطها وهى تصرخ بهلع شديد وتلطم وجهها عدت مرات لا تصدق أن تلك صغيرتها بينما اتجه العم جمال للأعلى ليلقن هذا الوحش درسًا قاسيًا لكن "الست منى" هتفت بصراخ:
الحقنى يا جمال ،البت مش بترد

وبلحظة واحدة تجمع كل أهل المنزل ، اتجه العم جمال ليحمل تلك المسكينة ولكن الحج راشد اعترض وقال بنبرة جامدة لا تقبل النقاش:
أبعد يا جمال ،اللى هيشلها عمها ، أنت مش من محارمها يا جمال
نظر له بكره شديد وغضب وصل لذروته لكنه لم ينطق بشىء ،صمت ونيران مشتعله تتلاعب به
حملها عمها بحرص شديد بعد أن أعلمته مايا كيف يحملها حتى لا يسبب لها أى مضاعفات فقد أحضروا شىء يشبه لوح الإسعاف و وضعوها عليه بخفة شديدة ثم اتجه هو والعم جمال إلى السيارة بينما كانت الست منى تسير خلفهم بدموع منهمرة
أسرعت مايا تحضر مفاتيح سيارة والدها، صعدت السلم تلاقت عينها مع شقيقها وهتفت بهمس خافت :
أنا بكرهك
ولكنها أكملت فى طريقها فلا شىء مهم بتلك اللحظة سوى إنقاذ الضحية ومعاقبة  الجانى سيحين وقتها فيما بعد،لكن إن كان بالماضي لم يعاقب بالشكل الذى يستحقه رغم دناءة فعله ،فماذا عن اليوم ؟

تحركت سيارتان من بيت عائلة راشد ،وظل بالمنزل سهير وابنها ولا أحد آخر

كان يقف بنفس المكان أعلى درجات السلم بلا حراك ،تطلعت له والدتها ونظرة الرضا والسعادة تعتليها بشكل غريب ،فما حدث شىء مُفرح بالنسبة لها غير عابئة بصراع ابنها وتقلباته النفسية
صعدت بخفه ثم وقفت أمامه ،ربتت على كتفه قائلةً:
كنت عارفه أن ابنى هياخدلى حقى، محدش فى البيت دا بيحبنى غيرك يا مالك ،كلهم هنا بيكرهونا أنا وأنت ،أحنا ملناش غير بعض يا حبيبى
حرك "مالك" رأسه نافيًا وهو يقول بحزن واضطراب شديد:
مكنشى قصدى ،مكنشى قصدى أنها هتقع ،كل حاجه حصلت فجأه ،صدقينى
ابتسمت"سهير" بسخرية وقالت بخبث وحقاره:
مصدقاك يا حبيبى

نظر لها بغضب شديد ثم تركها ودخل غرفته صافعًا الباب خلفه بعنف شديد ،بينما وقفت هى بالخارج تطالع آثره بضيق ،محدثةً نفسها:
مضايق ليه دا ؟ مش دا اللى كنا عايزينه من الأول

قالت ذلك ثم انصرفت لغرفتها تاركة خلفها مريض مذبذب لا يمكنه الخلاص رغم توقه بشده لذلك .
أ يمكن أن نسامح المذنب إن علمنا بقسوة ما تعرض له ؟
اليوم كان الذنب أقبح من العذر، ولكن غدًا ماذا سيكون؟

....................................................................

(بمنزل والدة وعد)

كانت بغرفتها مُنكبة على مذاكرتها وأبحاثها المطلوبة منها غافلة عما حدث لصديقتها ،وبالخارج جلست والدتها وشقيقتها يشاهدون التلفاز وأمامهم بعض الأطباق التى تحمل مقرمشات ومعجنات لذيذة وأصوات ضحكاتهم عالية للغاية ،أغلقت وعد دفترها وخرجت لهم وعلى وجهها علامات الامتعاض والسخط الشديد
هتفت "وعد"قائلةً بغضب :
ناس ليها الفرجه والضحك وناس ليها المذاكرة والقرف
ابتسمت "ديما" بسخرية ثم قالت بينما كانت تتناول قطعة معجنات صغيرة :
ادخلى ذاكرى يا طالبة، مش عارفين نركز فى الفيلم بسببك
زفرت"وعد" أنفاسها بضيق  ثم قالت بتهكم  :
على حد علمى أنك طالبه زينا يا أخت ديما ،ولا طلعتى على المعاش بدرى بدرى
أجابتها شقيقتها قائلةً بطريقة مسفزة:
طالبه أه ،بس مورييش أبحاث يا قلب ديما
زمت "وعد" شفتيها بتبرم ثم هتفت قائلة بضيق :
عجبك كدا يا ماما؟  شايفه بتذلنى ازاى؟
حركت والدتها رأسها رافضةً ووجهت حديثها لابنتها الآخرى حيث قالت:
عيب يا ديما ،أختك الصغير برده متضايقهاش
طالعتهم "وعد" بسخط شديد ثم قالت :
عيله صغيره أنا هيضحك عليا كدا يا ماما
تدخلت "ديما" قائلة  بتسائل لتنهى الحوار بأكمله :
انجزى وقولى عايزه ايه ؟
ابتسمت "وعد" حين وصلت لمبتغاها ثم قالت بدلال:
ساعدينى عشان اخلص بسرعه وأسهر اقعد معاكم
ابتسمت "ديما "بسخرية وهى تقول :
ولو قولتلك لا
طالعتها "وعد" بنظرة تفهمها جيدًا ،تحمل خلفها الكثير ،ثم قالت:
ما بلاش ،أنت عارفه اللى فيها
حركت"ديما" كتفها بلا مبالاة وهى تقول بتسائل ساخر:
هتعملى ايه يعنى ؟
رفعت"وعد" حاجبها الأيمن وهى تقول بمغزى واضح وصريح:
أنتِ عارفه كويس أنا هعمل ايه
قطبت والدتها حاجبيها متسائلةً بتعجب:
هو ايه دا يا وعد؟
توترت "ديما"بشدة حين فهمت ما تحاول شقيقتها الإفصاح عنه ،فهتفت قائلةً :
لا لا ياما مفيش حاجه ،هى وعد كدا بتحب تضايقنى ،بس أختى الصغيره ولازم مساعدها برده
ابتسمت والدتهما بحنان وهى تقول:
ربنا يحميكم يا حبيبى ،وتفضلوا كدا سند لبعض
ردت "ديما" عليها قائلة  بهدوء:
يارب يا ماما
ثم التفت لشقيقتها وهى تسحبها خلفها بينما كانت تقول :
قدامى يا لمضه
ردت"وعد" عليها قائلةً باستفزاز كعادتها :
قدامك ولا وراكى
حركت"ديما" رأسها بمعنى لا فائدة ثم قالت :
مش بقولك لمضه
ردت "وعد" عليها بمشاغبة تلائمها :
بس بتحبينى
توقفت ديما فى مكانها لم تتحرك ،كأن أفعى قامت بلدغها ،تعجبت شقيقتها من صمتها فالتفت لها تسألها ولكن قبل أن تتحدث هتفت "ديما"قائلةً بنبرة جامدة غريبة:
أنا مش رنا يا وعد،أفهمى دا
ابتسمت "وعد" بسخرية وهى تقول بشكل عابر لا غرض منه  :
و أنت تطولى تبقي زيها أصلاً
أمسكت"ديما"  بساعد  شقيقتها الأيمن بحدة وهى تقول بنبرة مضطربه:
لا مش عايزه أكون زى حد يا وعد، أنا ديما،فاهمه أنا ديما 
أومأت "وعد"برأسها حين رأت حالة شقيقتها تلك ،ثم قالت بتوضيح كى لا يحدث سوء فهم :
أنا كنت بهزر على فكرة، مش قصدى حاجة
لم تتغير ملامح "ديما" بل ظلت جامدة كما كانت وهى تقول:
بس أنا بتكلم جد

كان موقفًا غريبًا ،لكن له دوافع كثيرة ،ليس كرهًا بل رفضًا، لكن أيكون الرفض ذلك مجرد رفض عابر أم يتحول فيما بعد لشىء سىء إن ارتبط بالعشق؟ لا أحد يعلم اليوم،لكن بالغد قد يعلم  الكل
..................................................................

(بمنزل آدم الخاص)

كان الثلاثة بالمطبخ يحاولون صنع شىء جديد شاهده غيث على التلفاز و آثار فضوله
كل منهم كان له دوره الخاص ،فأحمد يقوم بتقطيع الخضروات، و آدم يعد الحساء وغيث المسئول الرئيسى عن طبق اليوم
وبينما كان غيث مشغولًا بما بيده كان أحمد يتهامس مع آدم بشىء ما ،فالتفت "غيث" لهما وقال :
مبحبش الكلام الجانبى
طالعه "أحمد" بسخط وهو يقول :
فاكرنا فى فصل حضرتك
ابتسم "آدم" باتساع ثم قال بسخرية:
تصدق كان هينفع قوى فى دور مدرس ،ولابس شميز كاروهات  ومعاه عصايه يضرب العيال الشقيه ذيك يا أحمد
رد عليه "أحمد" بينما كان يقطع بعض قطع الجزر :
عشان يتعصب مره واحدة ويضرب العيال ويلبس نفسه مصيبة،أنا لغاية الوقتى مش عارف ازاى الطلبه بتحبه؟
ابتسم "غيث" بألم شديد ولكنه تظاهر باللامبالاة ،فهتف قائلاً:
عندك حق يا أحمد ،ولا أنا عارف إزاى بيحبونى؟
توقف "أحمد" عما  كان يفعله حين شعر بفداحة ما قاله ،فالتف لغيث قائلاً بأسف شديد :
غيث مش قصدى ،آسف
رتب"غيث"  على كتفه وقال :
لا عادى ولا يهمك
لكن "آدم" صفعه أسفل مؤخرة رأسه وهو يقول بحدة:
مش هتبطل دبش بقى
ابتسم "غيث" على مظهرهم ولكنه هتف فى النهايه قائلاً:
سيبه يا آدم، خلينا نكمل شغلنا
أومأ "أحمد" برأسه وهو يقول بمشاغبة:
أه يا غيث أنا جعان
شهق "آدم"من وقاحة صديقه وهتف قائلاً بعدم تصديق بينما كرر صفعه مجددًا بنفس المكان :
وكمان معندكش دم
هتف "أحمد" بحنق شديد بينما كان يدلك موضع الصفعة بأصابعه:
فى ايه ياعم؟أنت مبتضربش حد غيرى
رد عليه "آدم" قائلاً باستفزاز:
ما مفيش حد يستاهل الضرب غيرك
زم"أحمد" شفتيه وهو يقوم بتبرم :
رخم
ابتسم "آدم" بسخرية بينما قال  :
بعض ما عندكم

أكملوا صنع الطعام فى جو لا يخلو من الضحك بوجود ذلك المشاغب ،لطاما كان مادة دسمة للمرح رغم كل ما يمر به ،تعيس أنا وسبب سعادة الآخرين
،مفارقة عجيبة ولكنها لذيذة

....................................................................

(بالمشفى )

وصلوا جميعًا وهرع طاقم التمريض بأخذ الفتاة على النقالة الخاصة ،بينما كانت والدتها تسير خلفهم بحزن شديد ودموعها لا تتوقف على الإطلاق، وقفوا خارج غرفة العمليات بعد أن دخلت رنا
ذلك المصباح أضاء بلونه الأحمر معلنًا عن حالة الطوارئ بالداخل ،بينما بالخارج القلق والخوف ينهمش بالجميع نهشًا

لم تتمكن من الصمود فسقطت جالسة على الأرض وهى تبكى بعنف ،اقترب صديق زوجها الراحل منها يحاول تهدئتها قليلًا فالوضع لا يتحمل مريض آخر ،يكفيهم اليوم
فهتف "العم جمال" قائلاً بهدوء:
هتقوم وتبقى كويسه يا منى ،مش هيحصلها حاجه إن شاء الله ،أنا متأكد من دا
لم تتمالك نفسها ودموعها كانت كالشلال لا تتوقف مهما حاولت ،لتقول فى النهاية بعدم تصديق :
بنتى ،بنتى ياجمال ،مش مصدقه اللى حصلها ،ليه كل دا يا جمال ؟هى عملت ايه لكل دا؟ حد يفهمنى
لم يكن "جمال"يعرف كيف يتصرف ؟هو حقًا عاجز عن فعل أى شىء ،ليجد نفسها فى النهاية يقول بأمل كأنه يحدث نفسه  :
أهدى يا منى ،عياطك مش هيفيد الوقتى ،كل اللى نقدر نعمله ندعيلها  ،ربنا كريم يا منى،رنا هتبقي كويسه صدقينى ،دى بنت حسام عمرها ما كانت ضعيفه يا منى
ورغم كل تلك المعاناة هتف ذلك الوحش قائلًا بدناءه ووقاحة تتنافى مع الموقف بأكلمه:
حلو قوى ،بنتك جوا بين الحياة والموت وأنتِ والبيه بتحبوا فى بعض قدمنا كدا عادى ؟
وقبل أن يجيبه المعنى بالآمر هتف "ابراهيم" قائلاً بإعتراض:
بابا
لكن والده قاطع حديثه ولم يدعه يكمل ما كان سيقول ،حيث هتف بنبرة جامدة:
اسكت ،اسكت خالص مش عايز اسمع منك أى دفاع عنها ،مش كل مره هتقف فى صفها، فوق بقى
تدخل "جمال" قائلاً بغضب شديد :
عيب على سنك يا حج راشد ،حفيدتك جوا وكلنا قلقانين عليها وكل اللى شاغل بالك الكلام القذر دا
ضرب "الحج راشد "بعصاه وقال بصوت جهورى :
أحترم نفسك
طالعه "جمال" بسخرية وهو يقول :
مش لما تحترم أنت نفسك
لم يتحمل "ابراهيم" إهانه والده أمامه  فهتف بغضب شديد محدثًا جمال:
جمال ،مسمحلكش تكلم أبويا كدا
نظر "الحج راشد" بفخر من رد فعل ابنه ،بينما هتف "جمال" قائلاً بنبرة جامدة :
أطلع منها يا ابراهيم ،أنا مش عايز أقول كلمة تزعلك منى،أنت أخو الغالى وفى مقام أخويا برده ،فبلاش يا ابراهيم

وقبل أن يحتد الموقف أكثر من ذلك تدخل أحد أفراد طاقم التمريض وقال بنبرة لا تقبل النقاش :
لو سمحتم أنتم فى مستشفي مش فى الشارع،الصوت العالى والمناقشات دى ممنوعه هنا ،فيستحسن تراعوا الهدوء والجو العام  وإلا هنضطر نخرجكم تستنوا المريضة بتاعتكم برا
شعر الجميع بالحرج الشديد نظرًا لتجمع الناس من حولهم ،فهتف "ابراهيم" قائلاً بآسف شديد :
احنا اسفين جدًا،أوعدك مش هنكرر الموضوع دا تانى

حرك رأسه  بتفهم ثم غادر دون أن يجيبه ،فقط أوصل تحذيره وإن خالفوه سينفذ تهديده فتلك مشفى وليست ساحة قتال 

.................................................................

(منزل آدم الخاص)

بعد أن تناولوا الطعام،حمل آدم الأطباق المُتسخه واتجه للمطبخ وتبعه غيث بينما ظل ثالثهم أمام التلفاز يبحث عن فيلم مناسب لسهرة اليوم
انتهى آدم من غسل الأطباق وتنظيف السفرة وأعد غيث المشروبات الدافئة ،وجلسوا أمام التلفاز سويًا ،يشاهدون ما يعرض دون تحدث ،إلى أن هتف" آدم "قائلًا بحماس:
نسيت أعرفكم ،أنا لقيت شغل
هتف "أحمد" قائلاً بسعادة :
بتهزر،صح؟
حرك "آدم" رأسه نافيًا ،فأكمل "أحمد" حديثه قائلاً بمرح:
خلصانه تعزمنا على أكله حلوه برا
انتظر آدم رد فعل صديقه،وعلم"غيث "بذلك فهتف متسائلًا بإقتضاب :
فين ؟
أجابه "آدم" قائلاً بشرح مفصل :
فى مستشفي جنبنا هنا ،الrate فيها مش أحسن حاجه بس أهو أى حاجه اشغل بيها نفسى لغاية ما أشوف الخطوة الجديدة ايه ؟
تدخل "أحمد" فى الحوار قائث ببلاهة:
طب حلو ،هجي أكشف عندك يوم،أهو أساعد الشباب المبتدأ اللى ذيك
لم يتمالك غيث نفسه فانفجر ضاحكًا بينما هتف "آدم" بنفاذ صبر:
أحمد يا حبيبى،للمرة المليون أنا دكتور نسا أفهم بقى
ذم "أحمد" شفتيه وهو يقول باستنكار:
أنا مش حبيبك
حرك "آدم" رأسه بمعنى لا فائدة وهو يقول:
ساب المشكلة ومسك فى الأطراف
تدخل "غيث" فى الحوار وقال بسخرية:
دا أحمد ،أتوقع منه أى حاجة
طالعه بحاجب مرفوع بينما قال متسائلًا باستهجان:
هو حد قالك أنى تعلب ولا حاجة؟
رد عليه "آدم" قائلاً بمغزى :
نص مشاكك كانت هتتحل لو كنت بس فى مكر التعلب
طالعه "أحمد" بسخط شديد وهو يقول :
ملكش دعوى بيا

وتابعوا ما يعرض على التلفاز ،كل منهم بعقل شارد بمشاكله الخاصة ،لكن كان الهروب حلهم الوحيد اليوم ،فليس كل يوم مواجهة، لابد من التراخى فى بعض الأحيان

........................................................................

(بالكويت)

بعد أن أنهت محاضرتها أمام هذا الجمع الوفير من الأطباء ،هبطت وجلست بالقرب من صديقها الذى حضر معها منذ بداية الرحلة،ودائمًا ما يكون برفقتها
همس"عماد" بالقرب من أذنها وهو يقول بسعادة:
كنتى هايله يا منال ،بجد أحسن حد أتكلم النهاردة
ابتسمت"منال"  باتساع على حديثه، ثم قالت بسخرية كعادتها  :
على أساس أنك فاهم كنت بتكلم عن ايه؟
طالعها"عماد" بغموض ثم قال بولع واضح وضوح الشمس :
من كتر ما بروح معاكى مؤتمراتك ومحاضراتك وأنا بقيت مبفهمش غير فى مجالك،أنا نسيت الهندسة بسببك
أومأت "منال" برأسها تأييدًا على حديثه ثم قالت :
فى دى بقي أنت عندك حق ،أنت عطلول معايا يا عماد
ابتسم "عماد" بسخرية ثم  تمتم بخفوت:
وياريت جه بفايده يا منال
لم تتمكن "منال" من الاستماع  لما قاله ،فهتف متسائلةً:
بتقول حاجه يا عماد؟
حرك رأسه نافيًا وهو يقول بإقتضاب:
لا مفيش

بعد انتهاء هذا اليوم العلمى ،خرجت برفقته لتناول العشاء ،كان عقلها شارد بابنها فهى منذ أن سافرت ولا يجيب على أيا من اتصالاتها ،كانه يتعمد إيصال رساله قاسية لها ،شعر عماد بأنها غير منتبه لحديثه فأمسك كف يدها الموضوع على الطاولة وهو يهتف باسمها لكى تنتبه له :
منال ،فى ايه ؟
أزاحت"منال"  يده مُسرعةّ وهى تقول بعنف غريب يناقض هدوئها منذ لحظات :
أبعد عنى

قالت ذلك ثم خرجت من المطعم بأكلمه غير عابئة بهتاف من خلفها ،جلست على مقاعد المارة الموجودة على جانب الطريق

فى نفس اللحظة كان عماد قد خرج خلفها وحين وجدها هكذا ساكنة، اقترب منها وجلس بقربها ثم قال :
فى ايه يا منال ؟حصل ايه ؟
أجابتها ودموعها تنهمر بغزارة من مقلتيها :
ليث مبيردش عليا ،ليه ميردش على أمه يا عماد  ؟ ليه متعمد يبعدنى عنه؟
زفر "عماد" أنفاسه بضيق شديد ،ثم هتفت متسائلًا بنبرة جامدة  : 
مش يمكن لو قولتى غيث يرد يا منال ؟
لم تتحمل ما قاله ،فاندفعت تضربه بقبضتها عدة ضربات موجهةً لصدره بينما كانت تقول :
لا لا دا ليث ،ليث
حاول التحكم بثورتها تلك فأمسك قبضتها بهدوء شديد وقال بينما كان ينظر لعينها مباشرة :
أهدى ،أهدى خلاص دا ليث ،أيوه فعلًا دا ليث
هدأت مرة واحدة بدون أى مقدمات ،فقط طالعته برجاء شديد وهى تتسائل:
ليت بيحبنى صح يا عماد ؟
أومأ "عماد"برأسه وهو يقول بتأكيد شديد : 
أكيد بيحبك يا  منال

زفر أنفاسه بإنهاك شديد بعدما تأكد من إنتهاء حالته المزاجية السيئة تلك  ،ثم اصطحبها فى طريقه لكى يقوم بايصالها لغرفتها ، وبمجرد أن دلفت لغرفتها غادر دون التفوه بحرف واضح ،بينما أغلقت هى الباب ودخلت ،ارتمت على فراشها وغطت فى نوم عميق و كأن ما حدث منذ دقائق لم يحدث ،يا لها من حالة ميئوس منها  ،ولكنها تظل فى النهاية ضحية لذلك السادى ،ضحية من ضحاياه العديدة ،هى وابنها والآلاف غيرهم

...............................................................

(بالمشفى)

بعد أكثر من ساعة ونصف بالانتظار ،متوترين وقلقين على الفتاة، خرج الطبيب من غرفة العمليات، هرعت "الست منى" له وهى تقول بسرعة غريبة وصوت مضطرب :
رنا ،رنا بنتى يا دكتور ،بقت كويسه ،هتقوم صح ؟ طمنى عليها
تحدث الطبيب بهدوء قائلاً   :
أهدى يا مدام،بنت حضرتك كويسه ، وشوية وهتتنقل لغرفة عادية ،أنا بس عايز حد من  أهل المريضة أعرفه حالتها بالظبط ،هو والدها فين؟
تدخل "ابراهيم " قائلًا بإقتضاب :
متوفى ،بس أنا عمها تقدر تتكلم معايا
أومأ الطبيب رأسه وهو يقول :
تمام ،اتفضل حضرتك معايا على المكتب
تحرك كلاهما باتجاه غرفة المكتب الخاصه بالطبيب لكن "منى" هتفت قائلةً بقلق :
استنى يا ابراهيم، أنا جايه معاكم
نظر لها نظرة عابرة حاول التماسك وألا يأخذها بأحضانه يخفيها عن العالم بأسره  فرؤيته  لها بتلك الحالة تحزنه بشدة ناهيك عن وضع ابنة أخيه ،لكنه نفض تلك الأفكار سريعًا وقال بنبرة جامدة:
خليكى عشان رنا لما تخرج يامنى

تبع الطبيب إلى أن دلف لمكتبه ،دعاه للجلوس قائلاً:
اتفضل يا استاذ
لم يكمل فلم يكن يعرف اسمه
أجابه الآخر قائلاً اسمه بإقتضاب:
ابراهيم
أومأ الطبيب برأسه ثم قال متسائلًا:
تمام يا استاذ ابراهيم ،أنا بس كان عندى سؤال قبل ما اشرحلك حاله المريضة؟
قطب "ابراهيم" حاجبيها متسائلًا بتعجب:
سؤال ايه؟!
نظر الطبيب له بغموض ثم هتف متسائلًا   بنبرة جامدة :
هى وقعت لوحدها ولا حد وقعها  لأن كدا هيبقى فى شبه  جنائية وهضطر أبلغ الشرطه
قال ذلك وتابع تعبيرات الجالس أمامه لكى يصل لمبتغاه
حرك "ابراهيم  "رأسه نافيًا وهو يقول مُسرعًا:
لا لا ،وقعت لوحدها
لم يصدقه ،فردة فعله تلك أثارة الشكوك ،فهتف الطبيب  متسائلًا مرة آخرى:
حضرتك متأكد ؟ لو حصل حاجه تانيه أنت كدا هيعتبر بتتستر على مجرم وبتضلل العداله ومشارك فى الجريمة
زفر "ابراهيم "أنفاسه بضيق وهو يقول بلهجة صارمة:
دى بنت أخويا حضرتك مش هسمح لحد يأذيها
رد عليه الطبيب بتهديد خفى :
تمام يا استاذ ابراهيم ،بس كان لازم انبهك
طالعه "ابراهيم " بحنق شديد ثم قال متسائلًا بحدة:
هى وقعت لوحدها يا دكتور ،المهم حالتها ايه ؟
بدأ الطبيب فى شرح حالتها قائلاً:
لحسن حظها أنها لما وقعت على أيدها  ،دراعها اللى  أخد الصدمه بدل رأسها وإلا كان ممكن يبقي فى كسور فى الجمجمة لقدر الله  أو على أبسط تقدير ارتجاج ،لكن المشكله الوقتى فى دراعها وبعض الخدوش الشديدة نوعًا ما  فى رجليها نتيجة الوقعة
رد عليه مُستفهمًا :
والدم اللى كان حواليها ،منين؟
أجابه الطبيب  بسؤال :
حضرتك شوفت رجليها ؟
حرك "ابراهيم" رأسه نافيًا وهو يقول :
لا
تفهم الطبيب وبدأ بشرح حالتها بشكل مفصل أكثر حيث قال:
الدم دا نتيجه جروح سطحيه فى رجليها بس للاسف جروح كتير ،بخلاف دراعها زى ما فهمت حضرتك
أومأ "ابراهيم" برأسه ولكنه هتف متسائلًا مرة أخرى :
تمام ،طب ليه فضلت فتره طويله فى العمليات ؟ أحنا قولنا البنت حصلها حاجه؟
أجابه الطبيب  بهدوء بعد أن أدرك مدى خوفه وقلقه على ابنة شقيقه ،فبدأ بتصديق حديثه السابق وقال مسترسلًا :
كنا بنعمل أشعه فى الغرفه اللى جمب العمليات ،عشان نطمن أن مفيش أى نزيف داخلى أو شرخ ،والحمدالله ،بس زى ما فهمت حضرتك دراعها المشكلة الوقتى، هتفضل متجبسه تلت شهور أقل تقدير ، وإصابات رجليها هتاخد فتره  على ما تتحسن بس مع الرعايه والاهتمام  والكريمات اللى هكتبهلها مش هتسيب آثر أن شاء الله،وفى دكتور متخصص هيتابع معاكم خطوة بخطوة
تنفس"ابراهيم"  الصعداء بعد حديث الطبيب ثم قال متسائلًا لكى يطمأن قلبه على أتم وجه:
تمام، يعنى حضرتك شايف مفيش أى خطر على حياتها ولا هتحتاج تسافر وتعالج برا
حرك الطبيب رأسه نافيًا وهو يقول بهدوء:
لا يا استاذ ابراهيم الموضوع أبسط من كدا بكتير،متقلقش، اعتقدت زمانها خرجت دلوقتى تقدر تروح تشوفها

شكر الطبيب ثم نهض من مقعده بعد أن أطمأن ولكن قبل أن يخرج التفت متسائلًا:
طب هنقدر نروح بيها امتى؟
رد الطبيب عليه قائلاً بعملية :
أنا أفضل لو قضت اليوم دا هنا وبكرا انشاء الله تخرج
عقد"ابراهيم" ما بين حاجبيه متعجبًا من حديث الطبيب  ،فهتف متسائلًا بقلق :
مش حضرتك قولت أنها كويسه؟
ابتسم بخفه ثم قال بتوضيح :
أه بس زياده أطمئنان مش أكتر

على الجهة الآخرى
كانت رنا قد تم نقلها لغرفة عادية وألتف الجميع من  حولها ،و والدتها تمسد على رأسها بحنان بالغ ودموعها تنهمر بغزارة
،ابتسمت تلك المسكية بسمة زائفة خاليه من الروح ثم قالت:
خلاص ياماما،أنا كويسه قدمك أهو
حركت والدتها رأسها رافضةً حديثها وعلى وجهها ملامح  الحزن شديد لأجل ابنتها ، بينما هتف "العم جمال" بسخرية كى يلطف من حدة تلك الأجواء وكأبتها  :
كويسه ايه بس؟ وأنتِ متشلفطه خالص كدا
مش هتعرفى تلعبى كوره مع عيال الحارة الوقتى خالص
زمت "رنا" شفتيها بتبرم وهى تقول بحزن وسخط فى نفس الوقت :
ياه يا عمو جمال ،والله واحشنى اللعب معاهم ،دا أنا آخر مره جبت فيه خمس أجوان ، العيال دول هيشمتوا فيا لما يشفونى أنا عارفاهم ،جاحدين
ابتسم والدتها باتساع حين رأت ملامح ابنتها وأنها بدأت  فى التفاعل معهم غافلةً عن  ألمها  ،بينما قال "العم جمال" بسخرية :
ما أنتِ غشاشه
حركت"رنا" رأسها رافضةً هذا الحديث وهى تقول بتبرم :
لا مش غشاشه ،هما اللى قصيرين يا عمو جمال ،مش مشكلتى أن الكورة بتعدى فوقهم بسهوله  ومحدش بيعرف يمسكها 
حاول كتم ضحكاته لكنه فشل فشلًا ذريعًا فتأففت  تلك الصغيرة من رد  فعله تلك ،فهتف قائلًا باستهزاء :
خمسين سم بتتكلم
حركت "رنا "رأسها نافيةً وهى تقول بتذمر :
لا لو سمحت أنا ١٥٥ سم
نظر"العم جمال" لها بسعادة فقد حقق هدفه واندمجت معهم ،ثم قال بأسف :
ظلمتك أنا ،حقك عليا
حركت"رنا"  كتفها بدلال وهى  تقول :
أعتذار مقبول

شعر الحج راشد بأن لا مكان له ،فخرج من تلك الغرفة وجلس بأقرب مقعد وجده أمامه ،لحقت به حفيدته ،جلست بقربه ثم قالت بهدوء:
أظن كدا ياجدى عرفت مفروض رنا تكون فين؟
سيبها يا جدى ،سيبها لحياتها اللى عمو حسام بناها ليها ،هى اتولدت فى الحاره دى وعاشت وسط الناس دى ،واتعودت على كدا ،هناك مش هتتعرض للأذيه والإهانه زى بيتنا ،أرجوك فوق قبل ما نخسرها للأبد
زفر "الحج راشد" أنفاسه بضيق وهو يقول بنبرة جامدة :
اسكتى يا مايا
ابتسمت بسخرية على هروب جدها الواضح  ،ولكنها قررت ضرب كل شىء بعرض الحائط وأكملت حديثها :
هسكت ،بس ياترى سكوتى دا هيريحك يا جدى ، لو على الكلام فكتره أو عدمه مش هيفرق معاك ،الفكرة فى الفعل ،وأنت شوفت بنفسك هى بتتعرض لايه يوميًا عندنا ،متبقاش قاسى عليها يا جدى ،عمو حسام الله يرحمه لو كان عايش الوقتى وشايف اللى رنا اتعرضلته عمره ما كان هيسامحك ،أرجوك فوق
لم يعد يتحمل ذلك الحديث وتأنيب ضميره الذى استيقظ أخيرًا ،فصاح بنبرة لا تقبل النقاش بعد أن ضرب بعصاه  على الأرض :
خلاص يا مايا ،نتكلم فى البيت مش هنا

صمتت ،فلم يعد بوسعها الحديث ،فقد قالت كل ما قد يقال ،و الكرة الأن بملعبه الخاص،فماذا سيفعل ؟

................................................................

(بمنزل الحج راشد)

فى الساعات الأولى من الصباح استيقظت سهير على صوت تحطيم وصراخ عنيف قادم من غرفة ابنها ،هرولت مُسرعةً إليه ،طرقت على الباب عدة طرقات لكنه لم يجبها ،بل ظل على حالته العنيفة تلك ،يحطم ما يأتى بطريقة وصراخه العنيف كان دليلًا قاطعًا على حالته الهيستيرية تلك
لم تكن تعرف ما ذا تفعل ؟ خاصة أنهما بمفردها فى المنزل فالجميع خرج  مع تلك المصابة
ظلت تردد اسمه كثيرًا وطرقها مستمر على الباب ولكن بلا جدوى ،لم يعرها أى انتباه ظل فقط منكب على ما يفعله

وظلت  هى بالخارج لا تدرى كم عدد الدقائق أول لنقل الساعات  لكنه بعد أن هدأ فتح  لها دون أن ينطق بحرف واحد،دلفت بهدوء ولكنها صدمت من هيئة الغرفة، حالة فوضوية كارثية أقل ما يمكن به وصف ما رأته
تركها وافقة واتجه لفراشه ،الشىء الوحيد الذى لم يتطاول عليه ويحطمه، جلس بهدوء و صدره يعلو ويهبط من عنف ما كان يفعل ،كانت أنفاسه مضطربه كمعدل ضربات قلبه
زفرت أنفاسها بضيق ثم اتجهت لموضع جلوسه ،وقالت:
كدا ارتحت يعنى ؟
حرك"مالك" رأسه نافيًا وهو يقول بوجه قاتم :
لا
لوت "سهير"  شفتيها بتبرم ثم قالت متسائلةً بسخرية :
يبقى  كان ايه لازمته كل دا ؟
حرك "مالك" رأسه رافضًا وهو يقول بصوت مضطرب مُجاهدًا دموعه بشدة :
مكنشى قصدى ،صدقيني أنا عمرى ما كنت افكر أعمل كدا
حركت "سهير" كتفها بلا مبالاة وقالت بحقارة تلائمها :
وايه المشكله ؟ قصدك ولا مش قصدك، المهم خلصنا منها
توقف عقله عن العمل عند سماعه ما قالت والدته ، فهتف متسائلًا بقلق واضح وخوف شديد :
هى حصلها حاجه ؟ حد كلمك يطمنك علينا
ردت والدته عليه وهى تقول  بسخرية:
هيكلمونى ليه ؟ أنا الخبر اللى يفرحنى هو موتها غير كدا لا
ابتعد "مالك" عنها بعد ما تفوهت به ونظرة الاستنكار تعلو وجهه ،فاسرعت تلحق به وهى تقول برجاء كاذب يليق بإمثالها:
بصلى يا مالك
زفر"مالك"  أنفاسه بضيق وهو يقول بغرض إنهاء كل هذا الحوار :
ينفع تسيبنى لوحدى ،أنا تعبان
حركت "سهير" رأسها رافضةً لحديثه بأكلمه ثم قالت بتمثيل بارع تتسحق عليه جائزة قيمة :
لا مش هسيبك ،أنت بتعمل كدا ليه ؟ زعلان عليها ومش زعلان على أمك واللى عاشته مع أبوك ،أنا استحملت سنين عمرى اللى ضاعت دى كلها عشانك أنت وأختك ، وتيجى فى الآخر تردلى الجميل كدا ،بأنك تقف فى صف بنت عدوتى ،هو دا جزاتى يا مالك ،دا أنا أمك ،أمك اللى سهرت الليالى واستحلمت ضرب وإهانه عشانك ،تشكر يا ابنى ،تشكر قوى
لم يجبها ،بل حتى لم ينظر لها ،فاسرعت تقول مُدعيةً الحزن والانكسار :
مكنتش أعرف أن منى وبنتها مأثرين على كل أهل البيت بما فيهم ضنايا
قالت ذلك واتجهت للخارج تاركة غرفته ولكن"مالك"اسرع مُمسكًا بكف يدها وهو يقول:
استنى
ابعدت يدها  عنه وهى تقول بجفاء شديد:
عايز ايه؟ مش كفايه النظرة اللى شوفتها على وشك ،محسسنى أنى شيطان ،بس هما السبب، هما اللى أجبرونى أعيش حياة صعبة ،كل اللى فيها سواد وقهر وذل ،عشت مع راجل عمره ما حبنى ولا هيحبنى ،كل يوم كان بيقول اسمها حتى وهو معايا مكنشى شايف غيرها ، عارف يعنى ايه تعيش مع حد مش شايفك أصلًا رغم كل محاولاتك عشان يحس بيك؟ أبوك داس عليا يا مالك  وجدك اللى عمره ما حب غير ابنه الكبير وبس أى حد تانى لا ، حتى الراجل الوحيد اللى حبيته مكنشى ليا ،طب وأنا ،أنا فين من كل دا ؟ الحاجه الوحيده اللى عوضتنى هى أنت وأختك وتيجى فى الآخر تنصرها عليا يا ابنى
حرك رأسه رافضًا كل ما قالت وهو يقول بحزن و ضياع،فكانت روحه مشتته بكل معنى الكلمة :
افهميمى ،أنا مش كدا ،مش الإنسان دا ،أنا مش عارف أنا مين ولا بعمل ايه ؟ مش عارف ليه دايما عايز اذيها رغم انى عمرى ما حبيت أذيها ؟ أنا مين ؟ أنا الخير ولا الشر هنا ،أنا مش عارف يا أمى ،مش عارف
قال ذلك ثم سقط على الأرض وترك المجال لدموعه وآهاته ،فقد كان فى حالة بائسة ،يبدو أن شخصيته الآخرى سئمت من الوقوف خلف القضبان وقررت  الحرية ولو لثوانى معدودة 
انحت"سهير" بجسدها لتصبح قريبة منه ثم قالت بخبث:
أنت الخير ،الخير اللى هيخلص أمه من كل حاجه وحشه عاشتها
حرك رأسه رافضًا بينما وضع كفيه على وجهه لكى يمنعها من رؤية دموعه ، لكنها أسرعت بإزاحه يده وهى تقول ودموع التماسيح تزين وجهها  ،فقد كانت بارعة بإظهارهم وقت ما تريد   :
هما السبب يا مالك ،منى وبنتها هما السبب ، هتسيب حقك أمك كدا بالساهل ؟ مش صعبانه عليك يا ابنى وانا بتهبدل كل يوم بسببهم ، مصعبتش عليك وأنت شايف دموعى ،تصعب عليك بنت عدوتى وأمك لا يا مالك ،لو عايزنى أمشى واسيبكم كلكم قولى ،قولى ياحبيبى وأنا اعملها طالما هتكون مرتاح كدا
مسح"مالك"  بكف يده دموعها تلك وهو يقول برفض تام :
لا يا أمى، لا متقوليش كدا

تعمدت أن تضع كفها فوق صدره مباشرة فوق الحرق وهى تقول بحزن زائف وتلك الدموع مازالت تتلاعب بها  :
أنا مليش غيرك يا مالك،كل اللى فى البيت دا بيكرهونى إلا أنت يا حبيبى
أسودت عيناه بشده وبرزت عروق يده  وقال بطريقة مريبة كأن شخصًا آخر يناقض تماما من كان يبكى منذ لحظات:
كلهم هيدفعوا التمن، كل حد أذاكى عقابى هيطوله ،محدش هيخرج سليم  ،محدش

ابتسمت بسعاده فقد وصلت لمبتغاها غافلةً عن كونها أم تروض ابنها ليصبح وحشًا كاسرًا بدلًا من محاولة إصلاح ما أفسدته طفولته التعيسة ، ويا لها من أم

ما ذنب ذلك الطفل الذى نشأ فى بيئة كتلك ؟ حين تصبح والدتك هى من أفقدتك  الانسانيه والإحساس ،حولت ابنها لمسخ بشع لا يرحم رغم توقه للرحمة
فمن المذنب اليوم ؟

......................................................................

(بمنزل والدة وعد)

حل الصباح آخيرًا مع بسمة مشرقة وأمل جديد ، استيقظت تلك الشقية مُبكرًا على غير العادة ،نهضت من فراشها  بنشاط وتفاؤل غريب هى حتى لا تدرى لم؟
دلفت للحمام وتوضأت ثم خرجت لأداء الصلاة ثم ذهبت للمطبخ تعد الإفطار ،كانت تدندن كلمات أنشودة مقربة لقلبها ،دخلت والدتها بخفة شديدة كى لا تشعر بها ابنتها ،وقفت تراقبها بسعادة عارمة
انتبهت لها ابنتها فالتفت قائلة بحماس:
صباح الخير يا ست الكل
أجابتها والدتها قائلةً  والبسمة تزين ثغرها :
صباح النور ،ايه النشاط دا كله ؟
بادلتها ابنتها الابتسام  وهى تقول بدلال:
قولت أعملكم الفطار مرة من نفسى
وقبل أن تجيبها والدتها دلفت شقيقتها إلى المطبخ وهى تتسائل باستنكار هدفه السخرية :
هى الشمس شرقت من الغرب ولا ايه يا ماما ؟
زمت "وعد" شفتيها وهى تقول بتبرم :
شايفه يا ماما بتتريق عليا ازاى ؟
وجهت "الست فاطمة" نظرها نحو ابنتها الكبرى وهى تقول مدعية الجدية:
عيب يا ديما ،وعد طول عمرها نشيطه
حركت "وعد "رأسها موافقةً بعد مدح والدتها لها وقالت بفخر :
ايوه قوليها يا ماما يا نصفانى 
ابتسمت "الست فاطمة " وأكملت حديثها قائلةً :
هى صيحح مبتحركش الكوبايه من مكانها وعايزه الأكل على السرير ،وكسولة ومش بتساعدنى،بس نشيطه برده
تركت"وعد" ما بيدها ثم التفت لوالدتها وهى تقول باستهجان:
الله عليك يا ست الكل دا أنتِ لو قاصده تكسفيني مش هتعملى كدا ،بس ولا يهمك أنا مزاجى حلو النهارده وهعدى كل حاجه
ابتسمت والدتها بسعادة وهى تقول  متسائلةً :
يارب دايمًا مزاجك يبقي حلو،بس ايه المناسبه؟
أجابتها"وعد" قائلةً  ببساطة والبسمة تزين ثغرها  :
محاضرة الصبح اتلغت
لكن نظرات والدتها وشقيقتها جعلتهت تشعر بأن ما قالته سىء فاسرعت توضح سبب سعادتها  قائلةً:
على فكرة دى حاجه حلوه ،إنا مكنتش خلصت البحث بتاع دكتور الماده دى ،فكدا جت من عنده الحمدالله
ومش نازله النهارده هقضى اليوم فى البيت ،راحه واستجمام
تدخلت "ديما" فى الحوار قائلةً باستهزاء:
أنا شايفه أن وعد مثال للشخص المجتهد يا ماما
ردت عليها "وعد" قائلةً بخيلاء شديدة:
طبعًا أومال 
ابتسمت" ديما " بسخرية ثم قالت مُكملةً حديثها :
فى كل حاجه الا العلم
زمت"وعد" شفتيها بتبرم ثم قالت بحزن زائف:
أنتم حد مسلطكم عليا النهارده ،جبتهتى يا عالم ،جبهتى ياناس
ضربتها شقيقتها على ظرهها بخفة وهى تقول :
بطلى نواح بقى ،عايزين نفطر
ردت عليها  قائلة بطريقة ساخرة:
عشر دقائق والأكل يكون برا يا فندم ،عايزين حاجه تانيه مع الأوردر؟
ابتسمت "ديما"بسماحه ثم قالت لوالدتها :
شطروة البنت دى يا ماما ،ابقى زوديلها البقشيش
غمزت"وعد" لها وهى تقول بمرح:
لا تعجبينى
حركت"ديما" رأسها نافيةً وهى تقول بمشاغبة:
لا ،هنصص سوا
زمت"وعد"شفتيها وهى تقول بتبرم:
اسحب الاعجاب ،أنتِ كدا بتسرقينى
صاحت والدتهما قائلةً لإنهاء هذا الجدال القائم:
بس بقي ،صدعتونى ،أنا راحه أشوف خالتكم  منى وجايه
ردت عليها "وعد" قائلةً باقتراح :
خليها تيجى تفطر ،عشان تدوق عمايل ايديا
ابتسمت "ديما "بسخرية وهى تقول :
محسسانى أنها عامله وليمه ،وكله بيض وجبن أصلًا
زمت "وعد" شفتيها وهى تقول بتبرم:
لما تعرفى تعمل زيه تبقي تتكلمى
زفرت والدتهما أنفاسها بضيق ثم قالت وهى تغادر المطبح مُتجهةً لباب الشقه :
لا أنتم موالكم طويل وأنا مش فاضية

قالت ذلك ثم غادرت لترى صديقتها ،بينما الفتاتين ظلا بالداخل يتهاوشان كعادتهما بلا كلل أو ملل ،انها العلاقة الوثيقة بين الأشقاء مشاجرات يومية ومع  كل ذلك حب دائم بلا مقابل

..................................................................

(بالمشفى)

دخل الطبيب المسئول عن حالتها ،تعجب من وجود الجميع فقد أخبرهم بأن لا داعى للانتظار يكفى مرافق واحد فقط ،لكنه لم يعلق
اقترب من الفتاة المصابة وبسمة خفيفة تزين ثغره ثم قال متسائلًا بروتينه :
عامله ايه دلوقتى يا رنا ؟
أجابته "رنا" قائلةً بهدوء:
الحمدالله يادكتور ،هو أنا هخرج امتى ؟
ابتسم الطبيب  على حديثها ثم قال متسائلًا :
احنا مزعلينك فى حاجة ،ولا زهقتى مننا بسرعة كدا ؟
حركت "رنا "رأسها نافيةً وهى تقول بتوضيح :
لا مش كدا ،بس عايزه أروح البيت مع ماما
نظر لوالدتها بشكل غريب ثم قال بهدوء:
تمام ،هتروحى مع والدتك كمان شوية صغيرين
لاحظ ابراهيم تلك النظرة لكنه لم يعلق ،أحتفظ بها داخله فليس المكان ولا الوقت المناسب 
لكن حديث الطبيب جعل رنا سعيدة،فهتت قائلةً:
بجد ،هروح مع ماما؟
حرك رأسه بتأييد  وهو يقول مُبتسمًا:
أه بجد
المهم تنفذى التعليمات اللى اتفقنا عليها ،وهتابعى معايا كل فتره عشان نطمن على الجروح
ثم التفت للست منى وهو يقول بغرض معين لن يفهمه سوى رجل مثله :
وانتى يا استاذه منى ياريت تكونى على تواصل معايا عشان اشرحلك شوية حاجات كدا
لكن "ابراهيم" تدخل قائلاً بنبرة لا تقبل النقاش :
أنا اللى هكون على تواصل معاك يا دكتور ،رنا زى بنتى بالظبط
شعر الطبيب  من حديثه بأنه تم كشف غرضه ،فقال بتوتر حاول إخفاءه :
تمام مفيش مشكله يا استاذ ابراهيم ،أنا بس بتكلم عن أن والدتها هتكون طول الوقت جمبها و لو حصل حاجه تبلغنى
ابتسم "ابراهيم " بمجاملة وهو يقول مُنهيًا هذا الحوار :
لا ما أنا برده جنبها ،متقلقش يادكتور ،تعليماتك هنفذها أنا بالظبط
أوما "الطبيب "برأسه وهو يقول بينما كان يتجه للخارج بعد انتهاء فحصه للمريضة:
تمام ،عن اذنكم

خرج الجميع تاركين رنا ووالدتها فقط بالغرفة ،فالكل يحتاج   قسطًا من الراحه فلا يسمح سوى بتواجد مرافق واحد ، وبقى الجميع بالخارج على مقاعد الانتظار ،سحب جمال صديقه على جنب ثم قال بمغزى صريح:
مكنشى له لزوم تكلم الدكتور كدا
نظر "ابراهيم " له بحاجب أيسر مرفوع وهو يقول باستهجان:
يعنى عايزنى أسيبه يقرب من مرات اخويا واسكت
ابتسم "جمال"بسخرية وهو يقول بمشاغبة:
مرات أخوك برده
زفر"ابراهيم " أنفاسه بضيق وهو يقول متسائلًا بإقتضاب:
عايز ايه يا جمال؟
ربت "جمال" على كتفه وهو يقول بهدوء:
عايزك تفوق يا ابراهيم ،أنت ضيعت حياتك فى وهم 
رفض"ابراهيم"  حديثه رفضِ قاطعًا فقال بمغزى واضح وصريح :
على حد علمى وأنتِ كمان ضيعته فى وهم ،وحالتك أسوء منى كمان يا ابرهيم
ابتسم "جمال"بسخرية كى لا تظهر معالم الألم والحزن على وجهه  ثم قال :
تمام يا ابراهيم ،الكلام معاك ملوش لازمه

قال ذلك ثم عاد لموضع جلوسه بمقاعد الانتظار ،بدون حرف زائد فقط ذكريات مؤلمة تلوح أمامه وعشقًا لا فائدة منه فلم يجتمع أصحابه ولن يجتمعا يومًا ،ولكن ربما للقدر رأى آخر ،لا أحد يعلم

...............................................................

(بمنزل آدم)

كان يرتدى ملابسه على عجالة فقد تأخر فى النوم كعادته ،خرج من الغرفة متجهًا إلى الباب لكنه قبل أن يغادر ،هتف بأسماء أصدقاءه لكن لم يجبها أحد ،وهو لم يبحث بل قرر الهبوط سريعًا فلم يعد سوى بضع دقائق على موعده ،أوقفه الصغير أمام الباب الرئيسي وهو يقول :
عمو أحمد اذيك
التفت"أحمد" له قائلاً بإقتضاب:
اذيك يا زين ،معلشى أنا متأخر
لكن الصغير أوقفه قائلاً :
استنى عايز اقولك على حاجه
عقد "أحمد" ما بين حاجبيه فقد أثار هذا الحديث تعجبه ،فهتف متسائلًا باستهزاء:
عايز ايه يا صغنن ؟
زفر الصغير أنفاسه بضيق وهو يقول باستنكار واضح :
متقوليش يا صغنن ،عمو آدم بس اللى يقولها
كتم "أحمد" غيظه من ذلك الصغير بأعجوبة،ثم قال متسائلًا بإقتضاب:
انجز يا زين ،عايز ايه ؟
رد عليه الصغير وابتسامة رقيقة  تزين صغره :
عمو آدم وعمو غيث مشوا ،وبيقولولك نمسيوتك كحلى
تسمر بمكانه للحظات يحاول استيعات ما قاله ذلك الصغير ،ولكنه كعادته المرحة لم يأخذ وقتًا طويلًا ليرد بنفس الطريقة:
تمام يا زين ،لما تشوفهم قولهم ،بكره تترد يا شوية بط
حرك" زين" رأسه رافضًا وهو يقول بتوضيح :
مش بحب البط يا عمو ،بحب الفراخ
هبط "أحمد" لمستواه ثم قام بمداعبة وجنتي الصغير الممتلئتين وهو يقول :
يا واد أنت لمض وأنا بحب اللماضة موت ،بس مش فاضى
قال ذلك ثم نهض مُبتعدًا عنه وهو يقول باستفزاز :
سلام يا صغنن
ضرب" زين" بقدمه الأرض وهو يقول بتبرم :
برده قالى يا صغنن، والله لأقول لعمو غيث يضرب عمو أحمد الأهبل دا

قال زين ذلك ثم صعد لمنزله لكى يتناول الافطار مع جدته ،بينما رحل أحمد لعمله تاركًا خلفه خطة شيطانيه سينتقم بها ،يبدو أن هناك ساحة قتال قادمة
...............................................................

(بمنزل عائلة البلعوطى )

استيقظت من نومها متأخرًا فقد هاتفها غيث بالأمس وأخبرها بأنه سيذهب مُبكرًا للعمل لكى يعد بعض الملفات الخاصة بمناقصة جديدة،ويمكنها التأخر كما تشاء ،بينما فى الواقع أراد أن يترك لها المجال لكى تفكر بشىء غير العمل
نهضت من فراشها واتجهت للخارج ،قابلها جدها بابتسامة مشرقة فبادلته الابتسام وهى تقول :
صباح الخير يا جدو
رد عليها بهدوء:
صباح النور ،غريبه اتأخرتى ليه النهارده؟
أجابته "ياسمين"بتوضيح :
غيث سبقنى على الشغل فعادى لو قعدت شوية الصبح مع احلى راجل شافته عنيه
حرك رأسه بمعنى لا فائدة من تلك الفتاة  وهى يقول :
بس يا بكاشه
اقتربت"ياسمين"  منه وهى تبتسم باستاع ملحوظ بينما كانت تقول :
ايه ياجدو، مش واثق فى نفسك ولا ايه ؟دا أنت كبير عائلة البلعوطى
ابتسم بسخرية حين ذكرت اسم العائلة وقال:
أحمد لو سمعك مش هيرحمك
تحدثت "ياسمين" وهى تسأله باستنكار :
دا غبى،حد يتعقد  من اسم عائلته ؟
حرك جدها رأسه بتأييد و هو يقول بطريقة ساخرة :
أه ،أخوكى الأهبل،هنعمل ايه بقي ؟ نصيبنا كدا ولا م نستحمله
قال ذلك ثم اتجه للمطبخ ولحقت به لإعداد الافطار، جلسا سويًا يتناولان ما أعداه  فى جو عائلى دافىء، إلى أن هتفت" ياسمين" متسائلةً:
هو عمو عماد فين ياجدو؟ بقالى يومين هنا ومشفتوش
أجابه جدها  بينما كان يرتشف بعض القطرات من الكوب الموضوع أمامه :
قالى مسافر وراه شغل
عقدت ما بين حاجبيها بتعجب وهى تقول :
بجد ،طب مش كنت تعرفنى أجيلك أول ما يسافر بدل ما تقعد لوحدك
رد جدها عليها قائلًا بتوضيح :
هو سافر من هنا وأنتِ جيت من هنا ،زى ما تكونوا مظبطنها سوا
أومأت "ياسمين" برأسها بتفهم ثم قالت بغزل :
طب الحمدالله أنى جيت ،عشان أقصى يومين معاك قمر العائلة كله
هتف جدها مُعترضًا :
يابنت بطلى بقي،مبحبش كدا
طالعته وحاجبها الأيمن مرفوع ثم قالت متسائلةً بمشاغبة:
بتتكسف ياجدو ولا ايه؟
زفر أنفاسه بضيق ثم قال بحدة زائفة:
هقوم وأسيبك يا ياسمين
زمت "ياسمين" شفتيها وهى تقوم بترم:
خلاص الواحد ميعرفشى يعاكسك شوية كدا
صمت قليلًا ثم أكملت غزلها قائلةً:
وأنت حلو وقمر ومفيش منك اتنين ،يا بلعوطى يا كبير أنت
حرك رأسه بقلة حيلة  وأكمل تناول طعامه فى جو مرح لا يخلو من غزلها ومضايقتها له رغم أنه يحب ذلك فتلك حفيديته المدللة وعوضته عن تلك الراحله التى لم تنعم بحنانه، أخطأ ابنه بالأمس وتحمل النتائج زوجته وحفيدته ومن ثم هو وباقى أحفاده ،كم من الأسرار تخفى أيها البلعوطى ؟ 

..............................................................

(أمام المشفى )

بعد أن سمح الطبيب بخروج رنا بعد أن التأكد من استقرار حالتها  ،وقفت العائلة بأكملها أمام باب المشفى ،أمام سيارتهم الخاصة  ،لكن وقبل أن يتحدث أحد كان "العم جمال" أول من قال ناهيًا ما يجول بعقول الجميع :
يلا يا رنا ،أنا جبت تاكسى هيوصلنا
ضرب" الحج راشد" بعصاه وهو يقول متسائلًا بغضب:
تاكسى ايه ،ويوصلكم فين ؟
أجابه "العم جمال" قائلاً بسخرية شديدة :
لبيت ابوها وأمها، عندك اعتراض؟
طالعه "الحج راشد" باستهزاء ثم قال متسائلًا بخبث :
ومين اللى أداك الحق بكدا ؟ كنت ولى أمرهم و أنا معرفش
تدخلت "مايا"فى الحوار حيث قالت برجاء:
جدو  لو سمحت سبهم ،رنا معاهم هترتاح أكتر
نظر لها بغضب شديد ثم صاح قائلاً بحدة لم تعدها حفيدته من قبل:
أنت تخرسى خالص ،مش عايز اسمع صوتك
اقترب ابنه منه وقال بهدوء :
أنا مش عايز أعارضك يا حج ،ولا في يوم اتمنى أعمل كدا ،بس هما عندهم حق ،سبها ترجع ،هناك أمان أكتر
زفر "الحج راشد " أنفاسه بضيق وهو يقول :
حتى أنت يا ابراهيم
لكن "الست منى" لم تعطيه فرصه للإجابه حيث صاحت قائلة بغضب شديد مُوجهةً حديثها للحج راشد وعينها تنظر له مباشرة  :
لو مرجعتش معايا ،هروح القسم وعليا وعلى اعدائى دا شروع فى قتل يا حج راشد ،وأظن الدكتور لسه جوا ندخل يكتبلنا تقرير باللى حصل والاصابات ،ونشوف مين فين اللى هيكسب؟
اقترب"الحج راشد" منها ،ولم يعد يفصل بينهما سوى بعض السنتيمترات البسيطه ثم قال مباشرة أمام وجهها :
كدا يا منى ،مش خايفه اتكلم؟
لم تبتعد "منى" قيد أنملة حتى وأجابته بنفس الطريقة :
حياه بنتى أهم من أى حاجه ،أنا أتفقت معاك أنه مش راجع  ،لكن برجوعه خلاص كل شىء انتهى ،مفيش اتفاق وأعلى ما خيلك اركبه
طالعها"الحج راشد"  بغضب شديد وهتف قائلاً بحدة بينما رفع يده لكى يصفعها :
واضح أن جوزك مات قبل ما يربيكى،بس أن لسه عايش وبصحتى 
ولكن قبل أن يلمس كف يده خدها وقف ابنه أمامه مباشرة مانعًا حدوث ذلك،فهتف "الحج راشد" قائلاً باستنكار :
بتقف قصاد أبوك عشانها يا ابراهيم
حرك رأسه نافيًا وهو يقول بتوضيح ورجاء :
لا ،أنا بلحق أبويا قبل ما يغلط ،عمرنا ما نمد أيدينا على حريمنا يا حج ،مش دا كلامك
وقبل أن يتحدث أى أحد آخر هتفت" رنا" والدموع تنهمر من مُقلتيها بغزارة :
جدو لو سمحت ،لو بتحب بابا سبنى أرجع ،عشان خاطره ،أنا عندك عايشه فى رعب وخوف ،لو سمحت سبنى أعيش مع ماما ،وصدقني مش هنطلب منك أي حاجه ولا عايزين أى مليم حتى ،بس سبنا سوا عشان خاطرى ولو مليش عندك خاطر عشان وصيه بابا الله يرحمه ،أنا فى بيتك بموت بالبطىء يا جدو ،روحى وجسمى وكل حاجه فيا ،عشان خاطر بابا ارجوك سبنى
ضربت على وتر حساس وأصابته بكلماتها تلك ،يعرف بقرارة نفسه بأنها محقة ،وللمرة الأولى يعترف بالهزيمة ،فقال مرة واحدة كى لا يتراجع :
خديها وأمشى يا منى ،خديها قبل ما أرجع  فى كلامى

وكان ذلك الخلاص الآخير، لا وجود لذلك المنزل بحياتها بعد اليوم  ،ومن هنا تبدأ حكايه معانتها الحقيقة وعشقها الأفلاطونى

.....................................................................

(بمنزل والدة وعد)

كانت فى المطبخ تعد الغداء وعقلها شارد بصديقتها فقد ظلت تطرق الباب صباحًا عدة مرات لكن لم تجبها،وقفت ابنتها الصغيرة برفقتها تساعدها وعقلها هى الآخرى يفكر بصديقتها فلم تتصل بها اليوم رغم مهاتفتها عدة مرات لكن كان اتصالًا بلا رد كوالدتها
وبينما الاثنان غارقين بعملهم سمعا أصوات عالية من الخارج ،خرجت الست منى وبيدها سكين الطعام التى كانت تقطع بها الخضروات منذ لحظات قليلة
وقفت أمام باب شقتها ورأت ما يحدث أمامها بكل وضوح
كانت رنا و وجهها به بعض الكدمات ويدها اليسرى معلقة بحامل مثبت على كتفها بإحكام
كانت تسير بشكل ضعيف فمن الواضح أن قدمها مصابة هى الآخرى
لكن ما أثار حنقها وجود ذلك الشرير يقف خلف رنا ووالدتها ،ربطت حدث لرنا  بجدها فاندفعت تريد النيل منه بهوجاء غير مدروسة والسيكن بيدها وهى تهتف بكره شديد :
عملتلها ايه  يا راشد؟ مش كفايه اللى حصل  زمان
دفعها الحج "راشد "بعيدًا عنه فاختل توازنها و كادت تسقط بعنف لكن ذلك العاشق  قام بسندها فى غمضة عين ،كانت تقع بين يده و السكين بيدها ،لتكمل لوحة العبث المثالية

ورغم بشاعة ما قاسته باليوم الماضى  لكن لم تتمالك "رنا "نفسها و انفجرت من الضحك ،بينما هتف عمها  "إبراهيم" بمشاغبة تليق بالموقف:
أنا شايف إننا جينا فى وقت مش مناسب
ابتعدت" الست فاطمة"  عنه سريعًا حين سمعت شهقة ابنتها الواقفة خلفهم و هى تقول :
ايه دا؟ و فى عز النهار و قدام كل الخلق كدا
لم تكن منتبه لأن تلك الواقعة بأحضان ذلك الغريب  هى والدتها و ما أن التفت لها والدتها لتبرر ما حدث ،شقهت "وعد" شهقة أخرى و لكنها أقوى و قالت بسخرية :
طلعت أمى ،يا لالى يا لالى
حركت "الست فاطمة"رأسها رافضةً لهذا الحديث وهى تقول بتوتر ملحوظ :
وعد أنا بس وقعت و عمك جمال ساندنى
تظاهرت"وعد" بالحزن وهى تقول بطريقة مسرحية :
متبريريش يا أمى ،خلاص أنا شوفت كل حاجة بعينى ،بتخونينى كدا و فى عز النهار ،طب استنى الليل طب
وبمجرد أن تفوهت بذلك ،اقتربت منها والدتها وصفعتها أسفل مؤخرة رأسها ،فهتفت "وعد" قائلةً بحنق:
بتضربينى ليه ؟ كدا هبقى غبيه
طالعتها والدتها بسخرية وهى تقول :
دا على أساس أنك لسه مبقتيش
ولكنها فجأة وجدت صديقتها تقف بآخر الرواق أمام باب شقتهم لم تكن انتبهت لها قبل قليل فكانت مشغولة بحوار آخر ،فهتفت قائلةً بحب :
ايه دا رنا ،وحش
لم تكمل "وعد" حديثها حيث رأت حالتها بوضوح ،فصاحت قائلةً  بغضب:
هارسود ،مين الحمار ابن الحمار اللى عمل فيكى كدا ؟
شعرت" الست منى" بأن الوضع قد يتفاقم وهى تريد انهاءه  بأقل الخسائر ،فقالت موجهةً حديثها لوعد :
خلاص يا وعد ادخلى واسندى صاحبتك وبعدين نتكلم
أومأت "وعد" برأسها ثم قالت وعينها تنظر  مباشرة تجاه الحج راشد :
وسعوا ،وسع داك ضرب
طالعها "الحج راشد "بغضب شديد حيث صاح قائلاً بعنف بعد أن ضرب بعصاه على الأرض :
بتقولى ايه يا بنت؟ أنتِ اتجننتى
حركت "وعد " كتفها مُدعيةً البراءة بينما قالت بخبث:
مقولتش حاجه ،أنت اللى بتجر شكلى 
تدخلت "الست فاطمة" فى الحديث حيث قالت لابنتها بلهجة صارمة :
خلاص يا وعد ،عدى الليلة
أومات "وعد"برأسها ثم قالت بمشاغبة :
حاضر ياست الكل  ،عشان خاطرك بس ،حد تانى لا

دلفت رنا ووعد إلى المنزل أولًا ولحقت بهم الست فاطمة بينما ظلت منى بالخارج ،تنتظر رحيل الباقي ،فهتف  "جمال " قائلًا بهدوء:
أنا همشى يا منى، لو أى حاجه حصلت كلمونى علطول
أومأت"منى" برأسها وقالت بابتسامة خفيفة:
تمام يا ابراهيم معلشى تعبناك معانا
حرك رأسه رافضًا لهذا الحديث وهو يقول بمغزى صريح أراد به صفع أحدهم وإشعال الغيرة بقلب الآخر :
تعبكم راحه يا مرات الغالى
وبمجرد أن غادر العم جمال  دخلت لمنزلها ولكن قبل أن تغلق الباب أوقفها "الحج راشد" وهو يقول بنبرة جامدة: 
منى، استنى
طالعته بسخط وغضب شديد وهى تقول متسائلةً بلهجة صارمة  :
عايز ايه تانى ؟
أخرج "الحج راشد "من جيب ملابسه ورقة واعطاها لها وهو يقول :
خدى دا
قطبت "الست منى " حاجبيها متسائلةً بتعجب :
ايه دا ؟
رد "الحج راشد " عليها  قائلًا بطريقة حقيرة تلائمه   :
شيك بمليون جنيه ،عشان رنا وبس
نظرت"الست منى" له بغموض وما هى إلا ثوانى وقامت بتمزيق تلك الورقة وألقتها بوجهه وهى تقول :
مش عايزين منك حاجه ،فلوسك خليها لنفسك ،كانت تنفعنا زمان لكن دلوقتى معتش ليها لازمه
وأغلقت الباب خلفه ،بعد أن القت نظره خاطفة على الواقف بقرب والده ويطالعها بحزن وألم 

هبط الحج راشد وابنه دون أى رد فعل ،فقط الغضب والحزن على وجوههم ،ركبا السيارة برفقة مايا التى كانت تنتظرهم وانطلقا فى طريق عودتهم
رحلوا من المنزل أربعة وعادوا ثلاثة وهذا أفضل ما حدث

.....................................................................

بالداخل جلست وعد بالقرب من صديقتها على فراشها الخاص ،وضعت وسادة خلف ظهرها كى تستند عليها ،بينما أمسكت بكف يدها الغير مصابه تمسد عليه بحنان شديد

نظرت رنا لها بحنان وبسمة خفيفة تزين ثغرها ،بادلتها صديقتها تلك البسمة وهى تقول:
ألف سلامة عليكى يا ضي عنيا
ابتسمت "رنا" بخفة ثم هتفت متسائلةً:
جبتيها منين دى يا وعد؟
رد عليها "وعد" قائلةً بشرح :
تمثيلية قديمة شوفتها ،بس مش فاكره الاسم هبقى ابحثلك عنها عشان نشوفها سوا
حركت"رنا"رأسها موافقةً ثم قالت:
كترى من القديم دا كلامهم حلو ،بيخلوكى حنينه كدا
زمت"وعد" شفتيها قائلةً بتبرم:
على أساس أنى شريرة
حركت "رنا"رأسها نافيةً وهى تقول بتوضيح:
لا بس دبش ولسانك طويل
نظرت "وعد" لها بحاجب مرفوع ثم قالت متسائلةً بسخرية:
أنت مستحليه تعبك عشان تغلطى فيا براحتك ،صح؟
أومأت "رنا" برأسها وهى تقول :
حاجة شبه كدا
زفرت "وعد"أنفاسها بضيق فلم تعد تتحمل الاكمال بتلك المسرحية الهزيلة فهتفت مرة واحدة قائلةً بنبرة جامدة:
تمام ،هزرنا شوية ،ندخل فى الجد
توتر "رنا" من تلك النبرة  فهتفت متسائلةً :
خير يارب،فى ايه؟
نظرت "وعد" لها بغموض كأنها تحاول قراءة ملامح  وجهها  ثم قالت دفعة واحدة:
مين اللى عمل فيكى كدا يا رنا ؟
زفرت "رنا "أنفاسها بضيق ثم قالت لإنهاء هذا الحوار وعدم فتحه مرة آخرى:
وعد أنا خلاص سبت بيت جدى ،سبته بكل حاجه فيه ،فياريت نقفل الحوار هنا 
طالعتها بحاجب مرفوع وهى تقول بمغزى صريح :
يعنى اللى حصلك دا بفعل فاعل
حركت" رنا" رأسها نافيةً وهى تقول بشكل سريع:
أنا مقولتش كدا
ابتسمت "وعد" حين وصلت لمبتغاها ثم قالت بهدوء ينافى ما تقوله أو ما تفكر به بتلك اللحظة:
مش محتاجه تقولى حاجه يا رنا ،أنا هعرف بنفسى ،وصدقينى مش هرحم اللى كان السبب ،أيًا كان هو مين ؟

قالت ذلك ثم نهضت تاركةً صديقتها خلفها تشعر بالقلق والخوف عليها   ، وبينما هى متجهةً لباب المنزل سمعت والدتها وهى تقول  من داخل المطبخ :
يعنى مالك رجع يا منى؟
أومأت "منى"برأسها وهى تقول بتوضيح:
أه رجع ،جمال عرف وخدنى امبارح عشان نجيب رنا ،وصلنا من هنا ولقيناها واقعه على الأرض ومالك واقف فوق فى أول السلم
فهتفت "فاطمة" متسائلةً باستنكار:
يعنى هو اللى عملها ؟ مش مصدقه ، هى وصلت  لكدا ،دا شروع فى قتل يا منى
زفرت "منى" أنفاسها بضيق وهى تقول بقلة حيلة:
رنا مقالتش حاجه يا فاطمة، بس مفيش غيره ،هو اللى زقها أكيد  

عرفت ما كانت تجهله ،فلم يعد هناك داعى للبقاء ،دخلت لمنزلها ومن ثم غرفتها ،بدلت ملابسها وذهبت للمطبخ أخذت شيئًا ما ثم هبطت متجهة لوجهة تكرهها بشدة ولكن لا مفر من الهروب لابد من المواجهة لن تترك حق صديقتها يهدر هكذا دون الأخذ بالثأر، حتى وإن كان آخر شىء ستفلعه

بعد مدة قصيرة كانت وصلت أمام باب المنزل ،طرقت على الباب بعنف شديد ،فاسرعت الحاجه سندس بفتح الباب،وقبل أن ترحب بها أو تخبرها بأن صديقتها ليست هنا،دلفت رنا للمنزل وصاحت بصوت عالى قائلة:
البيه اللى فاكر نفسه راجل وبيتشطر على بنت ضعيفه غلبانه يورينى نفسه
تجمع أفراد العائلة على إثر هذا الصوت إلا المعنى بالامر فكان بغرفته بالأعلى نائمًا بعمق فقد ظل مستيقظًا للساعات الأولى من الصباح 
رد عليها الحج راشد قائلاً بحدة :
روحى يا وعد ،روحى وبلاش مشاكل ،صاحبتك رجعتلك وخلاص خلصنا
حركت "وعد" رأسها رافضةً هذا الحديث ثم قالت :
لا ملخصناش ،مش أنا اللى أسيب حق صاحبتى عادى كدا ،اللى غلط لازم يتعاقب
فى تلك الأثناء تسللت سهير للأعلى لغرفة ابنها ،فقد لمع أمامها  فكرة شيطانية لتنقتم من تلك التى اقتحمت منزلهم و وتقف بالأسفل تصرخ غير عابئة بأحد
اقتربت منه بعد أن أدعت البكاء والحزن  بجداره ،لامست كتفه عده مرات كى يستيقظ لكنه كان غارقًا حرفيًا ،فلم تجد أمامها سوى الصراخ كتلك التى بالأسفل فصرخت بصوت عالى بالقرب من أذنه ،انتفض النائم على أثره بحدة
وقبل أن يسألها لما فعلت ذلك وماذا يحدث؟صاحت "سهير" قائلةً بتمثيل بارع:
الحقنى يا مالك ،الحق أمك يا حبيبى ،البت جايه تشتم وتغلط فيا فى نص بيتى 

لم يكن بكامل وعيه ،لكنه هتف متسائلًا بضياع :
بت مين ؟ مش فاهم حاجه، حصل ايه ؟

ردت عليه بخبث وحقارة:
صاحبة رنا هنا ،جت عشان تنتقم منك ومنى ،عايزه تأذى أمك يا مالك ،يرضيك الإهانه دى يا ابنى ،وأبوك ساكت ،ماهو فرحان فيا طبعًا
لم تكمل حديثها حيث نهض من فراشه مُسرعًا وهبط للأسفل 
وجد تلك الفتاة تقف فى منتصف الصالة وتتحدث بصوت عالى وبجاحة لم يعدها
فصاح قائلاً بعنف:
عايز ايه يابت انتى؟ مين سمحلك تدخل البيت وتتكلم كدا ؟
ردت"وعد"  عليه قائلةً بغضب شديد  بعد أن أقتربت منه ووقفت أمامه مباشرة :
بت لما تبتك ،اتكلم معايا بأدب يا بتاع أنت
زفر أنفاسه بضيق وهو يقول بإقتضاب:
خلصينى أنا مش فايقلك، جايه ليه؟
ابتسمت"وعد"  بسخرية ثم قالت بنبرة جامدة :
جايه عشان حقها 
قالت ذلك ثم أخرجت من حقيبتها مقصًا حادًا كانت أخذته من منزلها واقتربت منه وعلى حين غفلة غرزته بيده ،صرخ الآخر بألم شديد وابتسمت الآخرى بانتصار ساحق  ولكنه تحول فجأة لوحش كاسر  حيث انقض عليها ،حاوط رقبتها بكلتا يديه ورفعها بعنف ،كأنه كان يتعمد خنقها ، كان مغيبًا تمامًا لم يكن يدرى ما ذا يفعل ؟ اجتمع أهل المنزل عليهما يحاولون تحرير تلك الفتاة  لكنه كان متمسكًا بها للغاية ، كانت تصارع للبقاء ودقات قلبها متسارعة بشكل غريب ومعدل تنفسها بطىء كأنها النهاية
لكنه تركها فجأة حين جاءت صورة ابنة عمه أمامه، تذكر ما حدث بالماضي،فابعدها عنه بحدة شديدة وصعد إلى غرفته بلمح البصر مُغلقًا الباب خلفه ،
ترنحت الفتاة وسقطت على الأرض من شدة الألم ،لم تتمكن من التنفس بشكل صحيح ،حاولت اخراج البخاخة من حقيبتها لكنها لم تملك القوى الكافية ،فاسرعت مايا عوضًا عنها وقامت بتفريغ محتويات حقيبتها وأخذت تلك البخاخة وناولتها إياها ،وبعد مدة قصيرة استعادت وعد تنفسها بشكل صحيح ،نهضت منكسرة و متألمة لم تمر بموقف كهذا من قبل ،هى تتظاهر بالقوة دائمًا ويخاف منها الجميع ولكنها ولأول مره يتم التعامل معها بتلك القسوة وتظهر حقيقة ضعفها ،اتجهت للباب وقبل أن تخرج للأبد التفت لترى وجوه الموجودين لتحفظها بعقلها  ،لن تنسى تلك الذكرى مهما مر عليها من سنوات  ،فقد حفرت  بعقلها و انتهى الأمر

عادت لمنزلها ،دلفت لغرفتها بهدوء ولم تتحدث مع أحد ،فقط أغلقت الأنوار و نامت بعمق ،كأنه الهروب ،الهروب مما حدث

و انقضى اليوم بدون أى شىء جديد

بحلول الصباح نهضت من فراشها وبدلت ثيابها ثم هبطت قبل أن يستيقظ أى أحد من سكان المنزل ،اتجهت لذلك الزقاق البغيض ،وصلت لمنزله ،صعدت بهدوء ثم طرقت عدة طرقات إلى أن فتح لها وعلى وجهه علامات الغضب والبغض ثم قال :
فى حد يجى فى وقت زى دا ،عايزه ايه؟ معيش فلوس أرجعهالك

لم تجبه بل دلفت للمنزل ببساطة ،نزعت وشاح رأسها لتظهر رقبتها أمامه و بها علامة كبيرة شديدة الإحمرار، وقبل أن يسألها  هتفت هى قائلةً:
بنتك اضربت وكانت هتموت امبارح  ، هتسكت ولا هتقوم بدورك كأب لأول مرة فى حياتك يا والدى العزيز؟

"هل حان وقت الانتقام آخيرًا، حين يتقابل الشر مع الشر فلا خاسر ولا منتصر اليوم ،فقط جريمة كاملة ودماء متناثرة، حقًا عبث "

_يتبع_
_الجزء الأول، الفصل الثامن و العشرون_
_مريض نفسى بالفطرة _

______________________________________

Don't forget the vote, please
أتمنى الفصل يعجب حضراتكم و مستنيه أرائكم، تصبحوا على خير

Continue Reading

You'll Also Like

9.8K 617 39
• بعد إنهاء المكالمه سهيله بتذهب الي مكان تواجد فارس عند الاستدج وبتصفعه صفعه قويه علي وجهه تحت نظرات تعجب من الجميع... • وقال بنبره مخيفه وساخره : ا...
3.3K 388 10
_لا نرىٰ "أعين مغلقة بغشاء البؤس فغفلت عن ما يحاوطها" _بؤس "كلمة جمعت أصدقائها" _عائلة "سعادة، شقاء" وكلما أغمضتُ عيني تتقاذف الأسئلة لـ عقلي ومن...
1.4M 115K 52
قصة حقيقة بقلمي الكاتبة زهراء امجد _شال ايدة من حلگي بعد مصاح مروان رجعت كملت جملتي اكرهك انت اناني متحب بس نفسك كأنما معيشنا بسجن مو محاضرة !!! مروا...
178K 9.2K 63
سَنلتقي .. رُبما يكون لقاءً بارداً تكتمُ فيه غيرتك وأمسكُ فيه لِساني عن اُحبّك ستنظر اليّ ، وسأنظر للجميع عداك .