تَعَافَيْتُ بِكَ

By ShamsMohamed969

14.9M 634K 219K

ظننتُ أن قلبي هذا لم يخلق له الحب، و ظننتُ أنني لم أملكُ يومًا قلب؛ إلا أن وقعت عيناي على عيناكِ ففرح قلبي بر... More

الاقتباس الاول
البارت الأول (عريس صالونات)
الفصل الثاني (كونه حنونًا)
الفصل الثالث (الليل و سماه)
الفصل الرابع(إعتذار)
الفصل الخامس (رؤية شرعية)
الفصل السادس (عقد قران)
الفصل السابع(اللقاء الأول)
الفصل الثامن(طبيبة نفسية)
الفصل التاسع(رُهاب إجتماعي)
الفصل العاشر (هل مستعد؟)
الفصل الحادي عشر (لا يريد الخِطبة)
الفصل الثاني عشر (هل وافقت؟)
الفصل الثالث عشر (فلنقرأ الفاتحة)
الفصل الرابع عشر (عيد ميلاد)
الفصل الخامس عشر (موعد اللقا)
تنويه🕊️
الفصل السادس عشر (هدير السبب)
الفصل السابع عشر (كُتبَ الكِتاب)
الفصل الثامن عشر ( مُقابلة)
الفصل التاسع عشر (من أين تعلم؟)
الفصل العشرون (لا تأتي)
الفصل الحادي والعشرين (لأنها فراشة)
الفصل الثاني والعشرون (شكرًا)
الفصل الثالث والعشرين (غرقتُ بعيناكِ)
الفصل الرابع والعشرين (طريقة علاج)
الفصل الخامس والعشرون (لأجلكِ)
الفصل السادس والعشرون (أول مرة)
الفصل السابع والعشرون (لن أتركك)
الفصل الثامن والعشرون (براءة قلبها)
الفصل التاسع والعشرون (ماضٍ لا يُنسى)
الفصل الثلاثون(عروس لعبة)
الفصل الواحد والثلاثون (قاعة زفاف)
الفصل الثاني والثلاثون (الحب القديم)
الفصل الثالث والثلاثون (من عاشر القوم)
الفصل الرابع والثلاثون (لن أستطع)
الفصل الخامس والثلاثون (قمرٌ ضائع)
الفصل السادس والثلاثون (في حمايتك)
الفصل السابع والثلاثون (بداية جديدة)
الفصل الثامن والثلاثون (ما إسمه)
الفصل التاسع والثلاثون (لا يقارن بأحدٍ)
الفصل الأربعون (يزيد حنقه)
الفصل الواحد وأربعون (أنا سأعرفك)
الفصل الثاني و الأربعون(أبو جميلة)
الفصل الثالث و الأربعون( مشيرة الرشيد)
الفصل الرابع و الأربعون (لن أريحكِ)
الفصل الخامس والأربعون (عروس مثل القمر)
الفصل السادس و الأربعون (زغروطة؟)
الفصل السابع و الأربعون (فرح)
الفصل الثامن و الأربعون (صرخةمن الماضي)
الفصل التاسع و الأربعون (العقارب على سمومها تقترب)
الفصل الخمسون (بك تعافيت)
الفصل الأول الجزء التاني (لن أستطع)
الفصل الثاني_الجزء الثاني (مريض)
الفصل الثالث_الجزء الثاني ( البقاء لله)
الفصل الرابع_الجزء الثاني(
الفصل الخامس_الجزء الثاني(لم يراعي شعوره)
الفصل السادس_الجزء الثاني (كتاب دين)
الفصل السابع_الجزء لثاني (وعد بالطلاق)
الفصل الثامن_الجزء الثاني (هل تعرفها؟)
الفصل التاسع_الجزء الثاني (كوب قهوة)
الفصل العاشر_الجزء الثاني(منذ ١٣عام)
الفصل الحادي عشر_ الجزء التاني (وضعهما غريب)
الفصل الثاني عشر_الجزء الثاني (مريض نفسي)
إعتذار رسمي
الفصل الثالث عشر _الجزء الثاني(اختبار صغير)
الفصل الرابع عشر_الجزء الثاني (خطيب الآنسة)
الفصل الخامس عشر_الجزء الثاني (مفاجأة)
الفصل السادس عشر_الجزء الثاني (إلحق)
الفصل السابع عشر_الجزء الثاني (يلقى مصيره)
الفصل الثامن عشر_الجزء الثاني ( ضربة سكين بمقتل)
الفصل التاسع عشر_الجزء الثاني( أنا مستعد)
الفصل العشرون_الجزء الثاني (من طُعن بالسكين ؟)
الفصل الحادي و العشرون_الجزء الثاني(عودة وليد الرشيد)
الفصل الثاني والعشرون_الجزء الثاني( لحظة ترقب)
الفصل الثالث و عشرون_الجزء الثاني( حول الهزيمة لنصرًا)
الفصل الرابع و العشرون_الجزء الثاني( هل جدير بالثقة؟)
الفصل الخامس و العشرون_الجزء الثاني(منك لله!)
الفصل السادس و العشرون_الجزء الثاني ( تخضعين للعلاج)
الفصل السابع و العشرون_الجزء الثاني ( أثر الفراشةِ)
الفصل الثامن و العشرون_الجزء الثاني (وضعت نفسها بمأذق)
الفصل التاسع و العشرون_الجزء الثاني (صفعةً مدويةً)
الفصل الثلاثون_الجزء الثاني (بالأدب)
الفصل الواحد و الثلاثون_الجزء الثاني( بأي ذنبٍ قُتل؟)
الفصل الثاني و الثلاثون_الجزء الثاني (الصبر على الابتلاء)
الفصل الثالث و الثلاثون_الجزء الثاني (صرخة ألم)
الفصل الرابع و الثلاثون_الجزء الثاني (ما هو إسمه)
الفصل الخامس و الثلاثون_الجزء الثاني (من حفر حفرةً لأخيه)
الفصل السادس و الثلاثون_ الجزء الثاني ( هل سيترك حقه؟)
الفصل السابع و الثلاثون_الجزء الثاني (وُضِعَ بمأذقٍ)
الفصل الثامن و الثلاثون_الجزء الثاني (فهم ظنونه)
الفصل التاسع و الثلاثون_الجزء الثاني (تسببت بمصيبةً)
الفصل الأربعون_الجزء الثاني (موعد الحق)
الفصل الواحد و الأربعون_الجزء الثاني (كيف يتصرف؟)
الفصل الثاني و الأربعون_الجزء الثاني (نجم شارد)
الفصل الثالث و الأربعون_ الجزء الثاني ( كيف هنا؟)
الفصل الرابع و الأربعون_الجزء الثاني (فرحة البيت)
الفصل الخامس و الأربعون_الجزء الثاني(ما لم يُحمد عقباه)
الفصل السادس و الأربعون_الجزء الثاني (تتعرفون عليها؟!)
اقتباس من الفصل القادم (تحت التهديد)
الفصل السابع و الأربعون_الجزء الثاني (ماذا يفعل هنا ؟!)
الفصل الثامن و الأربعون_الجزء الثاني (الحبايب هنا)
الفصل التاسع و الأربعون_الجزء الثاني (شر الدنيا)
الفصل الخمسون_الجزء الثاني (سبب الفرحة)
الفصل الواحد و الخمسون_الجزء الثاني(باح بالسر)
الفصل الثاني و الخمسون_الجزء الثاني (ما هي المفاجأة ؟)
الفصل الثالث و الخمسون_الجزء الثاني (عودة الحق)
الفصل الرابع و الخمسون_الجزء الثاني (الموعد المضبوط)
الفصل الخامس و الخمسون_الجزء الثاني (بالغصب)
الفصل السادس و الخمسون_الجزء الثاني (قنبلة موقوتة)
الفصل السابع و الخمسون_الجزء الثاني (طريقة خاصة)
الفصل الثامن و الخمسون_الجزء الثاني (فض شراكة)
الفصل التاسع و الخمسون_الجزء الثاني (فراق الحبيب)
الفصل الستون_الجزء الثاني (تمزق الروح)
الفصل الواحد و الستون_الجزء الثاني (عصفورٌ في اليد)
اقتباس من الفصل الجديد
الفصل الثاني و الستون_الجزء الثاني (حرية الاختيار)
الفصل الثالث و الستون_الجزء الثاني (وجهةٌ مصوبة)
الفصل الرابع و الستون_الجزء الثاني (عقل مريض)
الفصل الخامس و الستون_الجزء الثاني (لا حول ولا قوة)
الفصل السادس و الستون_الجزء الثاني (الكرة في ملعبه)
الفصل السابع و الستون_الجزء الثاني (ليلٍ لا يدوم)
الفصل الثامن و الستون_الجزء الثاني (بالطبع مستحيل)
الفصل التاسع و الستون_الجزء الثاني (السقوط في بئر الضياع)
الفصل السبعون_الجزء الثاني (مغيب عن الواقع)
الفصل الواحد و السبعون_الجزء الثاني (حرق أعصاب)
الفصل الثالث و السبعون_الجزء الثاني (حالة صدمة)
الفصل الرابع و السبعون_الجزء الثاني (لمن النصر؟)
الفصل الخامس و السبعون_الجزء الثاني (الموت قادم)
الفصل السادس و السبعون_الجزء الثاني (فخورًا بنفسه)
الفصل السابع و السبعون_الجزء الثاني (حق الاستغلال)
الفصل الثامن و السبعون_الجزء الثاني (عوض الله)
الفصل الثامن و السبعون_الجزء الثاني (ماذا تريد)
الفصل الثمانون_الجزء الثاني (أول سحور)
الفصل الواحد و الثمانون_الجزء الثاني (هل سيفي بوعده؟)
الفصل الثاني و الثمانون_الجزء الثاني (عودة الروح)
الفصل الثالث و الثمانون_الجزء الثاني (انسحبت الروح)
الفصل الرابع و الثمانون_الجزء الثاني (هل سيفيد بشيءٍ)
الفصل الخامس و الثمانون_الجزء الثاني (بكل راحة و يسر)
الفصل السادس و الثمانون_الجزء الثاني (رحمة الله عليه)
الفصل السابع و الثمانون_الجزء الثاني (ألم فقدانها!)
الفصل الثامن و الثمانون_الجزء الثاني (هل سيشعر به؟)
الفصل التاسع و الثمانون_الجزء الثاني (واقع أم حُلم؟)
الفصل التسعون_الجزء الثاني (إخطار من الوزارة)
الفصل الواحد و تسعون_الجزء الثاني (نظرةٌ قارنها العتاب)
الفصل الثاني و التسعون_الجزء الثاني (طوق نجاة)
الفصل الثالث و التسعون_الجزء الثاني (وحي الخيال)
الفصل الرابع و التسعون_الجزء الثاني (محاولة فاشلة)
الفصل الخامس و التسعون_الجزء الثاني (الزمن يُعاد)
الفصل السادس و تسعون_الجزء الثاني (غياهب الظلام)
الفصل السابع و التسعون_الجزء الثاني (ليلة الحنة)
الفصل الثامن و التسعون_الجزء الثاني (نهاية القصة)
تنويه هام🦋❤️
تجميعة الحلقات الخاصة

الفصل الثاني و السبعون_الجزء الثاني (لم يكن خيرًا)

84.7K 3.6K 976
By ShamsMohamed969

"الفصل الثاني و السبعون"
"رواية تَعَافَيْتُ بِكَ_الجزء الثاني"
_________________________

"و كأنني اليوم أضحك مع نفسي و أمرح مع ذاتي، اليوم تتوقت نفسي للفرحِ و نسيت معاناتي"
_________________________

_ كيف لي أن أكون غريبًا حتى عن نفسي ؟! كيف أكون مني تائهًا و فاقدًا لـ أُنسي، كيف غدا ليلي طويلًا و غابت عني شمسي ؟! اليوم نظرتُ في مرآتي فأصبحتُ لم أعرفني، و كأن نفسي القديمة غادرت مني، و تأكدت أن ما بقىٰ مني هو أسوأ ما تبقى من ذاتي....اليوم فقط خسرت راحتي و ربحت مُعاناتي.

في بيت آلـ «الرشيد» وصل «طـه» مع أبنائه بعدما قام «طارق» بتوصيلهما بسيارته و رحل مرةً أخرى نحو مَسكنه، كانوا في حالة غريبة مختلطة التأثير عليهم، فلم يعلم أيًا منهم كيف مرت تلك الليلة العصيبة عليهم جميعًا، أما «أحمد» فشعر بالخزي من نفسه بعد فعلته تلك، لطالما كان هادئًا حكيمًا يقوم بحساب خطواته قبل أن يُخطيها، لكن تلك المرة فعل ما لم يكن في حسبانه، حتى كادت تلحقه العواقب الوخيمة.

كانت «خلود» في حالة صدمة أيضًا بعد ذلك اليوم و رؤية أخيها مُكبل الأيادي كما لو أنه مُجرمًا خطيرًا يشكل خطرًا على الأمةِ بأكملها، تحمم «أحمد» في غرفته ثم ارتمى على الفراش بتعبٍ بلغ أشده و انهاكٍ ينهش في أعصابه مثل وحشٍ مفترسٍ، رفع كفيه يمسح وجهه ثم أغمض عيناهُ لعله ينعم ببعض السلام، حتى تفاجأ بطرقاتٍ رتيبة على باب غرفته، سمح للطارق بالولوج إلى غرفته، حتى تفاجأ بوالدته تركض إليه تحتضنه ببكاءٍ و لوعة الاشتياق، احتضنها هو الأخر مستسلمًا للراحة التي عبرت بين خلجات روحه مثل طفل الصغير الذي القى بتعبه في حضن والدته يشكي همه و يعالج في دفء عناقها ألمه.

جلست «زينب» معه و هو بين ذراعيها و هي تبكي حتى طلب هو منها أن تدعو الله له و تخلد لنومها، و بعد إلحاحه عليها خرجت من الغرفة و تركته بمفرده حتى ينام، و قبل أن يَغُط في ثباتٍ عميقٍ فُتح باب غرفته دون إنذارٍ مسبق و تفاجأ بـ «خلود» تقترب منه و في يدها صينية متوسطة الحجم قامت هي بوضع الطعام عليها، عقد ما بين حاجبيه حتى جلست مقابلةً له على الفراش تبتسم بتوترٍ و قالت بصوتٍ مهتز مترددٍ:

"يـ....يلا علشان تاكل يا أحمد.... أنا جهزت الأكل لينا احنا الاتنين، أنا ماكلتش من بدري و أنتَ كمان"

حرك رأسه نفيًا و هو يقول بنبرةٍ خافتة:
"شكرًا يا خلود مش عاوز آكل و الله، كلي أنتِ بألف هنا و شفا"

نزلت دموعها على الفور و هي تقول بصوتٍ باكٍ و ندمٍ يُقطر من كلماتها:
"أنا آسفة و الله، أنا عارفة إنك زعلان مني بس أنا ماكنتش أعرف....ماكنتش أعرف إن الأمور هتوصل لكدا.....متزعلش مني"

اقترب منها يسألها بلهفةٍ:
"ازعل منك !! ازعل منك أنتِ ليه ؟! أنتِ هبلة يا خلود ؟!"

ردت عليه هي بصوتٍ باكٍ:
"اللي حصلك بسببي كان كتير، حقك عليا و الله، متزعلش مني"

فهم ما تشعر به لذلك ظهر اللين على وجهه و غلف نظرته حتى اقترب منها يحتضنها و هو يقول بحكمة أبٍ:
"أنا مش زعلان منك علشان أنتِ معملتيش حاجة أصلًا، كل الحكاية أني زعلان عليكي أنتِ، كلامه عنك وسط زمايلك و ضحكتهم على كلام خايب زي دا خلتني مشوفش حاجة غير منظره و هو تحت أيدي مضروب، زعلي علشان بنتي اللي عمري ما اقبل حد يغلط فيها أو في سمعتها حتى، أومال أنا لازمتي إيه ؟! لو مش أنا اللي هجيبلك حقك و أقف في ضهرك ؟! أنا أمانك في الدنيا دي، أوعي تخافي طول ما أنا معاكي"

زاد بكاؤها و هي تحتضنه تتشبث به تزامنًا مع قولها:
"أنا بحبك اوي و كل يوم بتثبتلي أني كسبت كل حاجة بوجودك معايا، علشان خاطري خليك معايا علطول و متتغيرش عليا، أنا من بعد ما وليد مشي و أنا مليش غيرك، متسبنيش أنتَ كمان علشان خاطري"

مسد بكفه على ظهرها و هو يقول بنبرةٍ هادئة بعدما ابتسم بسمةً هادئة:
"أنا مقدرش أسيبك أصلًا، أنتِ أختي و صاحبتي و قبلهم بنتي، اللي ييجي جنبك أنا أموته عادي، أوعي تخافي من حاجة أو عينك حتى تنزل الأرض و أنا معاكي، افتكري علطول إني في ضهرك قدام الدنيا كلها"

ابتعدت عنه تبتسم له من بين دموعها فقربها هو منه يقبل رأسها ثم قال بهدوء:
"أنا اللي بحبك أوي أوي و بستقوى بيكي أنتِ، أنتِ صحابي و أهلي و كل حياتي كمان، صحيح جاية عليا بخسارة بس خسارة دمها خفيف و كلها شقاوة"

ضحكت هي رغمًا عنها و هو الأخر حتى ربت على ظهرها مرةً أخرى ثم قال بهدوء:
"يلا، تعالي ناكل سوا علشان أنتِ ماكلتيش و أنا كمان، يلا دي حاجة مبتتكررش كتير و خلود تحضرلي الأكل"

ابتعدت عنه تمسح دموعها حتى سحب هو منديلًا ورقيًا من جوار فراشه ثم اقترب منها يمسح وجهها و هو يبتسم لها ثم امسك الملعقة يملئها بالطعام بقدر مساحة فمها ثم ابتسم من جديد و هو يقول بنبرةٍ هادئة:

"فاكرة لما كنت أنا بأكلك !! يلا هأكلك أنتِ، علشان تتأكدي أني مش زعلان"

لمعت العبرات في عينيها تأثرًا من حديثه و ذكرياتهما سويًا حتى ادخل هو الملعقة بالطعام في فمها مثلما كان يفعل في صغره و يطعمها هو، أما هي فأمسك قطعة الدجاج و هي تقول بنبرة جاهدت لاظهار المرح بها:
"طب يلا زي زمان نقسم الفراخ، أنتَ تاكل معايا من الورك و أنا أكل معاك من الصدر، إيه رأيك؟"

حرك رأسه موافقًا ثم شرعا سويًا في تناول الطعام و على الرغم من ضيق شهيتهما إلا أن كلًا منهما كان يُطعم الأخر حتى يشجعه على تناول الطعام، حتى انهيا طعامهما سويًا و حملته «خلود» و خرجت من الغرفة و دخل هو المرحاض يغسل يديه ثم خرج من جديد فوجدها تقف و في يدها زجاجة العصير و هي تبتسم له و تقول:
"العصير بقى علشان تنام كويس، يلا يا سيدي مدلعاك أهو"

جلس على الأريكة و هو يبتسم و هي جلست بجواره تقوم بسكب العصير داخل الكوبين، حتى تحدث هو بحكمةٍ و رزانةٍ:
"خلود !! أنا عاوز اتكلم معاكي شوية، ينفع و لا مش وقته ؟!"

حركت رأسها موافقةً و نظراتها تطلب منه الاسترسال في حديثه حتى تنهد هو بعمقٍ ثم قال بنبرةٍ هادئة:
"عاوزك بعد كدا يا خلود لما يحصلك حاجة تيجي ليا علطول، بلاش تهربي و بلاش تقفلي على نفسك، التيرم التاني باديء بقاله اسبوعين أهوه و أنتِ قفلتي على نفسك بسبب كلمة مدرس أهطل قالها ليكي، فين خلود اللي أنا عارفها !!"

ردت عليه هي بسرعةٍ:
"علشان أنا خلود اللي أنتَ عارفها أنا معرفتش أسكت و رديت عليه ساعتها قولتله إن هو كمان كان أدبي و دا معناه أنه فاشل زيي، ساعتها هو زعل، بس أنا مش غلطانة هو كان أدبي فعلًا يبقى زعل ليه ؟!"

رد عليها مفسرًا يشرح وجهة نظره و التي هي بالفعل:

"علشان هو عاوز يكون بتاع منظرة مش أكتر، عاوز يكسب نقطة على حساب مشاعر الطلاب، فاكر أنه لما يعمل كدا طلاب علمي هيحبوه أكتر إنه بيفضلهم عن بتوع أدبي و بكدا يسحبوا بعض للدرس بتاعه، لو فكرتي فيها هتلاقي أن طلاب أدبي معظمهم بيعتمد على نفسه و مش بيروحوا دروس كتير و دا لأن الحالة الاقتصادية بتكون مأثرة على الكل، و ساعتها بيمشي نفسه من على النت و ملازم يذاكرها زي ما أنتِ عملتي كدا، إنما العلمي عاوز متابعة شوية لأنه متراكم على بعضه، هو بقى بيفكر كدا، لكن في الحقيقة إن دا هبل و عبط، الاتنين تعب و الاتنين عاوزين مجهود و الاتنين محتاجين جهد، الفرق بس إن فيه عند كل واحد قابلية لمواد مُعينة يقدر يذاكرها و مواد تانية مش قابل حتى يفتحها، أدبي أو علمي مش فارقة المهم إنك تكون بتعمل اللي عليك من غير خوف"

سألته هي بتشوشٍ:
"طب أعمل إيه دلوقتي بعدما اللي حصل !! مستحيل أقدر ادخل السنتر تاني يا أحمد"

ابتسم لها وهو يقول:
"متقلقيش دي سيبيها عليا أنا هحلهالك، عاوزك بس بعد كدا أي مدرس يقولك كلمة وحشة تكبري دماغك و تسيبك منه و افتكري إنه أولًا و أخيرًا غرضه مادي، المدرس اللي بجد و فاهم يعني إيه أسلوب تربوي، عمره ما هيهين طالب عنده أو يقلل منه، جو إن الكلمة الصعبة تجرحك و تخليك تشتغل أكتر دا أسلوب بهايم، مفيش إنسان عنده مشاعر في الدنيا دي هيقبل إنه يتهان بالطريقة دي علشان يقوى، أنا لو مدرس بجد و عاوز أشجع طالب، يبقى ازود ثقته في نفسه، أخليه يحبني و يحب حصتي، أشاركه أفكاره و أقبل بيها و اناقشه لحد ما يعرف الصح من الغلط، لكن اللي بيحصل دا سبوبة، علشان كدا أنا مش هشتغل في المهنة دي، علشان هتعارض كتير فيها، بس أنا عاوزك تثقي في نفسك و في قدراتك و إنك ذكية أوي و بشهادة الكل، حتى لو خلقك ضيق على المذاكرة بس قدراتك أكبر بكتير من سنك، بدليل إنك من البيت هنا قادرة تذاكري و تحلي لوحدك، يعني أنتِ لا فاشلة و لا غبية و لا صايعة زي ما البغل دا قال، أنتِ خلود، خلود الرشيد اللي مفيش منها و لا في تركبيتها دي كتير، أنتِ حبيبتي"

ارتمت عليه تحتضنه ثم امسكت وجهه تقبل وجنته بعد حديثه و هي تقول بمرحٍ و حبٍ:
"أنا بحبك أوي أوي، يا بخت البت سلمى بيك، يا رب ارزقني بواحد زيه يا رب، واحد يكون بيحبني زيه كدا"

احتضنها و هو يضحك بقلة حيلة ثم قال بهدوء:
"متخافيش، أنا واثق إنه هيحطك في عينيه و يفديكي برقبته كمان، نظرة عينه بتقول كدا كمان"
تجاهلت هي مقصد حديثه و ابتسمت بتوترٍ أما هو فـقبل رأسها ثم ربت على كفها بيده حينما وجد التوتر باديًا على وجهها.
________________________

في شقة «فهمي» والد «عامر» ذهبا معًا إلى هناك و خصوصًا أن «سارة» شعرت ببعض التعب و ذهبت مع والدة زوجها للطبيب، دلف «عامر» غرفته فوجد «سارة» بها تتسطح الفراش و في يدها هاتفها، اقترب منها يقبل رأسها ثم جلس مقابلًا لها يسألها بقلقٍ بالغٍ:

"عاملة إيه دلوقتي ؟! لسه تعبانة ؟! طمنيني عليكي و عليه"

ابتسمت له هي تطمئنه بنظرتها و حديثها الهاديء و هي تقول:
"اتطمن أنا كويسة أوي الحمد لله الدكتورة طمنتني الحمد لله و قالتلي إن دا طبيعي علشان أول حمل ليا، و إن الشهر التالت بدايته بتكون متعبة شوية، أنا غالبًا كدا بدأت فيه بقالي كام يوم و احنا كنا حاسبين غلط"

أمسك كفها بين كفيه يحتضنه و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"ألف سلامة عليكي و عليه، كان نفسي أجي معاكي و الله بس غصب عني، المهم خلي بالك من نفسك و ياريت بلاش حركة كتير، أكيد قالتلك طبعًا ترتاحي، صح ؟!"

حركت رأسها موافقةً بقلة حيلة فابتسم هو بثقةٍ و هو يقول:
"و طبعًا هترتاحي، مفيش شغل و مفيش هبل، و مش هتروحي عند مامتك علشان ولادك أختك، يبقى نعقل كدا و نركز كام يوم هنا لحد الاستشارة الجاية، تمام يا جرثومة ؟!"

امتعض وجهها ثم زفرت بقوةٍ و هي تقول بضجرٍ:
"لأ مش تمام طبعًا، أنا مش واخدة على القعدة كدا، أنا لازم اشتغل لازم أعمل حاجة، على الأقل أساعد في شغل البيت"

أثار حديثها حنقه لذلك رد عليها بسخريةٍ و هو يقول:
"أهو دا عيب إن الواحد يتجوز واحدة قادرة على التحدي، معلش يا جرثومة خليها عليكي، مشي الأسبوع دا كدا و اعتبريه أجازة شهر عسل"

ابتسمت هي بسخريةٍ و هي تقول بتهكمٍ:
"شهر عسل !! هنا في أوضتك ؟! طب اتكلم بثقة كدا لو أوضتك على البحر مثلًا"

وكزها في ذراعها و هو يقول:
"هو أنتِ كنتي تطولي تدخلي هنا أصلًا ؟! عارفة فيه كام واحدة حلمت إنها تتجوزني ؟!"

تبدلت نظرتها في غضون ثوانٍ و هي تنظر له و قالت بحنقٍ:
"كام واحدة يا أستاذ !! كمل كمل"

رد عليها هو بنبرةٍ هامسة:
"كانوا كتير بصراحة، بس و الله ما حد فيهم عمل فيا اللي أنتِ عملتيه، أنا ماكنتش كدا، بس أنتِ لما بقيتي موجودة أنا بقيت بحبني علشان أنتِ حبتيني"

رفعت عينيها تطالعه بتأثرٍ و تطلب منه الاسترسال و إكمال حديثه حتى قال هو بنبرةٍ هادئة يعبر بها عن مشاعره:
"أنتِ أحلى مسئولية أنا شيلتها في حياتي، و كنت واثق إن حياتي هتتغير على إيدك، و أهو البداية باينة أهو، هبقى أب، يمكن كل الناس كلامهم إن الراجل بيحس بعياله لما يتولدوا على عكس الأم، بس و الله أنا حاسس بيه من أول يوم عرفت فيه، علشان كدا أنا معنديش استعداد أشوف حاجة بتهدد حياتكم"

حركت رأسها بتفهمٍ ثم رفعت كفها تمسح دموعها التي هددت بالاعلان عن نفسها ثم قالت تمازحه بمرحٍ:
"تصدق إنك سوفسطائي فعلًا، لفيت عقلي بكلمتين و أنا مصيبتي سودا أني بقتنع بكلامك حتى لو اشتغالة، روح ربنا يسامحك يا ابن سيدة"

قفز على الفراش بجوارها و هو يقول بمرحٍ:
"إيه رأيك فيا و أنا بلبسك العِمة ؟! أي خدمة يا جرثومة"

ضربته على صدره بكفها و هي ترمقه بغيظٍ حتى قربها هو منه يحتويها بين ذراعيه وهو يقول بنبرةٍ هادئة:
"نامي يا جرثومة و اغزي الشيطان، في الصعيد حدانا اللي تمد يدها على جوزها تطلج في ساعتها، متخربيش بيتك بإيدك"

ابتسمت رغمًا عنها من طريقته و هو يتحدث باللهجة الصعيدية حتى ربت هو على ظهرها و هو يقول بنبرةٍ:
"ربنا يحفظكم ليا و أشوفه على خير و تقوميلي بألف سلامة يا رب"

أغمضت عينيها و هي تشعر بالأمان و السَكينة بقربه و من فرط حنانه عليها لمعت العبرات من جديد تأثرًا به و هو يحرك كفه على رأسها و يقرأ لها بعض أيات الذكر الحكيم الذي أخبره بها «ياسين» و على الرغم أن صوته لم يكن مثل الشيوخ أو قارئي القُرآن بصوتهم العذب، إلا أن الخشوع في صوته و نبرته جعلها تنام قريرة العين مُطمئنة البال بين ذراعيه و هو بجوارها كفه الأيسر على رأسها و كفه الأيمن يمسك الهاتف في يده يقرأ منه القُرآن، نظر بطرف عينيه عليها فوجدها نائمة حينها رفع الغطاء يدثرها به ثم وضع الهاتف بجواره و قبل أن يعتدل في جلسته صدح صوت هاتفه برقم شقيقه «عمار» عقد ما بين حاجبيه لكنه قام بالرد مُسرعًا على شقيقه و هو يقول بنبرةٍ هامسة:
"إيه يا عمار !! فيه حاجة ؟!"

_"آه يا عامر لو هينفع تعالالي أوضتي، عاوزك في حاجة ضروري"

"خلاص، ثواني و هجيلك "

أغلق الهاتف ثم انسحب من جوار زوجته و هو يبتسم على هيئتها ثم عدل الغطاء عليها و تحرك من الغرفة متوجهًا نحو غُرفة أخيه الذي كان يجول في غرفته ذهابًا و إيابًا و يضرب كفيه ببعضهما بعدما كورهما من شدة توتره، دلف له «عامر» و هو يقول بضجرٍ:

"خير يا أوس المصايب !! نعم؟"

أقترب منه «عمار» بلهفةٍ يمسك ذراعيه و هو يقول مسرعًا:
"عاوز منك خدمة مش هنساها ليك العمر كله، لو عملتهالي ابنك اللي جاي أنا هتكفل بيه لحد الحضانة، ابوس ايدك"

_"كفي نفسك يا أهطل"
رد عليه «عامر» بإيجازٍ و هو يطيح له برأسه فيما ضغط «عمار» على كتفيه و هو يقول:
"ابوس ايدك اخدم أخوك، دا أنا حبيبك و عارف كل حاجة عنك، هتتخلى عني ؟!"

زفر «عامر» بيأسٍ ثم قال:
"نعم !! خير يا عمار ؟!"

رد عليه مفسرًا بتوترٍ و نبرةٍ مهتزة الوتيرة:
"عاوزك....تكلم أحمد تطمن عليه"

رفع «عامر» أحد حاجبيه تزامنًا مع قوله مُستنكرًا:
"يا شيخ ؟؟ أحمد و لا أخت أحمد ؟! يا صايع يا سافل"

رد عليه «عمار» بضجرٍ:
"يا بني بقى، أنا مليش غيرك، كلمه أنتَ كأنك بتطمن عليه عادي و اسأل عليها و أعرف هي كويسة و لا لأ، يلا يا عامر، باقة الشهر الجاي عليا"

رد عليه بضجرٍ و ضيقٍ منه:
"يا بني أنتَ ليه بتعاملني أني مرتشي ؟! هو أنا حقير أوي كدا ؟!"

رد عليه «عمار» بقلة حيلة:
"أعمل إيه طيب ؟! مش عارف أنام من القلق، عاوز بس أعرف هما كويسين و لا لأ، بس مش أكتر، ساعتها هنام، بس بعد ما أصلي قيام الليل"

حرك رأسه موافقًا على مضضٍ ثم أخرج هاتفه و هو يقول بنبرةٍ هادئة تخلى فيها عن ضيقه و ضجره:
"حاضر، علشان تنام و ترتاح، ياكش نخلص من القصة المهببة دي، لما نشوف أخرتها"

ضغط على رقم «أحمد» يطلبه حتى يحدثه و يطمئن عليه أو تلك الحُجة الواهية التي يطلبها منه أخيه، قرر الانصياع لرغبة الأخر حتى وصله الرد من «أحمد» يقول بنبرةٍ هادئة:

"ازيك يا عامر، عامل إيه؟!"

فتح حينها «عامر» مكبر الصوت و هو يقول مجيبًا على تحييته تحت أنظار الأخر الذي انتبه بكامل حواسه لشقيقه:
"كويس يا أحمد الحمد لله، أنا بتصل بس علشان اتطمن عليك، الشباب كانوا قلقانين أوي عليك، قولت هضحي أنا و أكلمك و اطمنهم، أصلك متعرفش غلاوتك عندنا !!"

رد عليه «أحمد» بنبرةٍ هادئة:
"تسلم يا عامر ربنا يكرمك و شكرًا على تعبكم معايا النهاردة و اشكرلي عمار، أنا مش عارف أوفي جميله دا ازاي"

ابتسم «عمار» بهدوء فيما تحدث «عامر» بودٍ و تفهمٍ:
"متقولش كدا يا أحمد، أنتَ و خلود في عنينا، صحيح هي عاملة إيه ؟!... أصلها كانت تعبانة أوي و أنتَ جوة"

رد عليه «أحمد» متفهمًا:
"الحمد لله كويسة، هي كانت خايفة شوية، بس نايمة على الكنبة قصادي أهيه، و أنا حاولت أنام بس خلاص بقى فيها يومين لحد ما أنام"

رد عليه «عامر» مُسرعًا:
"لأ حاول تنام و ترتاح علشان متتعبش، أنا عارف إن اليوم كان صعب عليك، بس معلش حاول"

رد عليه الأخر ممتنًا له و لشقيقه مرةً أخرى ثم أغلق الهاتف بعد انتهاء المكالمة، حتى اقترب «عمار» منه يقول بلهفةٍ:
"مفهمتش برضه !! هي كويسة و لا إيه ؟! طمني"

امتعض وجهه و هو يرد على شقيقه بقلة حيلة:
"ولا !! بطل غباوة، قالك كانت خايفة و نامت قدامه، تحب نروح لحد بيتهم نغطيها ؟! دا إيه الهم دا"

رد عليه «عمار» بحنقٍ:
"ما هو أنتَ لو كنت فتحت معاه كلام تاني كان زماننا فهمنا هي عاملة إيه، بس أنتَ عمال تقفل معاه في الكلام و خلاص"

ضغط «عامر» على أسنانه و هو يقول بغيظٍ مكتومٍ منه:
"افتح كلام إيه تاني متخلنيش أفتح دماغ أهلك هنا، كفاية الحركة اللي عملتها قدام أبوها"

سأله «عمار» بلهفةٍ ممتزجة بقلقه و خوفه من والدها إن فهم مشاعره أو طريقته معها:
"تفتكر خد باله !! هو كان باين عليا يا عامر !!"

ابتسم بتهكمٍ و هو يقول ساخرًا و ساخطًا عليه في آنٍ واحدٍ:
"خد باله !! فوق يا عمار دا زمانه بيكتب القايمة دلوقتي، أنتَ مفضوح أكتر من ياسين، جتكم خيبة انتوا الجوز، أنا عارف مالكم كدا قدام بنات الرشيد !!"

ابتسم «عمار» بهدوء و هو يقول:
"مش عارف !! بس هما يحسسوك بحاجة غريبة، متفهمش فيه إيه، لو زي ما بتقول إني زي ياسين يبقى أنا مسحور باين"

سأله «عامر» بغرابةٍ من حديثه:
"ياه للدرجة دي ؟! دا أنتَ واقع على بوزك"

جاوبه بنبرةٍ هادئة هائمة بها و كأن طيفها يلوح أمام ناظريه:
"بص أنا مش عارف المشكلة فين بصراحة، بس أنا برتاح أو بكون مطمن لما بشوفها، أغرب شخصية شوفتها في حياتي، حاجة كدا تخليك تقعد تفكر إزاي كل دا يخرج من شخص واحد !!"

كان التساؤل يغلف نظرات أخيه طالبًا منه الاسترسال في حديثه حتى تابع الأخر قوله:
"عارف !! تبان مبتخافش و جامدة و بتاع، في نفس الوقت قلبها ضعيف أوي و عاملة نفسها جامدة، لما حد من اللي بتحبهم بيحصله حاجة هي بتتعب، خوفها النهاردة حسسني بمسئولية غريبة ناحيتها، مش عارف يا عامر بس أنا بقيت عاوز الأيام تجري علشان أقدر اطلبها"

ربت أخيه على كتفه و هو يقول بنبرةٍ هادئة و وجهٍ مبتسمٍ:
"اصبر و ادعي إنها تكون ليك علشان الموكوس اللي زيك كدا، ميقدرش يعمل حاجة غير أنه يدعي ربنا، مفيش حاجة تانية غير إنك تراعي ربنا فيها"

لحق بحديثه ملتهفًا بسرعةٍ كبرى:
"و الله العظيم يا عامر أنا مش بعمل حاجة غير أني ادعي بس، خايف أغضب ربنا فيها و يكون العقاب إنه يحرمني منها، خايف أعمل الذنب اللي يقف بين إجابة الدعاء في إنها تكون معايا، أنا شايف في خلود كل حاجة تخليني أحس أني إنسان، حاسس كدا إني هكون متونس معاها، أنا لما بشوفها بحس إني زي العيل الصغير اللي بيلعب في جنينة و مرة واحدة ظهرت عصفورة من بين الشجر شَغلته، ساعتها قرر هو أنه يسيبها بحريتها بدل ما يخنقها بعلاقة تفضل زي الحبل يشدها للغلط، هي أطهر و أنقى من أني أعصي الخالق فيها، و أجمل و أحلى من إن واحد زيي يستغل الحب و يأذيها، مفيش في أيدي غير الصبر و بس، و ساعتها هقول بقلب راضي و فرحان
[مَـــنْ صَـــبَـرَ ظَـــفَــر]"

أنهى حديثه ثم تنهد بعمقٍ و قال لأخيه بعدما نظر له بخجلٍ:
"شكلي كدا غرقت صح !!"

احضتنه «عامر» و هو يقول بنبرةٍ مرحة محاولًا اضافة المرح لأخيه:
"كبرت يا عموري و بقيت بتحب !! عمري قلب عامر بقى بيحب"

رد عليه أخيه بضجرٍ:
"بس بقى !! عموري قلب عامر دي كبرنا عليها بقى، خلاص"

ابتعد عنه «عامر» يقول بضجرٍ منه بعدما آثار حنقه بحديثه:
"يلا يا وش الفقر، هروح لـ سارة هي قلب عامر بجد، خليك بقى كدا لحد ما يحنوا عليك"

تحرك من الغرفة و هو يدندن بمرحٍ مقررًا إثارة غيظ أخيه، فيما تحرك هو «عمار» من موضعه بعدما تملك اليأس من نظرته على أفعال أخيه ثم قرر الوضوء و أداة صلاة قيام الليل، حيث قرر أن يجعل ليله هادئًا ساكنًا يطفئ نيران حيرته و خوفه بركعتين في جوف الليل، أنهى وضوءه ثم اقترب من هاتفه و قبل أن يقوم بأداة الصلاة الذي جاهد هو حتى أعتبرها الفرض السادس له أخرج رقم صديقه و أنتظر حتى أتاه الرد فقال بنبرةٍ هادئة:

"طبعًا كنت صاحي، يلا علشان تصلي، ربنا يكرمك يا عبدالرحمن"

رد عليه الأخر بنبرةٍ حماسية:
"مش هقدر أنام من غير ما أصلي، أنا بقيت برتاح علشان بصلي يا عمار، شكرًا إنك معايا"

رد عليه الأخر بحبٍ بالغٍ و يحثه على الاستكمال في سيره نحو الهداية و الثبات على طاعة الله، ثم أغلق الهاتف و قام بالاقتراب نحو الجزء الذي قام هو بصنعه في غرفته حيث قام بصنع زاوية صغيرة و كأنها مسجدًا له، و قام بوضع سجادة الصلاة بها و المصحف الشريف على الحامل المعدني الكبير، و أضواء زينة هادئة، وقف على سجادة الصلاة ثم تنفس بعمقٍ و طلب الحماية من وسوسة الشيطان له ثم رفع كفيه بتكبيرة الاحرام و شرع في أداء صلاته تاركًا هم دنياه بأكملها خلفه ينعم بالراحة بين يدي الخالق.
_________________________

نزل «ياسين» بزوجته من شقة والده بعدما أصر هو على الذهاب و هي أيضًا في الخفاء طلبت منه  ذلك معللةً حجتها بالقطة، أما موضوع شقيقها فسرد هو لها الموضوع بإيجازٍ و طمئنها و طمئن والدته حتى نزلا سويًا و ركبا السيارة معًا بعدما أعطاها له «ياسر»

كانت هي شاردة البال و هي تفكر في أخوتها و فسرت سبب قلقها إبان جلوسها مع «زهرة»، و قد لاحظ هو ذلك من خلال شرودها و تهجم وجهها و انفعلات جسدها فلازالت هي كما هي، حتى تحدث هو ساخرًا عليها:

"مفيش فايدة، خديجة هي خديجة، مش هتتغير"

انتبهت له و لجملته فبللت شفتها و هي تقول بصوتٍ خافتٍ مهتز الوتيرة و كأنها تحارب حتى تتحدث:
"فيه إيه ؟؟ حصل حاجة ؟! كلمتني و أنا مسمعتش ؟!"

حرك رأسه نفيًا ثم قال بهدوء:
"لأ يا خديجة، بس أنتِ خايفة و باين عليكي، و أنا و بابا طمناكي عليه خلاص، متخافيش و الله أحمد كويس أوي"

ردت عليه هي بصوتٍ مختنقٍ:
"يبان إنه كويس بس هو مش كدا، مش أحمد اللي باين قدامكم، أحمد اللي أنا حفظاه هيصعب عليه نفسه و مش هيعرف ينام و هيفضل طول الليل يلوم نفسه، أحمد هيتعب يا ياسين، و أنا علشان أخته عارفة هو هيحس بأيه، أنا مشكلتي في قلبي اللي بيحس بكل حاجة حتى لو وحشة، أنا بقيت بتعب من مشاعري أوي"

سألها هو بنبرةٍ هادئة أظهرت اهتمامه بحديثها:
"ليه طيب ؟! ما كل حاجة كويسة أهوه و الدنيا زي الفل"

ردت عليه هي تفسر مقصدها:
"يمكن علشان أنا كنت حاسة باللي حصل و قولت لماما زهرة أني قلبي مقبوض، و يمكن علشان حاسة دلوقتي بأحمد و مشاعره كأني أنا اللي حصل معايا كدا، و يمكن علشان حاجات كتير بقت بتخطر على بالي للأسف كلها بتكون صح، و لسه أنتَ مش عاوز تقولي حصل إيه معاك هناك علشان أنا متأكدة إنك مكنتش كويس"

تنهد هو بعمقٍ ثم أجبر شفتيه على التبسم و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"أنا كويس و كل حاجة هناك كانت زي الفل بفضل ربنا ثم مساعدة يوسف ليا، يوسف ساعدني كتير هناك، أنا ماكنتش فاهم الدنيا بس هو فهمني و ظبطلي كل حاجة، انما أحمد أنا فاهم أنه هيحس بخنقة و تعب، بس متخافيش هحلهالك"

عقدت ما بين حاجبيها باستنكارٍ و تعجبٍ تطلب منه المزيد فوجدته يحيد بالسيارة مُغيرًا وجهته و هي تتابعه بعينيها حتى رفع هو سرعة السيارة و هو يبتسم لها، حتى فهمت هي ما ينوي عليه و حينها تنهدت براحةٍ و لم تمنع نفسها من التبسم في الحال و هو قرر تجاهل نظرتها عن عمدٍ و ركز في القيادة و نظرًا لتقارب المسافات بين بيت عائلتها و بيت والديه في غضون دقائق صف السيارة أسفل البيت و قال بصوتٍ هاديءٍ:

"هكلمه أخليه ينزلك علشان لو طلعنا ممكن يقلقوا و أكيد هيمسكوا فينا نبات، الوقت متأخر أصلًا و الغلبانة اللي في الشقة دي كدا هتتخنق"

حركت رأسها موافقةً فيما أخرج هو هاتفه يطلب رقم شقيقها الذي رد عليه بعد مرور دقيقة تقريبًا أوشكت فيها المكالمة على الانتهاء دون تحقيق الهدف المطلوب، لكنه قام بالرد و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"ايوا يا ياسين، اؤمرني"

رد عليه الأخر مُسرعًا بهدوء:
"بص أنزل كدا على السريع و أطلع تاني، عاوز أديك حاجة مهمة، بس بالراحة ماشي !!"

قبل أن يرد عليه مستفسرًا أغلق «ياسين» المكالمة فورًا و هي تطالعه بتعجبٍ من فعله الغريب حتى تخلت عن استنكارها و سألته بحيرةٍ:
"مقولتش ليه أني معاك، كان ممكن يتطمن أكتر بدل ما ينزل قلقان كدا، حرام عليك تخضه"

حرك رأسه نفيًا ببساطةٍ و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"لأ خالص، هتشوفي بنفسك النتيجة اللي عاوزها، اسمعي مني أنا عارف بعمل إيه"

حركت رأسها موافقةً حتى فُتح باب البيت و طل منه أخيها و قبل أن يقترب منهما اندفعت خارج السيارة نحوه مُسرعةً بلهفةٍ و شوقٍ و ذكرت اسمه بلوعةٍ و كأنه أمه و رأته بعد فك حصار تم أسره بداخله، أما هو فرغمًا عنه ابتسم حينما ارتمت عليه تتشبث بعنقه و تسحب الهواء داخل رئتيها بعدما سجنته بداخلها، حتى احتضنها و هو يقول بثباتٍ من صوته الرخيم:

"أنا كدا خدت جرعة حنان تخليني أنام لمدة سنة، و الله العظيم كنت هكلمك أخر ما أغلب، بس أنا معرفش إنك عرفتي، كنت بفكر في حِجة تخليني أكلمك"

ابتعدت عنه تقول بلهفةٍ:
"مش محتاج حجة تكلمني بيها، أنا عيوني و عمري ليك يا أحمد، أنتَ كويس صح ؟! طمني"

حرك رأسه موافقًا وهو يقول:
"أنا بقيت كويس علشان حضنتك و طمنتيني، مينفعش أكون مش كويس بعد حضنك دا، يا بخت القلوب اللي قلبك يحبهم"

أقتربت منه تحتضنه من جديد و هي تربت على ظهره بكفيها معًا، حتى ابتسم هو بحنانٍ و هو ينظر ممتنًا لـ «ياسين» الذي نزل من سيارته و وقف يتابعهما سويًا، حتى ابتعدا عن بعضهما فاقترب منه «أحمد» يقول بنبرةٍ هادئة:

"شكرًا بجد، عارف إنها كلمة ملهاش لازمة بس أنتَ عملت فيا جِميلة بوجودها معايا دلوقتي، ربنا يخليك ليا و تفضل أخ كبير ليا، ربنا يفرحك دايمًا زي ما أنتَ بتفرحني كدا"

ابتسم له «ياسين» و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"متقولش كدا يا أحمد، أديك قولت أهو أخوك الكبير، يعني واجب عليا أني أكون في ضهرك زي شباب العيلة كلهم، المهم لو احتاجت أي حاجة كلمني، عن إذنك بقى يدوبك نروح"

رد عليه مسرعًا يقترح عليه البقاء معهما تلك الليلة و الانصراف في الغد، لكن «ياسين» رفض و تحجج بأنه سيذهب إلى مقر عمله كما أن زوجته تحتاج لبعض الراحة أيضًا، فلم يجد الأخر حلًا سوى الموافقة فودعهما سويًا حتى تحركت السيارة من أمام البيت، فدلف الأخر يصعد نحو شقتهم لكن قبل ذلك تفاجأ بها تصعد سلم البيت حتى وقفت خلفه قبل أن يدخل شقتهم، تعجب هو و التفت لها فوجدها تسأله بخوفٍ:

" اللي حصلك دا كان حقيقة فعلًا و لا طارق بيقول كدا !! أنتَ كنت في القسم يا أحمد !!"

تنفس هو بحدة ثم قال بقلة حيلة انهاها بالجمود:
"آه يا سلمى للأسف، خير إيه اللي مخرجك في وقت زي دا من شقتكم ؟! و صاحية ليه لحد دلوقتي"

ردت عليه هي دون تفكير:
"علشانك....اقصد يعني خرجت علشان.... أطمن عليك و على خلود، انتوا كويسين ؟!"

حرك رأسه موافقًا و هو يقول بثباتٍ يتنافى مع تعبه:
"آه الحمد لله يا سلمى كويسين، خلود نايمة، اتفضلي انزلي بقى ذاكري و لا نامي و ياريت متشغليش بالك بحاجة تانية خالص حتى لو أنا نفسي، ماشي"

طالعته بدهشةٍ من طريقة حديثه فأضاف هو بنفس الثبات:
"ركزي في مستقبلك و بس، مش عاوز منك حاجة تانية غير دي، سلمى !! ياريت تذاكري و لو أنا معطلك حتى لو بمجرد التفكير بلاش تفكري فيا، انسيني خالص"

ردت عليه هي بشموخٍ و ثباتٍ على عكس حزنها من طريقته الجامدة معها:
"اتطمن، أنا أصلًا مبفكرش فيك، أنا كل اللي شاغلني المذاكرة و بس علشان أخلص السنة دي و أحقق حلمي، معنديش وقت اضيعه في حاجة تانية حتى لو كان مجرد التفكير، عن اذنك يا ابن عمي"

تركته و نزلت إلى شقتهم بينما هو زفر بقوةٍ بعد نزولها ثم دلف شقتهم بانهاكٍ بات واضحًا عليه و على كامل هيئته و عينيه اللاتي زاغتا في اللاشيء بعد نزولها، لا يدري لماذا تحدث معها بتلك الطريقة لكنه خشى أن مشاعرها تختلط ببعضها و تضعف من عزيمتها معللةً أنه ينتظرها على أي حالٍ

نزلت هي لـ غرفتها فغضبٍ مكتومٍ حاولت الثبات في اخفائه لكنها فشلت في ذلك حينما جلست على مقعدها تهز ساقيها بانفعالٍ و هي تفكر في طريقة حديثه معها و في أوج غضبها أمسكت ورقة و قلم تخط بها جدولًا دراسيًا تتحدى فيهِ نفسها بأنها سطسطتع مضي تلك السَنة الدراسية حتى و إن كانت تراخت بعض الشيء لكن عزيمتها و قدرتها ستساعدها و خاصةً بعد حديثه ذاك.

قامت بوضع يوم لكل مادة دراسية تقوم في هذا اليوم بالاستيقاظ مُبكرًا قبيل صلاة الفجر تقوم بأداء فرضها و قراءة وردها ثم متابعة مذاكرة دروسها حتى العاشرة صباحًا ثم تخلد للنوم ساعتين حتى موعد صلاة الظهر، حينها تقوم بأداء فرضها ثم تعود لمذاكرة نفس الواد حتى لا تتشتت ذهنيًا كما قامت بعمل فاصل زمني لمدة ٢٠ دقيقة من خلالها تقوم بتصفح الهاتف على الرغم من كونها لا تبالي كثيرًا بمواقع التواصل الاجتماعي كما أنها لا تشغل بالها بها، قامت بترتيب الاسبوع بأكمله ثم تنهدت بعمقٍ و هي تتابع الجدول ثم قالت بصوتٍ مسموع لنفسها:

"كدا تمام نصحى قبل الفجر نصلي ركعتين قيام و بعدها نصلي الفجر و نقرأ الوِرد و الأذكار بعدها نبدأ المذاكرة لحد الساعة ١٠ الصبح و بينهم فاصل ٢٠ دقيقة راحة، و بعدها ننام ساعتين و نصحى بعد الضهر نصلي و نذاكر و لو دروسنا قبل الضهر نروح و نيجي نرتاح و بعدها نذاكر، كدا تمام"

تنفست بعمقٍ ثم بدأت في التنفيذ فورًا لما خططت و بداخلها طاقة كبيرة تود إخراجها فرآت أن أنسب طريقة هي المذاكرة مُقررةً ثبات نفسها أمام ذاتها قبل الآخرين و قبله هو.
_________________________

وصلت «خديجة» مع «ياسين» إلى الشقة بحالٍ تبدل عن السابق إلى المائة و ثمانون درجةٍ بعد عناقها لأخيها و رؤيتها حتى أجزم هو أنها من المؤكد تملك قوة سحرية تستطع من خلالها تبديل حزنها إلى السعادة في غضون ثوانٍ و كأنها جمعت خفة العالم و بساطته في قلبها كما لو أنها فراشةً تطوف بجناحيها على الزهور تأخذ منها رحيقها غاضة البصر عن شوكها.

ركضت هي فورًا نحو قطتها بلهفةٍ تطمئن عليها و هو في الخلف يغلق باب الشقة و السخرية و التعجب يبديان على وجهه و زادا أكثر حينما استمع لصوت ضحكاتها العالية و كأنها تمرح مع احدى صديقاتها، اقترب يقف خلفها على مقربةً منها و هو يسألها بسخريةٍ:

"ها بنتك عاملة إيه !! اتمنى تكون بخير إن شاء الله"

التفت له تقول بحنقٍ منه و القطة على ذراعيها:
"لو سمحت ملكش دعوة بيها، روح شوف حالك و سيبني معاها علشان وحشتني أوي"

أثار حديثها حنقه حتى رد عليها بتهكمٍ يسخر منها بقوله:
"اتنيلي، دا أنتِ لسه عارفاها امبارح، وحشتك إمتى !!"

وقفت أمامه تقول ببرودٍ:
"عادي فيها إيه يعني ؟! بقينا عِشرة، مش ذنبي إنك مش فاهم العلاقة اللي بيننا"

اقترب منها و على حين غُرة سحبها نحوه و هو يقول بنبرةٍ هامسة:
"طب ما تسيبك من علاقتك بيها، و خليكي في علاقتك بيا، دا أنا حتى راجع من الصحرا و عطشان، إيه يا كتكوتة !! مالك مش معبراني ليه ؟!"

ابتسمت له و هي تقول بسرعةٍ كُبرى و خجلٍ طفيفٍ طغىٰ عليها رغمًا عنها رغم محاولتها باخفائه و التحلي ببعض الجرأة:
"حقك عليا، بس أنا عاوزة أقولك شكرًا علشان خلتني أتطمن على أحمد و أنام و أنا مرتاحة، أنا بحبك أوي"

ابتسم هو لها ثم قال بنبرةٍ ودودة على الرغم من فرحته بتلك الكلمة البسيطة:
"مش دا اللي أنا عاوزه منك، مش عاوز منك شكر و لا أي حاجة، عاوزك بس تفرحي و متقلقيش من أي حاجة، أنا دوري أني أشيل الخوف من طريقك"

تحدثت هي بهدوء و امتنانٍ له:
"مش بعرف أقول كلام حلو زيك، علشان كلامك هو اللي حلو أوي و أي كلام قصاده بيكون عادي، بس أنا بحبك و نفسي أخليك مبسوط علطول، و هحاول و الله علشانك"

اتسعت بسمته تلقائيًا بعد حديثها فرد عليها هو بنبرةٍ هادئة:
"مش عاوز غير كدا بس، عاوز منك تكوني قدام عيني بخير و في حضني بأمان من غير خوف، عاوزك تتأكدي إن الدنيا دي أنا مش هقبل في يوم إنها تكسرك و لو على رقبتي و الله العظيم"

رفعت عينيها تطالعه بسهام الحب التي اخترقت قلبه فورًا و كأنها تهدم سدودة المنيعة، و لكن أي سدود تلك التي يبنيها هو أمامها إن كانت هي بنفسها تسكن بداخله، أما هو فمال عليها يحتضنها و هو يقول بنبرةٍ هادئة سامحًا لخوفه السابق بالظهور و الاعلان عن ضعفه أمامها:

"أنا بقيت أخاف يجرالي حاجة تخليني أبعد عنك علشان خوفي عليكي بيتعبني، بحس بضعف غريب أوي، بالظبط زي احساس اللي بيته اتهد و بقى مكشوف لكل الناس، بستغرب ازاي أنتِ في ضعفك دا تقويني و ازاي في غيابي برضه بتحتويني، أنا اللي عاوز أشكرك على كل احساس حسسني أني إنسان حلو، شكرًا علشان عيونك اللي بيحسسوني أني معايا الدنيا كلها، مينفعش في وجود عيونك أحكم أني غريب علشان الغريب دا لقى وطنه في عينك يا خديجة"

نزلت دموعها حتى شعر هو بها على ثيابه و هي تسكن بين ذراعيه، فابتعد عنها يمسك وجهها بين كفيه و هو يقول معتذرًا لها بنبرةٍ هادئة:
"و الله مش عاوزك تعيطي بس يعلم ربنا يا خديجة إن قلبي مبقاش ملكي و بقى ليا سُلطة عليه، أنا قلبي بقى خارج طوعي في حُبك و مبقيتش عاوز من الدنيا غير فرحتك و إن ضحكتك تفضل منورة وشك، الدنيا دي هييجي يوم و هسيبها و بتمنى من ربنا أن اليوم دا يبعد و يطول علشان اعيش عمرين فوق عمري معاكي أنتِ، أنا كل اللي طالبه إن قلبي ميتوجعش عليكي و أشوف زعل في عيونك"

حركت رأسها موافقةً فابتسم هو لها ثم احتضنها مرةً حتى هي تركت القطة تنزل من على يدها ثم استكانت بين ذراعيه و لا تدري أيًا منهما يمد الأخر بالقوة هو أم هي؟! لكن المؤكد أن قلبه لقلبها مثل الغيث على أرضٍ جارفة أروىٰ عطش روحها، حتى أنه الوحيد في تلك الدنيا الذي استطاع حل أصعب معادلة واجهتها في البحث عن الأمان الذي اختصرته بعد العثور عليه في كلمةٍ واحدة و هي

"يــاســين".
_________________________

في شقة «حسن» استكان هو بين ذراعي زوجته أو هكذا المفروض أن يحدث حتى تبدلت الأوضاع و احتضنها هو يكبل حركتها نهائيًا و يقيد حرية جسدها، حتى رضخت هي لذلك الوضع و جلست تتابع التلفاز بوجهٍ مُتهجمٍ بعد حديثه الغريب الذي تحدث به أثناء نومه؛ حتى بدأ هو يتململ في نومته بعد مرور ساعتين تقريبًا من ذلك الوضع حتى رفع رأسه يطالعها بملامح وجه ناعسة و فرق ما بين جفنيه على مضضٍ حتى نظر لها و هو يقول بصوتٍ متحشرجٍ:

"إيه اللي مصحيكي لحد دلوقتي ؟! منمتيش ليه ؟!"

ابتسمت بسخريةٍ و هي تقول:
"بص كدا أنتَ عامل فيا إيه ؟! هو أنا ههرب منك ؟! عيب بقى الحركات دي يا أبو علي"

ابتعد عنها في الحال و هو يقول بغير تصديق حينما وجد كفه يقبض على كفيها و جسده بالكامل يغطي جسدها و كأنه يحميها مثل السد المنيع:
"أنا أسف معلش، بس أنا شوفتك ماشية و أنا نايم، مش عارف دا كان بجد و لا إيه"

حركت رأسها موافقةً ثم أضافت تؤكد ما رآه هو في نومه:
"آه دي حقيقة، كنت هسيبك و أقوم اقفل النت و النور و اتمم على كل حاجة، لقتيك بتقولي مش هسيبك و كتفتني كدا، لولا إنك جوزي كنت فتحت دماغك"

رفع كفيه يمسح وجهه بعنفٍ ثم حمحم بخشونةٍ و قال بصوتٍ رخيم لازال به أثر نومه العميق:
"أنا مش فاهم بيجرالي إيه قصادك، أنا كنت تقيل و راسي، بيحصلي إيه معاكي ؟! بقيت بخاف عليكي و بخاف تمشي و بخاف من الدنيا، إيه دا !!"

طالعته بدهشةٍ فحرك رأسه ينظر لها و هو يسألها بحيرةٍ كما لو أنه المغلوب على أمره:
"هدير أنتِ معايا حتى و أنا نايم، أنا عمري ما حلمت قبل كدا، بس بقيت بحلم بيكي، بشوفك في نومي و بقيتي محوطاني، كل مرة بسمع فيها كلمة حلوة منك قلبي بيتحرك من مكانه و بحس بيه، أنتِ تاني واحدة في الدنيا دي كلها القلب يدق من خوفه عليها و يتحرك من حبه ليها"

طالعته بعينيها تطلب منه الاسترسال أكثر حتى يتضح لها عن من يتحدث على الرغم من تخمينها ذلك و بالفعل أثبت هو شكوكها حينما قال مُفسرًا:
"الأولىٰ هي أمي، كانت الوحيدة اللي بخاف عليها و الوحيدة اللي حبيتها، و أنتِ تاني واحدة أحس بكدا ناحيتها، حسن اللي كان زاهد في الدنيا مستني ميعاد موته بفارغ الصبر زي الغريق في عرض البحر، جيتي أنتِ قشاية اتعلق بيها و بقى يطلب إنه يعيش معاكي كل اللي جاي من عمره، أقولك على حاجة، حتى و أنا نايم بكون فرحان علشان بشوفك في حلمي"

اعتدلت في جلستها بعد حديثه ثم قالت بهدوء تحاول الهروب من حديثه:
"هو أنتَ كنت في تخشيبة بجد ؟! أنتَ قولتلي كدا لما جيت، هو أنتَ كنت سكران يا حسن ؟!"

ابتسم بخفةٍ و هو يقول:
"تقريبًا كدا آه، و الله كان الواد جنبي بيشرب سيجارة غريبة غالبًا هي اللي عملت فيا كدا، بس اتمنى أكون معكيتش الدنيا في نومي"

ابتسمت له بسخريةٍ تزامنًا مع قولها المتهكمٍ عليه:
"خالص يا جدع، قول كلام غير دا هو أنتَ قولت حاجة !! عكيت الدنيا بس"

انتبه هو لحديثها الذي قالته فسألها بريبةٍ و حذرٍ:
"عكيت !! عكيت قولت إيه ؟! قولي بسرعة يا هدير، أنا قولت إيه و أنا مسطول، قصدي و أنا متنيل على عيني"

ابتسمت بخبثٍ و هي تقوم بسرد ما حدثها به أثناء نومه حينما كان في عالمًا أخر غير ذلك

(قبل استيقاظه من نومه)

_"تخشيبة !! هو قال تخشيبة بجد ؟!"
هكذا حدثت نفسها بعد حديثه ثم هزته بقوةٍ لعله يفيق و يخبرها بماذا تحدث قبل نومه حتى تفاجئت به يكبل حركتها نهائيًا حينما طغى بقوة جسده عليها و هو يقول بصوتٍ ناعسٍ تائهٍ:
"ما تبس بقى و اسكتي يا هدير، خليني كدا أحسن"

فتحت عيناه بسرعةٍ و هي تقول بحنقٍ و نبرةٍ منفعلة:
"يابني فوق !! أنتَ مكتفني"

رفع فمه يقبل وجنتها ثم وضع رأسه على كتفها و هو يقول من بين نومه:
"تعرفي !! أنا كنت بكرهك أوي، كل ما أشوف وشك ببقى عاوز ايديكي على وشك علشان تفوقي، كل مرة كان نفسي أجي اهزقك"

شهقت هي بقوةٍ بعد حديثه و حاولت فك حصار جسدها المقيد بجسده و قبل أن ترفع صوتها تعنفه تحدث هو بنعومةٍ تتنافى مع وقع كلماته عليها:
"كل مرة كنا نتقابل صدفة كنت بجبر عيني متشوفكيش، علشان مستحيل كنت أصدق إنك تكوني معايا في يوم، كنت بجبر نفسي أكرهك حتى من قبل ما اتجوز وجودك كان بيستفزني"

رمشت ببلاهةٍ و فرغ فاهها بشدة بعد وقع كلماته عليها حتى أضاف هو بعدما حرك رأسه يلقيها في المسافة الواقعة بين عنقها و كتفها يهمس في أذنها:
"بس أنتِ مينفعش تتنسي، مينفعش العين تشوفك و متتشغلش بيكي، أنا طلعت أهبل علشان بحبك من غير ما أحس بنفسي، أول مرة اتخطبتي فيها اتأكدت إن أي حاجة بفكر فيها ناحيتك لازم تختفي، بس لما الفرصة جت تاني، أنا مسكت فيها بايدي و سناني....هدير..."

كان حديثه في نومه و كأنها تجاريه و في الحقيقة أنها مصدومة مما يخبرها به حتى ذكر اسمها ثم توقف لبرهةٍ قليلة اثارت انتباهها حتى قبل وجنتها ثم تابع حديثه بقوله:
"أنا بحبك، بس زعلان منك"

تخلت عن صدمتها و صمتها و هي تسأله بنبرةٍ مهتزة بعدما بُهت وجهها واستحال للون الأصفر:
"لـ....ليه يا حسن !! زعلان مني ليه ؟! أنا معملتش حاجة"

رد عليها هو بنفس الصوت الناعس:
"علشان سيبتيني كل دا من غيرك، ليه محبيتنيش من الأول بدل ما هي تجرحني كدا !! ليه أنا مشغلتكيش زي ما أنتِ شَغلتيني ؟! أقولك على حاجة، حضن ريم و حضن حنان بارد ميطمنش، حضنك أنتِ بس اللي لقيت نفسي فيه، الضلمة نورت بوجودك و الدنيا ضحكت بعيونك ..... برضه مش هتقوليلي أنا كنت عايش قبلك ازاي ؟!"

نزلت دموعها رغمًا عنها على حديثه الذي و إن دل على شيء فهو يدل على كم الوجع الذي عايشه هو حتى من قبل بداية قصتهم كان حبيبًا مجهولًا لها و هي لم تتذكر حتى اسمه في تلك الأوقات !!"

(عودة إلى لحظتهم الحالية)

قصت عليه كافة التفاصيل الخاصة حتى طريقته و نبرته تلك التي تخللت عُمق روحها، و كان هو يستمع لها بتيهٍ و تشوشٍ و عينين متسعتين على أخرهما، فحتى تكذيبها لم يقوىٰ عليه فحديثها بالكامل صحيحًا، تفاجأ بها بعد نهاية الحديث تسأله بتيهٍ و ضياعٍ ممتزج بالحدة الواهية:

"بقى أنا كنت بستفزك !! أنا كنت كل شوية أخليك عاوز تضربني ؟! ليه يا حسن ؟! أنا دلوقتي عاوزة أمسك فازة أكسرها على دماغك"

رد عليها هو بنبرةٍ جامدة:
"أنتِ هطلة !! سيبتي أهم حتة في كلامي و مسكتي في دي ؟! بقولك شَغلتيني من الأول خالص، و لما اتخطبتي أنا زعلت، و بقولك حضنك هو اللي بيطمني، و أنتِ دا اللي فرق معاكي !! آه كنتي مستفزة و باردة و بتتكبري، مش فاهم ليه"

اتسعتا حدقتيها بقوةٍ تزامنًا مع شهقة جامدة خرجت منها حتى سحبها هو يقربها منه و يدخلها بين ذراعيه و هو يقول بنبرةٍ هادئة محاولًا إصلاح في ما أفسده بحديثه و هي تحاول الابتعاد عنه، حتى لف ذراعيه على ذراعيها و هو يقول بنبرةٍ هامسة أمرًا لها:
"اثبتي !! مش دا حضني اللي كل شوية بتطلبيه ؟! اتهدي بقى"

سكنت حركتها نهائيًا و هي تتنفس بحدة حتى قال هو بنبرةٍ هادئة:
"مش عاوزة تعرفي كنت في التخشيبة ليه !! مش هتطمني على أبو علي حبيبك"

حركت رأسها للخلف تنظر له حتى قرأ هو الفضول المغلف نظرتها حينها ارتخت قبضته من عليها ثم قام بسرد ما حدث معهم و مع ابن عمها و كيف انتهت تلك الليلة العصيبة عليهم جميعًا، سكتت هي تمامًا و هي تتابعه حتى انهى حديثه فأسرعت تقول بخوفٍ عليه:

"طب و أنتَ حصلك حاجة !! ازاي تعمل كدا يا حمار ؟! افرض معرفتش تخرج تاني ؟! كنت هتتصرف ازاي ؟!"

رد عليها يطمئنها:
"متخافيش و الله، دي حاجة معروفة في أي قسم شرطة، و بعدين كان معايا الرجالة كلهم برة يعني مستحيل حاجة تأذيني و يسكتوا، بعدين مكانش ينفع اسيبه لوحده جوة"

سألته هي باهتمامٍ واضحٍ:
"يعني أنتَ دخلت علشان أحمد !! ضحيت بنفسك كدا علشانه هو ؟! و مخوفتش حتى ؟!"

حرك رأسه موافقًا ثم قال ببساطةٍ لا يكترث لأي مخاطر قد تواجهه:
"آه، أحمد أخويا و بنشتغل مع بعض يا هدير، مكانش ينفع أسيبه لوحده جوة في مكان زي دا، و بعدين علشانكم انتوا برضه أكيد لو كان جراله حاجة محدش كان هيستحمل"

ارتمت عليه هي تلك المرة تحتضنه و هي تقول بصوتٍ مختنقٍ متأثرٍ:
"أنا بحبك أوي، أنتَ إزاي شهم و طيب كدا !! يا بخت الشباب كانوا صحابك من زمان، يا بخت اللي يتسند على حسن المهدي"

ابتسم هو بسعادةٍ بالغة و هو يسألها بصوتٍ رخيمٍ:
"خلاص !! مش زعلانة من اللي قولته و أنا مسطول ؟!"

حركت رأسها نفيًا فوقف و هي معه بعدما أمسكها هو ثم قال بنبرةٍ مرحة:
"تعالي اصالحك برضه، شكلك زعلانة و أنا مقدرش على زعلك"

عقدت ما بين حاجبيها و هي تسير معه حتى خرج بها من غرفتها المفضلة و توجه نحو صالة الشقة و هو يضحك باتساعٍ حتى اغلق الأضواء القوية و قام بتشغيل الأضاءة الخافتة من خلال جهاز التحكم ثم قام بتشغيل أغنية من إحدى أغنياته التي يحبها و هي تتابعه بتعجبٍ و بسمةٍ مكتومة حينما ضمت شفتيها ببعضهما حتى لا يفتضح أمرها بتلك البسمة فقال هو بعدما غمز لها بمشاكسىةٍ:

"بناديك تعالى !!"

حركت رأسها باستنكارٍ حتى اقترب منها هو يمسك ذراعها يقوم بتدويرها مثل العروس في يده و هو يضحك بملء شدقيه و فرحةٍ كبرى، أما هي فشعرت بالغرابةِ منه و من طريقته حتى بدأ يرقص معها على كلمات الأغنية بمرحٍ و هو يغني معها و هي تتحرك في يده بخفة:

"بناديك تعالى.....بناديك تعالى....بناديك تعالى....يحلو العمر بيك.....بناديك تعالى....بناديك تعالى شايف أحلامي فيك....مغيرني بقى اللي يشوفني يسألني بحب جديد.....مغيرني و شوقي ليك مغلني ملوش مواعيد....بناديك تعالى.....بناديك تعالى يحلو العمر بيك، بناديك تعالى شايف أحلامي فيك....تصدقني أنا اتعودت على قربك و خدت عليه...صدقني دا مش دلوقتي دا قدري أقرب ليك....بناديك تعالى"

ضحكت هي أخيرًا معه و هو يضحك حينما شبك كفيه بكفيها يدورا سويًا و كأن الربيع حل على روح كليهما، فرقصا مثل الأطفال تحت المطر كما لو أنها زهرتين، و استمرت حركاتهما الطفولية تلك و ضحكاتهما الرنانة ترتفع أكثر سامحين لروحهم تخرج طاقتها السلبية و كل ما مر عليهما حتى الآن من فترةٍ سلبية لازال أثرها عالق بروحهما كما تتعلق الدموع بأهداب العينين، انتهى الأمر حينما كادت تسقط خلفها بعدما تعرقلت قدميها في قدميها فأسندها هو و دعم جسدها حينما اقترب من الحائط يسندها عليه و هو أمامها يلهث بقوةٍ و هي الأخرى و لازالت تضحك حتى ضحك هو الأخر ثم ضرب رأسه في كتفه و هو يقهقه عاليًا و هي الأخرىٰ تضحك معه حتى قال هو من بين ضحكاته:

"خرجنا كَبت سنة كاملة، معاكي لحد السنة الجاية بقى لحد ما تكشري تاني، أظن كدا عداني العيب"

حركت رأسها موافقةً بقوةٍ و هي تبتسم باتساعٍ و لازال صدرها يعلو و يهبط من فرط الانفعال و حركتها معه حتى أمعن النظر في وجهها و هو يقول بنبرةٍ هائمة:

"أنا الذي عَاش فِي دُنياه وَحيدًا و عـنْ نَفسي حَـتىٰ غريبًا، لـ أكسب في وُجودُكِ كما لو أنني وجدتُ عالمًا يُؤنسني و فِيكِ من كُل العَالم أُنسي، أنَّا الذي تغرب حائرًا و بِعينيك كَان وَنسي، أنا الذي أحَبكِ حتى أكثرُ ما أحبَبتُ نَفسي"

رفعت عينيها له بسرعةٍ كبرى فزفر هو بعمقٍ ثم قال بهدوء:
"معرفش الكلام دا خرج مني ازاي، بس حاسس أنه هيعبر عن اللي جوايا ليكي"

لم تتحدث و لم تتكلم فقط كعادتها قفزت تتعلق به و هي تضحك بسعادةٍ بالغة جعلته يدور بها بسعادةٍ تماثل تلك التي تضحك بها و كأن ضحكته تُقتبَسُ من ضحكتها و سعادته ترتبط بسعادتها.
_________________________

في صبيحة اليوم التالي بعد انتهاء تلك الليلة على الجميع، كانا كلًا من «عامر» و «وليد» يقومان بترتيب الملعب تجهيزًا للمساء حيث تكون المباراة بين شباب العائلة و ضد فريقًا أخر من شباب المنطقة التي تقع بها شقة «ميمي».

اقترب «وليد» من «عامر» يسأله بنبرةٍ هادئة وسط الفراغ الذي يقفان به:
"بقولك إيه ؟! ظبطت كل حاجة خلاص ؟! أنا للأسف هثق فيك، عاوزه ماتش رايق و راقي كدا، هنرحب بـ يوسف علشان وقفته معانا امبارح، تمام يا عامر !!"

ابتسم له «عامر» بثقةٍ ثم أضاف بنبرةٍ ودودة:
"عيب عليك متقلقش يا ليدو، سيب الملعب ليا و حط في بطنك شادر بطيخ صيفي، بصراحة أنا حبيت يوسف دا بعد موقفه مع أحمد امبارح، شكله شهم"

حرك «وليد» رأسه موافقًا له ثم أضاف مُكملًا بعد تلك الإيماءة:
"معاك حق، حاسس كدا أنه محتاج مساعدة مننا و اتمنى اننا نساعده بجد، عينه بتقول أنه شاف كتير"

رد عليه «عامر» مسرعًا:
"حسيت بكدا، على العموم احنا معاه وقت ما يحتاجنا احنا مش هنقصر معاه، هيلاقي جيش في ضهره زي ما بقينا مع بعض كدا، و بصراحة دي فرصة حلوة علشان أحمد برضه يغير جو و يفك بعد ليلة امبارح"

تنهد «وليد» بعد حديثه فسأله «عامر» و كأنه انتبه لتوه:
"آه صحيح بقولك إيه، فين ياسين ؟! مش هو أجازة ؟! مجاش معانا ليه ؟!"

غمز له بعبثٍ و هو يقول:
"علشان سيبتله مهمة النقل، هيجمع الستات مع بعض و البنات و يجيبهم هنا، هو غالبًا هيجمع الكُل في شقة ميمي و يجيبهم على فترات"

لمعت فكرة في رأس «عامر» فورًا فقال بلهفةٍ يلحق بحديث الأخر:
"بقولك إيه !! قولوا بس يجمع الستات في شقة ميمي و ملهوش  دعوة، كل البنات بس، اخواتكم و سارة و إيمان و ريهام معاهم، و ستات عيلتكم، أكد عليه بس يجمعهم و ملهوش دعوة"

طريقته و لهفته أثارت تعجب «وليد» لكنه حرك كتفيه تزامنًا مع قوله ببساطةٍ:
"تمام، خلاص هكلمه و أقوله، المهم أنا هقابل يوسف دلوقتي و أجيب هدوم الفريق، و أنتَ هنا مسئول عن كل حاجة، عامر !! مش عاوز تهور، الفلوس معاك و كل حاجة أنا مظبطهالك، حاجة راقية، كأنك في برج العرب"

حرك رأسه موافقًا بثقةٍ و فخرٍ و هو يؤكد حديث الأخر و أن الأمور ستبقىٰ على ما يُرام، فيما تحرك «وليد» من أمامه تاركًا له الملعب يتصرف فيه كما يشاء.

خرج «وليد» و ركب سيارته ثم أخرج هاتفه يطلب رقم «يوسف» بعدما أعطاه له بالأمس قبل رحيله، رد عليه الأخر يجاوب اتصاله حتى قال مُسرعًا:
"إيه يا معلم !! نايم و لا إيه، قوم صلي الضهر كدا و فوق علشان تقابلني و تلف معايا"

رد عليه الأخر بنبرةٍ مرحة يمازحه بها:
"لأ يا عم صاحي من بدري، و صليت الضهر الحمد لله، المهم هقابلك فين ؟! أنا بلبس و نازل أهوه"

رد عليه «وليد» بثباتٍ:
"تمام لما تنزل كلمني و أنا هجيلك بلاش تيجي بعربيتك أنا هاجي أخدك من الفندق، ابعتلي اللوكيشن بس"

وافق «يوسف» على حديثه ثم أرسل له موقع الفندق حتى يأتي و يأخذه منه، حينها وقف أمام الخزانة ينتقي ملابس تناسب تلك المناسبة الغريبة، و استقر في نهاية الأمر على قميص باللون الأسود خامة الجينز، و بنطال باللون البيج و حذاء رياض باللون الأبيض ثم شمر أكمام ثيابه حتى مرفقه و صفف خصلات شعره الكثيفة المرتفعة بثباتٍ، ابتسم هو بثقةٍ و هو يشعر بالراحة عند ارتداء تلك الملابس العصرية، فطبيعة عمله تفرض عليه الملابس الرسمية، لكن في إجازته يرتدي ملابسه العصرية التي تتناسب مع جسده الرياضي و وسامته التي يحاول جعلها متواضعة قدر الإمكان.

وصل «وليد» أمام الفندق بعد مرور بعض الوقت و كان الأخر يجلس في انتظاره في بهو الفندق و خصيصًا على أحد المقاعد الوثيرة، جلس يرتشف قهوته و ينفث هواء سيجارته حتى صدح صوت هاتفه برقم «وليد» حينها أغلق المكالمة ثم ارتشف الباقي من القهوة على ملء فمه ثم خرج له مُسرعًا حتى ركب بجواره و هو يبتسم له بهدوء، فتحدث «وليد» بسخريةٍ على حالهما:
"اللي يشوفنا النهاردة سوا !! ميشوفناش امبارح، دا أنا و لا كأني جاي أخد عروستي من الكوافير"

ابتسم له «يوسف» تزامنًا مع قوله الساخر بمرحٍ:
"مش بيقولك ما محبة إلا بعد عداوة !! و إحنا ليلتنا كانت هتبقى غامقة لو كملت بنفس الطريقة كدا، مع إن لامؤاخذة يعني كنت فاكرك عبيط"

رد عليه «وليد» بثقةٍ تدل عن خبث طباعه و طريقته:
"هو أنا لما أعمل عبيط و أنتَ تصدق أني عبيط، يبقى مين فينا اللي عبيط ؟! أنا اللي من الأول فهمتك، و حسيت أني قاريك"

رد عليه الأخر ينفي حديثه بعدما أصدر صوتًا من فمه يدل على النفي لما يفكر:

_أنا بوريك اللي أنا عايزك تشوفه فـ متفتكرش إنك قارح و قاريني

أبتسم «وليد» باتساعٍ ثم قال بمرحٍ يضيفه على تلك الأجواء:
"طب و الله شكلنا هنعمر سوا، أصل أنا فيا طبع، لو عاوزك تشيلني فوق راسك هعمل كدا من غير مجهود، و في نفس الوقت ممكن أخليك تكره اليوم اللي الدنيا رميتك فيه على سكتي علشان طبعي صعب، أنا بكيفي و مزاجي أحط مكانتي عندك"

غمز له «يوسف» ثم قال بنبرةٍ ثابتة تحمل الفخر بتفكير الأخر:
"لأ شكلي كدا هصدق إني ليا شبيه، طلعت قارح"

سأله «وليد» بتعجبٍ من تلك الكلمة الغريبة التي أضافها ذلك العجيب إلى قاموسه:
"متأخذنيش في الكلمة، يعني إيه قارح ؟! دي عربي دي ؟!"

رد عليه مُفسرًا:
"قارح دي لغة عربية فُصحىٰ أصلًا، بس بالمصري معناها يعني أنك جامد و مفيش منك اتنين، بس دي حقيقة، أنتَ جامد من بعدي طبعًا"

كانت كلماته تنطق بالغرور و التعال بالذات حتى تحرك الأخر بسيارته بعدما بادله النظرة المتعالية بأخرى تماثلها يشوبها عبثٍ و كأن كليهما يطابق الأخر في طريقته.
_________________________

في شقة «ميمي» قام «ياسين» بنقل الفتيات و السيدات جميعهن إلى هناك على فتراتٍ باعتباره أجازة من عمله، فتطوع هو لتلك المهمة حتى آخر مجموعة كانت والدته مع والدات أصدقائه.

و كعادة الجلسات النسائية بأكملها ما يوجد بداخلها الأحاديث و المرح، حتى تهورت كلًا من «إيمان» و «هدير» معًا و قامتا بإضافة أجواء المرح حينما جلبت الأولى "الدُف" من داخل إحدى الغُرف و أعطته لوالدتها و هي تقول بمرحٍ:

"يلا يا ماما عاوزينك تدلعينا كدا و تخلي الليلة كلها هنا و سرور، مفيش رجالة معانا اهوه، و لا إيه يا طنط مُشيرة ؟!!"

ردت عليها «مشيرة» بحماسٍ:
"ياريت، خلونا نفرح شوية و نتبسط قبل ما نشوف أخرة اللي احنا فيه دا إيه، يلا يا أم خالد"

ابتسمت أم «خالد» ثم أشارت للنساء و قامت بالضرب على الدُف و هي تُغني إحدى الأغنيات القديمة الشعبية و النساء معهن حتى تهورت «سيدة» والدة «عامر» و قامت باطلاق الزغاريد الفرحة و المُبهجة و كأنها ليلة من ليال الحنة الشعبية، و قامت الفتيات ترقص مع بعضها حتى تحدثت «ميمي» بصوتٍ جامدٍ تأمر الأخرتين:
"سارة و إيمان !! اترزعي منك ليها علشان اللي في بطنك أنتِ و هي، جرى إيه مضحيين باحفادي ؟!"

جلست «سارة» بخجلٍ و هي تحاول كتم ضحكتها، بينما «ايمان» ضربت الأرض بقدميها ثم جلست على مضضٍ و هي ترمق الفتيات بغيظٍ حتى عاد الغناء من جديد و نساء عائلة الرشيد يضحكن بقوةٍ و فتيات العائلة يرقصن سويًا بمرحٍ حتى صدح صوت هاتف «خديجة» برقمه، أجابت على الهاتف بعدما ابتعدت عنهن فوصلها صوته يقول بنبرةٍ هادئة:

"خديجة، جهزوا نفسكم، عامر كلمني و قالي إن عشر دقايق و هنتحرك على هناك، هكلمك كمان شوية و أقولكم تنزلوا"

ردت عليه هي بسعادةٍ بالغة و كأنها طفلة تذهب للملاهي في مرتها الأولى:
"ياسين، أنا فرحانة أوي، بجد حاسة أني متحمسة و عاوزة ننزل حالًا، مينفعش دلوقتي"

سألته بتوسلٍ حتى يتم الإسراع في تلك المناسبة التي تتوق هي لحضورها، فتفاجئت به يقول بسخريةٍ:
"هنروح دلوقتي ازاي ؟! مفرقتش من ١٠ دقايق يا خديجة، المهم عرفيهم أنهم يجهزوا لحد ما أشوف البيه هيعمل ايه، ربنا يسترها"
أغلقت معه الهاتف ثم توجهت للنساء من جديد تخبرهن بحديث زوجها، حتى بدأن في التجهز للرحيل من الشقة.

في الأسفل وقف «ياسين» أسفل البناية يتصفح هاتفه و يراسل الشباب يعلم منهم أين هم و متى سيأتون و كذلك رجال العائلة، أغلق الهاتف و وضعه في جيبه و هو يقول بسخريةٍ محدثًا نفسه:

"أنا ليه حاسس إننا مكبرين الموضوع، دي و لا كأنها ليلة حنة !! يا رب هات العواقب سليمة، يا رب أنا مش حمل وليد و عامر و حسن و يوسف مع بعض، كتير و الله، يا رب استرني و متفضحش"

كان رافعًا كفيه يدعو الله بما يجول في قلبه حتى وصله صوت السيارة تطلق صيحات ترحيبية من خلال ضغط السائق على محرك السيارة، حرك «ياسين» رأسه نحو مصدر الصوت و سرعان ما اتسعتا حدقتيه بقوةٍ و هو يرى حافلة كبيرة الحجم تصف أمامه، و السائق يخرج رأسه من النافذة و هو يقول مرحبًا به:

"بشمهندس ياسين، ازيك يا غالي، أستاذ عامر قالي أخد الجماعة لحد الملعب، و حضرتك معاهم، يلا يا باشا"

اقترب منه «ياسين» يسأله بلهفةٍ:
"عامر هو اللي قالك يا عم سلامة؟؟ منه لله البشاير باينة أهيه، الله يطمنك أنتَ و هو"

أخرج هاتفه يطلب رقم زوجته و هو يقول بنبرةٍ جامدة بعدما ردت عليه هي و قبل أن تسأله بحماسٍ تحدث هو بايجازٍ:
"انــزلــوا يــلا"

أغلق في وجهها فورًا و لم ينتظر منها التعقيب، و بعد مرور ثوانٍ بدأت السيدات جميعهن بالنزول خلف بعضهن و في مقدمتهن «ميمي» الذي ركض إليها «ياسين» يساندها بمفردها حتى اقتربت منه «خديجة» تعاونه و هي تبتسم له، فابتسم هو الأخر لها و حينما خرجن النساء و وجدن الحافلة في انتظارهن حينها عاد المرح و الأصوات المُبهجة لهن من جديد، و هن يركبن الحافلة و أول من دلفتها كانت «ميمي» و من بعدها الفتيات و "الــدُف" معهن، أغلق «ياسين» باب الحافلة بعدما تأكد من دخول الجميع، ثم جلس بجوار السائق و هو يقول بقلة حيلة:
"يالا يا عم سلامة الله يستر طريقك، اتكل على الله، يلا يا جماعة اجهزوا هنتحرك"

فور انتهاء جملته انتشرت الزغاريد و التصفيقات الحارة حتى التفت هو لهن و سرعان ما ضحك بملء بوجهٍ مُشرقٍ تأثرًا بفرحتهن، حتى التفت من جديد ينظر أمامه و هو يقول للسائق بنبرة ضاحكة:
"اتكل على الله يا عم سلامة، خلينا نلحق المعمعة هناك من أولها، يلا"

قام السائق بتشغيل محرك السيارة و حينها بدأت الفتيات بالغناء و الطرق على "الــدُف" و الزغاريد كما هي تخرج من أفواههن و «ياسين» في الأمام يجاهد حتى يكتم ضحكته و هو يفكر إذا كانت تلك هي البشائر فكيف بالباقي إذن ؟!"

في محل قريب من موقع الملعب الذي تجهز بأغرب ما يمكن أن يتم تجهيزه لمناسبةٍ مثل تلك، خرج منه «عامر» ثم توجه لمحل حياكة الملابس بعدما أمر الشباب بالتوجه إلى هناك، و قبل أن يدلف المحل أخرج هاتفه يطلب رقم «ياسين» حتى رد عليه الأخر بضجرٍ فتحدث «عامر» مسرعًا قبل سُباب صديقه له:

"قبل ما تشتم بس، لما توصلوا عند الملعب انزل من الأتوبيس و تعالى محل "أم سماح" علشان تلبس هدومك، و الستات هيدخلوا من الباب اللي ورا"

قال حديثه ثم أغلق الهاتف مُسرعًا و قبل أن يتوجه داخل المحل وصله صوت «خالد» يقول منفعلًا:

"هقتله !! و ربي لولا أني خايف ايتم ابني كان زماني مخلص عليه من سنتين، سيبوني عليه يا جدعان !!"

ضحك الشباب بأكملهم فيما ازدرد «عامر» لُعابه بخوفٍ من صديقه، فتحدث «ياسر» بقلة حيلة:
"بس حلوة و الله و جديدة، تحس إن ليها دلالة كدا، تخيل دا اسم الفريق، أومال إيه اللي جاي"

ابتسم «عامر» ببلاهةٍ و هو يقول:
"روح ربنا يعمر بيتك يا ياسر"

أنهى جملته حتى وصلته جملة «ياسر» يقول متوعدًا له:
"بس و رب الكعبة لأخليه يبات على سفرة ميمي لحد ما يتأدب"

تهجم وجهه من جديد و هو:
"منك لله يا ياسر، ماشي"

التفت حتى يهرب من المكان فاصطدم في جسد الأخر الذي وضع يده على عنقه و هو يقول طابقًا على أسنانه:
"هو أنتَ يالا مفيش عندك مخ !! طفحته مع السندويتشات بتاعتك !!"

قبل أن ينطق «عامر» دفعه «ياسين» داخل المحل و بمجرد دلوفهما شهق ياسين بقوةٍ حينما وقع بصره على الشباب يقفون بجوار بعضهم يرتدون سترةً رياضية باللون الأسود و تم وضع شارة قماشية باللون الأصفر عليها طُبع عليها جملة:

"فريق صــد_ رد"

ضرب «ياسين» كفيه ببعضهما و هو يرى الشباب و معهم «يوسف» أيضًا و «أحمد» و جيمعهم دون أن ينقصهم واحدًا، فاقترب منه «حسن» يقول بضجرٍ:
"اتأخرت ليه يا ياسين !! يلا البس علشان اتأخرنا الرجالة دخلت و الستات كمان"

_"حتى أنتَ يا حسن ؟!!"
تفوه بها «ياسين» بدهشةٍ حتى سحبه الأخر للداخل حتى يرتدي سترته هو الأخر.

بعد مرور دقائق خرجوا الشباب خلف بعضهم يتوجهون نحو الملعب و قبل أن يدخلون ركض «عامر» يقف مقابلًا لهم يعارض طريقهم حتى وقفوا جيمعًا فقال هو بصوتٍ عالٍ:
"الدَخلة هتبوظ، أقف عندك أنتَ و هو، و خدوا نفس عميق علشان اللي جاي حلو على الكل"

وقفوا ينظرون لبعضهم البعض بتعجبٍ و خاصةً بوجود «عامر» و طريقته تلك، فيبدو أن القادم لم يكن خيرًا البتة، يا ترى ما هو ؟! على كلٍ لا يجب عليهم فعله سوى الانتظار للقادم حتى و إن لم يكن خيرًا كما ذُكر.

يُتَبَع
#الفصل_الثاني_و_السبعون_الجزء_الثاني
#رواية_تَعَافَيْتُ_بِكَ

Continue Reading

You'll Also Like

335K 6.3K 76
•روايتي هي بطولة جماعيه لأكثر من شخصية ولكن الأهم "القمر وسمائها" • بطلتنا التي مُنذ أن كانت طفلة طلبت من أبن عمّها أن يكون هو سمائها وتكون هي قمره...
1.3M 27.7K 42
[ 𝕊𝕖𝕩𝕦𝕒𝕝 𝕔𝕠𝕟𝕥𝕖𝕟𝕥 ] تنويه🔞: الرواية جريئة و لا تتناسب مع جميع الأعمار. [ مقتطف ] : أنا لست هي!!! : اخترتك ، أنت لا هي!!!
652K 53.6K 66
‏لَا السَّيفُ يَفعَلُ بِي مَا أَنتِ فَاعِلَةٌ وَلَا لِقَاءُ عَدُوِّيَ مِثلَ لُقيَاكِ لَو بَاتَ سَهمٌ مِنَ الأَعدَاءِ فِي كَبِدِي مَا نَالَ مِنَّيَ م...